افضل مواضيع جميلة بالصور

عقل قاصر

اركون انتقد العقل القاصر على الانخراط في مجتمع المدينة
الاثنين 15 سبتمبر 2024الدكتور اليامين بن تومي استاذ النظرية وتحليل الخطاب.. بجامعة سطيف

تعود الذكرى لتقهر كل اشكال النسيان المرضي من خلال اركون نعود الى ذواتنا دراسة وتحليلا، يضيع الشخصي، محمد اركون، لننخرط في الجماعي نحن، لذلك يفتت اركون في مشروعه بنية الخطاب الاسلامي من لحظة حصول التثبيت فيه، وتاسس الحاكمية على العقول، تلك الاخيرة التي حصل فيها اهدار مضاعف لقيمة العقلاني والانساني في التاريخ الاسلامي. لذلك ومن خلال اهم الاستنادات المرجعية في كتبه، نجده يسلط الضوء على مرحلتين شكلتا ضابطا قاهرا للعقل في الاسلام: النصوص المرجعية التي اطلق عليها نصوص السيادة العليا وهي: القران، السنة، قول الصحابي، والتي اصبحت اليات مراجعتها مضبوطة بنسق الي خاضع للمراقبة واي تجاوز يؤدي للعقاب. -مستوى الفاعل الديني او الشخصي الذي تثبت حاكما على الخطاب نتيجة امتداد فعل القدامة واعتباره موجها قويا للخطاب من الخارج، وبعث اليات السيناريو المتكررة من الصراع بين الفرق الاسلامية. فالنصوص السيادية شكلت بنى دوغمائية / سياجا دوغمائيا ثبت الاصول التي نمطت العقل في اتجاه معلوم الدلالة، من حيث شهرة المعنى الدال على التقييد والضبط، حيث لا يجوز الخروج عن هذا الاطار المغلق للمدلول العام للعقل. ويكون في تخريجه ضد الجابري الذي قسم النظم الثقافية في الثقافة العربية الى بيان وبرهان وعرفان، فاركون يرى ان كل الفرق الاسلامية تختزن مدلولا مرجعيا للعقل الذي ينتظمه قانون واحد. هذا الاخير الذي لم تكن له الفعالية المطلوبة لولا سلطان الشخص الديني الذي حدد السياج الدوغمائي العام الذي يشتغل داخله العقل، ولا يجوز له من ثمة الخروج عليه، وقد وضع على راس الشخوص الدينية التي نمطت المفهوم ولعبت دورا خطيرا في التاريخ الاسلامي: الشافعي، حيث ضبط العقل الاسلامي ضمن سياج محدد لا يمكن الخروج عليه، في شكل سلطة ثقافية وشرعية هي اللائحة التوجيهية للعقل في ممارسة عمله، واي انتهاك للوائح التعيينية يؤدي للعقاب، التكفير او الاهدار الكلي، وهو الية مرنة داخل عمل المجتمع الفقهي تحديدا، هذا العمل القاعدي الذي ضبطه الشافعي جعله حيويا بما يضمن له ديمومة زمنية فيه، فهو فوق زماني / متعال، وبالتالي فالعقل المسلم ينظر دائما للخلف الى نموذج تم بناؤه من فوق انموذج يحرك ولا يتحرك، ومن ثم اي تحليل للعقل الاسلامي لا بد ان ينطلق من تحليل هذا الانموذج الذي تاسس سلطة حاكمة على المجتمع المسلم، حيث تصبح الافعال مجرد قوالب مستدعاة من النص من الكتاب، السنة، الاجماع. وهي الدرجات التعاقبية المشرعة للعقل الاسلامي وتشكل له الفترة التاسيسية او التكوينية، وقد قدمت نفسها عقلا تشريعيا للناس، وعليه اصبح العقل مفرغ الدلالة من راهنيته، من زمانيته التي تدفع الاشكالي فيه، الذي تحدد فاقدا لسمة الوثبة/الثورة الا من داخل تلك المصادرة الكامنة فيه، فعل التثوير عنده (الشافعي) نصوصية لا تاريخية. وحصل سجن لمدلول العقل من كونه فاقدا للارادة اصلا، فاقدا لسمة التداعي والطلب، مستلب الفعالية، لانه اصبح دائرا في خانة الترديد والاجترار لا عقلا ابداعيا، عقل قاصر على الانخراط في مجتمع المدينة، وبهذا الشكل يرتكس العقل في لامعقولاته حين يصبح مجرد استدعاء للقديم وينخرط في لا تواصلية لاعقلانية ليصبح غائرا في طبقات اللامفكر فيه.

السابق
الحفاظ على الوجه اثناء الرجيم
التالي
قدف المني في الماخرة