افضل مواضيع جميلة بالصور

اسرار رسول الله

وبركاته

حذيفة بن اليمان بن جابر العبسي وكنيته ابا عبد الله وكان صاحب سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، جاء حذيفة هو واخوه ووالدهما الى رسول الله واعتنقوا الاسلام ولقد نما -رضي الله عنه- في ظل هذا الدين، وكانت له موهبة في قراءة الوجوه و السرائر، فعاش مفتوح البصر والبصيرة على ماتي الفتن ومسالك الشرور ليتقيها، فقد جاء الى الرسول يساله: (يا رسول الله ان لي لسانا ذربا على اهلي واخشى ان يدخلني النار)… فقال له النبي: (فاين انت من الاستغفار ؟؟… اني لاستغفر الله في اليوم مائة مرة)… هذا هو حذيفة -رضي الله عنه-.

يوم احد

لقد كان في ايمانه -رضي الله عنه- وولائه قويا، فها هو يرى والده يقتل خطا يوم احدبايدي مسلمة، فقد راى السيوف تنوشه فصاح بضاربيه: (ابي، ابي، انه ابي !!)… ولكن امر الله قد نفذ، وحين علم المسلمون تولاهم الحزن والوجوم، لكنه نظر اليهم اشفاقا وقال: (يغفر الله لكم، وهو ارحم الراحمين).

ثم انطلق بسيفه يؤدي واجبه في المعركة الدائرة… وبعد انتهاء المعركة علم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فامر بالدية عن والد حذيفة (حسيل بن جابر) ولكن تصدق بها حذيفة على المسلمين، فزداد الرسول له حبا وتقديرا.

غزوة الخندق

عندما دب الفشل في صفوف المشركين وحلفائهم واختلف امرهم وفرق الله جماعتهم، دعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- حذيفة بن اليمان، وكان الطقس باردا والقوم يعانون من الخوف والجوع، وقال له: (يا حذيفة، اذهب فادخل في القوم فانظر ماذا يصنعون، ولا تحدثن شيئا حتى تاتينا!)… فذهب ودخل في القوم، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل لا تقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء.

فقام ابو سفيان فقال: (يا معشر قريش، لينظر امرؤ من جليسه؟)… قال حذيفة: (فاخذت بيد الرجل الذي كان الى جنبي فقلت: من انت؟.. قال: فلان بن فلان)… فامن نفسه في المعسكر، ثم قال ابو سفيان: (يا معشر قريش، انكم والله ما اصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف، واخلفتنا بنوقريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من شدة الريح ما ترون، ما تطمئن لنا قدر، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا فاني مرتحل).

ثم نهض فوق جمله، وبدا المسير، يقول حذيفة: (لولا عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الي الا تحدث شيئا حتى تاتيني، لقتلته بسهم)… وعاد حذيفة الى الرسول الكريم حاملا له البشرى.

خوفه من الشر

كان حذيفة -رضي الله عنه- يرى ان الخير واضح في الحياة، ولكن الشر هو المخفي، لذا فهو يقول: كان الناس يسالون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخير، وكنت اساله عن الشر مخافة ان يدركني.

قلت: (يا رسول الله، انا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟)… قال: (نعم).

قلت: (فهل من بعد هذا الشر من خير؟)… قال: (نعم، وفيه دخن).

قلت: (وما دخنه؟)… قال: (قوم يستنون بغير سنتي، ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر).

قلت: (وهل بعد ذلك الخير من شر؟)… قال: (نعم، دعاة على ابواب جهنم، من اجابهم اليها قذفوه فيها).

قلت: (يا رسول الله، فما تامرني ان ادركني ذلك؟)… قال: (تلزم جماعة المسلمين وامامهم).

قلت: (فان لم يكن لهم جماعة ولا امام؟)… قال: (تعتزل تلك الفرق كلها، ولو ان تعض على اصل شجرة حتى يدركك الموت وانت على ذلك).

المنافقون

كان حذيفة -رضي الله عنه- يعلم اسماء المنافقين، اعلمه بهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وساله عمر: (افي عمالي احد من المنافقين؟)… قال: (نعم، واحد)… قال: (من هو؟)… قال: (لا اذكره)… قال حذيفة: (فعزله كانما دل عليه).

وكان عمر اذا مات ميت يسال عن حذيفة، فان حضر الصلاة عليه صلى عليه عمر، وان لم يحضر حذيفة الصلاة عليه لم يحضر عمر.

اخر ما سمع من الرسول

عن حذيفة قال: (اتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي توفاه الله فيه، فقلت: (يا رسول الله، كيف اصبحت بابي انت وامي ؟!)… فرد علي بما شاء الله ثم قال: (يا حذيفة ادن مني).

فدنوت من تلقاء وجهه، قال: (يا حذيفة انه من ختم الله به بصوم يوم، اراد به الله تعالى ادخله الله الجنة، ومن اطعم جائعا اراد به الله، ادخله الله الجنة، ومن كسا عاريا اراد به الله، ادخله الله الجنة)… قلت: (يا رسول الله، اسر هذا الحديث ام اعلنه)… قال: (بل اعلنه)… فهذا اخر شئ سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-).

اهل المدائن

خرج اهل المدائن لاستقبال الوالي الذي اختاره عمر -رضي الله عنه- لهم، فابصروا امامهم رجلا يركب حماره على ظهره اكاف قديم، وامسك بيديه رغيفا وملحا، وهو ياكل ويمضغ، وكاد يطير صوابهم عندما علموا انه الوالي -حذيفة بن اليمان- المنتظر.

ففي بلاد فارس لم يعهدوا الولاة كذلك، وحين راهم حذيفة يحدقون به قال لهم: (اياكم ومواقف الفتن)… قالوا: (وما مواقف الفتن يا ابا عبدالله؟)… قال: (ابواب الامراء، يدخل احدكم على الامير او الوالي، فيصدقه بالكذب، ويمتدحه بما ليس فيه)… فكانت هذه البداية اصدق تعبير عن شخصية الحاكم الجديد، ومنهجه في الولاية.

معركة نهاوند

في معركة نهاوند حيث احتشد الفرس في مائة الف مقاتل وخمسين الفا، اختار امير المؤمنين عمر لقيادة الجيوش المسلمة (النعمان بن مقرن) ثم كتب الى حذيفة ان يسير اليه على راس جيش من الكوفة، وارسل عمر للمقاتلين كتابه يقول: (اذا اجتمع المسلمون، فليكن كل امير على جيشه، وليكن امير الجيوش جميعا (النعمان بن مقرن)، فاذا استشهد النعمان فلياخذ الراية حذيفة، فاذا استشهد فجرير بن عبدالله)… وهكذا استمر يختار قواد المعركة حتى سمى منهم سبعة.

والتقى الجيشان ونشب قتال قوي، وسقط القائد النعمان شهيدا، وقبل ان تسقط الراية كان القائد الجديد حذيفة يرفعها عاليا واوصى بالا يذاع نبا استشهاد النعمان حتى تنجلي المعركة، ودعا (نعيم بن مقرن) فجعله مكان اخيه (النعمان) تكريما له.

ثم هجم على الفرس صائحا: (الله اكبر: صدق وعده، الله اكبر: نصر جنده)… ثم نادى المسلمين قائلا: (يا اتباع محمد، هاهي ذي جنان الله تتهيا لاستقبالكم، فلا تطيلوا عليها الانتظار)… وانتهى القتال بهزيمة ساحقة للفرس.

وكان فتح همدان والري والدينور على يده، وشهد فتح الجزيرة ونزل نصيبين، وتزوج فيها.

اختياره للكوفة
انزل مناخ المدائن بالعرب المسلمين اذى بليغا، فكتب عمر لسعد بن ابي وقاص كي يغادرها فورا بعد ان يجد مكانا ملائما للمسلمين، فوكل امر اختيار المكان لحذيفة بن اليمان ومعه سلمان بن زياد، فلما بلغا ارض الكوفة وكانت حصباء جرداء مرملة، قال حذيفة لصاحبه: (هنا المنزل ان شاء الله)وهكذا خططت الكوفة وتحولت الى مدينة عامرة، وشفي سقيم المسلمين وقوي ضعيفهم.

فضله

قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ما من نبي قبلي الا قد اعطي سبعة نجباء رفقاء، واعطيت انا اربعة عشر: سبعة من قريش: علي والحسن والحسين وحمزة وجعفر، وابو بكر وعمر، وسبعة من المهاجرين: عبد الله ابن مسعود، وسلمان وابو ذر وحذيفة وعمار والمقداد وبلال)… رضوان الله عليهم.

قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (استخلفت)… فقال: (اني ان استخلف عليكم فعصيتم خليفتي عذبتم، ولكم ما حدثكم به حذيفة فصدقوه، وما اقراكم عبد الله بن مسعود فاقرؤوه).

قال عمر بن الخطاب لاصحابه: (تمنوا)… فتمنوا ملء البيت الذي كانوا فيه مالا وجواهر ينفقونها في سبيل الله، فقال عمر: (لكني اتمنى رجالا مثل ابي عبيدة ومعاذ بن جبل وحذيفة بن اليمان، فاستعملهم في طاعة الله عز وجل)… ثم بعث بمال الى ابي عبيدة وقال: (انظر ما يصنع)… فقسمه، ثم بعث بمال الى حذيفة وقال: (انظر ما يصنع)… فقسمه، فقال عمر: (قد قلت لكم).

من اقواله

لحذيفة بن اليمان اقوالا بليغة كثيرة، فقد كان واسع الذكاء والخبرة، وكان يقول للمسلمين: (ليس خياركم الذين يتركون الدنيا للاخرة، ولا الذين يتركون الاخرة للدنيا، ولكن الذين ياخذون من هذه ومن هذه).

يقول حذيفة: (انا اعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما بي ان يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اسر الي شيئا لم يحدث به غيري، وكان ذكر الفتن في مجلس انا فيه، فذكر ثلاثا لا يذرن شيئا، فما بقي من اهل ذلك المجلس غيري).

كان -رضي الله عنه- يقول: ان الله تعالى بعث محمدا -صلى الله عليه وسلم-فدعا الناس من الضلالة الى الهدى، ومن الكفر الى الايمان، فاستجاب له من استجاب، فحيى بالحق من كان ميتا، ومات بالباطل من كان حيا.

ثم ذهبت النبوة وجاءت الخلافة على منهاجها، ثم يكون ملكا عضوضا، فمن الناس من ينكر بقلبه ويده ولسانه، اولئك استجابوا للحق، ومنهم من ينكر بقلبه ولسانه، كافا يده، فهذا ترك شعبة من الحق، ومنهم من ينكر بقلبه، كافا يده ولسانه، فهذا ترك شعبتين من الحق، ومنهم من لا ينكر بقلبه ولا بيده ولا بلسانه، فذلك ميت الاحياء.

ويتحدث عن القلوب والهدى والضلالة فيقول: (القلوب اربعة: قلب اغلف، فذلك قلب كافر… وقلب مصفح، فذلك قلب المنافق … وقلب اجرد، فيه سراج يزهر، فذلك قلب المؤمن… وقلب فيه نفاق وايمان، فمثل الايمان كمثل شجرة يمدها ماء طيب… ومثل المنافق كمثل القرحة يمدها قيح ودم، فايهما غلب غلب)…

مقتل عثمان
كان حذيفة -رضي الله عنه- يقول: (اللهم اني ابرا اليك من دم عثمان، والله ما شهدت ولا قتلت ولا مالات على قتله)

وفاته

لما نزل بحذيفة الموت جزع جزعا شديدا وبكى بكاء كثيرا، فقيل: (ما يبكيك ؟)… فقال: (ما ابكي اسفا على الدنيا، بل الموت احب الي، ولكني لا ادري على ما اقدم على رضى ام على سخط).

ودخل عليه بعض اصحابه، فسالهم: (اجئتم معكم باكفان ؟)… قالوا: (نعم)… قال: (ارونيها)… فوجدها جديدة فارهة، فابتسم وقال لهم: (ما هذا لي بكفن، انما يكفيني لفافتان بيضاوان ليس معهما قميص، فاني لن اترك في القبر الا قليلا، حتى ابدل خيرا منهما، او شرا منهما).

ثم تمتم بكلمات: (مرحبا بالموت، حبيب جاء على شوق، لا افلح من ندم)… واسلم الروح الطاهرة لبارئها في احد ايام العام الهجري السادس والثلاثين بالمدائن، وبعد مقتل عثمان باربعين ليلة.

السابق
تمر للصائمين
التالي
الاهداف العامة لمادة التربية الدينية الاسلامية للمرحلة الابتدائية