افضل مواضيع جميلة بالصور

القدوة الحسنة واثرها في الدعوة الى الله

من المسلم به ان الفرد يميل الى الاقتداء بالاخرين ومحاكاتهم، فيكتسب منهم انواعا مختلفة من السلوك، فالطفل يقتدي بما يراه من سلوك، ويقوم بتقليده بشكل تلقائي فطري، ويتخذ من ابويه ومن يكبره من اخوته قدوة يقتدي بها . بمعنى انه حين يجد الطفل في ابويه القدوة الحسنة، فانه يتشرب مبادئ الخير، ويتطبع على الاخلاق الحميدة، ولذلك يجب ان يتصرف الابوان امام ابنائهما بما يظهر سلوكهما في صورة نقية، وان يبتعدا عن التناقض بين القول والعمل، وان يحرصا على احترام المثل والقيم الاسلامية الفاضلة. والكبير يكون تاثره بعادات المجتمع والوسط الذي يعيش فيه عن طريق الاقتداء والتقليد العفوي، سواء شعر بذلك ام لم يشعر به .
وعليه يمكننا القول، ان الاصل في القدوة هو الاقتداء، والاقتداء هو المحاكاة، وهو شيء فطري في الانسان، حيث ان القدوة ما يقتدي به في جميع افعاله، ويتعزى به في جميع احواله .

والقدوة ذات اهمية واثر كبير في الاعتقاد والسلوك والاخلاق، وقد يكون اثرها هذا ايجابيا او سلبيا، لذلك فالقدوة الحسنة اساس رفيع في تزكية النفوس وتهذيبها، وذلك لان تحلي الداعية بما يدعو اليه الناس من الاعتقاد والسلوك والاخلاق يجعل هذه الدعوة صورة حية ماثلة للعيان، مما يمكن في نفوس اتباعه القناعة التامة بما يقول، وان ما يدعوا اليه امر ممكن تحقيقه وتطبيقه، وهم يرون باعينهم ذلك التطبيق، ويلمسون اثاره الطيبة على الداعي نفسه، فيتاثرون به اعظم التاثر، ويؤمنون به اصدق الايمان، هذا بالاضافة الى انه عندما يجعل نفسه في مواقف الفداء والتضحية اول المضحين، وفي مواقف البذل اول الباذلين، فان ذلك يجعل اتباعه يتبعون هذه المواقف في رضى واطمئنان تامين، فضلا عن تعلقهم به يزداد، ويقينهم بصدقه، وحرصهم عليه .
بناء عليه، يمكن القول ان القدوة الحسنة هي من اهم وابرز وسائل الدعوة الى الله، وجذب الناس الى الاسلام. فالسيرة الطيبة والافعال الحميدة والصفات الحسنة يجعل الداعية قدوة حسنة لكل الناس، لانه يكون بها كصفحات لكتاب مفتوح يقرا الناس فيها معاني الاسلام، فيقبلون عليها وينجذبون اليها، لان لسان الحال ابلغ وافصح من لسان المقال، ومما يدل على اهمية القدوة الحسنة واثرها في تصديق الداعية والايمان بما يدعوا اليه، قول الله تعالى ; لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا ; الاحزاب:21 .

فسيرة الرسول ; كانت على مر العصور عند المسلمين نبراسا يضيء سبيل الحق، ومثالا حيا لهم كيف يطبقون شريعة الله تعالى. فكان   قدوة لاصحابه ولامته من بعده في تبليغ دين الله، والجهاد في سبيله، حيث كان   يواجه الناس بدعوته، ويبلغهم رسالة ربه، ويتعرض في سبيل ذلك لصنوف الاذى والوان السخرية والاستهزاء، فواجه كل ذلك بالصبر الجميل والحلم والواسع، وكان   ايضا قدوة صالحة في البذل والعطاء والجود والكرم، ابتغاء وجه الله تعالى واعلاء دينه، وكذلك كان   في عبادته كما كان في دعوته وجهاده وانفاقه قدوة لاصحابه واسوة لامته .
وهكذا فان القدوة من اهم الوسائل في الدعوة الى الله تعالى، وانها من اقوى الوسائل لاقناع المدعوين بصدق الداعية في دعوته، وتشجيعهم على التمسك بها، والتضحية من اجلها .

لذا، ينبغي للداعية ان يتخذ في سلوكه واعماله كلها قدوة حكيما، واماما نبيلا، ويكون بذلك حكيما في دعوته، موافقا للصواب باذن الله تعالى. بمعنى ان حياة الداعية الى الله ينبغي ان يكون سلوكه تجسيدا حيا لدعوته، بحيث يطبق المبادئ على نفسه تطبيق المؤمن، والواثق بمنهجه، والمطمئن الى غايته، والمستجيب لله تعالى ولرسوله     ، ذلك ان الداعية هو المحرك لدفة منهج الدعوة، وعليه يتوقف نجاح هذا المنهج او فشله، لذا يجب ان يحرص كل داعية ان يكون هاديا وليس مضللا، بان يكون قدوة صالحة ظاهرا وباطنا، وان يعمل بقوله، فلا يكذب فعله قوله، ولا يخالف ظاهره باطنه، بل لا يامر بشيء ما لم يكن هو اول عامل به، ولا ينهى عن شيء مالم يكن هو اول تارك له، لتثمر دعوته ويفيد توجيهه، ففاقد النور لا يضيء الطريق لغيره، ولا يستقيم الظل والعود اعوج .
ولذا، على الداعية ان يحذر من مخالفة افعاله لاقواله، فان النفس مجبولة على عدم الانتفاع بكلام من لا يعمل بعلمه، ولا يوافق فعله قوله، ولهذا قال الله تعالى على لسان شعيب عليه السلام :   وما اريد ان اخالفكم الى ماانهاكم عنه ان اريد الا الاصلاح ما استطعت   . هود:88 .

وفي نهاية هذا المقام نقول، ان اهمية القدوة في الدعوة تكمن في انها تكون انعكاسا صادقا للاخلاص في الايمان يصدقه العمل، وهذا يعطي للقدوة الحسنة اهمية متزايدة في عصرنا الحاضر، لانه وكما نعلم يعيش العالم الاسلامي ازمة اخلاص في القول والعمل، وازمة الدعوة لا تتمثل في عدم وجود او قلة من يبلغون رسالة الاسلام، بقدر ما هي ازمة اخلاص وصدق. وكما نعلم ايضا ان الجهاد ليس هو الذي حول الشعوب الى الاسلام، بل حولهم جملة من اساليب الدعوة، تاتي في مقدمتها وعلى راسها القدوة الحسنة… القدوة الحسنة في القائد المسلم، والقدوة الحسنة في المحارب المسلم، القدوة الحسنة في المسلم عموما . فالقدوة الحسنة في كل ذلك وما هو اكثر منه كانت وراء تحول معظم الشعوب الى الاسلام . فمثلا: ان انتشار الاسلام في جنوب شرق اسيا يعود في مجمله الى اثر هذه الدعوة، الدعوة بالقدوة الحسنة. فهذه البلاد لم تجرد لها جيوش اسلامية، ولم يصلها المد الاسلامي حتى تنتقل التاثيرات الاسلامية باي لون من الوان كان، ولم تكن قريبة اقليميا من العالم الاسلامي حتى تنتقل لها التاثيرات، وانما تاثرت باحدى وسائل الدعوة الاسلامية وهي اسلوب القدوة الحسنة، حيث انتقل الاسلام الى هناك بالقدوة الحسنة، بواسطة التجار العرب المسلمين والدعاة .

 

  • الخاتمة القدوة الحسنة في تبليغ الدعوة
السابق
خلفيات حب مساء الخير
التالي
اجمل فستان روز