خطوات التربية الايجابية
د. مصطفى ابو سعد
ان استعمال المربي لاستراتيجيات التربية الايجابية ولا سيما الاخيرتين والان ! ثم لماذا ؟ تؤدي الى تجاوب وتواصل وتفاعل بين المربي والاطفال..وتكتمل قوة هذه الخطوات باستراتيجية الانصات الفعال..
ان الانصات الفعال غير الاستماع، ويعني الاستماع باهتمام وبكل الجوارح ومن خلال ملامح الوجه ولغة الجسم والرسائل ا لايجابية التي يبعثها المنصت الايجابي للمتكلم ..
الانصات الفعال يعني اهتماما بما يريد الطفل التعبير عنه.. وتعني اهتماما ايجابيا بالرسائل الخفية للطفل.. وهو طريق لتجاوز الحالات المتوترة بين الوالدين والابناء.. وكلما مورس الانصات الفعال كلما عرفت العلاقات الاسرية انحسارا وتقلصا للحالات المتشنجة..
ان مفتاح الانصات الفعال يكمن في الرسائل غير اللفظية وفي الاتصال غير الشفوي الذي يرسله الاب لابنه.. من خلال الابتسامة ولغة الجسم وملامح الوجه ونبرات الصوت المعبرة عن الحنان والمحبة والود التي تنبعث بين الفينة والاخرى معبرة عن موافقتك وتفهمك لما يقوله الابن..
خمس خطوات للانصات الفعال:
1- اربط علاقة تواصل بين عينيك وعيني ابنك وتفادى ان تشيح وجهك عن ابنك، فان ذلك يوحي بقلة اهتمامك بما يقوله وقلة اعتبارك لشخصه..
2- اجعل ثمةعلاقة اتصال واحتكاك جسدي مباشر من خلال لمسة الحنان وتشابك الايدي والعناق ووضع يدك على كتفيه.. فان ذلك يوطد العلاقات المبنية على المحبة ويسهل لغة التواصل العاطفي وييسر التفاهم ويفتح لدى الطفل اجهزة الاستقبال للرسائل التربوية الصادرة من الوالدين..
3- علق على ما يقوله ابنك وبشكل سريع دون ان تسحب الكلام منه..مبديا تفهمك لما يقوله من خلال حركة الراس او الوشوشة الميمية بنعم او ما شاء الله.. مما يوحي لابنك انك تتابعه باهتمام فتزيد طمانينته..
4- ابتسم باستمرار وابد ملامح الاطمئنان لما يقوله، والانشراح بالانصات له مع الحذر من تحسيس الطفل بانك تتحمل كلامه على مضض او انه مضيع لوقتك ولا تنظر للساعة وكانك تقول له لا وقت لدي لكلامك..
5- متى ما وضحت الفكرة وتفهمت الموقف عبر لابنك عن هذا واعد باختصار وبتعبير ادق ما يود ايصاله لك.. لتعلم ابنك اختصار ما يريد قوله وفن التعبير عن مشاعره واحاسيسه..والدقة في التعبير..وتقلل بهذا من احتمالات الملل بينكما..
ان الانصات الفعال لا يكتمل الا من خلال الاتصال غير اللفظي الذي يطمئن الابن ويعيد له توازنه النفسي..ويقضي بالتالي على مقاومة الطفل للرسائل التربوية الصادرة عن الاباء..
ان الاطفال عادة ما يعاندون ويبدون مقاومة لرغبات الوالدين..والطريق السليم لامتصاص هذه المقاومة هو تخصيص وقت للانصات الفعال للطفل.. فكلما تحدث الابن ووجد قبولا واهتماما كلما ضعفت المقاومة السلبية لديه وقل عناده..
– خصص وقتا للانصات الفعال: ان الانصات الفعال خطوة ضرورية في التربية الايجابية لا غنى للمربي عنها..فكما اننا نخصص اوقاتا لشراء ما يحتاجه ابناؤنا، ووقتا للاهتمام بصحة ابدانهم ونظافتها فكذلك نحتاج تخصيص وقت للانصات لهم مهما قل هذا الوقت..
ان خمس دقائق ينصت فيها الاب لابنه قد تجعله يتفادى تضييع ساعات طويلة في معالجة مشكلات ناجمة عن قلة التواصل او مناقشة حالة توتر..
– خمس دقائق لا غير !!
خمس دقائق لا اهمية لها عند عامة الناس..وليس صعبا ان يخصصها الاب يوميا لابنه.. خمس دقائق كل يوم تنمي الحوافز الايجابية لدى ابنك وتغرس لديه الدوافع التي تزود سلوك الانسان بالعمل الصالح وملء الوقت بما ينفع دنيا واخرة.. ان خمس دقائق مخصصة للطفل تعني تمتع الاب بوقت كبير لقضاياه الاخرى.
ان تخصيص خمس دقائق للطفل تعني انك تود التواصل مع ابنك وتحاول فهمه وتفهم حاجاته ورغباته وانك تشعر به.. وقبل هذا وذاك تعني انك تتقن فن الاخذ والعطاء.. وتمهد قلوب الابناء وبصيرتهم للانصات الفعال.. وبمعنى اوضح انك تقوي الذكاء الوجداني لديهم المعروف لدينا بالبصيرة..
انصت لابنائك ليحسنوا الانصات لك..
– فن الاستماع : وصفة اخلاقية ومهارة ضرورية..
-المرجع: العادات السبع لاكثر الناس انتاجية. ستيفن كوفي-.
في حياتنا، ومنذ صغرنا نتعلم كيف نتصل مع الناس الاخرين بالوسائل المتعددة، الحديث والكتابة والقراءة، ويتم التركيز على هذه المهارات في المناهج المدرسية بكثافة، لكن بقيت وسيلة اتصالية لم نعرها اي اهتمام، مع انها من اهم الوسائل الاتصالية، الا وهي الاستماع.
لا بد لكل انسان ان يقضي معظم حياته في هذه الوسائل الاتصالية الاربع، الحديث، الكتابة، القراءة، والاستماع، لان ظروف الحياة هي التي تفرض هذا الشيء عليه.
والاستماع يعد اهم وسيلة اتصالية، فحتى تفهم الناس من حولك لا بد ان تستمع لهم، وتستمع بكل صدق، لا يكفي فقط ان تستمع وانت تجهز الرد عليهم او تحاول ادارة دفة الحديث، فهذا لا يسمى استماعا على الاطلاق، في كتاب ستيفن كوفي العادات السبع لاكثر الناس انتاجية، تحدث الكاتب عن اب يجد ان علاقته بابنه ليست على ما يرام، فقال لستيفن: لا استطيع ان افهم ابني، فهو لا يريد الاستماع الي ابدا.
فرد ستيفن: دعني ارتب ما قلته للتو، انت لا تفهم ابنك لانه لا يريد الاستماع اليك؟
فرد عليه: -هذا صحيح-.
ستيفن: دعني اجرب مرة اخرى انت لا تفهم ابنك لانه -هو- لا يريد الاستماع اليك انت؟
فرد عليه بصبر نافذ: هذا ما قلته.
ستيفن: اعتقد انك كي تفهم شخصا اخر فانت بحاجة لان تستمع له.
فقال الاب: اوه -تعبيرا عن صدمته- ثم جاءت فترة صمت طويلة، وقال مرة اخرى: اوه!
ان هذا الاب نموذج صغير للكثير من الناس، الذين يرددون في انفسهم او امامنا: انني لا افهمه، انه لا يستمع لي! والمفروض انك تستمع له لا ان يستمع لك!
ان عدم معرفتنا باهمية مهارة الاستماع تؤدي بدورها لحدوث الكثير من سوء الفهم، الذي يؤدي بدوره الى تضييع الاوقات والجهود والاموال والعلاقات التي كنا نتمنى ازدهارها، ولو لاحظت مثلا المشكلات الزوجية، عادة ما تنشا من قصور في مهارة الاستماع لا سيما عند الزوج، واذا كان هذا القصور مشتركا بين الزوجين تتازم العلاقة بينهما كثيرا، لانهم لا يحسنون الاستماع لبعضهم البعض، فلا يستطيعون فهم بعضهم البعض، الكل يريد الحديث لكي يفهم الطرف الاخر! لكن لا يريد احدهم الاستماع!!
ان الاستماع ليس مهارة فحسب، بل هي وصفة اخلاقية يجب ان نتعلمها، اننا نستمع لغيرنا لا لاننا نريد مصلحة منهم، لكن لكي نبني علاقات وطيدة معهم