تحمل سيدنا عيسى عليه السلام عبء رسالته بعزيمة جبارة ، فاخذ يتنقل بين البلاد و القرى يدعوهم الى نور الله ، و فد دعا الناس الى توحيده في العبادة و الزهد في الدنيا و طاعة الله تعالى و حبب اليهمالايمان و نفرهم من المنكرات و المعاصي
و قد قام عيسى ايضا بمحاربة شطط اليهود و مغالاتهم المادية ، و بشرهم بملكوت السماوات ، اي مجيء الرسالة الالهية التي يؤسل بها الله الله تعالى النبي الامي الذي وعد الله بني اسرائيل على لسان موسىان يرسله بين اخوتهم
و هؤلاء الحواريون -تلاميذ عيسى الذين بادروا الى الايمان به، و الذين كان عددهم اثني عششر رجلا و شهدوا برسالته و امنوا بنبوته ، كانوا ما يزالون بحاجة الى المزيد من اليقين و الايمان ، فسالوا عيسى ان ينزل له ربه لهم مائدة من السماء ، و قد سالوا موسى تلك الاية متاثرين بطباع اليهود
اجابهم عيسى بان يتقوا الله ان كانوا مؤمنين ، و ان يبتعدوا عن اقتراحات كامثال هذه المعجزات المادية ، حتى لا تكون فتنة لهم و سببا في فسادهم ، فاجابوه بانهم قد كانوا صادقين في ايمانهم و مخلصين في اسلامهم ، و انهه ليسو بمنكرين لاياته او شاكين برسالته ، و لكنهم قد وجدوا فضلا في تلك المعجزة ، و انهم يريدون ان ياكلوا منها ليعلموا ان الله قادر على كل شيء
و لما راى عيسى منهم اصرارا على طلب المائدة بحسن نية لا يدفعهم فيها شك او عنادو تبين له صدق قصدهم ، دعا ربه قائلا له : اللهم مالك الملك و مدبر السماوات و الارض و متولي شؤون خلقك و مسير امور عبادك ، انزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لاولنا و اخرنا و ية منك و ارزقنا و انت خير الرازقين
اجاب الله دعاء عيسى و قال : اني منزلها عليكم ليزدادوا ايمانا بك و ثقة في نبوتك ، و ليعلموا ان هذه الاية تلزمهم الحجة و تقطع الطريق امام المشككين ، و قد انزل الله المائدة تفيض بالارزاق و الخيرات ، و قال لهم عيسى : هذه المائدة قد انزله الله عليكم ، فكلوا مما سالتم و اشكروا الله يزدكم من فضله
و قد قص الله تعالى هذه القصة في سورة المائدة بالايات التالية واذ قال الله يا عيسى ابن مريم اانت قلت للناس اتخذوني وامي الهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي ان اقول ما ليس لي بحق ان كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك انك انت علام الغيوب ما قلت لهم الا ما امرتني به ان اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم وانت على كل شيء شهيد ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فانك انت العزيز الحكيم قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم
- دعاء عيسى عليه السلام لربه