وبركاته.
اخواني اعاني دائما من خروج المني في مواقف كثيرة، فبالاضافة الى مواقف الاثارة، وقد وجدت لها الحل عندما ابتعدت عن كل موقف اثارة، الا انني لم اجد الحل عندما احس بعاطفة لشيء معين، كحمل طفل صغير، حيث احس بعاطفة الابوة او عندما تحضنني امي او عندما العب لعبة على الكمبيوتر، ويكون فيها حماس شديد، ومؤخرا عقدت قراني على فتاة الا اننا لم ندخل بعد نظرا للظروف، ويجري بيني وبينها بعض المداعبات؛ مما يزيد من كمية المذي بشكل كبير، حتى انني عندما افكر فيها او احضنها دون شهوة يحصل لي نفس الشيء.
سؤالي: هل هذا المذي طبيعي وخصوصا في المواقف المذكورة انفا؟
الاجابة
الاخ الفاضل/ شادي حفظه الله.
وبركاته، وبعد:
فان سؤالك الكريم يحتوي على امرين اثنين:
فالاول يتعلق بخروج هذا السائل الذي تجده عند الاثارة.
والثاني: يتعلق بشعورك بهذه العواطف وهذه الاحاسيس التي تجدها عند المواقف المؤثرة، كان تضمك امك مثلا او عندما تحمل طفلا صغيرا فتشعر بعاطفة الابوة ونحو ذلك.
فاما الامر الاول فانه قد وقع في كلامك تارة التعبير بخروج المني، وتارة بالمذي، فلابد من حصول الفرق بينهما ليتضح الجواب، فاما المني فهو: السائل الذي يخرج من الرجل او المراة عند اللذة الكبرى، اي عند حصول النشوة من الجماع، وعلامة ذلك ان الانسان عندما يثار جنسيا او يحصل الجماع بينه وبين زوجته تظل هذه الاثارة فيه ظاهرة وقوية حتى يخرج المني، وهو الماء الدافق الذي يتدفق، اي الذي يخرج بشيء من القوة وكذلك شيء من الكثرة، بعد ذلك يشعر الانسان بلذة الجماع الكبرى، وهو المعروف ب (النشوة)، ثم بعد ذلك يحصل له اكتفاء من الناحية الجنسية ويشعر بخفوت شهوته، ويشعر ايضا بارتخاء في بدنه كامر طبيعي يحصل نتيجة خروج المني بهذه الصورة، فهذا هو المني الذي يكون منه الولد ويجب منه الاغتسال من الجنابة. وصفة المني انه سائل خاثر غليظ له رائحة كرائحة طلع النخل او كرائحة الصابون المعطر في بعض انواعه.
واما المذي فهو سائل رقيق شفاف لا لون له يخرج عند الاثارة الجنسية، فمثلا عندما تنظر لمنظر يثيرك فان هذا السائل عادة يخرج من الرجل والمراة سواء بسواء، وكذلك عند اثارة النفس بالتفكير في الامور الجنسية، وكذلك عند مداعبة الزوج زوجته او الزوجة زوجها بمقدمات الجماع، فيخرج هذا السائل الذي هو المذي، وقد بينا لك صفته. وحكمه انه نجس وانه يجب منه الوضوء وسياتيك الاشارة الى بعض الاحكام ايضا – باذن الله عز وجل – .
وهنالك سائل اخر اسمه (الودي)، وهو غليظ خاثر يخرج عقب البول واحيانا نادرة قبله واحيانا معه، وهو ايضا نجس ويجب منه ما يجب من البول سواء بسواء.
فقد عرفت السوائل الثلاثة المعتادة التي تخرج من الانسان، ففي هذه الحالة يحصل لك الفرق بينها ويحصل لك العلم باحوالها، فالذي لديك هو حالة طبيعية ولله الحمد، فالظاهر من حالك ان الذي يخرج هو المذي وهو الذي يخرج عند الاثارة والرغبة سواء كان ذلك بالتفكير او برؤية منظر مثير او بمداعبة زوجتك التي عقدت عليها، فكل ذلك من دواعي حصول المذي، وهذا السائل الذي يخرج له مصلحة عظيمة، فانه يهيؤ الذكر للايلاج في الفرج، وكذلك المراة اذا اثيرت فانه يخرج منها هذا السائل ويرطب المحل فيصبح كلا المحلين جاهزين لعملية المعاشرة الزوجية.
فهذه حكمة عظيمة وفائدة جليلة يؤدي اليها خروج المذي، فلا ينبغي ان تقلق منه، فان خروجه لديك هو امر طبيعي للغاية، بل ان عدم الطبيعي هو الا يخرج منك، وعدم المعتاد هو الا يخرج عند الاثارة، فاطمئن على نفسك ولا تقلق من هذه الناحية، وهذا الامر يختلف من رجل الى اخر ومن امراة الى اخرى، فتارة يكون كثيرا وتارة يكون قليلا بحسب الاستعداد البدني والنفسي للانسان، وها هو علي بن ابي طالب – رضي الله عنه – يخبر عن نفسه انه كان رجلا (مذءا) اي كثير المذي، وكان يغتسل منه لانه يظن انه يجب عليه الغسل كالمني، فبعث بعض الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليساله فقال: فيه الوضوء.
والحديث متفق على صحته.
اي يجب منه الوضوء فقط، ولا يجب منه الاغتسال. وكذلك يقول سهل بن حنيف – رضي الله عنه – : كنت القى من المذي شدة – اي كثرة – وكنت اكثر منه الاغتسال – لظنه ان ذلك واجبا عليه – فسالت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (انما يجزيك من ذلك الوضوء). فقد عرفت اذن انه يكفي فيه الوضوء ولا يجب فيه الاغتسال من الجنابة لانه ليس المني الذي يوجب الغسل.
فان قلت: فكيف ما يصيب ثوبي منه من الملابس الداخلية او الخارجية لانه ينزل علي لاسيما عندما اكون مع زوجتي التي عقدت عليها؟ فالجواب: انه يكفيك ان تاخذ برؤوس اصابعك شيئا من الماء، وان ترش على ثيابك عند دخولك الحمام للوضوء فتكون قد تطهرت من ذلك، واما طريقة التطهر في الذكر بان تغسل العضو كاملا من راسه الى اصله فهذا هو الواجب، ولو غسلت الانثيين (الخصيتين) فحسن فقد ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم والدليل على هذا ان سهل بن حنيف – في الحديث السابق – قد سال النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فكيف بما يصيب ثوبي منه؟ فقال: (يكفيك بان تاخذ كفا من ماء فتنضح بها على ثوبك حيث ترى انه اصابه) والحديث خرجه ابو داود في السنن.
فلتطمئن اذن فان الامر لديك امر طبيعي ولا ينبغي ان يؤثر على نفسك في تعاملك مع زوجتك ولا ان تقلق منه، ولله الحمد فانت سليم وطبيعي وهذا هو المعتاد في الرجال والنساء سواء بسواء في هذه الحالة.
واما عن شعورك الذي اشرت اليه من انك تجد عاطفة عندما تحمل طفلا صغيرا فتشعر بعاطفة الابوة، وعندما تضمك امك تشعر بالحنان والدفئ والعاطفة الجياشة في نفسك، فهذا يا اخي يقال فيه ما قيل في الجواب الاول، لو لم يكن هذا الشعور لديك لما كان شعورك طبيعيا، فهل من انسان سوي الفطرة سليم العاطفة لا يشعر بمثل هذه المشاعر الكريمة عندما يتعرض لها؟! فانك تشعر بحمد الله بعاطفة الابوة الدالة على الحنان والدالة على سلامة الفطرة وتشعر بهذه العاطفة الكريمة عندما تضمك امك بهذه اللحظات الدافئة التي تعبر عن المشاعر الانسانية الكريمة، وكذلك عند لقائك زوجتك التي قد عقدت عليها فتشعر بحب وحنان ورغبة في ان تضمها او تضمك وان تحنو عليك وان تمسح على راسك، وان تشعر بانك كالطفل الصغير بين يديها حبا وحنانا، فهذا امر طبيعي فلا تقلق منه ولا تواجه عاطفتك بما يناقضها، بل هذه عاطفة كريمة قد جبلت الفطرة على تحصيلها وعلى الافتقار اليها، فاطمئن على نفسك ولا تعارض فطرتك، ولا تكتم عواطفك بل عبر عن عواطفك باعتدال واتزان في الموقف المناسب، وثق انك – بحمد الله عز وجل – صاحب مشاعر انسانية كريمة لطيفة ليس عليك فيها من ضرر باذن الله.
وقد وقع في كلامك الاشارة الى انك تتعرض لهذه المواقف فيخرج شيء من المذي، فان كنت تقصد انك عندما تضمك امك يحصل لك انزال للمذي او عندما تحضن طفلا صغيرا فتشعر بذلك بخروج المذي، فهذا امر ينبغي ان تنتبه له؛ لان هذا يدل على شيء من الشهوة الجنسية، فينبغي ان تتجنب هذه التصرفات قدر استطاعتك؛ لانه لا يخرج المذي عادة الا اذا كان هنالك استثارة جنسية، فاذا وجدت من نفسك انك تحمل طفلا لاسيما وسيما ويحصل لك نزول للمذي وتكون متاكدا انه نزل منك، فينبغي ان تتجنب ذلك قدر استطاعتك وان تبتعد عنه وان تتشاغل عنه بذكر الله عز وجل وبالاستعاذة من الشيطان الرجيم، وكذلك لو قدر ان امك تضمك بحنان وعطف ثم تشعر بنزول المذي وتجد ذلك بالفعل فهذا يدل على شيء من الاثارة التي تؤدي الى نزول المذي، فينبغي ان تتجنب هذا قدر الاستطاعة، وان تحترز منه طلبا للسلامة وبعدا عن مواطن الشبهة، فهذا من العلاج الشرعي المستقيم في مثل حالك، وهذا خير ما تقوم به، والحمد لله الذي وفقك بالزواج وبالعقد على هذه الفتاة التي نسال الله سبحانه وتعالى ان يجعلكم زوجين صالحين وان يشرح صدوركم وان ييسر اموركم ونقول لكما باسم الشبكة الاسلامية: بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما بخير.
وبالله التوفيق.