اخذت قضية المواطنة ومفهومها المتباين حيزا من الاهتمام والبحث على مستوى الخليج والوطن العربي؛ لما تمثل من اهمية في وقت تشهد فيه المنطقة العربية تحولات سياسية واجتماعية تضع لبناتها الشعوب بمختلف مذاهبها ومشاربها تدفعها صفة المواطنة الحقة التي اكتسبتها من واقع ارتباطها الوثيق بالرقعة التي تنتمي اليها والتي تسمى في مفهومنا الوطن الى حركة التغيير الاصلاحية وفق اهداف مشتركة تتحد فيها الرؤى مدفوعة بحب الوطن الحاضن لها، وهذا الانتماء لايمكن تاطيره او تسقيفه في مفهوم ضيق يقود الى مانرى فيه من منظورنا دلالة على الاهلية او المواطنة الحقة، انما يتسامى ويتعاظم هذا المفهوم ليتعدى اية نظرة احادية نحاول من خلالها بلورة معنى المواطنة فمنا من يؤطرها في اقوال ومدائح وقصائد في حب الوطن، ومنا من يختزلها في افعال وطنية شتى، ومنا من يستدل بها من واقع اللغة التي نتخاطب ونتحاور بها من واقع تعاملنا وعلاقاتنا الاجتماعية، وبقدر التعاطي مع لغة (الضاد) يكتسب المتعاطي قدرا من الصفة ومن لايجيد التعاطي مع هذه اللغة تحت ظرف ما منشؤه البيئة ذاتها او الثقافة المحيطة لايستحق صفة المواطنة بحسب مايرى البعض، ومنهم سعيدة بنت خاطر الفارسية في مقالها المنشور في جريدة الشبيبة بتاريخ الاحد 1/5/2024م . تحت عنوان ” اين المواطنة يامواطن؟ ” والذي تحدثت فيه عن مفهوم الهوية والانتماء ومدى تاثير الثقافيتن الاسيوية والافريقية على البعض من المواطنين والمواطنات من المنتمين لقبائل بلوشية واخرين ينحدرون من اصول افريقية على حد قولها لاتزال تتمسك بهويتها القومية وتتحدث بغير العربية على حساب الهوية الوطنية والتراث .
فليعلم الجميع ان المجتمع العماني طيف متباين الثقافة والمشرب وهذا الطيف يمثل نسيجه قبائل متعددة تستوطن السهل والساحل والجبل ذات ثقافات واتجاهات مختلفة نشات على رقعة جغرافية تشكلت منها ملامح المجتمع الذي نعرفه بعد ان انغمست فيه واصبحت جزءا لايتجزا منه؛ فالمجتمع العماني بتراثه وثقافته لاتمثله فئة على هديها وقوامها ينبغي ان يهتدي الاخرون، واللهجة الدارجة التي اكتسبتها بعض القبائل من واقع بيئتها واخذت تتعاطى معها حاضرا ومستقبلا بفخر واعتزاز اصبحت مكنون هويتها الثقافية والوطنية التي تعرف بها ومنها تشكل طيف المجتمع العماني فاكسبتها خصوصية، وهي لايمكن باي حال من الاحوال ان تلغي صفة المواطنة التي من الظلم المبين اختزالها في مفهوم ضيق ترسم الكاتبة ابعاده من واقع مشاهدات يومية وتعاملات شخصية جانبية تدخل في حيز من العفوية، وهو مثال حي للحياة المشتركة عندما يتمكن المواطن البسيط بعفويته من الاعتزاز بالانتماء الى جماعة او قومية في ربوع الوطن .
معان وافرة ودلالات بالغة الاهمية يحملها المفهوم العام للمواطنة التي تعتمد بالدرجة الاولى على عنصر الانتماء والارتباط التاريخي والجغرافي والتراثي ودون ذلك تبقى مجرد جنسية مشفوعة بوثيقة سفر رسمية وهنا اطرح سؤالا على الكاتبة : من انت لكي تقيمي تاريخ القبائل العمانية ومسيرتها وتجاربها؟..ففي الوقت الذي كانت تمتح فيه الكاتبة بماء الكويت وتنعم بالترف والرفاهية حيث اقامتها؛ كانت هذه القبائل ترابط وتتخندق على الحدود للذود عن الوطن وحياضه وهذه الادبيات الوحدوية والنضال والتضحيات لم تبذل الا من اجل الوحدة الوطنية لتاتي اليوم وتطالب بمحو هذا التاريخ وطمس هوية اصحابه بجرة قلم باسم الوطنية والعروبة التي ليست بحاجة الى تاكيد الذات .
فلا يحق لاي شخص اختراق هذه الخصوصية للقبائل والاعراق؛ لانها تعد من الخطوط الحمراء في اي مجتمع وليس مجتمعنا فقط والمرء لايعلو الى منابر الفكر الا بما اوتي من قدرة ذهنية على تمييز المستفتح المتناقل من الشاذ المستنفر يصوغ منه درر البيان ومنثور القول من رشد يكرس معينه لصالح وخدمة الانسانية والاوطان وما يمكن ان يدفعها للسمو والازدهار اسوة بتلك المجتمعات المتقدمة التي كانت اولى خطوات تقدمها دحض الافكار المريضة التي تناولتها الكاتبة في مقالها .
السواحليون والبلوش الذين ذكرتهم الكاتبة يشكلون نسبة كبيرة من سكان السلطنة، وهم جزء متاصل من نسيج هذا المجتمع بمدهم التاريخي والحضاري وخصوصيتهم القومية وهويتهم وانتماءاتهم العربية الاصيلة تكلموا العربية او العامية او السواحلية او البلوشية؛ فهم جزء من الهوية الوطنية المتعارفة واحتفاظ هذه القبائل بلهجتها والتعاطي معها لايشكل مشكلة ولاخطرا على الدولة والمجتمع بقدر مايشكله من خطر احياء النعرات الطائفية والقبلية التي يحاول البعض طرق ابوابها باسم الوطنية، والمواطن العماني اصبح اليوم يتمتع بدرجة رفيعة من الوعي؛ لذا اخذ يصب جل اهتمامه في قضايا الوطن فهذا مايجب ان يلتفت له الجميع وعلى راسهم الكاتبة فكان من الاحرى ان توظف قلمها في نقل معاناة المواطن وقضايا الفساد المستشري في المجتمع وضعف الاداء المؤسسي وتسليط الضوء على المناطق المهمشة في كثير من الولايات التي لم يستفد اهلها من الخدمات الحكومية بقدر ما استفاد منها اخرون في مناطق اخرى فالمستقبل اصبح في الوقت الحاضر الشغل الشاغل للناس افرادا وشعوبا وحكومات كل يخطط له ويستشرف افاقه ويحاول جاهدا التعرف الى مغيباته قبل حدوثها معتمدين في ذلك على وسائل العلم المعاصر من خلال دراسة الظواهر والكشف عن العوامل الفاعلة فيها والتعرف على نوع تفاعلها مع غيرها هذا مايفترض ان نكرس وقتنا واهتمامنا من اجله بتفكير علمي ينطلق من الملموسات وليس الولوج في قضايا عرقية لاتغني ولاتسمن من جوع .
في تراث القبائل والقوميات مناطق مضيئة ومواقف مشرقة تخترق الازمنة وهي من منحت اهلها قيمة الاحساس والتمسك بالجذور وهي لاشك اصبحت موضع مفاخرة وزهو واعتزاز في تاريخ كل القبائل والقوميات غير ان غياب الروح النقدية هو الذي يجعل الكذب على التاريخ ممكنا كما ان التخدير بشعارات زائفة هو الذي يجعل الكذب على الاحياء ممكنا .
وهنا نود ان نشير الى ان ظروف ومعطيات الحداثة هي الان من تحكم الفكر والسلوك تحمل معها مظاهر الديمقراطية صريحة وضمنية تتيح بدورها ممارسة الحرية في اختيار اسلوب الحياة وطريقة التخاطب طالما لايشكل ذلك ضررا على الاخر ومن الطبيعي ان التعددية العرقية والتنوع الثقافي في اية رقعة يفرز ان لهجات متعددة عند اهلها فما وجه الاستنكار في ذلك؟ واغلب من اشارت اليهم الكاتبة في مقالها تختلف اوضاعهم وظروفهم عن فئة البدون والمتجنسين في دول الخليج ذلك انهم عمانيون بحكم القانون وليس بالتجنس واذا سلمنا الى منطق الكاتبة ومقاييسها للمواطنة فاننا سنعتبر الغالبية العظمى من الشعب العماني متجنسة بما في ذلك الكاتبة ذاتها.
واخيرا مررت الكاتبة في مقالها معلومات خاطئة للقارئ ربما عن جهل عندما تطرقت الى تجربة البدون في الكويت ممن رفعوا اسمها في المحافل وهنا وجب تصحيح معلوماتها فالمطربة الراحلة رباب ليست من فئة البدون فهي عراقية من مواليد البصرة بينما انطلاقتها الفنية كانت من دولة الكويت وكذلك الحال بالنسبة للممثلة هدى حسين.
- اذاعة عن المواطنة
- اذاعه عن المواطنه اذاعه مدرسيه عن المواطنه
- اذاعه عن المواطنه
- اذاعة مدرسية عن المواطنة
- اذاعة عن المواطنة الصالحة
- اذاعة عن الانتماء والمواطنة
- مقدمة اذاعيه عن الوحده الوطنيه
- اذاعة المواطنة الايجابية
- اذاعة مدرسية عن المسوولية الوطنية
- مقدمه كامله عن المواطنه