افضل مواضيع جميلة بالصور

عروس السراب روايات عبير

 

عروس السراب – جانيت ديلي – روايات عبير القديمة
الملخص
الحياة كالصحراء…احيانا تصادف واحة تستفيء بها,

وتنصب خيامك قرب مياهها,واحيانا تتوه في رمالها فتبتعلك.

تيشا كالدوبل فقدت امها فاحتمت بوالدها,لكنه كان قاسيا

لخوفه عليها من الحياة وتجاربها, اراد تزويجها وتامين

مستقبلها لكن تيشا تفضل اختيار شريك حياتها,فتهرب الى
حنان عمتها المقيمة بعيدا عنهما وهناك تصطدم برجل شبيه
بوالدها,لايؤمن بافكارها.
تكرهه …لكنها تجد نفسها مجبرة على القبول به زوجا…
ليلة العاصفة جعلتها عروسا له …علاقتها به السراب
يتراءى لها لكنها لاتصل اليه !

وهذه احدي فصو القصة

عروس السراب…..
” لم تصل السبعين, ولو كانت كذلك لما استطعت تحاشي اصطداما مباشرا”.
فذكرته تيشا باقتضاب:
” لو لم تكن مسرعا الى هذا الحد ولو التزمت طريقك لما كنت ضربت سيارتي اطلاقا”.
فاجابها وعيناه تحومان بتؤدة على لباسها الازرق المؤلف من سروال وسترة قطنيتن.
” هذه طريق خاصة لا يستعملها الا سكان الجبل فلم اتوقع ان التقي احدا عليها”.
فاظهرت ازدراءها بعبارته المغرورة واجابت:
” هذا ليس تبريرا لقيادتك الرعناء !”.
فقال بنعومة وهو يمد يده المسمرة من الشمس ويعتقل مرفقها:
” انت مصيبة تماما يا حمراء , تعالي نتفحص الضرر الذي الحقته بسيارتك “.
ثم ادارها صوبه قبل ان تشعر بما فعل فسارعت الى جذب ذراعها من قبضته وقد لاحظت كيف رفع احد حاجبيه ساخرا من حركتها…
القت نظرة سريعة على شعرة البني الرملي الملوح بفعل الشمس وعلى تقاطيع وجهه الوسيم والمنحوتة بجاذبية وخشونة , فنبهتها تلك النظرة الى كونه رجلا معتادا على تخليص نفسه من المواقف الحرجة بسحره وجاذبيته …
لكنه سوف يكتشف سريعا بانها ليست من النوع الذي ينخدع باقناعاته المعسولة , ولذا اغلفت وجهها بتعبير جليدي وهي تسير الى جانبه.
ولدى مروره بسيارتها ليفحصها من الامام , علق قائلا:
” انها محشوة بالاغراض , فهل تنوين الانتقال الى مكان ما في الجوار؟”.
” هذا شان يخصني وحدي”.
اجابته بسخرية قاطعة لكن فمه اختلج ببسمة مسلية , وفكرت تيشا وهي تراقبه يتفحص الضرر , انه في الحقيقة لا يطاق ابدا….
كان يرتدي بزة من الجلد البني , تظهر بنيته الرياضية الخالية من السمنة , اما شعره البني المائل الى الشقرة فكان كثيفا يميل الى التجعد ولكن تمرده بدا منسجما مع المسحة غير المروضة في تصرفاته …
وكانت هناك شبه غمازة في ذقنه البارز يؤكد صلابة عنيدة تبدو في سائر قسماته , اما عمره , فخمنته تيشا في اواسط الثلاثينات , ولم تلحظ خاتم زواج حول اصبعه ولكن قد لا يعني ذلك انه عازب.
” لا يبدو هناك اي ضرر الا في حاجزك الامامي”.
منتديات ليلاس
اعلن النتيجة وهو يقفل غطاء المحرك… شعر بانها كانت تتفحصه فتالقت عيناه بومضة سريعة حين التقتا عينيها
وتابع يقول:
” من السهل تقويم الاعوجاج على يد خبير باصلاح هياكل السيارات , وان كنت ستمكثين في المنطقة , فيمكنني تزويدك باسم رجل محلي ليصلحها لك”.
فغمغمت بعذوبة فائضة:
” لا ريب انك احتجت الى خدماته في الماضي بسبب طريقتك في القيادة “.
فاعترف الرجل وبدون ان يعترف في الواقع باي شيء:
” لقد استعنت بخدماته في مناسبة او اثنتين”.
فاجابت بحدة وقد عادت الى تهجمها السابق:
” لا اشك في حدوث هذه المناسبات … هل تاخذ منه عمولة على الاشغال الكثيرة التي تؤمنها له؟”.
فضاقت عيناه قليلا مما جعل عروقها تنبض بخوف مجهول واجابها وفمه يتحرك بابتسامة خفية:
” هذا شاني الخاص , كما قلت انت قبل قليل, يا حمراء”.
فتجاهلت توبيخه وقالت محتدة:
” هذه ثاني مرة تناديني هكذا … اسمي ليس حمراء”.
اجابته غاضبة:
_هو ليس احمر …
فتالقت عيناه الناظرتان الى احمرار شعرها القاتم والذي بدا نحاسيا في وهج الشمس وسالها:
” هو ليس كذلك؟ اذن ما اسمك؟”.
ولما راى تعبير الانغلاق الذي اخذ يتسرب الى وجهها اضاف بسرعة وسخرية:
“اطلب معرفته لصالح شركة التامين , بالطبع”.
ترددت تيشا ولم تشا ان تخبر هذا الغريب المغرور اي شيء عنها , وفي الوقت نفسه كانت تعلم انه مضطر بالفعل لذكر اسمها لدى شركة التامين
فاعترفت قائلة على الرغم منها:
” باتريشا كالدويل”.
” باتريشا”.

ردد الاسم مدحرجا اياه في فمه في بطء , كما لو انه يتذوق رنته, ثم احتواها بنظرة اعجاب مفصلة فاحست بشيء من التراخي غير انها رفضت الاستسلام للحرارة المفاجئة التي دبت في اوصالها وخمنت ان معظم النساء كن سينسحرن بابتسامته لو كن مكانها … واجابت في برود:
” الاصدقاء يسمونني تيشا , ولك ان تناديني الانسة كالدويل”.
فعلق وعيناه تتسعان بسخرية:
” انسة وليس (بات) اختصارا كما تفعل المطالبات بالمساواة الكاملة بين الجنسين , وقد بدوت لي واحدة منهن”.
فاجابته بانف شامخ:
” لا ارغب في التساوي مع الرجل , لا اود الهبوط الى مستواه!”.
فالقى راسه الى الخلف وضحك من قلبه وقال:
” انت فتاة مشاكسة تليقين ببيتر وتشيو”
فاجابته والشرر يتطاير من عينيها الزيتيتين :
“وشكرا لشكسبير الذي زوجه من كاتارينا ( بطلة المسرحية المذكورة) لانني لا ارغب في ان اكون امراة يروضها رجل او يسيطر عليها”.
منتديات ليلاس
فغمغم وعيناه ما تزالان تضحكان بسخرية :
” يا للخسارة! فذلك الترويض قد يكون تحديا مثيرا”.
فسالته بهزء:
” هل لنا ان ننتهي من التعليقات الشخصية وننصرف الى معالجة هذه المشكلة , اي سيارتي المعطوبة؟ هل لك ان تزودني باسم شركة التامين ورقم بوليصتك لديها؟”.
فاختلج فمه ثانية بتلذذ لم يستطع اخفاءه , لكنه مد يده الى جيب سترته واخرج دفترا مغلفا بالجلد وقلم حبر ,فاخذت تراقب شطحات قلمه الواثقة وهي تطير على الورقة قبل ان ينزعها من الدفتر ويعطيها اياها قائلا:
” هذا اسمي ورقم هاتفي ايضا في حال احتجت الى الاتصال بي”.
نظرت اليه مرغمة وقرات الاحرف الجريئة لاسم رورك ماديسون وتحته رقم هاتفه واسم شركة التامين.
” هل ارتحت لان اسمي ليس بيتروتشيو؟”.
” يهمني فقط اصلاح سيارتي”.
” من الافضل ان يتم اصلاح الحاجز الامامي في اسرع ما يمكن لانه لاصق بالدولاب وقد يثقبه لكثرة الاحتكاك”.
” انني قادرة تماما على اجراء التصليح المطلوب”.
فهز كتفيه دلالة على اللامبالاة وقال:
“ما زلت مستعدا لتزويدك باسم مصلح خبير وموضوع ثقة اذ لا اريدك ان تقعي في براثن مصلح تاجر”.
” تقصد انك لا تريد شركة التامين ان تقع فريسة احتيال او ان يخسر صاحبك هذه العملية”.
ران صمت قصير حين ابتعد الرجل المدعو رورك ماديسون عن مكان السيارة المتضرر ومر بتيشا متجاهلا اياها , ثم وقف خلفها واسند يده الى سطح السيارة , ولما استدارت وواجهته
قال لها وعيناه تراقبانها بشيء من الوقاحة الكسولة:
” ليس من المفروض ان تكلف التصليحات كثيرا , فهل ابدو لك كشخص في حاجة الى المبلغ الزهيد الذي من المفترض ان يشكل حصتي من العملية؟”.
فاطبقت فمها بخط متجهم واعترفت لنفسها بانه لا يبدو في اي حاجة للمال , فمظهره العام يوحي بالترف
لكن هذا الواقع زادها غضبا , فهزت كتفيها وقالت وهي تشيح عنه لتريه انها لم تكن مهتمة به او بوضعه المادي قيد شعرة.
” بما انني ساتعامل مع شركة التامين وليس معك فلا يهمني امرك البتة .
فاجاب بسخرية قلصت صوته:
” احقا؟ حسبتك تحاولين استفزازي عن تعمد”.
” لقد عرفت اشكالا متعددة من الغرور الذكري لكن غرورك يتصدر القائمة! هل انت واثق دائما والى حد القرف من ان سحرك ووسامتك هما اقوى من اية معارضة؟”.
كانت تيشا مشغولة بتصويب احتقارها المجلد على عينيه البنيتين المحدقتين اليها فلم تلحظ تحركه صوبها
وقال لها بهدوء:
” لقد عذرت لك عصبيتك الاولى لعلمي بتاثير الصدمة عليك, ثم اعترفت بكامل ارادتي بانني كنت المخطىء وما حاولت ان ادحض هذا الواقع, لكنني لا انوي بحال ان ادعك تسترسلين في قذفي بهذه العبارات الرخيصة”.
وما ان انهى تهديده الهادىء حتى احست تيشا بذراعيه تعتقلانها من الجانبين وبوجهه يقترب من وجهها كثيرا مما جعل فمها يجف فجاة.
” ماذا تفعل؟”.
سالته وهي تمقت الخوف الذي زحف الى صوتها حين الصقت جسمها بحاجز السيارة المعدني.
فاجابها وعلى وجهه ابتسامة خالية من المرح:
” اذكرك باننا على طريق ريفية ومهجورة نسبيا”.
” اذن؟”.
” اذن انت تحت رحمتي , بشكل ما”.
هبط بصره الى شفتيها المنفرجتين قليلا من خوف مرتقب لكنها استعادت شيئا من غضبها السابق وقالت بنزق:
“لا تكن سخيفا , فلن اكون ابدا تحت رحمة اي رجل , واقلها رحمتك انت!”.
فاجابها ساخرا:
” لا ادري ايا من العاب الورق تعرفين , لكن في الانواع التي اعرفها انا, يتغلب الملك على الملكة في كل مرة ,وقد يفيدك ان تتذكري ذلك”.
تحركت يده نزولا على السيارة فتقلصت عضلاتها استعدادا لمقاومة تقدمه, واذ بطقطقة معدنية تبعثر تركيزها فنظرت غريزيا الى جهة الصوت وفوجئت برؤية باب السيارة ينفتح … عادت تنظر في حذر الى الرجل الواقف امامها وسمعته يقول:
” هيا, تابعي سيرك يا ذات القبعة الحمراء , او قد يقرر الذئب ان ياكلك في اخر لحظة”.
وكانت عيناه تضحكان من نظرتها غير المصدقة…
لم تحتج تيشا الى دعوة ثانية فسارعت الى اخذ مكانها خلف المقود وبدون ان تابه لانسحابها من المعركة لشدة امتنانها للخلاص من اهتمامه المرفوض…
لم تضيع لحظة في القاء نظرة اخيرة عليه وهي تقلع بالسيارة ثم تسرع بها خلف المنعطف وتختفي عن العيان.
منتديات ليلاس
بعد بضعة دقائق وصلت بيت عمتها وانعطفت بالسيارة الى المعبر ذي الاعمدة على الجانبين.
كان البيت يجثم على جانب تل يطل على واد جنوبي ذي غابات مخضوضرة
ولوهلة اولى كان يبدو بناء عاديا من ارز غير مصقول , وريفيا ساذجا ينسجم مع جغرافية المنطقة , لكن الشمس الملتمعة على نوافذ الجناح العلوي كانت تشير الى داخلية البيت العصرية جدا.
لم تلمح بلانش حين اوقفت تيشا سيارتها وترجلت منها , وفيما هي تهم بتناول بعض اغراضها من المقعد الخلفي , سمعت صوت حجر يتدحرج بين الحصى فاستدارت حولها ,كان هناك عنز اسود مرقط بالابيض يحدق بها , وقد بدا يظهر راسه كوزان صغيران من القرون وتحت ذقنه بداية لحية.
فابتسمت له وقالت:
” من اين اتيت؟”.
فاجابها العنز بهزة راس مهددة ولحظت تيشا نظرة عينيه المخيفة , بدا واضحا انه حسبها تعتدي على املاك الغير
ومع ان قرنيه كانا في طور النمو الا انها لم تشا ان يهاجمها براسه الناطح , فراعت الا تحدث اية حركة مفاجئة قد تثير غيظه ومدت يدها عبر نافذة سيارتها المفتوحة واطلقت صوت البوق.
وحين سمعت الباب الخارجي يفتح , لم تزح بصرها عن العنز وسالت عمتها بتردد :
” اهو صديق لك يا بلانش؟”.
فردت بلانش ضاحكة:
“لقد تعرفت الى بستاني”.
ولدى سماعه صوت عمتها اشاح العنز براسه عن تيسا وهو يصدر ثغاء , فامرته بلانش قائلة:
” اذهب لشانك يا غراف فتيشا جاءت لتمكث معنا”.
وكما لو انه فهم كل كلمة, رمق تيشا بنظرة قصيرة ثم استدار يتمشى بعيدا.
” هل هو البستاني هنا؟”.
سالتها تيشا وعيناها تتسعان في نظرة مرتابة في صحة عقلها.
فهزت بلانش كتفيها والتمعت عيناها وهي تجيب:
” ليس لدي فناء واسع , لكنني احتجت الى من يحافظ على مستوى نمو الاعشاب فاستحصلت على غراف, انه يظن نفسه ايضا كلب حراسة .
فردت تيشا وهي تحدق الى العنز الذي كان عند السياج يقضم العشب قريرا:
” لقد اقنعني بطريقة ممتازة انه كذلك ,ماذا ناديته؟ غراف؟ هذا اسم يناسبه تماما”.
” تذكرت وقتها حكاية سمعتها في صغري وتقول:(كان بيللي مستهلكا جدا الى حد ما ) فسميته العنز الفظ بيللي … انه يقوم مقام حيوان اليف ومفيد فاحيانا يكون حنونا جدا”.
فرمقت تيشا عمتها بنظرة مرتابة وقالت:
” ارجو ان يمتد حنانه ليشملني ايضا”.
” انه فظ مع الاغراب فقط , وعذرا على هذا التعبير … لكن متى تعرف اليك جيدا فسوف يدعك تروحين وتغدين كما يحلو لك, ان مجرد تجاهله لك الان يدل على انه قد تقبلك , فعندما يكون لدي زوار , يرفض احيانا الابتعاد فيروح يحدق اليهم من النوافذ ويترصدهم في الزوايا مما يخيفهم قليلا”.
” انه يطابق صورة الحيوان الاليف بالنسبة الى رسامة غريبة الاطوار , اليس كذلك؟”.
” اتظنين هذا؟ ربما هو يطابق هذه الصورة , والان , هل نفرغ حمولة سيارتك وننقل اغراضك الى البيت؟ لقد اعدت ترتيب الاستديو وخصصت لك جزءا منه كي تعملي فيه”.
” ما كان يجب ان تفعلي هذا”.
” تركت لنفسي مساحة كافية …كيف تقبل ريتشارد امر ذهابك؟”.
منتديات ليلاس
” لم يكن سعيدا به لكنه بدا مقتنعا بانه الحل الافضل”.
ثم اختلج فمها بتعبير حزين وهي تردف:
” البيت سيبدو له الان خاويا جدا وموحشا”.
” لا تستسلمي للشفقة عليه فانت ستتركين البيت عاجلا ام اجلا , وهذه الخطوة ستجعله يعتاد على ذلك من الان , ثم ان العيش الانفرادي ليس سيئا الى هذا الحد, وانا اعلم الناس بذلك”.
فاعلنت تيشا قائلة:
” انا لا افكر في العودة اذ لو فعلت ذلك فلن تمضي ايام حتى اتشاجر واياه حول شيء ما , لكن ارجو فقط الا ازعجك كثيرا بوجودي”.
فابتسمت لها بلانش مطمئنة وقالت وهي تفتح الباب:
” لن تزعجينني , ولو انني فكرت في هذا الاحتمال لما كنت دعوتك … كيف كانت رحلة القيادة الى هنا؟”.
فجعدت تيشا انفها حين تذكرت بسخط ما حدث واجابت:
” لا تساليني!”.
” ماذا حدث؟ هل اخطات في احد المنعطفات وتهت على طرق الجبل؟”.
” ليتني فعلت ذلك! كانت هناك سيارة اجتاحتني جانبا عند ذلك التقاطع في اسفل التل … كان الرجل الغبي ينعطف مسرعا على جانبي من الطريق , وكاد يصدمني من الامام … كنت محظوظة فلم تصب سيارتي الا ببعجة في الحاجز الامامي”.

فسالتها عمتها وهي ترقبها بلهفة:
” هل تاذيت؟ اخبريني؟”.
ولما هزت تيشا راسها , اردفت متنهدة:
” حمدا لله… انك لم تلقي بداية حسنة في يومك الاول هنا”.
” في كل يوم مشمس لا بد ان يسقط بعض المطر “.
طلعت تيشا بهذه الحكمة من عندها وقد صممت على عدم التفكير بلقائها الضارب مع رورك ماديسون , لكنها لم تستطع التخلص من ذلك الشعور القاضم بانه تفوق عليها في حوارها اللاذع.
منتديات ليلاس
وقالت بلانش:
” خصصت لك غرفة النوم الجنوبية لظني بانك سترتاحين اليها فنافذتها تطل على مشهد رائع وواسع للوادي والجبل”.
وانشغلت تيشا حتى العصر في افراغ حقائبها كليا وترتيب اغراضها بشكل مؤقت على الاقل , ثم سارت الى غرفة الاستقبال وغرقت متعبة في وسائد الاريكة ذات الاغطية العنبرية الناعمة, وفي تلك اللحظة تقريبا دخلت عمتها اتية من المطبخ وهي تحمل صينية عليها شراب وبسكويت وسالتها:
” هل انتهيت؟ كنت على وشك ان اقترح عليك استراحة قصيرة , فما رايك بشاي مثلج وبسكويت زبدة الفستق”.
فهتفت تيشا وهي تتناول الكوب المثلج من على الصينية:
” رائع! لقد وضعت كل شيء في امكنة مختلفة مع انني متاكدة بانني ساغيرها في ما بعد”.
” الانتقال يثير الفوضى دائما”.
وافقتها عمتها فيما رن جرس الباب.
رشفت تيشا شرابها وتوجهت بلانش الى الباب , وكان الشاي البارد لذيذ الانعاش وهو ينزلق في حلقها… فركت قفا عنقها ومطت كتفيها لتريح عضلاتها المجهدة من كثرة الانحناء ورفع الاشياء… لم تنتبه كثيرا لغمغمة الاصوات عند الباب الا حين سمعت عمتها تقول بصوت مرح:
” ادخل, اريدك ان تتعرف الى ابنة اخي”.
فاستدارت تيشا وبها فضول للقاء الزائر , لكن ابتسامة الترحيب تجمدت على شفتيها حين شخصت الى الرجل الداخل مع عمتها , كان تعبير وجهه متماسكا في برود اما هي فشعرت كان الاريكة قد سحبت من تحتها… وشهقت بغضب منذهل:
“انت!”.
” هل تعرفان بعضكما بعضا؟”.
سالت بلانش بدهشة مرتبكة وهي تحدق اليهما بالتناوب
فاجاب رورك ماديسون مبتسما:
” يمكنك القول اننا اصطدمنا ببعضنا من قبل”.
فصححت له تيشا بسرعة:
” بل اصطدمت بي”.
” اجل فعلت”.
ثم استدار الى بلانش واردف موضحا لها:
” انا الذي بعج حاجزها الامامي”.
فردت تيشا وهي ترمقه بنظرة حاقدة:
” لولا الحظ لكان قتلني”.
” فهمت”.
تمتمت عمتها بشفتين مطبقتين وكانها تحاول اخفاء ابتسامة , واردفت:
” في حكم الظروف لا ادري اذا كان التعريف ضروريا”.
فقال رورك:
” لقد حزرت بانها ابنة اخيك وقد اكتشفت بنفسي انها من ذوات الشعر الاحمر الاستفزازيات”.
منتديات ليلاس
فقالت تيشا ساخرة:
” شعري احمر قاتم لمعلوماتك وانا لم اكتشف فقط بانك سائق متهور بل سائق مغرور ومتغطرس ايضا!”.
فابتسم وقال بدون ان ينزعج البتة من سخريتها:
“نعم , اعتقد انك اخبرتني ذلك قبل”.
” رورك جاري ايضا”.
تدخلت بلانش بقولها وعيناها البارقتان توصلان الى تيشا رسالة خاصة لم تفهمها لوهلة اولى , فاردفت عمتها:
” اتذكرين؟ قلت انني اريد تعريفك اليه”.
وتذكرت تيشا بسرعة اثارت فيها قرفا … اذن هذا هو الرجل الذي اقترحت عليها عمتها مازحة ان تقيم معه علاقة قصيرة …
تدفق لون زاه الى وجنتيها وعجزت لحظة عن اي جواب , بل الاسوا من ذلك , احست نظرته تتفحص وجهها بتلذذ متسل
واخبرها رورك وهو يسير متمهلا ويجلس على المقعد قبالتها:
” اثناء وجودي في البلدة , رتبت لك موعد لاخذ سيارتك غدا لاجراء التصليحات المطلوبة
” اذن عليك ان تلغي الموعد فقد افهمتك بانني ساقوم بترتيباتي الخاصة”.
وهنا تدخلت بلانش بقولها:
” لا تكوني سخيفة يا تيشا , فمن الصعب جدا ان تجدي هنا شخصا تاتمنينه على اصلاحها , واذا كان رورك قد استطاع تامين موعد فمن الحكمة ان تحافظي عليه”.
منتديات ليلاس
فقذفت الرجل بنظرة نارية وهي توقع منه دعما حارا لكلمات عمتها لكنه بقي صامتا , كان من الاسهل جدا لو انه حاول اقناعها بالقبول كي ترخي العنان لثورتها….
وغمغمت صاغرة وبلا لياقة:
” يبدو انه ليس لدي خيار”.
ولدهشتها , لم يسارع الى استغلال خضوعها بغرور الذكر النموذجي , بل زودها باسم وعنوان الكاراج , وقالت بلانش وهي تعيد كوبها الى الصينية:
” ان كنت ستذهب غدا الى البلدة فاظن انني ساذهب ايضا , فمنذ اسابيع لم احصل على حمام ساخن وتدليك , من الافضل ان اخابر الان لاخذ موعد, وماذا عنك يا تيش؟ ان ينابيعنا المعدنية ممتازة والحمامات الساخنة تحرك الدور الدموية بشكل مذهل , هل اخذ لك موعدا ايضا؟”.
فهزت راسها برفض مهذب وقالت:
” في وقت اخر”.
فاقترحت عمتها وهي تتجه بخفة الى الاستديو حيث الهاتف:
” لماذا لا تاتين لرورك بكوب من الشاي المثلج لبينما اخابرهم”.
فلبت الطلب برغبة تامة كي تهرب من الق عينيه البنيتين ومن حضوره الذي كان يخترق الغرفة بواقع جسدي تقريبا
لكن وقع خطاه المتمهلة وراءها دلت على هزيمتها , فاحسته , اكثر مما راته , يقف على باب المطبخ, وبنيته الفارعة تملا الاطار … كان المطبخ غريبا عليها تماما , وفتحت ثلاث خزائن من دون ان تهتدي الى مكان الاكواب.
” ساجلب الكوب بنفسي”.
تكلم رورك من ورائها وسار راسا الى الخزانة الصحيحة.
” انك تعرف هذا البيت جيدا , اليس كذلك؟”.
سخرت منه تيشا واخذت تراقبه وهو يخرج بلا تردد ابريق الشاي من البراد ومكعبات الثلج من قسم التجليد.
فقال وبصره يتزحلق عليها بسخرية انما يبدو كانه يلمسها:
” اعرفه بدرجة جيدة”.
فسالته وهي تتعمد تثليج صوتها باقصى درجة من الاحتقار:
” اتاتي هنا كثيرا؟”.
” ماذا تريدين ان تعرفي بالضبط؟ هل كنت وعمتك……؟”.
فاجاها بصراحته ولان الفكرة لم تخطر لها ابدا , واردف يقول:
” ان بلانش امراة جذابة ودافئة “.
فهتفت والغضب المرتعب يعمق لون عينيها ويوسعهما:
” انها تكبرك بعشر سنوات على الاقل!”.
” بالنسبة الى رايك في نوعيتي كرجل فلا يجب ان تستغربي الامر “.
” انه لا يدهشني بل يقرفني!”.
منتديات ليلاس
فقال وراسه الاشقر ينحني ببادرة متفهمة امام وقفتها المتصلبة :
” علمت من بلانش انك تربيت بطريقة صارمة جدا , وبالتالي يخيل الي ان وجهة نظرك متزمتة جدا بالنسبة الى العلاقة الذكرية الانثوية”.
” لا يحق لها ان تتكلم واياك عني”.
لكن نظرته المتسلية اليها جعلتها تشعر انها مراهقة بلا تجارب فاردفت تقول:
” انا لست جاهلة تماما لما يختص بالعلاقات البشرية “.
فاختلج جانب فمه بابتسامة مرتابة وسالها:
” وهل لديك معرفة اولية عن الموضوع؟”
” هذا من شؤوني الخاصة جدا , فالمراة بخلاف الرجل , لا تدور هنا وهناك تتبجح بتجاربها!”.
فتالقت عيناه بوميض شيطاني حين اخذ يتفحص قوامها المتوثب بوقاحة وتمهل
ثم غمغم وعيناه تعودان الى وجهها المتورد بشدة:
” هذا غريب , فانت تبدين كامراة خبرت الحياة , ربما يتوجب علي ان اعيد تقييم رايي فيك”.
فقالت بعنف:
” لا تزعج نفسك!”.
” لن انزعج, كنت دائما احب التحديات”.
” صحيح؟ ما رايك اذن بهذا التحدي , انني احتقرك!”.
” هذا جيد كبداية, انما لو قلت انك تكرهينني لكان التحدي اكثر تشويقا”.
” اكرهك ايضا , ويمكنك ان تحتفظ باهتمامك لامراة تقدره , كبلانش مثلا”.
منتديات ليلاس
فقال هازا كتفيه بقناعة تامة:
” انا وبلانش صديقان ليس الا”.
فغمغمت تيشا ساخرة :
” احقا؟ لم تعطني هذا الانطباع قبل لحظة خلت”.
” لقد اخبرتك فقط ما كنت تريدين سماعه”.
كان ينظر اليها بطريقة جعلت ضغطها الدموي يرتفع, فتجاهلت عمدا رنة الصدق في صوته اذ كانت تفيض بغضب خائب من الطريقة التي تعمد خداعها بها … فقالت وهي تجر الكلمات من بين اسنانها المطبقة:
“فهمت , ومن خلال صداقتكما…”.
توقفت حتى يستوعب التشديد الساخر على كلمتها الاخيرة , واردفت:
” اكتسبت معرفتك الحميمة بداخلية بيتها”.
فقال وهو يبتسم الان ابتسامة صادقة :
“الحقيقة هي اكثر معقولية من ذلك بكثير , فانا صممت هذا البيت “.
فاحست تيشا كانها قد علقت على رمح فولاذي بارد , سالته:
” ماذا تعني؟”.
” انا مهندس معماري ولم ارسم التخطيط فحسب بل واشرفت على بناء البيت”.
فردت مضطرب :
” لم اعلم ذلك”.
” لم تسالي انما افترضت اشياء … اظن انك فضلت الاعتقاد باسوا سبب ممكن لمعرفتي بالبيت لان ذلك كان اكثر انسجاما مع رايك في”.
فاتهمته تيشا قائلة وقد عاد غضبها يتدفق الى الواجهة :
” لم تقصد الا ان تجعلني اضحوكة في نظرك”.
” هناك تعبير مستهلك يناسب الظرف, ويناسبك بصورة خاصة , انت جميلة جدا في حالات الغضب , واحسب انني لم استطع مقاومة اشعال الثقاب الذي يلهب فيك نار الغضب”.
ظهرت بلانش في مدخل المطبخ قبل ان تتمكن تيشا الفائرة من التفكير في جواب باتر مناسب…
سالت وهي تنقل بصرها بين الشماتة اللامبالية على وجه رورك ماديسون وبين تيشا المكتوية بالغضب:
” عما تتحدثان؟ هل هي حرب خاصة ام يمكنني الاشتراك فيها؟”.
منتديات ليلاس
فاجابها رورك:
” كنا نتحدث عن كل القلوب المحطمة التي خلفتها الانسة كالدويل وراءها”.
تصريحه الهادىء جعل تيشا تعيش في حيرة , فهما ما تحدثا اطلاقا عن النواحي الرومانسية في حياتها
… فوجدت نفسها تقول وقد حيرها مجرد تلميحه الى شيء كهذا:
” لم اترك اية قلوب محطمة”.
فذكرتها بلانش قائلة:
” لا اظن ان كيفن كان بالغ الفرح لرحيلك؟”.
“كيف استطعت ان تتخلصي من خطيبك؟”.
سالها رورك والبريق الساخر في عينيه الداكنتين يضحك من نظرتها المنذهلة حين جعلها تعلم الى اي مدى كان هو وعمتها يتحدثان عنها.
فاجابته تيشا بفظاظة:
” شرحت له ببساطة انني لست من النوع الذي يحبذ الزواج , وحتى لو كنت كذلك فلن اختاره هو
لكن الحقيقة انها اكثرت من الاعتذار الى كيفن عندما راته اخر مرة , فعلى الرغم من تصريحاتها القاسية امام ابيها
حاولت جهدها ان تكون حازمة ولطيفة مع كيفن.
فقالت عمتها بضحكتها المعهودة:
” لم تكوني لبقة كما يجب لكنه فهم قصدك على ما اظن”.
وقال رورك متجاهلا ذكرها لكيفن ومتابعا تصريحها الاول:
” اذن قررت ان الزواج لا يناسبك؟”.
فغمغمت بعذوبة متناهية:
” يخيل الي ان وجهة النظر هذه هي القاسم المشترك الوحيد بيني وبينك , ام تراني مخطئة في الافتراض بانك عازب خالد؟”.
فطمانها والضحك يكمن في صوته:
” نعم انا رجل عازب , لكنني لا استطيع الاعتراف تماما بانني سابقى عازبا “.
توهجت عينا بلانش وهي تنظر من احدهما الى الاخر , وقالت:
” هذا الحديث سيكون ممتعا على ما يبدو… لنعد الى غرفة الاستقبال حيث استطيع الاسترخاء والاستمتاع بالالعاب النارية”.
منتديات ليلاس
فاستدارت تيشا على عقبيها لتخرج من المطبخ ومنه الى غرفتها وهي لا ترغب في متابعة الحديث مع رورك ماديسون المتغطرس كالطاووس
الا انها لم تحسب حسابا لخطواته الواسعة التي ادركتها قبل ان تصل باب المطبخ, ولا لليد التي اعتقلت ذراعا …
احست لمسته تخر جلدها , وعزت ذلك الى العدائية التي يثيرها فيها.
وهمس في اذنها بصوت حريري مغمغم:
” هل انت تنسحبين قبل بداية المعركة؟”.
فقذفته بنظرة مزدرية ثم نفضت يده بعيدا وسارت بعزم الى غرفة الاستقبال … اذن حسبها قد استسلمت بلا قتال , اليس كذلك؟
كانت على وجهها نظرة اعتذار مصطنع حين واجهت تقاسيم وجهه المنحوتة
وقالت:
” كنت غبية حين وصفتك بالعازب الخالد , اذ لا يوجد في الحياة شيء كهذا”.
فاستقر على مقعده السابق وسالها وعيناه تبرقان حتى العمق:
“وكيف توصلت الى هذا الاستنتاج؟”.
” لان ما من رجل لديه مناعة ضد سلطة المراة اذا اختارت ان تستخدمها , ان الكتب مليئة بقصص رجال ونساء امثال شمشون ودليلة , داوود وبلقيس, استير والملك احشورش… ان المراة تخضع الرجل دائما .
تلاعبت ابتسامة شامتة على جانبي فمها وسالته وهي تحدق الى عينيه الساخرتين من كلماتها حتى العمق:
” الا توافقني يا سيد ماديسون؟”.
رفض الوقوع في مطب اي اعتراف فاجاب وعيناه تضيقان قليلا:
” اكملي, ارجوك , ان وجهة نظرك منورة للغاية”.
” ما اقوله واضح بالطبع, فحين يعرض رجل الزواج فهو الذي يركع على ركبتيه وليس العكس”.
كان صوتها كخرخرة قطة قريرة تلعب بفار , ولاحظت النظرة المختلسة التي وجهتها بلانش الى رورك قبل ان تخفي ابتسامتها وراء كوب الشاي المثلج”.
واجابها رورك:
” ذلك الركوع هو بادرة احترام , لكننا معشر الرجال , لا نحني رؤوسنا ابدا”.
” اننا ندعكم تحتفظون بشيء من الكرامة , ولو كان كل مبتغانا الحصول على خضوع كامل , لاشترينا حيوانا اليفا”.
” هذا كرم منك … يدهشني كيف استطعت اقناع نفسك بانك تؤدين للرجل خدمة بزواجك منه , فبما الارباح في الواقع هي من حصة الرجل” .
فسالته بصوت يقطر سخرية باردة:
” وكيف تفعل ذلك؟”.
” مقابل ثمن الطعام والكساء والسكن وبعض المصروف , يحصل الرجل على مدبرة منزل , غسالة ثياب , طباخة , جلاية صحون , ام لاولاده , جليسة اطفال, ممرضة , قاضية حاجات منزلية وشريكة فراش , وايضا تصبح الزوجة مخفضة ضرائب… هناك فوائد كثيرة من الزواج “.
منتديات ليلاس
” يا لل…”.
بقبقت تيشا وقد عجزت عن صياغة هزيمتها بكلمات
فقال رورك مبتسما بطراوة:
” انا اؤمن بالنظر الى الاشياء من زاوية منطقية واقعية… لا يمكنك الانكار بان هذه حقائق”.
” انت لا تطاق!”.
هتفت ثائرة ونهضت ترمقه بغضب لاهب.
فهز كتفيه وعلق ضاحكا:
” انت التي بدات هذا البحث … ان كنت لا تحبين الحرارة فابتعدي عن النيران”.
” بكل سرور”.
اعلنت تيشا وغادرت الغرفة حانقة.
********نهاية الفصل الثاني*********

  • عروس السراب ليلاس
  • رواية عبير عروس السراب مكتوبة
  • رواية عروس السراب
  • عروس السراب
  • عروس السراب روايات عبير القديمة
السابق
شفاء من الاكزيما
التالي
فساتين باكستانية