سيدتي الجميله
اليك ابعث باقة من الحروف
من اندر معاني الغرام
لعينيك البريئتين
اهديك حبي
لشعرك الثائر
اهديك ولعي
لملامحك الغجرية
اهديك اعجابي
لاصفى قلب عرفته
اهديك اخلاصي
للحب الابدي
الذي هو منك
اهديه ما بقى من عمري
حبك سيدتي
ترعرع في قلبي
و لك اهديته
مع اول ايام العمر
مع احلى ايام العمر
مع اشراقة الصباح
في اجمل ميعاد
تحت زخات من المطر
حين تلاقينا في ذاك المكان
الملخص
ما بين طلقات الرصاص و القتل هل تنبت زهرة الحب؟ هل تزهر هذه النبتة الرقيقة
بين مشاعر القسوة و الالم؟ بين المؤمرات و الدم هل يبقى اي شعور بالحب في
قلب الانسان ام يتحجر قلبه و يصبح كالصوان لا يلين
عاش رؤول فالكوني حبيب الكسيا في هذه البيئة فلم تجد مناصا من السعي خلفه هناك
بالمقابل حاول رؤول منعها بشتى الطرق، لكن هل ينفع العقل عندما يكون القلب هو الحكم؟
وهل تستسلم الكسيا و ترفع الراية البيضاء بعد حب دام العمر كله؟ ام تنجح في
ادخال الحب الى قلب رؤول؟
الفصل الاول
” من صقر 2 الى صقر 1 اجب”
” صقر 1 يتكلم، صف المشهد”
” المكان امن، يستطيع الموكب ان يستمر في الحركة”
كانت اليكسيا تتكلم في اللاسلكي الذي معها و عينيها تتجول في المكان حولها كعيني الصقر
تراقب كل حركة في جميع الاتجاهات
” حسنا صقر 2 انتهى”
ازاحت الكسيا اللاسلكي عن فمها دون ان تغفل عينيها عن الاستمرار في مراقبة المكان من
المهم ان يمر الموكب الرئاسي من هنا بسلام
لفتت انتباهها حركة غير عادية على سطح البناية المقابلة لها، فهرعت تمسك بالناظور الحراري تستطلعها
تقرب اللاسلكي في اليد الثانية الى فمها تنادي به
” صقر 2 الى نسر 4 اجب”
دون فائدة، اخذت تكرر النداء و هي تجول في الناظور على طول السطح ، عادت
تحدق جيدا فوجدت جسد مسجى على السطح مطروح ارضا فصرخت
” يا الهي البرتو”
هرعت مسرعة تركض باتجاه المصعد و هي تنادي باللاسلكي
” صقر 1 اجب، اوقف الموكب، اوقف الموكب”
” صقر 2 ماذا هناك اللعنة” صرخ الصوت الرجولي الجذاب بحدة
” هناك حركة مشبوهة على سطح احدى البنايات نسر 4 ملقى ارضا” قالت الكسيا و
هي تدخل المصعد تكبس على ازاره للهبوط الى الطابق الارضي
” اللعنة” شتم الصوت مرة اخرى بصوت منخفض كفحيح الافعى، ثم خفت صوته كما لو
انه يتحدث الى احد بجانبه ثم اضاف
” صقر 2 الموكب لا يمكن ايقافه، اكرر الموكب لا يمكن ايقافه انه على بعد
10 دقائق من المرور من الموقع”
” لا يمكن ذلك، يجب تامين المكان اولا”
” كان يجب ان تفعلي ذلك منذ البداية فالاوامر واضحة ان هناك جماعة متطرفة ستستهدف
الموكب الرئاسي” اجاب الصوت بهدير كالرعد الذي يسبق العاصفة
” اعرف و المكان كان مؤمن لكن…..”
” لا اريد شرح مسهب ميجور امنوا المكان فورا”
” لا تقلق سافعل ذلك الان و لوحدي، كان يجب ان لا اعتمد على احد
منذ البداية” ردت الكسيا ببرود و تحركت تركض خارج المصعد عندما توقف على الطابق الارضي
متجهه نحو المخرج و هي تضيف
” صقر 2 انتهى”
” الكسيا……الكسيا، اللعنة اجيبي” اخذ الصوت يصرخ بحدة و غضب دون فائدة
اتجهت الكسيا نحو البناية و دخلتها لتجد المصعد مزدحم بالناس، فانطلقت باتجاه السلالم لتصعد الى
الطابق الرابع بسرعة البرق ، ازاحت اللاسلكي عن فمها و ازالت سماعته من اذنها، انه
خطاها و يجب ان تتحمل مسؤوليته لوحدها لن تعرض حياة احد من زملائها للخطر، يكفي
انها لا تعرف ان كان البرتو ميتا او حيا اخرجت مسدسها البراوننغ هاي بور الذي
يحمل خمسة عشرة طلقة تصل مداها الى (100م) بسرعة (450م/ث) و سحبت الاقسام تعبا بيت
النار بطلقة جاهزة للانطلاق و تاكدت من وجود سبطانات اضافية من الرصاص معها تحسبا و
هي لا تزال تصعد الدرجات
وصلت الى باب السطح فاخذت نفسا عميقا، تتطلع نحو الاعلى تدعو الله ان يكون معها،
ثم دفعت بابه بقدمها تتقدم ببطء تمسحه بعينيها الشبهتين بعيني قطة سيامية و هي ترفع
السلاح امامها على اهبة الاستعداد لاستخدامه ان قضت الحاجة
تقدمت باتجاه الجسد الملقى على الارض انحنت بجسدها تجس نبضه من عند الرقبة فوجدته ليس
فقط حيا بل منتظم بشكل طبيعي فشكت بامره، اخذت تديره ببط و حذر لتتبين وضعه
فما كان منه الا ان حاول ان يضربها بلكمة من قبضته فارتدت الى الوراء تتفادها
بسرعة الفهد ثم انقضت على الرجل تهاجمه بحركات من الكراتية للدفاع عن النفس و كل
تفكيرها محصور بانقاذ حياتها و حياة زميلها الذي تجهل مصيره، و اتمام مرور الموكب الرئاسي
بسلام
سمعت صوت اقدام تتراكض خلفها، فادركت انهم ليسو زملائها فلا يمكن ان يتركوا مواقعهم على
البنايات الاخرى قبل مرور الموكب الرئاسي فتاكدت انها لوحدها الان، و ما هؤلاء الا رفاق
الرجل الذي تتقاتل معه
انطلقت بنظرها باتجاه المسدس الذي وقع من يدها اثناء القتال فاتجهت صوبه ترمي بنفسها على
الارض للوصول اليه، انها مسالة حياة او موت فاما حياتها مقابل موته او العكس لا
حل اخر
امتدت يدها الى المسدس لتضغط على الزناد فتنطلق منه رصاصة اخترقت صدر الرجل الواقف امامها
و الذي اخذ يحدق بها بذهول الانسان الذي يدرك ان اوانه قد حان ثم جلس
على ركبتيه و انكفا على وجهه يتخضب بدمائه
كانت اليكسيا تشهق محاولة ان تتنفس لتجمع شتات نفسها لتواجه القادم فالامور لن تنتهي بوفاة
الرجل بل انها بدات الان ، انطلقت لتختبا خلف احد ابراج الاعلانات الموضوعة على سطح
البناية تحدق باتجاه الباب تنتظر ولوج اعضاء الخلية التخريبية اليه، صوبت المسدس باتجاه الباب تنتظر
و هي تسمع اصوات الاقدام تتقدم اكثر فاكثر ثم فجاة توقف الصوت و لم تعد
تسمع شيئا فادركت انهم توقفوا عن الحركة، يمشطون المكان قبل الدخول فاستعدت
و بعد لحظات قليلة اخذت اصوات طلقات الرصاص تملا المكان حين اخذ اعضاء الخلية باطلاق
النار في جميع الاتجاهات وهم يحاولون دخول السطح من بابه
مشطت الكسيا المدخل بعينيها عندما دخل ثلاثة منهم من بابه، لكنها متاكدة انهم اكثر فصوت
الاقدام المتراكضة تدل على خمسة اشخاص على الاقل هي تعلم ذلك فقد تدربت على ايدي
محترف
ابتسمت و هي تحصي الطلقات المتبقية في مسدسها، نعم انها تكفي و تزيد عن الحاجة
ايضا فهي قناصة ماهرة صوبت السلاح باتجاه الرجال الثلاثة لتنطلق منه ثلاثة رصاصات متتالية لتصيب
هدفها بدقة متناهية وترى الرجال يتساقطون واحد تلو الاخر
حل الهدوء على المكان ليصدح بعد ذلك صوت سيارات الشرطة و الحرس الرئاسي المرافق للموكب،
اللعنة شتمت الكسيا لقد وصل الموكب قبل ان تستطيع تامين المكان جيدا لكنها تسيطر على
الوضع فبقية الخلية محاصرين اما من الطابق الارضي الذي لابد ان زملائها من الكتيبة قد
وصلوا اليه الان وفي الاعلى تحكم هي السيطرة على السطح فلا مجال امامهم للحركة و
عمل اي شئ
انطلقت امامها علبة اسطوانية الحجم عرفتها على الفور انه غاز مسيل للدموع ارتدت الى الخلف
تنزل قبعتها الموضوعة على راسها لتصبح قناعا على وجهها يخفي ملامحه و يحميها من استنشاق
الغاز ثم ارتدت نظاراتها الشمسية لتحمي عينيها منه ايضا و تحركت تخرج من خلف لوح
الاعلانات و هي تصوب سلاحها امامها مدركة تماما ان الغاز ستار يحميها فكما لا ترى
شيئا هم ايضا لا يرونها
سمعت اصوات ارجل تتحرك فاغمضت عينيها و اخذت تستمع بحذر و تركيز ثم علت شفتيها
ابتسامة سخرية و اطلقت عدة طلقات باتجاه الاصوات لتسمع صيحات الم ثم سقوط جسد على
الارض، لقد اصبحو اربعة الان ثم قذفت بنفسها لتعود و تختبا لكن هذه المرة حول
برج للاتصالات منصوب على السطح تحاول ان تسمع اصوات سيارات الموكب التي استمرت بالمرور دون
ان يعكر صفوها اي شئ
تنهدت بارتياح و هي تسمع الاصوات تبتعد لقد مر الموكب بسلام، لكن حياتها لا تزال
بخطر ففشل الخلية باتمام العملية لا يعني بالضرورة انسحابها قبل ان يدفع الشخص الذي كان
سبب فشلهم الثمن، فقد تعلمت منذ زمن ان هؤلاء مهياين نفسيا لعمل اي شئ في
سبيل نجاح عملياتهم
سمعت صوت مروحية يعلو في الجو لكنها لم تبعد نظرها عن اتجاه الباب فالنظرة حتى
لو احتاجت فقط الى ثانية الا ان هذه الثانية ستكون الفارق بين الحياة و الموت
بالنسبة لها و قد تكلفها حياتها ستتعامل مع المروحية في حالة هبوطها فقط رغم استغرابها
بان الجماعة المتشددة لم تستعمل قبل الان في اي من عملياتها الطائرات المروحية
علا صوت المروحية و هي تتقدم ناحية البناية و سمعت صوت يصدح من خلال مكبر
الصوت قائلا
” سلموا انفسكم المكان محاصر”
تنفست الكسيا الصعداء اخيرا جاءتها النجدة و عرفت صاحب الصوت، لقد هب لنجدتها كعادته دوما
ارادت ان تنظر باتجاه بطلها المغوار لكن صوته اخذ يرن في اذنيها يحذرها اثناء التدريب
من تشتت انتباها قائلا
” ركزي دوما على العدو الك، اي تشتيت لانتباهك سيكون الحد الفاصل بين حياتك و
موتك” اخذت تحدق باتجاه الباب تجبر نفسها على اتباع الاوامر و صوت المروحية يقترب اكثر
كما لو انها تستعد للهبوط و الغاز المسيل للدموع الذي يملا المكان اخذ يتلاشى بفعل
الرياح التي تسببها شفراتها المتحركة فخلعت عن وجهها القناع و النظارة تلقي بهم ارضا
لفت شئ فجاة انتباهها فاخذت تدقق النظر لترى فوهة تلمع تصوب باتجاه المروحية دب الهلع
في نفسها انه صاروخ كاتيوشيا محمول على الاكتاف، سوف يطلقون النار على المروحية لتحطيمها و
قتل الجميع بما فيه انفسهم
” يا الهي يجب ان اتصرف” تمتمت الكسيا بفزع ثم في لحظة ياس اخرجت نفسها
من خلف برج الاتصالات تنطلق باتجاه الباب تطلق النار من سلاحها في كل الاتجاهات لعلها
تصيب من يحمل الصاروخ فتمنعه من اطلاقه
سمعت صوت رؤول يصرخ من خلال مكبر الصوت” اختبئي الك”
لكنها لم تعبا، فهو لا يدرك كم هي حياته معرضة للخطر، فان وصلت الامور الى
حياتها مقابل حياته، فلا طعم للدنيا من غير وجوده، رؤول فالكوني حب حياتها منذ الطفولة
مرورا بالمراهقة ثم البلوغ، مرت حياتها امام عينيها كشريط فيديو في هذه الدقائق القليلة، اعياد
الميلاد، حفلات العائلة، النزهات و التخرج، لا تستطيع ان تتذكر لحظة في حياتها لم يكن
رؤول جزء منها، حتى مهنتها كان رؤول السبب في اختيارها فرغم انه طوال هذه السنين
لم يشعرها بشئ الا انها كالاخت الصغرى له و لم يحسسها بيوم من الايام انها
يمكن ان تكون اكثر من ذلك الا انها لم تستطع ترك الماضي و شانه و
تبدا حياتها بعد التخرج من الجامعة بعيدا عنه، فالامل لا يزال يعيش في داخلها بانه
ربما في يوم من الايام سيشعر نحوها بما تكنه له من حب لكن للان ذهبت
امنياتها ادراج الرياح فهذا اليوم لم ياتي بعد
كم حاول معها حبيا ان تبتعد عن طبيعة عمله في الحرس الرئاسي لخطورته الا انها
رفضت طلبه و انخرطت في السلك العسكري و كم كانت فرحتها كبيرة عندما عينت في
كتيبة رؤول لتوفير الحماية للسيدة الاولى اما هو فقد اذاقها الامرين محاولا دفعها للاستقالة الا
انها تشبثت برايها و صممت على النجاح و ها قد مرت ثلاث سنوات من عمرها
ايضا و هي تنتظر صديق الطفولة ان يتحول الى حبيب العمر دون فائدة
احست بجسد يرتمي عليها ليلقيها ارضا و يحميها من طلقات الرصاص المتطايرة في كل مكان
تدحرج الاثنان حتى وصلا الى برج الاتصالات فسحبها رؤول خلفه و هو يصرخ بحدة ”
اللعنة عليك الك اجننت؟! انسيت كل ما علمتك اياه؟! كيف تكشفين نفسك للعدو هكذا”
كان رؤول يصرخ بها و هو يهزها من كتفيها من شدة غضبه لكن كل ما
سمعته و شاهدته الكسيا هو انه حي لقد هبطت المروحية دون ان يطلق الصاروخ عليها
اذا فقد نجحت و اردت الرجل قتيلا او جريحا
انه حي يرزق امامها، فلا يهم صراخه و غضبه منها مدت يديها تلفها حول عنقه
تضمه اليها قائلة” حمد لله انك حي”
صعق رؤول من تصرفها و اشتد ذهوله من قولها فابعدها عنه بعنف قائلا
” ماذا تعنين بحق السماء؟!! ”
لم يشعر اي منهما بالهدوء الذي حل على المكان عندما اجتاحت كتيبة الحرس الرئاسي المكان
و القت القبض على بقية الخلية حدق رؤول بالكسيا قائلا ببرود و هو يقف على
قدميه
” لقد خالفت الاوامر ميجور لذا ستتحولين الى التحقيق”
” ماذا” صرخت الكسيا بذهول لقد انقذت حياته و حياة كل من معه على متن
المروحية و هذه هي مكافاتها سيتم تحويلها الى التحقيق و ربما المحكمة العسكرية اذا رات
لجنة التحقيق ذلك
تقدم رؤول منها قائلا بحدة
” ان عمل الحرس الرئاسي يتطلب الدقة المتناهية و الاحترافية و انت تصرفتي كهاوية و
عرضت الموكب الرئاسي للخطر و هذا ما لن اقبل به”
حل الصمت بينما الكسيا تحدق به بذهول هذه هي الفرصة التي كان ينتظرها منذ ثلاث
سنوات فاما ان يتم طردها او نقلها الى كتيبة اخرى كم هي غبية بتصرفها حققت
له اعز امانيه
” سيدي” جاءهم صوت الجندي
رد رؤول” ماذا هناك”
” لقد وجدنا نسر اربعة مغمى عليه و مكمم في احد طوابق البناية”
” حسنا”
” كما وجدنا هذا مع احد القتلى”
تطلع رؤول الى صاروخ الكاتيوشيا بين يدي الجندي فاخذ ينقل نظره بين الصاروخ و الكسيا
ثم سال الجندي
” كيف وجدته”
” على اهبة الاستعداد للانطلاق لولا اصابة المطلق سيدي”
حدق رؤول في الكسيا الواقفة امامه صامته يحلل ما حدث فكشفها لمخبئها امام العدو و
قولها حمدا لله انك حي لم يترك امامه مجالا الا ليخرج بنتيجة واضحة فقال للجندي
” حسنا انصرف”
تحرك الجندي من مكانه مع الصاروخ فاعاد رؤول نظره الى الكسيا قائلا
” لقد كشفت نفسك للعدو لانهم كانوا يستعدون لاطلاق الصاروخ على المروحية”
استمرت الكسيا في صمتها فلا داعي لان تشرح له فهي تفهمه جيدا حتى اكثر من
نفسه لقد ادرك سبب ما فعلت الا ان صمتها كان نابع ايضا من الشعور بالمرارة
الذي اجتاحها فرغم هذه السنوات و اثباتها جدارتها لا يزال يحاول اقتناص الفرصة لترميجها من
الكتيبة
” اللعنة الك، كانت حياتك على المحك، الا تدركي ذلك” قال رؤول بغضب
” لماذا انت غاضب الان” سالته الكسيا ببرود ثم اكملت” لقد كانت حياة الجميع على
المحك بما فيهم الموكب”
” ليس الجميع انت” صرخ بغضب هادر
حدقت الكسيا برؤول فالكوني الملقب بفالكون بين اصدقائة و زملائه فهو كالصقر في سرعته و
قوته و شراسته عندما ينقض على فريسته بلا رحمة
” عملنا يقتضي بالفرد ان يضحي من اجل الجماعة” قالت بهدوء تحاول امتصاص غضبه
” عملنا يقتضي الحرص و الحذر لا الشعارات الرنانة، فلو كان اي منهم مكانك لما
كشف نفسه بهذه الطريقة، و كان لفكر بوسيلة اخرى لتحذرينا” رد رؤول بحزم
” كيف؟؟؟؟ ان يشوح بيده لكم” جاء رد اليكسا ساخرا
” الاوامر كانت واضحة تامين المكان للموكب الرئاسي بسبب التهديدات بالقتل التي تلقاها رئيس الوزراء
من الجماعة اليسارية المتشددة، فلو قمت بعملك على اكمل وجه منذ البداية لما حصل كل
هذا”
” لقد امن المكان و كان نسر 4 في موقعه يراقب لا اعرف ما حصل
معه و قد تصرفت وفقا للموقف امامي”
” ان تقتحمي المكان بمفردك دون دعم و حماية”
” لم ارى وسيلة اخرى”
” و تعريض نفسك للخطر”
” لقد كنت في المروحية ماذا كان يجب علي ان افعل” قالت الكسيا و صوتها
يخرج من فمها كما لو انها لا تستطيع التنفس تتخيل المشهد امامها كما لو ان
الرجل استطاع اطلاق الصاروخ على المروحية
” كان يجب ان تفكري بتامين الحماية لنفسك بالدرجة الاولى، لا ان تنقذينا ماذا لو
اصبت و تم اطلاق النار على المروحية”
” لم افكر بذلك”
” كان يجب ان تفكري في الحرب لا يفكر الانسان الا بنفسه و كيف ينجو
بحياته فان استطاع انقاذ غيره كان بها و ان لم يستطع فبلاها”
” هذه انانية و قسوة تخلو من الانسانية” ردت الكسيا و قد صدمتها افكاره نظرت
اليه لتجد ان و لا شعره واحدة من جسده تاثرت بما قالته انها تعرف كم
هو قاسي القلب لكن كلامه الان يعني انه بلا قلب ابدا، لا … لا يمكن
ان يؤمن بما يقوله و ستثبت له ذلك فسالته
” اتقول لو انك كنت في نفس الموقف و انا التي كنت بالمروحية لما كشفت
نفسك للعدو و تركته……”
لم يدعها تكمل و اجاب” لكنت فكرت في وسيلة ما لكن لم اكن لاكشف نفسي
ابدا كما فعلتي فما فائدتي مصابا او مقتولا”
صعقها جوابه لدرجة الذهول فلم تاتي بهمسه، بل فقدت كل قدرة على الاحساس و شعرت
بفراغ كبير في نفسها تعصف فيه الرياح فيدوي صوت صفيرها كما في البيت المهجور اهكذا
يفكر صديق طفولتها و حبيب عمرها، هل هو قاسي و اناني كما يحاول ان يظهر
لها؟ اكانت تخدع نفسها طول هذه السنوات، الم تعشقه لطيبة قلبه و اهتمامه و حرصه
على الجميع لقد كان فارسها المغوار منذ ان كانت في الثامنة من عمرها و هو
في الخامسة عشر من عمره عندما سقطت عن الدراجة و ركض اليها يساعدها على الوقوف
و يمسح بيديه الدموع المنهمرة من عينيها يواسيها بكلماته و يشجعها على المحاولة من جديد
حتى اتقنت ركوبها حدقت به مرة اخرى تكره الان كما احبته سابقا، لقد حطم قلبها
بكلمات بسيطه، قلبها الذي لم يحب او يخلص لاحد غيره في حياتها فقالت
” اذا لا يوجد شئ اخر نقوله لبعضنا سيدي الكولونيل ساسلم نفسي لشرطة الانضباط العسكري
على الفور ليتم تحويلي للتحقيق اسمح لي” قدمت له التحية العسكرية ثم تحركت باتجاه الباب
اوقفها صوته وهو يقول
” لا داعي ساكتفي هذه المرة بالتنبيه ميجور”
ايعتقد انها ستشكره على معروفه هذا احست بانها ستنهار امامه لكن لا لن تدعه يسخر
منها استجمعت قواها و استمرت في المسير و هو تركها تذهب كما لو انه لم
يكسر قلبها، تعرف انه لم يحسسها بيوم من الايام بان هناك مشاعر حب لها من
طرفه و هذا ما قد يشفع له الان لكن ماذا عن رباط الصداقة و الاخوة
الذي ربطهما طوال هذه السنين
وصلت الى الباب و توقفت شعرت بنظراته تحدق بها لكن كبريائها و كرامتها ابت عليها
الالتفاف و النظر اليه خرجت من الباب تهبط الدرجات تاركه اياه يقف مكانه وحيدا ينظر
في اتجاهها و نظرة نادرة مليئة بالشوق و اللهفة تشع من عيني الفالكون
الفصل الثاني
ولجت الكسيا من المدخل الخلفي للقصر الرئاسي بعد ان ردت التحية العسكرية للجندي الواقف على
اهبت الاستعداد عند المدخل و اتجهت مسرعة نحو مقر كتيبة الحرس الرئاسي فقد طلبها الجنرال
ادريانو فيرونا على وجه السرعة فقطعت اجازتها التي فرضها عليها رؤول
خرجت من السيارة مهرولة لتدخل مبنى الكتيبة، و حتى و هي في اللباس المدني كانت
تقف لترد التحية العسكرية على الجنود المارين بها، فقد اصبحت اكثر شهرة بعد عملية “الفتاة
الخارقة” اللقب الذي اطلقة الجنود عليها بعد ذلك، دقت باب مكتب الجنرال تنتظر السماح لها
بالدخول
” ادخل” قال الصوت من الداخل
فتحت الباب و دخلت تقدم التحية العسكرية قائلة ” نعم سيدي”
تطلع الجنرال الى المراة الواقفة امامه، فحتى بعد ثلاث سنوات في الخدمة تحت امرته لا
يزال لا يجد الجواب على السؤال الذي طالما حيره، و هو ماذا تفعل امراة جميلة
مثلها في هذا المكان و هو ليس بصغير فقد تجاوز الستين من العمر راى فيها
جميع اشكال النساء و يميز المراة الجميلة بقوام ممشوق تعلوه بشرة ناعمة بلون البرونز و
وجه طفولي رائع يكمله اجمل عينين راهما في حياته ، كما عيون القطط في تصميمها
لا لون محدد لها تختلط بها الوان الاخضر و العسلي بشكل جذاب تجعل من اللون
العسلي يتقد كشعلة من نار عندما تغضب و يتالق اللون الاخضر كالزمرد عندما تفرح، يغطيها
رموش كثيفة حالكة كسواد الليل مشابهه للون شعرها الطويل الذي تربطه دائما على شكل كعكة
فلم يره يوما منسدلا لكنه متاكد بانه يصل الى ما دون كتفيها ناعما كشلال ماء
هادئ حالك السواد كليلة معتمة بدون قمر يتمنى كل رجل ان يغرق وجهه فيه ليستنشق
عطره الاخاذ يملسه بيديه ليشعر بنعومته، ذات خفة و رشاقة تبهر الانظار و تخطف الانفاس،
و رغم انه عجوز الا انه يستطيع قراءة نظرات الرجال من افراد كتيبته عندما تمر
الكسيا روسي من امامهم، ان رؤول فالكوني سيكون احمقا ان تركها تضيع من بين يديه،
فالغبي فقط من لا يلاحظ ما يدور بينهما، الا انه متاكد من شئ واحد انها
في يوم ما ستمل من السجال القائم بينهما و ها هو في منصبه ينتظر حلول
ذلك اليوم ليكون شاهدا على انفجارها
استيقظ الجنرال على صوت الباب يدق فطلب من الطارق الدخول، حتى دون ان تراه شعرت
بوجوده منذ ان فتح الباب و دخل الى الحجرة، رائحة عطر ما بعد الحلاقة ممزوجة
برائحة جسده المسكية رائحة تميزها دون عن غيره من الرجال، حضوره القوي يشعرها بوجوده في
المكان حتى دون ان تراه
تقدم رؤول بالتحية العسكرية ثم جلس على المقعد بجانب الكسيا بعد ان سمح له الجنرال
بذلك ماذا تفعل الكسيا هنا؟؟!!! تساءل رؤول هل هناك مهمه سيقومان بها معا؟!!!!، تنهد و
هو يمرر يده من خلال شعره، لا يمكن ان يستمر الوضع هكذا انه يفقد تركيزه
و سيطرته على نفسه كليا عندما تكون الكسيا معينة بالامور، فلا تزال الكوابيس تنتابه كل
ليلة حتى بعد مرور اسبوع كامل على العملية الاخيرة يستيقظ ليجد جسده ينضح عرقا يرتجف
من الهلع و الفزع الذي يدب في اوصاله و انفاسه متسارعة كلما تخيل المشهد عندما
راها تخرج من وراء برج الاتصالات على البناية تطلق النار في كل الاتجاهات و وابل
من الرصاصات يتطاير من حولها احس انه شاخ و دب البياض في كل شعره كما
لو عمره مئة عام بل شعر بقلبه يتوقف عن الخفقان بانتظار وقوع المصيبة الكبرى بان
تصيبها طلقة رصاص تكون القاتلة
لم يشعر بنفسه كيف نزل من المروحية او كيف قفز منها، عندما هبطت ام قبل
ذلك، كل ما كان يدركه انه يجب ان يصل اليها قبل فوات الاوان، فاذا كان
الجنرال يفكر بمهمه لهما معا فلينسى الامر سيرفض المهمة مهما كانت النتائج
حل الصمت على المكتب كل منهما ينتظر الجنرال فيرونا ليتكلم الا انه بقي صامتا يحدق
في الاوراق امامه يقلبها ثم فجاة قام عن المقعد خلف المكتب و تقدم نحو جهاز
الحاسوب المحمول الموضوع على منضدة امام حائط ابيض كبير شغل الحاسوب ثم بدا يقول
” ان ما ساقوله الان لن يخرج من هذه الحجرة و سيكون بيننا نحن الثلاثة،
فالمهمة القادمة مهمة صعبة جدا و لها نتائج دبلوماسية خطيرة ان كشفت لهذا اخترتكما انتما
الاثنان لما تتميزان به من ذكاء و مهارة و حرص”
تطلع الجنرال الى الجالسين امامه على المقاعد ثم سال” هل زار احدكم مدينة القدس”
القدس….. حدق الاثنان بالجنرال فيرونا بذهول ثم هزت الكسيا راسها علامة الرفض بينما قال رؤول”
لا سيدي”
عاد الجنرال ينظر الى الحائط امامه يعرض الصور الموجودة على الحاسوب بالتتالي و هو يشرح”
مدينة القدس تعتبر من اقدم المدن في العالم تبلغ مساحتها حوالي (125كم) تقع جغرافيا بين
عدة جبال من اهمها جبل الزيتون ، جبل المشارف ، جبل المكبر و جبل ابو
غنيم، كما يحيط بها ثلاثة اودية هي وادي سلون، وادي الواد، و وادي الجوز، كما
يحيط بها سور له عدة ابواب يتم الدخول اليها من خلالها، تعتبر مقدسة لدى جميع
اصحاب الديانات السماوية الثلاثة، الا ان جميع معالمها التاريخية هي معالم اسلامية كالمسجد الاقصى و
قبة الصخرة، و مسيحية ككنيسة القيامة و لا يوجد للان اي دليل لاي اثر يهودي
فيها، تم احتلال نصفها عام 1948 و اصبح يطلق عليها اسم القدس الغربية ثم احتل
نصفها الاخر عام 1967 لتصبح القدس الشرقية و رغم كل القرارات الدولية التي صدرت عن
الامم المتحدة باعتبار اراضي عام 1967 بما فيها القدس الشرقية جزء من الاراضي العربية المحتلة
ضربت السلطات الاسرائيلية عرض الحائط بها و اصدرت قرار ضم القدس كلها اليها و اعتبارها
عاصمة موحدة لدولة اسرائيل”
اغلق الجنرال الحاسوب ثم عاد ينظر الى الجالسين امامه و اكمل” تواجه مدينة القدس هذه
الايام هجمة اسرائيلية شرسة لتهويد المدينة و تزوير كافة المعالم فيها و تحويلها الى معالم
يهودية و لهذا السبب شكلت لجنة دولية تحت اشراف الامم المتحدة من جنسيات مختلفة سترسل
الى المدينة للتحقيق”
عاد الجنرال الى مقعده بعد الانتهاء من الشرح و امسك بنسختين لصورة واحدة قدمها لرؤول
و الكسيا مضيفا” لا اظن ان صاحبة الصورة تخفا عليكما”
طرح الجنرال سؤاله و هو يتطلع الى نظرة الذهول التي اعتلت ملامح رؤول و الكسيا
” لكن سيدي…..” حاول رؤول القول
” اعرف ماذا ستقول رؤول، اعرف ان مثل هذه المهمة خطيرة و ستعرض حياة السيدة
الاولى لخطر شديد”
” فاذا……” رد رؤول بتصميم
هز الجنرال راسه و قال” ما باليد حيلة فالكون انها مصممة على الانضمام الى اللجنة
فهي من اشد المعارضين للسياسات الاسرائيلية و ترفض رفضا قاطعا سياسة الاحتلال و التهويد و
الاستيطان و الحصار المفروض على قطاع غزة و هذا ما يخيفني”
” ستكون حياتها عرضة للخطر خاصة من قبل الجماعات اليمينية اليهودية المتطرفة” قالت الكسيا بهدوء
العارف
حدق الجنرال بها معجبا بذكاءها و هز راسه موافقا” هذا هو صلب الموضوع الكسيا، هذا
ما يخيفنا فقد وصلنا عبر جهاز المخابرات ان حياتها مهددة بالخطر ان وصلت الى مدينة
القدس و اعربت عن ارائها بصورة واضحة و علنية، خصوصا انها من اشد المؤثرين على
السياسة الدولية لما تتحلى به من احترام شديد على صعيد المجتمع الدولي”
” الم تعرض التقارير المخابراتية عليها او على سيادة رئيس ” سال رؤول
” نعم، الا انها تشبثت برايها اكثر مصممة على الذهاب، لا حجة او تقرير يستطيع
ان يقصيها عن قرارها”
” هذا جنون…..” صرح رؤول بذهول
” لا ….ليس جنون” ردت الكسيا و هي تنظر اليه و اضافت” ان الايمان بالمبادئ
ليس جنون كولونيل فلو كل الناس براغماتيكين يستعملون مبدا الغاية تبرر الوسيلة لتحول العالم الى
قانون الغاب، اضافة الى ذلك الا تتابع الاخبار الم ترى صور الاطفال و النساء و
الشيوخ الجرحى و القتلى التي امتلئت بهم ليس فقط غرف المستشفيات بل اروقتها ايضا مطروحين
ارضا تحاول الطواقم الطبية ان تقدم لهم العون وفقا الامكانيات المتوفرة لديهم من الحصار القاتل
المفروض عليهم، الم ترى صور الاطفال كيف يتم ضربهم ضربا مبرحا باعقاب البنادق واطلاق الكلاب
الشرسة عليهم قبل ان يتم اعتقالهم الى اين لا يعلم احد الا الله؟!”
” هذا كله لا يبرر ان تعرض السيدة الاولى نفسها للخطر” اكد رؤول بتصميم كما
لو انه اغلق عقله و قلبه عن كل ما ذكرته الكسيا
” بالنسبة لشخص لا قلب له، اجل ليس هناك مبرر ابدا” اجابته الكسيا ببرود تقشعر
له الابدان
حل الصمت على المكتب مرة ثانية بعد الجدال الحامي الوطيس كل منهما يحدق بالاخر، لقد
اصابته بالصميم تدرك ذلك لكن هل احس بالاهانه لا تعتقد ذلك فهو بلا مشاعر
كان الجنرال يتطلع اليهما باستمتاع فهذه المرة الاولى التي يسمع فيها الكسيا تكلم رؤول بهذه
الطريقة يبدو انها قررت شن هجوم مباشر وكاسح عليه فاما الهزيمة و اما النصر، تنهد
الجنرال و ابتسامة تهز شفتيه اذا فقد جاء اليوم الذي ملت فيه من بقاء الوضع
على ما هو عليه بينهما، سيشهد معركة شديدة بين ندين قويين لربما هذه المهمة رغم
خطورتها ستساعد في تسريع الامور بينهما
استيقظ الاثنان على صوت الجنرال يقول” و هنا تاتي مهمتكما”
حدق الاثنان بالجنرال الذي اكمل” ستذهبان الى القدس بمهمة تامين الحماية للسيدة الاولى، لكن ليس
بصفتكما كحرس رئاسي فالسلطات الاسرائيلية ترفض تسليم حراسة الوفد الا لجهاز الشاباك الخاص بها و
هذا ما يخيفنا اكثر”
” ان يكون الجهاز مخترق من قبل الجماعات المتطرفة و يتم الحصول على كافة تحركات
الوفد لتسهيل مهمة الاغتيال” رد رؤول بثقة ثم اضاف” فكيف اذا سنؤمن الحماية لسيادتها” سال
” ستسافران الى هناك على اعتبار انك الملحق العسكري الجديد في سفارتنا مع زوجته”
” ماذا؟!!!” صرخ كلا الطرفين رافضين الاقتراح جملة و تفصيلا، و كان رؤول اول من
تكلم قائلا” ان الميجور متورطة عاطفيا في القضية اكثر من اللازم”
” ماذا؟!!” صرخت الكسيا بذهول” و ماذا يعني ذلك كولونيل؟!!!”
” الم تسمعي حديثك قبل قليل، ماذا لو وجدت نفسك في موقف يتم فيه اعتقال
طفل فلسطيني بالطريقة التي وصفتها ماذا سيكون رد فعلك مما سمعته منك قد تهجمين على
الجندي و تبريحه ضربا”
” و من لا يفعل ذلك و هو يشاهد طفل دون الثامنة عشرة من عمره
يضرب بوحشية و شراسة في كل انحاء جسده دون رحمة او اعتبار لصغر سنه” ردت
الكسيا بحدة ثم اضافت بسخرية مرة” لقد نسيت بل هناك من امثالك الذين لا رحمة
ولا شفقة في قلوبهم”
” هدف المهمة واضح حماية السيدة الاولى ” رد رؤول بحدة مبالغ بها، اهكذا اصبحت
تنظر اليه كانسان عديم المشاعر و الاحاسيس بلا قلب ، كان يظن انه لو كل
العالم فكر به بهذه الطريقة هي وحدها ستدافع عنه و ترفض الصاق هذه الصفة به،
ما الذي حدث بينهما و اوصلهما الى هذه الدرجة من البعد عن بعضهما البعض
” هذا يكفي انتما الاثنان” خرج الصوت حازما فسكت الطرفان ” يبدو انكما قد نسيتما
اين انتما” نظر الى الكسيا قائلا” اتركينا الان ميجور فهناك حديث بيني و بين الكولونيل
فالكون”
” لكن سيدي….” حاولت الكسيا التكلم لتشرح موقفها
الا ان الجنرال قال بنفس اللهجة الحازمة” انصراف ميجور”
” نعم سيدي” اجابت الكسيا و خرجت من المكتب و هي تلعن رؤول بداخلها كيف
يجرؤ على التقليل من شانها امام الجنرال، انها ميجور في كتيبة الحرس الرئاسي و قد
حصلت على العديد من اوسمة الشرف و الشجاعة خلال خدمتها منذ ثلاثة سنوات، يا لها
من ذريعة ان تكون متورطة عاطفيا في القضية لماذا لا يكون صريح و يقول انه
لا يريد العمل معها، ثم من لا يتورط و هو يرى مشاهد القتل و الدمار،
مشاهد عنف و وحشية الالة العسكرية الاكثر تطورا في العالم امام الحجارة و المدنيين العزل
خاصة الاطفال منهم، من لا يتاثر هو وحش بحد ذاته و هذا هو رؤول فالكوني
طير جارح لا يرحم من هم اضعف منه بل يستغل ضعفهم لينقض عليهم بمخالبه و
يمزق اجسادهم اربا اربا ليعتاش عليها
لكن متى تحول الشاب اليانع الحنون الذي يهتم بكل من حوله الى الرجل القاسي القلب
الذي لا يرحم احدا ابين ليلة و ضحاها؟؟!!، لا لقد تغير رؤول فالكوني بعد عودته
من حرب الخليج الاولى تغيرا شاملا و مما سمعته عن فظائع تلك الحرب قد لا
تلومه لكنه يستطيع ان يتغير مع كل الناس الا معها و هذا ما لن تسامحه
عليه
” اجلس كولونيل” قال الجنرال و اشار لرؤول بالجلوس
جلس رؤول و هو يقول” ان شعور الميجور سيعرض المهمة و حياة السيدة الاولى للخطر
ميجور”
ضحك الجنرال و قال” اتعتقد اننا لا نعرف ما هو شعورها بالضبط قبل الحاقها بالمهمة”
حدق رؤول بالجنرال بصمت، حاسة الصقر السادسة التي اشتهر بها تشعره بوجود شئ غير طبيعي
و غير مفهموم ماذا يقصد الجنرال بهذه الجملة، اخذ رؤول يتوجس خوفا الا انه سال
” اوضح سيدي”
” ان اراء الميجور مطابقة لاراء السيدة الاولى فالكون ان لم تكن اكثر حدة ايضا،
و انا متاكد بانها ستثير زوبعة في اسرائيل نتيجة هذه الاراء” شرح الجنرال
” و ايضا…..” استفهم رؤول و قد بدات دقات قلبه بالتسارع خوفا مما يقصده الجنرال
” ستكون الغمامة التي تغطي على السيدة الاولى، دع الاسرائيليين يتلهون بمواقف و اراء الميجور
فينسون السيدة الاولى”
” ماذا؟!!!” سال رؤول و و قد علت ملامح وجهه الصدمة و الذهول مما قاله
الجنرال، اللعنة شتم في داخله سيضحون بالكسيا لحماية السيدة الاولى و المطلوب منه ان يشارك
في الامر
” ما بك فالكون” سال الجنرال
” احاول استيعاب ما شرحته لي سيدي” اجاب رؤول بحدة
” و ماذا فهمت !!!!” سال الجنرال
” ان الكسيا ستكون كبش الفداء…… ”
لم يدعه الجنرال يكمل و قال” على رسلك فالكون من جاء على ذكر كبش الفداء
هنا، ان ما تقوله هراء”
” هراء سيدي” رد رؤول” انت قلت بلسانك لتكن الغمامة التي تغطي على السيدة الاولى”
” اجل قلت ذلك و لكن من جاء على ذكر شئ عن كبش الفداء، لسنا
في عادة التضحية بجنودنا”
” اذا اخذنا بعين الاعتبار انها ستعلن عن اراءها بعلنية واضحة كما تريدون فان اعين
المتطرفين ستتوجه اليها” شرح رؤول
” لكنها لن تثير اهتمامهم لدرجة التخلص منها فلا تاثير لها على مسرح السياسة الدولية
كما السيدة الاولى”
“لكن هذا ليس ضمانه كافية على ذلك” رد رؤول
” و هنا تاتي مهمتك انت و هي توفير الحماية لها” صرح الجنرال
اخذ رؤول يحدق بالجنرال صامتا فقال الجنرال و هو يبتسم ” ما بك فالكون الم
تفهم طبيعة المهمة للان”
قال رؤول” بما اننا لن نستطيع توفير الحماية المباشرة للسيدة الاولى فالمهمة هي ان الكسيا
و هي زوجة الملحق العسكري في السفارة بمواقفها المعارضة ستثير زوبعة في اسرائيل تلفت الانتباه
لها و تغطي على مهمة السيدة الاولى لحين انتهائها من مهمتها و خروجها من اسرائيل
و بما ان الكسيا زوجتي فالشئ الوحيد الذي تستطيعه السلطات الاسرائيلية هو طلب مغادرتي البلاد
على اعتبار اني دبلوماسيا ضيف غير مرغوب فيه و الرد الوحيد ان يتم طرد احد
موظفي السفارة الاسرائيلية هنا ازمة دبلوماسية بسيطة يمكن حلها بسهولة”
” و ايضا فالكون” سال الجنرال يقدر ذكاء الرجل الجالس امامه
” كل ما علي هو مراقبة السيدة الاولى بما انني موظف في السفارة و حماية
الكسيا بما انها زوجتي لذا تحركاتي لن تثير اي شبهات لكن السؤال الذي يثير حيرتي
جنرال لماذا لم يقم جهاز المخابرات بهذه المهمة فهي اقرب الى عملهم منه الى عملنا”
” الكسيا ” رد الجنرال بكلمة واحدة
” ماذا تقصد” سال رؤول بحيرة
” لم نجد للاسف احد في جهاز المخابرات له مثل اراء و مواقف الكسيا ناهيك
عن اندفاعها في الدفاع عنها بكل قوة و الوقت ضيق لا يسمح لنا بتدريب احد
”
” و انا” قال رؤول
” اتريد ان تسلم حياة الكسيا لايدي اخرين” اجاب الجنرال بهدوء ثم اكمل يشدد على
كل كلمة يقولها” لن اسلم امر حماية الكسيا لجهاز المخابرات الا عند الضرورة القصوى، لكن
تستطيع ان ترشح لي احد زملائك للقيام بالمهمة ان لم ترد انت القيام بها”
سرح رؤول بافكاره يشعر بالغضب الجامح يعتمل في صدره واحس بانه سينفجر، هذا ما حسب
حسابه طوال السنين الثلاث الماضية، لم يرد ان يسبب لها الاذي بحكم وظيفته فقسى قلبه
و ابتعد عنها محاولا اقصى ما لديه ليبعدها عن فوهة البركان حتى لو جعلها تكرهه،
الا انها لحقت به و لم تكتفي بالتفرج بل دخلت الى قلب اللهيب و الحمم
و ها هي ستصلى بنارها
هل يستطيع تسليم امر حياتها لاحد من زملائه؟! بالطبع لا!!!!، لكن بالمقابل هل يستطيع هو
ان يقوم بالمهمة؟! و ماذا لو اخطا فاي خطا بسيط ممكن ان يتسبب بمقتلها، يا
الهي تمتم رؤول في نفسه و هو يمرر يديه من خلال شعره ثم مسح وجهه
بهما، ماذا يفعل؟! لماذا يجب ان يختبره القدر هكذا، فكلا الحلين مر كالعلقم لا يستطيع
تجرعه، اللعنه عليها لما لم تستمع لمنطق العقل عندما حاول ثنيها عن الالتحاق بالكتيبة، ماذا
عساه ان يفعل الان؟ لكنه متاكد من شئ واحد، انه لن يتخلى عنها لا لشئ
الا من اجل سنين الاخوة الطويلة
” شئ اخر كولونيل” قال الجنرال فيرونا
نظر اليه رؤول متسائلا ماذا هناك ايضا
” لا يجب ان تعلم الميجور بما جرى بيننا من حديث، دعها تتصرف على طبيعتها
فما تجهله افضل مما تعرفه”
” لكن اليس من الافضل اعلامها فتكون اكثر حرصا بدل من اندفاعها المتهور”
“لا…..لا” رد الجنرال و هو يهز براسه رفضا الفكرة بحدة مضيفا” نحن نريد اندفاعها لا
حرصها فالكون اندفاعها في التعبير هو ما نريده افهمت”
” نعم سيدي”
” حسنا يمكنك الانصراف الان” اكمل الجنرال
قدم رؤول التحية العسكرية و خرج من المكتب لا يحس بشئ كما لو انه لا
يسمع و لا يرى جل تفكيره منصب على المصيبة التي هو بها، شعر بالغضب يتاجج
بداخله على الكسيا ممزوجا بالخوف عليها، لا يعرف ماذا سيفعل؟ او كيف سيتصرف، ثم فجاة
لمعت عيناه عندما طرات على باله فكرة، لما لا يقنعها هي برفض المهمة؟ لكن لا
انها عنيدة هو يعرف ذلك، لن تاتي بالكلام و الاقناع، لكن الاستفزاز قد ينفع معها،
اجل هذا ما سيفعله سيستفزها حتى لو اضطره الامر ان يضربها سيفعل ليجعلها ترفض المهمة
و العمل معه و سيستفيد مما حصل بينهما في مكتب الجنرال من مشادة كلاميه، اجل
قد تنفع هذه الوسيلة و انطلق يبحث عنها فهو يعرفها جيدا لن تغادر مقرالكتيبة قبل
ان تواجهه بما قاله عنها في مكتب الجنرال
و صدق حدسه فقد وجدها في صالة التدريب، تتدرب على حركات الدفاع عن النفس مع
بعض المكلفين الجدد تقدم منها مبتسما ان امامه فرصة كبيرة الان لابد ان يستغلها
كانت الكسيا تشرح للمكلفين حركة دفاعية للكراتيه عندما احست بوجوده خلفها و سمعته يقول ”
لما لا نطبق ما تشرحينه عمليا ميجور”
تقدم منها اكثر و اشار بيده اليها لتتقدم منه، اقتربت الكسيا من رؤول تناوله بضربات
محكمة بيديها و قدميها تصدى لها رؤول بمهارة عالية، و تعالت صيحات التشجيع و التصفيق
من المكلفين المتفرجين عليهم
تفادت الك لكمة محكمة من يد رؤول و بالمقابل استطاعت ان تضربه بكوعها على صدره
ضربة مؤلمة ثم لفت يديها حول عنقه لتطيح به ارضا من فوق ظهرها يتاوه، و
ازادت صيحات الجمهور الحماسية يصرخون” الك….الك……”
لم يدم نصرها طويلا فقد تحرك رؤول بخفة شديدة ليضع قدميه بين قدمي اليكسيا مما
سبب بفقدانها لتوازنها و وقوعها ارضا فوقه، قال لها رؤول” لما انت غاضبه هكذا الك”
قالت الكسيا بغضب” لا يحق لك التقليل من شاني امام الجنرال حتى لو كنت رئيسي
المباشر” و اخذت تتلوى لتفلت نفسها من بين يديه
تحرك رؤول ليقلبها فاصبحت هي المثبته ارضا باحكام و هو يتطلع اليها و استمر يقول
” و من انت حتى اهتم بالتقليل من شانك كل ما يهمني هو المهمة القادمة”
كلما تكلم رؤول ازدادت الكسيا غضبا و هذا ما اراده الضبط، كان يريد ان يستفزها
اكثر لدرجة ان تفقد السيطرة على اعصابها و تعلن رفضها للمهمة، اللحظة التي شرد فيها
ذهنه كبدته خسارة كبيرة عندما ناولته الكسيا بضربه مؤلمة بين قدميه تاوه لها رؤول من
الالم فدفعته الكسيا عنها تقف قائلة بغضب هادر
” لست انت من يحدد من يذهب للمهمة ام لا و السيدة الاولى مسؤوليتي و
لن اتخلى عنها”
حدق رؤول بها اللعنة كم هي عنيدة، وقف على قدميه مقتربا منها و هو يقول
” فكري جيدا الكسيا فللمهمة ابعاد لن تتصوريها باي شكل من الاشكال”
وقفت الكسيا هادئة و قد انزلت يديها من حركة قتالية و حدقت برؤول بحيرة ماذا
يعني؟ ما الحديث الذي جرى في المكتب بينه وبين الجنرال حتى جعله يتقدم منها محاولا
استفزازها بهذه الطريقة لتفقد اعصابها و ترفض العمل معه، ايعتقد انها لا تفهمه جيدا؟! انه
مخطا اذا فهي تفهمه اكثر من نفسه
لحظة التفكير هذه جعلتها تخسر المعركة بينها و بين الفالكون الذي انقض عليها بضربته الشهيرة
يرميها ارضا تتلوى من الالم امام الجميع الذي غض بصره عن مشاهدة الحركة المؤلمة
اخذت الكسيا تتاوه عندما تقدم منها رؤول مسرعا منحنيا عليها قائلا ” الك هل انت
بخير؟! اللعنة كم مرة يجب ان اكرر لك ان لا تشردي و انت امام الخصم”
الخصم، اهذا ما فكر به و هي امامه انها خصمه، يا الله كم تتالم انخطف
لون بشرتها البرونزي و حل الشحوب بدل منه و هي تعض على شفتيها بقوة حتى
لا تصرخ من شدة الالم، كم هو قاسي القلب، كيف يضربها بهذه القوة
تطلع رؤول اليها كيف يضربها بهذه القوة، هي السبب فلا الاقناع ولا الاستفزاز نفع معها
فلجا الى الطريقة الاخيرة بان يسبب لها اصابة تمنعها من القيام بالمهمة ، لكن رؤيتها
تتالم كان اصعب مما تصور اخذ يؤنب نفسه كم هو احمق كيف يضربها؟!!! يجب ان
يراها الطبيب فهو لن يسامح نفسه ان تسبب لها باصابة بليغة لم يشعر الطرفان ان
الجميع تجمهر قريبا جدا منهما كل واحد يتمتم، ياالهي….. يا له من قاسي….. المسكينة تتالم…..
كيف يضربها بهذه الشدة…..
كل هذه العبارات وصلت الى مسامع رؤول فقطب حاجبيه انهم محقين اي احمق كان ليفعل
ما فعله، ثم فجاة حملها بين ذراعيه القويتين و انطلق بها من وسط الجمهور الى
عيادة الطبيب تحت انظار الجميع التي تتطلع اليه مذهوله
الفصل الثالث
اندفع رؤول الى مستوصف الكتيبة و هو يحمل الكسيا بين ذراعيه يصيح بصوت عالي ملهوف”
اين الطبيب”
الذي جاء مهرولا عندما لمح رؤول يدخل من الباب و بين ذراعيه الكسيا، كانت الكسيا
تلف ذراعيها حول عنق رؤول بشدة و تضع راسها على صدره تستنشق رائحته المسكية العطرة
التي تطيح بعقلها، لاول مرة في حياتها منذ ان عرفته تشعر بذراعيه القويتين حولها و
بجسده الصلب يضمها بمحض ارادته، احست بنفسها في عالم جميل هل هي غائبة عن الوعي
لا…لا انها تعيش فقط تعيش حلم رائع يحملها رؤول فيه بين ذراعيه بينما تشعر باللهفة
و الهلع في صوته، كيف تصورت انه بلا قلب، فها هي تسمع دقات قلبه المتسارعة
دلالة فزعه عليها
كم تمنت ان يستمر هذا الحلم و لا تصحو منه ابدا، الا انها تدرك تماما
انه خلال لحظات سيتحول حلمها الجميل الى كابوس مريع عندما يضعها رؤول على سرير الكشف
و يعود ليعاملها برسمية، شدت نفسها اليه اكثر تتمنى ان لا تتركه ابدا
احس رؤول بالكسيا تشد نفسها الى جسده فاعتقد انها تتالم بشده دون ان تصدر صوتا،
اخفض راسه قائلا بصوت هامس حنون” الك، هل انت بخير ”
و عندما لم تجبه اضاف” اجيبني ارجوكي”
لم تستطع الكسيا ان تجيبه حتى لو ارادت ذلك فقد كانت ضائعه في عالم اخر
لذيذ لا تسمع فيه و لا ترى من حولها فقط ضمت جسدها اليه اكثر كما
لو انها تجيبه بصمت بمشاعرها
وصل رؤول الى سرير الكشف فحاول انزالها برقه عليه الا انها تمسكت به اكثر همس
رؤول قائلا” يجب ان يفحصك الطبيب الك ليطمئن بالي”
و ايضا لم ترد عليه و استمرت على حالها، اخذ رؤول يتطلع حوله الى العيون
المحدقة بهما فقال للالكسيا بنفس اللهجة” الكسيا ان الجميع يتطلعون الينا”
ارادت ان تصرخ فليذهبوا الى الجحيم انها لا تهتم بعد ان وجدت نفسها بين احضانه
لن تدعه يتركها بدون مقاومة، احست بتسارع انفاس رؤول ، انها تعرفه جيدا لقد بدا
يغضب، و صدق حدسها فقد سمعته يقول بصوت بدات تظهر فيه بوارد الغضب” اللعنه الك،
نحن في الكتيبة ميجور ام انك نسيتي؟!”
لا لم تنسى فهي منذ اعوام لا تراه الا في الكتيبة فلم يعد يزورها في
بيتها الذي هو بيت العائلة الذي قضيا فيه اجمل سنيين طفولتهما و شبابهما و ان
اراد الاطمئنان على والدتها التي هي بمثابة والده له كان يستخدم الهاتف او يزورها و
هو متاكد انها ليست موجودة لا في البيت بل في البلاد كلها، متى اصبحت ثقيلة
الظل عليه هكذا حتى بدا يتهرب منها في كل مكان يتواجدا فيه، حتى وصلا الى
مرحلة ان يرفض العمل معها، قطبت جبينها تحاول ان تفكر هل تفرض نفسها عليه و
بحكم عشرة السنين يخجل من مواجهتها، اخذت تهز راسها رافضة الفكرة تماما ان كرامتها و
كبريائها تمنعاها من فعل ذلك، انها قد تموت قبل ان تفرض نفسها على اي انسان
حتى لو كان رؤول الذي هو بمثابة الهواء الذي تعيش عليه، فكت ذراعيها من حول
عنقه ببطء فانزلها على السرير بسرعة كما لو انه يريد التخلص من حمولته، فاحست بجرح
كرامتها، و تاوهت بصوت عالي عندما اصطدم جسدها بقوة في السرير من سرعته في انزالها
لعن رؤول نفسه بشدة، كيف ورط نفسه بهذه المصيبة، لاول مرة في حياته يتصرف بعفوية
دون التفكير بالنتائج و العواقب لشدة ما اغضبه عنادها لم يشعر بنفسه الا و قد
ضربها و كيف بضربته الشهيرة التي قد تقتل الشخص المقابل له و ان لم تفعل
ستسبب له على الاقل اصابة بليغة تتركه طريح الفراش عدة شهور
تقدم الطبيب منهما قائلا بلهفة ” يا الهي الك ما الذي حدث”
حل الصمت على حجرة الفحص، و احس رؤول بالخجل و الغضب يعتريه ماذا سيقول للطبيب
انه ضربها بقوة؟! يا الهي بماذا كان يفكر عندما قام بضربها بهذه الشدة، كان من
الممكن ان يسبب لها باصابة بليغة ان لم يقتلها، شحب وجهه و اخذ صدره يعلو
و يهبط بسرعة محاولا التنفس كما لو انه سيختنق، كان سيخسرها للابد، يخسر شقيقته الصغرى
و صديقته و حبيبة قلبه، تجمد رؤول مكانه و احس بغمامة سوداء تغطي على عينيه
و لم يعد يشعر باحد في الحجرة، ما الذي قاله الان ….حبيبة قلبه، منذ متى
الكسيا حبيبة قلبه، لا…..لا انها شقيقته و صديقته فقط، لم يفكر يوم من الايام بها
باكثر من ذلك بل انه لا يريد ان يفكر بها هكذا مطلقا
بل هي حبيبة قلبك، صرخ به قلبه كما لو انه انطلق من سجنه الذي حبسه
فيه العقل و المنطق ان قلبك يخفق بشده لذكر اسمها، كانت حبيبة قلبك في الماضي
و لا تزال في الحاضر و ستبقى كذلك في المستقبل و لن تستطيع فعل شئ
لتغيير الامر الواقع، قد تحاول ان تتناسى و قد تحاول الانكار، الا انه لن يفيد
و سيبقى قلبك يخفق لاجلها و احاسيسك تغرد لسماع صوتها و عيونك تتكحل لمراها
يا اله السماوات و الارض صرخ رؤول بداخله، و احس بانه سيغمى عليه من هول
الصدمة كيف ترك نفسه يقع في الفخ الذي تفاداه طوال سنين معرفته بها، لما الان
اعترف لنفسه بوقوعه في هواها، امن شدة خوفه عليها بعدما ضربها، عاد قلبه يخفق بسرعة
كبيرة و وجهه يشحب اكثر، فاذا ماذا سيفعل عندما يطيران الى القدس في مهمتهما و
تكون حياتها مهددة بالخطر في كل ثانية خلال فترة بقاءهما هناك، يجب ان يتمالك نفسه،
هذا ليس الوقت المناسب للانفعال، ان حياتها بين يديه فاما ان يحميها و اما ان
يموت دفاعا عنها
استيقظ على صوت الكسيا تقول للطبيب” انه خطاي حضرة الطبيب كنت و الكولونيل نشرح للمكلفين
الجدد حركة دفاع عن النفس عمليا فتحمست قليلا و حاول الكولونيل تفادي ضرباتي فسقطت بقوة
على الارض مما الم صدري قليلا لكني بخير الان لا داعي للفحص”
حدق رؤول بها انها تكذب لتحميه من تحمل مسؤولية ما حدث، شعر بعينيها تحدقان به
ترسلان له رسالة بان يؤكد على حديثها او يصمت، الحمقاء لقد كان هناك شهود على
الحادثة راها تحاول النزول عن السرير و هي تشد بقوة على شفتيها لتمنع نفسها من
الصراخ بالم
تقدم الطبيب منها قائلا” على رسلك ميجور، عودي الى السرير انا من يحدد هل انت
بخير ام لا، فالاعمى يستطيع ان يرى انك تتالمين، فكيف بي و انا طبيب”
“لكني لا اتالم دكتور”
“انا من سيحدد ذلك بعد الفحص و صورة الاشعة”
” صورة الاشعة و لماذا؟” سالت الك بدهشة
” لقد وقعت على صدرك اليس هذا ما تقولينه” شرح الطبيب و نظرة سخرية تطل
من عينيه
تؤكد انه لا يصدق روايتها” ستوضح لنا صورة الاشعة ان كان هناك كسور في اضلاعك”
” كسور” صرخت الكسيا و رؤول بنفس الوقت
” اجل كسور، رغم انني لا ارجح ذلك، فلو كسر لها ضلع لكان اخترق احدى
راتيها و لما استطاعت التنفس”
” ياالهي” صرخ رؤول خائفا بصوت هامس مبعدا نظره عن عيون الكسيا التي ضحكت قائلة
” انتم الاطباء تهولون الامور اليس كذلك كرستيانو”
ضحك الطبيب قائلا” ما دمت المشاكسة نفسها الك فلا خوف عليكي يبدو انها رضوض ستشفى
مع الوقت و مع ذلك….” قال عندما همت بالكلام” صورة الاشعة ضرورية لزيادة الاطمئنان ثم
ساصرف لك بعض المسكنات لتخفيف الالم الذي انا متاكد انك تكابري عليه و الى البيت
و ساوصلك بنفسي فقد اشتقت للوالدة و لكعكها اللذيذ”
انتبه رؤول اخيرا للحوار القائم بين الطرفين قطب حاجبيه و انتابه الذهول منذ متى اصبحا
على قاعدة الاسماء الاولى (الك و كرستيانو) ناهيك عن المشاكسة فهل الكسيا تشاكسه كما كانت
تفعل معه منذ زمن اضافة الى انه يبدو زائر مستمر الى البيت الكبير و الوالدة
تعرفه و تقدم له الاطايب كما كانت تقدمها له ، ما الذي يحدث و منذ
متى؟!!!!!
اخذ رؤول يحدق بالطبيب كرستيانو بروزي من راسه الى اخمص قدميه و وخزات الغيرة تلسعه،
منذ متى حل هذا الطبيب مكانه في حياة الكسيا، عاد يتطلع اليها تمازح الطبيب بكل
خفتها و روحها المرحة المعهودة و ابتسامه مشعة تعلو كل ملامح وجهها لا شفتيها فقط،
يا ويلي قال رؤول لنفسه الا يكفيه اكتشاف حبه لها لتدب الغيرة في قلبه كالسهام
تغرز عميقا لتدميه، انه لم يتاقلم بعد مع فكرة عشقه لها حتى يحس بالغيرة ايضا،
ان لم يكفا عن المزاح سينفجر غيظا
شعرت الكسيا ان رؤول يتميز غضبا فاخذت تشير لكرستيانو بعينيها ترجوه ان يخفف من مزاحه
معها الا انه تجاهلها و استمر في مشاكسته، فهي في نظره تستحق من هو افضل
من رؤول فالكوني الذي تجاهلها كل هذه السنين، فهو متاكد تماما رغم انها وفيه له
ان رؤول فالكوني ليس براهب فكثيرا ما شاهده يغادر نادي الكتيبة برفقة احدى السيدات، كم
حاول معها بان تنساه منذ تلك الليلة التي غرقت بها في دموع الحزن و القهر
لاهماله لها و لم تجد كتف يواسيها الا كتفه
اخذ يتذكر تلك الليلة كما لو انها حدثت البارحة لا منذ ثلاثة اشهر ،فهو اصبح
معجبا بها منذ التحاقه بالكتيبة الا ان عينيها الرائعتي الجمال لم تكن تريا الا رؤول
فالكوني، تلاحقه بنظرات اللهفة و الشوق كلما تحرك نظرات جعلت قلبه يخفق لها اكثر متمنيا
ان تتطلع اليه بمثل هذه النظرات، لم تواتيه الشجاعة يوما ليتقدم منها حتى تلك الليلة
عندما وجدها تجلس وحيدة في النادي تحدق في كاس العصير امامها، شعر بالحزن يلفها فتشجع
و تقدم منها يطلب ان تشاركه الرقص لمعت عيناها بلون اصفر كلهيب النار اعتقد انها
غضبت لغزوه خلوتها، لكنه ادرك لاحقا انها كانت تتميز غضبا من رؤول فالكوني، و وافقت
على طلبه و تحركا الى ساحة الرقص تتمايل بين ذراعيه بخفة و دلع حتى و
هي في الزي العسكري و شعرها مرفوع على شكل كعكة و وجهها خالي من مساحيق
التجميل كانت بالنسبة لها اجمل و ارق امراة عرفها في حياته
لم يصدق ان الكسيا روسي بين ذراعيه تشاركه الرقص، اراد ان يقرص نفسه حتى يصدق
بانه لا يحلم و عند انتهاء السهرة سمح لنفسه بان يوصلها الى منزلها لا يعلم
من اين اتته الشجاعة ليقترب منها محاولا عناقها و لدهشته استجابت له للحظة ثم دفعته
فجاة للخلف و هي تعتذر و الدموع تنهمر من عينيها الجميلتين ادارت له ظهرها تحاول
ان تخفي عنه دموعها الا انه شاهدها و انتهى الامر، وضع يده على كتفها يواسيها
قائلا” الكسيا لا احد يستحق دموعك هذه”
و احس بالغضب الشديد يهز كل جسده، لا يجب ان تبكي هذه المراة الرائعة بل
يجب ان تدلل و تحب، اللعنة على رؤول فالكوني فهو متاكد انه سبب دموعها، لو
كان امامه لمزقه اربا اربا بيديه هاتين
اعاد افكاره الى الكسيا قائلا” الكسيا اعتبرني صديق لك و فضفضي لي عما في قلبك،
اخبريني لما هذه الدموع”
اعادت الكسيا نظرها الى الطبيب كرستيانو بروزي، هل تثق به؟ كيف؟! انها لا تعرفه حق
المعرفة، لكن اليس من الافضل ان لا تعرف شيئا عنه، يا لهذه الدنيا الغريبة التي
كل شئ فيها يسير راسا على عقب فالانسان الذي عرفته طوال سني عمرها اصبح غريبا
عنها، و الغريب الذي التقته الليلة يريد ان يعرف ادق اسرارها خصوصية، ماذا افعل يا
ربي ؟! قالت الكسيا لنفسها فان لم تتحدث ستنفجر قهرا، لكن لمن تتحدث لوالدتها لا
تظن ذلك فرؤول الابن الذي لم تنجبه و هو معصوم عن الخطا في نظرها، لايزابيلا
صديقتها منذ ايام الجامعة، لكن اين هي؟ انها تبعد عنها الالاف الاميال في كندا و
الهاتف لن يشفي غليلها
اعادها صوت كرستيانو الى الواقع يقول” انه رؤول فالكوني اليس كذلك”
حدقت الكسيا مذهولة بالطبيب كيف عرف؟؟! هل هو ظاهر عليها؟! هل مشاعرها واضحة للعيان؟! هل
كل الكتيبة تعلم بما تشعر به نحو رؤول فالكوني
” لا تجزعي الكسيا” طمانها كرستيانو عندما شاهد نظرة الهلع في عينيها
” انا طبيب وظيفتي ان ادرس الحالات و احلل اعراضها، و في حالتك اجريت عملية
حسابية بسيطة لاخرج بنتيجة منطقية واحدة و هو ان اي امراة تقذف بنفسها الى فم
الموت لانقاذ مروحية تحوي زملاءها لا تثير الاعجاب فقط بل و الحيرة ايضا” ثم اخذ
نفسا عميقا يضيف
” فمن منهم يهمك، و بحكم حالة التوتر التي تنتابك كلما رايت رؤول فالكوني خمنت
انه صاحب الحظ السعيد”
علت الدهشة ملامح الكسيا من تحليله للاحداث و هي لا تزال على صمتها الذي اخرجها
منها جملة كرستيانو التالية حيث قال” انت بحاجة ماسة لصديق، و انا متوفر استغلي الوضع
و ثقي باني سافعل ما بوسعي من اجلك”
” لماذا؟!” كانت الكلمة الوحيدة التي نطقت بها
” لانك امراة مميزة تستحق كل السعادة” اجابها كرستيانو
” و لماذا؟!” عادت تكرر نفس السؤال كصدى الصوت في الكهوف
حدق كرستيانو بها ثم تنهد بحرقة تقطع القلوب قائلا” لانك المراة الوحيدة التي خفق لها
قلبي رغم اني ادرك تماما ان قلبك ملك رؤول فالكوني”
” يا الهي” جاءت كلامته لتسبب لها صدمة كبيرة
قال كرستيانو بسرعة ملهوفا” لم اقل لك ذلك لتشعري بالذنب الكسيا فلا ذنب لكي بما
اشعر”
” يا الهي” عادت تكرر مرة ثانية
اقترب منها كريس اكثر يشد على كتفيها بيديه بحنان مضيفا” اعتبريني صديق يكن لك معزة
خاصة، و يريد لك كل السعادة حتى لو كانت مع فالكوني و الذي اذا اخذت
براي الخاص لا يستحقك”
“انت لا تعرفه كما اعرفه انا كرستيانو” قالت تدافع عن رؤول بحكم العادة ثم اضافت”
انه ليس الرجل الذي عرفته منذ زمن بعيد لقد تغير منذ عدة سنوات و لم
يعد كما كان “ثم اكملت و هي تتطلع نحو كرستيانو تضع يدها على يده التي
لا تزال على كتفها تربت عليها بحنان” شكرا لك على مشاعرك النبيلة كرستيانو و يا
ليتني استطيع ان ابادلك اياها، الا اني اعرف نفسي جيدا، فانا امراة رجل واحد و
هذا الرجل هو رؤول فالكوني، ان المراة التي ستبادلك مشاعرك ستكون محظوظة جدا ”
” كم اتمنى لو كنتي انت تلك المراة” قال رؤول متمنيا
” لا تدعني اشعر بالذنب اكثر مما انا احس به الان كرستيانو” قالت له الكسيا
بلهجه يملئها الرجاء
” لا الكسيا…. اريدك ان تنسي كل ما قلته الان، انا صديقك و فقط ”
قال كرستيانو بلهفة
” اتمنى ان انسى” قالت الكسيا
” الن تقولي لي لما هذه الدموع” ومد يده يمسح بقايا دموعها عن وجنتيها
” يا صديقي ان قصتي قد تاخذ الليل بطوله، فهي قصة عمر” قالت الكسيا تتنهد
بحرقة
اعاد صوت الكسيا كرستيانو من ذكرياته و هي تقول” لا داعي لتتعب نفسك كرس استطيع
القيادة بنفسي”
رفرف كرستيانو بروزي عينيه ليعود الى الواقع، و حدق في رؤول فالكوني الذي قال بغيظ
” ساوصلك انا”
صدر القرار و انتهي و لا داعي للنقاش، الا ان هذا الاسلوب لا يفيد مع
كرستيانو بروزي الذي رد قائلا ” لا ساوصلك انا الك، فلا يجب ان تتحركي و
الا سببت لك ادنى حركة مزيدا من الالم” ثم نظر الى رؤول قائلا بحزم” تحتاج
الى من ينقلها الى السيارة برقة لا بعنف”
اشارة الى الطريقة التي انزلها بها رؤول على سرير الفحص، اخذ رؤول يشد على قبضتي
يديه كما لو انه سيفقد السيطرة على اعصابه و ينقض على الطبيب ليبرحه ضربا، تطلع
الى الكسيا التي امسكت بيد كرستيانو ترجوه بعينيها قائلة” ارجوك كريس”
اخذ رؤول يحرك نظراته بين الاثنين، انهما لا يقولا شئيا فقط تفاهما بالنظرات، الهذه الدرجة
وصل عمق علاقتهما، احس بقلبه يسقط من بين اضلاعه، هل خسرها الى الطبيب؟! لا؟! لا؟!
ليس بعد ان اردك كم يعشقها؟! لن يسمح لاي انسان ان يفرق بينهما، حتى لو
تشعر بشئ نحو الطبيب فهو كفيل بان ينسيها اياه، ما عليه الا ان يوقد جمرة
حبها له التي خبت تحت الرماد بسببه، ما عليه الا ان ينفخ عليها بحنانه و
اهتمامه لتستعر النار بها مرة ثانية، اجل هذا ما عليه فعله، و المهمة القادمة ستساعده
فستبعد الطبيب ليخلى الطريق له
تطلع كريس الى نظرات الرجاء في عيني الكسيا و هز راسه، يكفي رؤول فالكوني هذه
الجرعة المرة من دوائه، انه لا يريد تعقيد الامور لالكسيا، فقط كان يريد ان يفهم
هذا الجلف الواقف امامه ان بين يديه امراة رائعة يتمناه كل الرجال
انتهت الكسيا من صورة الاشعة و الفحص الطبي الذي بين خلو اضلاعها من اي كسور،
و اكد التشخيص الاولي للطبيب بروزي على انها بضع رضوض ستشفى مع مرور الوقت، و
لا تحتاج الا للراحة و قلة الحركة، ثم صرف لها بعض المسكنات للتخفيف من حدة
الالم عند الحاجة
قال الطبيب” ساحضر المقعد المتحرك ليتم نقلك الى السيارة”
تقدم باتجاه المقعد ليحضره الا ان رؤول غافله ليتقدم من الكسيا واضعا ذراعيه حولها ليحملها
بكل رقة و نعومة متجاهلا حديث الطبيب و تحرك بها ببطء شديد الى خارج المستوصف
غير ابه لكل العيون المحدقه بهما طوال الطريق الى ماراب السيارات
كان ينزلها بكل رقه و عناية على المقعد بجانب السائق عندما وصل الطبيب بروزي و
هو يلهث قائلا” لقد نسيتي الادوية الك” و ناولها حقيبة ورقية تحتوي على بعض الادوية
ثم اضاف قائلا وهو يغلق باب السيارة
” اتصلي بي عندما تصلين الى المنزل الك، و ان احتجت لاي شئ ليلا او
نهارا اتصلي بي فورا”
” شكرا كريس انه لطف منك” و اشارت له بيدها من النافذة بعدما انطلق رؤول
بها مسرعا وهو يخرج من الماراب
قالت الكسيا غير منتبه لغضبه الجامح الذي ظهر على يديه اللتان اشتدتا على مقود السيارة
حتى ابيضتا
” خفف السرعة رؤول”
القى رؤول نظرة سريعة عليها قبل ان يعيد النظر الى الطريق امامه فلاحظ انها تتالم
من حركة السيارة السريعة، ابطا السرعة و حاول السيطرة على غضبه قائلا” يبدو انك على
علاقة جيدة مع الطبيب بروزي”
قالت الكسيا و هي تحدق امامها” ان كريس صديق عزيز”
قال رؤول” لقد كنت انا في يوم من الايام صديقك العزيز”
حدقت الكسيا به و هي تقول بحزن شديد لاحظه رؤول بسرعة” اجل، الا انك ابتعد
عني بمشيئتك رؤول”
سكت رؤول كما لو انه يفكر فحل الصمت على السيارة المتحركة على الطريق لبضع دقائق
ثم قال فجاة كما لو انه سيفتح قلبه لها
” نعم ابتعدت بمشيئتي، لكنني فعلت ذلك من اجلك الك”
“لاجلي!!!!!!” قالت الكسيا و هي تغلق عينيها بشدة تحاول ان تمنع دموعها من الانهمار، لماذا
اختار هذا الوقت بالذات ليصارحها، الم يكفيها ما مر عليها اليوم، انها تتالم بشدة الا
انها لا تظهر المها امامه حتى لا يشعر بالذنب اكثر، فتحت عينيها على وسعها اهذا
هو الامر، هل طغى شعوره بالذنب على اي احساس اخر لديه لن تسمح للذنب بان
يكون المحرك لمشاعره نحوها لم تصبر طوال هذه السنين لتحصل على شعوره بالذنب فقط فاما
قلبه و عقله و اما شكرا لا تريد اي شئ
استيقظت من افكارها على رؤول يقول” اجل لاجلك، اردت ان احميكي من طبيعة عملي الخطرة”
” و حتى بعد ان التحقت بنفس العمل”
” ان تذكرتي جيدا فقد حاولت كل ما بوسعي لامنعك من القيام بذلك”
” لم يكن يحق لك اتخاذ مثل هذا القرار وحدك”
” كان القرار الوحيد الذي طرا على بالي من شدة خوفي عليكي”
” لست بطفلة رؤول”
“لا لست بذلك، لقد ادركت هذا اليوم” قال رؤول و هو يتطلع نحوها بينما السيارة
تدخل من البوابة الرئيسية للبيت الكبير و تقف امام بابه و اكمل” لقد اصبحت امراة،
و ليس اي امراة، بل امراة رائعة الجمال يرغبها الرجال” قال ذلك بصوت ملئ بالمشاعر
و هو يخرج من السيارة ليفتح لها الباب و هي في حالة من الصدمة الشديدة
لا لكلماته فقط بل للطريقة التي قالها بها صدمة حولتها الى تمثال من الصخر
- رواية سيدتي الجميلة للكاتبة اسمر كحيل
- قصص جميلة وروايات
- روايات قلوب ملاذنا بال مون
- روايات اسمر كحيل
- جميلة قلبي بال مون
- تحميل رواية سيدتي الجميلة اسمر كحيل
- روايات ل اسمر كحيل
- رواية سيدتي الجميلة للكاتب اسمر كحيل كاملة
- ﻋﺎﺵ ﺭﺅﻭﻝ ﻓﺎﻟﻜﻮﻧﻲ ﺣﺒﻴﺐ ﺍﻟﻜﺴﻴﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺌﻪ ﻓﻠﻢ ﺗﺠﺪ ﻣﻨﺎﺻﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻌﻰ ﺧﻠﻔﺔ ﻫﻨﺎﻙ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺣﺎﻭﻝ ﺭﺅﻭﻝ ﻣﻨﻌﻬﺎ ﺑﺸﺘﻲ ﺍﻟﻄﺮﻕ،
- رواية على مفارش السمر