افضل مواضيع جميلة بالصور

التاثير على الاخرين

 

 

هذا الموضوع شغل اهتمامي منذ سنوات طويلة، فكنت ابحث بين كتب علم النفس والتحليل النفسي عن الطرق الناجعة للتاثير على الاخرين ايجابيا، فمن منا لا يتعامل مع الاخرين ويتمنى ان يترك اثرا حسنا في نفوسهم؟ ومن منا من لا يتمنى ان يكتسب ثقة من حوله ويعطي انطباعا ايجابيا عن شخصيته؟ ولكن ما هو السبيل لتحقيق ذلك؟

اخوتي في الله! لقد وجدت عدة تقنيات يمكن للانسان ان يستخدمها في حياته اليومية واثناء تعامله مع المجتمع المحيط به، وسوف يؤثر فيهم بشكل ايجابي ويكسب ثقتهم بل ومحبتهم. وهذه التقنيات طرحها الكاتب الامريكي الاكثر شهرة ديل كارنيجي Dale Carnegie والذي يعتبر من اهم المؤلفين في القرن الماضي. هذه الاساليب طرحها بعد تجارب استمرت اكثر من ثلاثين عاما.

والذي لفت انتباهي ان ما يطرحه الكاتب الامريكي هو نفس ما يطرحه القران بالضبط!! فهو يقول في كتابه: كيف تكسب الاصدقاء وتؤثر في الناس:

الاسلوب الاول: الابتعاد عن الجدال

ان افضل طريقة لكسب الاخرين والتاثير عليهم ان تتجنب الجدال! وان تحاول اختصار الحديث ما امكن، لان الجدال يضعف ثقة الاخرين بك وبالتالي يضعف قوة تاثيرك عليهم.

ان هذا الاسلوب طرحه القران منذ اربعة عشر قرنا في قوله تعالى: (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين) [النحل: 125]. وهنا نرى بان القران لم ينهنا عن الجدال مطلقا، بل امرنا بالجدال الحسن، لان الابتعاد عن الجدال امر مستحيل عمليا، وهناك اشخاص اذا لم تناقشهم لا يمكن ان تكسب ثقتهم.

وهنا اعجب من اولئك المشككين برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، لو كان كلامهم عن نبي الرحمة صحيح فلماذا امرنا بالمجادلة بالتي هي احسن؟ ولماذا امرنا بالموعظة الحسنة؟ ان التفسير الوحيد لوجود هذه التعاليم في القران هو انه كتاب الله تعالى.

الاسلوب الثاني: تجنب الغضب والانفعال

يقول الكاتب الامريكي: يجب ان يكون اسلوبك في علاج المشاكل قائما على الرفق واللين والحكمة، وحاول ان تبتعد عن الانفعالات والغضب والتوتر، لان الانفعال سيترك اثرا سلبيا على الاخرين وسياخذون فكرة خاطئة عن شخصيتك.

وهنا نتذكر من جديد نصيحة النبي الاعظم صلى الله عليه وسلم لذلك الاعرابي والتي كررها مرارا: (لا تغضب … لا تغضب … لا تغضب ..)، ونتذكر قول الحق تبارك وتعالى: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) [ال عمران: 134]. سبحان الله! انظروا معي الى اسلوب القران في تربية الشخصية المؤمنة، العفو عن الناس، وكظم الغيظ وعدم التسرع والانفعال، وكل ذلك يعطي تاثيرا ايجابيا وانطباعا حسنا تتركه في قلوب وعقول من حولك!

الاسلوب الثالث: الكلمة الطيبة اكثر تاثيرا

من اهم الاساليب التي ينصح بها علماء النفس للتاثير على الاخرين الكلمة الطيبة، فلو اخطا انسان امامك ليس من الضروري ان تقول له اخطات، بل ان تنصحه بشكل غير مباشر، بحيث تنتقي الكلمات الحسنة في التعبير عن رايك فيه، وهذه الطريقة ستترك اثرا رائعا في نفوس من حولك.

وهنا نعود لكتاب الله تعالى عندما يقول: (وقولوا للناس حسنا) [البقرة: 83]. ويقول تعالى: (الم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي اكلها كل حين باذن ربها ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون) [ابراهيم: 24-25].

ولذلك حاول عزيزي القارئ ان تختار افضل الكلمات لتخاطب بها الاخرين، وان تكون مستمعا جيدا لهم، فلا تكثر من الكلام بل حاول ان تستمع لان هذا سيقلل من اخطائك وسيظهرك بصورة حسنة امام الاخرين، بل ان الانسان يحب من يستمع اليه.

ويقول تعالى: (يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) [الاحزاب: 70-71]. وهذه الايات تؤكد ان المؤمن يجب ان يضع الكلام في المكان المناسب، واذا ما فعل ذلك سوف يصلح له الله اعماله، وسيكون هذا الاسلوب سببا في النجاح في الدنيا والاخرة.

الاسلوب الرابع: لا تتمسك بخطئك

يؤكد علماء النفس ومنهم كارنيجي ان الاعتراف بالخطا فضيلة ويرفعك في اعين الناس، فلا تحاول ان تثبت صدق رايك وانت تعلم انك مخطئ، بل حاول ان تكون مرنا في النقاش وان تعترف بالخطا، وهذا الاسلوب سيعطي انطباعا لدى الاخرين بانك صادق وهو ما يزيد من ثقتهم بك وتاثيرك عليهم.

ان هذا الاسلوب ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (كل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون) اي ان خير عمل تقوم به ان تعترف بخطئك امام الله تعالى، وان تتوب اليه، وكذلك تعتذر عما بدر منك لمن اسات اليهم من الناس.

الاسلوب الخامس: الصدق اقصر طريق لكسب ثقة الاخرين

اننا نرى العالم الغربي اليوم يتميز بصدق المعاملة، ليس لان دينهم يامرهم بذلك، فهم في معظمهم بلا دين، بل لانهم وجدوا ان الصدق هو اساس النجاح في الحياة. ولذلك يؤكد علماء النفس ان الطريق الاقصر لكسب الاخرين والتاثير عليهم هو الصدق في القول والعمل.

وهنا نتذكر قول الحق تبارك وتعالى: (يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون) [الصف: 2-3]. ويقول ايضا: (يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) [التوبة: 119]. وهناك اية عظيمة وجدت فيها قوة غريبة لعلاج ظاهرة الكذب التي انتشرت اليوم بسرعة الضوء!

هذه الاية تخاطبنا وتقول لنا: (فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم) [محمد: 21]، ولو ان كل انسان حفظ هذه الكلمات الالهية وتذكرها لحظة تعرضه لموقف من الممكن ان يكذب فيه، لكانت هذه الكلمات خير علاج، وكانت سببا في ابتعادنا عن الكذب، وهو ما يكسبنا احترام الاخرين وثقتهم والتاثير عليهم.

الاسلوب السادس: امتنع عن استخدام كلمة “لا”

انها كلمة سلبية حاول الابتعاد عنها قدر الامكان! فبدلا من ان تقول لشخص لم فعلت كذا، او تقول له لا تفعل كذا، استبدل هذه العبارة بعبارة ايجابية، وقل له: ما رايك ان تفعل كذا!! او عبارة: الا ترى معي ان هذا الفعل افضل؟

هذا الاسلوب اكتشفه علماء البرمجة الغوية العصبية في اولئك الناجحين واصحاب الثروات والشهرة، حيث وجدوا ان اسلوبهم في التعامل مع الاخرين قائم على النصيحة وليس على تخطئة الاخرين وذمهم وتانيبهم.

وهنا لا اجد خيرا من ذلك المثال الذي قدمه لنا النبي الاعظم عندما خدمه انس بن مالك عشر سنين، فلم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم عبارة (لم فعلت كذا) ولم يسمع عبارة تانيب او اي عبارة سلبية، بل كان نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام يستخدم العبارات الايجابية في تعامله مع الاخرين، وهو ما ينبغي ان نقوم به.

الاسلوب السابع: التكبر هو اسوا صفة يتحلى بها الانسان

يشبه علماء النفس التكبر بالحاجز السميك الذي يفصلك عن محبة وتقدير الاخرين لك، وبالتالي تؤثر فيهم سلبيا، وهناك ابحاث عديدة تؤكد على اهمية التواضع في كسب ثقة الاخرين، وان تبتعد عن الطمع والحسد وغير ذلك من الصفات الذميمة.

فالنبي صلى الله عليه وسلم سبق علماء النفس في اعطائنا اروع قاعدة لكسب محبة الاخرين عندما قال: (وازهد فيما عند الناس يحبك الناس)، فتاملوا معي هذه الكلمات النبوية الشريفة لو اننا طبقناها لكانت العلاج لمعظم مشاكل العصر.

اما التكبر فقد نهانا الله عنه بشدة بقوله: (انه لا يحب المستكبرين) [النحل: 23]. ومن تواضع لله رفعه الله تعالى، وهذه التقنية في التعامل مع الاخرين تكسبك ثقتهم بقوة، لان الانسان قد فطره الله تعالى على حب الخير والتواضع والصدق ولذلك عندما تتبع هذه القواعد في تعاملك مع الاخرين انما تخاطب اعماقهم وتخاطب الفطرة لديهم، وبالتالي ستؤثر عليهم تاثيرا ايجابيا، وهو ما نطمح اليه جميعا.

واختم هذه المقالة بفكرة وصلت اليها بعد سنوات وهي ان كل ما يكشفه علماء النفس من حقائق صحيحة ويقينية انما تحدث عنها القران قبل اربعة عشر قرنا!! ومهمتنا كمؤمنين ندعي حب القران ان نرد هذا العلم الى اصوله القرانية، وان نطمح ان نكون في افضل مرتبة عند الله، والسبيل الى ذلك ان نقتدي بنبي الهدى والرحمة في تصرفاته وطريقته في علاج المشاكل وطريقته في التعامل مع من حوله، نسال الله تعالى ان يجعلنا من الذين قال في حقهم: (اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون) [البقرة: 157].

السابق
تعلم كتابة الحروف العربية
التالي
صور هيلو كيتي