الفصل الاول : طويل,اسمر , خطر
كانت “موللي” على شفير الانهيار وهي تسير على الرصيف المزدحم امام فندق <ماغيللان> باتجاه ساحة “يونيون” وكانت افكارها مشتتة في الف اتجاه و اتجاه.
لم تكن تريد ان تصعد الى الحفلة و لكن عدم ذهابها سيكون جبنا , ويزيد الاقاويل التي وقعت ضحيتها طوال الاشهر الثلاثة الماضية انها حقا لا تريد ان تضيف المزيد الى ذاك النهار!
وقفت سيارة اخرى امام مدخل الفندق الرئيسي .تقدم الحارس ليفتح باب السيارة فرات موللي هارولد ساتين و زوجته و هو احد اصدقاء جاستين و من المتنفذين في شركة <زنتك> التي يعملون جميعا فيها.وكان من سوء حظها ان راياها في اللحظة نفسها التي راتهما فيها. كان الزوجان في طريقهما الى حفلة <زنتك> وهي الحفلة التي يفترض بها ان تصل اليها منذ حوالي 10 دقائق , وسالها هارولد وهو يقف بجانبها :
– مرحبا يا موللي هذا هو المكان اليس كذلك؟
فاجابت وهي تبتسم لزوجته بادب: في الطابق الخامس والعشرين.
سالها : هل نذهب معا؟
فاجابت كاذبة بسهولة غير عادية: انا بانتظار شخص.
– اه ظننتك لوحدك !
جاهدت كيلا لا يبدو العبوس على وجهها. هل اصبح العالم كله يعلم عن ذلك الانفصال الكبير؟ حسنا هذا طبيعي فقد حرصت بريتاني على ذلك. مسكينة موللي! ذلك ان بريتاني لم تكن تقصد ان تقف حائلا بينها و بين جاستين, ولكن عندما وقعا في الغرام ماذا كان بامكانهما ان يفعلا؟ القت هذا السؤال على كل شخص يمكنه ان يسمع , وعادة عندما كانت موللي في مرمى السمع هي ايضا.
و كررت: لا, انا في انتظار شخص . و مضت تبحث بعينيها بين المارة في الشارع المزدحم.
فقال هارولد: سنراك هناك اذن.
بقيت تنظر اليهما بابتسامتها المهذبة الزائفة حتى ابتعدا, فتنهدت ارتياحا. ظهورها في الحفلة ضروري, و تمثيل دور المراة المبتهجة ضروري ايضا.فقد كانت الفكرة من تصميمها على كل حال و افكارها المبتكرة هي المحور الاساسي في التوقيع على احد العقود المربحة للغاية مع شركة “مشاريع هاماكوموتو” الضخمة.
اليس ذلك ما جعل بريتاني تغضب؟ ذلك ان المراتين كانتا في القسم الفني من “زنتك” وهي شركة رفيعة المستوى و رائدة في تقديم الافكار للصناعيين.و منذ اليوم الاول لموللي في العمل اضمرت لها بريتاني تايلور الاذى لها. بعد سبع سنوات تقريبا كان المفروض ان تشعر موللي ان وضعها اصبح منيعا و لكن اغواء بريتاني لجاستين كان القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقال. لن تستسلم موللي لنظرات الشفقة و تمتمات المواساة لانفصالها عن جاستين.لم تعد الان (الانسة اللطيفة ) كما يطلق عليها…. سوف ترد الصاع صاعين.
ابتدات حفلة الافتتاح منذ عشرة دقائق.الصحفيون و الاعلاميون و المتنفذون كلهم كانوا على قائمة المدعوين . كل شخص مميز سيكون هناك! بما في ذلك جاستين موريس… و بريتاني !
سارت موللي على الرصيف و الافكار تتقاذفها.ربما عليها ان تختفي لمدة اسبوعين ثم تخبرهم انها تعرضت للخطف او ربما يمكنها ان تقول انها وقعت و التوى كاحلها, او ربما بامكانها تبني الفكرة التي عرضتها عليها جارتها شيلي , و هي ان تدعي انها مخطوبة ولكن خطيبها لم يستطع القدوم معها .بامكان هارولد ان يشهد انه راها فعلا على الرصيف بانتظار شخص ما .
كان الامر محزنا… ربما هي المراة الوحيدة في سان فرانسيسكو التي لم تستطع ان تجد مرافقا يصحبها الى احتفال مهني.لكن الرجال الذين تعرفهم الى حد يجعلها تطلب منهم ذلك, يعملون في شركة “زنتك” نفسها.و اخر ما تريده هو ان يعرف اي شخص في الحفلة انها تفكر في ذريعة لتخفف بها الاذى الذي سببته لها بريتاني.
عادة, لم يكن ذهابها وحدها الى حفلة تقيمها الشركة شيئا مهما على الاطلاق,كان ذلك قبل مؤتمر الاسبوع الماضي حين طعنت بريتاني في قدرة موللي على الاحتفاظ بمشروع طويل الامد و كان موللي هي التي تخلت عن جاستين! صرفت موللي باسنانها وهي تفكر في بريتاني و الاخرين و هم حول المائدة ينظرون الى بعضهم البعض.انها تعرف ان ذلك غيرة مهنية ذلك ان افكار بريتاني لم تقبلها الشركة بعكس افكار موللي.
منذ اربعة اشهر كانت موللي قد ابتدات تفكر في حفلة الزفاف حين كان جاستين يواعد بريتاني خفية و هكذا تبددت احلام موللي عند علمها بالجقيقة.اذا كان يريد بريتاني تايلور فليذهب اليها! و الاسوا من ذلك انها وجاستين و بريتاني يعملون في الشركة نفسها.وقد شاهد الجميع موللي و جاستين معا في حفلة عيد الميلاد الماضي. لكن الجميع يعلم الان ان بريتاني باتت الان حبيبة جاستين. قطبت موللي جبينها فقد ساءها ان تشعر انها منبوذة بينما جاستين يستعرض امام الجميع و يتباهى ببريتاني بالغة الجمال.
غبية,غبية,غبية! كان عليها ان تكون اكثر حكمة فلا تتواعد مع احد زملائها في العمل.في كل مرة تراه الان في الشركة تتذكر كيف كان يحوم حولها.وتفكر في انها لم تكن بالنسبة اليه سوى واحدة من كثيرات و ان بريتاني ستلقى النهاية نفسها ذات يوم و لكن ليس الان.المتوقع من موللي الان ان تظهر في الحفلة وتتصرف و كان الحياة على خير ما يرام.تنفست بعمق و قررت ان تواجه الامر باحسن ما يمكنها من ذكاء. نظرت حولها مرة اخيرة وكانها تتوقع معجزة وادركت انها ستحضر الحفلة وحدها الا اذا تمكنت من دعوة رجل غريب وسيم.
لقد حان الوقت لتلبس محبس الخطبة الذي احضرته معها مصرة بكل وقاحة على انها مخطوبة, الا اذا تمكنت بريتاني من كشف هذه الخطة.فهذه المراة ليس من طبيعتها الجلوس بصمت لتدع الاخرين يتابعون حياتهم. انها تحب ان تتامل و تستنتج و تطيل التفكير بخبث. و تملكها الغضب… لو كان جاستين يكن لها ذرة من المودة لما حضر هذه الحفلة التي كان يفترض ان تكون تكريما لها هي,لا ان ياتي حبيبها السابق الذي يعرف الجميع كل شيء عنه مع حبيبته الجديدة ليسلبا الاضواء منها بكل دناءة.
املت ان تنجح من صون ماء الوجه امام رجال الاعمال المتنفذين فرفعت راسها و دخلت راسا الى بهو الفندق المزدحم حيث لفت نظرها لافتة تشير الى اليسار كتب عليها “مقهى ماغيللان”.
كان المقهى خاليا الا من رجل و امراة في شهر العسل يجلسان الى مائدة بجانب الجدار و رجل يتكئ على البار يتحدث الى النادل.كان واضحا ان الوقت لا يزال مبكرا.
سارت الى البار و جلست بحذر على المقعد المرتفع .ترك الساقي حديثه و توجه اليها قائلا بابتسامة ودود:” هل من خدمة؟”
فكرت بكابة لا بد انه لا يعلم شيئا عن مسالة بريتاني ووضعها هي,والا لاستحالت ابتسامته الى شفقة:”اريد كاسا من الصودا..لا,انتظر فانا اكره الصودا … اعطني كاس عصير حالا..لا,انتظر ربما فنجان قهوة يفي بالغرض…لا, انتظر حضر لي كوكتيل عصير…”
فسالها الساقي:”ماالذي تريدينه حقا؟”
– ما اريده حقا, حقا … هو رجل طويل اسمر خطر
قالت هذا بكابة متمنية لوان بامكانها ان تامر باحضار خطيب مؤقت بنفس السهولة التي تطلب بها كاس شراب .نظرت الى ساعتها فوجدتها تشير الى الرابعة و النصف تقريبا.اذا لم تذهب الى الحفلة حالا فسوف تبدا الاقاويل.
فقال:” ما رايك باشقر ودود؟”
– ماذا؟
نظرت الى عينيه الزرقاوين اللامعتين تحت شعره الكثيف الاشقر.بدا لها رجلا ظريفا للغاية و لكن ليس من النوع الشاعري.
– لا اما ان يكون اسمرا طويلا خطرا و اما لا شيء على الاطلاق.
سالها و هو يحضر لها الكاس :”لديك مشكلة؟”
– و هل كل من ياتي الى هنا لديه مشكلة ؟
– فقط اولئك الذين ياتون مع الرابعة عصرا.
ووضع الكاس امامها:” وانا شبه عالم نفسي.”
– هممممم …
ارتشفت بعض العصير و نظرت الى ساعتها مرة اخرى, كان الوقت يتاخر.اترى بريتاني بدات بالحديث والتحريض عليها؟ انها تسمع تلميحاتها السيئة و الخفية و ترى البراءة في عينيها الواسعتين و هما تدعيان العطف.وتساءلت موللي ان كان بامكانها مواجهة مبارة اخرى.
سالها الساقي:” هل تنتظرين رجلا في موعد؟”
– يا ليت! المفروض ان اكون في حفلة زنتك في الطابق الخامس و العشرين.
عادت ترشف كاسها, و فتحت حقيبة يدها و اخرجت منها خاتم جدتها و نظرت اليه ثم نظرت الى الرجل:”اذا انا لبست هذا هل ستظنني مخطوبة؟”
– وهل انت مخطوبة؟
– ليس هذا هو الموضوع, ماذا كنت ستظنني؟
– كنت ساظن ان امراة جميلة مثلك مقبولة بخاتم خطبة ام من دونه
طرفت بعينيها و ابتسمت:” اوه, ربما الاشقر الظريف سينفع على كل حال.”
غمزها مشيرا الى الطرق الاخر من البار,فنظرت الى هناك فرات رجلا اسمر عابسا.تاملته لحظة,فراته ملائما … انه طويل اسمر خطر حتما. بدا اشبه بقرصان في بذلة عمل.لم يكن وسيما بالظبط و لكن هالة الغطرسة التي تحيط به بامكانها ان تردع بريتاني و تعيدها الى حجمها.من تراه يا ترى؟
وعادت تنظر الى الساقي الودود:” انه ينفع”
– اتظنين ذلك؟
– هذا اذا توقف عن العبوس ليبدو خطيبا مغرما.لكنني لظنني سالبس الخاتم و اعتذر من الحاضرين.
– عم تعتذرين؟
– ساقول ان شيئا طرا في اللحظة الاخيرة فلم يستطع خطيبي الحبيب ان يحضر.
– وما الحاجة الى خطيب حبيب؟
سالها وهو يتكئ على البار مستعدا كما يبدو للاصغاء حتى النهاية.عادت تشعر بالاحراج الذي سببه لها جاستين,غريب هذا هو الاحساس الوحيد الذي شعرت به,الم تكن تحبه حقا؟لقد كانت تستمتع بصحبته حتى انهما تحدثا عن الزواج اليس من المفروض ان يكون قلبها محطما؟ لكن بدلا من ذلك كانت تشعر بالاحراج ليس الا.و اجابت:” لحفظ ماء الوجه, هل تعلم ان اليابانيين يهتمون كثيرا بحفظ ماء الوجه؟”
– وما دخل اليابانيين في الموضوع؟
– سيكون في الحفلة عدد من اليابانيين. انا اعرف السيد <ياما موتو> و السيد<هاريشي> انهما يحبان تصميماتي و لهذا علي ان احضر و لكن الامر سيكون اسهل بكثير لو واجهت الجميع برفقة خطيبي.
– و السبب؟
– سيكون الامر اسهل لان الرجل الذي كنت ساتزوجه سيكون موجودا برفقة حبيبته الجديدة.لقد حاولت جهدي ان اتجنب اي منهما طوال اسابيع, لكن الامور لا تنجح دوما بهذا الشكل.وانا اريد ان ارقص خالية البال مع شخص وسيم.جاستين و بريتاني زميلان في العمل و لهذا يعرف الجميع الوضع و يشعرون بالاسف لاجلي وانا اكره ذلك.
– و الخطيب الطويل الاسمر الخطر سيمنحك الشعور بخلو البال الذي تحتاجينه؟
– نعم !
فضحك:” لدي الرجل المناسب,ويمكننا ان نصيب عصفورين بحجر واحد.انتظريني.”
ثم توجه الى اخر البار بينما كانت تراقبه بلهفة.هل حقا سيطلب من ذلك الغريب الطويل الاسمر ان يمثل معها دور الخطيب؟ حتى لو فعل ذلك لا يمكن ان يوافق الرجل ابدا.لا يبدو من ذلك النوع الذي يوافق على شيئ لا يتماشى مع مصلحته الشخصية.الم يكن جاستين كذلك؟ كانت حينذاك تشعر بالغرور ازاء اهتمامه بها اما الان فهو يعاملها وكانها حمقاء مسلوبة اللب اساءت تفسير صداقته.
اذا تورطت بعلاقة اخرى مع اي شخص كان فستحرص على ان يكون ودودا طيبا و ليس لديه رغبة خفية في التقدم الى الامام.
هز ذلك السيد الطويل الاسمر راسه فهبط قلبها.اتراها حقا كانت تامل ان يوافق؟
لم تستطع ان تسمع الحديث و لكنها رات الساقي يناقش معه الموضوع.شيء قاله لا بد ترك تاثيرا فلقد تاملها الغريب لحظة طويلة.ثم القى نظرة خاطفة على ساعته,ثم على باب المقهى,ثم وقف و توجه نحوها.
خفق قلب موللي,رباه, اترى الرجل جاء جاء ليتحدث اليها؟ اشتدت يدها على الخاتم؟وتسمرت نظراتها عليه و هو قادم.لقد كانت تمزح مع الساقي عندما فالت له ذلك.
– انا بايلي.دوني يقول انك بحاجة الى مرافق الى حفلة شركة “زنتك”.
ابتلعت ريقها بصعوبة.هل ستحصل حقا على رجل طويل اسمر خطر؟:” نعم, كلا في الواقع,انا بحاجة…اعني اريد،اعني…شيئا اكثر من مجرد مرافق.انا بحاجة الى خطيب مؤقت…لهذه الليلة فقط”…
قالت هذا بسرعة,فرفع حاجبيه:”طوال الليل؟”
– اوه لا!لاجل الحفلة في الطابق الاعلى فقط.وهي ستنتهي الساعة الثامنة على الاكثر.
تاملها لحظة و كانه يزن كلماتها:” ما الذي تتوقعينه بالضبط من خطيب مؤقت؟”
– ليس كثيرا.
وشملته بنظراتها و قلبها مازال يخفق بشكل غريب.كان طويلا بالغ الاناقة و قد بدت بذلته ثمينة للغاية و عيناه سوداوين تتفحصانها بثبات.وارتجفت… مازال يبدو شبيها بالقرصان. لكنها ابتسمت له و تملكها شعور عنيف بالطيش:” كل ما عليك فعله هو الوقوف بقربي و اظن ان بامكانك القيام بذلك على اكمل وجه.و ساقدمك الى اناس مختلفين, ولكن ليس عليك ان تفعل او تقول شيئا كثيرا. ويمكنني,فيما بعد, ان ادعوك للعشاء على حسابي اذا شئت كعربون شكر.”
– اذا كل ما علي ان افعله هو ان اكون موجودا؟
فاومات, سيكون كاملا لا عيب فيه, انه اطول من جاستين, و اكثر رجولة منه بعشر مرات.وقد لا جعلها تشعر بانه خطيب حقيقي.
– اه, ربما ليست فكرة جيدة على كل حال.
و نظر ساخطا الى الساقي ثم اوما الى موللي:” لا باس, ساذهب معك.اذا استعطت ان تنتظري عدة دقائق,فانا اتوقع حضور شخص”.
و نظر الى ساعته.و نظرت هي ايضا الى الساقي الذي ارتسمت على شفتيه ابتسامة غريبة:” اه, لماذا؟” سالته خائفة من ان تصدق حسن حظها.
– لم لا؟
– لانك لا تعرفني.
– ليس بامكانك ان تفعلي الكثير في قاعة مليئة بالنساء و رجال الاعمال.كما انك انت ايضا لا تعرفينني.
فقالت بتبلد:” لا يبدو عليك انك من النوع الذي يقدم خدمات للغرباء.”
– ليس عادة.ولكن في هذه الحالة سيساعدني هذا على الخروج من مازق, انا ايضا.
– اه…
و نظرت الى الخاتم ثم وضعته في اصبعها. كانت على صواب فهو رجل لا يسير الا وفق خطة مرسومة. و لحسن الحظ تطابقت خطته مع خطتها الليلة:” لا باس اذن, لن يدوم ذلك طويلا و انا شاكرة لك. اسمي موللي ماغاير.”
– موللي ماغاير؟
– انا اعلم ان معنى اسمي في لهجتنا المحلية الايرلندية هو بلادة الاحساس و لكن لا تصدق هذا.
بدت التسلية في عينيه وهو يقول:” ادعى نك بايلي.”
و قبل ان تصافح اليد الممدودة, اذا بصوت امراة مثير يخترق جو المقهى:” نك حبيبي, كنت ابحث عنك في كل الانحاء.قال لي احد الحرس انه راك تدخل الى هنا.”
استدارت موللي فرات امراة مثيرة داكنة الشعر.وللحظة, تمنت لو ان شعرها هي البني الفاتح القصير طويل اسود كشعر هذه المراة, ولو ان بامكانها ان تبدو ممتلئة داخل ثيابها كهذه المراة. اوقفت تاملاتها عندما انتبهت الى ان جسم الرجل بجانبها قد تصلب و ازداد اقترابا منها قبل ان يحيي القادمة الجديدة:” متى عدت الى المدينة يا كارمن؟”
قال هذا باتزان و لكن نبرة توتر بدت في لهجته لم تفهم موللي ما كان يحدث لكنها ادركت ان الامور تتوتر.
– اخبرتك انني ساعود, يا حبيبي, و ليس في نيتي الرحيل قبل اسابيع.
و تقدمت كارمن اليه لتعانقه ولكنه تحول جانبا وهو يضع ذراعه حول كتفي موللي:” موللي, اعرفك الى كارمن هيرنانديز و هي صديقة قديمة.كارمن لا اعتقد انك سبق و قابلت موللي… خطيبتي.”
– خطيبتك؟
توهج وجه كارمن اللاتيني المثير غضبا:” ما الذي تعنيه بحق الله؟”
و نظرت الى موللي غير مصدقة ثم عادت تنظر اليه متابعة:” اذا كان هناك من سيتزوج فهو انا و انت! اي لعبة تلعبها؟ لا اصدق هذا.لا يمكنك ان تتخلى عني بهذه السهولة. انت لي وليس لامراة اخرى.”
و ازداد غضبها وتوهج وجهها.و حملقت بموللي بعينيها السوداوين:” لا ادري من تظنين نفسك, لكنه لي”
وشملت موللي بنظرة احتقار:” ليس لديك ما يجذب رجلا مثل نك.” ثم عادت تنظر اليه:” نك…”
فقالت موللي :” ربما عليكما ان تتناقشا على انفراد.” لقد لسعها كلام المراة.اتراها تتقبل الاهانات بهذه السهولة؟
شدد نك ذراعه حول كتفهاو كانهما يواجهان العالم معا. فكرت في انه تمثيل حسن من جانبه رغم انها تساءلت اي وضع جعلت نفسها فيه.كانت تظن انها بحاجة الى عون, لكن الظاهر انها ليست الوحيدة في ذلك. هل كان نك في نفس وضعها؟ يا للسخرية! ومع ذلك فهذا يفسر سرعة موافقته على اقتراحها الغريب وشعرت موللي و كانها دفعت الى خشبة المسرح من دون نص مسرحي.
قال نك مواجها ثورة كارمن:” ولكننا انفصلنا منذ اسابيع.”
قال ذلك بلطف لكن موللي شعرت بالفولاذ وراء هذه الكلمات.وكانت تحب الرجل الذي يخفي النار وراء هدوئه. و اجابت المراة بلهجة مثيرة وهي تمد يدها لتمسك ذراعه:
– نعم, انت قلت ان علينا ان ننهي الامور بيننا, لكنني لست مستعدة لذلك,فانا احبك,و انت تعلم هذا.
– كارمن, لقد انتهينا ولا شيء في العالم يمكن ان يغير هذه الحقيقة.هذا الى انني خاطب الان امراة اخرى. و رفع يد موللي يريها تالق الماسة في الخاتم.
بالكاد نظرت المراة الى الخاتم حتى حولت نظرها الى موللي مباشرة:” ربما تظنين انك احرزت نجاحا بالغا في اغواء نيكولاس بايلي, ولكن دعيني اخبرك ان الامور لا تنتهي هنا.”
ثم رفعت عينيها الغاضبتين الى نك:” لا يمكنك ان تتخلص مني بهذه السهولة ايها العاشق.” ثم استدارت خارجة من المقهى بخطوات سريعة خلافا لتلك الخطوات البطيئة المثيرة التي دخلت بها.
قال الساقي:” انتهى الامر بشكل جيد”
– اخرس. اجابه نك بهذا ثم ترك موللي و رفع حاجبيه:” هل نتوجه الى حفلة <زنتك>؟ بعد تصرف كارمن ذاك سيبدو هذا سهلا.”
– على الاقل هذا يجيب على سؤالي عن سبب موافقتك على هذا المشروع.فانا اشك في ان جاستين سيصبح عاطفيا للغاية اذا سمع بخطبتي.
قطب نك حاجبيه:” ستهدا.”
فقال دوني:” لكنني اشك في ان تكون هذه اخر مرة تراها فيها.لو كنت مكانك لتوقعت رؤيتها في العرس,فهذه طريقتها الوحيدة للتاكد.”
قال الساقي هذا فنقلت موللي نظرها بين الرجلين:” اي عرس؟”
فقال نك :” عرسنا طبعا. هيا بنا لنرى من يمكننا ان نصدمه في حفلة <زنتك>.”