الاسلام حريص علي اقامة حياة زوجية مثالية وراقية, تملؤها المحبة والرحمة, ويسودها الود والاحترام.. وحريص علي استدامتها ما امكن لذلك سبيلا.. لكن احيانا لا يرقي الزوجان او احدهما الي هذا المستوي من الرقي الذي يريده ويحرص عليه الاسلام.. فاذا حدث ذلك ووقع الطلاق, اين تقضي المطلقة عدتها؟ وما هي شروطها واحكامها؟
للاجابة عما سبق يقول الدكتور محمد رافت عثمان استاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة القاهرة وعضو هيئة كبار العلماء بالازهر الشريف:
الطلاق خيار صعب.. لكنه شرع لدفع ما هو اشد منه صعوبة وضررا علي الزوجين لو بقيا معا; اذ يستحيل الزامهما بالرابطة الزوجية وهما لا يراعيان ولا يقدران علي ان يراعيا حدود الله تعالي في حياتهما.. ولا يعرف احدهما ما للاخر من حق عليه.. لذا كان اللجوء في هذه الحالة الي الطلاق او التفريق بين الزوجين هو الخيار الشرعي الامثل.. والاقل ضررا وحرجا.., كما قال تعالي:
وان يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما( النساء:.130 وقال تعالي: وعسي ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسي ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون البقرة:.216
.. فاذا حدث ووقع الطلاق فقد اوجب الله تعالي العدة علي المطلقة بقوله تعالي والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء والمراد بالمطلقات هنا المدخول بهن, لان غير المدخول بها لا عدة عليها لقوله تعالي:.. ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها.., الاحزاب:49].
نفقة المعتدة
والمعتدة الرجعية(اي التي طلقت اول مرة او لثاني مرة).. لها نفقة طوال مدة العدة وذلك لان المطلقة الرجعية كما هو واضح من تسميتها انه من حق زوجها ان يراجعها دون عقد جديد,وما دامت في مدة العدة, بعكس المطلقة طلاقا بائنا بينونة كبري( وهي التي طلقت الطلقة الثالثة) فلم تعد لزوجها علاقة بها الا احتباسها للعدة فلا تتزوج حتي تنتهي عدتها. وما دامت المطلقة الرجعية من حق زوجها ان يرجعها الي عصمته ما دامت في العدة فانه يجب عليه ان يدفع نفقة لها ما دامت محجوزة باسمه ولا يجوز لها الزواج.
ما هي مدتها؟
والعدة في الشرع محددة تحديدا دقيقا للمراة التي فارقها زوجها سواء كان الفراق بالطلاق.. او بالموت.. او بفسخ العقد. فالتي مازالت تاتيها الدورة الشهرية عدتها تنتهي بثلاثة اطهار من ثلاث حيضات.
واما التي انقطعت الدورة عنها او كانت صغيرة لم تاتها الدورة بعد فقد حدد الشرع لها ثلاثة اشهر. واما المتوفي عنها زوجها فلها وضع خاص.. فعدتها تنتهي بعد اربعة اشهر وعشرة ايام.
وطوال مدة العدة يجب علي الزوج اذا كان الزواج بالطلاق او الفسخ النفقة علي المعتدة( للمعتدة الرجعية). واما نفقة المتوفي عنها زوجها فتكون في تركته, والورثة مطالبون بادائها لها.
واين تقضي المطلقة عدتها؟
يقول استاذ الفقه المقارن:المعتدة تقضي عدتها في بيت الزوجية, الا اذا كانت هناك ضرورة او حاجة تقتضي ان تسكن في بيت اخر كما لو كان بيت الزوجية غير مامون عليها( كان يكون في مكان بعيد عن العمران او اصبح في حالة لا تنفع للسكني).. فيجوز لها ان تتركه وتقضي العدة في اي مكان تريد, والاقرب ان يكون في بيت اهلها حتي تكون في رعايتهم.