الية ابداء الاستشارة القانونية
وتشخيص المشكلات
اولا – تحديد الوقائع :
عندما تتوافر المستشار القانوني وقائع كافية ومنتجة وصحيحة نكون قد حصلنا على المادة الاساسية التي تعتبر حجر الاساس في تكوين الراي القانوني الصحيح فيبدا بالتعامل مع هذه الوقائع ويقوم بتحليلها الى عناصرها ، وتحليل الواقعة يكون بالعودة بها الى عناصرها المختلفة.- ذلك ان الراي القانوني السليم هو الذي يعطى بناء على ثبوت هذه العناصر لا على افتراضات، او وجهات نظر لطالب الاستشارة، كما ان الاستشارة القانونية لا يجوز ان تعتمد على ظروف نفسية واقعه على طالب الاستشارة او من هم حوله.
ثانيا – تحديد المطلوب:
يشترط في ما هو مطلوب ان يكون متعلقا بالوقائع المعروضة مرتبطا بها حتى يمكن الاجابة عليه (ابداء الاستشارة ) ، وغالبا لا يستطيع طالب الاستشارة ، تحديد السؤال فيكون هنا من مهمة المستشار القانوني افتراض السؤال في ضوء الوقائع المنتجة والكافية والصحيحة، اي ان المستشار يفترض نفسه مكان طالب الاستشارة ويطرح على نفسه السؤال الذي كان على طالب الاستشارة طرحه. وغالبا ما ياتى طالب الاستشارة براي قانوني ويطرحه على المستشار القانوني ويسال عما اذا كان هذا الراى صواب ام غير ذلك وفى هذه الحالة لا يتوقف دور المستشار القانوني على الموافقة او الرفض لان الراي القانوني الذي يطرحه طالب الاستشارة غالبا ما يكون هو الراي المحبب اليه والذي يرغب ان يسمع انه الراي الصواب وان لم يكن ذلك . وفى هذه الحالة يتعين على المستشار القانوني مناقشة طالب الاستشارة في الوقائع وتحديدها تحديدا فعليا قبل ان يدلى بدلوه حتى وان استشعر عدم رضاء طالب الاستشارة ، فان المريض دائما يشعر بالارتياح للطبيب اذا ما كان العلاج بالعقاقير لا بالحقن او الجراحة.
ثالثا – تحديد فرع القانوني :
ان مسالة تحديد فرع القانون للوقائع سواء اكان عاما ام خاصا تحتاج الى دراية ومعرفة من قبل المستشار القانوني، وتتطلب الماما بالنظام القانوني بكامله وفي نفس الوقت مواكبة التشريعات المنظمة لمختلف العلاقات والتعديلات التي تطرا عليها بين الحين والاخر كما تتطلب منه الانتباه الى موقع القانون هل هو قانون عام ام قانون خاص .فان قانون التجارة هو قانون عام اذا نظرنا اليه من ناحية انه ينظم الاعمال التجارية، ولكنه قانون خاص بالنسبة الى لقانون المدني الذي ينظم كافة المعاملات كما ان تحديد فرع القانون الخاص لا يعني بالضرورة الالتفات عن فرع القانون العام في حال وجود الفرعين ، فقد تنتمي الوقائع في جانب منها الى كل من الفرعيين وهذا الامر من الاهمية بمكان عندما ناتي الى مرحلة تطبيق النصوص على الوقائع او افراغ الوقائع في قوالب النصوص .من خلال الخطوات السابقة تبداء مرحلة البحث القانوني وصولا لتقديم الاستشارة القانونية فاذا كانت الواقعة جنائية وتم تحديد فرع القانون الواجب التطبيق ولنقل قانون الجمارك اذا كانت الواقعة تشكل جريمة تهريب جمركي او قانون الضرائب الموحد اذا كانت الواقعة تشكل جريمة تهرب ضريبي او قانون البيئة اذا كانت الواقعة تشكل جريمة تلويث مياه النيل او انبعاث ادخنه ملوثة للبيئة او قانون الملكية الفكرية اذا كانت الواقعة تشكل جريمة تقليد علامة تجارية او قانون الكسب غير المشروع اذ كانت الواقعة تشكل جريمة تربح موظف عام من اعمال وظيفته ثم البحث فيما اذا كانت الواقعة مرتبطة بافرع القانون الاخرى اذا ما كانت الجريمة مرتبطة بجريمة اخرى مثل التزوير او الرشوة او انتحال الصفة او حمل سرح بدون ترخيص او تشكل عدوان او اهدار للمال العام وما اذا كانت مرتبطة بالجزاء التاديبى اذا كان مرتكب الفعل موظف عام.
وفى جميع الاحوال فان الوقائع الجنائية مرتبطة ارتباط وثيق بقانون الاجراءات الجنائية والذي يؤثر بشكل كبير في الاستشارة القانونية المطلوبة من حيث الطريق الذي رسمه القانون لتحريك الدعوى الجنائية عن الفعل سواء الجرائم التي استلزم لتحريكها الاذن- كما في حالة الاذن بتحريك الدعوى الجنائية ضد العاملين ببعض الوزارات والتي استلزم المشرع صدور اذان من الوزير المختص – او الطلب كما هو الحال في تحريك الدعوى الجنائية ضد الافراد لارتكابهم جرائم – او الشكوى في بعض الحالات التي استلزم المشرع صدور شكوى من المجني عليه قبل تحريكها او الجرائم التي رتب القانون مواعيد يسقط الحق فيها بمضي مدد معينة او مدد السقوط و التقادم
اما اذا كانت الواقعة مدنية وتم تحديد فرع القانون الواجب التطبيق
مثل لذلك القانون التجاري او قانون الايجارات او قانون نزع الملكية او قانون العاملين المدنيين بالدولة او قانون التامينات الاجتماعية او قانون التحكيم او خلافه فانها جميعا مرتبطة ارتباط وثيق باحكام القانون المدني وكذلك ارتباط وثيق باحكام قانون المرافعات المدنية الذي ينظم المواعيد ومدد التقادم وتعجيل الدعوى
رابعا – تحديد النص الواجب التطبيق:
بعد تحديد الوقائع وفرع القانون نصل الى كيفية الوصول الى القاعدة القانونية (النص) التي تطبق على الواقعة والذي هو بالضرورة احد فروع القانون العام او الخاص، وحتى يمكن تصوير عملية الرجوع الى القواعد القانونية لتحديد القاعدة القانونية (النص) الذي يحكم المسالة موضوع طلب الراي القانوني.
واذا حصلنا على القوانين ذات العلاقة بموضوع طلب الاستشارة القانونية فاننا نكون قد وضعنا حجر الاساس الذي منه نصل الى النص (القاعدة التي تحكم الموضوع) نبدا بعدها بفحص هذه النصوص باحثين عن الخصوصية المطلوب الراي فيها مراعين مبدا الخاص والعام من جهة والنص السابق واللاحق من حيث تاريخ السريان واذا توصلنا الى تحديد النص (القاعدة القانونية ذات العلاقة بالمسالة المطروحة اعمالا للقواعد السابقة)
يجب بعد ذلك فحص تلك المواد فحصا دقيقا من نواحي عدة اهمها:
- مدى سريان النص ( قضى بعدم دستوريته ام لا واذ كان ذلك هل فهل قضى برفض الطعن ام قبل الطعن واصبح النص هو والعدم سواء .
- هل اجري على النص تعديل بقانون ام النص لم يدخل المشرع عليه اية تعديلات . فاذا ادخل المشرع على النص تعديل يكون هذا التعديل هو الواجب التطبيق.
خامسا – تحليل النص القانوني:
ان مهمة المستشار القانوني في التعامل مع النص هي تماما كمهمة القاضي في التعامل مع النص حيث يحاول المستشار فهم النص وتفسيره ليخرج بعد تطبيق الوقائع على النص براي قانوني. ويقوم القاضي بفهم النص وتفسيره وليطبقه على وقائع الدعوى المعروضة امامه وهو بذلك انما يحكم في الدعوى بناء على ما يراه).
واذا كان من المتعين على القاضي ان يقوم بحل ما يعرض عليه من منازعات فانه يلجا الى طرق التفسير المختلفة يستعين بها في الوصول الى حكم النصوص الموجودة واذا لم يتمكن عن طريق النصوص الموجودة من الوصول الى حل للنزاع فانه يكون امام حالة غير منصوص عليها وتبعا لذلك يلجا الى حلها بالاستناد الى مصادر القانون الاخرى وكذلك هو المستشار القانوني الذي يتعين عليه ان يعطي رايا في المسالة المعروضة عليه ان يقوم بما يقوم به القاضي على الوجه المتقدم.
وبما ان اللغة هي وسيلة التعبير عن الارادة، وطالما ان ارادة المشرع تظهر من خلال مفردات اللغة وتعابيرها
، فان اول ما يجب ان يتبادر الى الذهن عن محاولة فهم النص وتفسيره هو فهم المعنى اللغوي ثم الاصطلاحي لالفاظ النص وعباراته اي المعنى الذي تؤديه مباشرة الفاظ اللغة وتعابيرها سواء كانت هذه المعاني حقيقية ام مجازية.
وقد تكون الفاظ النص وتعابيره ذات دلالة واضحة ومباشرة على المعنى لا تحتمل اي لبس فتكون بصدد نص بسيط لا يحتاج الى الجهد في الفهم او التفسير.
وقد يكون النص غير واضح الدلالة على المعنى بصورة مباشرة فهنا لا بد من بذل الجهد لفهم معنى النص من دلالاته وعدم الوقوف عند المعنى الحرفي للالفاظ والتعابير التي اذا وقفنا عندها ادت الى معنى متناف مع العقل او المنطق، ودلالة النص هنا هي ما يدل عليه النص لكنه لم يفصح به.
وقد يكون النص واضح الدلالة بشان حالة او حالات معينة ولكنه لا يشمل حالة او حالات اخرى هي من باب اولى يمكن ان تستوعب فيه عن طريق القياس لا لاتحاد العلة كما في القياس العادي ولكن لان العلة في هذه الحالة او الحالات الاخيرة هي اوضح وبالتالي اوجب اعمالا للنص من الحالات التي يشملها النص.
وتفسير النص القانوني للخروج براي قانوني هو غير الاجتهاد للوصول الى هذا الراي ذلك ان الاجتهاد يكون حيث لا يوجد نص، الا انه كما يسفر تفسير النص عن راي قانوني فان الاجتهاد ايضا يسفر عن راي قانوني.
وانه يجب على المستشار القانوني في سبيل تحليل النص القانوني الرجوع الى ما استقرت عليه محكمة النقض من مبادى قانونية وان تلك المبادئ قد فسرت الكثير من الفاظ وعبارات نصوص القانون ووضعت لها تعاريف جامعه مانعه هي ملزمة للقاضي وهى بالتالي ملزم للمستشار القانوني وهو يقدم استشارته القانونية
سادسا – تطبيق النص على الوقائع :
ان القواعد القانونية اشبه ما تكون بالقوالب وان الراي القانوني هو افراغ للوقائع في قوالب القواعد القانونية.
وعليه يمكن ان نعتمد عند تطبيق القواعد القانونية على الوقائع مبادئ رياضية الى حد ما الا ان هذا لا يعني انه يجب ان نحدد سلفا ما اذا كانت هذه القاعدة او تلك هي الواجبة التطبيق.
بل ان ما نقول به يستلزم على الاقل ان نرشح قاعدة قانونية باعتبارها هي التي تنطبق على الوقائع وبعدها ياتي دورنا في اعمال قواعد الرياضة لنصل الى نتيجة، هل تنطبق هذه القاعدة مثلا على المسالة ام لا تنطبق ؟؟
سابعا – صياغة الراي القانوني:
اذا خلص المستشار القانوني من تطبيق النصوص على الوقائع عن طريق افراغ الوقائع في قوالب النصوص كان عليه ان يبلغ رايه القانوني الى طالب الاستشارة.
وابلاغ الراي القانوني الى من طلبه وان كان جائزا من الناحية الشفوية الا انه من المستحسن ان يكون كتابة، فالكتابة هي من سمات الراي القانوني حتى يكون موثقا لدى طالب الاستشارة ، فيمكن الاعتماد عليه سواء في اتخاذ القرار او في الاعداد لاتخاذ القرار او لتقدير موقف او لتقدير امر او لترتيب مسؤولية نتيجة اعطاء الاستشارة القانونية.
ويجب ان تتضمن الاستشارة الخطية المحتويات الاتية:
1- الاشارة الى تاريخ طلب الاستشارة ومقدمها .
2- ملخصا للوقائع التي وردت والتي طلب الراي القانوني على اساسها.
3- السؤال الذي انتهى به طلب الراي القانوني.
4- النصوص التي تم الرجوع اليها في ابداء الراي القانوني.
5- الحيثيات التي تم الاستناد اليها في ابداء الراي القانوني.
6- خلاصة الراي القانوني باعتباره جوابا على السؤال او الطلب.
ويجب ان تكون صياغة الراي القانوني بعبارات بسيطة تتجنب الاصطلاحات القانونية المعقدة لان من يتلقى الراي القانوني ليس بالضرورة ان يكون ملما او عارفا بالقانون.
ويجب ان يتيح الراي القانوني لطالب الراي بدائل ما امكن اذا كانت الوقائع تحتمل ذلك والا فان الجزم والقطع هو ما يريده طالب الراي ويرتاح اليه.
ويجب ان يبقى الراي القانوني عن وضع قواعد عامة لكل الحالات بل يقتصر على الحالة موضوع البحث كما ان من سمات الراي القانوني السليم ان يتجه مباشرة الى الموضوع دون مواربة فلا يكون الراي القانوني متاهة يدخل فيها طالب الراي ويخرج منها بدون اية نتيجة.
واذا كان الراي القانوني يستند الى الاجتهادات في تفسير النصوص فيجب ان يشار الى ذلك لان هذا النوع من الراي هو يعتمد على راي اخر وقد يتغير الراي في الاجتهاد ما بين وقت اعطاء الراي القانوني من قبل المستشار وفصل القضاء في نزاع نشا في الخصوصية التي كان طلب الراي فيها .
مع الاشارة ايضا الى ان عبارات «لا نرى ما يمنع قانونا، او لا مانع لدينا من… الامر مفوض ………» هي عبارات عامة لا يجوز ان تكون اساسا لراي قانوني ولا ان تتضمنها صيغة الراي القانوني.
اخيرا
هل يسال المستشار القانوني عن خطا ارتكبه في اعطائه الراي القانوني ونتج عن ذلك ضرر بطالب الاستشارة ؟؟
انه من المؤكد ان المستشار القانوني لا يسال الا عن موجب بذل عناية واهتمام الرجل الحريص اي يلتزم بواجب الحيطة والتبصر والحذر والصدق والاخلاص وفقا لقانون مهنة المحاماة اذا وجب المستشار هو بذل عناية وليس تحقيق غاية.
وختاما:
اذا كان التقاضي محاطا بحدود الدولة مرتبطا سيادتها فان محيط الاستشارات القانونية اصبح بلا حدود حيث اصبحت شركات المحاماة تؤدي خدمات قانونية استشارية على مستوى دولي لافراد وشركات من دول متعددة وقد ان الاوان ليكون فرع ابداء الاستشارات القانونية فرعا من فروع القانون ذات الاهمية القصوى ويجب التكاتف من اجل وضع تعريف عربي ودولي للمستشار القانوني
- الافعال المستعملة في ابداء الرأي
- ابداء الرأي في موقف قبل الطلب
- بذل عناية وليس تحقيق نتيجة بالإنجليزي
- جمل ابداء الراي
- قاعدة بذل عناية وليس تحقيق نتيجة بالإنجليزي