الملاحظة الطبية العادية للدهاني لا تسمح بفهم الاهم في الدهان رغم الوصف الدقيق الذي وصلت اليه الابحاث الطبية في هذا الميدان، انها لا تدعى الوصول الى كل ما يتضمنه هذا المفهوم (الدهان).
قبل ان يكون موضوع وصف و من منظور خارجي، الظاهرة الدهانية تتميز بوجودها ضمن طبقات خاصة، اطلق عليها مميز: مجنون (aliéné).
هذا الجنون يتجسد في ” الهلاوس” و “الهذيان “… الدهان هو ليس نتيجة هذه الهلاوس و الهديانات، بل منتوج التركيب الفكري العقلي، الارسان او البناء الفكري يرتكز علي نمط استجابات الجهاز العصبي للحساسيات الفيزيولوجية فيما يخص الفروق المدركة، هذه الحساسية الفارقية للجهاز العصبي نجدها في كافة اشكال النشاط العقلي.
- 1. علي مستوى الواقع و الخيال :
فالنشاط الادراكى يتميز بتجزئة الصور في الفضاء، في الهوامات تظهر تغيرات في تاريخ المريض، في الاحداث و في عملية تخزين المعلومات.
- 2. علي مستوى الرمزية :
نجد من جديد الادراك الفارقي في الهيكل اللفضي الذي يتميز بتجزئة الدال عن مدلوله، وهكذا تتواصل عملية الدمج في شبكة هيكلية اكثر فاكثر تفرقا من خلال القيمة الدلالية(valeur sémantique)، الادراكات المتعلقة باشكال الواقع المستقبلي و الاستثمارات الاقتصادية المصاحبة من جهة لفائدة منظومة اكثر رمزية متخلية تدريجيا عن الواقع، هذه المنظومة الفارقية هي اساس كل نشاط نفسي تحتاج الى وجود موضوع منفصل و ثنائي القطب ) ( bipolaire بين الموضوع والعالم الموضوعي) (monde objectal.
في حالة ما اذا لا نستطيع العمل علي هذا النمط و نجد انفسنا امام منظومة وحيدة القطب و اثارها علي الارصان الفكري يظهر في صورتين:
– الانشطار (clivage)
– او في الالتحام (fusion) ، وهذا ما يميز التفكير الدهاني.
- 3. كلام الدهاني
ا. الفعل و الفكر العملي l’agir et la pensée concrète:
عدم القدرة علي الوجود بطريقة فريقية تؤدي بنا الى التكلم عن لغة الدهاني كلغة منعدمة
(Non-langage)، هكذا نميز علي مستوى السجل اللغوي انه ذو قيمة تعبيرية
(Valeur expressive)و ليس تواصلية (non communicative) لانها لم تصعد الي مستوى العلاقة وتبقي في صورة التحامية (fusionnelle non relationnelle).
يوجد عند الدهاني التباس بين الخيال و الرمزية و هذا يسمح الي كل النزوات بالتعبير عن نفسها في اطار توحيدي (par réification )، و كل ما يصلنا عن طريق الحواس لا يتعدد في فكرة بل يترسخ في شئ لا معني له، لكل هذه الاسباب فالتقرب الي الدهاني لا يتم الا عن طريق الاشارة، التعجبات و الصياح (cris)، الايماءات (mimiques ).
هذا ما يسمح له بالتلاعب بنزواته او يصبح هو نفسه لعبة موجهة من طرف هذه النزوات وهذا ما يعيق وجود كيانه ضمن علاج نفسي لفضي.
ام الدهاني
ا. هي ام مفرطة الحماية:
لا تسمح لابنائها بالعبور الي سجل الرغبة بوجودها الغازي الدائم، بهد تلغي تدرجيا رغباته الشخصية لصالح سيطرة رغباتها.
ب. ام غائبة:
لا تسمح الي ابنها بالربط او التفريق بين الانتظار المحرج و تمثيلات الموضوع المرغوب فيه.
EX : (enfant satisfait à contre temps, la mère n’attend pas la demande, elle le couvre quand il a faim et le nourri quand il a froid. Elle injecte son désir à la relation. )
ام الدهاني لا تسمح لابنها بترصين علاقة ذات غلاف انساني و السبب هو ان نوعية العلاقة ام – طفل، فريدة من نوعها و هدا طابع مرضي، الاستعدادات العقلية للام لا تسمح للطفل بالصعود الي العالم الخارجي و خاصة الي ” اسم الاب”، تدمر اسم الاب و كل ما يرمز اليه حتى في الحوار اليومي هكذا تلغي العلاقة الثلاثية، كل هذه العمليات لا شعورية، فهي عبارة عن تفاعل بين رغبات الام و طفلها كمكمل لها.
امام استحالة غزو الموضوع وانجاز استقلاليته الذاتية يكوين الدهاني قطبين وظيفيين يجهل كل منهما الاخر يؤديان الي:
- قطب داخلي: ذو دفعة غريزية متدرجة القوة هدفها التفريغ التلقائي للنزوات.
- قطب خارجي للتمثيل: الذي لا يعبر عن الرغبة لانها متفككة كمعنى، و تصبح صدي لعالم خارجي غريب، الذي لا يسمح بتجسيد الرغبات و النزوات عن طريق نتيجة هذا التفكك هو الهديان و الهلاوس.
- الارصان في علم النفس