افضل مواضيع جميلة بالصور

ظلمت فتاة ولم اتزوجها ما الحل

 

السؤال
وبركاته.
يشهد الله اني احبكم في الله، واثق بكم، واتمنى ان يمن الله علي يوما ويجعلني
فيه خادما للاسلام والمسلمين.
يعرف عني وسط الناس حسن الخلق، ولكني اشعر اني بيني وبين الناس من الصالحين، وبيني
وبين نفسي (ابليس)!
تعرفت على زميلة لي، وحصلت على رقم هاتفها بطرق ملتوية وحادثتها، وشرحت لها حبي، ونسجت
لها الاباطيل والاكاذيب حول تعلقي بها ما لا يطيق الحجر الا ان ينهار امامه.
كنت ارسل لها رسائل على الفيس بوك، وكانت لا ترد، فجعلت فتاة تحدثها عن حبي
لها، واني اريد الزواج منها عقب الانتهاء من الدراسة، والحق اني كنت كاذبا كذبا مركبا،
بالرغم من عدم التكافؤ الاجتماعي والمادي بيننا، كما ان اخلاقها لا اتمنى ان تكون في
زوجتي؛ فهي غير ملتزمة بالحجاب الاسلامي الشرعي، وبعيدة جدا عنه، فجعلتها لعبة بين يدي، واشعرتها
بجو من الحب، ووعدتها بالزواج!
ظنت في كل خير، ووثقت في؛ لما من الله علي به من مظاهر جيدة، والخلق
الرفيع امام الناس، والتفوق الدراسي… الخ، ثم وجهت اليها رسالة قاسية، فردت علي بانها لا
تريدني زوجا لها؛ لاختلاف اسلوب تفكير كل منا؛ ظنا منها اني اسعى لخطبتها، وهي لا
تعرف الحقيقة!
وجهت لها رسالة بعد ذلك مفادها انها لا تصلح لي كزوجة، او اما لاولادي، ولا
ارضى خلقها، وجرحت كرامتها، وكبرياءها، وانسانيتها، ومسحت بها وبكرامتها وباهلها التراب، ولم اترك لها خطا
اقترفته الا وجعلت ابين لها ان مثل تلك الاخلاق، ومثل هذا السماح لي بالكلام معها،
يجعلها لا تصلح ان تكون زوجة لي، او اما لاولادي.
حملت رسالتي كل معاني الاهانة والتحقير والازدراء، واوقن انها لو دعت علي لاستجاب الله دعاءها،
فانا من ظلمها، فانا في قلق شديد، واريد ان اتوب، فكيف الطريق الى التوبة؛ فانا
لا انام، واشعر بظلمي لها، واظن ان الله سيعاقبني عقابا شديدا، فكيف السبيل؟

الجواب
اخي الكريم، ان كنت حقا – كما تقول – راغبا في العودة الى الله، فتامل
معي كلام شيخ الاسلام ابن تيمية قبل ان اشرع في جوابك؛ فقد قال: “ان المؤمن
للمؤمن كاليدين تغسل احداهما الاخرى، وقد لا ينقلع الوسخ الا بنوع من الخشونة، لكن ذلك
يوجب من النظافة والنعومة ما نحمد معه ذلك التخشين، وتعلمون انا جميعا متعاونون على البر
والتقوى، واجب علينا نصر بعضنا بعضا”.
فاقول لك: يلزمك – اولا – ان تحاسب نفسك، وتبحث فيها عن السبب الذي دفعك
لما فعلت؛ فالمسالة لم تقف عند حد انك استشرفت الفتن، وتطلعت اليها، فوقعت فيها وحسب،
وانما تعديتها الى سادية عجيبة، رجوت من خلالها ليس الايقاع بتلك الفتاة، وانما تعذيبها واهانتها،
والتحقير منها، والازدراء لها، وجرح كرامتها، بل ومسحت بها وبكرامتها وباهلها التراب – على حد
تعبيرك – ولا اظنك فعلت ما فعلت من اجل انها متبرجة مثلا، او متحررة، او
غير ذلك مما حرمه الله؛ فالامر – في ظني – اعمق من ذلك وابعد، وستعرف
السبب من نفسك ان طلبته، ومهما اعتذرت بشتى المعاذير عما وقع منك، وراوغت الناس، فلن
تفعل ذلك مع نفسك التي بين جنبيك، وعليك هدايتها الى الخير، وان تقودها وتزكيها، والويل
لك ان انتهيت بها الى الشر؛ فان من الاعمال والاقوال والتصورات ما يخلف وراءه اثارا
تضاف لصاحبها في ختام الحساب!
والمقصود: ان تبحث عن اسباب سعيك في الانتقام من فتاة – وان كانت متبرجة –
وتكذب عليها كل هذا الكذب، وتمكر بها هذا المكر، فقد يكون الدافع هو الحقد عليها،
او هناك مشكلة اجتماعية، او ثقافية، او معاناة من مرض نفسي! والفائدة من معرفة ذلك
هو علاج نفسك، وتجنب وقوع ذلك في المستقبل؛ فكثير من مجتمعاتنا – ومع الاسف الشديد
– تربت على بعض الصفات الجاهلية؛ كالحسد، والحقد الطبقي، وعلى بغض اوساط اجتماعية معينة؛ لا
لانها تكرهها في الله بسبب ما هي عليه من معصية، وانما تكرهها، او تحقد عليها؛
بسبب الفوارق المادية والاجتماعية، وهذه امراض خطيرة فتاكة، وقد ورد في الشرع الحنيف الدواء الناجع
لها.
فعن ابي هريرة، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: ((ليس الغنى عن
كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس))؛ متفق عليه.
والمعنى: ان الغنى المحمود غنى النفس وشبعها، وقلة حرصها، لا كثرة المال مع الحرص على
الزيادة؛ لان من كان طالبا للزيادة، لم يستغن بما معه؛ فليس له غنى.
وكان من دعائه – صلى الله عليه وسلم-: ((اللهم اني اسالك الهدى والتقى، والعفاف والغنى)).

وروى مسلم عن ابي هريرة: ان فقراء المهاجرين اتوا رسول الله – صلى الله عليه
وسلم- فقالوا: ذهب اهل الدثور بالدرجات العلى، والنعيم المقيم، فقال: ((وما ذاك؟))، قالوا: يصلون كما
نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله – صلى
الله عليه وسلم-: ((افلا اعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم؟ ولا
يكون احد افضل منكم الا من صنع مثل ما صنعتم؟))، قالوا: بلى، يا رسول الله،
قال: ((تسبحون، وتكبرون، وتحمدون، دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة))، قال ابو صالح: فرجع فقراء
المهاجرين الى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فقالوا: سمع اخواننا اهل الاموال بما
فعلنا، ففعلوا مثله، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: ((ذلك فضل الله يؤتيه
من يشاء)).
اما مسالة التوبة؛ فباب التوبة مفتوح، والله – تعالى – يقبل التوبة عن عباده، ويعفو
عن السيئات، والله – تعالى – غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، والذنب – وان
عظم – والكفر – وان غلظ وجسم – فان التوبة تمحو ذلك كله، والله –
سبحانه – لا يتعاظمه ذنب ان يغفره لمن تاب، بل يغفر الشرك وغيره للتائبين؛ كما
قال – تعالى -: ﴿ قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من
رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم ﴾[الزمر: 53]، وهذه الاية
عامة مطلقة؛ لانها للتائبين.
واما قوله:﴿ ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء
﴾ [النساء: 48]، فانها مقيدة خاصة؛ لانها في حق غير التائبين، لا يغفر لهم الشرك،
اما ما دون الشرك فهو – في حقهم – معلق بمشيئة الله – تعالى، والله
– تعالى – يقول: ﴿ وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم
ما تفعلون ﴾ [الشورى: 25]، ويقول – تعالى -:﴿ الم يعلموا ان الله هو يقبل
التوبة عن عباده وياخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم ﴾ [التوبة: 104].
وفي صحيح مسلم عنه – صلى الله عليه وسلم- انه قال: ((لو لم تذنبوا لذهب
الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله؛ فيغفر لهم)).
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في “مجموع الفتاوى” (11/ 256): “فالانسان ظالم جاهل، وغاية المؤمنين
والمؤمنات التوبة، وقد اخبر الله – تعالى – في كتابه بتوبة عباده الصالحين، ومغفرته لهم،
وثبت في الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – انه قال: ((لن يدخل
الجنة احد بعمله))، قالوا: ولا انت يا رسول الله؟ قال: ((ولا انا، الا ان يتغمدني
الله برحمة منه وفضل))، وهذا لا ينافي قوله: ﴿ كلوا واشربوا هنيئا بما اسلفتم في
الايام الخالية ﴾ [الحاقة: 24]؛ فان الرسول – صلى الله عليه وسلم – نفى باء
المقابلة والمعادلة، والقران اثبت باء السبب.
وقول من قال: “اذا احب الله عبدا، لم تضره الذنوب”؛ معناه: انه اذا احب عبدا
الهمه التوبة والاستغفار، فلم يصر على الذنوب، ومن ظن ان الذنوب لا تضر من اصر
عليها؛ فهو ضال، مخالف للكتاب والسنة، واجماع السلف والائمة، بل من يعمل مثقال ذرة خيرا
يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره، وانما عباده الممدوحون هم المذكورون في قوله –
تعالى -: ﴿ وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين *
الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين * والذين
اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله
ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ﴾ [ال عمران: 133 – 135] .
وقال في “مجموع الفتاوى” (15/ 53 – 55): “فتوبة المؤمنين واستغفارهم هو من اعظم حسناتهم،
واكبر طاعاتهم، واجل عباداتهم، التي ينالون بها اجل الثواب، ويندفع بها عنهم ما يدفعه من
العقاب.
فاذا قال القائل: اي حاجة بالانبياء الى العبادات والطاعات؟ كان جاهلا؛ لانهم انما نالوا ما
نالوه بعبادتهم وطاعتهم، فكيف يقال: انهم لا يحتاجون اليها، فهي افضل عبادتهم وطاعتهم.
واذا قال القائل: فالتوبة لا تكون الا عن ذنب، والاستغفار كذلك، قيل له: الذنب الذي
يضر صاحبه هو ما لم يحصل منه توبة، فاما ما حصل منه توبة، فقد يكون
صاحبه بعد التوبة افضل منه قبل الخطيئة؛ كما قال بعض السلف: “كان داود بعد التوبة
احسن منه حالا قبل الخطيئة”، ولو كانت التوبة من الكفر والكبائر؛ فان السابقين الاولين من
المهاجرين والانصار هم خيار الخليقة بعد الانبياء، وانما صاروا كذلك بتوبتهم مما كانوا عليه من
الكفر والذنوب، ولم يكن ما تقدم قبل التوبة نقصا ولا عيبا؛ بل لما تابوا من
ذلك، وعملوا الصالحات، كانوا اعظم ايمانا، واقوى عبادة وطاعة ممن جاء بعدهم؛ فلم يعرف الجاهلية
كما عرفوها، ولهذا؛ قال عمر بن الخطاب: “انما تنقض عرى الاسلام عروة عروة اذا نشا
في الاسلام من لم يعرف الجاهلية”.
فالعبد المؤمن اذا تاب، وبدل الله سيئاته حسنات؛ انقلب ما كان يضره من السيئات –
بسبب توبته – حسنات ينفعه الله بها، فلم تبق الذنوب بعد التوبة مضرة له، بل
كانت توبته منها من انفع الامور له، والاعتبار بكمال النهاية، لا بنقص البداية، فمن نسي
القران، ثم حفظه، خير من حفظه الاول، لم يضره النسيان، ومن مرض، ثم صح وقوي،
لم يضره المرض العارض، والله – تعالى – يبتلي عبده المؤمن بما يتوب منه؛ ليحصل
له بذلك من تكميل العبودية، والتضرع، والخشوع لله، والانابة اليه، وكمال الحذر في المستقبل، والاجتهاد
في العبادة – ما لم يحصل بدون التوبة؛ كمن ذاق الجوع، والعطش، والمرض، والفقر، والخوف،
ثم ذاق الشبع، والري، والعافية، والغنى، والامن، فانه يحصل له من المحبة لذلك وحلاوته، ولذته،
والرغبة فيه، وشكر نعمة الله عليه، والحذر ان يقع فيما حصل اولا – ما لم
يحصل بدون ذلك.
وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وينبغي ان يعرف ان التوبة لا
بد منها لكل مؤمن، ولا يكمل احد، ويحصل له كمال القرب من الله، ويزول عنه
كل ما يكره الا بها”.

والله اسال ان يلهمك رشدك ويعيذك من شر نفسك
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/fatawa_counsels/0/47468/#ixzz3e0z4Prif

  • ظلمت فتاة واريد ان اتوب
  • ظلمت فتاة وأريد أن أتوب
السابق
ما هو السوسيس
التالي
سكرابز خروف العيد