انت لي وحدي – ماتيلدا سايمز- رواية انت لي وحدي – ماتيلدا سايمز كاملة
توفي عمي و زوجته في حادث مؤسف قبل شهرين ، و تركا طفلتهما الوحيدة ( رغد ) و التي تقترب من الثالثة من عمرها … لتعيش يتيمة مدى الحياة .
في البداية ، بقيت الصغيرة في بيت خالتها لترعاها ، و لكن ، و نظرا لظروف خالتها العائلية ، اتفق الجميع على ان يضمها والدي الينا و يتولى رعايتها
من الان فصاعدا .
انا و اخوتي لا نزال صغارا ، و لانني اكبرهم سنا فقد تحولت فجاة الى
( رجل راشد و مسؤول ) بعد حضور رغد الى بيتنا .
كنا ننتظر عودة ابي بالصغيرة ، (سامر) و ( دانة ) كانا في قمة السعادة لان عضوا جديدا سينضم اليهما و يشاركهما اللعب !
اما والدتي فكانت متوترة و قلقة
انا لم يعن لي الامر الكثير
او هكذا كنت اظن !
وصل ابي اخيرا ..
قبل ان يدخل الغرفة حيث كنا نجلس وصلنا صوت صراخ رغد !
سامر و دانة قفزا فرحا و ذهبا نحو الباب راكضين
” بابا بابا … اخيرا ! ”
قالت دانه و هي تقفز نحو ابي ، و الذي كان يحمل رغد على ذراعه و يحاول تهدئتها لكن رغد عندما راتنا ازدادت صرخاتها و دوت المنزل بصوتها الحاد !
تنهدت و قلت في نفسي :
” اوه ! ها قد بدانا ! ”
اخذت امي الصغيرة و جعلت تداعبها و تقدم اليها الحلوى علها تسكت !
في الواقع ، لقد قضينا وقتا عصيبا و مزعجا مع هذه الصغيرة ذلك اليوم .
” اين ستنام الطفلة ؟ ”
سال والدي والدتي مساء ذلك اليوم .
” مع سامر و دانه في غرفتهما ! ”
دانه قفزت فرحا لهذا الامر ، الا ان ابي قال :
” لا يمكن يا ام وليد ! دعينا نبقيها معنا بضع ليال الى ان تعتاد اجواء المنزل، اخشى ان تستيقظ ليلا و تفزع و نحن بعيدان عنها ! ”
و يبدو ان امي استساغت الفكرة ، فقالت :
” معك حق ، اذن دعنا ننقل السرير الى غرفتنا ”
ثم التفتت الي :
” وليد ،انقل سرير رغد الى غرفتنا ”
اعترض والدي :
” سانقله انا ، انه ثقيل ! ”
قالت امي :
” لكن وليد رجل قوي ! انه من وضعه في غرفة الصغيرين على اية حال ! ”
(( رجل قوي )) هو وصف يعجبني كثيرا !
امي اصبحت تعتبرني رجلا و انا في الحادية عشرة من عمري ! هذا رائع !
قمت بكل زهو و ذهبت الى غرفة شقيقي و نقلت السرير الصغير الى غرفة والدي .
عندما عدت الى حيث كان البقية يجلسون ، وجدت الصغيرة نائمة بسلام !
لابد انها تعبت كثيرا بعد ساعات الصراخ و البكاء التي عاشتها هذا اليوم !
انا ايضا احسست بالتعب، و لذلك اويت الى فراشي باكرا .
~~~~~~~~~
نهضت في ساعة مبكرة من اليوم التالي على صوت صراخ اخترق جدران الغرفة من حدته !
انها رغد المزعجة
خرجت من غرفتي متذمرا ، و ذهبت الى المطبخ المنبعثة منه صرخات ابنة عمي هذه
” امي ! اسكتي هذه المخلوقة فانا اريد ان انام ! ”
تاوهت امي و قالت بضيق :
” او تظنني لا احاول ذلك ! انها فتاة صعبة جدا ! لم تدعنا ننام غير ساعتين او ثلاث والدك ذهب للعمل دون نوم ! ”
كانت رغد تصرخ و تصرخ بلا توقف .
حاولت ان اداعبها قليلا و اسالها :
” ماذا تريدين يا صغيرتي ؟ ”
لم تجب !
حاولت ان احملها و اهزها … فهاجمتني باظافرها الحادة !
و اخيرا احضرت اليها بعض العاب دانه فرمتني بها !
انها طفلة مشاكسة ، هل ستظل في بيتنا دائما ؟؟؟ ليتهم يعيدوها من حيث جاءت !
في وقت لاحق ، كان والداي يتناقشان بشانها .
” ان استمرت بهذه الحال يا ابا وليد فسوف تمرض ! ماذا يمكنني ان افعل من اجلها ؟ ”
” صبرا يا ام وليد ، حتى تالف العيش بيننا ”
قاطعتهما قائلا :
” و لماذا لا تعيدها الى خالتها لترعاها ؟ ربما هي تفضل ذلك ! ”
ازعجت جملتي هذه والدي فقال :
” كلا يا وليد ، انها ابنة اخي و انا المسؤول عن رعايتها من الان فصاعدا . مسالة وقت و تعتاد على بيتنا ”
و يبدو ان هذا الوقت لن ينتهي …
مرت عدة ايام و الصغيرة على هذه الحال ، و ان تحسنت بعض الشيء و صارت تلعب مع دانه و سامر بمرح نوعا ما
كانت امي غاية في الصبر معها ، كنت اراقبها و هي تعتني بها ، تطعمها ، تنظفها ، تلبسها ملابسها ، تسرح شعرها الخفيف الناعم !
مع الايام ، تقبلت الصغيرة عائلتها الجديدة ، و لم تعد تستيقظ بصراخ و كان على وليد ( الرجل القوي ) ان ينقل سرير هذه المخلوقة الى غرفة الطفلين !
بعد ان نامت بهدوء ، حملتها امي الى سريرها في موضعه الجديد . كان اخواي قد خلدا للنوم منذ ساعة او يزيد .
اودعت الطفلة سريرها بهدوء .
تركت والدتي الباب مفتوحا حتى يصلها صوت رغد فيما لو نهضت و بدات بالصراخ
قلت :
” لا داعي يا امي ! فصوت هذه المخلوقة يخترق الجدران ! ابقه مغلقا ! ”
ابتسمت والدتي براحة ، و قبلتني و قالت :
” هيا الى فراشك يا وليد البطل ! تصبح على خير ”
كم احب سماع المدح الجميل من امي !
انني اصبحت بطلا في نظرها ! هذا شيء رائع … رائع جدا !
و نمت بسرعة قرير العين مرتاح البال .
الشيء الذي انهضني و اقض مضجعي كان صوتا تعودت سماعه مؤخرا
انه بكاء رغد !
حاولت تجاهله لكن دون جدوى !
يا لهذه ال رغد … ! متى تسكتيها يا امي !
طال الامر ، لم اعد احتمل ، خرجت من غرفتي غاضبا و في نيتي ان اتذمر بشدة لدى والدتي ، الا انني لاحظت ان الصوت منبعث من غرفة شقيقي
نعم ، فانا البارحة نقلت سريرها الى هناك !
ذهبت الى غرفة شقيقي ، و كان الباب شبه مغلق ، فوجدت الطفلة في سريرها تبكي دون ان ينتبه لها احد منهما !
لم تكن والدتي موجودة معها .
اقتربت منها و اخذتها من فوق السرير ، و حملتها على كتفي و بدات اطبطب عليها و احاول تهدئتها .
و لانها استمرت في البكاء ، خرجت بها من الغرفة و تجولت بها قليلا في المنزل
لم يبد انها عازمة على السكوت !
يجب ان اوقظ امي حتى تتصرف …
كنت في طريقي الى غرفة امي لايقاظها ، و لكن …
توقفت في منتصف الطريق ، و عدت ادراجي … و دخلت غرفتي و اغلقت الباب .
والدتي لم تذق للراحة طعما منذ اتت هذه الصغيرة الينا .
و والدي لا ينام كفايته بسببها .
لن افسد عليهما النوم هذه المرة !
جلست على سريري و اخذت اداعب الصغيرة المزعجة و الهيها بطريقة او باخرى حتى تعبت ، و نامت ، بعد جهد طويل !
ادركت انها ستنهض فيما لو حاولت تحريكها ، لذا تركتها نائمة ببساطة على سريري و لا ادري ، كيف نمت بعدها !
هذه المرة استيقظت على صوت امي !
” وليد ! ما الذي حدث ؟ ”
” اه امي ! ”
القيت نظرة من حولي فوجدتني انام الى جانب الصغيرة رغد ، و التي تغط في نوم عميق و هادىء !
” لقد نهضت ليلا و كانت تبكي .. لم اشا ازعاجك لذا احضرتها الى هنا ! ”
ابتسمت والدتي ، اذن فهي راضية عن تصرفي ، و مدت يدها لتحمل رغد فاعترضت :
” ارجوك لا ! اخشى ان تنهض ، نامت بصعوبة ! ”
و نهضت عن سريري و انا اتثاءب بكسل .
” ادي الصلاة ثم تابع نومك في غرفة الضيوف . سابقى معها ”
القيت نظرة على الصغيرة قبل نهوضي !
يا للهدوء العجيب الذي يحيط بها الان!
بعد ساعات ، و عندما عدت الى غرفتي ، وجدت دانه تجلس على سريري بمفردها . ما ان راتني حتى بادرت بقول :
” انا ايضا سانام هنا الليلة ! ”
اصبح سريري الخاص حضانة اطفال !
فدانه ، و البالغة من العمر 5 سنوات ، اقامت الدنيا و اقعدتها من اجل المبيت على سريري الجذاب هذه الليلة ، مثل رغد !
ليس هذا الامر فقط ، بل ابتدات سلسلة لا نهائية من ( مثل رغد ) …
ففي كل شيء ، تود ان تحظى بما حظيت به رغد . و كلما حملت امي رغد على كتفيها لسبب او لاخر ، مدت دانه ذراعيها لامها مطالبة بحملها (مثل رغد ) .
اظن ان هذا المصطلح يسمى ( الغيرة ) !
يا لهؤلاء الاطفال !
كم هي عقولهم صغيرة و تافهة !
~~~~~~
كانت المرة الاولي و لكنها لم تكن الاخيرة … فبعد ايام ، تكرر نفس الموقف ، و سمعت رغد تبكي فاحضرتها الى غرفتي و اخذت الاعبها .
هذه المرة استجابت لملاعبتي و هدات ، بل و ضحكت !
و كم كانت ضحكتها جميلة ! اسمعها للمرة الاولى !
فرحت بهذا الانجاز العظيم ! فانا جعلت رغد الباكية تضحك اخيرا !
و الان ساجعلها تتعلم مناداتي باسمي !
” ايتها الصغيرة الجميلة ! هل تعرفين ما اسمي ؟ ”
نظرت الي باندهاش و كانها لم تفهم لغتي . انها تستطيع النطق بكلمات مبعثرة ، و لكن ( وليد ) ليس من ضمنها !
” انا وليد ! ”
لازالت تنظر الى باستغراب !
” اسمي وليد ! هيا قولي : وليد ! ”
لم يبد الامر سهلا ! كيف يتعلم الاطفال الاسماء ؟
اشرت الى عدة اشياء ، كالعين و الفم و الانف و غيرها ، كلها اسماء تنطق بها و تعرفها . حتى حين اسالها :
” اين رغد ؟ ”
فانها تشير الى نفسها .
” و الان يا صغيرتي ، اين وليد ؟ ”
اخذت اشير الى نفسي و اكرر :
” وليد ! وليد ! انا وليد !
انت رغد ، و انا وليد !
من انت ؟ ”
” رغد ”
” عظيم ! انت رغد ! انا وليد ! هيا قولي وليد ! قولي انت وليد ! ”
كانت تراقب حركات شفتي و لساني ، انها طفلة نبيهة على ما اظن .
و كنت مصرا جدا على جعلها تنطق باسمي !
” قولي : انت وليد ! وليد …
قولي : وليد … انت وليد ! ”
” انت لي ” !!
كانت هذه هي الكلمة التي نطقت بها رغد !
( انت لي ! )
للحظة ، بقيت اتاملها باستغراب و دهشة و عجب !
فقد بترت اسمي الجميل من الطرفين و حولته الى ( لي ) بدلا من
( وليد ) !
ابتسمت ، و قلت مصححا :
” انت وليد ! ”
” انت لي ”
كررت جملتها ببساطة و براءة !
لم اتمالك نفسي ، وانفجرت ضحكا ….
و لانني ضحكت بشكل غريب فان رغد اخذت تضحك هي الاخرى !
و كلما سمعت ضحكاتها الجميلة ازدادت ضحكاتي !
سالتها مرة اخرى :
” من انا ؟ ”
” انت لي ” !
يا لهذه الصغيرة المضحكة !
حملتها و اخذت اؤرجحها في الهواء بسرور …
منذ ذلك اليوم ، بدات الصغيرة تالفني ، و اصبحت اكبر المسؤولين عن تهدئتها متى ما قررت زعزعة الجدران بصوتها الحاد ….
~~~~~~
انتهت العطلة الصيفية و عدنا للمدارس .
كنت كلما عدت من المدرسة ، استقبلتني الصغيرة رغد استقبالا حارا !
كانت تركض نحوي و تمد ذراعيها نحوي ، طالبة ان احملها و اؤرجحها في الهواء !
كان ذلك يفرحها كثيرا جدا ، و تنطلق ضحكاتها الرائعة لتدغدغ جداران المنزل !
و من الناحية الاخرى ، كانت دانة تطلق صرخات الاعتراض و الغضب ، ثم تهجم على رجلي بسيل من الضربات و اللكمات امرة اياي بان احملها ( مثل رغد ) .
و شيئا فشيا اصبح الوضع لا يطاق ! و بعد ان كانت شديدة الفرح لقدوم الصغيرة الينا اصبحت تلاحقها لتؤذيها بشكل او باخر …
في احد الايام كنت مشغولا بتادية واجباتي المدرسية حين سمعت صوت بكاء رغد الشهير !
لم اعر الامر اهتماما فقد اصبح عاديا و متوقعا كل لحظة .
تابعت عملي و تجاهلت البكاء الذي كان يزداد و يقترب !
انقطع الصوت ، فتوقعت ان تكون امي قد اهتمت بالامر .
لحظات ، وسمعت طرقات خفيفة على باب غرفتي .
” ادخل ! ”
الا ان احدا لم يدخل .
انتظرت قليلا ، ثم نهضت استطلع الامر …
و كم كانت دهشتي حين رايت رغد واقفة خلف الباب !
لقد كانت الدموع تنهمر من عينيها بغزارة ، و وجهها عابس و كئيب ، و بكاؤها مكبوت في صدرها ، تتنهد بالم … و بعض الخدوش الدامية ترتسم عشوائيا على وجهها البريء ، و كدمة محمرة تنتصف جبينها الابيض !
احسست بقبضة مؤلمة في قلبي ….
” رغد ! ما الذي حدث ؟؟؟ ”
انفجرت الصغيرة ببكاء قوي ، كانت تحبسه في صدرها
مددت يدي و رفعتها الى حضني و جعلت اطبطب عليها و احاول تهدئتها .
هذه المرة كانت تبكي من الالم .
” اهي دانة ؟ هل هي من هاجمك ؟ ”
لابد انها دانة الشقية !
شعرت بالغضب ، و توجهت الى حيث دانة ، و رغد فوق ذراعي .
كانت دانة في غرفتها تجلس بين مجموعة من الالعاب .
عندما راتني وقفت ، و لم تات الي طالبة حملها ( مثل رغد ) كالعادة ، بل ظلت واقفة تنظر الى الغضب المشتعل على وجهي .
” دانة اانت من ضرب رغد الصغيرة ؟ ”
لم تجب ، فعاودت السؤال بصوت اعلى :
” الست من ضرب رغد ؟ ايتها الشقية ؟ ”
” انها تاخذ العابي ! لا اريدها ان تلمس العابي ”
اقتربت من دانة و امسكت بيدها و ضربتها ضربة خفيفة على راحتها و انا اقول :
” اياك ان تكرري ذلك ايها الشقية و الا القيت بالعابك من النافذة ”
لم تكن الضربة مؤلمة الا ان دانة بدات بالبكاء !
اما رغد فقد توقفت عنه ، بينما ظلت اخر دمعتين معلقتين على خديها المشوهين بالخدوش .
نظرت اليها و مسحت دمعتيها .
ما كان من الصغيرة الا ان طبعت قبلة مليئة باللعاب على خدي امتنانا !
ابتسمت ، لقد كانت المرة الاولى التي تقبلني فيها هذه المخلوقة ! الا انها لم تكن الاخيرة ….
~~~~~~
توالت الايام و نحن على نفس هذه الحال …
الا ان رغد مع مرور الوقت اصبحت غاية في المرح …
اصبحت بهجة تملا المنزل … و تعلق الجميع بها و احبوها كثيرا …
انها طفلة يتمنى اي شخص ان تعيش في منزله …
و لان الغيرة كبرت بين رغد و دانة مع كبرهما ، فانه كان لابد من فصل الفتاتين في غرفتين بعيدا عن بعضهما ، و كان علي نقل ذلك السرير و للمرة الثالثة الى مكان اخر …
و هذا المكان كان غرفة وليد !
ظلت رغد تنام في غرفتي لحين اشعار اخر .
في الواقع لم يزعجني الامر ، فهي لم تعد تنهض مفزوعة و تصرخ في الليل الا نادرا …
كنت اقرا احدى المجلات و انا مضطجع على سريري ، و كانت الساعة العاشرة ليلا و كانت رغد تغط في نوم هادئ
و يبدو انها رات حلما مزعجا لانها نهضت فجاة و اخذت تبكي بفزع …
اسرعت اليها و انتشلتها من على السرير و اخذت اهدئ من روعها
كان بكاؤها غريبا … و حزينا …
” اهدئي يا صغيرتي … هيا عودي للنوم ! ”
و بين اناتها و بكاؤها قالت :
” ماما ”
نظرت الى الصغيرة و شعرت بالحزن …
ربما تكون قد رات والدتها في الحلم
” اتريدين ال ماما ايتها الصغيرة ؟ ”
” ماما ”
ضممتها الى صدري بعطف ، فهذه اليتيمة فقدت اغلى من في الكون قبل ان تفهم معناهما …
جعلت اطبطب عليها ، و اهزها في حجري و اغني لها الى انا استسلمت للنوم .
تاملت وجهها البريء الجميل … و شعرت بالاسى من اجلها .
تمنيت لحظتها لو كان باستطاعتي ان اتحول الى امها او ابيها لاعوضها عما فقدت .
صممت في قرارة نفسي ان ارعى هذه اليتيمة و افعل كل ما يمكن من اجلها …
و قد فعلت الكثير …
و الايام …. اثبتت ذلك …
~~~~~~
ذهبنا ذات يوم الى الشاطئ في رحلة ممتعة ، و لكوننا انا و ابي و سامر الصغير ( 8 سنوات ) نجيد السباحة ، فقد قضينا معظم الوقت وسط الماء .
اما والدتي ، فقد لاقت وقتا شاقا و مزعجا مع دانة و رغد !
كانت رغد تلهو و تلعب بالرمال المبللة ببراءة ، و تلوح باتجاهي انا و سامر ، اما دانة فكانت لا تفتا تضايقها ، تضربها او ترميها بالرمال !
” وليد ، تعال الى هنا ”
نادتني والدتي ، فيما كنت اسبح بمرح .
” نعم امي ؟ ماذا تريدين ؟ ”
و اقتربت منها شيئا فشيئا . قالت :
” خذ رغد لبعض الوقت ! ”
” ماذا ؟؟؟ لا امي ! ”
لم اكن اريد ان اقطع متعتي في السباحة من اجل رعاية هذه المخلوقة ! اعترضت :
” اريد ان اسبح ! ”
” هيا يا وليد ! لبعض الوقت ! لارتاح قليلا ”
اذعنت للامر كارها … و توجهت للصغيرة و هي تعبث بالرمال ، و ناديتها :
” هيا يا رغد ! تعالي الي ! ”
ابتهجت كثيرا و اسرعت نحوي و عانقت رجي المبللة بذراعيها العالقة بهما حبيبات الرمل الرطب ، و بكل سرور !
جلست الى جانبها و اخذت احفر حفرة معها . كانت تبدو غاية في السعادة اما انا فكنت متضايقا لحرماني من السباحة !
اقتربت اكثر من الساحل ، و رغد الى جانبي ، و جعلتها تجلس عند طرفه و تبلل نفسها بمياه البحر المالحة الباردة
رغد تكاد تطير من السعادة ، تلعب هنا و هناك ، ربما تكون المرة الاولى بحياتها التي تقابل فيها البحر !
اثناء لعبها تعثرت و وقعت في الماء على وجهها …
” اوه كلا ! ”
اسرعت اليها و انتشلتها من الماء ، كانت قد شربت كميه منه ، و بدات بالسعال و البكاء معا .
غضبت مني والدتي لانني لم اراقبها جيدا
” وليد كيف تركتها تغرق ؟ ”
” امي ! انها لم تغرق ، وقعت لثوان لا اكثر ”
” ماذا لو حدث شيء لا سمح الله ؟ يجب ان تنتبه اكثر . ابتعد عن الساحل . ”
غضبت ، فانا جئت الى هنا كي استمتع بالسباحة ، لا لكي اراقب الاطفال !
” امي اهتمي بها و انا ساعود للبحر ”
و حملتها الى امي و وضعتها في حجرها ، و استدرت موليا .
في نفس اللحظة صرخت دانة معترضة و دفعت برغد جانبا ، قاصدة ابعادها عن امي
رغد ، و التي لم تكد تتوقف عن البكاء عاودته من جديد .
” ارايت ؟ ”
استدرت الى امي ، فوجدت الطفلة البكاءة تمد يديها الي …
كانها تستنجد بي و تطلب مني اخذها بعيدا .
عدت فحملتها على ذراعي فتوقفت عن البكاء ، و اطلقت ضحكة جميلة !
يا لخبث هؤلاء الاطفال !
نظرت الى امي ، فابتسمت هي الاخرى و قالت :
” انها تحبك انت يا وليد ! ”
قبيل عودتنا من هذه الرحلة ، اخذت امي تنظف الاغراض ، و الاطفال .
” وليد ، نظف اطراف الصغيرة و البسها هذه الملابس ”
تفاجات من هذا الطلب ، فانا لم اعتد على تنظيف الاطفال او الباسهم الملابس !
ربما اكون قد سمعت شيئا خطا !
” ماذا امي ؟؟؟ ”
” هيا يا وليد ، نظف الرمال عنها و البسها هذه ، فيما اهتم انا بدانة و بقية الاشياء ”
كنت اظن انني اصبحت رجلا ، في نظر امي على الاقل …
و لكن الظاهر انني اصبحت اما !
اما جديدة لرغد !
نعم … لقد كنت اما لهذه المخلوقة …
فانا من كان يطعمها في كثير من الاحيان ، و ينيمها في سريره ، و يغني لها ، و يلعب معها ، و يتحمل صراخها ، و يستبدل لها ملابسها في احيان اخرى !
و في الواقع …
كنت استمتع بهذا الدور الجديد …
و في المساء ، كنت اغني لها و اتعمد ان اجعلها تنام في سريري ، و ابقى اتامل وجهها الملائكي البريء الرائع … و اشعر بسعادة لا توصف !
هكذا ، مرت الايام …
و كبرنا … شيئا فشيئا …
و انا بمثابة الام او المربية الخاصة بالمدللة رغد ، و التي دون ان ادرك … او يدرك احد … اصبحت تعني لي …
اكثر من مجرد مخلوقة مزعجة اقتحمت حياتي منذ الصغر ! ….
- انت لي وحدي روايات غادة
- رواية غادة انت لي وحدي
- رواية أنت لي وحدي مكتوبة كاملة
- رواية انت لي وحدي مكتوبة كاملة
- رواية ماتيلدا سايمز
- رواية انت لي وليد ورغد
- رواية انت لي وحدي كاملة غادة
- رواية انت لي وحدي
- روايات غادة pdf انت لي وحدي
- رغد روايه انت لي