افضل مواضيع جميلة بالصور

صور العم السعوديه

فيما يخص مستقبل الحكم في السعودية، طرح تساؤل رئيسي هذا العام حول اذا ما كانت وفاة الملك عبدالله ستؤجج صراع بين اكثر الامراء من احفاد عبد العزيز بن سعود نفوذا وقوة داخل الاسرة الحاكمة الاول هو متعب بن عبد الله بن عبد العزيز(61عام)، والثاني هو محمد بن نايف بن عبد العزيز(55عام). والاثنين يمثلا الجناحين الرئيسيين داخل العائلة السعودية المالكة، الاول جناح الملك عبد الله، والثاني جناح السديريين وابناءهم. كل من الاميريين يحظيان باهتمام اميركي خاص، فمحمد بن نايف له باع طويل في اروقة السياسة الاميركية، وتربطه علاقات جيدة بواشنطن بحكم انه المتعاون السعودي رقم واحد في ملف الارهاب منذ خمسة عشر عام وبالتاكيد سيؤمن استمرار العلاقة الاستراتيجية بين البلدين على كافة الاصعدة. اما متعب فهو الابن القوي للملك عبد الله، الماسك على زمام الامور داخل اهم الوزارات السيادية في المملكة وهي وزارة الحرس الوطني، ومتنفذ بقوة في القوات المسلحة السعودية، ويشكل مع خالد التويجري، رئيس الديوان الملكي، تكتل نفوذ لا يستهان به داخل البيت السعودي وبالتالي رجح عدد من المحللين الاميركيين ان توثق واشنطن علاقتها به.

الاثنين من الجيل الثاني، ومثلت 2024 وما تم اتخاذه من تنقلات داخل مفاصل النظام السعودي تمهيد لانتقال الحكم الى هذا الجيل، ولكن حتى الان لا توجد دلائل تؤكد ان هذا سيحدث بشكل سلس، وتاكيدا على هذا جاء اعفاء بندر بن سلطان، ليخرج من قائمة المرشحين للحكم سواء ولاية العهد او الملك من بين ابناء الجيل الثاني، واستحداث منصب ولي العهد وتعيين شخص يمكن وصفه بالحيادي، كونه من اخر ابناء الملك المؤسس  ولديه اشكاليات كبيرة تتعلق بواقعية توليه الحكم مستقبلا، لتنحصر-حتى الان- بين جناحين يمثلهما متعب بن عبد الله ومحمد بن نايف.

درس محمد بن نايف العلوم السياسية وتخرج بدرجة البكالوريوس من جامعة “لويس اند كلارك” بالولايات المتحدة، اعقبها التحاقه بعدة دورات خاصة بدراسة مكافحة الارهاب في مكتب التحقيقات الفيدرالي “اف بي اي”، وكذلك بمكتب التحقيق الشرطي البريطاني “سكوتلانديارد” فرع مكافحة الارهاب، ومن ثم عاد الى السعودية ليبدا نشاطه في الاعمال والتجارة الى ان عين بموجب مرسوم ملكي كمساعد لوزير الداخلية عام 1999-في عهد تولي والدة نايف بن عبد العزيز وزارة الداخلية-وتم التمديد له مرة جديدة في عهد عمه احمد بن عبد العزيز-تولى الوزارة لمدة 6 اشهر فقط-  الذي خلف والده الذي اصبح ولي للعهد بعد وفاة ولي العهد الاسبق، الامير سلطان بن عبد العزيز.

لنايف اهمية بالغة في المنظومة الامنية السعودية، حتى قبل تولية الوزارة في 2024، فكان له الدور الاهم في معالجة ملف الارهاب، خاصة بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر2001، فكان هو الرجل الذي تعتمد عليه الولايات المتحدة في متابعة المرتبطين بتنظيم القاعدة سواء كانوا سعوديين الجنسية او ناشطين في شبة الجزيرة العربية، وخاصة في اليمن. كما انه احدث طفرة في مجال مكافحة الارهاب وهي انشاء وادارة ما عرف بمراكز لجان المناصحة، التي تعمل على اعادة تاهيل المنتمين للافكار الارهابية. وتعرض لمحاولة اغتيال عام 2009 عندما طلب احد العناصر المنتمية لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة مقابلته بادعاء حوزته معلومات هامة عن الارهابيين، الا ان محمد نجى من محاولة الاغتيال.

ويذكر الباحث بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الاوسط، “سايمون هاندرسون”، ان رؤية محمد بن نايف الامنية تتفق مع الرؤية الاميركية في معالجة ملف الارهاب، وان كان يختلف مع الرؤية السابقة في التعاطي مع الاسلاميين عموما، وانه كان الشخص الوحيد الذي اعترض على نهج السعودية تجاه الازمة السورية من باب ان ذلك سيكرر ما حدث في افغانستان وما تبعه من ضرر لبلاده، فبعد ان تولت السعودية وقتها تصدير الجهاديين لمحاربة السوفييت، وهو ما افرز في النهاية تنظيم القاعدة، فان فتح قنوات الدعم للارهابيين في سوريا  بمختلف اشكاله والسماح للسعوديين بالذهاب الي هناك لاسقاط نظام خصم لبلاده فانه سيجلب مضار اكثر، ويرى هاندرسون ان المرسوم الذي صدر في مارس 2024 بتحديد التنظيمات الارهابية وقف وراءه بن نايف، الذي اوكل اليه بالملف السوري بعد اعفاء عمه، بندر بن سلطان، من منصب رئيس الاستخبارات السعودية، في اطار تحول السعودية لمرحلة وقائية من ارتداد الارهاب الذي صدرته لسوريا منذ مطلع 2024 وكذلك توجه النظام السعودي للحد من نفوذ جماعة الاخوان. وداخليا يحظى بن نايف على شعبية كبيرة بين ابناء السعودية، فيعتبره البعض الاكثر شعبية من بين احفاد الملك المؤسس عبد العزيز بن سعود.

اما متعب الابن الثالث للملك عبد الله، فسلك طريق اعتيادي لاقرانه في الاسرة المالكة من ابناء الجيل الثاني واحفاد الملك المؤسس عبد العزيز بن سعود، فنشا بالسعودية في احدى القرى الذي كان جده لامه اميرا عليها، واتم تعليمه الاساسي بالرياض، والتحق بجامعة الملك سعود متخصصا في العلوم الشرعية، لكنه سرعان ما ترك الجامعة وسافر الى انجلترا، لدراسة العلوم العسكرية باكاديمية “ساندهيرست” البريطانية في السبعينيات، ويرجح ان ذلك التحول تم بارادة والده، الذي بدا حينها دوره ينمو في السياسة السعودية، وعاد الى المملكة وانخرط في صفوف الجيش السعودي، وسرعان ما ترقى الى رتبة عقيد، ليصدر مرسوم من والده الذي كان ولي للعهد وقتها بتعينه مديرا لكلية الملك خالد الحربي، وبعدها حصل على ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والاركان في الرياض، وترقى الى رتبة عميد، ليعينه والده من جديد في منصب رئيس الجهاز العسكري بهيئة الحرس الوطني.

وفي عام 1995 تمت ترقيته الى رتبة فريق، واصدر الملك فهد بن عبد العزيز في عام 2000 مرسوم باستحداث منصب نائب رئيس الحرس الوطني للشئون العسكرية وتم تعينه فيه، بالوقت الذي كان والده رئيسا الحرس الوطني بحكم ولايته للعهد، وفي 2009 وبعد ان اصبح والده الملك، تم اصدار مرسوم بتعينه نائبا للوزارة للشئون التنفيذية بحقيبة وزير، وانهاء خدمته العسكرية وفي 2024 اصدر والده مرسوما باعفاء نائب الحرس الوطني، الامير بدر بن عبد العزيز، وتعيين متعب مكانة بمرتبة وزير دولة.

وجاءت القفزة الكبرى لمتعب في 2024 بتحويل الحرس الوطني الى وزارة، وتعينه وزيرا بمرسوم ملكي من والده، وذلك للمرة الاولى التي يكون رئيس الحرس الوطني ليس وليا للعهد، وهو ما اخرج الخلافات بين الاجنحة في الاسرة المالكة الى العلن من، وبشكل اساسي بين جناحي السديريين، وجناح الملك عبد الله الذي عمل من 2024 على تقليص نفوذهم ونفوذ ابناءهم، وتعيين الغير سديريين في المناصب الحساسة في الدفاع والحرس الوطني والاستخبارات.

وبينما يحظى محمد بن نايف بنفوذ اكبر وشعبية واسعة بحكم منصبه وسمعته، وكذلك علاقات قوية مع الولايات المتحدة بحكم تجارب العمل المشترك والتنسيق المستمر لما يقارب العقدين، فان متعب لا يتمتع بنفس العلاقة القوية مع واشنطن، ولا النفوذ الداخلي سواء في الاجهزة التنفيذية بالمملكة او العائلة المالكة، فمن ناحية يعد محمد بن نايف بحكم الواقع الشخص الاقوى في جناح السديريين، بينما متعب ومع القفزات الواسعة في مسيرته في الاعوام القليلة الماضية بفضل والده، منخرط اكثر في الشئون العسكرية لا السياسية، وشعبيته الداخلية ليست بحجم شعبية بن نايف، وكذلك لا يحظى بدعم من افراد الاسرة المالكة مثلما الذي يحظى به محمد، الا ان متعب ومنذ العام الماضي، وبمساعدة رئيس الديوان، خالد التويجري، قد خطى اشواط معقولة في سد الثغرات التي بطريقه الى العرش، فمن حملات ترويجية له في الاعلام الغربي، لزيارات لمقابلة المسئولين الاميركيين، بتخطيط ودعم التويجري، الذي ازعج الكثير من امراء الاسرة المالكة وعلى راسهم بن نايف وسعود الفيصل وخالد بن بندر، والاخير شهد 2024 توليته وعزله من مناصب عدة كانعكاس للصراع بين جناح التويجري ومتعب وبين جناح السديريين، فاولا عزل من قيادة القوات البرية، وتم تعينه اميرا للرياض بمرتبة وزير، ثم نائبا لوزير الدفاع، ثم عزله من هذا المنصب وتعينه في منصب رئيس الاستخبارات السعودية.

بشكل عام لا يوجد اختلاف بين الاميرين فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والداخلية للمملكة، فكلاهما ضد الاصلاح السياسي داخليا ويحظى بن نايف بسجل حقوقي سيء فيما يتعلق بقمع الحريات، وكلاهما متماهين مع السياسة الاميركية، ويتبنون نفس الموقف تجاه ايران وحركات الاسلام السياسي، الا ان محمد بن نايف يحظى بافضلية داخلية حيث الشعبية والسمعة الطيبة بين ابناء القبائل السعودية الموالية للنظام، وفي اوساط القطاع الامني والحكومي وداخل الاسرة المالكة باعتباره من السديريين واقواهم، وعلى مستوى خارجي انه يخبر الاميركيين ولديه سوابق ناجحة في التعامل معهم، لكنه في الوقت نفسه لديه علاقة سيئة مع الامارات حليف المملكة القوي عربيا وخليجيا، وخاصة مع ابناء الشيخ زايد، وعلى عدم وفاق مع ال الحريري في لبنان.

حاول متعب في العام الماضي مجاراة بن نايف بشكل تنافسي وصل الى حد الصراع العلني، وحتى تدخل الملك وعين مقرن، الذي جاء تعيينه كتهدئة مؤقتة تضمن انتقال هادئ للحكم الى الجيل الثاني. ولكن يبقى ان الصراع بين الاثنين لم يتوقف واستئنافه منوط في النهاية باللحظة التي سيتوفى فيها الملك عبدالله، او ولي عهده الحالي الامير سلمان بن عبد العزيز، الذي يعاني الخرف، وبالتالي سيكون منصب ولاية العهد من نصيب مقرن، ويبقى المنصب الجديد (ولي ولي العهد) من نصيب الفائز من بين الاميريين، متعب ومحمد.

السابق
صور لوهان العارية
التالي
عمل لجلب المال