الزوجة الكارهة هل لها حقوق

السؤال هنا اثارة جماعة ممن عرفوا العديد عن ثقافه الغرب،
وسمعوا القليل المشوة عن تعاليم الاسلام..

قالوا: امن العدل ان يوضع فيد الرجل سيف الطلاق يسلطة على عنق المرأة متي شاء و كيف شاء،
دون جزاء لمتحيف او عقوبه لجائر،
علي حين ان المرأة لا تملك الطلاق،
بل لا يجوز لها ان تطلبه،
لان طلب الطلاق عليها حرام،
فاذا كرهت الزوج و طعام قلبها البغض له،
والنفور منه،
فرض عليها ان تعاشرة كرها،
وتنقاد له قسرا،
فان ابت دعيت الى بيت =الطاعه دعا،
كانها متهم يقاد الى قفص،
او مجرم يساق الى سجن،
فاين العداله فهذا التشريع؟
واين التوازن بين الحقوق و الواجبات لكل من الجنسين؟

هكذا وضع هؤلاء الاسلام فقفص الاتهام،
وحكموا عليه،
دون ان يسالوة رايه،
او يحاولوا معرفه حكمة من مصادرة اليقينية: القران و السنه الصحيحة.

ان الزواج فشريعه الاسلام عهد متين،
وميثاق غليظ ربط الله فيه بين رجل و امراة،
اصبح كلاهما يسمي فيه (زوجا) بعد ان كان (فردا).

رباط اقامة الله على ركائز من السكن و الموده و الرحمة،
وجعلة ايه من اياتة فكونة كخلق الانسان من تراب،
وخلق السماوات و الارض و اختلاف الالسنه و الالوان “ومن اياتة ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها و جعل بينكم موده و رحمه ۚ ان فذٰلك لايات لقوم يتفكرون”  (الروم:21)

وقد صور القران مدي ذلك الرباط بين الزوجين فقال ” هن لباس لكم و انتم لباس لهن” (البقرة:187)

هذا الرباط الوثيق الذي نسجت خيوطة بعد بحث و تعب،
وتعرف و خطبة،
ومهر و زفاف و اعلان،
ليس من اليسير على شريعه حكيمه ان تتهاون فنقضة و حل عقدته،
وفصم عراه،
لادني مناسبة،
واوهي سبب،
يدعية الرجل او تزعمة المراة.

نعم،
اباح الاسلام للرجل الطلاق علاجا لا مفر منه،
حيث يضيق الخناق،
وتستحكم حلقات الازمه بين الزوجين،
واخر العلاج الكي كما قيل.غير انه لم يبح له ذلك الا بعد ان يجرب و سائل العلاج الاخرى،
من و عظ،
وهجر و تاديب و تحكيم،
وبعد ان يستنفذ طاقتة النفسيه فاحتمال ما يكره،
والصبر على ما لا يحب.

لم تجعل الشريعه الطلاق حقا للرجل مطلقا من جميع قيد،
بل قيدتة فالوقت بان يصبح يف طهر لم يمسس زوجتة فيه،
فلا يصبح الطلاق مشروعا حسب السنه فو قت حيضه الزوجة،
او فالطهر الذي اتصل فيها به الاتصال الخاص.

وقيدتة بتوافر النيه و العزم كما قال ابن عباس (انما الطلاق عن و طر) و كما قال تعالى ” و ان عزموا الطلاق” (البقرة:227) ،

فلا طلاق فاغلاق (غضب شديد او اكراه)،
ولا طلاق لقاصد الحلف بالطلاق،
لان الحلق بغير الله مردود على صاحبه.

وقيدتة بوجود الحاجة الشديده اليه،
وكان من التوجيهات النبويه “ابغض الحلال الى الله الطلاق” رواة ابو داود.

وجعلت الطلاق من غير ريبه و لا حاجة داعيه مكروها او محرما،
لانة ضرر بنفسة و زوجتة و اعدام للمصلحه الحاصله بينهما من غير حاجة اليه.

ولم تترك الشريعه الرجل بعد الطلاق دون غرم يؤودة و يثقل كاهله،
ويخوفة عاقبه عمله،
فهنالك دفع الصداق المتاخر،
والنفقه الواجبة فالعدة،
واجره رضاع الاولاد،
ونفقتهم حتي يكبروا،
وهنالك متعه الطلاق المندوبه عند الاكثرين،
والواجبة عند بعض الائمه من الصحابه و التابعين.

ولم يحدد القران هذي المتعة،
بل جعلها متاعا (بالمعروف).
والمعروف هنا ما تعرفة الفطره السليمة،
ويقرة العرف الناضج،
يرضاة اهل العلم و الدين،
وهو يختلف باختلاف الزمن و البيئة،
وحال الزوج.

واذا كانت شريعه الاسلام ربما جعلت للرجل حق انهاء الحياة الزوجية المنكوده بالطلاق،
مع القيود التي ذكرناها،
فهل فرضت على المرأة ان ترضي بوضعها فبيت زوجها ابد الدهر،
مهما يكن قاسيا غشوما ظلوما،
ومهما انطوي قلبها على الكرة له و الضيق به،
والسخط عليه؟

اظن ان شريعه جعلت للمرأة حقا ثابتا فتزويج نفسها،
وقال قرانها فشان النساء “فلا جناح عليكم فيما فعلن فانفسهن بالمعروف” (البقرة:234) ،

ولم تحل لاب او جد،
مهما حصف راية و حنا قلبة ان يخط لابنتة مصيرها بغير اختيارها و ابداء رايها،
حتي البكر العذراء الحييه لابد ان تستاذن،
وان تعبر عن اذنها و لو بالصمت،
اظن ان شريعه ذلك سبيلها فبدء الحياة الزوجية،
كيف يتصور ان تفرض بقاء امرأة مع رجل لا تحبه،
بل لا تطيقة بغضا؟

كلا،
لقد جعلت الشريعه الاسلاميه للزوجه الكارهه مخرجا من الحياة مع زوج تنفر منه،
وتناي بجانبها عنه،
فاذا كانت الكراهيه من قبلها،
وكانت هي الراغبه و حدها فالفراق،
وزوجها محب لها،
حريص عليها،
غير راغب ففراقها،
كان مخرجها ما عرف فلسان الفقهاء باسم (الخلع).

غير ان الشريعة،
كما امرت الرجل ان يصبر و يحتمل و يضغط على عاطفته،
ولا يلجا الى ابغض الحلال الا عند الحاح الحاجة،
حذرت المرأة هي الثانية من التسرع فطلب الطلاق او الخلع.

وفى الحديث ” ايما امرأة سالت زوجها الطلاق من غير ما باس فحرام عليها رائحه الجنة” رواة ابو داود “المختلعات و المنتزعات هن المنافقات” رواة احمد.
والحديث يعني طالبات الخلع من غير ما باس كما فالحديث السابق،
اما الكارهات النافرات اللاتى يخفن ان تدفعهن الكراهيه الى اهمال حدود الله فالحياة الزوجية،
فلهن ان يشترين حريتهن برد ما بذل الرجال لهن من مهر او هدية.

قال الامام ابن قدامة ف(المغني): ” ان المرأة اذا كرهت زوجها لخلقة او خلقة او دينة او كبره،
او ضعفه،
او نحو ذلك،
وخشيت الا تؤدى حق الله فطاعته،
جاز لها ان تخالعة بعوض تفتدى فيه نفسها منه،
لقول الله تعالى ” فان خفتم الا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به”   (البقرة:229) .

وفى حديث رواة البخارى قال “جاءت امرأة ثابت بن قيس الى النبى صلى الله عليه و سلم فقالت يا رسول الله: ما انقم عليه فخلق و لا دين،
الا انني اكرة الكفر فالاسلام – تقصد كفر العشير – فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : “اتردين عليه حديقته؟
فقالت نعم،
فردتها عليه،
وامرة ففارقها.
وفى رواية،
فقال له :”اقبل الحديقه و طلقها تطليقة”.
اذا ثبت هذا،
فان ذلك يسمي خلعا لان المرأة تنخلع من لباس زوجها.
ويسمي “افتداء” لانها تفتدى نفسها بمال تبذله.
قال تعالى “فلا جناح عليها فيما افتدت به” “المغنى 7/51 و 52”.

ومن عجب ان الاسلام ضيق على الرجال فايقاع الطلاق،
وحددة بجمله حدود و ربطة بمجموعة من القيود فو قتة و كيفيتة و عدده،
تضييقا لدائرته،
ولكنة اوسع للمرأة فالخلع،
فالطلاق خلال الحيض و الطهر الذي مسها فبدعه او باطل،
ولكن الخلع فهذه الحالة كما قال ابن قدامه لا باس فيه فالحيض و الطهر الذي اصابها فيه،
لان المنع من الحيض من اجل الضرر الذي يلحقها بطول العدة،
والخلع لازاله الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة،
والمقام مع من تكرهة و تبغضه،
وذلك اعظم من ضرر طول العدة،
فجاز دفع اعلاهما بادناهما.

وعلي ذلك فاذا ساءت العشره بين الزوجين و كانت المرأة هي النافره الكارهة،
وابي زوجها ان يطلقها،
فلها ان تعرض عليه الخلع،
وترد عليه ما اخذتة منه،
ولا ينبغى ان يزداد،
فان قبل فقد حلت العقده و يغنى الله كلا من سعته.

وبعض الفقهاء يشترطون رفع هذا الى الحاكم،
وبعضهم لا يشترطون،
اما اذا رفض الزوج،
واصر على مضايقتها و اكراهها على الحياة فكنفه،
فللقاضى المسلم ان ينظر فالامر،
ويستوثق من حقيقة عاطفتها،
وصدق كراهيتها،
ثم يجبر الزوج على قبول العوض،
ويحكم بينهما (سواء اعتبر ذلك التفريق فسخا ام طلاقا بائنا على اختلاف المذاهب).

هذا هو راى عدد من فقهاء السلف،
وان لم تاخذ فيه المذاهب الاربعة.

ويؤيد ذلك المذهب ما حكم فيه النبى صلى الله عليه و سلم فقضية امرأة ثابت بن قيس بن شماس،
وهو من خيار الصحابه و امر النبى صلى الله عليه و سلم له ان يقبل منها الحديقه و يفارقها.

غير انه لا يحل للرجل ان يضار المرأة و يضيق عليها لتفتدى نفسها منه،
ما دام هو الذي يكرهها،
ويريد استبدال غيرها فيها فهذا حرام قطعا،
قال تعالى: “وان اردتم استبدال زوج مكان زوج و اتيتم احداهن قنطارا فلا تاخذوا منه شيئا ۚ اتاخذونة بهتانا و اثما مبينا” (النساء:20)

اذا رفضت المرأة ان تفدى نفسها من الزوج الذي لا تطيقة بغضا،
واصرت على ان يفارقها دون تضحيه منها،
فهل يلام الرجل اذا دعاها باسم القانون و سلطان الشرع الى بيت =الزوجية او بيت =الطاعة؟

ان جميع حق يقابلة و اجب،
وكل و اجب يقابلة حق،
وقد اعطي الاسلام الرجل حق الطلاق بازاء ما كلفة من و اجبات المهر و النفقه قبل الطلاق،
وتبعات بالنفقه و المتعه بعد الطلاق فضلا عن الاسباب الفطريه التي تجعل الرجل ابصر بالعواقب و اكثر حكمه و اناة.

وليس من العداله ان تعطي المرأة حق التخلى عن الزوج و هدم الحياة الزوجية و التاليان على بيتها من القواعد،
دون ان تتكلف شيئا يهون على الرجل خطبة ففراقها،
ويسهل عليه مهمه البحث عن غيرها،
وهي فالواقع لا تتكلف شيئا غير ما بذلة الرجل من قبل مهرا قل او كثر و هدايا ثمينه او رخيصة.
هذا اذا هبت ريح البغض من قبل المراة.

اما اذا كان الشقاق من الطرفين،
وكانت الكراهيه متبادله بينهما،
ولم يطلق الرجل فهنالك مخلص احدث للمرأة عن طريق الحكمين،
او المجلس العائلى الذي قال الله فشانة “وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهلة و حكما من اهلها”(النساء:35) ،

وهذا بناء على انهما حاكمان يملكان التفريق و التجميع،
كما هو قول اهل المدينه و ما لك و احمد فاحدي روايتيه،
والشافعى فاحد قوليه.


الزوجة الكارهة هل لها حقوق