افضل مواضيع جميلة بالصور

قريبا يا ملاكي روايات عبير

لا ياتي الحب على اجنحة من حرير.. بل يجئ كدفق صاخب يجتاح القلب و ياسره
و في
شباك الاسر قلما يفكر المحبوب في الخلاص من قيود اقوى من الفولاذ
و عندما قامت ( لين) برحلتها الى ايرلندا..لتنفض ارهاقات العمل الطويل بين
الربوع و البحيرات و الجبال لم تكن لتصدق ان رحلتها ستتحول الى كابوس
مرعب…و سجن حقيقي مؤلم.
فقد تصادف ان تعطلت سيارتها بقرب من مخيم للغجر..و افلتت بمعجزة من الغجري
المتشرد القذر..لكنه طاردها في الغابة و سجنها داخل عربه قذرة ..و اجبرها على
الزواج على طريقة الغجر.. و باتت الفتاه الرقيقة الجميلة اسيرة السجن و
المعاناة و الالم لكن الحب تسلل الى قلبها المحزون…و لم تفلح في
مقاومته..!!

غابة الغجر

كانت السيارة تسير على مهل الطريق الساحلي تجلس خلف مقودها فتاة جميلة تتامل
روعة المشهد الطبيعي هضاب خضراء تمتزج اطرافها برمال الخليج الصغير الذهبية و
تحجب قسما منها اشجار عالية مورقة.

كانت لين سلدن تنوي قضاء العطلة في ايرلندا الجنوبية برفقة صديقة لها لكن
صديقتها اعتذرت عن المجئ فقررت لين المضي في رحلتها وحدها. انتقلت من انجلترا
الى ايرلندا بحرا وبذلك تمكنت من شحن سيارتها على الباخرة نفسها.

امضت الفتاه الى الان عشرة ايام رائعة تتنقل في ارجاء ايرلندا الخضراء
الساحرة . جمال الطبيعة انساها وحدتها فلم تكن تتذكر ذلك الا عند رجوعها في
المساء الى الفندق لتخلد الى النوم. وبعد ان امضت لين يومها في مدينة دونيغال
استعدت للعودة على الفندق الواقع في اطراف المدينة لتتوجه في الصباح الباكر
جنوبا نحو دانليرى حيث ستستقل الباخرة بعد ايام عائدة على انجلترا.

اوقفت السيارة الى جانب الطريف و اخرجت من حقيبتها خريطة المنطقة عيناها
تحدقان في الخريطة في حين ان فكرها شارد في امور اخرى و خاصة في عرض
الزواج
الذي تلقته قبل اسبوعين من زميلها في العمل توماس انه شاب لطيف و مهذب لكنه

لا يتمتع باية جاذبيه لا بل هو كما وصفته احدى زميلاتها بليد و مثير للضجر

وعدته لين بالتفكير جديا في الامر لانها بدات تشعر بالملل من العيش وحيدة فلا
باس بفكرة الاستقرار مع رجل طيب رقيق لبناء عائلة صالحة.

الى جانب ذلك هناك سبب اخر يجعل لين تاخذ في الاعتبار عرض الزواج و هو
شعورها
بالاسف نحو توماس الذي فجع خيانة زوجته له و انفصالهما بالطلاق وجدت الفتاه
معاناة قواسم مشتركه مع ما تعرضت له حياتها العائلية تمتعت ليت بطفولة سعيدة
بين والدين محبين و في منزل وافر الامان لكن والديها انفصلا عن بعضهما و هي

لم تتجاوز بعد السبعة عشر ربيعا بعد ما وجدا ان طريق كل منهما يختلف عن
طريق
الاخر و خلال ثلاث اعوام تزوجت امها من رجل امريكي و هاجرت معه الى امريكا

كما ان والدها تزوج من سيدة اقنعته بالهجرة الى استراليا و هكذا اصبحت
لين وحيدة و هي في العشرين و تعيش دون عائلة لذلك قررت ان تجد الرجل
الذي
ينتشلها من عذابها و يقاسمها حياة هنيئة.

ايكون هذا الرجل توماس؟؟ سؤال لم تجد له بعد جوابا شافيا تنهدت و هي تقود

السيارة و في طريق فرعي ضيق محاط بالاشجار العالية بعد ان توغلت بضعة كيلو
مترات وصلت الى غابة كثيفة تقع في وسطها بحيرة جميلة يقوم قربها مخيم للغجر
وجود جماعات الغجر في ايرلندا امر مالوف اكثر من وجودهم في انجلترا غريب ام
هؤلاء القوم يتنقلون من مكان الى اخر لا يحبون الاستقرار كبقية البشر يبحثون
عما لا يجدون فيستمرون في التجوال.

فجاة اذ تجاوزت السيارة اولى عربات الغجر اصدر المحرك صوتا قويا ثم توقف
ترجلت لين من السيارة و التف حولها عدد من الاطفال الفضوليين ثم تقدمت منها
غجريتان فيما هي منهمكة بالنظر على المحرك تحاول عبثا معرفة سبب العطل و برز
من بين الجميع شاب اسمر اللون عارضا المساعدة رفعت لين عينيها لترى شاب طويل
مفتول العضلات اسود العينين اجعد الشعر نظراته ثاقبه ارعبتها فبلعت ريقها من
الخوف.
قالت له اخيرا:-
– تعطل محرك سيارتي.
– هل نفذ منها الوقود؟؟
اومات لين بالنفي و اجابت:
– الوقود فيها اكثر من كاف00
وجدت الفتاة نفسها تحدق لاحظت تعاليا و غطرسة في هذه الملامح يجعلانه مختلفا
عن بقية قومه فالغجر عادة اناس بسطاء متواضعون علمهم الفقر ان الخضوع هو
الوسيلة الوحيدة لكسب ارزاقهم.
– بما ان الوقود متوافر لا اعلم سبب الداء. نحن نستعمل الجياد لا السيارات
لذلك خبرتي في محركات ضعيفة جدا كل ما يمكنني فعله هو ارسال احد على المدينة

لاحضار ميكانيكيا.
هذا لطف كبير منك , لكنني ساتدبر الامر وحدي فلا داع للازعاج0
هز الرجل كتفيه علامة عدم الاكتراث , لكن لين كانت تدرك انه كاذب من خلال

نظراته الشغوفه و الفاحصة. و لانها لمحت شابا يتوجه على حصانه نحو المدينة
ليحضر ميكانيكيا0

شعرت بالحرج و هي واقفة بين هؤلاء الغجر0 فبدات تتمشى حتى ابتعدت عن المخيم
في طريق موحش تحيط بجانبيه خضرة عذراء تبدو من خلالها مياه البحيرة مراه
تنعكس على صفحتها بفرح اشعة الشمس الذهبية.

و بينما هي تتامل شاعرية المكان و سحر وجوه الغامض سمعت وقع خطى تتقدم منها

على مهل فارتعدت علمت انه الغجري الاسمر تراءت لها اشياء كثيرة مرعبة اذ راته
يقترب منها بكل ثقة و خانتها شجاعتها حتى كادت تصاب بالاغماء.
تحدث الشاب بنبره امره:
– انت انجليزية اليس كذلك؟؟ ظننت في البدء انك اميركية.
توقف عن الكلام و اقترب من الفتاه عضلاته القوية يبرزها قميصه الاسود الضيق و
(( غجريته)) يدل عليها الشال الاحمر القذر الملفوف حول عنقه لو اراد فنان رسم
متشرد لوجد فيه النموذج الامثل ارتجفت لين لتراودها فكرة الفرار و لكن الغجري
لم يدع لها الفرصة لتجد منفذا تقدم منها بغته و اطبق على ذراعها دافعا اياها

الى مكان كثيف الاشجار خلال ثوان صارت بين ذراعيه القويتين.
صرخت باعلا صوتها:
– ايها الوحش!!
لم يابه الرجل لكلماتها بل طوقها ضاحكا و كان مقاومتها تزيد لعبته اثارة و
بينما هم يهم بطرحها ارضا داس احدهم على غصن يابس فسمع صوت انكساره عاليا
التفت الرجل و هو يزمجر غضبا لتظهر فتاه غجرية جميلة يتطاير الشرر من
عينيها:-
– الم تشبع من افعالك القبيحة بعد؟؟ دع الفتاه و شانها ايها الوقح!!
ذهلت لين لاطاعة الرجل الشرير اوامر الغجرية من دون نقاش و ما كاد يحرر يدها

المليئة بالخدوش حتى اطلقت ساقيها للريح.

جلست لين تفكر في كيفية افلاتها من قبضة الغجري الاسمر و لحسن حظها وجدت
اتوبيسا اقلها على الفندق في المدينة و من هناك اتصلت هاتفيا بجراج للسيارات
فتكفل الميكانيكي باصلاح السيارة و جلبها في اليوم التالي بعد ان تبين ان
العطل كان بسيطا للغاية.

سارعت لين بعد ذلك على مغادرة المنطقة و ساهم انتقالها بين الطرقات الجميلة
على نسيان الحادثة الاليمة فاستعادت روحها المرحة و رغبتها في اكتشاف المزيد
من ايرلندا.

وصلت على منطقة تدعى لاف كوريب حيث وجدت المشاهد رائعة تحبس الانفاس الجبال
المراعي الواسعة البحيرات الغابات ..كلها مناظر خلابة تسحر الالباب تمتع
العين و النفس و ترحب بانسان المدينة التعب لينفث في رحابها الهموم وصلت على
واد اخضر تبحث عن مكان تمضي فيه ليلتها ووفقت في العثور على المكان الملائم
مزرعة صغيرة يستقبل اصحابها النزلاء في جناح خاص مقابل مبلغ القليل من المال.

اوصلتها المراه صاحبه المزرعة الى غرفتها البسيطة النظيفة و اطللت لين من
النافذة لتشاهد المنظر الجميل و الجبال تكسوها الغابات الكثيفة ثم لاحظت
مدخنة بعيدة في وسط جبل اخضر.
سالت لين المراة و هي تشير الى المدخنة:-
– هذا بيت في الجبل؟؟ اظن اني رايت مدخنة.
– نعم هذا قصر السيد دوغى.
لاحظت الفتاة تغير في نبرة المراه التي تابعت تقول:
– السيد دوغى هو مالك كل هذه الاراضي و قد ورثها عن والده الذي كان
الحاكم
الاقطاعى للمنطقة بناء فخم تحيط به حدائق رائقة.
– هل يسمح للجمهور بزيارة الحدائق؟؟
– نعم الابواب تفتح للزوار يومي الثلاثاء وو السبت.
– اود لو سمحت يا سيدتي ان احجز هذه الغرفة ليومين.
– امرك انسة سلدن بامكانك حجزها المدة التي تريدين هنالك اشياء كثيرة يمكنك
القيام بها في هذه المنطقة باستطاعتك مثلا اذا كنت تجيدين ركوب الخيل استئجار
جواد من مدرسة الفروسية و التوجه الى الغابات.
اعجبت لين بهذه الفكرة فهي لا تزال تجيد الفروسية التي تعلمتها ايام الطفولة.
انطلقت لين ظهر السبت صوب الحدائق قصر دوغي و بعد ان سلكت بسيارتها طريقا
منحدرا وصلت الى سفح التلة التي يقوم عليها القصر و بدات بالصعود نحوه الى ان

بلغت سورا كبيرا في وسطه بوابه مفتوحة يقف بجانبها حارس يرتدي ثيابا انيقة.

دخلت الى موقف مخصص لسيارات الزوار بعد ان دفعت مبلغا صغيرا يذهب الى الاعمال
الخيرية.

اخيرا وجدت لين نفسها تتجول في هذه الجنة اينما نظرت وجدت جمالا و بهاء ممرات

تظللها اشجار سخية برك ماء صغيرة تغطيها الزنابق جداول تتدحرج بين الصخور
تعلوها جسور خشبية صغيرة مكسوة بالنبات المتسلق تماثيل بديعة وسط نوافير
المياه و تشكيلات من اجمل الزهور و ازهاها توقفت لين مرارا لتقرا اسماء
الاشجار و الازهار النادرة فتحت كل مجموعة وضعت لوحة صغيرة فيها شروحات موجزة
عن النوع كما قرات على احدى اللوحات ان شرفات الجهة الجنوبية من القصر صممتها
السيدة موريل زوجة الكونت دوغى حاكم المنطقة في القرن التاسع عشر.

وصلت لين خلال تجوالها غالى حديقة مليئة باشجار الزيزفون و شجيرات اخرى
اجنبية مستوردة من القارة الاميركيه 0حديقة اقل ما يقال فيها انها فاتنه جعلت
الفتاه تنسى كل شي و تعتبر ان العالم تقلص كثيرا ليصبح هذا المكان الخلاب
الذي لا موطئ قدم فيه الحزن او لهم لم تتمكن من كتم شعور بالحسد تجاه
مالكى
القصر و تمنت لو تكون مكانهم.

حان وقت العودة الى الفندق و تساءلت لين: كيف يتمكن سكان القصر من حبس انفسهم

في الداخل عندما تفتح الابواب للزوار.

فيما هي متوجهه الى البوابة الرئيسية لاحظت لين مجموعة من الزوار ملتفين حول
نافذة من نوافذ القصر تقدمت منهم يدفعها فضول الاكتشاف فسمعت الحوار الدائر
بينهم.
قالت السدة المتوسطة العمر:
– هذه اللوحة تمثل والدته.
علقت السيدة الاخرى:
– لقد كانت رائعة الجمال.
– من المؤسف انها اقدمت على هذا العمل!
– يقال ان علما اسود رفع على شرفات القصر بعد الحادث.
– و ما معنى ذلك؟؟
– معناه انها اعتبرت ميته بالنسبة لعائلتها بعد العار الذي سببته لهم.
– قيل انها ماتت بعد ذلك بوقت قصير اليس كذلك؟؟
– ماتت و هي تضع طفلها.
– و هل تعهد اهلها الطفل؟؟
– البعض يؤكد ذلك
– لكنه اصبح مالك القصر و سيد الاراضي الان رغم كل ما حدث
– السيد دوغى عثر على هذه اللوحة و امر بوضعها هنا ليعيد الاعتبار الى والدته

المنبوذة
– يا لها من قصة محزنة! كم يبلغ دوغى من العمر؟
– اعتقد انه اصبح في الثلاثين.
– هل هو متزوج؟
– لا هناك اشاعات كثيرة عن علاقة تربطه بممثلة سينمائية كبيرة لكنها اخبار
ملفقة لا تمت الى الحقيقة بصلة يقال عنه انه يؤمن بالحب من اول نظره و
عندما
يجد ضالته المنشودة سيتزوج فورا
– اتمنى لو استطيع رؤيته لانه كما سمعت شاب باهر الجمال
– ما يميز غيره من الرجال هو قصته الحزينة
– ما هي القصة الحقيقية التي وقعت لامه.. انا لا اعرفها كاملة
– يقال انها هربت مع….

لم تسمع لين من القصة اكثر من ذالك لان المجموعة ابتعدت عنها باتجاه قسم اخر

من الحديقة نظرت من النافذة داخل القصر حيث علقت اللوحة المعنية فرات رسم
امراه رائعة الجمال ترتدي فستانا من الحرير الازرق و على بساطته لا يخفي
وجهها نظرات ارستقراطية واضحة في العينين الزرقاوين شفتاها الورديتان ترسمان
ابتسامة السعادة و البراءة من المحزن انها ماتت عند الولادة

خرجت لين من الحدائق و هي تفكر بهذه القصة التي لم تتمكن من معرفة كل
فصولها
شعرت بفضول كبير لمعرفة الحقيقة و للتعرف الى صاحب القصر الذي انقذ لوحة
والدته لينقذ شرفها الضائع.

في الصباح التالي استعدت لين للرحيل بعد ان سددت الفاتورة ووعدت بالعودة الى
المزرعة في رحلتها المقبلة الى ايرلندا توجهت الى مدرسة الفروسية حيث تركت
السيارة في موقف خاص و ترجلت لتستاجر حصانا قررت ان تقوم بنزهه صغيرة على
الحصان في ذهابها الى منطقة جديدة ووقع اختيارها على فرس قوي
– هل هذا الحصان هادئ؟؟
اجابت الفتاه المسؤولة عن الاسطبل:
– فونيلا افضل حصان عندنا و انا واثقة من انك ستفتقدينه كثيرا عندنا تنتهين
من جولتك.

حدقت الفتاة في لين جيدا و تاملت الوجه الرقيق و الشعر الاسود الطويل المعقود
بشريط ابيض كما اعجبت بالقامة الرشيقة و خصوصا بالساقين الطويلتين و الخصر
الضامر لاشك في ان لين فتاه جميلة تجذب الرجال و تدير رؤوسهم…

بعد قليل كانت الفتاه الانجليزية تمتطي جوادها في الغابة التي ارشدتها اليها
فتاه الاسطبل حيث يمكنها التجول بحرية و حيث لا خطر بان تتوه لان اللافتات
منتشره في الغابة خصيصا لارشاد المتنزهين.

كانت اشعة الشمس الساطعة تنفذ من بين اوراق الكثيفة بحياء مضفية على الجو
الداكن اشراقه من السحر وومضة من الغموض
– يا الهي! كانني بالجنة!
ضحكت لين مسرورة لانها تتمكن من الكلام و التفكير بحرية مطلقة في هذا المكان
كان العالم اصبح ملكها لا ينازعها فيه احد.
– حسنا يا حصاني الجميل لنرتح قليلا هنا.
ربطت الحصان الى شجرة ووقفت تتامله يلتهم العشب الطري بنهم.

اجفلت لين عندما سمعت صوتا غريبا و اخذت تحدق حولها لترى مصدر الجلبة و شعرت

بان احدا يراقبها في هذه الغابة الموحشة تلفتت فلم تسمع الا خفقة ورقة صفراء
يحملها النسيم.

فجاة سمعت صهيل حصان فاقتربت من فرسها و حلت الحبل بيدين مرتجفتين و قبل ان

تستطيع الانطلاق بالفرس و الابتعاد اقترب منها حصان يمتطيه……الغجري
الاسمر

تجمد الدم في عروقها لما رات الغجري امامها….كيف استطاع الوصول الى هنا من
مخيمه البعيد بهذه السرعة لا يعقل ان يكون جاء على حصانه لان المسافة بعيدة
الى حد يجعل مستحيلا لابد انه استعمل وسيلة اخرى ثم من اين اتى بهذا الحصان

الاصيل الذي لا يمكن ان يملكه غجري فقير؟؟

رفعت عينيها الى وجهه لاحظت اشياء لم تلحظها فيه عندما حاول الاعتداء عليها
بعد تعطل سيارتها قرب المخيم رات الى جانب وسامته مسحة ارستقراطية نبيلة و
شيئا من اللباقة و الاستعلاء يده الممسكة باللجام بدت انعم تدل على انه لم
يقم بعمل يدوي في حياته حتى ثيابه تبدلت لم يتخل عن قميصه الاسود لكن الشال

الاحمر المتسخ اختفى لحل مكانه شال اخر نظيف السروال الممزق تغير ليصبح
سروالا انيقا…لا شك انه سرق الحصان و الثياب و لكن كيف تبدلت يداه من يدي

متشرد الى يدي ارستقراطي نبيل وقف الغجري يحدق فيها باستغراب كانه فوجئ
بوجودها.

حطم جدار الصمت و اخيرا يقوله:
– صباح الخير.
اخذت لين تحسب فرص الهرب و جسمها الرقيق يرتعش خوفا و غضبا نظرت الى الممر

القريب الذي يوصلها الى مدرسة الفروسية و بخفة لم تعهدها في نفسها من قبل
قفزت الى الحصان و السوط في يدها انطلقت بسرعة وكي تعاقب الغجري على فعلته و

لتؤخر اللحاق بها ضربته بالسوط على وجهه و ضع الرجل يده على خده الدامي و
قد
ارتسم على وجهه ذهول كبير.
– تستحق اكثر من ذلك ايها الغجري المتشرد! كيف تجرؤ على التحدث الي؟؟ عد الى

قومك ولا تتحرش بالناس المتمدنين!

قالت لين كلماتها هذه وهي منطلقة على حصانها تحثه بضربات خفيفة من قدميها على
الاسرع في العدو اخذت تخترق الغابة بسرعة عمياء و خوفها يتعاظم مع اقتراب
حوافر جياده منها اذا تمكن من اللحاق بها سيقتلها و يرميها في الغابة! ازداد
هلعها لهذه الفكرة و لم تعد تدري ما تفعل لتخرج من الورطة المميته فهذا
الحصان يقترب منها اكثر فاكثر و صاح فيها الرجل:
– توقفي!
استمرت لين في العدو باسرع ما يمكنها لكنها ضلت الطريق بسبب ذعرها الشديد و
لم تجد ممر الخروج من الغابة فصارت تصرخ باعلى صوتها:
– النجدة!! النجدة!!
دب التعب في حصانها فخفت سرعته في حين ان حصان الغجري الجبار ما انفك يدنو

منها.
– توقفي و الا اوقعتك عن الفرس.
تجاهلت الفتاه اوامره باحثه دون جدوى عن وسيلة للافلات.
– دعني و شاني! ارحل عني سابلغ رجال الشرطة.
توسلات و تهديدات لن تجدي نفعا مع هذا الرجل الشرير و اخيرا صار الغجري
بمحاذاتها فبذلت المستحيل للصمود فوق فرسها المتعبه0 مال الرجل و خطف من يدها
اللجام اجبر الفرس على التوقف ثم نزل عن حصانه و انزل لين عن حصانها شعرت

انها سجينة نظراته الغاضبة ووقفت عاجزة عن الحراك.

رفع الغجري يده الى خده الدامي يتحسس الجرح العميق الذي سببته ضربه السوط
– هل هو حصانك.
– لا استاجرته من مدرسة الفروسية.
هز الرجل راسه و كانه يعرف المدرسة ثم اخذ يحدق في الفتاة لثوان مرث ثقيلة

كانها الدهر قبل ان يقول:
– لا خوف على الحصان انه يعرف طريق العودة الى الاسطبل
و ضرب فونيلا ضربتين خفيفتين فبدا بالعدو حتى اختفى عن نظر لين بعد قليل.
– من اين انت؟؟
– انا انجليزية و جئت الى ايرلندا لامضي اجازتي السنوية…انزل في مزرعة
قديمة من هنا.
هز الرجل راسه كانه يعرف المزرعة كذلك.
– قلت انك في اجازة فهل يعني هذا انك بمفردك؟
– تمام انا اجوب البلاد بسيارتي التي تركتها في موقف قريب من الاسطبل.
واصل الرجل طرح الاسئلة وواصلت لين دون ان تدري مدى خطاها في اعطاء معلومات
يجب ان لا تطلعه عليها و لم تعي ذلك الا عندما سمعته يقول:
– انت وحدك هنا…
و عندما سالها لما ضربته بالسوط اجابت لي وفي صوتها نبرة الازدراء:
– لانك و جنسك حثالة المجتمع و رعاع القوم!
سرعان ما ندمت لتهورها و طيشها اذ رات في عيني الرجل عاصفة من الغضب و
نية
على ارتكاب عمل شرير اقترب منها و زمجر:
– حثالة المجتمع و رعاع القوم؟ ستدفعين ثمن كلماتك غاليا.
و بسرعة حملها في قوة و رمى بها على ظهر الحصان ثم قفز خلفها و
انطلق مسرعا
نحو عمق الغابة

تساءلت لين عما ينوي الغجري فعله بها و لكنها لم تفلح في تصور مصيرها يعزز

ذلك الغضب اقرب الى الجنون يسيطر على خاطفها

ازداد الحصان توغلا في الغابة و لين تكاد تصاب بالاغماء و الرجل ملتصق بها
تحس بنفسه يلفح عنقها و هو يقود الحصان بسرعة كبيرة اخذت ترتعد كورقة خريفية
و هي تسال نفسها عما فعلته لتستحق هذه النهاية السوداء اخيرا قرر الرجل
التنازل عن صمته فاعلن:
– نحن ذاهبان الى المخيم
– المخيم… اي مخيم هذا.
قهقة الغجري عاليا يتلذذ يخوفها و اجاب:
– الا تعلمين ان الغجر يعيشون في مخيمات؟
– ستندم ايها الحقير على عملك لان رجال الشرطة سوف يرمون بك في السجن!

كانت تعلم في قرار نفسها ان كلامها لا يرهب الرجل فالغجر (( محترفون)) في
الخروج على القانون ولا يهابون السلطة القانون الوحيد الذي يحترمونه هو ان
الغاية تبرر الوسيلة و ان مصلحة القبيلة يجب ان تكون الاهم بغض النظر عن اي

اعتبار واصلت لين بالرغم من ذلك تهديدها لعلها تنج في العثور على نقطة ضعف في

الغجري:
– تكون احمق اذا اعتقدت ان بامكان الافلات من قبضة العدالة الاختطاف جريمة
يعاقب عليها القانون بشدة!.

لم يعلق الرجل بشئ وظلا صامتين حتى وصلا الى المخيم حيث انتشرت عربات كثيرة
نظرت الى الوجوه التي تنظر اليها فلم تتعرف الى احد من الذين راتهم عندما
تعطلت سيارتها كما لم تجد تلك الفتاه التي انقذتها يومها من الغجري لعلها
تعيد الكرة الان.

تعالت الصيحات الترحيب للغجري:
– اهلا بك يا رادولف!
– ما هذه الغيبة الطويلة؟؟
– اخيرا عدت الينا.

نشا لدى لين انطباع بان الغجري لا ينتمي الى مخيم معين خصوصا ان هذا المكان

ليس المكان نفسه الذي شاهدته
تقدم من الغجري رجل كهل قال:
– رادولف ليس من عادتك…
اسكته رادولف باشارة من يده و لكن الكهل تابع:
– ما حدث لوجهك؟؟ الدماء تسيل منه بغزارة!

عندما رات لين الجميع يلتفون حول رادولف و علامات التعجب بادية على وجوههم
سمعت بعض الكلمات الانجليزية لكن معظم الكلام باللغة الغجرية التي تجهلها
اوضح رادولف الامر لقومه بلغتهم و نظراته مليئة بالحقد تصب نارها على الفتاة
المصابة بالذهول مطبق 0
امسك الغجري بخصرها و انزلها عن الحصان فتعالت ضحكات من حولها و كان القوم
يستعدون لمرح ات ولاثارة توفرها لهم ضحية جديدة يتسلون بها..

زادت الدماء المتجمد على وجه رادولف من رهبة شكله وجعلته يبدو مجرما اكثر و
اكثر ايمكن ان تتوقع رحمة من انسان كهذا لا يهتم الا بارضاء غرائزه لا يعرف

المثل و المبادئ التي تؤمن بها المجتمعات المتحضرة حاوت الفتاة الا تفكر بما
ينتظرها لكن الرؤى السوداء كانت تغلف ذهنها كغمامة داكنه تمنت لو انها تموت!
فالموت ارحم من العذاب القابع وراء الساعات المقبلة…تمنت لو ان يدي رادولف
الجبارتين تلتفان حول عنقها الغض و تعصران منه اخر نقطة حيا…

انصرف رادولف الى الحديث طويل مع الرجل الكهل سمعتهما لين يتلفظان ببعض
الاسماء اولا بوريل وو غيرها و فهمت ان الكهل هو اولاف و انه و رادولف

يتحدقان عن بوريل و لكنها لا تعلم ما اذا كان بوريل اسما لامراه او لرجل
حدقت
الفتاه في وجه رادولف لتجد الاضطراب و القلق الشديدين باديين عليه في حين كان
اولاف يتنهد من وقت الى اخر و يزم شفتيه بامتعاض ما هو الحديث المهم الدائر

بين الرجلين؟؟ سؤال لا يمكنها ان تجيب عليه قبل ان تفهم هؤلاء القوم.

بعد ذلك بدا القوم يوجهون الاسئلة الى رادولف فيجيب عليها باقتضاب و الاولاد
الحفاة ذو الثياب البالية يحملقون في ثيابه النظيفة و الانيقة بانبهار.

نظر رادولف الى لين فعاد الى عينية لمعان الشر و بلمح البصر حملها بين يديه

وسط ضحكات الجميع الى عربه ارشده اليها اولاف
صاحت لين في الغجر:
– هذا الرجل خطفني!! ستحاكمون جميعكم ان لم تساعدوني!

نظرت حولها تبحث عن احدهم يتعاطف معها فلم تقع الا على وجوه ضاحكة و نظرات

ساخرة لا امل اذن بان يساعدها احدهم فالجميع وحده متماسكة و الافراد يتعاونون
حتى على اعمال الشر0
ادخلها رادولف الى العربة ثم خرج بسرعة بعد ان اغلق الباب بعنف. في هذه
العربة لن يتدخل احد لانقاذها. عليها ان تواجه وحدها الرجل الذي يبدو زعيما
او ملكا على قومه يذعنون لمشيئته بدون نقاش اغرورقت عيناها بالدموع فساعة
العقاب حلت شرعت تبحث في العربة عن وسيلة للخروج من سجنها الصغير مكان قذز
فيه اريكة و طاولة مستديرة مع بعض الكراسي العتيقة في الطرف الاخر سرير ضيق و

على الخزانة كتب قديمة ووضع مصباح زيتي يغطيه غبار سميك كان احدا لم يشغل هذه

العربة منذ وقت طويل فالقذارة المنتشرة في ارضها و على محتوياتها لا توصف.
في خلدها تدور اسئلة كثيرة من هو رادولف بالحقيقة؟؟ من هو بوريل الذي تحدث
رادولف و اولاف عنه بكثير من الجدية؟؟ لكن السؤال الاكثر اهمية و الحاحا
يبقى: ماذا سيكون مصيرها؟؟

2 – امراة في شرك

دخلت لين الى زاوية صغيرة في العربة يفترض انها مطبخ كانت فيه مغسلة قذرة و

فرن صدئ يعمل على الغاز لم تتمكن الفتاه من تحمل الرائحة التي تدعو الى
الغثيان و لما همت بالخروج سمعت اصواتا قريبة في الخارج اطلت من النافذة
الضيقة فرات رادولف و اولاف يتحدثان وحيدين بالانجليزية فربضت لين تحت
النافذة من دون ان تدع راسها يطل و اخذت تسترق السمع.

– اعرف ان الامر يقلقك يا رادولف لكنه حر في اختيار طريق حياته
– لا تقنعني انه محق في سلوك هذا الطريق!!
– اوافق معك و الدليل اني بحثت عنه كثيرا كما طلبت مني لكنه مراوغ كبير
و لا
يهدا في مكان.
– اعلم ذلك يا اولاف والا لما كنت رايتني هنا فقد اخبرني ايفور انه في
هذا
المخيم.
– كنت قادما هنا اذن عندما خطفت الفتاه
– بالطبع و الا لما…
– مذا تنوي ان تفعل بها يا رادولف؟؟
– ساجعلها تدفع الثمن غاليا لضربي بالسوط و لوصفها اياي بالغجري المتشرد
حثالة المجتمع.
– اعذرها يا رادولف فالناس يملكون افكارا خاطئة عن الغجر
– انا لا اعذر احدا يجرؤ على اهانتي!!
– لكنها تبدو فتاه طيبة فلا تحطم حياتها
تكلم الغجري الشاب بكل صميم و جدية:
– اسمع يا صديقي انا انوي ان انال منها التعويض المناسب عن اهانتي فاذا لم

تتمكن من تحمل ذلك لن يكون الذنب ذنبي0

ادركت لين من لهجته القاسية ان الرجل ليس مستعدا للعودة عن قراره و انه ينصاع

لغرائزه ضاربا عرض الحائط كل الاعتبارات حاول اولاف من جديد ان يثنيه عن
عزمه:
– انت تعلم ان الاختطاف جريمة خطيرة يعاقب عليها القانون بصرامة عليك ان تفكر
بوضعك الخاص يا صديقي فنحن بغنى عن المشاكل ظننت ان الايام كنت كفيلة بتهدئة
طباعك الحادة بعض الشي و بتعليمك كيف تكبح جماح اعصابك.

تساءلت لين عن الوضع الخاص الذي تكلم عنه الغجري الكهل ايعني به ان رادولف هو

(( ملك)) الغجر في كل ايرلندا؟؟ تفسير معقول قد يوضح كلمة الوضع الخاص و
الاحترام الذي اظهره هؤلاء القوم للرجل كما يوضح عدم استقراره في مخيم واحد و
تنقله المستمر من منطقة الى اخرة.
– اتعتقد اني خائف من العقاب يا اولاف.. الا تعلم اني لا احسب حساب النتائج

عندما اقرر الاقدام على خطوة انا مقتنع بها..

فهمت الفتاة من كلماته انه معتاد على هذه الاعمال و ان خبرته فيها طويلة بحيث

لا يخاف الوقوع في ايدي العدالة لكن اولاف ما يزال قلقا و لم يشارك صديقه

مرحه اذ قال بكل جدية:
– احس بنفسي مسؤولا لاني كنت اعلم منذ البدء…

قاطعه رادولف مطيبا خاطره:
– اشكر تفهمك
صمت الكهل قليلا ثم واصل محاولا اقناع صديقه الشاب:
– ولكني اسف للفتاه المسكينة
– لا داعي للاسف لانها اوصلت نفسها الى هنا بحماقتها!!!
– هي انجليزية اليس كذلك؟؟
– تماما
– اذن لابد ان يكون احدا ما قد بدا البحث عنها عائلتها ربما…
– غير ممكن يا اولاف الفتاة وحيدة هنا.
– من قال ذلك؟؟
– قالت لي بانها تمضي اجازتها في ايرلندا و تجوب البلاد وحيدة بسيارتها
– اسمع يا رادولف تبريراتك لا تقنعني بصحة عملك.
– لن اتراجع عن خطوتي ابدا!!
– ولكنك ستوقع نفسك في مشكلة كبيرة
– لا تقلق يا صديقي لن يبحث عنها احد اذ يفترض انها تركت الفندق الذي
كانت
تقيم فيه و اتجهت الى منطقة جديدة
– و لكن اين السيارة التي تكلمت عنها؟؟
اخبره رادولف بكل التفاصيل و بان السيارة مفتوحة و المفاتيح ما تزال بداخلها
عندها فقط ادركت لين انها اخطات عندها صرحت للرجل بحماقة لا مثيل لها بكل ما

يسهل له اتمام جريمته
ابتعد الرجلان قليلا فلم تعد الفتاه تتمكن من سماع بقية الحديث ولكنها
استطاعت التقاط جوهره
– عليك احضار سيارتها باسرع ما يمكن يا رادولف كي لا تبدا الشكوك تحوم حول

وجودها في الموقف
– لا ارتاح لعملك يا صديقي هذا ليس من طبيعتك بل…
تلاشت الاصوات اذ ابتعدا كثيرا عن النافذة ففشلت لين من جديد في اكتشاف اللغز
الذي بدات تشعر بوجوده في حياة هذا الغجري الذي ظهر من العدم ليقلب حياتها.

ماذا سيفعل الان بالسيارة لكم كانت غبية عندما اطلعته على كل شي لو لم تفعل

لكان احدهم لاحظ بقاءها الطويل في الموقف و لابلغ الشرطة بالامر و لكن لا
يمكن ان تضيع اثار لين لمدة طويلة فمن المحتم ان يفتقدها زملاؤها عندما تنتهي
اجازتها و تقتضي عودتها الى العمل كان يفتقدها صاحب البيت عن استحقاق ايجار
شقتها الشهري سياتي من ينقذها من قبضة الغجري عاجلا ام اجلا لكن المقلق ان
هذا الرجل يملك ثقة كبيرة بنفسه تجعلها تخاف من ان يتدبر الامر بشكل محكم
ينجو فيه من اي عقاب على جريمته النكراء

اي هو الان؟؟ غيابه يريد من قلقها و توترها كم يمارس هذا الرجل لعبة الحرب

النفسية ببراعه!! اه لو يستطيع اولاف من اقناعه بالافراج عنها!! امنية بددتها
اصوات ثرثرة في الخارج باللغة الغجرية شعرت لين من دون ان تفهم شيئا انها
موجهه اليها بدا قلبها يخفق بقوة و احست بان جسمها مشلول و عقلها لا يفكر
صار
كل كيانها كنصبا على اللحظات الزاحفة ببطء تحمل في كل ثانية جبالا من القلق و

الخوف متى سياتي رادولف؟؟ و ماذا سيفعل عندها؟؟ كم كانت متهورة عندما ضربته
بالسوط!! لكن الطريقة الهادئة التي حياها بها في الغابة و كانه يراها للمرة
الاولى اججت في صدرها نار الغضب كيف استطاع مواجهتها بكل هذا الهدوء بعد
الحادثة الاولى قرب المخيم؟؟ استحق الضرب و ان تكن النتيجة وجودها هنا سجينة
رجل شرير ينوي ايذائها و بين اناس لم يسمعوا بالشفقة ووخز الضمير من سينقذها
من المصير الذي اعده و يعده لها خاطفها؟؟

جن جنونها بعد تحليلها للموقف فحاولت فتح الباب ثم اخذت تدق بيديها عليه و هي

تعلم ان عملها لن يجدي نفعا لكن احساس دفعها الى هذه المحاولة الفاشلة انهارت
و سقطت على الارض تجهش بالبكاء في حين تعالت في الخارج قهقهات الغجر
المتلذذين بعذابها و معاناتها

اخذت لين تدور في الغرفة تقيسها طولا وو عرضا تجلس على كنبة تنهض لترتمي على

السرير…تسمرت السجينة في مكانها اذ سمعت وقع خطوات قريبة استقرت عيناها على
مقبض الباب تنتظر في هلع ادير المفتاح في القفل و دخل رادولف رماها نظرة عدم

اكتراث و اقفل الباب وراءه.
– حسنا يا صغيرتي وصلنا الان الى ختام المسرحية.

ابتسم هازئا و تحسس الجرح في خده ارتجفت لين عندما رات عمق الجرح الذي سببته

للرجل لانها لم تؤذ احدا في حياتها من قبل لكن وقاحة الغجري دفعتها الى
اللجوء الى العنف معه.
اصبحت لهجة رادولف امره عندما تكلم من جديد:
– تعالي الى هنا لتنفذي العقاب على وصفك بحثالة المجتمع
و صاح فيها بعنف:-
– تعالي الى هنا!!

زاد الجرح احمرارا بسبب الغضب و لم تجد لين بدا من الاذعان لمشيئته خوفا من

بطشه امسك بمعصمها و شدها اليه بقوه بالغة حتى كاد ان يحطم عظامها لم تستسلم

الفتاة له بل اخذت تقاوم بكل ما اوتيت من قوه فيما هو يقهقه عاليا ساخرا
من
مقاومتها صرخت لين من الالم عندما اطبق بيده الفولاذية على شعرها و ارغمها
على رفع وجهها الى عينيه الغامضتين و بوحشية فائقة اخذ رادولف يهزها بقوه في
غضب فيما الدموع تنهمر من عينيها سيولا حتى انها عندما نظرت اليه رات الصورة
مشوشة كانها امام شبح لا امام انسان من لحم و دم و مما زادها حيرة
و تعجبا
اخراجه منديلا من جيبه ليمسح دموعها بكل رقة و حنان!!
– لقد اصبحت الان اكثر وداعة و اقل اهانة و وحشية.

نظرت الى الرجل بارتباك وجه جامد كانه محفور في الصخر نظرات باردة لا تنم على

اي احساس ماذا يدور في خلده؟؟ ماذا وراء هذه الملامح الهادئة؟؟
– اعندك شي تقولينه قبل ان انفذ انتقامي منك كاملا؟؟ كنت انوي ان استعمل
السلاح نفسه0
اشار رادولف الى السوط المرمي على الارض و تابع:
– لكن اثار الجروح تفسد جمال وجهك لذلك طرحت فكرة جلدك جانبا و استعضت عنها

بطريقة انتقامية اخرة ممتعة0

رات لين في ابتسامته سخرية لا متناهية و في عينية علامة الانتصار وفي الوقت
نفسه ادركت انه اخطات عندما اهانته و انه لم يغفر لها ذلك لقد وصف الغجر

بحثالة المجتمع و رعاع القوم و رادولف مصمم على جعلها تدفع ثمن ذلك غاليا
كرر الغجري سؤاله:
– اعندك شي تقولينه قبل ان انفذ انتقامي كاملا؟؟

وجدت الفتاة صعوبة في نطق الكلمات:
– اتريدني ان اطلب الرحمة؟؟
– مع الاسف الشديد لن يجدي استجداؤك نفعا لاني لست ذلك الشخص المتسامح
ابتعدت لين الى الوراء و نظرت من النافذة فرات اولاف يبتعد على الحصان و معه

يتلاشى املها في المساعدة… قالت لمختطفها بصوت متهدج تخنقه الدموع:
– لن تنجو بفعلتك عندما اخرج من هنا ساذهب فورا الى الشرطة
علق رادولف و هو ينظر الى وجج المجروح في المراه:
– الحديث عن الخروج سابق لاوانه يا عزيزتي فانت جميلة جدا و لن اتركك تفلتين0

تبسم هازئا و اضاف:
– ربما لن تخرجي من هنا ابدا.
لم تتمكن لين من استيعاب هذه الفكرة و تصورت نفسها سجينة هذه العربة بقية
حياتها…
– ماذا…. ماذا تنوي ان تفعل لي؟؟
رفع حاجبيه و اجاب:
– لا تتظاهري بالبراءه و تدعي انك لا تعلمين ماذا سافعل بك!!!
علت حمرة وجه الفتاة خجلا فاوضحت:
– اعني ماذا ستفعل بعد ان تنتقم مني كما تريد؟؟
توقف ووضعت يدها على قلبها الخافق بشدة ثم اضافت بهلع:
– هل تنوي ان تقتلني؟؟
هز رادولف راسه ضاحكا:
– اقتلك؟؟ خسارة ان يموت الجمال لا لن اقتلك لاني لا اريدك جثة هامدة بل

امراة تضج بالحياة.
انساها الغضب خوفا فانفجرت:
– اسمع يا حضرة الغجري قد اكون تحت رحمتك و لكن لا تتوقع مني اي
سكوت لانك لا
تستطيع امتلاك روحي!!
– سنرى يا عزيزتي فلندع ذلك للوقت
اخذ يداعب شعرها فانتفضت و انشبت اظافرها على وجسهه مسببة به نزيفا جديدا من
الجرح
و لكنها ما لبثت ان ندمت على ذلك لان الغضب اعماه فكاد يخنقها:
– ساعلمك الان كيف يعامل رعاع القوم نساءه ايتها السيدة الانجليزية المتحضرة.
توسلت اليه و هي تحاول للملمة قميصها الممزق:
– ارجوك ارحمني!! اعتذر
اكمل رادولف على ما تبقى من قميصها ووقف يحدق فيها بعيني شقي شرير
– الاعتذار لا ينفع يا حلوتي اما الدرس الذي سالقنك اياه الان فنافع جدا!!
حملها بين يديه كدمية حاولت لين ان توقظ الرافه فلم تجد الا الرغبة في
الانتقام

رادولف المنتصر في هذه المعركة المنتقم الساخط الذي سيغلب على اية محاولة
تبديها للمقاومة اخذ يضحك و هو ينظر الى البقية الباقية من ملابسها فحاولت
ستر نفسها بغطاء السرير غشاها الخزي و العار و تمنت لو ان يد الموت تمتد

لتنقذها من مرارة هذه اللحظات المشينة
– ما رايك يا حلوتي بهذا التعذيب البطئ!! اعتقد انك لم تتوقعي ذلك ابدا عندما

ضربتني بالسوط على وجهي اليس كذلك؟؟
– اكرهك اكرهك…………ساقتلك يوما
– ستكرهينني اكثر يا حلوتي ستكرهين الغجري المتشرد سوف تستجدين منه الرحمة!!!

استشفت لين من صوته مرارة الى جانب الغضب كان الرجل يغار كثيرا على سمعه بني

قومه و لا يتحمل ايه اهانة توجه اليهم
– ان الوان يا حلوتي ليبدا الانتقام الممتع

اغمضت لين عينيها و بكت بمرارة مستسلمة لقدرها المحتوم

3- اللعب بالنار
تزايد الضجيج في الخارج و طرق احدهم الباب افاقت لين من ذهولها ولاح لها امل

جديد

و قبل ان يفتح الباب سمع الرجال في الخارج يرددون اغنية غجرية فانفجر ضاحكا
تقدمت امراتان من مدخل العربة فغرقت لين في اغطية السرير محاولة اخفاء نفسها
و الخجل يغمرها تبادل رادولف بعض الكلمات مع المراتين و رمى احد الملتفين الى
لين فستانا زاهيا توقف رادولف يفكر و ينظر الى الفستان بينما كانت الفتاة
تحاول جاهدة فهم ما يجري ماذا يخطط هؤلاء القوم؟؟؟؟

الا يكفيها شر خاطفها وحده لتتحمل الان شرور الاخرين؟؟
اخيرا نطق رادولف:
– ولم لا؟؟
سالته الفتاة و الخوف يعصر قلبها و يمحو بقية الامل الذي لمحته بعد ان سمعت

الطرق على الباب:
– ما الامر؟؟
و اردفت بنبرة شبة هستيرية:
– قل لي ما الامر!!
– القوم يطالبوني بالزواج اليس مضحكا ان فردا من حثالة المجتمع يتزوج فتاة من
نخبة المجتمع!! وجدت انهم على حق فقد ان الاوان لاتخذ لنفسي امراة.
ثم اضاف بعد ان نظر الى الفستان:
– احضرو لك فستان العرس ارتديه!
امتقع وجه لين و صاحت في غضب باكية:
– لا ! لا يمكن لاحد ان يجبرني على الزواج
امسكت بالفستان و رمته في وجه الواقفين على الباب ثم صرخت:
– ارحلوا عني و خذوا هذه القذارة معكم!
انحنى رادولف ليلتقط الفستان و باشارة واحدة من يده ابعد قومه الملتفين و
نوايا الشر في اعينهم بعد ان اهانتهم العروس العنيدة اغلق الباب بعنف و اقترب
من السرير مهددا متوعدا
– ارتدي الفستان
مررت لين لسانها على شفتيها الجافتين و شرعت في محاولة تضليل للتهرب من شرك
الزواج
– ولو انني كنت متزوجة
نظر الى يدها اليسرى ليرى ما اذا كان في اصبعها خاتم زواج
– لا اعتقد انك متزوجة ارتدي الفستان و الا اذا كنت تريدين ان افعل ذلك
بنفسي

اخذ عقل الفتاة يعمل بسرعة فوجدت ان في الاذعان لمشيئته و الخروج من هذه
الغرفة فرصة للحصول على مساعدة احد و الخلاص من قبضة خاطفها فقال له وعلى
حبينها علامة الرضوخ:
– حسنا لا خيار لي الا بقبول الزواج و على اي حال يظل الزواج افضل
من…..
اكمل الغجري الجملة ضاحكا:
– افضل انتقامي البشع؟؟
– هلا تفضلت بالخروج لاغير ملابسي؟؟
– و لماذا تخجلين من زوجك؟؟
– انت لم تصبح زوجي
كان عقلها ما يزال يفتش عن وسيلة للخلاص كم هي مسافة بين المخيم وو الطريق

العام؟؟
و هل يسمعها احد اذا صرخت مستغثية؟؟
نفذ صبر رادولف من الانتظار فقال:
– لقد نفذ صبري فلا داع للخجل!! انهضي من السرير و ارتدي ثوب العرس
نهض الرجل من كرسيه غاضبا فقالت باذعان و خوف:
– ارجوك عد الى كرسيك فسانفذ مشيئتك

جلس الغجري في حين انها وجدت صعوبة بالغة في التحرك هذا الرجل الخبيث الوقح
الذي سبب لها اذلالا ما بعده اذلال و على الرغم من صعوبة الموقف لمحت الفتاة

في عيني خاطفها بريقا مختلفا عن الشر و السوء رات ما يشبه بالاعجاب!!

كان الفستان طويلا و لحسن الحظ نظيفا وقفت لين اما رادولف الذي امسك بيدها و

قال:
– ما رايك ….اليس الفستان جميلا؟؟
ثم انتبه الى امر تافه بالنسبة اليه فسالها:
– على فكرة ما اسمك؟؟
وجدت لين في غرابة الموقف ما يضحك العريس يسال عن اسم عروسه قبل دقائق من

الزواج!!
– اسمي….لين
– اسم جميل لين ماذا؟؟
– لين سلدون
– تعرفين اسمي على ما اعتقد
– لست بحاجة الى ان اعرفه لاني لن اناديك على الاطلاق
– اول امر على المراه الغجرية ان تعلمه هو الطاعة العمياء لزوجها ستعتادين
على ذلك تدريجا اما الان فهيا لان القوم بانتظارنا
في الخارج نظرت لين الى الطريق فتنفست الصعداء لانه ليس بعيدا جدا عن المخيم
لربما تمكنت من الافلات او لفت انتباه احد بسيارته فياتي لانقاذها لكن رادولف
و قومه كانوا يعلمون نواياها لذلك وجدتهم يحيطون بها بشكل لا يدع مجالا لاية
محاولة للفرار

بدا الرجل المختص باتمام المراسم الشكلية الخاصة بالزواج عند الغجر و التي لم
تفهم منها لين شيئا وقفت تراقب بصمت المشاهد الغريبة التي تمر امامها كانها
مجرد متفرج لا علاقة لها بما يجري هل زواجها شرعي؟؟ ولكن امر الزواج لم عد

مهما ازاء تصميمها النهائي على الفرار مهما كانت الصعاب و مهما كلفها ذلك من
تضحيات زادها تصميمها شجاعة و ايمانا بالخلاص.

صحت فجاة من شرودها على صوت زوجها الغجري رادولف:
– تعالي يا زوجتي سيصطحبنا المحتفلون الان الى عشنا الزوجي
اخذ الرجل يضحك بينما كانت لين تبكي وضعت يدها خلف ظهرها عندما حاول زوجها
وضع يدها في يده مما اثار ضحك الجميع لكن الغريب في الامر ان خوفها تحول
الى
غضب بارد و تصميم على الانتقام

امسك رادولف بيدها وصفعها عليها بنعومة كانه يمازحها ثم رافقهما الجميع الى
العربة و كان البعض يرقصون و يغنون احتفالا (( بالمناسبة السعيدة)) فقد تخلى
الزعيم اخيرا عن العزوبية

افاقت لين على اشعة الشمس المتسللة من بين الستائر تداعب عينينها تدافعت
الصور في مخيلتها صور الاهانة و الاذلال تمنت لو انها لو تقاوم بشراسة و تنعت

زوجها بالغجري القذر فلربما كان عاملها شكل اقل شراسة مما فعل لقد سببت
بتصرفها الاخرق غضبه فكان عليها تحمل النتائج.

كان رادولف مصمما على اذلالها فلماذا حاولت ايقافه و هي تعلم ان ما قامت به

عقيم لا يفيد مع هذا الشخص لكن عدم استسلامها اعطاها قدرا من الثقة بالنفس
سوف يجعلها تصمد امام ما ينتظرها من صعوبات و مشاق.

جلست تنظر الى الرجل النائم الى جنبها عيناه المغمضتان كعيني طفل برئ ينام في
هناء بين احضان امه يا لتناقض وحشيته مع هذه القسمات الهادئة!! رغبت لين
بصفعه لكونه يتمكن من النوم هكذا بعد كل ما سبب لها البارحة من اذلال تحرك

الرجل اخيرا و فتح عينيه يحدق حوله كانه لا يعرف اين هو و مع من

– صباح الخير يا زوجتي العزيزة ارجو ان تكوني قد نمت جيدا
لم تنتظر لين طويلا حتى بادرته بالسؤال:
– قل لي ما سنفعل الان هل ستبقيني هنا لاعيش مع هؤلاء القوم
– و اين تريدين العيش؟؟ الزوجات يسكن عادة مع ازواجهن
– لكنني لن اجد شيئا افعله هنا
– في الوقت الحاضر تهتمين بزوجك
– ماذا تعني بالوقت الحاضر؟؟
– اعني حتى نبدا بانجاب الاولاد و الغجر ينجبونهم بكثر كما لاحظت
امقتع وجه لين و هي تحلل الفكرة الجديدة التي ان تحققت ستتعقد امور حياتها
الى الابد
– اتمنى ان لا انجب اي ولد منك
تكلم رادولف بنبرة فاجاة زوجته لما غلفها من الم و حسرة:
– ستنجبين اولادا لاني ككل الرجال ارغب بوجود وريث لي
– وريث؟؟ و ماذا تملك لتعطي وريثتك هذه العربة القذرة؟؟
– دعيني اقدم ك نصيحة غالية الثمن يا لين لا تغضبيني بعد الان والا ندمت
على
ذلك حيث لا ينفع الندم و احذرك انك لم تري الاسوا بعد!!
تمتمت الزوجة البائسة:
– كان الله في عوني…
رمقها الغجري بنظرة ثاقبة و قال:
– تمام و خلافا لما تعتقدين انا امتلك الكثير لاقدمه لوريثي
– طبعا فانت تملك هذه العربة القذرة و سعمتك السيئة…
لم تتمكن لين من المتابعة اذا اخرسها الالم عندما اطبق رادولف بقبضته
الحديدية على ذراعها
– لا تعتبري مسالة فقري مسلما بها ولا تحاولي تخمين ممتلكاتي
زاد من شدة قبضته و اضاف:
– يبدو ان علي تاديبك يا امراة….
تحررت لين من قبضته و حاولت النهوض من السرير لكن رادولف كان اسرع منها فشدها

اليه بعنف و استسلمت بعد مقاومة يائسة لاصراره…….

بعد حوالي ساعة جلسا الى طاولة لتناول الطعام الفطور لم يكن رادولف مهتما
بالاكل بقدر ما صب اهتمامه على مراقبة زوجته متلذذا بمعاناتها

سالها و هو يتحسس الجرح في خده
– هل ندمت على فعلتك هذه؟؟
– استحقيت الضرب و انت تعلم ذلك
– استحقيته؟؟
بدا رادولف مذهولا فتساءلت لين ما اذا كان قد نسي انه هاجمها عندما تعطلت
سيارتها قرب المخيم
– انسيت عندما حاول الغجري…
لم يدعها رادولف تكمل اذ قلب المائدة و هب من كرسيه يعميه الغضب فتراجعت لين

خائفة حتى التصقت بحائط العربة و هي تلوم لسانها الطويل الذي اثار اعصابه
تقدم منها الرجل مزمجرا:
– ستعتذرين على هذه الاهانة!! و ستعتذرين بكل تذلل وضعة
حدقت لين مشدوهة في هذا الوجة الشرير و هي لا تكاد تصدق ان كل هذا
الحقد يمكن
ان يتجمع في انسان واحد لما وجدها ساكنة جذبها الغجري اليه و اخذ يهزها بقوة

كدمية صغيرة حتى كادت تصاب بالاغماء…اخيرا قال و هو يعض على اسنانه:
– انا انتظر الاعتذار!!
– لم تدع لين الفرصة تفلت من يدها فقال في هلع و ذل:
– اعتذر على ما فعلته…
توقفت فجاة تخنق صوتها الدموع المنهمرة من عينيها بغزارة الرجل كان يستحق
الضرب و الا لما فعلت لين ذلك و على الرغم من صواب موقفها فقد اجبرها
على
الاعتذار صاغرة على اشياء قالتها عن اقتناع تام

ورفعت عينيها الى وجهه القاتم الى الملامح المتعالية التي تكسبه تفوقا و
مهابة من يراه يظنه احد النبلاء و لايمكن ان يشك بانه غجري شرير غجري يبدو

ارستقراطي متعجرف… امر محير فعلا
– اظهرت تعقلا في الاعتذار يا حلوتي لان ايه كلمة مهينة كانت ستكلفك شهر
نقاهة!!
حرر كتفيها و نظر الى الطاولة المقلوبة و الى الاطعمة و الصحون المتناثرة على
الارض اقشعر بدن لين تقززا من القذارة الطاغية في هذه العربة امرها رادولف
بالتقاط كل ما تناثر على الارض فلم تجد بدا من الاذعان له فيما هو جالس
على
الاريكة يراقب ما تفعل
بعد قليل ابلغها رادولف انه سيغيب طوال النهار
– الى اين ستذهب؟؟
– هذا ليس من شانك كما احب ان اذكرك بالا تحاولي الفرار لان العربة ستكون

مراقبة من جميع الجهات
و نظر حوله:
– اريد ان اجد كل شي نظيفا و مرتبا عدنما اعود الا اذا احببت ان
اذيقك طعم
العنف!!

كانت لين تعلم انه لا يمزح و انه على استعداد لضربها فلم تجب على تهديداته

لم يكن عملها بسيطا البته فالعربة قذرة فعلا و تحتاج الى ايام لتصبح نظيفة
بدات اولا بتنظيف الاثاث و القطع بقطعة قماش وجدتها في الدولاب القذر المرحلة
الثانية كانت تنظيف الارض و الاوساخ المتجمعة منذ سنوات على ما يبدو شكلت في
بعض المواضع تلالا صغيرة اضطرت لين لاستعمال السكين لنزعها

الا يكفيها انها تعيش مع زوج وضيع ليزيد الطينة بلة وجودها في هذا المكان
القذر؟؟ حتى رادولف اظهر بعض القرف من القذارة و كانه ليس معتادا على هذه
المشاهد

جلست لين على الاريكة تستريح وتفكر في زوجها بدا غريبا في بعض اقواله و
تصرفاته قبل كل شي في صوته نبرة رقيقة لا يملكها الا دمثو الاخلاق و المهذبون

لا يصبح قاسيا الا في ساعات الغضب 000والغجرية))…حاولت ولم تستطع تذكر
نبرته في لقائها الاول فهو لم يسالها الا عن السيارة و بعد ذلك انصرف الى

الحركة لا الى الكلام.. ثم هناك الحصان الاصيل الذي كان يمتطيه عند لقائهما
الثاني من اين يمكن لغجري فقير الحصول على مثل هذا الحصان الرائع؟؟ و الاكثر
غرابة تمكنه من الوصول الى هذه المنطقة بسرعة بينما امضت لين ساعات لبلوغها
بالسيارة!! هذا يعني انه استعمل وسيلة اسرع من الحصان بكثير

اطلقت زفرة الفشل و قررت اخيرا فتح النافذة و ما ان فعلت حتى ظهر امامها
((
حارس)) شاب لا يتجاوز العشرين من عمره
قالت له على امل ان يكون يفهم الانكليزية:
– اريد نفض هذه السجادات
– سافعل ذلك بنفسي
ابتسمت للشاب بادب و هو يتناول منها السجادات فظهرت اسنان لم تر انصع بياضا
منها من قبل
– شكرا لك
لم تنتبة المراة الشابة لنظرات الشاب الغجري الهائمة بوجهها الجميل و لم يخطر
لها بالطبع انه لم يكف عن التفكير بها منذ ان احضرها رادولف الى المخيم
سالته عندما اعاد السجادة الاولى:
– هل كلفك رادولف بمراقبة العربة خلال غيابه؟؟
اوما بالايجاب ثم تمتم بصوت هادئ لطيف:
– اسف لقيامي بهذه المهمة
وجدت لين في موقفه فرصة ذهبية فاختارت كلماتها بدقة:
– لا عليك فانت مضطر لاطاعة اوامره اليس كذلك
– الجميع يطيعون اوامر رادولف
– هل هو ملك الغجر؟؟
– لا تطرحي علي اسئلة لا يمكنني الاجابة عليها يا سيدتي
فيما كان الشاب ينهي نفض السجادتين الباقيتين رات لين عينين تراقبان المشهد
من نافذة عربة اخرى حارس اخر ناولها الشاب السجادتين و قال:
– علي الذهاب الان ارجوك اغلقي النافذة
– لا تذهب قبل ان اعرف اسمك على الاقل
نظر الشاب حوله و تكلم بسرعة:
– ادعى كونيل علي الذهاب الان و الا عرف رادولف باني اتحدث اليك
وجدت لين في هذا الشاب نقطة ضعف اذا عرفت استغلالها قد تساعدها على الهرب
بعد قليل اقتربت من النافذة لترى اذا كان احد يراقبها
و عندما لم تجد احدا فتحتها بهدوء فاطل كونيل
– هلا احضرت لي بعض الماء يا كونيل
و ضعت المراة في صوتها كل ما لديها من نعومة و رقة و عرفت مفعولهما
عندما
اعاد الشاب الدلو مليئا بالماء و ناولها اياه بيدين مرتعشتين
– شكرا جزيلا
و اضافت بعد ان تاكدت من عدم وجود متطفلين:
– ماذا يحل بك اذا تمكنت من الفرار
– ساقع في مشكلة كبيرة اذا حدث ذلك
– مع زوجي؟؟
– نعم فهو قد كلفني بحراسة العربة
– ايدفع لك شيئا مقابل ذلك؟؟
احمر وجه الشاب حرجا من اسئلتها و قال بخجل:
– في الحقيقة انا بحاجة ماسة الى المال اتريدين المزيد من الماء؟؟
– نعم سافرغ الدلو اولا
ناولته لين الدلو و ما ان غاب حتى اخذت تفتش في الخزانة العربة عن قلم
فلم
تجد شيئا
سالته و هي تناوله الدلو:
– ايمكن ان تحضر لي قلما لاكتب رسالة صغيرة
– لا…
لم تدعه لين يكمل كلامه فتوسلت:
– انا بحاجة الى المساعدة يا كونيل انت تعلم اني سجينة هنا و اريد الفرار
باي
ثمن!!
هز الشاب راسه و ابتعد بسرعة بعد ان اغلق النافذة
ظلت لين قرب النافذة تراقب كونيل الجاس على مدخل احدى العربات تحاول ان تلفت
انتباهه لكنه تحاشى النظر اليها فقررت اخيرا الانسحاب كي لا يلاحظها احد و
يخبر زوجها بالامر

جلست تفكر في طريقة كفيلة بكسب الشاب الى جانبها قد يكون المال وسيلة صالحة
لذلك لكنها تركت حقيبة اليد التي تحوي مبلغا محترما في صندوق السيارة هل يقبل
كونيل بمجرد وعد باعطائه المبلغ بعد هروبها؟؟ ولكن كيف يصدقها و كيف تصل اليه
لتعطيه المال؟؟

خطة محكوم عليها بالفشل
تنهدت لين وقالت لنفسها:
– لا فائدة من كل هذا التخطيط سيسجنني هذا الشرير هنا حتى يمل مني و
يشعر
بحاجة الى التغيير
كانت واثقة من ان هذا الملل لن يحل قريبا فعليها ان تتاقلم نفسيا لتتحمل
الايام الطويلة الاتية رادولف معجب بها كثيرا و هي لا تنكر انه وسيم جدا برغم

قسوته

اين ذهب؟؟ اين يغيب كل هذه الساعات؟؟ هي لا تتصور زوجها كغيره من الغجر يتنقل

من باب الى باب عارضا اصلاح مقلاه او غلاية فطبعه المتغطرس يمنع عليه ذلك

مر الوقت ببطء مزعج ولين جالسة في العربة لا تجد شيئا تفعله بعد ان انتهت
من
تنظيف و حضرت العشاء لزوجها اخذت تقيس العربة عرضا و طولا كانها قطة سجينة في

قفص الى متى يمكنها ان تحمل هذه المعاناة؟؟ اعصابها المحطمة لن تساعدها على
اجتياز الامتحان الصعب يا ليتها لم تستعمل السوط في تلك اللحظة المشؤومة!!!
بلى حسنا فعلت لانه يستحق الضرب و لان اي فتاة غيرها كانت فعلت الشي نفسه
مع
شخص حاول الاعتداء عليها…..

لم تعد لين تحتمل الوحدة حتى انها شعرت بالارتياح عندما عاد رادولف في المساء
منهوك القوى لكن الملاحظة التي ابداها فور وصوله اعادت توترها و غضبها
– يا للنظافة !! يبدو انك قررت ان تصبحي زوجة مطيعة قرار حكيم
نظر رادولف الى وجهها ولاحظ ان عينيها باكيتان ثم قال:
– لا تحزني على حالتك لانني قد اجعلها اسوا
صاحت فيه غير ابهه بالعواقب:
– اسوا و هل هناك اسوا من هذا؟؟
نظر اليها و على شفتيه ابتسامة ماكرة قبل ان يجيب:
– بامكاني مثلا ان اضربك يوميا
امقتع وجهها واطبقت قبضتيها غضبا ثم قالت بصوت شبه هستيري:
هذا قد يزيل رتابة العيش هنا على الاقل !
ضحك رادولف من كل قلبه فساهم في جعل وسامته تزيد امام عينيها الحزينتين 0
اتريدين ان اتمم معروفي اذا ؟
– اكرهك لابد ان انتقم منك يوما ايها ال….
قاطعها الغجري بضحكته فاكملت:
– ساقتلك اذا استطعت!!
– انا واثق انك ستسرين كثيرا لو رايتني ممدا على الارض اسبح في بحر من

الدماء00
دخل الغجري لى المطبخ ليرى ما فعلته زوجته لتغير واقع الحال هناك 0 هز راسه

راضيا وقال :
لا باس , وان كان بامكانك ان تفعلي احسن من ذلك بكثير 0
ثم اردف بعد ان عاد الى الغرفة الرئيسية :
– اجلسي و اخبريني عن ظروف حياتك عن وظيفتك مثلا
– كنت اعمل في شركة و على فكرة سيبدا زملائي بالتحري عني قريبا
– ساعالج هذا الامر يا عزيزتي اما الان اخبريني عن نفسك
نظرت اليه باستغراب فلماذا يهتم لمعرفة خصوصياتها؟؟ على اي حال هدا غضبها و
شعرت بالسرور لوجود احد قربها لتتبادل معه الحديث و ان يكن هذا (( الاحد))
شخصا تكرهه حتى الموت
– اسكن في شقة صغيرة في لندن
استفسر الغجري و هو يتفحص اظافره الانيقة التي يحرص على نظافتها:
– تسكنين وحدك؟؟
كانت لين قد اخبرته ان لا اقارب لها الا ابن عم لم تر له وجها
منذ ست سنوات 0

– نعم اسكن وحدي0
ارادت ان تخترع له اكاذيب لكن طبيعتها الطيبة لا تسمح لها بذلك0 وان كان
الهدف من الكذب شريفا 0 اضافة الى ذلك لا يمكنها ان تمرر شيئا على هذا
الغجري
ذي العينين الماكرتين والنظرات النافذة القادرة على قراءة افكارها- اخبرته عن
اصدقائها الذين لابد سيقلقون عليها وسياتون لانقاذها كما قالت 0 لكن ذلك لم
يؤثر في رادولف اطلاقا بل تابع العناية باظافره وكانه يقوم بمهمة دقيقة
للغاية0
– انت لست مخطوبة الى احد على ما اعتقد و الا لما جئت الى هذه
البلاد وحدك0
كانت فعلا حمقاء عندما اطلعته على هذه الاشياء في الغابة لكن رعبها كان شديدا
الى درجة افقدتها السيطرة على لسانها
تابع رادولف استجوابه:
– ماذا كنت تعملين في الشركة؟؟
اطلعته لين على التفاصيل و عيناها تراقبان ثيابه لقد ابدلها بثياب جديدة كما
ان شعره يبدو مغسولا اين امضى النهار ومن اين اتى بالثياب ؟؟ لربما يملك بيتا

في الغابة حيث التقته او في اي مكان اخر
– سنحضر سيارتك الى هنا يا عزيزتي فهي قد تفيدنا
– ايها اللص!! لا اشك في انك سرقت الحصان ايضا
– حذار اللعب بالنار!! الزوجة الغجرية لا تكلم زوجها بهذه الطريقة لانها
تعتبره دائما السيد المطاع
– اما انا ايها الغجري الساقط فاعتبرك وقومك اناس منحطين!!
هب رادولف من مقعده كلمح البصر وامسك شعرها مسبباا لها الما فظيعا لقد اوقعها
لسانها في ورطة جديدة كانت بغنى عنها و من حسن الحظ ان طلبه اقتصر على

الاعتذار فكان له ما اراد تمكنت بذلك من التخلص من الضرب
فلم تجد سبيلا الى حبس دموعها و ايقاف ارتعاشها
اخيرا ابتعد عنها الغجري ووقف وسط العربة صامتا ساد الجو سكوت مطبق انهاه
رادولف قبل ان يقول بصوت رقيق
– لين لماذا تدفعينني الى معاملتك هذه الطريقة؟؟
ذهلت المراة لهذا التبدل العجيب فاخذت تحدق في وجهه دون ان تفهم مراده بعد
ذلك عاد الرجل الى طبيعته نادما على ما بدر منه من رقه فامرها:
– حضري طعام العشاء!!
جلسا يتناولان العشاء بصمت قبل ان يفجر رادولف القنبلة الجديدة
– ستكتبين الى الشركة لتبلغي زملائك انك قررت الزواج….
قاطعته لين قائلة:
– اكتب!! هل تظن ان بامكانك اجباري على الكتابة هكذا بكل بساطة؟
تمالك رادولف نفسه وحذرها:
– حاولي الا تقاطعيني يا امراة ستكتبين الرسالة بدون نقاش
تناول الشوكة و تاكد من نظافتها قبل ان يستعملها ثم اضاف:
– كما ستوجهين ايضا رسائل الى جميع اصدقائك لتعلميهم بالامر
اسكتها باشارة من يده اذ حاولت التعليق
– لا تحاولي الاعتراض ستنفذين اوامري بحذافيرها
– ليس بوسعك ان تجبرني على ذلك!!

ادركت لين ان في صوتها ضعفا لانها كانت تعلم ان الطاعة هي السبيل الوحيد
لتفادي العنف وان رادولف لا يقبل اقل من الرضوخ و الاستسلام و الدليل على ذلك

انه ناولها بعض الاوراق و قلما فجلست الزوجة تكتب كما امرها زوجها و الغصة في

حلقها تكاد تخنقها
سيستغرب زملاؤها و اصدقاؤها امر الزواج لكنهم لن يجدوا سببا لعدم تصديقه و
سيكفون عن البحث عنها بعد ان انتهت خرج رادولف ليبعث بالرسائل في البريد

بعد خروجه سمعت طرقا خفيفا على النافذه نظرت لترى من الطارق ففوجئت لما رات
وجه كونيل وركضت لتفتح له

قال الشاب بصوت لاهث:
– احضرن لك القلم يا سيدتي
– لا اعرف كيف اشكرك!! عد عندما تستطيع لاسلمك الرسالة
اقفلت لين النافذة بسرعة و خبات القلم و هي تامل ان يكون كونيل جادا مخلصا
و
اخذت تصلي لئلا يكشف زوجها اللعبة

غاب رادولف ساعتين قبل ان يعود محملا حقيبتيها بعد ان جلب السيارة من الموقف
كما وعد
– افتحي الحقيبة الكبيرة
– لماذا؟؟
– لابد ان لديك ملابس جميلة
رمقها بنظرته الخبيثة و اضاف باللهجة الحادة التي تكرهها لين:
– افتحي الحقيبة!!
اطاعت لين مرغمة و شرع رادولف في غربلة ملابسها الى ان وقع اختياره على فستان

قطني احمر
– هذا ما سترتدينه الليلة
ناولها الفستان لكنها رمته في وجهه فقال ساخرا:
– اعتبر عملك دعوة لالبسك اياه بنفسي
ضحك الغجري طويلا وهو يتفرج على زوجته تحمر خجلا لكن لين لم تجد هذه المرة
في
نظراته ما يخيف او ينفر بل تنامى في داخلها شعور مبهم تجاه هذا الرجل القاسي

المتلذذ بعذابها
اعد القميص فانا لن ارتديه مهما فعلت0
– لا يازوجتي العزيزه , ستنفذين رغبتي صاغرة0
اقترب رادولف منها فشعرت بحرارة عواطفه وحاولت دون جدوى الافلات من رغباته

4- مع ملك الغجر
في اليوم التالي خرج رادولف باكرا ليجلب لزوجته بعض الماء كي تغسل شعرها0
عندما رجع قال لها بنبرته المتعالية :
هيا اغسلي شعرك فالماء وفير 0
نهرته ونفسها تجيش بالغضب :
لا تكلمني بهذه الطريقة وكاني عبدة !
وجدت الكلمة الصحيحة 0 انت عبدتي 0
لاتعتبر نفسك سيدي ! من تكون في اي حال ؟ ربما كنت ملك الغجر لتعامل
الناس
بهذه الطريقة ؟
اجاب ضاحكا :
حسنا انا ملك الغجر!
ياله من مخلوق سادي لا يترك فرصة للهزء منها0
كلامك يعني بوضوح اني مخطئه 0
مالذي يجعلك تظنين اني ملك الغجر ؟
ترددت لين في الاجابة لانها لا تريد الاعتراف له بانه يملك سطوة وجلالال0
– انت مختلف بعض الشئ عن باقي قومك0
– مختلف ؟
عاد الى ذاكرة لين , عندما تكلم رادولف , المشهد الذي جرحت فيه شعوره بكلمة

قالتها 0 لا شك انه يحس بالشئ نفسه الان ولكن لماذا , ايخجل من كونه
غجريا؟
– نعم مختلف 0
تحاشت لين جرح الرجل مع انها تكرهه ولكنه يبقى انسانا كغيره يجب احترام
شعوره0
– كيف يمكنك ان تقارني بيني وبين قومي وانت لم تتعرفي الى احد منهم جيدا
؟
– خلال اليومين الماضيين راقبتهم من النافذه وسمعتهم يتكلمون 0
– اتعتبرين اليومين كافيين ؟
– اشعر كاني امضيت سنتين هنا لا يومين !
ابتسم رادولف فتساءلت لين اذا كان نسي الاهانه التي لاحظتها في صوته 0 لكنه
من النوع الذي يستطيع كتم مشاعره بسهولة 0
– الن تسخني الماء لتغسلي شعرك ؟
– لن استطيع غسل شعري في هذه المغسلة الصغيرة0
قطب رادولف جبينه وبدا مهتما للامر0
– ماذا تقترحين اذن ؟
– هل بامكانك ان تحضر وعاء اكبر ؟
– سابحث عن واحد 0
لاتعلم لين ماالذي دفعها الى طرح هذا السؤال المفاجئ على زوجها :
– هل صحيح ان الغجر يهددون الناس بحلول اللعنة عليهم اذا لم يعطوهم ما
يريدون؟
لم ينزعج رادولف للسؤال خلافا لتوقعها 0
– اتؤمنين حقا بذلك؟
– لا0 لكني اعرف كثيرين يخافون من لعنة الغجر0
وفيما هي تبحث في حقيبتها عن الشامبو اوقعت شيئا على الارض 0 التقط رادولف
الكتيب وفي عينيه اهتمام كبير لم تعلم المراة سببه0
– من اين حصلت على هذا الكتيب ؟
– من قصر السيد دوغي الذي زرته يوم التقيتك 0
تكلمت لين عن ذلك اليوم كان دهورا مرت منذ ان تجولت في تلك الحدائق الرائعه0

لاحظت ان زوجها لم يكتف فتابعت :
– حدائق القصر تفتح للزوار في بعض الايام خلال فصل الصيف 0لابد ان مالك القصر

مليونير 0
غرقت لين في حلم اعاد اليها اللحظات السعيدة التي نعمت بها في ذلك اليوم
وقارنت بينها وبين ماهي عليه الان , هناك الحرية المطلقة وهنا السجن الرهيب0
تنهدت المراة وزوجها مايزال يحدق فيها بفضول0
– متى قمت بهذه الزيارة الممتعة؟
كان سؤال الغجري ملحا الى درجة كبيرة 0 اذ يبدو ان معرفة موعد الزيارة امر

حيوي بالنسبة اليه 0 فاجابت لين وعيناها سارحتان في الحدائق الساحرة:
– يوم السبت الماضي 0
قادتها ذكرى الحدائق الى التفكير وتذكرت ان سبلها الوحيد الى الخلاص هو المال
الموجود في حقيبتها والذي ستغري به كونيل ليساعدها على الافلات من قبضة
خاطفها 0
حاول رادولف استعادة تفاصيل ذل اليوم وهو يتمتم :
– السبت الماضي000
اوضحت له لين :
– قبل ان تقوم باختطافي بيوم واحد0
هز راسه وهو يفكر عميقا ثم سالها :
– ما رايك بالحدائق؟
لم تفهم المراة سبب سؤاله فاستوضحته :
– لماذا تسالني ؟ هل تعرف الحدائق لتطلب رايي فيها؟
بدا الغجري مستمتعا بهذا الحديث فاجاب :
– نعم , زرتها عدة مرات 0
– مرة اخرى زل لسانها اذ قالت مستغربة :
– كيف سمحوا لك بالدخول ؟
وضعت لين يدها على فمها لتمنع خروج المزيد من الكلمات الجارحة 0 ورات عيني
الغجري تلمعان سخطا 0
اقترب منها الرجل مهددا :
– اوضحي سؤالك 0 اتعنين ان مستواي الوضيع لايليق بمقام زوار تلك الحدائق ؟
حاولت المراة ان تخرج من المازق فقالت :
– اسفه , اعتقدت ان000
– ان ماذا ؟
مدت لين ذراعيها متوسلة ومحاولة ايقاف غضبه0
– انا حقا اسفه 0 ارجوك ان تنسي الموضوع 0
انتظرت المراة الشابة ردا عنيفا من زوجها لكنه لم ينبس ببنت شفة0 متى ينفجر
ويعطي سجينته نصيبها من العقاب الذي تستحقه على هذه الاهانة ؟ لكن كل ما فعله

الرجل انه رمى الكتيب في الحقيبة وخرج من العربة 0
راقبت لين مشيته المتوازنة وجسمه الرشيق 0 لماذا لم تلاحظ فيه هذه الاشياء
عندما قابلته المرة الاولى ؟ لا شك ان الخطر الذي كان محدقا بها انذاك لم

يسمح بذلك 0 فجل ما صبت اليه كان الافلات من قبضته , الامر الذي تحقق
بفضل
الفتاة الغجرية 0 من هي هذه الفتاة التي اطاعها رادولف فورا , لابد ان لها

مكانة كبيرة في حياته كي ينفذ اوامرها وهو الرجل الصلب العنيد 0 لو لم تر

المشهد بام عينها لما صدقت ان رادولف ينصاع لامراة غجرية كالحمل الوديع 0
ربما كانت الغجرية تعرف سرا لو فضحته لاوقعته في ورطة كبيرة 0 لكن هذه الفكرة

مستبعدة لانها لو صحت لما تجرا رادولف على خذل فتاته والزواج من غيرها 0
ارادت لين ان تعرف حقيقة العلاقه بين زوجها والغجرية0 لكنها تخاف من اثارة
ذكرى اللقاء الاول كي لا يغضب رادولف وتسبب لنفسها ما لا تحمد عقباه 0 فلو

كان الرجل يرغب في التحدث عن اللقاء لكان فعل ذلك بنفسه 0 لابد انه يتناساه

لانه يخجل فعلا من فعلته الدنيئة 0 عاد رادولف حاملا وعاء اصفر كبيرا0
– هل يكفيك هذا ؟
– بالطبع ولكن من المستغرب ان تزعج نفسك من اجلي 0
– قلت لك يالين انك لم تري الجانب الاسوا مني بعد0 واقول الان انك لم
تري
الجانب الحسن كذلك0
ادركت لين انه يجب عليها اكتشاف حقيقة هذا الرجل والتعرف الى شخصيته الغامضة
اكثر 0 مع ذلك هزت كتفيها بعدم اكتراث لان رغبتها في الفرار ربما تفوق فضولها

في اكتشاف حسنات رادولف 0
غسلت شعرها في المطبخ وعندما عادت الى ” غرفة الجلوس ” في العربة تخلى رادولف

عن قراءة مجلة وقام يتولى مهمة تجفيف شعرها 0
شعرت لين بالدفء يغمرها لوجودها قرب زوجها الذي رمى المنشفة اخيرا واخذ وجهها
بيديه القويتين محدقا في عينيها الزرقاوين0
ارتعشت شفتاها وكادت ان تبدا بالبكاء وهي تتذكر زياراتها الى صالون التزيين
حيث كانت تمضى اوقاتا فرحة تتحدث الى صديقتها000لحظات بعيدة كانها تنتمي الى
ازمنة غابرة لن ترى لين لها وجها بعد اليوم0
انتشلها صوت رادولف الرقيق من تاملاتها:
– كم انت جميلة يا لين 0
طوقها بذراعيه وطبع على وجنتها قبلة طويلة 0 لم تقاومه لين لكنها وجدت الدموع
تترقرق في عينيها 0
– ارجوك ! لم اعد اتحمل اكثر !
– عناقي ؟
– كل شئ ! الا تفهم اني لايمكن ان اعيش سجينة طيلة حياتي ؟
ابتعدت لين عنه وشعرها ينسدل بفوضى على كتفيها ودموعها ترسم خطوطا بيضاء على
وجهها الناعم 0
اضافت بتوسل املة في ان يرق الغجري لحالها:
– دعني اذهب 0 لايمكن ان تحبسني في هذه العربة الى الابد 0 انت تعلم
ان ذلك
مستحيل 0
اطرق رادولف يفكر فظنت لين انها نجحت في اثارة مشاعره الانسانية الراقدة في
اعناق شخصيته الشريرة 0في اي حال هو قال انها لم تر الجانب الاحسن بعد0 فربما

رات هذا الجانب الان0 تهاوت احلامها عندما هز الرجل راسه واكد:
– انت زوجتي ومكانك معي 0 تزوجتني بارادتك00
– بارادتي ! كيف تستطيع ان تقول ذلك ؟
– لماذا تظهري اي اعتراض خلال اتمام مراسيم الزواج؟
رمقها بنظرة ماكرة واجاب على سؤاله بنفسه:
– لانك كنت تاملين بالفرار لوجودك خارج العربة , اليس كذلك ؟
– بالطبع كنت امل في الفرار , وهل تلومني على ذلك ؟
– وهذه الامال مازالت موجودة على ما اعتقد 0
تذكرت لين الشاب كنيل الذي احضر لها قلما 0 كما تذكرت المال في حقيبتها وعرفت

ان عليها اخفاؤه لئلا يكتشف زوجها خطئها وتضيع جهودها ادراج الرياح

اعترفت له بصراحه:
– انا انتظر الفرصة المناسبة للهرب 0 واعتقد ان من يكون في موقعي يفعل الشئ

نفسه 0
تنهد رادولف طويلا معترفا بصحة موقفها 0 نظرت اليه زوجته بذهول 0 هناك شئ
عجيب في هذا الرجل وفي هذه القصة كلها 0 لربما استطاع كونيل ان يساعدها على

حل اللغز المستعصي 0
اقترب رادولف منها ووضع يده على كتفها محاولا تهدئتها ومسح دموعها0
– ارجوك دعني000
ضمها الى صدره بحنان فاخذت ترتعش بقوة حتى تركها اخيرا دون ان تبدر منه اية

حركة عنيفة0 جل مافعله كان اطلاق تنهيدة محملة بالهموم0
– سرحي شعرك قبل ان ينشف0
خبير حتى في امور النساء الغجريات 0 فهؤلا لا يكترثن لامور التجميل فيتركن
شعرهن على طبيعته فيزيد من مظهرهن بدائية ووحشية0
لاشك ان رادولف يعرف اكثر مما يتوجب عليه كغجري لايهتم لما يجري في العالم
المتحضر 0 فالغجرعادة يكونون متقوقعين على انفسهم مكتفين ذاتيا في عالمهم
الخاص 0
سرحت لين شعرها تحت نظر زوجها وتساءلت عما يدور في خلده هذه اللحظات0 ماذا
يخبئ خلف هذه الملامح الوسيمة الغامضة ؟ ما هي النوايا الحقيقية لهاتين
العينين السوداوين الامعتين ؟ اهو لمعان الذكاء او الشر ؟ ام لمعان الاثنين
معا ؟
فجاة بدات لين تبحث في ذاكرتها عن نقطة معينة غير واضحة تماما 0 نظرت في

المراه الى فمه وادركت ان قبلاته صارت مختلفه عما كانت عليه في لقائهما الاول
0 كانت قبلاته مهينة بوقاحتها اما الان فاصبحت رغم حرارتها , اكثر احساسا
وانسانية ! لماذا غابت الامارات النبيلة عن وجهه في ذلك اللقاء 000يبقى
التفسير الوحيد لتبدل رادولف منذ ان حاول الاعتداء عليها هو انها كانت ساعتها
في حالة رعب شديد جعل رؤيتها للرجل مشوشة وزاد خيالها في تصور شره وعدائيته0
قطع صوت رادولف حبل افكارها :
– بماذا تفكرين ؟ ارى على وجهك مشكلة مزعجة 0
– تماما , مشكلة الهرب !
جزم الغجري ببرود :
– مشكلة لن تجدي لها حلا 0 ولكني ارى شيئا اخر في عينيك فما هو
؟
اتخبره لين بانها تجده الان مختلفا , وبالتالي تذكره بالحادثة الاولى التي لا
يحب الخوض فيها ؟ هزت كتفيها وكان لاشئ يشغل بالها وتابعت تسريح شعرها 0
كرر رادولف سؤاله :
– ما الامر ؟
– – وهل انا مجبرة على الاجابة ؟
– بالطبع والا لما وجهت اليك السؤال 0
نظرت اليه بتردد وقالت :
– قد لايكون جوابي صادقا 0
– انا اعرف بسهولة متى تكذبين علي 0
ربما كان صحيحا ان الغجر يملكون حاسة سادسة ويسبرون اغوار النفس البشرية كما
يدعون 0
– كنت في الحقيقة استعيد ذكرى لقائنا الاول 0
واخيرا تجرات على ذكر ما يتعلق بالحادثة الاولى 0 وكما توقعت تجهم وجه زوجها
بسبب ذلك 0
– من الافضل ان تنسي اللقاء الاول0
لم تفهم لماذا يعتبر زوجها حادث السيارة تافها ويركز على الحادث الثاني في
الغابة 0 ولاتفهم كذلك لماذا يغضب لذكر الحادثة الاولى مع ان لين هي الطرف
المهان والمجروح0
قررت لين ان تكمل المشوار الذي بداته :
– ولماذا انساه ؟
– لانني احاول ان انساه واذا تحقق ذلك تحققت مصلحتك 0
ملاتها كلماته حيرة وذهولا فقالت :
– لا اعتقد اني فهمت قصدك 0
– لنغير الموضوع يا لين !
من يسمع لهجته الامرة يظنه سيدا يكلم خادمته مع ان الحقيقة قد تكون العكس في

معظم الاحيان 0 فالغجر هم عادة الخدام وهم الوضعاء 0
لم تاخذ لين بنصيحته واصرت على اكمال الحديث :
– تريد نسيان الحادثة لانك تخجل من نفسك !
– اخجل من نفسي ؟
رفع حاجبيه تعجبا واضاف :
انت من يجب ان يخجل من نفسه 0
– ولكن00
– اخرسي ولا تجادلي !
خرست بالفعل واستانفت تسريح شعرها دون ان تفهم موقف زوجها 0 قررت اخيرا صرف
النظر عن مناقشة الموضوع لان ذلك لن يفيدها بشئ 0
– اريد ان اجفف شعري 0
– ما رايك بالخروج الى الشمس ؟
– اتمنى ذلك0
نهض رادولف من اريكته بكسل وعلى وجهه علامات الضجر0
غريب احتفاظه بالرشاقه رغم كسله وبطالته0
اتجها الى الغابة تراقبها النساء الغجريات الفضولية , لكن رادولف تفهم الموقف
ولم يدع مجالا لاختلاط زوجته ببقية قومه0
– اشعة الشمس قليلة هنا بسبب تشابك الاغصان 0 هلا اتجهنا صوب الطريق المكشوفة
للشمس ؟
ابتسم رادولف وقال :
– لا ياعزيزتي لن نتجه صوب الطريق0
– اتخشى محاولتي الفرار ؟
– قد تقومين بمحاولة حمقاء 0
– اعترف انك مصيب لاني ساحاول الهرب 0
– انت صريحة على الاقل0
– ماذا تعني بعلى الاقل ؟
– اعني ان غطرستك وغرورك مثلا يجعلانك تحتقرين الناس000
قاطعته لين :
– اذا كنت متغطرسة فماذا تكون انت ؟
اجابها برقة كوالد يؤنب طفله المشاغب :
– انا اعاملك بالمثل ليس الا 0
مرة جديدة سامحها رادولف على كلامها القاسي فشكرت ربها لانها تفادت غضبه0
تابعا سيرهما بصمت تستغل لين فرصة وجودها خارج العربة لتشبع رئتيها هواء نقيا
وعينيها خضرة حالمة 0 كانت من وقت الى اخر تسترق النظر الى زوجها فترى
التناقض بين ملامحه الراقية وكونه غجريا 0 مشيته تجعله يبدو نبيلا وشعره
المشعث المتراخي بفوضى يرده الى طبيعته الغجريه 0
اختار رادولف لهذه االنزهة واديا صغيرا تحفه الاشجار لا امل فيه لزوجته بان
تلتقي احدا يساعدها على الهرب0
قال رادولف وهو ينظر الى شعرها :
– ياستطاعتنا العودة الان0
اخذ خصلة ووضعها على خده قائلا :
– يا للضفائر الجميلة !
لم تنفع معارضه لين لحركته بل زادت من حدة عناق رادولف 0
– عليك ان تفهمي شيئا يا لين 0 كوني طيعة معي تصبح حياتك ممتعه 0

– انا لا اتصور اية متعة في العيش الى جانبك !
كانت لين تتمنى لو انه يمل منها ومن صدها فيتركها تعود الى بلادها0
عادا الى العربة فامرها رادولف بتحضير الطعام 0 وقفت لين ترمقه بنظرة تحد وهي
تغلي من الغضب لمعاملته اياها كخادمه 0
– لا اريد توجيه الامر اليك مرتين لانك تعرفين نتيجة ذلك يا حلوتي !
دخلت لين الى المطبخ دامعة لتحضر الطعام الذي قد تكون السرقة طريقة حصول
زوجها عليه 0
– بالله عليك يا لين ! انزعي حلة الحزن هذه عنك لئلا احولها الى حلة
دائمة!
على الرغم من الغيظ الذي غلف نبرته وجدت لين في كلامه نوعا من السام والتعب

من هذا الوضع0
لم تحضر لين الا طبقا واحدا فسالها زوجها :
– اين طعامك ؟
– لست جائعة 0
– مع ذلك ستاكلين اكراما لي 0 لاني لا احب الجلوس الى المائدة لوحدي 0

– من تظن نفسك حتى ترغمني على الاكل ؟ اشعر كانك سيد اقطاعي يفعل باتباعه
ما
يشاء !
– تخلت لين عن المجادلة في النهاية فاحضرت طبقا وجلست تاكل رغم انفها 0
– ارى ان دروسي في تعليمك الطاعة بدات تثمر يا حلوتي !
قالت لين بمرارة :
– السلطة والسيطرة توفران لك الرضى والسرور اليس كذلك ؟
– اصبت , اذ ان كل ما يذلك يمتعني 0 واعدك بان هذا العقاب البطئ
لن ينتهي
قريبا 0
– النهاية ؟ تكلمت عن نهاية العذاب !
– بالطبع فانا لا انوي ان اطيل العذاب اربعين او خمسين سنة0
ارتعدت لين للفكرة وتصورت نفسها تمضي حياتها في هذه العربة0
– اتمنى ان اموت قبل ذلك بكثير 0
زال المرح والعبث من عيني رادولف وقال :
– طفلة رائعة مثلك يجب ان تتمتع بالحياة لا ان تتكلم عن الموت 0
تخلت لين عن حذرها وانفجرت غاضبة :
– لا تتكلم كالابله فانت تدرك ان حياتي هنا جحيم مستمر !
وافق رادولف وقال ملمحا الى شئ تجهله زوجته :
– حاليا فقط 0
– حاليا وابدا اذا استمريت في سجني0
– فلنغير الموضوع يا لين 0 اخبريني عنك فانا لا اعلم كم تبلغين من العمر
مثلا
! تصوري ان زوجك لا يعرف عمرك0
– انا في الرابعة والعشرين, وانت ؟
– تخطيت الثلاثين ببضعة شهر 0 اخبريني المزيد عنك , اخبريني فانا احب سماع
صوتك 0
– لا اعتقد انك تحب سماعه دائما 0
– من المؤسف انك تفسدين حلاوة صوتك احيانا بتصرفاتك الرعناء0
استرسلت لين في الحديث واستمتع رادولف بالاطلاع على تفاصيل حياتها 0
– يبدو ان توماس هذا ممل بعض الشئ 0
– كيف عرفت ذلك؟
– من خلال حديثك عنه0 نحن الغجر اذكياء ياعزيزتي !
– انا لم اقصد اظهاره مملا 0
– توماس ليس الرجل المناسب لك يا جميلتي 0
– انت مخطئ في حكمك على توماس0
– توقعت ان تنكري ذلك0 يالك من شخصية شفافة يا لين اقراها بكل سهولة0
صبت المراة اهتمامها على طبقها لتفادي نظراته الاسره فاكمل الغجري الكلام :
– من المؤسف ان تكوني مصابة بعقدة التفوق حتى لا اقول جنون العظمة 0 يجب
ان
تتعلمي ان جميع الناس سواسية وان المجتمع الغجري ليس فاسدا لانه يختلف عن
مجتمعك 0 لايجدر بك احتقار الناس لمجرد انتمائهم 0 المجرم وحده حري بالاحتقار
والنبذ0
كان صوته مختلفا هذه المرة حتى ان لين وجدت فيه رنة موسيقية كاللهجة
الايرلنديه 0 برغم انه يكون احيانا قاسيا فان لهجته تختلف عن لهجة بقية الغجر
0 لم تفهم لين لماذا او لم يعد يهمها ان تفهم ما دام هدفها واضحا
: الهرب 0
– لم يتهمني احد من قبل بهذه العقد التي تتحدث عنها 0
– لكنك اظهرت عقدتك تجاهي 0
تبع ذلك صمت بارد وتشنج الجو بينهما 0احست لين بان الغجري يكاد ينفجر غضبا
وبالفعل قال لها بفظاظة :
– اذا اخطات بعد اليوم ساملا جسمك بقعا زرقاء !
اشاحت المراة وجهها لئلا تواجه عينيه القادحتين شررا 0
بعد قليل خرج رادولف فعادت لين الى وحدتها المملة برغم انها لا تستسيغ صحبة
زوجها , لكن وجوده افضل من لاشئ 0
استغلت فرصة غيابه لتخرج المال من حقيبتها وتخبئه وراء بعض المعلبات في خزانة
المطبخ 0 ثم انصرفت لكتابة رسالة قصيرة الى الشاب الغجري كونيل تعده فيها
بمكافاة مالية فورية واخرى ترسلها له بعد فرارها على عنوان يحدده لها0 قررت
لين ان تمنحه كل ما ادخرته خلال عملها فهي مستعدة للتضحية بكل شئ لقاء خروجها

من هذا النفق المظلم 0 لن يستطيع كونيل مقاومة اغراء العرض وسيتدبر طريقة
لتهريبها في اول فرصة تسنح له0
بعد الانتهاء من الكتابة جلست المراة الشابة على طرف السرير تمضي الساعات في
التفكير بمتاعبها وتتخيل نفسها حرة طليقة الى ان غلبها النعاس اخيرا وتسلل
النوم الى عينيها

5- الحلم يموت في مهده

افاقت لين , والظلام الدامس يلف العربة , على صوت الغجر يغنون ويرقصون حول
نار كبيرة اشعلت في وسط المخيم , ولم تستطع الا ان تستعيد ذكريات حياتها
الهادئة في انكلترا ووظيفتها المحترمة في شركة الهندسة الزراعية 0 ساهم ذلك
في زيادة توترها الى درجة خافت معها ان تفقد صوابها يوما اذا استمرت على هذه

الحال 0 ماذا سيجني رادولف من وجود امراة مجنونه معه ؟ لو يدرك ويعلم ان

كليهما خاسران لاطلق سراحها فورا 0
فجاة سمعت طرقا خفيفا على النافذة فهبت من سريرها وازاحت الستار بسرعة 0
– كونيل!
تكلم الشاب بصوت هامس :
-اخفضي صوتك لئلا يسمعنا احد !
لكن الاثارة والقلق جرداها من كل خوف وحذر 0
– لا تقلق 0 الكل مشغولون عني الان 0
– هل كتبت الرسالة ؟
هرعت لين واحضرت له الورقة 0
– ارجوك انتبه ياكونيل ولا تدع احدا يراك 0
– علي الذهاب الان 0طابت ليلتك 0
– شكرا جزيلا يا كونيل على ماتفعله من اجلي0
قال الشاب قبل ان يختفي في الظلام :
– لا اعلم ما اذا كنت قادرا على مساعدتك , لكني سابذل جهدي 0
خافت لين من ان يكون احد شاهد كونيل يتحدث اليها خصوصا وان النار تسللت الى

العربة تضئ لونها الرمادي الحزين ببريق قرمزي 0اجالت نظرها في الخارج لترى ما
اذا كان زوجها يراقب المشهد ويستعد للانقضاض من جديد على فريسته الضعيفه 0لكن
كل شئ كان هادئا ولم يبد اثر لانسان حول العربة0
بعد نصف ساعة عاد رادولف الى “المنزل الزوجي” من دون ان تظهر على وجهه علامات

تفيد انه علم بما حصل 0 اضاء المصباح العتيق بعد ان راى زوجته غير نائمة
0
– لماذا تجلسين في الظلام ؟ اتحبين ان تعذبي نفسك ؟
– ولماذا تحفل بعذابي ؟
– في الحقيقة انا لا احفل بعذابك 0
واضاف بنبرته الخشنة :
– ماذا فعلت في غيابي ؟
– لاشئ !
توجه رادولف نحو المطبخ وسال زوجته :
-اتريدين بعض الشاي ؟
– كلا 0
– لابد انك شربت فنجانا اذن ؟
-لا 0
سمعته لين يتنهد تعبا وهو يعد الشاي وتساءلت لماذا لم يطلب منها ان تحضره
بنفسها 0
عاد بعد قليل يحمل فنجانه فسالته باصرار:
-اين كنت طوال هذا الوقت؟
توقعت لين جوابا قاسيا يشعل مشادة جديدة 0لكنها فوجئت بزوجها يرمقها بنظرة
ناعمة مليئة بالحنان 0 هي قصدت من سؤالها اشعال غضبه لتعذبه لكنه خيب املها
بهدوئه0
جلس على كنبة يحتسي شرابه الساخن ويراقب زوجته بنظرة لا مبالية 0
– اريد ان اراك غدا بثياب جديدة0
افرغت لين دفعة واحدة كل الغضب الذي جمعته في وحدتها وقالت :
– سارتدي ما يحلو لي 0
– لاتحاولي الظهور بمظهر المراة الشريرة 0 سترتدين شيئا مما احضرت معك لتمضية
العطلة الممتعة 0 تاهت عيناها في حقيبتيها المقفلتين على بعض من ذكريات ,
قريبة كالوقت بعيدة كالحلم 0 كيف تضع ثيابها الانيقة في خزانة العربة القذرة
0
– ليس من المعقول ان تكون هذه العربة ملكا لرادولف فهو يبدو محبا للنظافة
والترتيب 0 ثم انه لايحتفظ فيها بثيابه او بممتلكات اخرى 0 تحفظه حول
خصوصياته يحيرها كثيرا ولكنها لا ترغب في الاطلاع على خفايا حياته لان قواها
منصبة الان على هدف وحيد :الفرار0
قالت لزوجها بعد تردد:
– لا ارى معنى لارتدائي ثيابا جميلة وبقائي سجينة هذه الزنزانه !
– لن تبقي هنا لاننا سننتقل غدا بسيارتك الى مكان اخر 0
احست لين ان قلبها توقف عن الخفقان لان الامال التي علقتها على مساعدة كونيل
انهارت بلحظة 0
– الن يرحل الباقون ؟
– لا0 نحن فقط 0
كادت لين بعفويتها تفضح كل شئ 0
– لا اريد ان اغادر المخيم 0
صعق رادولف لملاحظتها واخذ ينظر اليها دون ان يفهم 0
– وهل تستسيغين البقاء هنا الى هذا الحد ؟ مع انك لم تكفي عن التذمر
من
الضجر0
عضت لين على شفتها تحاول ايجاد جواب لا يفضحها 0 واستطاعت بعد جهد ان تقول
:
المكان الذي سنذهب اليه لن يكون احسن من هنا0
وانا لا انوي تمضية وقتي بالتنقل الدائم كالغجر المشردين0
لم تابه المراة لغضب زوجها من كلامها لان عقلها كان مشغولا بفرصة الهرب
الضائعه 0 ظنت ان الفرج سياتيها اخيرا على يد كونيل لكنها وجدت نفسها كالقابض
على الماء تعود الى نقطة الصفر0
برغم كل شئ حافظ الغجري على هدوئه ولم يظهر انفعاله لنعت زوجته قومه
بالمتشردين0
– لاتحاولي الاعتراض لاني مضطر لمغادرة المخيم 0
تساءلت لين عما يمكن ان يكون سبب هذا الاضطرار 0
– ولماذا تكون مضطرا للرحيل ؟
– لا ضرورة لان تعرفي 0
– وهل سنجد عربة شاغرة في المخيم الذي سنقصده ؟
– بالطبع0 الست ملك الغجر كما قلت ياعزيزتي ؟ والرعية لن تدخر جهدا لتوفر
مكان اقامة مريحا لملكها 0
اخذت لين تجوب العربه وهي تفكر بالمخيم الجديد والعربة الجديدة القذرة ,
وبمزيد من هؤلا الناس السمر الفضوليين 0 سجن جديد وحراس جدد يرصدون تحركاتها
عندما يكون زوجها غائبا 0
وفجاة انهارت اعصابها وصرخت :
– لا استطيع تحمل المزيد ! لا استطيع البقاء سجينة 0 سيقتلني الضجر !
واضافت وهي تحدق في رادولف :
– كيف تستطيعون تمضية ايامكم بكسل ؟ الا تملون من عدم الحراك ؟
وضع الغجري فنجانه على الطاولة ونهض من كرسيه دون ان يظهر عليه اي انفعال مما

زاد من حيرة لين التي قالت :
– هناك لغز في حياتك! هناك شئ مخبا ! الى اين تذهب كل يوم فانت
ولا شك لا
تبقى في المخيم ؟
ازاح الغجري وجهه وكان ملاحظاتها احرجته فاستغلت لين الفرصة وتابعت بالحاح
شديد:
– اريد ان اعرف كل شئ ! انت تذكرني باستمرار اني زوجتك ففي هذه الحال
يحق لي
ان اعرف اين وكيف يمضي زوجي اوقاته ؟
لم تفهم لين سبب اصرارها وتشوقها لمعرفة المزيد عن هذا الغجري الغامض 0 ربما
كان شعورها بالفراغ سبب هذا الفضول الكبير او انها بحاجة الى شئ يشغلها
ويجعلها ” تشترك” بشكل او باخر في حياة مجتمعها الجديد0 لكن رادولف لم يشبع
فضولها اذ اكتفى بالقول :
– انت لم تعتبري نفسك زوجتي حتى الان 0 فعندما تعتبرين اننا متساويان ستعرفين
كل شئ 0 لكن ما دمت تعتقدين انك متفوقة علي لانني غجري فلن اطلعك على
الحقيقة
0
كل شئ في هذا الرجل يزيد من اللغز غموضا : جسمه الرشيق , مشيته المتعالية
,
كبرياءوه وسطوته , ثقته المفرطة بنفسه 0 ومرة جديدة قالت لين في نفسها : لو

لم اكن اعلم انه غجري لما صدقت ابدا انه كذلك 0عندها فكرت باولاف وبحديثه عن

وضع رادولف الخاص , فتلك الكلمة انطبعت في مخيلة لين وجعلتها تظن ان زوجها هو

ملك الغجر0 هو ليس بالطبع ملك الغجر لكنه يتميز عنهم بشئ ما000
لما نظر اليها رات المراة في عينيه مرارة كبيرة كانه يطلب منها ان تتفهمه
وتساعده على تخطي مشكلة لم تستطع بعد ادراكها ومعرفة القصد منها 0
اجابت لين اخيرا على اقتراح رادولف باعتبار نفسها في مستواه:
– لن اعتبر نفسي ابدا في مستواك 0
اعوز كلماتها الثقة والتصميم لانها لم ترد التسبب في المزيد من الاهانة لهذا
الرجل 0 ولانها لم ترد توسيع شقة الخلاف بينهما اكثر 0وهو قادر في جميع
الاحوال على تقليص هذا الفارق ” الطبقي ” بينهما عندما يتشاطران بعد قليل
السرير نفسه حيث يمارس سلطاته المطلقة بدون ان تحاول المراة المسكينة ابداء
ادنى اعتراض 0
هز الغجري راسه وقال :
– في هذه الحالة لن تعرفي عني اكثر مما تعرفين 0
” انقلب السحر على الساحر وشعرت لين انها ذليلة عاجزة امام نبرته المتغطرسة 0
فتمنت لو تستطيع ايجاد الكلمات الملائمة لترد له الاهانة لكنها فشلت 0
– الى اين سنذهب ؟ اعني اين يقع المخيم الذي تحدثت عنه ؟
اكتفى الرجل بالقول :
– في مكان بعيد جدا 0
– ولكن ماذا سنفعل بالحصان ؟ لايمكنك اصطحابه اذا كنا سنستعمل السيارة 0
كان رد رادولف هادئا وعاديا جدا :
– بما اني سرقته ساعمل على رده الى اصحابه 0
– لا ضرورة لان تستغل كل فرصة تسنح لك لتسخر مني 0
– ولكنك افترضت اني سرقته , اليس كذلك ؟
– ولماذا لا تقول لي من اين حصلت عليه ؟ فانت توافق معي على انك
لست قادرا
ماديا على امتلاك مثل هذا الحيوان الرائع0
كل كلمة , كل حركة , كل دقيقة تمر كانت تزيد من غموض اللغز وصعوبته
بالنسبة
الى المراة 0 ما السبيل الى اكتشاف الحقيقة وازاحة الستار عن الجوانب الخفية
في حياة الغجري ؟ قد يكون الوقت كفيلا بذلك00وقد لا يكون0
استوضح رادولف زوجته :
– لم افهم تماما معنى كلامك 0
– بصراحة , اعني ان مظهرك لا يوحي بان هذا الحصان الاصيل ملك لك 0

كانت الاهانة الجديدة اقوى من ان يتحملها الرجل 0 فعندما تكلم بدا فاقدا
تماما سيطرته على اعصابه , يعميه الحقد 0
– لابد ان يقودك لسانك يوما الى مهلك لانجاة منه 0
وجدت لين نفسها تعتذر على الفور منه وحاولت تغيير وجهة الحديث 0
– اسفة لاني اسات التعبير 0 الن تخبرني من اين حصلت على الحصان ؟ انه
حصان
اصيل ان لم اكن مخطئة0
– من اين لك هذه المعلومات عن الجياد ؟
– انا لا اعرف الشئ الكثير لكني رايت مثله عندما كنت امارس الفروسية لبضع
سنوات خلت 0
بدل ان يجيب على تساؤلها حمل رادولف فنجانه الى المطبخ ولما عاد بدا بخلع
ملابسه 0
– حان وقت النوم لاننا سننهض باكرا في الغد 0
سارعت لين الى تبديل ملابسها فيما زوجها منشغل بالبحث عن صحيفة احضرها ,
والقراءة ليست بالطبع عادة غجرية , حتى لا تضطر الى فعل ذلك امام عينيه
الفضوليتين والساعيتين الى التمتع بجمال قدها 0
انصرف رادولف بعدان وجد صحيفته الى التفتيش في حقيبة زوجته حتى وجد فستانا
قطنيا ازرق مفتوحا عند الصدر 0
– سترتدين هذا الفستان غدا لانه يبرز جمالك بسخاء 0
نشلت المراة الفستان من يد زوجها ورمت به على الارض رافضة فكرة فرضه ارتداء
الملابس عليها 0 ولكن رادولف لم يتسامح هذه المرة 0 بل امسك بشعرها وصفعها
على وجهها بعنف حتى كاد يرميها ارضا0 ولم يتوقف عن ضربها حتى تعب وروى غليله

منها 0 وقفت المراة امامه ترتعش والدموع تختلط مع الخصلات السوداء المترامية
على وجهها المتورم 0 هذه اول مرة تمد يد اليها وتعامل بمثل هذه القسوة 0
فهي
لم تتعرض في حياتها لتجربة مع جلاد كالغجري رادولف0
– التقطي الثوب!
اطاعت لين امره ودفنت وجهها في الثوب تحوله مجرى لدموعها الغزيرة 0 ثم صرخت
بصوت مخنوق :
– لن استطيع المتابعة ! لن استطيع الصمود 000سانتحر !
فوجئ الرجل لهذا التهديد ووقف يحدق في زوجته لحظات طويلة قبل ان يضمها بحنان
الى صدره ويقول بكل ما لديه من رقة :
– لماذا تغضبينني يا عزيزتي على استعمال العنف ؟
اضاف وهو يتحسس بيده القوية وجنتيها اللاهبتين :
– لو كنت تتصرفين بروية 00
توقف محاولا تهدئة جسمها المنتفض الما وحزنا ثم تابع :
– على المرء ان يكون حذرا عندما يتعامل مع غجري 0
تمتم عدة كلمات اخرى خيل للين ان من بينها : الجانب الاسوا مني 000الصقت
راسها بصدره العريض المضياف تودعه همومها واحزانها وتصغي الى دقات قلبه
المطمئنة ورتابة تنفسه العميق 0 بدا اضطرابها يزول وهدات بعد ان اطلقت تنهيدة
طويلة وسمعت زوجها يهمس :
-هذا افضل بكثير ياحلوتي 0 لا اريد بعد الان ان ارى الدموع على وجهك الجميل
0
تمكنت المراة اخيرا من رفع عينيها الرطبتين الى وجه زوجها وتمتمت بعد ان علمت
انها ترتاح كثيرا الى الوجود بين ذراعيه القويتين , وتمنت لو يبقيان هكذا الى
الابد:
– انت مختلف 000ياليتك تظل كما كنت الان00
امر لا يصدق ! كيف تسر لين لوجودها في احضان هذا الرجل الذي لا تكف
ثانية عن
التفكير في كيفية الافلات من يده ؟ لماذا لم تنفر هذه المره من لمساته ؟

لماذا لم تخف من تحمل قبلاته ؟
اضافت والكلمات تسبقها :
– لماذا انت مختلف ؟
بدارادولف كانه يقبل بهذه الحقيقة ولكنه لا يقوى على ان يصرح بالسبب لان هناك
امر خطير يمنعه من ذلك, لربما كان امرا يتعلق بالماضي ويمد تاثيره على
المستقبل 0
– لا استطيع يا عزيزتي ان اشرح لك الحقيقة 00
ابتعد عنها وزاد :
– هيا الى النوم ياحلوتي 0
وقفت لين مشدوهة وهي تشاهد زوجها يتوجه الى المطبخ ليحضر بعض الماء 0
واستغربت التبدل العميق الذي احدثه تهديدها بالانتحار في هذا الغجري الغريب 0
لم تعد تابه بالالم الذي سببه لها بل انحصر تفكيرها في التوصل الى كنه وكشف

حقيقته 0
عندما عاد رادولف الى الغرفة اخذ يحدق بلين واقفة بقميص نومها الاحمر ويتامل
جمالها الصارخ من راسها حتى اخمص قدميها , ولاحظت الزوجة الحائرة العروق في
عنقه تنبض بعصبية وصدره المغطى بشعر اسود كثيف يسرع في الصعود والهبوط 0
يا لتناسق لون عينيه مع لون بشرته ولون شعره ! ان رادولف في الحقيقة ينضح

رجولة تجعله حلم كل امراة 000بشرط ان تنتفى منه واحدة : كونه غجريا 0
وعندما انتقلت عينا الغجري الى وجهها حيث ما زالت اثار الصفعات واضحة , ظهر
عليه الاسف والندم الشديدان على استعماله العنف , تماما كما ندمت لين على
استعمالها الطريقة نفسها في الغابة 0 اقترب منها واخذ راسها بكلتا يديه
محاولا الاعتذار لانه ولا بد مدرك انه اخطا بصفعها بينما هي لا تشاطره الشعور
ذاته , لانها لا تزال مصرة في نفسها على انها كانت محقة في استعمال السوط

لتدرا خطر الاعتداء عنها0 غفت لين بين ذراعيه وراسها غارق في صدره الوسيع
تذوق للمرة الولى طعم الراحة في فترة ” راحتها ” القسرية هذه 0 وتحس بقلبها

خاليا من الحقد والمرارة 0 ايكون العنف جردها من مشاعرها واضحت دمية نكرة
لاتنفعل ولا تشعر ؟ ام تكون العادة سلبتها طعم الحياة فلم تعد تهتم لما
يصيبها ؟ ام هو الاستسلام غلبها واقنعها بان المقاومة لن تحقق الا المزيد من
العذاب والقساوة من رادولف ؟ الشئ الوحيد الذي تدركه في هذه اللحظة هو
الارتياح لان كل شئ بسلام او يشبه السلام 000وذلك بفضل تفهم رادولف لوضعها
ولاكتفائه بطبع قبلة خاطفة على جبينها 0
امضى الزوجان الشابان معظم النهار في السياره يتجهان الى حيث تجهل لين 0
تمتعا بالطقس الجميل ساهمت الشمس الدافئة بازالة حاجز العداء بين لين وزوجها
كما سرت المراة لوجودها بعيدة في سيارتها عن اي من مظاهر الحياة الغجرية التي
كرهتها والتي اسقط واقعها المر احلاما شاعرية بنتها لها قصص الادباء وعمرتها
اخيلة الشعراء0
لا تستطيع المراة الانكليزيه المعتادة على صخب الحياة ان تحيا هكذا وبدون هدف
كنبته طفيلية تعيش على جهد غيرها 0 لابد لها من هدف واضح في حياتها تصبو
اليه
وتعمل على تحقيقه0 فالطريق ان لم يفض الى مكان ليس طريقا 0 وقطار الحياة ان

لم يقصد محطة ما يصير خردة معطلة 0
هدف لين في الحياة ليس معجزا , فجل ما تريده ان يكون لها منزل هادئ
تعيش فيه
بطمانينة مع عائلة يسود وشائجها الحب ويجمع افرادها الحنان 0 والحياة مع
رادولف في عربة قذرة انكسار لحلمها وسحق للطموح 0
كم كان كونيل مهما بالنسبة اليها وكم احست بالخيبة لانها ابتعدت عنه ! كان
حلما خرج من العدم ليخصب ارضا جدباء0 فاذا بيد رادولف تمتد لتخنق الحلم وهو
في المهد ولترمي بلين في مكان جديد لا تعلم ماذا ينتظرها فيه سوى مزيد من

الوحدة والملل 0 لكن ما ابقى في نفسها اثرا من امل هو تلميح رادولف الى

امكانية العودة الى المخيم نفسه في يوم قد لايكون بعيدا0
لاحظت لين 0 الغارقة في المقعد الوثير 0 ان رادولف لا يلاقي اية صعوبة في

القيادة مع ان الغجر لا يحسنون عادة قيادة السيارات مفضلين وسيلتهم القديمة
للتنقل : الحصان0
انتبه رادولف ان زوجته لم تكف عن مراقبته طوال الطريق فنظر اليها وسال :
– بماذا تفكرين ؟ اراك شاردة في امر مهم 0
– في الحقيقة كنت اراقب طريقة قيادتك فانت سائق ماهر على ما ارى 0
– العادة كفيلة بتعليم المرء كل شئ 0
– صحيح لكني اعرف انك معتاد على ركوب الخيل خصوصا وانك قلت مرة انك تستعمل

الجياد لا السيارات 0
كانت لين تشير بكلامها الى جملة قالها رادولف عندما التقيا للمرة الاولى قرب
سيارتها المعطلة 0 حاول الغجري ان يتذكر ذلك ثم هز راسه نافيا 0
– لابد انك واهمة فانا لم اقل شيئا من هذا القبيل 0
– انسيت ما قلته في لقائنا الاول ؟
– نحن لم نتبادل كلاما يذكر في لقائنا الاول 0 يبدو ان مخيلتك واسعة ياعزيزتي

!
انباها حدسها ان رادولف يتحدث عن اللقاء الثاني عندما اختطفها على اثر ضربة
السوط 0 اثار حنقها عدم اكتراثه الدائم بالحادثة الاولى وتركيزه على الثانية
وكان لين ارتكبت يومها جريمة لا تغتفر محت اثار فعلته البشعة0
بعد ما جرى في الامس تحول رادولف بسرعة من رجل شرس الطباع , عصبي المزاج
الى
هادئ لاتثور اعصابه لمجرد سماعه كلمة كما كان يفعل في السابق 0 تذكرت المراة
ما قاله البارحة خصوصا الجملة التي تمتمها ولم تفهم منها سوى : الجانب الاسوا
مني00لاشك في ان لهذه الكلمات اهمية قصوى لان الغجري كان صادقا عندما تفوه
بها كانه يدلي باعترافات خطيرة يحاول جاهدا ابقاءها دفينة اعماقه , لاعبا دور
الرجل الشرير الساخر من القيم 000اهو مصاب بانفصام في شخصيته يتصارع فيها
الخير والشر بعنف يجعله متلونا من ساعة الى اخرى ؟ ايحاول الجانب الخير
الانتصار على الجانب الشرير والافلات من براثن الغرائز البدائية ؟ ان هذا
الصراع ينعكس على لين بشكل دراماتيكي يجعلها رهينة مزاج زوجها المتقلب 000ما
حدث البارحة يعزز اعتقاد لين 0 فرادولف هدا بعد ان انفجر بشدة وطغى عليه
جانبه الحسن بعد ان بدا نادما على ما فعله بها 0 حاول التكفير عن ذنبه

بملاطفتها وتطييب خاطرها وعندما افاق في الصباح نظف الفستان الذي رمته لين
على الارض ثم احضره لها والبسها اياه بكل رقة ونعومة 0
مراع خضراء على امتداد النظر رافقتهما في تجوالهما 0 ” تحرسهما ” هضاب واسعة
مغطاة باشجار خضراء عالية تهمس في اذن السماء الصافية اشعارا والحانا 0 اوقف
رادولف السيارة في مكان اخضر فسيح في منطقة تدعى كيلارني 0 وسار العروسان الى
بقعة منعزلة فيها بحيرة جميلة تقع على سفح جبل عال0
كادت الدهشة تعقد لسان لين فاخذت تجيا الطرف في هذه الجنة الرائعة تغرف من
جمالها وبراءتها فيفيض البهاء في نفسها عذوبة وصفاء0
– ما اجمل هذا المكان ! كيف تعرفت اليه ؟
اجاب رادولف :
– انا اعرف ايرلندا كلها 0
شع في عيني المراة الشابة بريق وارتسمت على شفتيها ابتسامة واحست بنفسها تسبح
في بحر من الاحلام 0 شعرت بالدفء يغمرها عندما طوقها رادولف بذراعيه 000ليته
يكرر كلمات الامس بوضوح لتعرف المزيد عنه ترتاح 000
– تعالي , علينا الا نضيع المزيد من الوقت !
نظرت اليه بحيرة وقالت :
– قل على الاقل الى اين 0
– ستعرفين عندما نصل 0
– لن اعرف شيئا فانا ضائعة 0
ضحك رادولف وقال :
– نحن في كيلارني وهذا الجبل يدعى الجبل القرمزي 0
– لم يفدني شرحك كثيرا 0
– ايهمك الى هذا الحد الاطلاع على التفاصيل الجغرافية ؟
– في الحقيقة ,لا0
عاد رادولف بسرعة الى السيارة وجلب سلة مليئة بالطعام 0 وابلغ زوجته كالعادة
انه سرق السلة ومحتوياتها من احد المتاجر 0 لكن المراة لم تقتنع بكلامه 0
– انت لم تسرق شيئا !
– اتحاولين تبرئة نفسك من وجودك مع زوج لص لا يعرف الا السرقة وسيلة لكسب

الرزق ؟
اصاب رادولف بسؤاله لان لين كانت تكره فكرة كونه لصا 0
ارادته رجلا شريفا يحصل على لقمة عيشه بعرق جبينه 00ولكن لماذا تجد نفسها
مهتمة بسلوكه ؟ ما الفارق في ان يكون رادولف لصا او رجلا شريفا ما دامت
ستهرب
منه يوما وتسترجع حريتها الغالية؟

6- السجن الجديد
اخذت لين تتساءل ما اذا كان ممكنا الا يكون رادولف قد سرق كل هذه الاغراض
,
فمن اين اتى بالصحون والسكاكين والملاعق خصوصا وانها من الصنف الغالي ؟ لابد
انه يتعاطي سرقة مثل هذه الاشياء لاعادة بيعها الى تاجر شريك باسعار زهيدة 0
سالته فيما هو مشغول بتحضير الموقد :
– بماذا يمكنني مساعدتك؟
– هلا احضرت الاطباق ووضعتها على الشرشف ؟
– حسنا 0
تابعت لين وهي ترى الاطعمة المختلفة في السلة :
– من اين جلبت كل هذا ؟
جاء جوابه ساخرا كما توقعت :
– السرقة وسيلتي المفضلة لا بل الوحيدة !
تنهدت المراة واقرت بان استمرارها في طرح هذه الاسئلة يعني استمرار تلقيها
مثل هذه الاجوبة 0 لكنها لم تترك كلماته تمر دون تعليق فقالت :
– توقعت ان تكون فعلت ذلك ولكن من اين سرقت هذه الاغراض ؟
عندما ضحك الغجري وبانت اسنانه الناصعة , شعرت لين بقلبها يخفق بقوة 0 وحاولت
ان تكتم اعجابها المتزايد بزوجها الوسيم 0
– اغرت في الليل على مطعم قريب من المخيم , لقد كانت مهمة غاية في
السهولة !
– لا تختلق الاكاذيب 0 لا يوجد اي مطعم بالقرب من المخيم !
– انت مخطئة ياعزيزتي لانك لاتعرفين المنطقة كما اعرفها 0
برغم دقة الموضع ساد الحوار جو لطيف 0 وكان الزوجان كاي عروسين سعيدين
يتبادلان اطراف حديث عذب ومرح 0 وحرصت لين جاهدة على عدم اثارة رادولف لئلا
يعود الى مزاجه الشرس ويفسد هذا اليوم الجميل 0
سالته بصوتها الرقيق :
– هل سرقت المقلاة كذلك ؟
ابتسم رادولف وهو يشعل النار ثم اجاب :
– نعم ولكن سرقتها كانت صعبة وكادت تؤديبي الى السجن , فقد اوقعتها على قدمي

ولم اتمكن من العدو بسرعة حتى كاد رجل الشرطة يلحق بي 000لكن حيلتي كانت اقوى

واستطعت الافلات بعد ان اختبات وراء سور عال 0
اضاف وهو يضع شرائح لحم العجل في المقلاة :
– افعل اي شئ كي لا اعود الى السجن لان من يجربه مرة يبذل المستحيل
لئلا يعيد
الكرة 0
لم تعلق لين على كلام زوجها لانها كانت محتارة في تصديقه او لا , بل
انصرفت
الى المساعدة في اعداد الطعام 0 وعندما اكتشفت علبة مليئة بمختلف انواع
الفاكهة قالت :
– لا استطيع ان اتصور كيف جلبت كل هذا!000لا , لا تقل شيئا عن السرقة
0 لقد
توصلت الى واقعة ثابته وهي ان في تصرفاتك وطريقة عيشك اشيئا لا علاقة لها
بانتمائك الغجري 0 انت 000انت مختلف 0 تردد رادولف طويلا قبل ان يتحسس جرحه
ويتكلم :
– ولكنك قلت اني غجري متشرد , حثالة المجتمع0
مد يده السمراء القوية واضاف :
– الا ترين سمرتي الغجرية ؟ ولماذا تهتمين باموري ما دمت مصممة على الهرب ؟

رمقها بنظرة تحمل الف معنى ومعنى واكمل :
– لو كنت تودين مشاطرتي الحياة لكانت الامور بيننا مختلفة 0
لم تفهم المراة سبب اهتمامها البالغ باسرار حياة هذا الرجل 0
ولكنها ادركت الان بشكل لايقبل الجدل ان رادولف يرغب ببقائها معه الى الابد !
لماذا تعتقد ان رادولف سيسام منها يوما ويطلق سراحها ؟ لماذا ظنت انه كغيره
من الغجر لايستقر مع امراة واحدة بل يبحث دائما عن صبية تؤمن له دفء الحب

وحرارة العاطفة ؟ فهذا النوع من الرجال لا يرى في المراة الا جانب المتعة
والعبث دون ان يفكر في الامور الاخرى السامية كبناء العائلة وتربية
الاولاد000
غريب كم ان رادولف مختلف بجانب من طباعه عن عوائد الرجال من قومه !
بادر الغجري الى السؤال :
– اما زلت مصممة على الفرار ؟
اجابت المراة بكل عزم :
– بالطبع , وماذا تتوقع مني غير ذلك ؟
اشاح رادولف بوجهه كي لاتظهر انفعالاته وصرح بصوت مرتجف بعض الشئ :
– برغم البداية السيئة يمكننا ان نعيش معا حياة جميلة 0
توقف ليستجمع افكاره ثم اضاف :
– اليوم مثلا سار كل شئ على ما يرام 0
– لا اعتقد ان يوما واحدا من التفاهم يكفي لبناء حياة مشتركة 0
– كل طريق تبدا بالخطوة الاولى , فلنعتبر اليوم خطوة اولى ومثالا نحتذيه في
تصرفاتنا 0
لم تصدق لين ان هذا الرجل الذي يتكلم هو رادولف 00 اين التعالي والغطرسة في

صوته ؟ اين نظراته الساخرة ونبرته المتهكمة ؟
من عادة رادولف اعطاء الاوامر ورؤيتها تنفذ , لكنه الان يطلب من زوجته العيش
معه لا بل هو يتوسل اليها !
– اسمع يا رادولف , انا لا انوي ان امضي حياتي متنقلة من مكان الى
اخر لاني
احب الاستقرار 0 اضف الى ذلك اني لست مغرمة بك وتبعا لذلك يغدو طلبك غير
قابل
للاستجابة 0
لم يعلق الغجري على رفضها بشئ بل غير الموضوع وانصرف الى الاكل بعد ان ملا

طبقا لزوجته وصب لها بعض الشاي 0جلس الزوجان بعد الاكل يتاملان مياه البحيرة
الرقراقة والشمس تغمر المكان بدفئها وطنين النحل يملا الجو بهجة وفرحا 0
ماذا يطلب الانسان اكثر من ذلك ليكون مسرورا ؟ ماذا ينشد ليشعر بالامان
والسلام ؟ وهذا ما شعرت به لين فتداعت جدران الحقد الفاصلة بينها وبين زوجها
0 وشعرت بان هذا الرجل قريب منها ولم يعد ذلك الشخص الشرير الذي كرهته الى
حد
لايوصف 0
نظرت الى وجهه فلم تستطع انكار جماله الباهر وملامحه النبيلة المتناقضة مع
انتمائه الغجري 0 يزيده هذا التناقض غرابة وفرادة لايملكها غيره من الرجال 0
جعله ذلك اميرا في ثوب فقير , نبيلا في ملامح رجل اسمر عانى شظف العيش
وخبر
مصاعب الحياة 0
لم تر لين في حياتها احجية بهذا الغموض , وسامة متعالية في رجل فقير ينتمي

الى قوم يفتشون عن اللقمة ليسدوا رمقهم , يعيشون متشردين بلا وطن ولا هدف 0

التفت رادولف اليها فوجدت صعوبة في ازاحة نظراتها الماسوره ببريق عينيه
السوداوين 0
– متى سنصل مقصدنا ؟
– امامنا الكثير من الاميال بعد 0
لم تقنع لين بهذا الكلام فقالت :
– هذا ليس بجواب , الا تستطيع ان تكون اكثر وضوحا ؟
تناول رادولف الفاكهة واجاب :
– اعتقد انه علينا اجتياز حوالي الخمسين ميلا 0
ناولها تفاحة حمراء سائلا :
– اتريدين تفاحة ؟
– بكل سرور 0
– على الرحب والسعة ياعزيزتي 0 ما رايك بمزيد من الشاي ؟
استغربت لين كل هذا الانتباه وكل هذه الرعاية من زوجها , لاسيما انها خذلته
باعلانها عن رغبتها في عدم العيش معه واصرارها على الفرار 0
– لا , شكرا 0
– فلنجمع اغراضنا اذن لنكمل الرحلة 0
تنهدت المراة وتمتمت شاكية :
– اود لو اعرف سبب رحلتنا 0
– كوني على ثقة بان السبب وجيه جدا 0
اخذ رادولف يجمع الاغراض في حين توجهت لين الى البحيرة لترمي ي مياهها بقية
الشاي وذكرى ساعات بديعة امضتها في هذا المكان حيث لم تفكر مرة واحدة , خلافا

للسابق , بايجاد طريقة للفرار !
في السيارة شاركها رادولف تساؤلها عندما قال :
– ارى انك لم تحاولي الهرب اليوم !
– لم اجد فائدة في ذلك لانك بدون شك اسرع مني في العدو , فلو
حاولت شيئا
لامسكتني بسهولة 0
– هذا صحيح ولكن مع ذلك لاحت لك عدة فرص للافلات خصوصا عندما كنت احضر
الطعام
من السيارة 0
– لقد وزنت جميع هذه الفرص ووجدتها خاسرة لانني كنت سالقي عقابا شديدا على
فعلتي !
لاحظت لين انه انفعل لما سمع وان لم يعلق على الكلام بشئ 0
ظل رادولف صامتا حتى وصلا اخيرا الى طريق ضيق مقطوع يقوم في نهايته مخيم
للغجر 0
– سنتوقف هنا ياحلوتي 0
– اهذا هو المكان الذي نقصده ؟
– كلا 0 هذه مجرد محطة قصيرة في رحلتنا 0
اوقف السيارة قرب احدى العربات واضاف :
– ابقي هنا فلن اغيب اكثر من بضع دقائق 0
واخيرا وجدت لين فرصة ذهبية لتفلت من قبضة خاطفها فهزت براسها موافقة وغرقت
في مقعدها تنتظر ابتعاد زوجها عن السيارة 0
تقدم منه بعض الرجال السمر وغرق الجميع في محادثة هامة لم تسمع لين منها شيئا

لانها كانت بعيدة عن موضوعها0 ثم تحسست مقبض باب السيارة وادارته على مهل ,
ونظرت الى زوجها الذي ادار نظره لها 0 بعد ذلك لمحت الرجال يرمونها , بين

لحظة واخرى , بنظرات فضولية فتوترت اعصابها وصارت خائفة من الاقدام على خطوة
الفرار 0 شيئا فشيئا فترت همتها ورات ان لا فائدة من المحاولة لان الجميع في

المخيم سيكونون على اعقابها ويعيدونها سجينة 0 لذلك اعادت اقفال الباب كما
فتحته بهدؤ وفتحت زجاج النافذة لتسترق السمع 0 فاصيبت بالخيبة لان الحديث كان
دائرا باللغة الغجرية 0 لا بد ان لما يدور بين هؤلا الرجال اهمية قصوى
بالنسبة لزوجها وبالنسبة لها 0 عندها اطل رجل عجوز انضم الى الرجال وتحدث
بالانكليزية فتمكنت من سماع ما قال :
– انه لم يات يارادولف 0 اتعظ ودعه وشانه لانك تعذب نفسك بدون جدوى 0
لقد
نصحتك مرات عدة 000قاطعه رادولف فنظر العجوز الى السيارة واكمل كلامه بلغة
اهل قومه حتى لاتفهم لين شيئا 0
بعد قليل عاد رادولف الى السيارة غاضبا وفي الوقت نفسه عاقدا العزم على
الوصول الى هدفه السري 0
انطلق بالسيارة دون ان يكلف نفسه مشقة الالتفات الى زوجته ولم يحرك ساكنا الا
عندما انتبه الى ان السيارة تحتاج الى الوقود 0فقد استنفذت الرحلة محتويات
الخزان الذي ملاه رادولف في الليلة الماضية 0 عاد الغجري ادراجه الى المخيم
واشار الى احد الرجال كي ياخذ السيارة ويملا خزانها بالوقود0
ترجلت لين وهي تتحسر على فرصة اخرى ضائعة للافلات 0 اذ انها خططت للاقلاع
بالسيارة فيما رادولف منشغل في المحطة بتعبئة الوقود ودفع المال 0 اما الان
فها هي معه في المخيم ويدها حبيسة يده على سبيل الاحتراز ومنعا لاية محاولة
فاشلة تبدر منها 0
عندما اخرج رادولف المحفظة من جيبه ليعطي المال للغجري لاحظت لين ان فيها
مبلغا محترما , فقالت :
يبدو ان لديك الكثير من المال 000
غابت رنة المزاح من صوت رادولف هذه المره عندما اكمل :
-المسروق 0
كان بلا شك منشغل الفكر بما اخبره هؤلا الرجال فلم ينصرف الى المزاح والمرح
كعادته 0 من الواضح انه يتنقل من مكان الى اخر بحثا عن احد فهذا ما
استنتجته
لين بسهولة من كلام اولاف وكلام الرجل العجوز0
0ولكن هذا لا يفسر اللغز كاملا بل يطرح سؤالا جديدا : من هو الشخص الذي
يبحث
عنه رادولف ؟ وهذا السؤال يستتبع اسئلة كثيرة منها : لماذا يبحث زوجها عنه
وماذا سيفعل عندما يجده 000ومن الجلي ايضا انه ليس من السهل العثور على هذا
الشخص كما انه ليس من السهل ان يستسلم رادولف ويكف عن البحث عنه0 فهو مستعد

لان يجوب ايرلندا عرضا وطولا ليصل الى ضالته المنشودة 0 وما زاد الامر غرابة
كون رادولف يملك المال الكافي ليغطي نفقات رحلاته المكلفة000ولكن ما يبعث
الرجاء في نفس لين هو ان الفرصة المؤاتية للفرار لابد اتيه في احدى هذه
الرحلات 0لان حراسة زوجها مهما كانت دقيقة لن تستطيع منعها من الهرب 0
كانت الشمس قد بدات بالافول عندما وصل الزوجان الى المخيم المقصود , وبريق
النجوم شرع ينفذ من بين اغصان الاشجار الكثيفة 0 اقيم المخيم في اطار طبيعي
خلاب في حضن سهل فسيح محاط بجبال عالية ومروي ببحيرات متناثرة هنا وهناك
تتجمع فيها مياه الشتاء المتدحرجة من القمم الشاهقة 0
كالعادة , هجم الرجال والنسوة والاطفال لملاقاة رادولف مرحبين به اشد ترحيب
بلغتهم الغجرية 0 تكلم رادولف فنظر الجميع باعجاب الى لين وهم يطلقون عبارات
الدهشة والفرح0 ففهمت المراة انه شرح لهم انها زوجته 0 بعد ذلك توجه واياها
الى احدى العربات الخالية وكان رادولف منتظرا هنا واعدت العدة لاستقباله
بعد ان اصبحا في الداخل طرحت لين السؤال الذي يقلقها :
– الى متى سنبقى هنا ؟ احس وكاني سلعة يتفرج عليها الجميع في معرض !

– سيعتادون عليك ويعتبرون وجودك طبيعيا مع الوقت 0
– الم يفاجئهم امر زواجك ؟
ابتسم رادولف مجيبا :
– لم يفاجئهم بل ادهشهم 0
– ايدهشهم ذلك لانك كنت معروفا باصرارك على عدم الزواج ؟
– تماما 0
– من المؤسف انك رجعت عن مبادئك وتخليت عن اصرارك !
امتلات نفس لين بالحزن والخيبة من جديد 0 فاليوم الممتع الذي مر اصبح جزءا من

الماضي والذكريات , وها هي الان تعود الى الوحدة والضجر 0 اعادت اليها العربة
الجديدة دور السجينة الذي لعبته منذ اختطفها رادولف في ذلك اليوم المشؤوم
واجبرها على ان تصبح زوجته 0 لكن ما يخفف من وطاة المرارة هو كون العربة

الجديدة في حالة افضل بكثير من العربة السابقة , فالجديدة احدث وانظف 0
لاحظ رادولف حزنها فسال بقساوة :
– ما بك الان ؟ انا لم ار في حياتي انساا متقلب المزاج مثلك !

– وماذا عن مزاجك؟ اليس حادا وقاسيا كمزاج وحش مفترس ؟
– لم اقل ان طباعك حادة بل متقلبة فحسب , ساعة اراك فرحة وساعة حزينة
!
اجال طرفه في العربه واضاف :
– انظري حولك , الا تجدين ان العربة نظيفة ومريحة ؟ ساجلب حقيبتك من السيارة

لتضعي ثيابك في الخزانة0 ا حضر رادولف حقيبتي زوجته وحقيبة ثالثة وضع فيها
ثيابه 0 جلست لين تراقبه بانبهار يخرج ثيابا انيقة من حقيبته لايملكها الا
الاثرياء واصحاب الذوق الرفيع0
ادرك الغجري ان زوجته فوجئت بما يملك فقال :
– تركتك نائمة البارحة وسرقت كل هذه00
قاطعته لين بحدة غير ابهة بالنتائج :
– لاتحاول تفسير اي شئ فانا لست مهتمة ابدا بمصدر هذه الملابس !
ابتعدت عنه ووقفت تحدق في قمم الجبال المختبئة وراء حمرةالشفق00 تمنت لو تكوت
هذه اللحظة جالسة هناك حيث الهدؤ والبعد عن الضجيج وكذب حضارة العالم 0 تجمعت
دموع الغضب في عينيها , غضب اثارة فشلها وخيبتها المرة0
– انصحك يا لين بالا تثيري اعصابي , فالنتائج معلومة0
استدارت المراة حانقة ويداها على خصرها قائلة :
– اتهددني من جديد ؟ هيا افعل ما فعلته في الامس !فهذا افضل ما يتوقع
من
000من متشرد حقير !
توقف رادولف عن توضيب ثيابه ونظر اليها والشرر يتطاير من عينيه 0
– الن تكفي عن التحقير بي ؟ اتحاولين ارغامي على استعمال العنف معك ؟
تقدم منه وامسك بكتفيها وقال :
– تعلمي لجم لسانك الطويل فانا لست مستعدا لتحمل الاهانة تلو الاهانة !
هزها بعنف ولكنه لم يتماد كما فعل في الليلة الماضية بل ضبط اعصابه وسرعان ما

تركها 0 تحسست لين اثار يديه القويتين على كتفيها وتساءلت كم من الالام
ستتحمل قبل ان تفلت من قبضته 0
من الافضل ان تضعي ملابسك في الخزانة لاننا قد نبقى هنا بضعة ايام 0
– والى اين نذهب بعد ذلك ؟
تنهد رادولف واجاب :
– لا اعلم 0
ياله من تبدل ! من غجري عنيف الى رجل هادئ تعب ومثبط العزيمة 0 انتقت
لين
كلماتها بدقة عندما تكلمت :
– اتبحث عن شخص معين ؟
لم يكن رادولف على علم انها سمعت كلام العجوز وسمعت قبل ذلك كلام اولاف 0

فرمقها بنظرة متسائلة :
– مالذي يجعلك تظنين اني افعل ؟
– انه التفسير الوحيد الذي وجدته لهذا التجوال المستمر 0
– فهمت00ساخرج بعد حوالي الساعة واطمئنك بان العربة محروسة جيدا فلا تحاولي
الهرب0

قال رادولف ذلك بلهجة عادية كان الموضوع ليس ذا اهمية مما اثار لين فصرخت :

– وكم ستغيب ؟ لا استطيع تحمل الوحدة ! سافتح النافذة واملا الدنيا صراخا !

لا لن استطيع الصمود00
– لاتكوني ماساوية بهذا الشكل المسرحي فلن اغيب عنك طويلا 0
زادت ثورة المراة وهددت:
-ساحطم النوافذ , ساحطم كل شئ !
اطلق الغجري زفرة عميقة فادركت لين ان في ذهنه ما يشغله كفاية ويجعله بغنى عن

مشكلة جديدة تسببها له امراة , فاستنتجت انها اذا زادت الامر صعوبة وتعقيدا
تخلى عنها واطلق سراحها لينصرف الى حل مشكلته الاساسية 0
هو بالطبع مشغول بالعثور على الرجل “الخفي” فاذا مارست لين اللعب باعصابه
واثارته كلما سنحت لها الفرصة , ينفد صبره ويتخلى عنها 0 لاشك انها ستدفع ثمن

اغاظته كدمات وجروحا ولكن ذلك لايقاس بالبقاء في سجن الحياة الغجرية الى
الابد 0
– لقد قلت لك انني لن اتاخر 0
وجد رادولف صعوبة في الكلام بسبب الارهاق الشديد , الذي لم تسببه ساعات
القيادة الطويلة لان بنيته القوية تجعله بمامن من الارهاق الجسمي , بل مشكلته
مستعصيه تشغل روحه وعقله 0
وجهت لين اليه سؤالا ليس في محله بل يهدف الى تاخير خروجه فقط :
– الن تتناول طعاما على الاقل ؟
– ليس قبل ان اعود 0
لم تكن المراة جائعه بل حاولت بسؤالها ان تعيق ذهابه , لكنها اذعنت للامر
وجلست على كنبة تنتظر خروجه 0
بدا رادولف مترددا في الذهاب 0 هل هو قلق عليها ؟ فشعوره بالقلق واضح على

وجهه 0 عندما فتح الباب ليخرج اعطاها نصيحة اخيره :
– لاتحاولي شيئا سخيفا يا لين لانك لن تنجحي في الفرار 0
– سانجح يوما 0
لما نظر اليها بعينيه الماكرتين علمت لين انه يخطط لما سيفعله بها عند عودته
وتاكدت من نياته عندما سالها بخبث :
-اواثقة انت من النجاح ؟ سنرى مدى صلابتك عندما اعود !
– نعم 0 ساخرج من سجنك وساحمل معي ابشع الذكريات !
ادركت لين ان لعبتها ناجحة عندما رات زوجها يعض على شفته السفلى ويده تشد على

مقبض الباب 0 ستواصل حملتها على اعصابه في الغد لتصل الى غايتها 0
عاد رادولف الى العربة في العاشرة فوجد لين نائمة على كنبة عريضة 0 استسلمت
المراة بسرعة الى النوم بعد ان وزعت ملابسها في الخزانة والقت نظرة فاحصة على
العربة الواسعة والنظيفة 0 دخلت الى المطبخ المرتب وحضرت بعض الشاي ثم جلست
تحتسي فنجانا في غرفة الجلوس قبل ان تدخل الى غرفة النوم بعد ان تاكدت من

وجود الحراس اليقظين في الخارج يرصدون تحركاتها 0 لابد انهم يتلقون المال من
زوجها لقاء خدماتهم , مال وفير لاتعرف مصدره 00
وقف رادولف يتامل شعرها المتدلي كوشاح حريري على الكتف الغض واحس بالالم يعصر
قلبه و ثم تمتم في نفسه :
غجري متشرد , حثالة المجتمع 000
توجه الرجل الى المراة ينظر الى بشرته الداكنة وشعره الاسود القاتم المتشعث
كنسيمات الجبال الصباحية 0 استدار لما سمع زوجته تتحرك في كنبتها وتفتح
عينيها لتشاهده امامها 0
عرف من اقفالها عينيها ومن الدموع المنحبسة وراء الجفنين انها شاهدت الرجل
المتوحش , البدائي 0
– عدت اخيرا 0
اقترب الغجري منها وسالها بحنان :
– اتفضلين وجودي على البقاء وحيدة؟
كذبت لين كي تجرحه امعانا في ممارسة لعبة حرق الاعصاب 0
– بالطبع لا ! وجود شخص غير مرغوب فيه لا يشتهيه احد !
امسك بيدها واجبرها على الوقوف ثم ضمها اليه بقوة 0
– انت تفقدينني اعصابي !
قاومته لين بعنف وهي ماتزال شبه نائمة , وفجاة تراجعت عندما لامست وجنتها
الجرح في خده 0
– اتخافين من جرح بسيط كهذا ؟
تناول يدها ومررها على جرحه واضاف :
– ستنالين قريبا من الدواء نفسه لاني احب معاملة الناس بالمثل 0
اتستمر لين في توتير اعصابه ؟ لا , لن يجدي ذلك نفعا معه 0 عليها
الرضوخ
لمشيئته والاذعان لاوامره لتخفف من وطاة نار هذا الجحيم 0
عندما رفع راسها الى عينيه رات من جديد الحنان يملا نظراته , رات رادولف
الخير يطغي على رادولف الشر ويتغلب عليه مؤقتا في الصراع العنيف الدائر في
نفسه 0 واحست من واجبها مساعدة هذا الرجل كي يصل الى الامان وتستقر شخصيته ,

ولكن ما السبيل الى مساعدته ؟ لربما كان تجاوبها مع عناقه كفيلا بحل المشكلة
وجعله يشعر بانه موضع اهتمام 0
واخيرا جاءت اللحظة الحاسمة فقد جذبها رادولف اليه ليقبلها 0
اتقدم على خطوة التقارب ام تحجم عنها ؟
وللاسف تغلبت غرائز لين على ارادتها وابتعدت عن زواجها الذي لم يرض بالهزيمة
وجعلها تسدد الفاتورة بطريقة فظة000
بعد ان انقشعت غيوم المهانة والذل تمتمت لين بين الشهقات المتتالية :
– اكرهك وساجعلك تدفع ثمن كل شئ غاليا في يوم من الايام0
لم تؤثر كلماتها في رادولف بشئ لانها كانت موجهة الى الجانب السئ الذي تحدث عنه0

حملها بخفة الى السرير ليكمل انتقامه وينهش من جمالها المستسلم نهشا0
7- منزل على الشاطئ الذهبي
دام تنقل رادولف ولين من مخيم الى اخر مدة اسبوعين جابا خلالهما انحاء واسعة
من ايرلندا 0 قطعا الجبال والسهول , والبحيرات والانهار , والوديان والمراعي
0000, ولو لم يكن هاجس الفرار ماثلا في ذهنها لاعتبرت لين نفسها سعيدة الى
درجة لا توصف 0
لم يقترب رادولف منها منذ ان صفعها المرة الاخيرة , حتى انه كان ينام على

كنبة ويترك لها السرير لتاخذ حريتها 0 صار يعاملها بكل لطف وعناية وان لم يخل

الامر احيانا من كلمات جارحة تاتي ردا على زلات لسان تبدر من لين 0 لكن

القضية لم تتعد الكلام لحسن الحظ0
حاول الغجري ان يظهر الجانب الحسن وبالتالي سحق شخصيته الشريرة المرعبة 0 وقد
نجح لا في ازالة خوف لين فحسب , بل بانشاء علاقة ود بين الاثنين 0
فاضحت قوته
خالية من البطش وسطوته بعيدة من الظلم0 كما غاب عن لين الشعور بالاسى
والمرارة اللذين رافقاها كظلها في ايام اختطافها الاولى 0 ولكنها لم تكف مع
ذلك عن الكلام على الهرب في اول فرصة تلوح لها 0
وفي الحقيقة صارت لين مقتنعة تقريبا بحياتها كزوجة لغجري متجول 0 لاسيما وان
رادولف
لا يترك مناسبة الا ويذكرها بان مكان المراة هو الى جانب زوجها 0 لكن ذلك

لايعني شعورا بالاستقرار بل كانت المراة الشابة في حالة انتظار وتوقع دائمين
معتبرة ان عثور زوجها على من يبحث عنه سيغير مسار حياتها 0
لم يحط الزوجان حتى الان رحالهما في مكان معين بل استمرا في الطواف من مطرح

الى مطرح , يشغلان العربة الشاغرة , ويحلان ضيفين على قوم الزوج كان من عادات

الغجر ابقاء عربة مخصصة لضيوف غير متوقعين ياتون على حين غرة كما يفعل رادولف
0 لكن لين مخطئة في تصورها لان رادولف كان منتظرا اينما حل وكانت تخلي له

عربة خصيصا قبل وصوله بساعات قليلة 0 ويعود اليها سكانها الاصليون فور رحيله
0
سالت لين زوجها يوما وهما في طريق العودة الى كيلارني بعد ان زارا ثلاثة
مخيمات مكثا في احدها يومين وفي الاخرين بضع ساعات 0
-الى متى سنظل ننتقل هكذا ؟
– اعتقد اننا سنكون في بيتنا بعد حوالي اسبوعين0
اوقف رادولف السيارة الى جانب الطريق واخرج قنينة شراب البرتقال من صندوق
السيارة ليتناولا كوبين منعشين , في حين كان تفكير لين يعمل جاهدا لاستيعاب
كلمة ” بيتنا ” 0 عن اي بيت يتكلم زوجها ؟
– اتعني اننا سنستقر في مخيم معين ؟
قالت لين ذلك وهي تهز راسها وتفكر بوجودها في مخيم للغجر وبالحياة المتعبة
التي تنتظرها 0 وبرغم ذلك فهي تقر انها لا تتصور نفسها تعيش بدون رادولف من

دون ان تعلم السبب 0 صارت الامور مشوشة في ذهنها فمنزلها ومجتمعها الحقيقيان
يقومان في وطنها انكلترا حيث تحلم بالعيش في منزل صغير لتبني عائلة صالحة
يشاركها في طموحها رجل تحبه او على الاقل ترتاح له وتعيش وادعة مطمئنة 0
طالما عادت صورة توماس الى ذهنها في الايام الماضية لكن رادولف كان مصيبا
عندما قال ان توماس لا يناسبها , فهو رجل طيب لكنه ليس خلاقا مما يساهم
في
زيادة الرتابة والروتين في حياتها التي علمت من خلال تجربتها الجديدة مدى
سخافتها , وانسيابها المجرد من اي نكهة ومعنى 0
قطع رادولف حبل افكارها بقوله:
– لابد ان ننتهي من الطواف ونستقر 0
اعترضت لين بلهجة ناعمة قريبة من التوسل :
– لا استسيغ فكرة العيش في مخيم , الا نستطيع السكن في مكان اخر ؟

رماها زوجها بنظرة ملؤها الحيرة والتردد كانه يخاف من البوح لها باشياء
يكتمها في نفسه على مضض 0 لذلك اختار كلماته بدقة وقال بتمهل :
– افهم من كلامك انك اصبحت مقتنعة بالعيش معي ؟
هربت لين من نظراته واخذت تفكر لماذا لم تعترض على ذلك بشدة كما كانت تفعل
في
السابق 0 وبعد ان وزنت الامور في راسها وتراءت لها حياتها المقبلة وما يمكن
ان تعانيه في المجتمع الغجري من عبودية تصيب المراة وتذلها , صاحت باعلى
صوتها :
– لا ! لم اقتنع بذلك ! ساستمر في محاولة الفرار وسانجح في ذلك !
انت
لاتستطيع مراقبتي الى الابد , لاتستطيع ان تراقب تحركاتي لسنوات وسنوات حتى 0
نصبح عجوزين هرمين !
ارتفعت حدة نبرة لين حتى جفل رادولف منها وزادت :
– ارجوك دعني امضي في سبيلي , ارجوك دعني اعود الى بيتي !
بكت المراة بمرارة وغشى كيانها اضطراب كبير فاخذت ترتعش حتى اوقعت كوب العصير
على ثوبها0
تناول الغجري الكوب من يدها وانتظر حتى هدات , وبالفعل عادت لين الى هدؤها
السابق وتكلمت بكل واقعية :
– لنعقد اتفاقا مثمرا لنا نحن الاثنين 0 تعطيني حريتي مقابل سكوتي عن حادث
الاختطاف وتعهدي بالا اطلع احدا على ما جرى 0
بلعت لين ريقها لتزيل الثقل القابع في حلقها واعصابها الثائرة تجعل منطقها
مغلوطا , وفكرها شاردا ومشوشا 0 لم يعد شئ في ذهنها واضحا 0 واحست برغبة
في
الصراخ عندما مرت امامها الصور متدافعة , صور الحرية والعودة الى الوطن 0صور
رادولف الطاغية وسطوته القاسية تطردها صور طيبته ولطفه اللا متناهي 0 ودار في
خلدها صراع قاس بين الحياة مع رادولف والحياة بدونه , فالاولى رحلة لا تنتهي
بين المخيمات حيث شظف العيش , والثانية حلقة مفرغة تبحث فيها عن سعادة تائهة0
برزت الحقائق من بين غيوم عقلها المنقشعة 0 وعجزت لين عن الاختيار فلم تجد
الا صرخة صادقة تطلقها من اعماقها :
– ساعدني يا الله !
– لين ما بك ياعزيزتي ؟ بالله عليك لاتفعلي هكذا بنفسك ! 0
لمتنبس المراة ببنت شفه بل نظرت الى الغجري لاتصدق ان ما يختلج في قلبها
حقيقة 0 همست في نفسها :
– لا , هذا ليس صحيحا , لايمكن ان يكون صحيحا 000
تكلم رادولف ثانية لكنها لم تسمع شيئا لانشغالها بالحقائق الجديدة 0 سرت في
جسمها رعشة قوية وارتجفت بشدة ثم سقطت بين يدي زوجها 0
– لين , ما بك؟ هل انت مريضة ؟
كان صوته ناعما ينم عن قلق عميق 0 لكن لين ليست مريضة بل هي في
حالة اخطر من
ذلك 0 رفعت راسها وكانها تخرج من الغيبوبة , ثم حدقت في الرجل وتساءلت عما

يمكن ان تكون ردة فعله لو اطلعته على ما اكتشفت لتوها 0 ايستقبل الخبر بفرح

ام يقول متشفيا : لقد وقعت في غرام غجري متشرد اذن ! وهكذا لن تتركيني
بعد
الان يا امراة لان حبك لي يجعلك امة خاضعة !
لن تخبره بذلك ابدا ! ولن يغير الوضع الجديد من تصميمها على الهرب لانها
لاتنوي قضاء حياتها مع غجري برغم حبها القاتل لرادولف 0 لن تستطيع رؤية
اطفالها يترعرعون في مخيم وسط القذارة وبعيدا عن المدرسة الصالحة والبيئة
الصالحة 0 ستجعل العقل يسيطر على العاطفة وتحكم المنطق ليسحق الحب 0
لما عادت الى التفكير برادولف من جديد عاد التشوش والبلبلة الى ذهنها 0 لقد
استنتجت في السابق انه يملك شخصية مزدوجة وقالت انها لو استطاعت ابقاء جانبه
السئ بعيدا لاستطاعت تمضية ايام حلوة معه 0 وفي الحقيقة انه كان انسانا رائعا
خلال الاسبوعين الفائيتين فهو عاملها بكل رقة ولطف , حتى انه لم يحاول
تقبيلها مرة000
لقد كبح جماح غرائزه لا سعادها وقدم مصلحتها على مصلحته دون اي انانية او حب

للذات 0
اي رجل هو هذا ؟ لا تستطيع لين تحمل العيش مع رجل غامض الى هذا
الحد 0 وان
تكن تصرفاتها الاخرى مقبولة ولائقة0
نفذ صوت رادولف من خلال افكارها كالنور يتسلل بخجل من بين طيات الضباب :
– سالتك اذا كنت مريضة 0
– انا بخير الان 0
قالت لين الحقيقة لانها بدات تشعر بالتحسن مع ان افكارها ما تزال مبلبلة 0
نظرت الى وجهه فكادت تقسم انه ليس غجريا , لا يمكن ان تكون هذه الوسامة

الراقية في غجري000

ان هذا المكان ليس لغجري وظنت ان رادولف ليس صديقا لمالكه كما ادعى , بل
هو
يدخل اليه خلسة عندما يعلم ان اصحابه غائبون 0 ولكن من اين اتى بالمفتاح ؟

الجواب على ذلك ليس مستعصيا لان هناك نوعا من المفاتيح الخاصة يناسب جميع
الاقفال 0 والغجر مرشحون اكثر من غيرهم لاقتنائهم هذا النوع 0
اعادها صوت رادولف الى الواقع عندما بادرها بالسؤال :
– بماذا تفكرين؟
– كنت افكر بكل هذا المال المهدور على بيت شبه مهجور 0
لم يقنع جواب لين زوجها الماكر فصحح قولها :
– لا ياعزيزتي , كنت تقولين في نفسك كيف يمكن لغجري حقير ان يتعرف الى
اصدقاء
اثرياء كصاحب هذا المنزل ؟
مرة جديدة عادت مسحة المرارة الى صوت رادولف 0 ولكن لين لم تشعر بالشماته
لذلك بل انزعجت وحاولت تغيير وجهة الحديث 0
– اهناك حمام في هذا المنزل ؟
– وهل يعقل الا يكون هناك حمام ؟ تعالي لادلك اليه 0
بعد ذلك اراها غرف النوم المرتبة والنظيفة كما دخلا الى المطبخ الواسع
والمجهز باحدث الوسائل واغلاها 0
– لابد ان احدا ياتي الى هنا باستمرار ليبقى المنزل نظيفا 0
هز رادولف براسه موافقا وهو يشير الى بقعة خضراء لاتبعد كثيرا عن البيت 0
– هناك مزرعة صغيرة خلف تلك الاشجار تملكها ارملة في الخمسين كلفها صديقي
المجئ يوميا للاهتمام بالمنزل 0
– يوميا ؟
– ستاتي في الصباح الباكر وهكذا ستتاكدين من اني لست متسللا اليس هذا ما يشغل

بالك ؟
احمر وجه لين لملاحظاته الجارحة والصائبة لكنها رات في مجئ هذه المراة عملا
يحتمل ان يساعدها على الهرب 0
– لا تبني امالا كاذبة فالسيدة وايت تحبني كثيرا وتنفذ مشيئتي 0
– يبدو ان لديك الكثير من المحبين 0
تجاهل الغجري ملاحظة زوجته وقال :
– المياة ساخنه الان اذا كنت ترغبين في اخذ حمام 0 لقد انبات السيدة وايت

بمجيئنا وامرتها بتسخين الماء 0
حدقت لين فيه بذهول مطبق 0
– انبات السيدة00ولكن متى وكيف فعلت ذلك ؟
ضحك رادولف واجاب :
– طلبت الى احدهم في اخر مخيم توقفنا فيه ان يتصل بها هاتفيا 0
– فهمت 0
تظاهرت لين بالفهم لانها مهتمة الان بالدخول الى الحمام والاستلقاء في المياه
الساخنة لترتاح وتنعم بهذا الترف الذي حرمت منه منذ مدة طويلة 0 ولما همت
بدخول الحمام لتخلع ثيابها وجدت الباب مقفلا0
– ستخلعين ثيابك في غرفة النوم قبل ان اعطيك مفتاح الحمام 0
– لماذا هذا التعقيد ؟
– لاني اود مساعدتك في ذلك يا حبيبتي 0
– انت تفكر في كل شئ 0
– علي ان افكر في كل شئ والا افلت زمام من الامور من يدي 0

امضت لين وقتا طويلا في غمرة المياه الساخنة 0 ولما عادت الى غرفة النوم كانت

هادئة ومرتاحة الاعصاب 0
جلس رادولف على السرير يتامل جمال زوجته في قميص النوم الذي اخرجه لها من
احدى الخزانات 0 نظر الى ساعة كبيرة معلقة على الحائط وقال :
– يظهر انك تمتعت كثيرا بالماء لانك امضيت ما يقارب نصف الساعة في الحمام 0

علقت لين بجدية :
– انا حقا اسفة لتاخري 0
– لا عليك يا طفلتي فانا كنت مشغولا باجراء بعض المكالمات الهاتفية 0
مخابرات هاتفية 000هذا يعني ان ثمة هاتفا في المنزل 0 حاولت المراة ان تتكلم
بلهجة عادية حتى لايتنبه زوجها لحيلتها 0
– الا يمانع صديقك استعمالك لهاتفه ؟
– لا ابدا 0
دخل رادولف بدوره الى الحمام تحت انظار زوجته المتسائلة عن ماهية مكالماته
التي ليست بالطبع موجهة الى مخيم غجري, لان هذه الامكنه لا تعرف الهاتف 0
انتظرت بضع دقائق حتى سمعت صوت المياه وتاكدت من ان زوجها لا يراقبها , ثم

خرجت من الغرفة على رؤؤس اصابعها وشرعت تبحث عن مكان الهاتف دون جدوى 0 لاعجب

في ان يخفيه رادولف الداهية لانه مدرك ان زوجته لن تكون غبية وتدع فرصة
استعمال الهاتف تفلت من يده وتضيع هباء 0
تخلت لين عن البحث وجلست على طرف السرير تفكر في طريقة حديث زوجها عن الهاتف

, وكانه يتعمد خلق مواقف تجعل زوجته تطرح على نفسها المزيد من الاسئلة حول
حقيقته 0 تمنت لو تجد سبيلا كي تقنعه بالاجابة على التساؤلات الدائرة في
ذهنها والتي تسبب لها حيرة وشكا عظيمين 0
بماذا تشك المراة ؟ ماهو التفسير الشافي لكل الغموض الذي يحيط بزوجها؟ من
المسلم به ان رادولف غجري ومع ذلك لا يمكنها انكار بعض الصفات التي تجعل منه

شبيها باي رجل مثقف لا بل ارستقراطي نبيل , ان في حديثه ام في تصرفاته
0 وفي
الفترة الاخيره بالذات , اي عندما جالا في البلاد ’انتفت عنه كل علامة تشير
الى انه غجري 0 حتى بدت متغيرة خصوصا وانه صار يرتدي ثيابا عادية مختلفة عن

الزي شبه ” الفولكلوري ” الذي كان غالبا على هندامه في السابق 0
والسؤال المحير يبقى لماذا هذا التبدل او لماذا عمد رادولف في بداية تعارفهما
الى كسب عدائها ؟ لماذا !000لماذا!اسئلة لاتنتهي ! يضافاليها هذا المنزل
الفخم قطعة جديدة في الاحجية 0 مادام من غير المعقول ان يكون لغجري صديق حميم

بهذا الثراء يعهد اليه بمفاتيح بيته ويعطيه حرية التصرف المطلقة , سيما وان
رادولف بدا معتادا على المجئ الى المكان من خلال معرفته كل التفاصيل المتعلقة
بالاثاث وبتاريخ المنزل وظروف تشييده 000يضاف الى ذلك السلطة التي يستطيع
بموجبها ان يامر الارملة بتحضير البيت وتنظيفه استعدادا لحضوره

غيرت لين الموضوع فجاة وسالته عن هوية الشخص الذي يبحث عنه 0 جفل رادولف
لسؤالها وقال :
– الم تقولي سابقا اني ابحث عن شخص وبررت استنتاجك هذا ؟
– قلت ان هذا هو التفسير الوحيد لتنقلك الدائم 0
اطرقت لين قليلا وزادت :
– ساكون صريحة معك هذه المرة 0
– تفضلي 0
– سمعت الرجل العجوز يتحدث اليك عن رجل لم يات الى المخيم وينصحك بالا تكمل

البحث عنه 0
فكرت لين بان تذكر كلمات اولاف ايضا لكنها عدلت لان ذلك ليس ضروريا 0
– لم تخبريني بذلك في المرة السابقة 0
– تعني عندما قلت لك انك تبحث عن احد ما ؟ لا فقد ظننت انك
تتضايق لو عرفت
اني كنت استرق السمع 0
حاول رادولف ان يبتسم وقال بعد ان غير وجهة الحديث :
– اطلعتني الان على شئ يضايقني 0 الم تخافي من اثارة غضبي ؟
– لم اعد اخاف منك 0
– قولي بصراحة يا لين , هل انت اسعد الان مما كنت عليه 000
توقف فجاة محاولا ايجاد الكلمات المناسبة لانهاء السؤال , لكن دفعة من
الشجاعة اتت لين فاكملت عنه:
– مما كنت عليه عندما كنت ترغمني على مشاطرتك السرير ؟
فوجئ الغجري لصراحة زوجته ولكنه كتم شعوره بذكاء 0
– احسنت فهذا ما كنت ساقوله0
– لست سعيدة بل راضية 0
ان تردد لين وعدم ثقتها بما تقول يضرب بهما المثل 0 فلماذا تنكر انها طالما

نظرت الى يديه القويتين خلال الاسبوعين الفائتين وتذكرت مداعباتهما ولمساتهما
الجذابة وتمنت لو يعيد الكرة ؟ اهي ترغب فيه ؟ ولم لا فهي تحبه0
الحب000احتقرت نفسها لانها وقعت في حبائله لمجرد انه كان ودودا معها في
الايام الماضية , كرهت ضعفها وسرعة ذوبانها في بحر العاطفة0
ولكن هل صحيح ان شعور الحب لم يبدا الا منذ وقت قصير ؟
خصوصا وان لين تعترف انها وجدت الغجري جذابا منذ راته000
– وهل يرضيك عيشنا بهذه الطريقة حتى نصبح عجوزين هرمين ؟
– سؤالك غير مجد فانا لا انوي قضاء حياتي معك 0
سمعت لين زوجها يتنهد بدل ان يغضب كالعادة وتساءلت اذا كان سلم بالامر الواقع
واقتنع بان المشاركه في الحياة الزوجية تاتي نتيجة الرضى المتبادل لا القهر
والاكراه0
بعد دقائق انطلق رادولف بالسيارة صامتا وملامحه قاسية كالحجر , ينظر امامه
كان عينيه متجمدتان لا حياة فيهما 0 وغرقت لين بدورها في التفكير بمشاكلها
وبالحل الانسب الذي يخرجها من هذا المازق من دون ان تسبب اي الم او اذى

لزوجها0
توقف الغجري في احد المخيمات لكنه لم يمكث هناك سوى بضع دقائق 0 وابلغ زوجته

بعد ذلك انهما سيمضيان الليل في منزل يملكه صديق له يقع على شاطئ البحر 0

– ومن هو هذا الصديق ؟
– لا ضرورة لان تعرفي 0
– انه ليس غجريا بالطبع 0
– لي اصدقاء كثيرون من غير الغجر يا عزيزتي 0
– اهناك احد في المنزل ؟
اجاب رادولف بنبرة ناعمة وفي صوته تلك الرنة الموسيقية القريبة من اللهجة
الايرلنديه :
– المنزل خال فهو مخصص لقضاء العطلة الصيفية 0 انا واثق من انه سيعجبك كثيرا

فهو مجهز بكل شئ برغم بعده عن اي تجمع سكني 0
– اتعني ان المنزل منعزل ؟
– يبدو انك فكرت بالهرب ياحلوتي ! لم اكن لاصطحبك الى هناك لو لم يكن
المنزل
منعزلا عن بقية العالم0
– ايستعمل المنزل لاغراض سياحية ؟ فالبعض يحب تمضية وقت فراغه بعيدا عن الناس
0
ضحك رادولف وعلق :
– استعملت ديباجة بارعة لاخفاء خيبتك 0
– ماذا تعني ؟
– لاتدعي الغباء يا لين 0ظننت ان وجودك في منزل على شاطئ البحر سيسهل الفرار

, ففي المخيمات هناك من يراقبك ليلا نهارا0
– الفرار من مخيم للغجر هو في الحقيقة مستحيل , اما بالنسبة لاستنتاجاتك
الاخرى فانك مخطئ لاني صرت اعرفك كفاية كي ادرك انك حاضر ابدا لاحباط اية
محاولة اقوم بها للافلات 0 جل ما في الامر اني استغرب وجود منزل مخصص للعطلة

في مكان منعزل كما فهمت من كلامك 0
– لقد بنى صديقي هذا المنزل منذ اربع سنوات حتى يهرب من همومه ويرتاح هناك
من
عناء اعماله المتراكمة 0
عجبت لين لكلام زوجها فكيف يتوصل غجري الى مصادقة شخص ثري يبني منزلا لمجرد
حبه الاختلاء بنفسه !
– لابد ان صديقك ثري جدا ! انا 000لم اعد افهم شيئا 0اه لو تخبرني
المزيد عن
نفسك فلربما صارت الامور بيننا مختلفة 0
ضغط رادولف على المكابح حتى كاد راس لين يرتطم بالزجاج الامامي 0 نظر اليها
بدهشة وسالها :
– ماذا تعنين بمختلفة ؟
هزت المراة راسها عاجزة :
– لا استطيع التفسير 0
وبالفعل لم تكن تستطيع التوضيح لانها هي نفسها لا تعلم ماذا تقصد تماما من
كلامها0
انطلق الغجري بالسيارة , وقاد لساعات في طرق منعزلة تتعرج بين الهضاب الخضراء
حتى انعطف اخيرا في زقاق ضيق لا يعرفه احد وليس موجودا على الخريطة كما ابلغ

زوجته 0
كادت لين تلهث عندما رات جمال الطبيعة حولها , صخور الشاطئ ورماله الذهبية
المترامية كانها لا تنتهي 00لايزورها سوى طيور النورس تبحث عن رزقها بعيدا عن
فضول الانسان 0
استمر سيرهما في هذا المكان النائي حتى وصلا الى طريق صخرية لم تعرف طعم
الاسفلت , فاخذت السيارة تثب على الحجارة وراكباها يعانيان صعوبة المسلك حتى
بلغا اخيرا بوابة عتيقة منحوتة في الحجر تدل على ان المنزل بني على انقاض
بناء قديم 0 وخلف البوابة والسور المحيط بالارض نمت اشجار خضراء من مختلف
الانواع , وتوزعت ازهار وورود زاهية هنا وهناك تضفي على الجو رونقا وضياء 0
كانت اشعة الشمس ما تزال ساطعة ترسل الوانها على المنزل الابيض المحاط ببساط
من العشب الاخضر وسجادة من الازهار 0 انعقد لسان لين من الدهشة وصعقت لجمال
هذه البقعة الطاهرة التي لم تدنس عذريتها ارجل الانسان الشره0
قالت وهي تترجل من السيارة :
– اه ما اروع هذا المكان !
اجالت طرفها بين الجبال الشاهقة والبحر المترامي الاطراف في زرقة يخالطها
بياض الزبد 0 عجيبة هي طبيعة ايرلندا في جمعها سمو الجبال ووداعة البحر في
لوحة واحدة 0
– كيف وصل صديقك الى مكان كهذا ؟
مرت لحظات تردد قبل ان يجيب زوجها :
– ان عائلته تملك الارض منذ عدة اجيال وقد اقامت فيها مزرعة كبيرة 0
اشار بيده الى بقايا البناء المتهدم وقال :
– كان هذا بيتا لعمال المزرعة 0 وجد صديقي
المكان مناسبا ليناء منزل يرتاح فيه عندما يحتاج الى الابتعاد عن عالم
الاعمال والضجيج0
– وماذا يعمل صديقك ؟
– لديه املاك كثيرة0
جاء جواب الغجري مقتضبا يحذر لين من التمادي في طرح الاسئلة , ويعلمها بانه
ما عاد يرغب في التوغل في الموضوع اكثر 0
دخل الزوجان الى المنزل الفخم حيث الاثاث الوثير والسجاد العجمي والستائر
الحريرية الفاخرة 0 واعجبت لين بالثريات والكريستال والانية الفضية وتماثيل
العاج والبرونز 0
كما لفت نظرها الديكور الذواق الذي نظمت على اساسه غرفة الجلوس , ثم هزت
راسها مدركة
0في هذه اللحظة دخل رادولف الى غرفة النوم مرتديا لباس نوم انيقا يتناقض مع
شعره غير المسرح , ويعطيه شكلا فريدا جامعا بين الظاهر الانيق والطبيعة
البدائية 000لايقال عن رادولف الا انه طائر يغرد خارج سربه !
عرف الغجري ما اثاره مظهره في نفس زوجته فقال معتذرا:
– لاسف لمظهري , ولكني ساتحسن مع الوقت اذا اهتممت اكثر بالتفاصيل 0
– لا ضرورة للتهكم 0 اتسمح الان بان ارتدي ملابسي فالجو ليس دافئا كفاية هنا

؟
لم يحتج رادولف لسماع المزيد فسارع الى تشغيل جهاز التدفئة المركزية 0 وعلى
الفور غمر المنزل دفء عارم 0 بعد ذلك عاد رادولف الى غرفة النوم وفتح خزانة

الثياب 0
– ستجدين ثيابك وحقيبتك هنا 0
استدار واكمل:
-اظن اني رايت بين ملابسك فستانا طويلا 0
تاخرت لين في الاجابة لانها كانت تراقب بتعجب اللباس الذي يرتديه زوجها
والمناسب له تماما مما يدل على ان قياسه معادل تماما لقياس صديقه , حتى
الكمان يناسبان ذراعي زوجها المتميزتين بطولهما 0
– ماذا عن الفستان ؟
– اريدك ان ترتديه الليلة 0
مرر نظراته الشغوفة على جسمها واكمل :
– سنتناول العشاء بكامل اناقتنا كاناس متمدنين 0
– عدلت المراة عن الاعتراض لان فكرة ارتداء ثوب انيق والجلوس الى طاولة
لتناول الطعام محبذة بعد كل هذه الفترة البوهيمية , حيث تخلت مرغمة عن
مبادئها المتعلقة بالنظافة والشكليات 0 وفي الواقع وجدت لين نفسها تبتسم وهي
تتصور المائدة المغطاة بشرشف مزركش بالزهور والمزين بانية فيها ورود مقطوفة
من الحديقة المحيطة بالمنزل 0
منحها رادولف احدى ابتساماته النادرة وهو يتناول الفرشاة ليسرح شعره قبل ان
يقول :
-ارى ان اقتراحي اعجبك 0 اخرجي الفستان المعني لاراه0
فعلت لين كما امرها واخذت تتمشى امامه في الثوب الاصفر الطويل دون ان تشعر
باي حرج 0 بل على العكس قالت بعد ان احضرت فستانا اخر ذا لون ارجواني
:
– ما رايك بهذا ؟
اقترب الغجري من زوجته فاحست بالرعشة تعتريها وكان في الرجل قوة مغناطيسية
غريبة يزيد منها طبعه المتكبر 0 احمرت وجنتا المراة وثقل تنفسها وفي ذهنها
فكرة واحدة : حبها لرادولف 0 مع اقتراب رادولف منها اكثر زادت دقات قلبها
اكثر فاكثر وعلمت انه لو اراد ضمها الى صدره لما احجمت بل لرحبت بذلك بكل

جوارحها 0 لكن زوجها خيب امالها واكتفى بطبع قبلة ناعمة على جبينها

8- اشراقة في القلب

جلس رادولف ولين متقابلين الى مائدة مضاءة بالشموع في شمعدان فضي , ومزينة
بمزهرية مليئة بورود حمراء 0 وعلى طرف المائدة وضع اناء طافح بمختلف انواع
الفاكهة 0 اما الشرشف فابيض كالثلج تضيئه السكاكين والشوك الفضية0
جلست لين في فستانها الاصفر سعيدة كما لم تكن يوما منذ ان التقت رادولف ,
وهي
تعلم ان هذه السعادة لن تعمر طويلا 0
فالامسية ليست الا واحة صغيرة في صحراء حياتها مع زوجها , والتي تنوي الخروج
منها برغم كل الاعتبارات الاخرى واهمها 00حبها للغجري0
تمكن رادولف بطريقة ما من الدخول الى هذا المنزل الذي يحوي في ما يحويه ,

حوضا للسباحة في قاعة مقفلة مكيفة و وملعبا لكرة المضرب في القاعة نفسها ,
كما اقيمت في الجهة الخلفية بحيرة اصطناعية صغيرة لاكمال اللوحة الفنية خصوصا
وانها تطل على الهضاب الخضراء الحالمة 0
قررت المراة الشابة نسيان شكوكها لتمضي وقتا ممتعا في هذا المكان الذي
اعتبرته اكثر شاعرية من كل ما ابصرت عيناها 0 فلم تستغل الفرصة وتتذوق حلاوة
كل دقيقة تمر هنا بدل ان تشغل فكرها في ما لن تستطيع توضيحه؟
من جهته ارتدى رادولف بزة رسمية سوداء وتحتها قميص ابيض يزيده اشراقا لون
بشرته السمراء , لكنه لم يبد منزعجا من لباسه هذا او غير معتاد عليه0
تدخل صوته معلقا بعذوبة :
– انت هادئة كثيرا يا عزيزتي 0
– اني اتمتع بهذه الامسية اللطيفة 0
اكمل رادولف مازحا :
– وتريدين بالطبع ان تطرحي الكثير من الاسئلة 0 انت اكبر امراة متحفظة رايتها
في حياتي 0
– وهل تريدني ان اضع كل ثقتي بك؟ ماذا تفعل لو كنت مكاني ؟
تجاهل رادولف سؤالها واهتم بصب الكافيار الفاخر الذي وجد في خزانة مليئة
بالمعلبات على اختلافها 0 وبعد ان انتهى قال :
– لماذا لا تطرحين علي بعضا من تلك الاسئلة المقلقة ؟
– ومن قال اني قلقة ؟
– ذلك يقرا على وجهك يا عزيزتي 0 فلنقل انك محتارة لا قلقة وسبب الحيرة
اشياء
كثيرة حدثت في الفترة الاخيرة 0
– اشياء لاتحصى ولاتعد0
توقفت لين لتتذوق بعض الكافيار ثم اضافت :
– اتعني انك مستعد للاجابة على الاسئلة , فانت لم تخرج عن تكتمك حتى الان
؟
– ليس في الامر تكتم بل عدم ضرورة للبوح بكل الاسرار0
وما اكثر هذه الاسرار ومنها ان البزة , وهي بالطبع ملك لصديقه , تناسب جسمه

تماما 0 امن الممكن ان يكون في الامر مصادفة ؟
– ماذا تعني بعد الضرورة ؟
رفعت لين عينيها الى وجهه فوجدته منقطعا عن الاكل يحدق فيها ووهج نار الشموع
يزيد من سحر وجهها وجماله 0 اعدت اليها نظراته ذكرى لقائهما الثاني في الغابة
عند ما جاء على حصانه وبدا مسحورا بجمالها 0 كان في الحقيقة مختلفا وقتها عما

راته فيه في اللقء الاول حيث اعمته الرغبة فحاول الاعتداء عليها 0 في الغابة
ظهر مهذبا وحياها بكل بساطة كانه يقابلها للمرة الاولى , ويسعى للتعرف اليها
ومصادقتها دون الالتفات الى الحادثة السابقة 0 حبذا لو ان تلك الحادثة لم
تحصل وكان اللقاء في الغابة هو الاول , لكانت الامور بينهما مختلفة الان0!
قالت لين اخيرا بعد ان انتهت من تساؤلها :
– وهذه الضرورة اصبحت متوافرة الان !
وجف قلبها اذ ادركت بحدس ما انها على وشك اكتشاف امر خطير كفيل بجلب السعادة

الدائمة 0 اختلج في نفسها شعور غريب تلاعب بانفعالاتها وجعلها في نفس الوقت
تقتنع بانها لو عرفت كيف تعالج الوضع الجديد الذي سيخلقه رادولف لما عاد
زواجها منه تلك الماساة التي بدات عند اختطافها وارغامها على عقد زواج غجري
لا تؤمن كثيرا بصحته 0
اجاب رادولف على سؤالها وكادت تتولى المهمة عنه عيناه الحزينتان :
– من المفيد لنا نحن الاثنين ان اوضح لك بعض الامور التي اوقعتك في مغالطات

جمة0
لاحظت المراة الحزن في عيني زوجها وتمنت لو تستطيع فعل اي شئ لتمحو هذه
المسحة الاليمة من نفس من تحب 0 ازاء سكوتها اكمل الغجري :
– بالرغم من ذلك افضل يا عزيزتي الا تطرحي اسئلتك الان بل لندع الامور تتوضح

تلقائيا , وذلك بات قريبا 0
هز رادولف راسه وتجهم وجهه وبدت عليه علامات القلق والتردد عندما قال بصوت
خافت :
– نما في داخلي احساس بان نظرتك الي تغيرت يا لين , ولكني لست اكيدا000لا
,
لا اجرؤ000نفذت كلماته كالسهام الى اعماق لين واختلطت عليها الامور اذ لم
تفهم ما قاله زوجها 0 ليس اكيدا 00وبالتالي لا يجرؤ على مصارحتها بما يريدها
ان تعلم عنه 0احست ليس بان فرصة العثور على السعادة بدات تضيع وبانها لم تخلق

لتعيش مع هذا الرجل تحت سقف واحد 0 ولكن هل هي واثقة تماما من رغبتها
في
العيش معه ؟ مرة جديدة رات مستقبلها قاتما وفارغا اذا تخلت عن رادولف 0 ومن

جهة اخرى هي لا تستوعب فكرة الحياة غير المستقرة التي يعيشها الغجر 0 نظرت
الى زوجها متوسلة وتمتمت :
– ارجوك يا رادولف , اطلعني على الخبايا , فانا زوجتك ويحق لي ان اعرف
شيئا
عنك 0
هز الغجري براسه موافقا بدون ان يبدر منه ما يرضي فضول زوجته بل قال :

– لنركز اهتمامنا الان على وجبة العشاء سيما وانها الاولى لنا في مثل هذا
المكان الرائع 0 لم تجد ابتسامة رادولف في ازالة خيبة زوجته لانه تهرب من
الموضوع 0 والالم اصبح الان اشد وقعا منه في الماضي كونها صارت اسيرة حب هذا

الرجل , واضحت متحرقة لكشف حقيقته 0
– بعد الكافيار جاء دور شرائح اللحم المشوي التي حضرها الزوجان في المطبخ
الكبير بعد ان جلباها من الثلاجة الكبيرة المحتوية على الكثير من اللحوم
وانواع الطيور الشهية 0 وقد برر رادولف وجود هذه الاطعمه بوجود السيدة وايت
الارملة الطيبة التي تهتم بشؤون المنزل 0
– انت تتعب السيدة وايت بطلباتك المتعددة يا رادولف 0
– السيدة وايت راضية فهي تجد في الامر تسلية تنسيها وحدتها 0كما اننا بحاجة
لهذا الترف بعد طول التنقل من مخيم الى اخر 0
– ولكنك تحب حياة الغجر , اليس كذلك؟
– العادة تسهل كل شئ وتجعل المستحيل معقولا 0 ولا اخفي عليك سرا اذا قلت
اني
احب التمتع بالحرية التي توفرها حياتنا الغجرية 0
– ولكن حياتكم مضجرة اذ لا عمل فيها ولا نشاط0
– ليس كل الغجر بالضرورة عاطلين عن العمل 0 فهم يصنعون بعض ادوات الطبخ
ويتعاطون التنجيم وما الى ذلك 0
علقت المراة على كلام زوجها بسخرية :
– ماذا يفعل قومك سوى شحذ خناجرهم وتلميعها؟
لم يستطع رادولف الاجابة على هذا السؤال المحرج , بل اهتم بصب الطعام واحضار
عصير البرتقال 0 ولين خائبة تتحين فرصة اخرى لاستجوابه 0
انتهى الزوجان من تناول الطعام فسال الغجري :
– هل اعجبك الطعام ؟
– كان رائعا , شكرا 0
طغى على الجو مسحة من السحر والود0 ولم تفكر لين بالمشاكل التي تفسد عليها
روعة الساعة بل طرحتها جانبا لتنعم بهنيهات فرح نادرة

بعد العشاء تناولا القهوة في غرفة الجلوس ثم اقترح رادولف ان يخرجا لتنشق
الهواء المنعش 0 وافقت لين على الفكرة وان اعتراها على الاثر بعض الخجل :
– ولم لا نخرج يا رادولف فالجو جميل 0
– انظري الى القمر المشع فوق البحر والى النجوم 000هناك الملايين منها 0
سحرت لين بجمال الطبيعة وبا بتسامة رادولف السخية 0 الان ادركت مدى وسامته
وانها صارت تنظر اليه كرجل مهذب لا كغجري متشرد مثلما اعتبرته في السابق 0 في

هذه الليلة حصلت لين على مملكة رسمتها في خيالها , مملكة تعيش فيها مع فارس

احلامها وفي مكان لا تحققه الا الاحلام 0000ولكن حلول الغد سينهي هذا
الحلم0000لا باس فالغد بعيد جدا0
تنزها في الحديقة والمراعي المحيطة بالمنزل والمغمورة بنور القمر , يداعبهما
نسيم منعش يحمل معه رائحة البحر مجبولة بعطر الازهار الملونة بالف لون ولون 0
تنشقت لين الهواء بنهم وافكارها محاطة بالضباب بفعل الجو الغامض وهي مسرورة
بذلك لانه يحملها بعيدا عن همومها في سمفونية عذبة الالحان0
سالها رادولف كي تخرج عن صمتها :
– هل انت دافئة ؟
– نعم0
– البحر هادئ الليلة ويشجع على السباحة0
– انت تسبح اذن0
اجاب رادولف متعجبا لسؤالها :
– بالطبع 0
لم تساله لين هذه المرة كيف يجيد السباحة مع ان الغجر لا يجيدونها عادة 0
بل
تجاوزت فضولها كي لا تفسد النزهة الليلة 0
– ما رايك ياعزيزتي بالصعود نحو التلال ؟
– اتعرف الطريق جيدا ؟
– لا تقلقي فانا معتاد على المنطقة واستطيع السير في مسالكها مغمض العينين 0
اتبدا لين بطرح الاسئلة حول سبب معرفته التامة بالمكان ؟ لا , فلا حاجة
لافساد السهرة الرائعة حتى وان كان انسجامها مصطنعا بعض الشئ اذ يتغاضى
كلاهما عن الحقيقة0
اتجها نحو التلال في طريق مغطاة بالعشب الطري0 والقمر بدا يختبئ خلف بعض
الغيوم فصار مصحوبا بظلال رقراقة تتراقص على البساط الاخضر الفسيح0
وضع رادولف يد زوجته في يده فغمر الدفء جسمها ونسيت ان في العالم احزانا
ومصائب , واصبح كل شي جميلا هذا الحلم المجنون 0 حبذا لو ينقلب الحلم حقيقة

ويصبح فرح هذه اللحظات سعادة دائمة0
تفرقت الغيوم فعاد القمر الى وجود عطائه يرمي انواره على قمم التلال وسفوحها
فتنعكس على حبيبات الندى التي تكلل رؤوس الاشجار وتخالط وريقات العشب 0
والنسيم الملئ بالشذى يشترك مع الطيور الليلية في اداء اجمل الالحان واروعها
0
بعد ساعة من المشي قرر رادولف العودة 0في الطريق تساءلت لين ما اذا كانت
الحاجة التي تحثها على البقاء الى جانبه هي وليدة ساعتها وستزول متى انفصلت 0
والاكيد الان انها ترغب في الارتماء بين ذراعيه تدفئ قلبها بحرارة اللهفة
والهوى 0
وصلا الى المنزل ورنين الهاتف يملا ارجاءه0 فهرع رادولف ليجيب 0 بقيت لين في
الخارج تتامل الهضاب الواسعة والبحر الرحب تتكسر امواجه على الشاطئ وتتطاير
حبات الماء لالئ تستحم بنور القمر 0 وفجاة ادركت ان في وسعها الهرب وايجاد
اكثر من مخبا في هذه المنطقة الشاسعة بحيث يستحيل على الغجري ان يجدها في
الظلام0 معطفها معها وكذلك المال , فما عليها الا ان تركض وتنال حريتها
0000الحرية اصبحت قاب قوسين او ادنى منها0 فماذا تفعل ؟
مازال رادولف يتكلم على الهاتف ويبدو انه لن ينتهي من المكالمة بسرعة 0 من
على الطرف الاخر من الخط؟
لو كانت المكالمة موجهة لصاحب المنزل لانتهت بسرعة كون الغجري سيبلغ السائل
انها ليس موجودا هنا 0 المكالمة لرادولف اذن 0
اصغت المراة بانتباه ولكنها لم تتمكن من الفهم لان زوجها كان يتحدث بصوت
منخفض 0 كيف ارتكب مثل هذه الغلطة وترك زوجته حرة بدون حراسة وقدم بذلك فرصة

الفرار على طبق من فضة !
وقفت لين كالبلهاء مشدوهة لا تدري ماذا تفعل 0 الرحيل مفتوح امامها على
مصراعيه فلماذا لا تستغل الفرصة ؟ لماذا التردد ؟
اخيرا ابتسمت والتمعت عيناها وعلمت ان هذه الليلة الشاعرية يجب ان تستمر حتى
اخر فصولها لان فيها بعد الكثير من السعادة 0 القت نظرة على العالم في الخارج

ثم دخلت واقفلت الباب بهدؤ0
استدارت لين لتجد زوجها واقفا يحدق فيها وعلى وجهه علامات الاستغراب والدهشة
0 وقفت المراة جامدة لا تقوى على الحراك اذ علمت نوايا زوجها 0 ولكنها لا

تابه بها لانها مصممة على خوض غمار كل ما تقدمه هذه الليلة ” الاستثنائية ”
0
وقفا ينظران الى بعضهما متمتعين بالسكوت لان الكلام مهما كان بليغا عاجز عن
التعبير عما يختلج في النفس ويفيض في القلب 0 اخير استطاع الرجل ان يتلفظ
بكلمة :
– يا حلوتي000
مد يده الى زوجته وامارات الفرح تقفز من عينيه وتهذب من قساوة ملامحه
البدائية ذات الجمال الوحشي الخام 0
تجاوبت لين لدعوته بابتسامة رقيقة كفيلة باذابة الصخر واكثر القلوب تحجرا0
ومدت يدها بخجل الى يد زوجها 0
– كان بوسعك الهرب بسهولة 000ولو فعلت لما تمكنت من العثور عليك ابدا 0
قال رادولف ذلك وهو يكاد لايصدق ان لين اضاعت هذه الفرصة السانحة وفضلت
البقاء معه على استعادة حريتها 0 وادركت المراة عندها انها لو رحلت لما غضب
زوجها بل لاحس بالفراغ بعد ضياع شئ ثمين 0
تحولت عبارات الدهشة في عينيه الى حنان فائض وملا قلبها شعور واحد : الحب 0

حب حملها بعيدا عن الهموم الارضية , واحاسيس رفعتها من مستوى المادة الى
مستوى الشعور0 حملها رادولف كالريشة بين ذراعيه واتجه الى غرفة النوم0
-لين000ما سبب الذي يجري بيننا الان ؟
واضاف متراجعا :
– لا اهمية لذلك فحسبنا ان ما يجري رائع 000
قاطعه رنين الهاتف فوقف مترددا ايجيب ام يستجيب لرغبته بالبقاء قرب زوجته ؟
كرهت لين صوت الهاتف وتمنت لو يخرس حتى لا يسلبها رادولف 0 وكم كان سرورها

عظيما عندما قرر الغجري تركه يرن والبقاء معها 0
– فليذهب الهاتف الى الجحيم لاني لست مستعدا لمغادرتك الان يا حلوتي 0
تنفست المراة الصعداء وزادها قراره ثقة بنفسها وبمكانتها عند زوجها 0
هل فهم رادولف انها غارقة في حبه حتى اذنيها ؟ هل ادرك ان سلطته عليها
لم يعد
سببها السطوة بقدر ما صار الحب ؟
– رادولف 000اسمك غريب ولكنه يعجبني 0
– اسمي ايرلندي قديم جدا0
– اليس اسما غجريا ؟
– لا0
تردد الرجل طويلا قبل ان يكمل :
– في الحقيقة هو اسم يطلقه نبلاء ايرلندا على اولادهم 0
– وكيف اتفق ان غجريا حصل على اسم ايرلندي يعود الى النبلاء ؟
– لا اعتقد ان في ذلك جريمة0
دفعها الفضول الى المزيد من الاسئلة 0
– وهل هناك الكثير من الرجال الغجريين يحملون نفس الاسم ؟
– اظن اني الوحيد الذي يحمله 0
– لم تذكر لي شيئا عن والديك يا رادولف 0
قال وفي صوته حزن عميق :
– كلاهما ميتان 0
غرقت لين في ذراعيه اكثر ووضعت يدها الناعمة على خده 0
-اخبرني عن والدتك 0
– ماتت وهي تضعني 0
– اه ! ان هذا الامر مؤسف حقا 0
لم ينجح رادولف عندما علق على كلامها في اخفاء الاسى من نبرته 0
– ان موتها المبكر لم يشعرني بفراغ لفقدانها 0 فلو ماتت وانا فتى يافع مثلا

لكنت اصبت بحزن اكبر0
– انت وحيد في هذه الدنيا اذن 0
– ولماذا استنتجت اني وحيد في هذه الدنيا ؟
– الديك اخوة او اخوات ؟
لم يجب الغجري على سؤالها مباشرة بل اكتفى بالقول :
– كنت اعتبر نفسي وحيدا حتى تزوجت 0
– لم تجب على سؤالي 0
– حسنا يا عزيزتي , لي اخ واحد0
– اني احسدك على ذلك 0 اين يعيش اخوك ؟
– في احد المخيمات 0
– الا تراه ابدا ؟
اجاب رادولف بحدة وكان الموضوع بات مزعجا :
– لم اره منذ مدة طويلة0 كفانا كلاما ولنخلد الى النوم0
– لا اشعر برغبة في النوم 0
– لماذا ؟
لاتقوى لين على البوح بالسبب الحقيقي الذي يجعلها تتمنى لو تمتد هذه السهرة
الى الابد 0 والوقت الرائع هذا هو في الواقع اثمن من ان يهدر بالنوم 0

– لست تعبة 0
قالت ذلك واكملت بسرعة حتى تمنعه من التعليق :
– للاسماء القديمة معان فما معنى رادولف ؟
– اخشى ان لايعجبك معناه فكلمة رادولف تعني الذئب السريع 0
لقد كان الغجري بالفعل ذئبا سريعا لما لحقها على حصانه واختطفها 0 نظرت لين
الى الجرح فرات اثره واضحا على خده وخشيت الا يزول ابدا 0
– اعتقد ان اسمك مخيفا قليلا 0
– لا انوي اخافتك الان لاني اريد ان اغفو 0
طبع قبلة ناعمة على جبينها واطفا النور ضاما اياها بين ذراعيه 0

وما كادت تمر دقيقة حتى غط في سبات هانئ وعميق 0
افاق الزوجان باكرا وجلسا على الشرفة الواسعة يتناولان طعام الفطور 0 وبعد
قليل رن جرس الهاتف 0 هب رادولف من كرسيه معلقا :
– لاشك انها المكالمة التي كان يجب ان اجيب عليها بالامس0 اكملي فطورك يا
عزيزتي فلن اغيب كثيرا 0
عاد رادولف بعد قليل متجهم الوجه كان ويلا كبيرا قد حصل فسالته زوجته قلقة :

– ما الامر ؟ هل هناك ما يقلق ؟
– لاشئ يهمك يا لين 0
– ولكن كيف تتلقى مكالمات الى هذا المنزل ولا احد يعلم بوجودنا هنا ؟
– انت مخطئة في تكهناتك والدليل على ذلك اني تلقيت مخابرة البارحة 0
– مخابرة من الاشباح على ما اظن ! لماذا تحيط نفسك بهذه الهالة من الغموض

وبهذا الحجاب من الاسرار ؟ اشعر بنفسي حيال ذلك انسانة غريبة لا زوجة !
لم تلحظ المراة ان عيني زوجها الغاضبتين تدلان على عدم رغبته في الكلام وعلى
مزاجه المعكر0 بل دفعها قلقها عليه الى المزيد من الالحاح فقال الغجري بحدة :
– الن تكفي عن الاسئلة السخيفة؟
بدات الافكار السوداء تلعب في راسها من جديد 0 ايكون سبب تكتمه الشديد حيال
اتصالاته نشاطات غير مشروعة يقوم بها ؟ وقد تكون هذه النشاطات مصدر المال
الوفير الذي يملكه والذي يخوله القيام برحلات طويلة والانفاق على الثياب
الانيقة 0 كما هناك الحصان الاصيل الذي امتطاه في الغابة , ووجوده في هذه
الدار الفخمة 000امن المعقول ان يكون المنزل ملكا له وهو مجرد غجري ! اسئلة
لا تعرف لها جوابا واحدا00
كانت غارقة في افكارها فانتشلها صوت زوجها :
– انا مضطر للخروج يا لين 0اتعدينني بانك لن ترحلي ؟
ضربت لين الارض بقدمها وقالت مصرة :
– سارافقك !
سكتت فجاة بعد ان رات الرفض القاطع في عينيه 0 ثم هدات بعد ان خطرت
لها من
جديد فكرة الفرار 0 برغم الساعات اللذيذة التي امضتها وبرغم بزوغ فجر الحب في
قلبها , فهي امراة تنتمي الى محيط اجتماعي مختلف تماما عن البيئة الغجرية 0
فالحب مهما قوي وعمق لايستطيع ان يغير من واقع الحال شيئا ويجعلها تندمج في
حياة رادولف وقومه , فجذوته لابد ستخبو مع الوقت ومع اصطدامها بمرارة الواقع
والحياة اليومية 0
احتاجت لين الى شجاعة فائقة لتحبس دموعها 0 ولكن شجاعتها خانتها عندما اعاد
عليها زوجها السؤال نفسه 0
-اتعدينني بانك لن ترحلي ؟
امام ترددها لم يجد الغجري حلا سوى حملها الى غرفة النوم وحبسها هناك 0 وفي

الوقت الذي سمعت فيه لين صوت المفتاح يدور في القفل نظرت صوب النافذة 0 غلطة

جديدة ارتكبها رادولف بسيي انشغاله وقلقه الشديدين 0 ما عليها الان سوى
انتظار رحيله لتخرج بكل سهولة من النافذة , فالبيت ارضي ولا خطر من التسلل
عبرها ولكن لين لم تترو وتنتظر ذهاب زوجها فسرعان ما ارتدت معطفها واخذت
حقيبة يدها ثم فتحت النافذة واصبحت في الخارج0
كانت اشعة الشمس ساطعة والبحر ساكنا والطبيعة هادئة 0 ولم تستطع لين محو ذكرى
التفاصيل الحلوة التي تسربت في الليل الفائت اتضئ ظلام حياتها 0 عاد كل شئ
الان الى سابق عهده 0 وها هي تنفذ عملية الفرار التي غابت عن فكرها في
ساعات
السعادة الماضية 0
اه لو كان رادولف رجلا عاديا كغيره من الرجال ! رجل يشغل وظيفة محترمة ويهتم

بتامين الرعاية والحنان لزوجته واولاده0000
انهمرت الدموع من عينيها وكادت انفعالاتها تقودها الى العدول عن الهرب
والمغامرة في البقاء زوجة للغجري قانعة بمصيرها , لكن الغلبة كانت في النهاية
للعقل والمنطق 0 فتابعت المراة طريقها بين شجيرات الحديقة لتجد منفذا يقودها
الى الطريق العام 0 وبينما هي تختبئ بين الشجيرات سمعت رنين الهاتف في المنزل
ووقع قدمي رادولف يهرع للاجابة 0 عندها دفعها حدسها للعودة الى المنزل فجلست
القرفصاء تحت نافذة غرفة الجلوس لتستمع الى الحديث0
-000احسنت يا اولاف وستنال مكافاة عظيمة مقابل ذلك0
اقلت انه ان الى هنا ؟ اخيرا ساتمكن من0000لم تستطع لين فهم بقية الجملة بل

سمعت :
– كنت يائسا يا صديقي ومتاكد من ان الامر سينتهي به في السجن 0 لو
استطيع
التحدث واقناعه 0000
وضاعت الكلمات من جديد فجنت لين من الغضب 0 كادت تتوصل الى معرفة الحقيقة
لولا حظها السئ 0 وفجاة سمعت صوت زوجها يقول لاولاف :
– لا حاجة لتحركي من هنا الان 0 لقد اتصل بي راؤؤل منذ بضع دقائق
وابلغني ان
بوريل كان في مخيم روجنتري في السهل المجاور , فقررت الذهاب لملاقاته هناك 0
اما الان وقد اخبرتني انه ات الى هنا فسانتظره وافاجئه0
توقف رادولف مفسحا المجال لصديقه بالكلام 0 وتمنت لين لو تسمع ما يقوله
الغجري الكهل لزوجها الذي عاد الى الكلام بصوت منخفض فلم تتمكن المراة الا
سماع جمل غير مترابطة 0
– ارجو الا يعلم بوجودي هنا 000جاء مرة مع فتاته 00صحيح والا لما عرفت 000لا

اعرف كيف ارد لك الجميل يا اولاف 0
تساءلت لين عن معنى هذا الكلام وهي تنتظرزوجها ليعاود الحديث 0 لكنها تاكدت
من امر واحد وهو انها ستبقى حتى ياتي المدعو بوريل علها تشبع فضولها ويصدق
الحدس الذي انباها بان مصيرها ومستقبلها يتعلقان بقدوم هذا الرجل 0
– 0000كان علي الاخذ بنصائحك يا اولاف والكف عن مطاردته , خصوصا بعد ان اصبحت

مثقلا بالمسؤوليات 0 خفق قلب لين بشدة اذ فهمت انه يعنيها بالكلام على ”
المسؤوليات ”
– ولكنك تعلم يا اولاف اني لا اقبل الهزيمة 0 وانا متفائل باني اذا تمكنت
من
لقاء بوريل والتحدث اليه فساسوي الامور واضع كل شئ في نصابه 0
اقفل الغجري الخط بعد قليل فقررت لين العودة الى غرفتها قبل ان يكتشف زوجها
غيابها 0 ولكن الحظ ابى الا ان يوقعها في مشكلة جديدة 0 فما كادت تخطو
حتى
تعثرت بغصن شجيرة وسقطت بقوة فارتطم راسها بالارض وصاحت من الالم 0 لم تمر
ثانية على سقوطها حتى كان رادولف الى جانبها فحملها الى المنزل على جناح
السرعة 0
-اه , راسي !
احست لين بالدنيا تدور فيها وبكل شئ امامها يتراقص ومع ذلك لمحت في عيني
زوجها مزيجا من الغضب والاسى 0 لقد خذلته بعد ما تاكد منانها لن تحاول الفرار

بفعل الانسجام التام الذي ساد بينهما في الليلة الفائتة0 اخذت المراة تتوقع
الرد القاسي على عملها لكن الغجري ضبط اعصابه واهتم باسعافها 0
– كدمة لا باس بها على الاطلاق , ساحضر شيئا يريحك 0
نظر اليها واضاف :
– لاريب انك مصابة بصداع من جراء الصدمة 0
– نعم يا رادولف 0
– لماذا فعلت ذلك ؟
– لا تعتقد اني كنت انوي الفرار 0 على العكس 00
لم ينتظر الغجري سماع المزيد فقاطعها حانقا :
– لاتكذبي ! ماذا عن حقيبة اليد هذه ؟
فتح الحقيبة وتفحص محتوياتها رامقا زوجته بنظرات شريرة 0
كيف تفسر له ما حدث وهي في الحقيقة كانت تنوي الفرار لو لم تسمعه يتكلم

بواسطة الهاتف مع اولاف 000
قالت بصوت ضعيف والالم في راسها لا يكاد يطاق :
– حبذا لو استطيع ان اشرح لك ما حدث !
– من الواضح انك لست على استعداد لشق طريق الحياة برفقة غجري من حثالة
المجتمع 0
اخذ رادولف يقول بشبه همس :
– كان علي ان اعلم ان المسالة ستصل الى طريق مسدود لا محالة 0
– ما الامر يا رادولف , اخبرني 0
اخفت نبرة التوسل في صوتها الحب الجارف الذي يكنه قلبها لهذا الرجل الغامض
الواقف امامها والمرارة تكاد تحطمه على رغم جبروته وسطوته 0
– مالفائدة من اطلاعك على الحقيقة ما دمت تحتقرينني وتعتبرينني غير اهل
بالعيش واياك؟
اين التعالي الذي قابلها به في السابق ؟ اين الغطرسة والكبرياء ؟ تحول غضبه
الى ذل وصلفه الى مهانة 0 ولما حاولت لين , مدفوعة بشعور الذنب , تطييب
خاطره
اسكتها باشارة من راسه 0
-لا تحاولي اصلاح ما فسد 0ساعرض عليك خطة ارجو ان توافقي عليها ولكن بعد ان

تتناولي هذه الحبوب وتنامي قليلا 0
نهضت لين من الكنبة واسرعت نحو غرفة النوم حانقة وهي ترغب برمي زوجها الغمض
باحد التماثيل لعله يخرج عن صمته المطبق 0
– ما بك يا لين ؟
– بالله عليك ! اطلعني على الحقيقة فهذا من حقي 0
– اي حق هذا ؟
– انا زوجتك ولي الحق 000
قاطعها بضحكة ساخرة تخالطها اللوعة :
– لا استطيع ان افضي اليك باسراري مادمت لا تعتبرين نفسك زوجتي 0
– ولكنك كنت على وشك البوح بها البارحة0
– كدت افعل لاني كونت فكرة خاطئة عنك0 شعرت ان نظرتك الي تغيرت وان كرهك
لي
خف واننا قد نستطيع000
توقف فجاة وناولها الدواء قائلا :
– دعينا من هذا الموضوع وتناولي الدواء ليخف الالم0
– لا تخف علي فلن اموت 0
– هيا الى السرير فانت متعبة0
– لا اريد ان انام !
هددها بلهجة امرة :
– لاتجبريني على حملك اليه بالقوة !
تناولت المراة الدواء وتوجهت الى سريرها كي لا تفعل ذلك مكرهة وقبل ان يخرج
من الغرفة سالته :
– لماذا لاتبوح لي بكل شئ ؟
– لان نظرتك الي لم تتغير مع الاسف 0 والدليل على ذلك انك حاولت الفرار
0
فلنكن صريحين ونعترف بانني لست مؤهلا لاكون زوجا لك , على الرغم انك معجبة بي

0
لم ترض لين بهذه الحقيقة فصاحت معترضة :
– معجبة بك؟ يا لك من مغرور !
– فوجئت المراة بان زوجها لم يغضب بل قال لها بهدؤ جعلها تخجل من كذبها
:
– اؤكد لك انك معجبة بي وترتاحين لوجودي معك 0 ولكنك غير قادرة على التاقلم

في حياتي الاجتماعية وعلى التخلص من عقدة التفوق 0
– حسنا , اعترف باني اشعر نحوك بالتفوق اذا كان هذا يرضيك 0
– اعتراف غير مقنع تماما 0 سنجد فرصة اخرى للتصارح اما الان فالى النوم !

توجه الى النافذة واخرج من جيبه قفلا ركزه عليها بطريقة لم يعد ممكنا معها
فتحها بدون نزع القفل 0
– اسف يا حلوتي ولكني مضطر لفعل ذلك 0
– امن العدل ان تجعلني سجينة هذه الغرفة ؟
تابعت متوسلة :
– اعدك بانني لن اهرب 0
– لن اعود عن قراري فالتجارب السابقة لا تشجعني على الثقة بك0
خرج رادولف من الغرفة وترك زوجته وحيدة في سريرها تنتظر المجهول 0 لكن الالم
والتعب تعاونا عليها فاغمضت عينيها ونامت

الغريب
افاقت لين مذعورة على صرير باب غرفتها يفتح ورات رادولف يطل براسه فسارعت الى
القول :
– ادخل فانا بخير ولم اعد بحاجة الى النوم كم الساعة الان ؟
– الواحدة ظهرا كيف تشعرين ؟
دخل رادولف فعلمت لين من ملامح وجهه ان بوريل لم يات بعد
– صرت احسن بكثير فالصداع زال والحمد لله
– اتستطعين تناول الطعام ؟
استوت المراة في سريرها وتلاقت نظراتها ونظرات زوجها ولم تمانع في ان يتامل
الغجري مفاتنها بحرية
– اعتقد ان فكرة الاكل صائبة جدا ماذا لدينا اليوم ؟
– لدينا بعض السمك المشوي
– اعتقد انك تعد لائحة بما نستعمله لتسدد ثمنه لصديقك , اليس كذلك ؟
اجاب الغجري مبتسما :
– لا , ما علي سوى سرقة هذه الاغراض فصديقي لا يعرف ماذا يملك لكثرة
غناه0
– الن تستطيع التخلي عن عادة السخرية والتهكم ؟
– الن تستطيعي التخلي عن عادة طرح الاسئلة ما دمت تعلمين طريقة اجابتي عليها
؟
عقدت لين حاجبيها متذمرة :
– يالك من لغز محير! اكتشفت انك ذو شخصية مزدوجة0
– بالله عليك اخبريني عن هذا الاكتشاف العظيم!
– انت تتحول مثلا من حمل وديع الى وحش مفترس !
رفع رادولف يده الى الجرح الذي ما تزاتلاثاره بادية في وجنته وقال :
– وحش مفترس ! لقد قدتني بتصرفاتك الخرقاء الى افعال ما كنت اتصور اني
سارتكبها يوما0
ارتبكت لين لانها لاتستطيع كتم شعور بالذنب كلما رات ذلك الجرح في وجه رادولف
, وان يكن ذلك الشعور لا يعني ان الغجري لم يستحق الضربة 000لا بل كان
يستحق
اكثر ! انه رجل غريب الاطوار فلما تبعها بعد تعطل سيارتها لم يخطر ببالها انه

سيحاول الاعتداء عليها ولكنه فعل ! ولم يحبط محاولته سوى تدخل صديقته الغجرية
التي اختفت منذ ذلك اليوم ولم تر لين وجهها في اي من المخيمات التي زارتها

مرغمة في المدة الاخيرة0 لاشك ان رادولف تخلى عن صديقته بسهولة , رغم انه
اظهر طاعة عمياء تجاه اوامرها القاضية بالابتعاد عن لين المسكينه 0
ذكرها رادولف بان الغداء جاهز 0
– ساحضر الطعام الى هنا اذا كنت تفضلين ذلك 0
اومات لين بالنفي واسرعت بالنهوض لانها لاتريد تفويت فرصة لقاء الرجل المنتظر
: بوريل000اذا سمح لها زوجها بذلك0
كان الزوجان الشابان جالسين الى المائدة لما سالت لين :
– اتريد مناقشة الخطة التي تحدثت عنها ؟
لم يجب الغجري على الفور بل نظر الى ساعة الحائط قلقا من تاخر بوريل في

الوصول 0
– سنبحثها لاحقا بعد ان تستقر اوضاعنا 0
ايقنت لين ان لاجدوى من متابعة الموضوع ما دام رادولف لا يرغب في اطلاعها على

شئ 0 ماذا عني باستقرار اوضاعهما ؟ تنهدت معلنة فشلها في حل جزء ولو صغير
من
اللغز الكبير الذي يحيط بالغجري ذي الشخصية الغريبة0
عاد رادولف الى الكلام وفي صوته نبرة تؤذن بالقلق :
– لا اعتقد انك تمانعين بقاءنا ليلة اخرى هنا 0
– افضل ذلك على وجودي في مخيم غجري 0
هز رادولف براسه موافقا كانه يعتبر كلامها صحيحا ويشاطرها كرهها للمخيمات 0
– وهكذا سنتمكن مرة اخرى من تناول العشاء كاناس متمدنين 0
– احيانا عندما تتكلم , لا اراك غجري يا رادولف0!
– ومع ذلك انا غجري ابن غجري 0
تفحصت لين لونه الاسمر , شعره المتجعد , عينيه السوداوين اللتين تعلمت قراءة
ما فيهما من احاسيس : الغضب والرغبة , الهوى الجامح الذي تلظت بناره لما
اجبرها على الزواج منه وامضت معه ” شهر عسل ” مرا في تلك العربة المقيته
0
ومؤخرا تعلمت قراءة الطيبة , الندم , الاسف والحزن العميق في عينيه السوداوين
0 اما في هذه اللحظات بالذات فتقرا فيهما تحديا كن رادولف ينتظر منها ان
تحاول انكار كونه غجري انه يعلم ما يدور في خلدها من اسئلة محيرة 0 لكن
لين
تجاوزت التحدي وقالت :
– ما سبب مكوثنا هنا ليلة اخرى ؟
كانت تعلم ان السبب هو رغبة رادولف بلقاء بوريل , اذا لم يحضر اليوم 0

وبالفعل لم يخيب زوجها ظنها عندما اجاب :
– انا انتظر شخصا هنا 0
تظاهرت لين بعدم معرفتها بذلك فتعجبت معلقة :
– تنتظر رجلا ام امراة ؟
لم يستعجل رادولف بالاجابة بل صرف وقتا طويلا في تذوق لحم السمك الشهي:
– انتظر رجلا 0
– من المستغرب ان تستضيف زوارار في هذا المكان !
قالت لين ذلك وعيناها تنظران الى الارض مخافة ان تفضحاها ويكتشف رادولف انها
تعلم اكثر مما يجب0
– لا يفاجئني ذلك ياعزيزتي فهناك الكثير من الامور التي تعتبرينها مستغربة
ومستهجنة , و اعدك بانها ستتوضح عندما اطلعك على خطتي 0
ماذا حدث لصوت رادولف الامر ؟ لماذا هذا الارتجاف الذي يخفي خوفا من ان ترفض

لين الخطة المذكورة؟
– ما تفعله مجرد تسكين للالم وتاجيل للمشكلة , فانا ضقت ذرعا بهذه الاسرار !

– الخطا خطاك 000لو لم تعتبرينني حثالة المجتمع لما حصل كل ذلك 0
لم تعرف لين كل هذه المرارة والحسرة في صوته قبل الان , ولم تر شفتيه

مرتعشتين ويديه ترتجفان 0 ثقته الكبيرة بنفسه لم تفلح في اخفاء توتره
وانفعاله وكان مستقبله معلق على ما سيحدث في الساعات القليلة المقبلة 0
من جهتها حافظت لين على هدوئها وتكلمت يدفعها الحب المسيطر على جميع تصرفاتها
واقوالها :
– الم يخطر لك اني غيرت رايي فيك ؟ لقد قلت ذلك تحت تاثير الصدمة
والهلع ! اي
انسان يقول اشياء ثم يندم , كما يفعل اشياء ثم يندم 0
كانت تشير بكلامها الى غلطتهما المشتركة , غلطتها في نعته بحثالة المجتمع ,
وغلطته في ضربها وارعابها 0 لا ريب في ان رادولف نادم على استعماله العنف
وانه لن ينسى ما فعلت يداه بسهولة 0
اكملت المراة حديثها والغجري يحدق فيها باستفهام :
– راجعت ضميري مرارا بشانك 0 اقر بان عندك ازدواجية في الشخصية وان فيك جانبا

سيئا ذكرته مرة ولكنك تملك جانبا حسنا لا انكر اعجابي به0
تبع ذلك سكوت تام , سكوت دهشة بحث خلاله رادولف عن عيني زوجته ليفهم اكثر
0
ولكنها هربت من نظراته وتكاد لا تصدق ما تفوهت به 0 كانت على وشك الاعتراف

بحبها لل بل هي فعلت بطريقة غير مباشرة 0 اذ لا مفر من كون رادولف
فهم ذلك من
قولها هذا وتصرفاتها في المدة الاخيرة0
احست لين بالانكسار لانها لم تستطع مقاومة الحب الذي نما في داخلها تجاه هذا
الرجل0 والذي بدا كشعور بالنجذاب نحوه منذ ان راته رغم ان لقاءها به حفل
بالذعر والخوف 0 ورغم انها تابى فكرة العيش زوجة لغجري 0 جماله البدائي
وطبيعته العفوية المتسلطة سيطرا على كيانها كالقدر المحتوم 0 ولم تنجح في
الافلات من قبضتهما ومن نزعتهما الامتلاكية0
عندما نظرت اليه اخيرا ووجدت ما وجدت في عينيه , علمت ان الامر قد فصل
وانها
مستعدة للمتابعة حتى النهاية ولتسليمه الدفه لقيادتها الى حيث يشاء 0 قبلت
بالعيش مع الغجر مهما كان رادولف ومهما فعل وادركت ان ارتباطها به ليس انيا
كما تصورت 0 بل نهائيا0
اخذ الغجري يهز راسه غير مصدق ما سمعت اذناه 0
– اذا صح ما تقولين يالين فهناك امل كبير لنا !
ظهر للين جليا ان عبئا كبيرا نزل عن كاهله لما تكلم , وان افاقا جديدة
فتحت
امام عينيه0 ايحبها رادولف ؟ ايمكن ان يتخلى عن مجتمعه واهله من اجل حبها ؟

امن الممكن ان يعيشا حياة طبيعية في منزل صغير ويتخذ رادولف مهنة شريفة
يرتزقان منها ويربيان اولادهما تربية صالحة ؟ عسى الا تكون هذه الافكار سرابا
واضغاث احلام 00
– لين , اتعنين ما قلت ؟ الن تحاولي الفرر والرحيل عني ؟
لم يدم ترددها طويلا وسرعان ما منت عليه باحلى ابتسامة وقالت بصوتها الحنون :
– اعني كل حرف خرج من فمي 0 لن اتركك ابدا 0
توقف الكلام عند هذا الحد 0 واظهر الزوجان ارتياحا عارما بعد ان لاحت بشائر
الامل بحياة سعيدة مديدة وان يكن الامر بحاجة لبعض التفاصيل البسيطة000
كانت عقارب الساعة تشير الى الرابعة بعد الظهر لما رن جرس الهاتف 0 ترك
رادولف الرسائل التي كان يكتبها واسرع ليجيب على المكالمة 0
رات المراة زوجها ينفعل , يتجهم , ويمتلئ غضبا ابيض 0 ثم يقول بصوت مخنوق
:
– وهل ماتت ؟ لم تمت ولكنها بحالة خطرة ؟ يجب ان اعثر عليه قبل
رجال الشرطة 0
يا الهي لماذا لم يات الى هنا كما كان ينوي !
تملكها خوف شديد لا تعلم سببه وهي تراقب زوجها يستمع الى محدثه بقلق عميق 0

وعلمت ما سيقوله بعد ان يقفل الخط 0
– علي الخروج لبضع ساعات يا عزيزتي 0 ارجوك لا تطرحي علي اسئلة لان الوقت
لا
يعمل لصالحي 0
لا خوف عليك من البقاء هنا واذا شئت ارسل لك السيدة وايت لتعني بك في
غيابي 0
-ااستطيع مرافقتك ؟
– لا يا لين فانا لا اريد اقحامك في هذه المشكلة 0
اقتنعت المراة وقالت انها ستكون بخير وبانتظار عودته على احر من الجمر 0
– ارجو ان اتمكن من العودة خلال الليل 0 وفي اي حال ساكون هنا صباح
الغد كحد
ادنى 0
طبع قبلة ناعمة على جبينها واضاف :
– سيكون كل شئ على ما يرام بيننا قريبا يا ملاكي 0
بعد ثوان معدودة اقلع بالسيارة بسرعة فنهبت الارض نهبا مرسلة سحابة من الغبار
في الفضاء
جلست لين وحيدة تحدق في البحر الازرق الهادئ المتلالئ تحت قرص الشمس الاحمر
وليس لديها سوى افكارها وتساولاتها تؤنس وحدتها 0 من يكون بوريل هذا ؟ لا ريب

في انه شخص مهم بالنسبة الى رادولف وانه ارتكب عملا خطيرا يعرضه لملاحقة
العدالة000
تنهدت بعد ان تعبت من التفكير وقالت بصوت عال :
– لماذا اتعب راسي بهذه الامور ما دمت لا املك وسيلة ناجحة لمعرفة الحقيقة ؟

تدريجيا بدا الغسق يلف الدنيا ملونا البحر بستار رمادي والجبال بوشاح قرمزي
ناعم 0 قررت لين ان تقوم بنزهة بعد العشاء الخفيف الذي تناولته 0 وبعد عودتها

تمددت على كنبة مريحة في غرفة الجلوس المضاءة بنور شاحب يضفي عليها جوا
شاعريا يحتاج الى وجود رادولف ليكتمل ! تمنت ان يكون لها يوما بيت كهذا تعيش

فيه مع من تحب , ولربما تحققت امنيتها متى تدبر رادولف وظيفة محترمة 0
شغلت المراة نفسها بقراءة بعض المجلات حتى لا تشعر ببطء الوقت وثقل الوحدة 0
كما استمعت الى موسيقى ناعمة تبث يواسطة مكبرات للصوت منتشرة في جميع غرف
المنزل 0

في حوالي العاشرة اوت الى فراشها بعد ان استبعدت عودة رادولف وما لبثت ان غفت

على صوت حفيف الاوراق تتصادم بفعل النسيم العليل 0
افاقت لين من غفوتها مرتعدة على ضجة خفيفة فجلست في سريرها صامتة , تاركة
النور مطفا0 ولما لم تتكرر الضجة غفت من جديد ولكن لدقائق قليلة فقط اذ سرعان

ما فتحت عينيها على صوت جرار يفتح 0 ربما عاد رادولف ولم يشا ازعاجها فدخل

لينام في غرفة اخرى 0 همت لين بالنهوض لملاقاة زوجها ولكنها عدلت كي لا تزعجه

اذ لاشك في انه مرهق جدا , ومحتاج للوحدة لاستجماع افكاره والتقاط انفاسه 0
بامكانها انتظار طلوع النهار حتى تطلع منه على الحقيقة التي وعد بكشفها حالما
ينتهي من مهمة العثور على بوريل 0
ا ضاءت لين المصباح الكهربائي الموضوع قرب سريرها ونظرت الى الساعة : الثالثة
فجرا 0لو كان معها كتاب تطالعه لاضاعت الوقت حتى تبدا الشمس بالنهوض وتطرد
ظلام الليل الدامس 0اتذهب الى غرفة الجلوس وتحضر كتابا من تلك الكتب المرصوفة
على امتداد الجدران ؟ تخلت المراة عن هذه الفكرة مخافة اوعاج زوجها , فاطفات
النور وعادت الى النوم0
افاقت لين في الخامسة وقررت الانتظار ساعة حتى تنهض لان رادولف اوى الى سريره
متاخرا 0 فلا ضرورة لايقاظه في هذا الوقت الباكر 0 بعد ساعة دخلت الى الحمام

وامضت وقتا طويلا تحت الماء الساخن تنعش جسمها بعد حادث وقوعها في اليوم
الماضي 0بعد ذلك جلست امام المراة تتبرج استعدادا للقاء رادولف على امل ان
تكون مهمته انتهت على خير وتبدا صفحة جديدة في حياتهما 0 بعد ان تاملت وجهها

جيدا في المراة ووجدته مرضيا ارتدت برنسا ابيض وخرجت الى الممشى تبحث عن
الغرفة التي يحتلها رادولف 0
في تلك اللحظة فتح باب احدى الغرف فاستدارت لين مبتسمة000ولكن الابتسامة لم
تطل لما رات المراة وجه الغجري 0ماذا حل به ؟ عادت الى وجه امارات الفظاظة

والوحشية التي طالعها بها في ذلك اليوم الذي لا ينسى حين حاول الاعتداء عليها
000
همست لين مذهولة :
– رادولف 00000ماذا000
صمتت عندما رات القميص مفتوحا على صدره يغطيه شعر اسود كثيف 0 اكثف مما عهدته

فيه! رفعت عينيها الى وجهه ووضعت يدها على فمها لهول المفاجاة : من اين اتى

بهذه النظرات الرهيبة كشخص ظهرت امامه رؤيا اسطورية !
– رادولف انت تخيفني 000
كان مظهره كمجنون خطر وظنت لين ان الجانب الشرير طغى مرة اخرى على الشخصية
المزدوجة وان رادولف الذي يقف امامها ليس رادولف الذي تعرفه 0000ولكنها ما
لبثت ان ابتعدت اكثر من ذلك وادركت ان هذا الرجل ليس زوجها !
توضحت الصورة امام عيني المراة بسرعة البرق 0 فهذا الرجل هو بوريل الذي يبحث
عنه رادولف , وهو بالطبع الشقيق الذي حدثها عنه زوجها وان يكن قد اغفل ان

يذكر انهما توامان !
تكلم الرجل اخيرا :
-مالذي اتى بك الى هنا ؟
تراجعت لين خائفة تفتش عن باب غرفتها لتقفل على نفسها هربا من هذا الغجري
الشرير 0 وكان هلعها شديدا فانعقد لسانها ولم تستطع التفوه ولو بكلمة واحدة0
كرر الرجل سؤاله وهو يقترب منها ببطء 0 ولسوء حظها وجدت نفسها تصطدم بالجدار
بدل ان تقودها قدماها المرتجفتان الى الغرفة 0فجحظت عيناها وفغرت فاها عاجزة
عن الحراك0
– رادولف000يبحث عنك 000
ارتسم على شفتي الرجل ما ظنته لين ابتسامة وقال بخبث :
– سمعت ان اخي تزوج فانت ولا شك الزوجة المحظوظة 0
– اصبت 0
– ياللصدفة ! وانا كدت انال منك في الغابة لولا تدخل هذه الحقيرة ماندا
لانقاذك !
اطلق بوريل ضحكة شريرة واضاف 0
– يا لسخرية القدر كدت اعتدي على زوجة اخي !
مرر انامله الطويلة في شعره الاسود الكثيف فزاد شكله غرابة واقترابا من العته
0
عاد الى الكلام والرغبة تخنق صوته :
– لكن ماندا لن تستطيع انقاذك الان ومنعي من التمتع بجمالك 0
ساصيب عصفورين بحجر واحد , الهو قليلا وانتقم من اخي المحترم بعد كل ما فعله

معي 0
بدا بوريل مستعدا للانقضاض على فريسته الضعيفة ولين عاجزة عن الحراك بعد ان
خانتها شجاعتها ولم تعد تقوى على الصراخ 0
مرت في مخيلتها صور كثيرة ففهمت تقريبا كل ما حدث 0 حدقت في وجه الغجري
جيدا
وايقنت ان الرجل الذي هاجمها عند تعطل سيارتها ليس نفسه الذي قابلتهفي الغابة
على الجواد !سيما وان بوريل يحمل اثر جرح عميق في مفرق شعره بان واضحا عندما

مرر يده فيه 0 اه لو انها انتبهت لهذا الجرح لكانت وفرت على نفسها وعلى
زوجها
الكثير من الالام والاحزان ! وفهمت من الان لماذا كان رادولف يشير الى
الحادثة الثانية لما كانت تكلمه عن الاولى ! فكيف يذكر الاولى وهو لم يكن
طرفا فيها !
امر بوريل بلهجة مفزعة :
– اقتربي مني يا امراة ! تعالي لارى ماذا تحت هذا البرنس الجميل 0 لابد
ان
شقيقي المليونير يقدم لك ما ترغبين من الثياب , اما انا فلا املك سوى نفسي

اقدمها !
تبع ذلك ضحكة هستيرية ملات ارجاء المنزل واشعرت لين ان اذنيها ستنفجرا 0
– لنامل يا حلوتي ان يطول غياب رادولف حتى اتمكن من الاسترسال بما انوي فعله

مد يده السمراء نحو لين فصارت المراة على حافة الاغماء 0 ولما انقض عليها
بدات بمقاومته بكل ما اوتيت من قوة 0 كان لبوريل قوة ثور هائج , لكن
ياس لين
دفعها الى الصمود وهي تنتظر حلول معجزة ومجئ زوجها لينتشلها من براثن شقيقه
المتوحش 0 ولكن زمن المعجزات ولى وشيئا فشيئا بدات قواها تخور وعزمها على
المقاومة يضعف الى ان هدات تماما وتمددت مستسلمة على الارض 0 حملها بوريل الى
كنبة في غرفة الجلوس ولما هم باتمام فعلته الحقيرة , دبت فيها قوة مفاجئة
فرفسته على معدته وسقط على الارض مغشيا عليه بعد ان ارتطم راسه بحافة الموقد
كان هذا اخر مشهد راته لين مشوشا وفقدت الوعي يعد ذلك 000

10- رادولف والحب الكبير
لما عادت لين الى وعيها وجدت ان بوريل ما يزال ممدا على الارض والدما تنزف
من
راسه 0
– ماذا فعلت ؟ هل قتلته ؟
تغلبت المراة على خوفها واقتربت تنصت الى قلبه تتحسس فيه الحياة 0 كم كان
ارتياحها كبيرا عندما رات ان قلبه لم يتوقف عن الخفقان 0 وعلى الفور شرعت
تفتش عن رقم طبيب تتصل به هاتفيا لياتي ويعتني ببوريل 0 ولكنها ترددت بعد ان

تساءلت عن رغبة زوجها بحضور طبيب ليعالج اخاه الفار من وجه العدالة 0
فوجئت لين بهدوء اعصابها وكان الطبيعة اعادت اليها توازنها لما فقدت وعيها 0
رات الموقف امامها واضحا وتمكنت من اختيار الحل الانسب لهذا الموقف الحرج0
وهكذا , هرعت الى المطبخ واحضرت حبلا واوثقت به يدي الغجري لتامن شره اذا
افاق 0 ثم تفحصت الجرح وتبين لها انه سطحي ولا يشكل اي خطر على حياته
0
فتح الرجل عينيه فجاة وحدق فيها باستغراب :
– من انت ؟ اين انا ؟
شعرت لين نحوه بالشفقة ولم تستطع ان تكرهه رغم ما سببه لها حتى الان من
مصائب
وويلات 0
– انا زوجة اخيك يا بوريل 0
تخبط الرجل محاولا تحرير يديه ثم صاح :
– من اوثق يدي ؟
– الا تذكر انك هاجمتني فرفستك واوقعتك ارضا فاصطدم راسك بحافة الموقد ؟ ولكن
لا تقلق فقد داويت الجرح البسيط وسيلتئم بسرعة 0
ظل الغجري صامتا لبرهة حتى استوعبت ما سمع 0
– فشلت مرة اخرى في النيل من زوجة اخي 0 لو نجحت لكان انتصارا باهرا000

توقف بعد ان داهمه الالم ثم سال :
– اين رادولف ؟
– انه يبحث عنك كما ابلغتك سابقا 0
قال بصوت قلق :
-هل سيعود الى هنا ؟ لا يجب ان يجدني باي ثمن , حلي وثاقي والا
جعلتك تندمين
على فعلك حيث لا ينفع الندم !
حاول بوريل النهوض لكنه تعثر ووقع على وجهه , فنظرت لين اليه متاسفة على حاله

0 حزنت لرؤية رجل بهذه القوة والوسامة مطروحا على الارض اسير حبل واسير
غرائزه الشريرة0
– ارجوك , حلي وثاقي !
كادت لين ان تذعن لتوسله ولكن عقلها سيطر على انفعالات قلبها الرقيق 0 فجلست
على الكنبة تحدق فيه وتنتظر مجئ زوجها ليتولى حل معضلة اخيه 0
ما اكثر الفوارق بين رادولف وبوريل , هذه الفوارق لم تلاحظها لين في السابق 0

الاول يهتم باناقته ونظافته اما الثاني فقذر لا يعرف للنظافة معنى0 كان يكفي
لين ان تنبه لاظافر بوريل حتى تفرقه عن اخيه , ولكنها لاتلام لانها كانت
تتصرف مدفوعة بالخوف والرعب 0
شخصت عينا بوريل بوجه لين فتذكرت كلمات اولاف عنه وعن الحياة التي اختارها
والتي لا يحبذها رادولف العامل على مساعدته للتخلص من عاداته القبيحة 0
– رادولف يريد ان يتحدث اليك في امور هامة0
– ماذا يريد مني اخي المحب الا يكفيه انه سلب اموالي ونال التركة بكاملها على

رغم كوني اكبر منه ؟ كان محظوظا لما اخذه جدانا وتعهدا بتربيته وتعليمه في
حين بقيت شريدا في الطرقات 0 تصوري انهما منحاه اسم العائلة الكريمة !
سالته لين اذا كان يريد دواء مسكنا فرفض وتابع تظلمه :
– لقد نزعاه من مخيم الغجر عندما كان في السادسة عشرة وترعرع كارستقراطي
توافرت امامه سبل العيش الواسعة ! ولماذا حصل ذلك؟ لان جدي العزيزين شعرا
بتانيب الضمير لما لقيته امنا من ذل وهوان على يديهما بعد ان نبذاها لانها
فرت مع رجل غجري وقعت في غرامه0 ولم يكفهما طردها بل اعتبراها ميتة ورفعا
علما اسودا على قبة القصر للدلالة على ذلك 0 وبعد موتها ارادا التعويض عن
غلطتهما تجاهها فاستفاد من ذلك اخي العزيز0
تمتمت لين بعد ان سمعت القصة وعرفت حقيقة زوجها :
– رفعا علما اسودا000عن اي قصر تتكلم ؟
– قصر ال دوغي بالطبع ! لست بحاجة لان اعلمك بانك متزوجة من سيد احد
اكبر
القصور وراس احدى انبل العائلات في ايرلندا ! وهذا المركز من حقي لا من حق

رادولف !
– اهدا يا بوريل 0
نصحته لين بالهدوء وهي ترتعد بدورها غير قادرة على استيعاب الحقيقة الصاعقة 0
اللوحة التي راتها في قصر دوغي كانت لوالدة رادولف 0 رادولف هو السيد دوغي
صاحب القصر وسيد الاراضي ! وهو اعاد الاعتبار الى امه المنبوذة واعاد تعليق
اللوحة في القصر 0 ولكن لماذا اختاره جداه دون اخيه بوريل الذي بقى مشردا في

المخيمات ؟
تكلم بوريل بعد قليل بصوت منخفض وحزين :
– علي الذهاب قبل مجئ رادولف فانا تحاشيته لمدة طويلة ولا ارغب في لقائه الان

! قصدت ان اسبب له الكثير من المشاكل والعار , وتوجت افعالي المشرفة بمحاولة
قتل ماندا ولكن اللعينة لاتموت ! اه كم اردت في تلك اللحظة ان الصق برادولف

نعت شقيق القاتل الغجري الخطير بوريل !
توقف بوريل فجاة ونظر الى النافذة بينما هبت لين من مقعدها بعد ان سمعت صوت

السيارة , لتلاقي زوجها 0 نظرة واحدة الى وجهه كانت كافية لترى خيبة الامل
وفشله في اتمام مهمته , ولكن الزوجة سارعت الى الاعلان :
– عزيزي رادولف , بوريل هنا !
– بوريل ؟ اين هو ؟
دخل رادولف البيت راكضا غير قادر على الانتظار لحظة اخرى ليبت الامور مع
شقيقه0
وعلى الفور سمع صوت بوريل يصيح من الداخل:
– لعن الله هذه المراة فلولاها لكنت الان اسرح على هواي في التلال الواسعة
!اهلا يا شقيقي المحترم ! ماذا في جعبتك الان وقد امسكت بي ؟ قل ما
عندك
ودعني ارحل لاني لا ارغب في البقاء معك ثانية واحدة!
– من حقك ان تبقى هنا وان تبقى في القصر ما شئت 0
توقف رادولف عن الكلام عندما دخل الى الغرفة وراى اخاه ممدا على الارض 0
– ماذا حا براسك وبيديك ؟
وقفت لين تنتظر ماذا سيقول بوريل الذي اخذ يضحك كالمجنون وبريق الاثارة والشر
في عينيه 0
– لقد اخفت عروسك الناعمة يا شقيقي العزيز , ولو لم يخني الحظ لكنت تمتعت

معها بوقت جميل 0
رات المراة زوجها يمتلئ غضبا ويستعد لمعاقبة بوريل على ما فعله باقسى طريقة 0
– ماذا حدث يالين ؟ هل اصابك بوريل باي اذى ؟
لم يدع بوريل لين تجيب على السؤال فتولى المهمة عنها :
– لا تخف فالوقت لم يسمح لي بالذهاب معها حتى النهاية 0 اضعت الفرصة لما

رفستني وطرحتني ارضا !
وثب رادولف على اخيه والشرر يتطاير من عينيه فخشيت المراة ان يقع ما لا تحمد

عقباه 0 وهرعت تمسك بيد زوجها متوسلة :
– ارجوك يا رادولف , لا تفعل شيئا 0 اخوك يحتاج الى الشفقة لا الى
المعاقبة 0
رق رادولف لكلام زوجته وهدا غضبه بعد ان نظر الى عينيها المليئتين بالرافة
والرحمة 0
وبذلك تحاشى استعمال العنف مع اخيه المذنب فاكتفى بالقول :
– لنشكر الله يا لين على انك لم تصابي باذى رغم انه ولابد سبب لك
بعض الخوف 0
نظر رادولف الى اخيه واكمل بحدة :
– الفتاة مصابة بجروح بليغة !
– كنت امل في موتها لما جئت هنا هربا من الشرطة , ولكن سوء الطالع
جعلني
التقي بك في هذا المكان اللعين 0
– ابلغني اولاف انك ات 0 متى وصلت ؟
لما ذكر بوريل ساعة حضوره نظر رادولف الى زوجته مستفهما 0
– سمعت ضجة في الليل ولكني ظننت انك وصلت ولم تشا ازعاجي يا عزيزي 0

هز رادولف راسه بتفهم وقال :
– لاشك انك اعتقدت اني شغلت غرفة اخرى للسبب نفسه0
– تماما 0
لم تزد لين ولكن بوريل , بعد ان اقنع شقيقه بحل وثاقه , تكفل بسرد
كل ما حصل
الليلة الماضية وحتى الساعة 0 في ذلك الوقت كانت لين تراقب زوجها ينفعل ويعض
على اسنانه ضابطا نفسه حتى لا يهجم على بوريل ويسحقه 0
بعد ان استمع الى سرد اخيه التفت الى زوجته وقال :
– كونت فكرة صغيرة عني الان , اليس كذلك؟
ساهم الشعور بالذنب ودقة الموقف في دفع الدماء الى وجهها فاصطبغت وجنتاها
بحمرة زادتها سحرا 0
– اعذرني يا رادولف فتصرفاتي معك كانت مخجلة 0
– لا اعتقد يا حلوتي ان تصرفاتي كانت افضل 0
القت لين نظرة خاطفة على الجرح في وجه زوجها وقالت :
– سانسحب الى المطبخ لاحضر طعام الغداء فلا بد ان لديكما الكثير لتقولانه 0
– ابقي يا عزيزتي فوجدك هنا يوفر علي الكثير من الشرح الكلام 0
– ولكنها مسالة خاصة لا علاقة لي بها 0
– انت زوجتي ولن اكتم عنك شيئا فمن حقك الاطلاع على الحقيقة 0
امتلا قلب لين بالسعادة لثقة زوجها بها و في حين كان بوريل يستمع اليهما
مطاطا الراس مهيض الجناح , تخفي عيناه دموع الندم والاسف على حياته الضائعة 0
جلست لين على كنبة قرب النافذة تستمع الى ” محضر الجلسة ” بين التوامين
الغجريين00
بدا رادولف الكلام بصوته الراقي ونبرته المتعالية :
– حسنا يا بوريل مالئ الدنيا وشاغل الناس ! جبت البلاد طولا وعرضا بحثا عنك
,
ولكن لننس الماضي لان ما فات مات 0 ولا اطلب منك الان سوى قبول نصف
التركة 0
– لا !لن اخذ شيئا فانت سرقتني !
لم يستطع بوريل هذه المرة كبت دموعه فانهمرت من عينيه بغزارة ادمت قلب لين0
توجه رادولف الى لين شارحا كيف ورث وحده ثروة عائلة دوغي كلها : هربت والدته

, وهي صبية يافعة بعد , مع شاب غجري وسيم كان مخيما مع عشيرته في
مكان قريب
من القصر 0 وهكذا نبذها اهلها ولم يلتفتوا اليها رغم رسائلها المتكررة والتي
ابلغتهم في احداها انها حامل 0 ولم تكن تعلم بالطبع ان في احشائها طفلين !

اسند رادولف ظهره الى حائط الموقد واكمل سرد الحكاية المحزنة :
– ماتت امي خلال الوضع بعد ان كان والدي قد هجرها لانه ملها , ومع
الاسف
الشديد عهد بتربيتنا الى عائلتين مختلفتين فافترقنا ونحن طفلان 0
تمتمت لين والدموع تطفر من عينيها لهذه القصة المحزنة :
-اه ما اقسى القدر !
علق بوريل على كلامها بحدة :
– ما اقساه تجاهي لا تجاهه ! فقد وضعت في عهدة رجل وامراة شريرين لم
يكلفا
نفسهما مشقة تربيتي 0 بينما قاد الحظ رادولف الى امراة طيبة رعته احسن رعاية
واطلقت عليه اسم رادولف تيمنا بنبلاء البلاد 0 ولم تكتف بذلك بل اخذت تشيع
انه ولد قبلي مع ان العكس هو صحيح !
– لم يستطع احد اثبات من هو الاكبر0 وفي اي حال ,الفرق بين ولادة تؤام
وولادة
اخر لاتتعدى الثواني0
– لا تحاول اخفاء الحقيقة يا سيد رادولف 0 والزوجان اللذان ربياني ,تريزا
واوستن اكدا لي اني اكبر منك 0
– لا استطيع مناقشة قولك يا بوريل لاني لم اكن واعيا ومدركا عندها !
لم يقتنع بوريل بل اصر على قوله :
– انا اكبر منك !
تجاهل رادولف كلمات اخيه واكمل يسرد القصة قائلا ان اولاف كان يعلم منذ
البدابة هوية ام الطفلين الحقيقية , لكنه لم يطلع احد على ذلك سوى من تعهد

بتربيتهما 0 وذلك لاقتناعه بان الجدين لن يلتفتا اليهما بسبب العار الذي
سببته الوالدة للعائلة 0
هنا تدخا بوريل مقاطعا :
– سمعت ان اولاف عاد عن رايه واتصل بجدينا ليعلمهما بان رادولف هو حفيدهما
مهملا اياي 0 وسبب ذلك اعتقاده ان رادولف يحمل من طباع ونبل والدته الكثير
ليجعله لا يستحق حياة المخيمات القاسية 0

اكمل رادولف مصححا ادعاءات اخيه :
– لم يتصل اولاف بجدي لانه لم يشا ان يسبب اي الم للسيدة التي ربتني
, وانا
مسرور لانه فعل ذلك 0 اعجبت لين بشهامة زوجها الذي يهتم بمشاعر سيدة غجرية
رعته اكثر من التنعم بالجاه والثروة , كما تذكرت كلماته لاولاف والتي قال
فيها انه لكان فعل الشئ نفسه لو كان في مو قعه 0
اكمل الرجل :
– لو تركتها باكرا لصارت حياتها فارغة 0 وانا احببتها فعلا لانها كانت امراة
طيبة علمتني القراءة والكتابة , زودتني بالكتب لابني ثقافة معقولة 0 انفقت
المال الوفير لتؤمن لي العيش الكريم0
توقف رادولف قليلا وزاد بكل جدية :
– لكن حياة الغجر وبيئتهم اثرتا في شخصيتي بالطبع فلم اكن ذلك الشاب المحترم
واوقعتني طباعي الشرسة التي ورثتها عن والدي في مشاكل عديدة0
مررت لين ملاحظة ملطفة :
– ولكنك ورثت الطيبة والنبل عن والدتك0
تدخل بوريل محدقا في الزوجين :
-كيف تعرفتما الى بعضكما وتزوجتما بهذه السرعة ؟ انت لم تقابلي رادولف قبل
لقائنا في المخيم لما تعطلت سيارتك , اليس كذلك ؟
نظر رادولف الى زوجته مستغربا :
– تعطلت سيارتك ؟ عم يتكلم بوريل ؟
اطلق بوريل ضحكة عالية وقال :
– الا تعلم اني كدت انالها في المرة الاولى !
لم تكن لين راغبة في سماع بوريل يتكلم عن الموضوع ويضع القصة في قالبه الخاص

فامرته بالسكوت :
– اصمت ! دعني افهمك ما حدث يا رادولف 0
– تفضلي لان القضية اصبحت معقدة فانت لم تذكري لي شيئا عن معرفتك ببوريل0
اطلعته المراة على كل ما حصل بتفاصيله من دون ان تهمل شيئا 0
ولما انتهت كانت علامة الاجرام بادية في عيني رادولف الناظر الى اخيه البكر0
– ايها الشرير ! علي ان اخنقك بيدي لا ان اعرض عليك المساعدة !
كان من الطبيعي ان يتراجع رادولف عن مساعدة اخيه بعد اطلاعه على ما حدث وعلى

تعرض شرف زوجته وسلامتها للخطر لولا تدخل ماندا0 لكن لين تدخلت وتمنت على
زوجها ان ينسى الموضوع ويساعد اخاه وعفا الله عما مضى !
وبالفعل رضخ رادولف لمشيئة زوجته واعرب عن استعداده لمعاونة بوريل ليحظى
بحياة شريفة
وعوض عن ان يظهر بوريل الامتنان لاخيه قال ساخرا :
– لكنك لن تسامحني بالطبع 0
– كيف اسامحك بعد ما حدث بيني وبين لين من اخطاء بسببك !
هز بوريل كتفيه علامة عدم الاكتراث قائلا :
– لايهمني ما حصل بينكما ولكن ما يحيرني هو عدم استطاعة زوجتك التفرقة بيني
وبينك الا هذا الصباح !
ضحك بوريل واكمل :
– اه لو انها لم تتعرف الي وسمحت لي 000
لم يدعه رادولف يكمل اذ قفز اليه وهم بضربه لولا تدخل لين في اللحظة الاخيرة

وفصلها بين الرجلين0
– لا يارادواف , لاتضربه لانه يحتاج الى من يشفق عليه لا من يلومه !
قدر وضعه
التعس وقارنه بما حظيت 0 ارجوك تفهم حالته وساعده !
ترقرقت الدموع في عينيها ورمقت زوجها بنظرة رقيقة :
– بوريل يبقى شقيقك الوحيد على رغم تفريق القدر بينكما 0 عليك ان تشركه في

مصيرك , فاما ان تكونا ثريين واما ان تكونا فقيرين 0
ارتسمت علامات الدهشة والتعجب على وجه كل من الرجلين0
– اتستطيعين مسامحة اخي يا لين ؟
قال رادولف ذلك بينما تمتم شقيقه :
– انها امراة 000مختلفة 0 لم ار في حياتي مثل هذه النعومة ومثل هذا التسامح
0
ياليتني قابلت واحدة مثلها , لا مثل ماندا المفترسة 000
طمانته لين بصوتها الحنون :
– ستجد من يعتني بك ويحبك يا بوريل فلكل رجل امراة تناسبه 0
عنت لين ما تقول لان بوريل ليس شريرا بطبيعته , بل هو عاش في بيئة
غير صالحة
وترعرع في محيط يؤمن بالقوة وبالخروج على القانون وسيلة للتفوق والفوز 0
تكلمت لين محاولة تخفيف وطاة التوتر السائد بين الغجريين :
– اكمل القصة يا رادولف 0 كنت تخبرنا عن المراة التي ربتك وثقفتك 0
بعد موت مربية رادولف مورين , بعث اولاف برسالة الى جدي رادولف يطلعهما على
الوضع ويرجوهما تعهد رادولف وقبوله للعيش معهما في القصر 0 رحب العجوزان
الثريان بالفكرة لانهما كانا وحيدين لا وريث لهما سوى قريب بعيد يعيش في
امريكا 0
قاطع بوريل شقيقه معترضا :
– انت تهمل جزءا من القصة وهو ان اولاف لم يكلف نفسه مشقة البحث عني
0
– ربما لا تعرف يا بوريل ان اولاف سمع ان العربة التي كنت تعيش فيها
مع
الزوجين احترقت ومات من فيها 0
– كان عليه التاكد من ذلك لا تصديق الاخبار بسرعة , فانا نجوت من الحريق
ولم
اصب الا ببعض الحروق البسيطة 0
ازاح بوريل الشعرات السود واراهما اثر الجرح في مفرقه ثم تابع :
– لنفترض ان اولاف لم يعرف بوجودي حيا الا منذ سنتين , فلماذا انتظر اسابيع

عدة ليطلعك على الامر ؟ ربما خشي من معرفتك ان لك اخا شريرا 000
– لا ادري ما الذي شغله عن اطلاعي على وجودك 0
– لم يرد افساد حياة رجل محترم باقحام اخ شرير ومتشرد فيها 0فانت نشات في

احسن البيوت وارقاها بينما اضطررت لشق طريقي وحيدا منذ ان كنت في العاشرة 0
والله وحده يعلم كم واجهت من الصعوبات لاستطيع الصمود0
ارتجفت شفتا بوريل فظنت لين انه سيعود الى البكاء سيما وانها هي لم تكن بحاجة

الى تشجيع لتنهمر دموعها 0 حاول رادولف تبرير موقفه وتصحيحه :
– دعوتك مرات ومرات لتاتي وتعيش معي في القصر حيث تبدا بتحصيل العلم والثقافة
وتعاشر من يجب ان تعاشرهم من الناس 0 رفضت ذلك مع العلم انه من حقك
التمتع
بنصف الاموال 0
اكمل رادولف بكل اسى :
– اعتبرت ان في الامر تصدقا ولكنك مخطئ 0 لانني لم اعرض عليك الا حقك
, وكن
على ثقة اني ما زلت عند عرضي ومستعد لنصبح صديقين نتكاتف في مواجهة مشاق
الحياة وقساوتها 0
تساءلت لين عما يمكن ان يكون اكثر عدالة من هذا العرض , وحبها لزوجها يتضاعف

لما خبرته فيه من نبل وشهامة 0 نظرت اليه مبتسمة فرد الابتسامة بانعم منها
وقلبها يخفق طربا بالحب الكبير 0
فكر بوريل مليا بالامر واعلن :
– رفضت دعواتك السابقة لاني كنت مقتنعا اني اكبر منك سنا , واني خدعت وحرمت

من المال والتربية 0اردت واريد ان اصبح رجلا محترما ولكن تغيري صعب وقد بلغت
الثلاثين 0 كنت محظوظا يا رادولف لانك تركتحياة الغجر وانت بعد فتى يافع ,
اما ان تبدا عملية تحول تنقلك من ضفة الى ضفة وانت في الثلاثين فرابع
المستحيلات 0 تفهم رادولف راي اخيه معترفا انه , على رغم كونه في السادسة
عشرة , زجد صعوبةقصوى في التخلص من عاداته الغجرية والتاقلم في نمط الحياة
الارستقراطية المعقدة0
– لا مجال للمقارنة يا لين بين تعقيدات وشكليات حياة القصور وحرية وفلتان
حياة الغجر 0 ولا انكر اني عقدت العزم مرارا على الفرار والعودة الى المخيم
لاعيش بين قومي واصحابي 0
قدرت لين لما سمعت ذلك مدى شجاعة زوجها وقوة ارادته اللتين جعلتاه يصمد ويبقى
في القصر مع جدين عجوزين متعجرفين , ولا عجب في كونهم كذلك , شان كل
اصحاب
الثروات الطائلة والالقاب النبيلة 0 لاريب في ان رادولف بذل مجهودا جبارا
ليعتاد على متطلبات حياة القصور ويتخلى عن اللامبالاة التي طبع عليها في
حياته الغجرية 0
علق بوريل على كلام اخيه :
– لو هربت من القصر لربما كنت انا مكانك الان0
– ربما 0
قطبت لين حاجبيها غير قادرة على تصور بوريل المتشرد في ثياب ارستقراطي عريق ,
فهو كان سيفشل حتما في اعتياد حياة القصور 0ولا شك ان بوريل مدرك لهذه
الحقيقة ويتصرف , وان ليسظاهريا , على اساسها 0 اعاد رادولف سؤاله :
– ما اريد ان استوضحه منك يا بوريل هو هل تقبل بعرضي طاردا من ذهنك
فكرة
التصدق والحسنة ؟
– اتعرض علي السكن في القصر ؟
– اعتذر اذا قلت ان هذا مستحيل لانك ارعبت زوجتي مرتين وهي ستنزعج من وجودك

فيه 0
– هذا يعني انك غير مؤمن بامكانية عودتي الى الطريق الصواب 0
اضاف بوريل قبل ان يتمكن اخوه من التعليق 0
– لن استطيع يا رادولف معرفة سبب انشغالك بي وبحثك الدائم عني 0 جبت مخيمات

البلاد كلها مرتديا ثيابا لا تليق بمقامك حتى لا تشعر الغجر باي نقص , وشاغلا

عربات قذرة لا تصلح لان تكون مكانا لرمي النفايات في قصرك000والله لو كنت
مكانك لتخليت عن البحث مرسلا اياك الى الجحيم !
اكتفى رادولف بابتسامة خفيفة وبوريل ينظر اليه مقارنا بين طريقة حياة رادولف
وتشرده الدائم 0 ثم وضع الثاني راسه بين يديه وقال يائسا :
– اتعجب لماذا انباك اولاف بوجودي مع ان سلوكي كان يسبب له القرف ! انا
لص ,
محتال , قاطع طريق000حتى الغجر لا يرضون بوجودي بينهم 000لا حل لي الا
بالاختفاء عن انظار الناس !
لكم صار بوريل بعد اعترافه هذا مختلفا عن مظهر الرجل الشرير 0 هو يكره نفسه

لانه انساق وراء غرائزه وميوله الهدامة 0 ولكنه تسلح بالشجاعة وانهار معترفا
باخطائه , من دون ان يجد علا لها سوى التواري 0
نظرت لين الى زوجها فراته يفكر بعمق عن مخرج لمشكلة بوريل , وارادت ان تتكلم

لكن زوجها سبقها :
– لا احد يكرهك يا بوريل فانت عدو نفسك الوحيد0 لماذا لا تطوي صفحة الماضي

وتبدا حياة جديدة ؟ اخبرني اولاف مرة انك بحاجة الى راسمال صغير لتهاجر الى
استراليا وتؤسس مصنعا للخشب مع شريك , فهل ما يزال المشروع قائما ؟
– لا اعلم 000فالرجل سافر الى استراليا وسمعت انه 00يجد صعوبة في تسيير العمل
بسبب ضائقة مالية 0
– المال ليس مشكلة فمتى قررت العمل امدك بما يلزم 0
– انا مصمم على ذلك ومستعد للسفر الى استراليا يا رادولف 0
تنفس رادولف الصعداء ونظر الى زوجته مبتسما لان نهاية الازمة قد اقتربت 0
– وهل تقبل بنصف اموال التركة ؟
– ولكن المال موصى به لك ؟
– اموال عائلة دوغي يا بوريل حق مشترك علينا تقاسمه بالتساوي 0
– لا اجرؤ على اخذ نصف الاموال في الوقت الحاضر ! لانني لا اجد نفسي
قادرا
على ادارتها0 اعطني ما يلزم لانشاء المصنع واحفظ الباقي , فان احتجت الى شئ
اتي اليك 0
– كما تريد يا بوريل 0 ساعمل على مدك باللازم في اقرب وقت000
قاطعه رنين الهاتف فهرع ورفع السماعة خائفا من ان يكون في الامر سوء , لكنه

ما لبث ان انفرجت اساريره وابلغ زوجته وشقيقه :
– ماندا بحالة جيدة ولن تتقدم بشكوى الى النيابة 0
اكتفى بوريل بالقول :
– يسرني سماع ذلك0
– تعلم يا بوريل ان كونيل اوقع نفسه في مشاكل عديدة وهو خائف ويريد السفر

ليسوي اوضاعه ويبني مستقبله 0 ما رايك باصطحابه الى استراليا فانا وعدته
بالمساعدة ؟
نظر رادولف الى زوجته وقال ضاحكا :
– لا تظني ان كونيل كان ينوي مساعدتك على الفرار فقد اعترف لي بكل شئ
0 الست
مسرورة يا عزيزتي لانه لم يساعدك ؟
– نحن لم نعد الى المخيم لاعلم حقيقة نواياه 0
– صحيح يا لين ولكنه كان موجود في احد المخيمات التي مررنا بها 0
استوضح بوريل شقيقه :
– ماذا عن كونيل والهرب ؟
لم يجب رادولف بل وعد :
– سنطلعك على ما حصل في المستقبل عندما تاتي لزيارتنا 0
وافق بوريل مدركا في قرارة نفسه انه متى غادر هذا المكان لن يعود ابدا0
– لنعد الى موضوع كونيل يا بوريل 0 انه شاب ذكي ويستحق ان يتمتع باكثر
مما
تقدمه حياة الغجر 0 واعتقد بانه سيكون لك عونا كبيرا في اعمالك 0
– لا مانع عندي في اصطحابه0
– اتمنى لك وله التوفيق وامل بان تتوصل الى تحقيق طموحاتك بالعزم وقوة
الارادة 0
وقف بوريل على قدمين مرتجفين واخذ يبحث عن الكلمات ليعتذر عما حصل , لكن
شقيقه لم يود احراجه فسارع الى القول :
يجب ان ترتاح الان وتتناول حبوبا مزيلة للصداع 0
– فكرة حسنة 0 اريد ان اسالك شيئا اخيرا يا رادولف , هل تهتم بالترتيبات

القانونية لسفري ؟
– لا تشغل فكرك بهذه الامور واتكل علي 0 اما الان فادخل الى غرفة النوم
وخذ
قسطا من الراحة 0
بعد عشر دقائق جلس الزوجان وحيدين على الشرفة يتاملان زرقة البحر الهادئ 0
– اخيرا يا حبيبتي الغالية لم يعد هناك ما يعكر صفو حياتنا , اليس كذلك
؟
– اعتقد ان مشكلة بوريل انتهت0
– اشكر الله على ذلك 0
اخذ يداعب شعرها بحنان واضاف :
– كنت شهمة جدا تجاهه يا حلوتي على رغم ما فعله معك 0 اه كم
سبب الكلام على
اللقاء الاول لبسا وغموضا , ولهذا كنت استغرب موقفك مني 0
– لو تحدثت مرة عن تعطل سيارتي000
– في اي حال اصبحت هذه الامور جزءا من الماضي بالنسبة الي 0
– وهو كذلك0
– كنا ضحية ظروف معاكسة ولكننا خرجنا سالمين 0
فكر رادولف قليلا قبل ان يزيد :
– اتؤمنين بالحب من اول نظرة ؟
– ربما 0
– منذ ان رايتك في الغابة علمت انك الفتاة التي ابحث عنها 0 غرقت في
غرامك
حتى اذني وتعذبت كثيرا لاحتقارك اياي ولتعجرفك 0
– الم تتساءل يوما لماذا ضربتك بالسوط ؟ اظننت اني فعلت ذلك بدون سبب ؟

– حدث كل شئ بسرعة لم تدع لي مجالا لافكر , فانا اعاني من مركب
نقص كوني
غجريا , فانا اخاف من ان تكون تصرفاتي نابعة من ماضي ومن انتمائي الاجتماعي
وانت زدت الطين بلة عندما صنفتني غجريا متشردا حقيرا0
– انت مخطئ يا حبيبي , فجل ما في الامر اني كنت خائفة من اعتدائك
علي دون ان
يخطر لي ان الشخصين مختلفان 0 لاتتصور كم كانت المفاجاة كبيرة عندما رايتك في
الغابة فظننت انك لحقت بي من المخيم حيث تعطلت السيارة حتى تكمل ما بداته
هناك0
– من عجائب الصدف ان تلتقي ببوريل ثم بي في الغابة , ولكن القدر لعب
لعبته
لجمعنا 0
رمقته بنظرة حنان ووضعت يدها على الجرح ثم همست :
– اتعتقد ان اثره سيزول ؟
– بالطبع سيزول 0
– ان لم يحصل ذلك لن اغفر لنفسي ابدا0
ضحك رادولف وقبلها بحنان على جبينها :
سنذهب غدا الى بيتنا حيث نبدا برسم طريق حياتنا الصحيح 0
– فكرة رائعة ياحبيبي 0
كانت فرحة لين كبيرة الى درجة لا توصف 0 فالامور تسارعت بشكل مثير في
الاسابيع الاخيرة , ووجدت نفسها في عالم اخر لم تكن تحلم انها ستصبح جزءا منه

لما كانت تدفن اوقاتها وراء مكتبها وبين جدران شقتها الموحشة 0
– اصحيح انك امضيت سنتين في البحث عن شقيقك ؟
– نعم , ولكن ذلك لم يمنعني من الاهتمام بادارة اعمالي 0 تنقلت بين المخيمات

بسيارتي 0 الاعندما التقيتك فقد كنت ذاهبا الى المخيم على الحصان لانه قريب
نسبيا من القصر 0
– ولماذا تظاهرت بكونك غجريا فظا ؟
– الن ننتهي من الاستجواب ؟ حسنا , لانك جرحت شعوري واردت ان ارد لك
الكيل
كيلين 0 كدت , في مرات عديدة , اعترف لك بالحقيقة ولكن عنادي منعني 0

دفنت لين راسها في صدره وهمست :
– بذلك تعلمت ان احبك لذاتك دون النظر الى انتمائك , وانا سعيدة لانك تعرف

اني احبك من قبل اطلاعي على هويتك الحقيقية 0
– اظن انك اكتشفت حقيقة مشاعري نحوك يوم كنا في السيارة 0
– هذا صحيح يا رادولف 0 وان حاولت مقاومة هذا الحب لان الحياة الغجرية لايمكن

ان تناسبني 0
– ولكن مقاومتك كانت فاشلة !
– اعترف بذلك واني كنت مستعدة لمتابعة الرحلة معك حتى النهاية 0
– الا تريدين الاطلاع على الخطة التي تحدثنا عنها ؟
– بالطبع 0
– لم اكن استطيع تصور نفسي اعيش بدونك يا لين 0 ففكرت ان ابتاع لك
بيتا خاصا
تعيشين فيه بحرية , مقابل سماحك لي برؤيتك مرتين يوميا 0 وبذلك تتخلين عن
فكرة الفرار 0
– اتريد معرفة رايي الحقيقي في خطتك يا رادولف ؟
– نعم 0
– انها اغبى خطة رايتها في حياتي
– ولماذا ؟
– لانك تعلم انك لن تستطيع التقيد بها وانك ستجبرني بعد مدة على 000على 000

احمر وجهها خجلا فيما رادولف يطلق ضحكة عالية تعبر عن الارتياح والسعادة 0

تمت

  • قريبا يا ملاكي منتديات ليلاس
  • قريبا يا ملاكي قصص عبير
  • هل من حق الشركة منعي من اجازتي السنوية
  • قصه ارجوك حبيبي روايات عبير
  • قصص تملك وحشي وسادي واتباد مكتملة
  • رواية قريبا يا ملاكي
  • روايات عبير العروس المستورده
  • تفسير رئيا دفينة محروسة
  • تحميل رواية قريبا يا ملاكي
  • الوحش الدي كرهته اصبح حب حياتي
السابق
تفسير الاحلام البول
التالي
روايات للكاتبه الجوري