افضل مواضيع جميلة بالصور

اسى الهجران كاملة

اسى الهجران/ الجزء الاول

#انفاس_قطر#

يوم خريفي بارد.. برودته الخافتة المرتعشة تسربت بحدة موحشة للروح قبل الجسد
انها واشنطن دي سي.. اواخر شهر سبتمبر..شهر الخريف المرير
تقلبات الاجواء.. واصفرار الاشجار.. ووجع الغربة
واه يا وجع الغربة.. ما اقساها على روحه الحرة المستنزفة شوقا موجعا لارضه
لا شيء يستنزف الروح شيئا فشيئا كاحساس الغربة، هذا الاحساس الذي يبدا بالتهام الروح حتى يحيلها رمادا
وتكون العودة للوطن هي كعودة العنقاء التي تقوم من رمادها حين يعبرها جسد حي كما تقول الاسطورة

وهكذا هو الوطن!! هو الجسد الحي الذي يعيد الروح لبقايا الرماد..

وهاهو الغريب المشتاق المعتصم بجلده ودفء ذكرياته وحرارة حنينه يقف في موقف الحافلات القريب من منزله وقفته المعتدة بجسده الفارع الطول
يحكم اغلاق جاكيته الجلدي على صدره العريض ليصد لسعات البرد في ساعات الصباح الباكر
الشمس لم تشرق بعد، ولكن هاهي تغازل الافق..

“شمسهم الباهتة الهزيلة!!”
ينظر للافق ( وهذي اسمها شمس.. خلهم يجون عندنا في الدوحة ويعرفون الشمس صدق.. اه يا شمس الدوحة.. ويا دفى الدوحة..جعلش بعد طوايف واشنطن وفوقها البيت الابيض)

كان عنده سيارة.. ولكنه يفضل استخدام المواصلات العامة في مشوار الجامعة ذهابا وايابا..

وصلت الحافلة في موعدها
يركب بخطواته الثقيلة الواثقة المعتادة.. يلقي التحية على “ستيفن” سائق الحافلة الزنجي المرح الذي ربط بينهما ود انساني عمره خمس سنوات منذ سكن في كولومبيا ديسكيرت ودرس في جامعة جورج تاون القريبة..

وهكذا الالفة البشرية تعقد اواصرها بين البشر.. لمجرد كونهم بشر
بالمعنى الحقيقي للبشر!!
لان هناك بشرا قد لا يكون لهم من البشرية الا اسمها!!

كان من الممكن ان يلاقي سكنا ملاصقا للجامعة ولكنه اراد سكنا يكون ملاصقا لمسجد (كافي علي غربة الجسد.. خل قربي من بيت الله يسكن روحي)

بعد القاء التحية.. اتخذ مكانه في الحافلة الفارغة تماما من الركاب في هذا الوقت..

اعتاد الخروج مبكرا حتى يستغل الوقت بالبقاء لاطول وقت في المكتبة لانجاز اطروحته للدكتوراه في ادارة الاعمال.. تبقى عليه هذا العام فقط..
وما اطوله عليه من عام!!!.. رغم انه كان يضغط على نفسه كثيرا للانتهاء في اسرع وقت..
(اوووف.. لو اني في بريطانيا كان خلصت من زمان)

كما هو معروف: نظام الدراسة في امريكا اسهل في الماجستير واصعب في الدكتوراه.
وبريطانيا هي العكس اصعب في الماجستير واسهل في الدكتوراه
من الممكن للدارس ان ينهي دراسة الدكتوراه في بريطانيا في سنتين فقط لو كان بنظام الفول تايم.. والماجستير سنة واحدة بنفس النظام الفول تايم Full Time

اما امريكا فهو محتاج لخمس سنوات او اربع على اقل تقدير في الدكتوراه وذلك في حال نحر نفسه تعبا وضغطا .. بينما الماجستير: ثمانية اشهر في امريكا تكفيه..

جالس مستغرق في التفكير (الله يلعنهم البريطانيين.. الانذال.. الباردين) وذاكرته تعود ل12 عاما مضت، وتستعيد السبب الذي حرمه من الدراسة في بريطانيا وانهاء دراسته بسرعة ليعود الى صحرائه الغالية… فهذه الغربة اصبحت شديدة الوطاة على روحه البدوية الوثابة..

حين تكون معتادا على صمت الصحراء وعمقها واتساع افقها.. وجلافة اهلها وشهامتهم حتى وان تحولت الارض في اتجاه المدنية ولكن نبضها يبقى صحراويا وروحها تبقى صحراوية واهلها معتصمون باخلاقيات الصحراء
ثم تجد نفسك محشورا بين ناطحات السحاب.. وعوادم السيارات.. وانعدام النخوة.. حينها تشعر ان روحك تهوي تحت المقصلة.. وانك تتمدد على السندان في انتظار المطرقة التي لا تعلم متى ستاتي..

عودة لبريطانيا..كان حينها في السابعة عشرة

اعتاد هو وابناء عمه محمد :راكان الاكبر منه بسنة، وناصر الاصغر منه بسنة: الذهاب كل صيف لمدينة كامبردج شمال شرق لندن لدراسة اللغة الانجليزية
كان يوجد شباب انجليز.. دائما يتحرشون بهم يريدون التعارك معهم..
وكان العراك دائما بسيطا.. واحيانا لا يتجاوز مجرد التلاسن بالكلمات..

في ذلك اليوم كان لوحده، واولاد عمه ناصر وراكان كانوا في لندن عند والدهما
راهم يتحرشون ببنات عربيات، وهم تحرشوا فيهن قصدا
كانوا يريدون ان يستفردوا به ويضربوه لانهم راوه وحيدا
لم يحتمل..ثارت حميته وثار دمه الحار
وللاناث دائما في ثقافة الشهامة العربية هذا القدر الثمين البهي!!

حصل عراك كبير كان فيه هو المنتصر.. والشابان البريطانيان كانت اصاباتهما كسور مختلفة.
في ذلك الحين: حمد ربه ان ناصر وراكان لم يكونا متواجدين
وخصوصا راكان الهادئ العميق الذي كان اكثرهم حلما.. لكنه ينطبق عليه وصف (احذر الحليم اذا غضب) لانه اذا استثير وضرب فهو لا يرحم من يلقيه القدر امامه وخصوصا مع ضخامة جسده التي تتجاوزهم جميعا

السفير القطري استطاع انهاء الموضوع
واباء الشبان الذين كانوا من النبلاء البريطانيين عرفوا ان ابنائهم هم المخطئون فقبلوا اعتذار السفارة
لكن اسكوتلانديارد (الشرطة البريطانية) وجهت له تحذيرا مهذبا: انه غير مرحب فيه في بريطانيا.. اعتقد وقتها ان التحذير غير مقصود
وهو فعلا لم يعد لبريطانيا لانه انشغل في دراسته الجامعية..

لكن بعد الحادثة اياها باربع سنوات..
كان جده الاثير الغالي كبير العائلة في مرضه الاخير في لندن
كان ابوه وعمه عنده.. لكنه لما احس بدنو اجله.. ارسل في طلب احفاده الشباب الخمسة كلهم حتى اصغرهم فارس اليتيم الذي كان وقتها في ال18 من عمره..
حطوا في مطار هيثرو.. وجميعهم انجزوا اجراءاتهم بسرعة الا هو.. حجزوه لليوم التالي وهو لا يعرف السبب.. وبعدها صارحوه: “احنا مو قلنا لك انك غير مرحب فيك هنا”
ثم سمحوا له بالخروج بعد تدخل السفارة للمرة الثانية

عاد بعدها بايام على نفس الطائرة مع جثمان جده
وهو يعد نفسه انه لن يعود لهذه البلد التي اهانته.. وكسرت عنفوان جده وهيبته
ليعود ذلك الرجل القوي الصلب من تلك البلاد الباردة جسدا باردا في صندوق بارد!!
جده الذي صنع منهم كلهم نماذج مصغرة له
نماذج تختلف في شخصياتها واشكالها ولكنه اورثهم جميعا صفتين احداها خلقية والاخرى خلقية:
الطول الفارع، والاعتداد البالغ بالنفس.

” ميشيل.. ميشيل”

انتزعه من ذكرياته التي تطوف به ارجاء الدوحة التي يغتاله شوقه لها وحنينه لاهله فيها.. صوتها الهامس الضعيف
ابتسم وهو يراها تجلس مقابلة له بضعفها البادي وشعيراتها البيضاء المتناثرة حول وجهها الغارق في التجاعيد

وهمس لها بانجليزية سليمة بلكنة اميركية واثقة : صباح الخير جانيت.. انها المرة المليون التي اقول لك اسمي مشعل.. واكره اسم ميشيل هذا

ابتسمت: اوه ميشيل.. اسمك صعب.. هل ستعاتب سيدة جميلة مثلي حين تخطئ في اسمك كل مرة.. الا تخجل؟!

مشعل بابتسامة: لا لا اخجل.. سابقى اقولها حتى تتقني نطق حرف العين..

نظر مشعل لجانيت بحنان انساني شاسع..
يشعر نحو هذه العجوز بحنان بالغ.. رغم سنوات عمرها التي قاربت السبعين الا انها مازالت تعمل في احد مصانع النسيج في ضواحي كولومبيا ديسكيرت
لا انيس لها.. بعد ان تركها ابنائها وتفرقوا في انحاء الولايات المتحدة الاميركية ونسوا ان لهم ام
اعتادت تبادل اطراف الحديث مع مشعل بعد ان تركب في المحطة التالية له.. وتنزله في الجامعة.. لتكمل هي طريقها للضواحي..

ابتسم مشعل واكمل بلغته: فديت العجايز ياجانيت عشان عجوزن في الدوحة..

ابتسمت جانيت وهي تهز راسها بعدم فهم: اكرهك حين تتكلم بلغتك.. اشعر انك تسخر مني.. ثم اردفت بابتسامة مرحة: هل تسخر مني ايها الوسيم؟؟

ضحك مشعل: ا هذا يعني انني لست مرعبا..كمصارع مكسيكي..؟؟

ضحكت جانيت وهي تستعيد ذكرى لقائهم الاول، حينها ارتعبت من طوله الفارع ولان شكله يشبه شكل من يسمونهم (اللاتينيين) اعتقدت انه مصارع مكسيكي
اجابت: اعتدت على شكلك واحببته حتى اقنعت نفسي بوسامتك..

لم يكن مشعل وسيما بالمعنى المعروف للوسامة ولا حتى باي صورة.. ولكن ملامحه السمراء الحادة كانت محددة برجولة هادرة بالغة الجاذبية..

عاد مشعل للابتسام وهو يغير الموضوع ويقول: هل قرات الكتاب الذي اعطيتك اياه المرة الماضية؟؟

ابتسمت جانيت وقالت: اعرف ان دينكم حق.. والكتب التي ملئت منزلي والتي تحضرها انت لي تثبت لي ذلك.. ودينكم يقول: انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء.. لا تستعجلني.. فانا كاثوليكية مؤمنة.

ضحك مشعل: يعني مطوعة المسيحيين؟؟

جانيت تضحك: هانت تعود لاحراجي بكلامك الذي لا افهمه.. اقتربت جامعتك قم لتنزل… ثم اكملت وهي تخرج نقود من حقيبتها: واريدك يا بني لو استطعت ان تسدد هاتفي

مشعل بغضب وهو يستعد للنزول: اعيدي نقودك لحقيبتك، ساسدد هاتفك بعد ان اخرج من الكلية

جانيت بحرج: لكن!!

قاطعها نزول مشعل وهو يلوح لها بيده
وينزل ليعبر بوابة جامعة جورج تاون الضخمة العريقة

جامعة جورج تاون تقع في كولومبيا ديسكيرت بالقرب من اخطر مكانين في العالم: البيت الابيض (مقر الرئيس الامريكي) والبنتاغون (وزارة الدفاع الاميركية)

حين انشئت في القرن الثامن عشر الميلادي كانت جامعة كهنوتية كنسية
ولكنها اليوم من اكثر الجامعات انفتاحا دينيا رغم تقاليدها الكنسية المتوارثة
بها طلاب من جميع الاديان، بل هي اول جامعة اميركية تعين اماما مسلما ليؤم الطلبة المسلمين فيها
وبها مركز للدراسات العربية المعاصرة هو الاضخم في امريكا، وبها قسم لتدريس اللغة العربية هو الافضل من بين كل الجامعات الاميركية

اشتهرت بتخصصين على كل مستوى العالم: السياسة، والاقتصاد
اشهر السياسيين الاميركيين اما تخرجوا منها واما مازالوا اساتذة فيها
منهم على سبيل المثال “بيل كلينتون” الذي تخرج منها
و”مادلين اولبرايت” و “جورج تينت” اللذان مازالا يدرسان فيها
واساتذتها يشكلون دائما خيارا متاحا ممتازا لاي منصب حكومي اميركي فارغ.
اما الطريف بالنسبة لهذه الجامعة انها منعت النساء/ الطالبات من الدراسة فيها حتى منتصف القرن العشرين..
حتى لا يتشدقوا علينا ويتهموننا نحن العرب بالتحجر!!!

وصل مشعل للمكتبة الرئيسية في الجامعة: مكتبة جوزيف مارك لوينجر (سميت بهذا الاسم تخليدا لاحد ضحايا حرب فيتنام) ، كانت المكتبة تحتل مبنى حجريا ضخما مستقلا في الناحية الغربية من الجامعة
مازال الوقت مبكرا جدا.. لا يوجد سوى موظف الامن الذي اعتاد على رؤية مشعل في هذا الوقت.

اختار زاويته المفضلة، واخرج اوراقه وحاسوبه المحمول، وسرعان ما استغرق في العمل
بعد حوالي 40 دقيقة.. همسات عند اذنه: مشعل.. مشعل
التفت للصوت الذي عرفه وابتسم وهو يقول بهمس مرحب بصوت خافت جدا احتراما لتقاليد المكتبة : هلا سعيد.. ياحياك الله يارجال..

سعيد بابتسامة وهو يسحب مقعدا ويجلس بجوار مشعل ويميل لاذنه ويقول بهمس: انت داري اني مواصل ما بعد رقدت.. جاي ادور لك..3 ايام ماشفتك.. حرام عليك يا اخي!! ارحم نفسك شوي ترا عمرك 29 سنة يعني مهوب 50 عشان تستقتل على المخلاص.

مشعل بملل حزين: تعبت يا اخيك من ذا الديرة ما ابغي الا الفكة وديرتي، انت داري ان موسم القنص خلاص بدا.. وانا قاعد هنا مقابل ذا الوجيه الودرة.

سعيد (بعيارة): حد يعيف امريكا، صدق انك بدوي طرت والا وقعت
يعني دكتوراة وتفوق ولغة وامريكا..ومع كذا ماتبي غير برانك وابلك وطيرك

مشعل بابتسامة ترنو للبعيد: جعل طيري بعدهم!!

سعيد كمن تذكر شيئا.. همس لمشعل كمن يخبره سرا: فيه بنية قطرية توها واصلة من كم اسبوع سجلت معنا في الجامعة ماجستير

مشعل ينظر لسعيد نظرة غضب: تهبى انت وجهك وانا مشعل بن عبدالله بن مشعل ال فارس ال ..من متى وانا ادور علوم النسوان؟؟

سعيد يكتم ضحكته: يا اخي حد طلب منك البطاقة الشخصية؟!!
وبعدين على ويش مستحمق؟؟ وش فيك مهوب فيني؟؟.. تراني انا وياك من نفس القبيلة يا ولد ال فارس

مشعل بغضب مكتوم: فيك ان ذا الديرة علمتك قل السنع

سعيد يبتسم: انا ما ادري بصراحة مخك وين راح.. انا بس كنت ابي اقول لك عن ذا البنية.. لانها بصراحة غريبة

مشعل بعدم اهتمام: ليه يعني تطيح الطير من السما؟؟

سعيد بنبرة اهتمام: بالعكس عادية جدا.. لكن فيها شيئين غريبين:
الشيء الاول تعرف انه البنات اول ما يجون هنا خايفين ويبون حد يساعدهم الشباب في نادي الطلاب القطريين اتصلوا فيها يبون يشوفون هي تبي مساعدة، بس هي رفضت، وقالت اعرف اصرف روحي
الشيء الثاني: لبسها: يعني البنات هنا في الجامعة اللي بتذبح روحها بالستر، بتلبس جلباب وحجاب ويكون لونه فاتح، لكنها هي يالله تشوف حدود وجهها من كثر ماهي شادة حجابها على وجهها ولابسة عباة سوداء

مشعل وهو يريد انهاء الحوار: الله يستر عليها وش نبي ..

قاطعه سعيد يضحك بخفوت: لا واسمها هيا بعد.. اسم عجوز

غصبا عنه: وجد مشعل نفسه يبتسم واسم (هيا) يداعب اذنه كموسيقى عذبة.. يا الله كم يحب هذا الاسم الذي يسكن حناياه!!
ويتسرب الى عمق روحه.. اسم يشده الى جذوره.. وعبق وطنه
رائحة جدائلها العتيقة العطرة العذبة تتسرب الى خياشيمه كسحر ابدي حين كان يلتف بجديلتها الطويلة ويستكين في حضنها الدافئ.. و………

ولكنه انتزع نفسه من افكاره وهو يقول لسعيد: سعيدان جعل السلال يضرب بطنك انت جاي تشوفني؟ والا تهل لي شريطك مثل النسوان؟..انت منت بشايفني رجال قدامك؟!

سعيد يضحك بصوت عالي لفت انتباه رواد المكتبة القلائل: انا ابي ادري وش انا احب فيك.. شايف حالك.. يعني عشان الله معطيكم انت وعيال عمك شوي طول، شايفين حالكم على العالم…….. واكمل بنبرة حزن مصطنعة: لنا الله احنا القصار

مشعل يبتسم ويقول بجدية لا تتناسب مع ابتسامته: الرجال اللي مرجلته في طوله والا عرضه مهوب رجال..وانا وعيال عمي رياجيل حتى لو كنا اشبار القاع.. ثم اكمل بنبرة اهتمام: الا عيال عمي وش دخلهم في السالفة؟؟

سعيد بلؤم وهو يريد اغاظة مشعل لانه يعلم تولع مشعل بابناء عمومته: كذا طروا على بالي، بصراحة كلهم كلهم مشعل وراكان وناصر وفارس شايفين حالهم، على شنو ما ادري، وخصوصا سميك مشعل ما ينبلع، راسم روحه زيادة عن اللزوم.. ثم اكمل بلؤم اكبر مقصود: الا مرته وش اسمها؟؟

لانه يعلم ان زوجة مشعل بن محمد هي شقيقة مشعل بن عبدالله الكبرى

مشعل بغضب هادر وهو يهمس ويصر على اسنانه: والله لو اني ما ني بداري انك تضحك، والا والله ما اخليك تطلع من ذا المكتبة على ارجيلك

سعيد بطريقته المرحة المعبرة عن طيبة قلبه والتي يعرفها مشعل جيدا وهو يحرك اصابعه ويرف برموشه بسرعة بطريقة انثوية وهو يهمس بدلال تمثيلي مصطنع: وس فيك انته عسبي جذيه؟؟ ترا عاتي لو تبي اقول لك اسماء خواتي الست قلت لك.. يمكن يعجبك اسم وحده فيهم وتريحنا منها..

غصبا عنه: ابتسم مشعل لا يستطيع ان يغضب من سعيد الذي يشكل نسيما عليلا يهب على روحه في هذه الارض فهما يشكلان غصنان لذات الارض، ذات القبيلة ، ذات اللهجة
رابط يربطه بهناك.. حتى لا يجن من هنا!!

ابتسم وتفكيره ياخذه الى شقيقاته الاربع.. اميراته الاثيرات الثمينات
مستعد هو ان يمزق باسنانه وبدون ادنى رحمة من يدوس على طرف ظل واحدة منهن!
مجرد ظلها!!
او حتى يقترب من حدود مضايقتها!!
حتى المتزوجات منهن مازال يشعر انه المسؤول الاول عنهن، رغم وجود والده وازواجهن..

#انفاس_قطر#

اسى الهجران/ الجزء الثاني

#انفاس_قطر#

في نفس الوقت.. ولكن على بعد الاف الاف الكيلومترات
الدوحة.. الوقت بعد المغرب بتوقيتها
بيت عبدالله بن مشعل
غرفة مشاعل ابنته الثالثة تحديدا..

كانت تقف مرتعشة تحتضن نفسها بضعف، وتمنع دموعا وشيكة من الانهمار، اقتربت منها شقيقتها الكبرى ووضعت كفها على كتفها وهي تهمس لها بحنان: مشاعل ياقلبي.. انا الحين ابي اعرف وش اللي مزعلش في موعد العرس؟؟

ابتعدت مشاعل عن مدى كفها الناعمة الحنونة وهي تقول بغيظ تغرغر بالبكاء: يعني عشانه حماش بتبدينه على اختش؟!!

تراجعت الاخت الكبرى وهي تشهق بعنف: وش ذا الخرابيط اللي انتي تقولينها؟؟
ثم تماسكت وهي تقول بهدوء: يعني انتي متملكة صار لش كم شهر، وما اعتقد ان حد جبرش على ناصر، انتي اللي وافقتي باختيارش.. وماعقب الملكة الا العرس.. يعني ليش مسوية ذا السالفة كلها؟

مشاعل وهي تمسح دموعها التي انهمرت لتكتسح خديها الحمرواين لسبب هي من يعرفه.. الاحمرار الذي غشا وجهها منذ اخبرتها شقيقتها بموعد زواجها الذي تقرر بعد ثلاثة اشهر في بداية يناير: لطيفة.. انا ماقلت اني ما ابي ناصر بس عرس بس بدون وجود اخي مشعل مستحيل..

ابتسمت لطيفة لذكر مشعل.. الاسم الذي يدفع اقصى درجات السعادة في قلب اي واحدة منهن: فديت الطاري
ثم اكملت بجدية: يعني السالفة كذا بس؟؟ ناصر ماحدد الموعد الا عقب ما اتفق مع مشعل.. مشعل بيكون هنا من 20/12.. قبل اجازة الكريسمس عندهم.. وبيقعد عندنا اكثر من شهر

لم تحتمل مشاعل بعد ذلك
انهارت باكية بعنف على سريرها وهي تغالب شهقاتها حتى لا يسمع صوت بكائها العالي احد خارج الحجرة..وخصوصا تلك الصغيرة (وكالة الانباء) التي لا تفتا تداهم اي خلوة كشبح لا يعلم من اي زاوية خرج.. شقيقتهن الصغرى ذات السنوات الاحدى عشرة :ريم

لطيفة صعقت من بكائها وهي تسرع الخطى لسريرها وتجلس جوارها وهي تمسح على ظهرها برقة وتقول بحنان مختلط بالجدية: مشاعل قوم كلميني، السالفة مهيب موعد عرس وبس.. قومي قولي لي وش فيش؟؟

************************

عودة لجامعة جورج تاون في واشنطن دي سي.. لكن في مكان اخر من انحاء الجامعة الشاسعة
على كرسي حجري امام كلية الاقتصاد..

كانت تجلس بهدوء.. تضع كتابها على فخذها وحقيبتها الى جوارها غير مبالية بنظرات الاستغراب او حتى الاحتقار لشكلها وللبسها: عباءتها السوداء المغلقة الفضفاضة، حجابها الاسود الذي ينخفض الى حدود حاجبيها ويرتفع الى منتصف ذقنها..
كانت ملامحها الرقيقة/الحادة تتمدد بنعومة/بقوة على صفحة وجهها ببشرته الصافية الخالية من اي مساحيق..

قد لا تبدو جميلة لمن يراها لاول مرة دون ان يدقق في ملامحها
ولكن النظرة الثانية ستكشف للرائي حتما سرا ما يختفي خلف هذا الوجه الاسر.. الاسر لسبب مجهول يجعله يتغلغل في عمق روحك ليستولي عليك

رن هاتفها المحمول.. تناولته ونظرت للشاشة.. عقدت حاجبيها: (بدون رقم)
ردت بهدوء: هالو
………..
بفرح غامر: باكي يالخايسة.. وينج؟؟ لي ايام اتصل فيج.. على طول مغلق
………..
باستغراب: قاعدة قدام كليتي.. انطر المحاضرة بعد نص ساعة
……………
بحزن: يعني اسبوعين ماسمعت صوتج.. وعقب تبين تسكرين بسرعة
…………..
خلاص مع السلامة.. سلمي على الاهل

اعادت محمولها في الحقيبة.. وفتحت الكتاب لتبعد تفكيرها عن احساسها بالوحشة
هل كتب عليها ان تعيش حياتها كلها في خوف مرعب من الوحشة والوحدة؟؟
الوحدة كابوسها المرعب، الذي تهرب منه لتجده يتسلل اليها باذرعه العنكبوتية ويحيط بها حتى يتخلل جسدها وروحها ويعتصرهما بوحشية

*******************

عودة لمنزل عبدالله بن مشعل.. وغرفة مشاعل المنهارة بكاء غير مفهوم

لطيفة بدئت لهجتها تتغير للغضب وهي تحاول تهدئة مشاعل ومعرفة سبب انهيارها: مشاعل قومي كلميني والا والله العظيم لاتصل بمشعل اخليه يتفاهم معش

مشاعل حين سمعت اسم مشعل قفزت كالملسوعة وهي تمسح دموعها وتتماسك: لا.. لا ..تكفين.. كله ولا مشعل.. لا تكدرين عليه.

لطيفة وهي تصر على اسنانها: زين قولي لي وش فيش؟؟

مشاعل اعتدلت جالسة وهي تخفض عينيها وتفرك اناملها وتقول بخجل بالغ: خايفة ومستحية.. اذا مشعل اذوب من الخجل في وجوده وهو اخي اللي اغلى من عيوني.. اشلون تبون تسكرون الباب علي مع رجال غريب

حينها انفجرت لطيفة ضاحكة بعذوبة: والله العظيم ناصر مايعض.. وش حليله؟؟ وبعدها اكملت لطيفة وهي تتماسك: زين السحا ما يستدعي الخوف يعني.. عشان تخافين

مشاعل بهمس مؤلم وكانها تنظر لخيال غير مرئي خلف شقيقتها: خايفة من الزواج نفسه.. يعني فيه تجربتين قدامي ما تشجع صراحة

لطيفة برعب داخلي (ماذا تحاول هذه الصغيرة ان تفعل؟؟
هل تحاول تسلق روحي لتطل في خباياي؟!
هل تحاول التطاول على اسواري التي تعبت في التمترس خلفها؟!
هل تحاول النظر خلف صورتي اللامعة التي ارهقني تنميقها؟؟)

لم تكن تريد ان تسال عن شيء تعرف هي جوابه، ولكنها مجبرة ان تفعل من واقع دورها كاخت كبرى، سالت بحذر مر: اي تجربتين؟؟

مشاعل بالم عميق: انتي وموضي؟؟

(يالا الصغيرة اللئيمة.. لم اخف يوما من شيء كخوفي من نظرتها السابرة.. كنت اعلم انها الوحيدة التي تشعر بي..بحاستها المتسلقة الغريبة
احاول ان اختبئ من نظراتها الحادة الشفافة لاجدها تحاصرني بالمرصاد حين انتبه من لحظات شرودي..وكانها تقتنصني وتقتنص نبض روحي المردوم تحت اطنان الكبت…
ارجوك مشاعل.. لا تنبشيني.. فانا احاول المسير)

ابتسمت لطيفة وهي تقول بحنان تحاول ان تخفي خلفه مشاعرها: ليه يعني؟؟ انا وموضي عايشين مبسوطين مع رياجيلنا..

مشاعل بنبرة تقطر الما صافيا: انا ماني بزر.. عمري 22 وتخرجت من الجامعة خلاص..
تكلمي عن نفسش لو انتي مبسوطة.. بس موضي!!!… موضي سالفتها عويصة.. لو يدري مشعل فيها بس.. والله ان يكسر الدنيا
امانة عليش وين موضي اللي كانت اكشخ وحدة فينا واكثرنا مرح وحياة.. وين راحت؟؟ وين راحت؟؟ نحرها حمد نحار..

وتسالين ليه خايفة من الزواج؟ خل نبدا فيش.. وعقب نرجع لموضي

انتفضت لطيفة بوجل (لا تفعلي مشاعل لا تفعلي!!)
ولكن مشاعل اكملت بذات نبرتها العميقة التي تعبر عن عمقها الداخلي
ولطالما كانت مشاعل الرقيقة الملامح الهادئة الناعمة العميقة الصامتة الخجولة هي من تكتشف دواخل شقيقاتها بدون تصريح منهن: لطيفة.. طالعي المراية وشوفي وجهش؟؟

استغربت لطيفة من طلبها (وش فيه وجهي؟؟) استجابت كالمخدرة وهي تتجه للمراة.. وتنظر لصفحة وجهها المنعكسة
لطالما كانت لطيفة هي الاجمل، لم يكن لينافسها احد في الجمال سوى العنود ابنة عمها واخت زوجها.. ولكن حتى عندما تنحصر المقارنة بينهما، فلطيفة هي الاجمل بلا شك..

كانت وهي في الحادية والثلاثين اجمل بكثير مما كانت وهي في الثامنة عشرة حين تزوجت مشعل..ورغم انجابها لاربعة اطفال كان جمالها ينضج بوجع هادر عاما بعد عام.. كان جمالها يؤلم الناظر لشدة سطوته
ومع ذلك لم يكن كل هذا الجمال المغلف بروحها الاجمل ليستوقف زوجها مشعل او يستوقف مشاعره على اعتابها..رغم انها كانت تذوب فيه وله ومن اجله..

كانت في كثير من الاحيان تتساءل ان كان يعرف ملامحها
او حتى يعرف انها جميلة اصلا!!
ان كان يعرف لون عينيها..او تقوس حاجبيها.. او مقدار سطوة شفتيها في التواءهما المثير؟!!
فهي لم تره يتمعن في وجهها ولو لمرة واحدة.. كما اعتادت ان ترى النساء اللاتي تجلس معهن.. واللاتي لا يستطعن رفع اعينهن عن سحر جمالها..وهن نساء!! فكيف به وهو رجل مكتمل الرجولة.. وزوجها؟!!
اعتاد ان يمر بجوارها كانها شيء لا يستحق التوقف عنده..
لم يمتدحها يوما..
ولم يذمها ايضا..
ولكنه لابد ان يقرعها من وقت لاخر كانها احد موظفي شركته..
ورغم تقريعه لها لم يقس عليها يوما.. كانت مشاعره دائما محايدة من جهتها.. لا تعرف تطرف المحبين في الحنان او القسوة..

نفضت لطيفة سيل افكارها الموجع لتلتفت لمشاعل: وش فيه وجهي؟؟

مشاعل بعمق مؤلم: كل يوم وانتي احلى من اليوم قبله.. وكل يوم ولمعة عيونش تنطفي اكثر عن اليوم اللي قبله..

*************************

عودة الى واشنطن وجامعة جورج تاون.. والكرسي الحجري
حيث تجلس تقلب كتابا تقراه بعينيها واحرفه عاجزة عن اختراق حدود عقلها المثقل بالافكار والاسى..

“هيا..هيا”

ا يعقل؟؟
يبدو انها اصيبت بحالة جنون.. فهي تعتقد انها تسمع صوت باكي تناديها.. باكي التي يفصل بينها وبينها المحيط الاطلسي بامتداده الشاسع..

” بت يا هيا.. امريكا طرشتك والا ايه” الصوت قريب جدا.. وحقيقي جدا.. لكنه خيال بالتاكيد..
وهذه اليد الحانية التي تهز كتفها.. هل هي خيال ايضا؟؟

التفتت هيا بدهشة.. وتحولت الدهشة لصدمة عنيفة وهي ترى صديقتها المقربة باكينام تقف خلفها
باكينام التي لم ترها منذ اكثر من عام.. ولكن الاتصالات لم تنقطع بينهما مطلقا

باكينام مزيج الاعراق المثير..
باكينام والدها مصري، ووالدتها انجليزية، وجدتها ام والدها تركية، وجدتها ام والدتها ايرلندية..
والدها دبلوماسي مصري عاش معظم حياته في بريطانيا..

تنافس في باكينام عرقان من اكثر اعراق الارض اعتدادا بالنفس: الاتراك والايرلنديون..

جدتها التركية عاشت حياتها كلها تقول: عرب سيس..(على خلفية كراهية الاتراك المتوارثة للعرب) ومع ذلك يشاء القدر الا تتزوج الا من عربي.. وتذوب في هواه.. حتى واراه قبره وهي مازالت تهتف: عرب سيس..

وجدتها الايرلندية عاشت حياتها كلها وهي تقول: الانجليز البرابرة المتوحشون (على خلفية العداء الشهير بين الايرلنديين والانجليز والحروب التي اريق فيها الكثير من الدماء) ومع ذلك يشاء القدر الا تتزوج الا من انجليزي.. وتذوب في هواه.. حتى واراه قبره وهي مازالت تهتف: الانجليز البرابرة المتوحشون..

والجدتان نقلتا مشاعرهما الكاذبة لحفيدتهما.. وهاهي باكينام ترفض ان ترتبط باي مصري او حتى انجليزي.. وزرعا فيها اعتدادا لا حد له بنفسها

تعرفت هيا على باكينام التي تكبرها بعامين قبل خمسة اعوام في لندن
كانت باكينام تدرس الانجليزية في المعهد الذي دخلته هيا.. كمدرسة مساعدة الى جانب دراستها الجامعية
لم تكن باكينام في حاجة للعمل.. ولكن اعتدادها بذاتها هو ما دفعها للعمل
ومنذ ذلك الحين انعقدت اواصر صداقة متينة بين الفتاتين حتى بعد ان انهت هيا دراستها للانجليزية في المعهد بسرعة ودخلت كلية كوينز التابعة لجامعة لندن العريقة.

التفتت هيا لبكينام لتشعر بصدمة حقيقية، اولا لانه مضى عام على اخر راتها فيها في لندن حين تخرجت هيا وعادت للدوحة..

السبب الثاني والمفرح بعمق هو منظر باكينام الجديد.. لم تعلم هيا انها تحجبت اخيرا بعد سنوات من محاولة اقناع هيا لها.. وباكينام تقول لها: حين افعلها سافعلها باقتناع.. وهاهي فعلتها بكامل اقتناعها..

وهاهي باكينام تقف بثقة بحجابها وهي ترتدي بنطلون جينز يعلوه قميص ازرق واسع الى ركبتيها..في اطلالة شفافة تبهج الروح.. وبشرتها البيضاء المشربة بحمرة تتوهج بانفعال.. وعيناها الخضروان بهما مزيج عذب من الحنان والشوق

التبست مشاعر هيا.. وفرحة عارمة تغزو مشاعرها المتوترة..اجهشت بالبكاء وهي تحتضن باكينام بعنف: وحشتيني يالخايسة.. وحتى ماقلتي لي انج تحجبتي عشان افرح لج..

باكينام وهي تحاول منع دموعها من التساقط، الدموع التي لا تتناسب مع قوة شخصيتها: حبيت اعملها لك مفاجاة.. وبعدين ايه الدموع دي.. بيقولو احنا المصريين شعب عاطفي.. بس شكلكوا عايزين تاخدوا السمعة الظريفة بتاعتنا..

هيا تفلت باكينام وهي تستوعب انها ترى باكينام هنا في واشنطن وليس في لندن، هتفت باستغراب: انتي وش جابج هنا؟؟

باكينام بمرح وهي تسحب هيا وتجلسها على الكرسي الحجري: الله.. ايه الترحيب الجامد دا؟!!! ايه اللي جابني هنا؟؟!!.. طبعا جايه ادور لي عريس.. مادمت مش هتجوز مصري ولا انجليزي.. جيت ادور لي امريكاني حليوه مريش طحن يئدر جمالي وزكائي..

هيا تضحك: ايه طحن ذي؟؟ شكلج توج جايه من مصر.. مايختبص حكيج كذا الا من اثار مصر..

باكينام تبتسم: اه.. لسه جاية من مصر ياحياتي يامصر..

هيا وهي تتذكر الموضوع الاساسي: لا جد وش جابج هنا.. غير انج مشتاقة لي طبعا.. اعرف انج عملية.. ومن انصار ضرب عصفورين بحجر..

باكينام بمرح: طول عمرك اروبة.. انا سجلت معاكي ماستر وفي نفس الجامعة الحلوة دي بس مش اقتصاد زيك..انا سجلت علوم سياسية عشان يبئى ابن الوز عوام..

هيا بفرح هادر: جد؟؟ جد؟؟ ثم استدركت بمنطقية: بس كان ممكن تدرسين نفس التخصص في كامبردج والا اكسفورد.. وهم ممنونين يتقبلون وحدة في مؤهلاتج.. وانتي بتظلين عند هلج؟؟

باكينام بهدوء وابتسامة: بس في السياسة مافيش زي جورج تاون دا اولا.. ثانيا: انا حبيت اخوض تجربة جديدة.. ثالثا كلها كم شهر وارجع ادرس دكتوراه في بريطانيا.. وانتي مقررة ايه؟؟

ابتسمت هيا بود: نفسج اكيد.. ماستر هنا.. وبارجع ادرس دكتوراه في بريطانيا.. من اللي يبي يضيع عمره في دكتوراه هنا..
المهم الحين قولي لي اخبارج كلها.. مشتاقة لج موووت.. وقولي لي متى تحجبتي واشلون؟؟

  • رواية اسى الهجران
السابق
ممنوع الوضوع
التالي
مراجعة النهائية للعربى اولى ثانوى الترم التانى