قصة زائر منتصف الليل , قصةممم طويلة شوي جد جد من اروع ما قرااات ارجون انكم تقراائوها
لازلت اذكر تلك الليلة جيدا التي لن تغيب عن ذاكرتي مادمت حيا ، كيف لا و قد كانت تلك الليلة الاشد رعبا في حياتي ، بل انها اصعب ما مر في حياتي على الاطلاق , لم يكن الامر سهلا لتصاب اختي بالجنون من هول ما رات و انا اشهد تلك الحادثة بين الحقيقة و الخيال ، بين الحلم و الواقع و الاساطير الغير المقنعة و الخوف الرهيب .
كان ذلك عندما ارخى الليل بسدوله القائمة على المدينة و بات بدر الليلة الرابعة عشرة من الشهر يختبئ بهدوء خلف سماء الافق الملبدة بالغيوم الساكنة , لكن ضجيج المدينة و انوار شوارعها كفيلة بابعاد سكنات الليل الرهيب لطمانة ما تخاف من قلوب , غادر والداي المنزل لزيارة جدي مع اعمامي الذي يسكن في المدينة المجاورة كاجتماع عائلي قد اعتدناه كل منتصف شهر و قد بقيت انا و اختي في المنزل مع خادمتنا التي تملك غرفة في الملحق على السطح , منزلنا يتكون من طابقين و ملحق في السطح و حديقة خارجية صغيرة و قبو و موقف سيارات , اليوم اصبحت رجل المنزل المسئول عنه و محل للثقة في عيني والدي , انا شاب في الثامنة عشرة من العمر في السنة الاخيرة من المرحلة الثانوية و بعد شهرين سانتقل للدراسات العليا , الامر ليس سهلا اذ يتطلب علي قضاء الكثير من الوقت في المذاكرة و لست اجد الوقت الكافي لقضاء امسيات مع الصحب و الاقارب , و لذلك رفضت الذهاب مع والداي للسهر على الدراسة اما اختي ريم التي تصغرني بثمانية سنين فقد بقيت في المنزل اثر المرض الذي الم بها في حنجرتها مما جعل من صوتها منخفضا ضعيفا , يصعب عليها الكلام و لا تفعل الا للضرورة .
[ الفيزياء ] هي ما كنت ادرسه على طاولة دراستي في حجرتي في تلك الليلة , لازلت اذكر تلك الصفحة التي توقفت عندها حينما شعرت بالملل جراء متابعة المذاكرة دون استراحة , و ضعت القلم الاخضر بين صفحتي الكتاب و اسندت بجذعي نحو الخلف حتى لامست ظهر الكرسي الاملس , اغمضت عيني لشعوري بالارهاق , و رحت افكر بما سيؤول اليه مستقبلي بعد شهرين , ثلاث طرقات على باب غرفتي سمعتها حينما اخترقت اذني و سمحت للافكار بان تنقطع دون سوابق , اسرعت بالاجابة و انا اعدل جلستي:” ادخلي ” فلابد انها ريم الشخص الوحيد غيري في المنزل , فتحت الباب بهدوء ليصدر صريرا ناعما كوجنتيها التي تتلون بزهور الكرز الوردية , و شعرها البني القصير الذي يصل حتى كتفيها قد تبعثر و يبدو على عينيها النعاس و هي ترتدي ملابس النوم و تحتضن بين ذراعيها ” بيني ” الدمية الدب الذي تم حشوها بالقطن , ” وليد ! لا استطيع ان انام ” نطقتها بهدوء و ضعف , فلمحت الى الساعة بجانبي على الطاولة و قد كانت تشير الى الثانية عشرة و اربعون دقيقة , حولت بنظري اليها و قد ادركت انها خائفة في هذا المنزل الشبه مهجور , انا و هي فقط و خادمتنا التي اعتادت النوم في العاشرة ليلا , مددت ذراعي نحوها و ابتسمت تلقائيا لاشعرها بالطمانينة:” تعالي يا ريم ” اقبلت الي بهدوء و جثت على ركبتيها لتضع راسها على فخذي و انا بدوري وضعت يدي على راسها اربته بهدوء , و ما هي الا ثوان حتى بدات ريم بالتحدث معي,” لقد رايت كابوسا ” قالتها بهدوء فما كان مني حتى اصغي اليها , اكملت ريم:” لم اكن اعرف اين انا لان المكان كان مظلما , لكنني كنت اركض و اصرخ لان هناك من كان يلاحقني و يصرخ بصوت بشع يناديني و هو يهددني بعدم قدرتي على التكلم مرة اخرى ” اهتز كياني و خفق قلبي , فريم لا تزال طفلة و لا يمكن لعقلها ان يستوعب هذا الكابوس المريب لكنها اردفت:” لم يكن احد معي يا وليد , لقد كنت خائفة ” تكاد دموعها تسيل و انا اراها مختبئة خلف الجفنان الناعسان , و حتى ابعث اليها بالامان ابتسمت اليها و قبلتها على جبهتها لازيح ذلك الخوف الرهيب الذي تملكها:” لا باس يا ريم .. انه مجرد حلم ” لم تتغير ملامح ريم اذ لم يؤثر عليها شيئا من كلماتي لكنني تابعت:” لا تخافي يا اختاه طالما وليد موجود فلن يصيبك اي مكروه باذن الله , ام انك تشكين بقدراتي ؟ ان كنت تشكين بقدراتي فلن اتجاوز اختبار القدرات بعد شهرين ” ابتسمت قبل ان تسقط قطرات عينيها و هي تقول:” لكنك ستجتازه و ستشتري لي الكثير من البوظة كما وعدت ” سررت بما رسم على محياها و لذلك رددت مسرورا:” بالتاكيد ” رغم انشغال عقلي بما قالته .
فجاة و بدون سابق انذار سمعنا انا و ريم صوت جرس المنزل , هتفت ريم رغم ان صوتها كان مبحوحا:” امي ! لقد وصلوا ” ركضت ريم مسرعة لتتجه صوب باب المنزل , و انا نهضت من كرسي و تبعتها و حينما عتبت باب غرفتي ادركت انهم لا يعودون قبل الغد مما جعلني اهرول مسرعا لاصل لمعرفة زائر منتصف الليل , لكن ريم سبقتني بفتح الباب قبل ان تطا قدمي المدخل وليتني مرنت قدماي لتكون اسرع من البرق و لكنني لم افعل , و عندما وصلت الى المدخل حينما كانت ساعة المنزل ترن عند موعد الساعة الواحدة بعد منتصف الليل فاجاني من كان يقف خلف الباب القويم الذي قال بصوت خشن:” السلام عليكم ” رجل ضخم الجثة اشعث الشعر كثيف اللحية , ملابسه مهترئة نوعا ما و ممزقة في مواضع و يرتدي حذاء مغبر قديم , كانت عيناه الشاحبتان و صوته و جلده المجعد الاسمر بل الاسود اكثر ما كان له وقع كبير على قلبي الذي هلع من مظهر ذلك الشيء الذي يقف امامي الذي بدا لي انه اعرابي اصيل , و كانت بجانبه جسد اسود يرتدي عباءة فضفاضة مجردة من كل ما يزينها و على يديها قفازا اسود اللون و حذاء اسود كما يبدو لي , ريم التي فتحت الباب لم تكن اقل هلعا مني بل تركت الباب مفتوحا و هرعت نحوي متشبثة بي , و حينما ادركت انهما رجلا و امراة اقبلت اليهما رغم خوفي و ارتجافي و استقبلتهما بكل حفاوة حينما لا يزالان يقفان عند الباب و ريم مختبئة خلفي فرددت:” و عليكم السلام , اهلا ” ثم ترددت بقولي:” هل .. من خدمة ؟ ” بدا لي ان ذلك الرجل قد استغرب من كلامي حينما بدت عيناه اكثر اتساعا من ذي قبل ثم قال:” لا يبدو اننا اخطانا في العنوان فهذا منزل سالم الجابري اليس كذلك ؟ ” اجبت بارتباك:” بلى .. انه هو ” ثم قال:” اذا اين والدك ؟ ” اجبت حين يكاد قلبي يقع ارضا:” لا , ابي ليس موجودا لن يعود قبل الغد ” رفع بنظره عاليا حيث السقف , حيث لا داعي للنظر هناك , لكن المراة التي كانت تقف بجانبه امسكت بذراعه و جذبته نحوها فانحنى جسده نحوها , ثم قربت راسها من راسه , و اعتقد انها كانت تحدثه بامر ما , في تلك الاثناء لاحظت شيئا ما , كيسا اسود كبير خلف الرجل الغريب , كان الكيس مربوطا بحبل يصل طرفه لليد اليسر للرجل , استقام الرجل و تابع حديثه معي:” اذا اين امك ؟ ” اجبت بسرعة:” امي ليست موجودة ايضا ” فقال الرجل:” هل تعيشان وحدكما ؟ ” و رغم ان سؤاله كان عاديا الا انه ارعبني حينما بدات تلك الافكار السيئة تخترق عقلي فلم اجيب لكنني قلت:” عفوا يا عم .. من انت ؟ ” ابتسم الرجل في وجهي و اجابني قائلا : ” انا جار قديم لوالدك , و قد جئت لزيارته بعد موعد مسبق معه ” استغربت كلماته , اذ كيف لوالدي ان يتخلف في موعد و لم يفعل ذلك مسبقا , منذ تلك اللحظة بدات هواجس العقل بالعمل وليتني لم اردعها , اردف الرجل بسرعة حينما شعرت بان الزمن يمر علي ساعات:” يا بني .. قد قطعنا مسافة طويلة من اجل هذه الزيارة , هلا تسمح لنا بالدخول بعض الوقت و سنعود في وقت لاحق ” شعرت بالاسى عليهما اذ يبدو عليهما الارهاق و قد تاخر الوقت و ما دعم مشاعري نحوهما هي الكلمات الاخيرة التي كان صداها يتردد في اذني حتى سمحت لهما بالدخول الى غرفة الضيوف ليستريحا و قد نسيت المقولة المتداولة [ لا تفتح الباب للغرباء ] وليتني ثبت تلك الجملة في ذاكرتي بمسمار لا ينكسر و لا يهترئ مع مرور الزمن .
تركتهما في غرفة الضيوف و هرعت الى غرفتي مسرعا لاتصل بوالدي بهاتفي الخلوي اسرعت بالضغط على الازرار و انا ارتجف مما رايت و سمعت و شعرت , ” لماذا ادخلتهما ؟ ” صرفت نظري نحو ريم التي سالت بهدوء و هي تقف عند باب غرفتي , فاردفت ريم:” انهما غريبان ” عندها تذكرت تلك المقولة بعد فوات الاوان و قد اعتلى وجهي الخوف و الارتباك و الشعور بالذنب , و لكن كل ما كان سيئا لم يظهر بعد , [ فشلت المكالمة ] هذا ما ظهر على نافذة هاتفي المحمول فالاتصال بوالدي غير مسموح , حاولت محادثة امي و لكن دون فائدة كما فعلت ذلك مع اختي هدى التي ذهبت معهما , احترت بما يمكن ان افعل الان و وقفت كالابله انتظر وصول القدر الي و نسيت ان هناك شيئا ما يدعى ب[ هاتف المنزل ] , لكن ريم قالت:” الن تقدم اليهما الماء ؟ يبدوان متعبان ” لم ادرك ما قالته حتى انطلقت نحو المطبخ و لكنني منعتها الا ان اذهب معها فاستجابت لما قلت .
اي هدوء يعتريه هذا المنزل الشبه مهجور ؟ و كانني في قلب صحراء كبيرة خالية من كل اشكال الحياة , جلست اقابلهما في غرفة الضيوف ارفع عيناي نحوهما كلما سنحت لي الفرصة بمراقبتها و الصوت بيننا معدوم , لا كلام لا حركة لا نفس , مما سمح بتلك الهواجس بالعودة , هل هذا الرجل صادق في كلامه ؟ انا لم اره مسبقا , اهو احد المجرمين ؟ هل سيقدم على اذيتنا ؟ لابد انه طلب الدخول لغرض ما , لماذا سمحت له بالدخول ؟ كم انا احمق , كيف نسيت توصيات امي ؟ كيف ساخرجهم الان ؟ ماذا سيحدث لنا ؟ , فجاة ! شعرت بشيء ما يلتصق بذراعي فنظرت كالمصعوق نحوه فاذا بها ريم تجلس بجواري , و بما انها في العاشرة من العمر فهي لم تلتزم بحجابها بعد و اصبحنا كلنا نحن الاربعة متقابلين في غرفة الجلوس , و اخيرا نطق الرجل:” اخبرني ايها الشاب ما اسمك ؟ ” اجبت و لم يكن لدي خيار:” وليد ” همهم الرجل و هي يضع يده على ذقنه و قد بدا انه يفكر بشيء ما , و للمرة الثانية جرت تلك المراة بذراع الرجل و فعلت ما فعلته سابقا فاذا بالرجل يحرك شفتاه دون ان اسمع منهما شيئا , الحق علي ان حدث لنا مكروه , انهما غريبان ! غريبان جدا , نطقت ريم بكلمات لم اسمع منها شيئا بصوتها المبحوح , و حينما هممت بطلب اعادة ما قالته قفز الرجل بصوته يقول لي:”وليد .. لم سمحت لنا بالدخول ؟ ” قفز قلبي من مكانه و اصبح يجري في جسدي هلعا بل ان دمي يكاد يتجمد في مكانه و لساني عاجز عن النطق و لم احرك ساكنا سوى عيناي التي اشعر بها تتحرك في كل الاتجاهات بحثا عن جواب مناسب انطقه قبل ان يبدي هذا الرجل اي تصرف , لكنه قال:” يا وليد ان امراتي تريد استخدام دورة المياه , هلا سمحت لها ؟ ” و كان الدهر يمر امامي و الزمن يمر بتثاقل في مشيته و انا بين خيارين اسهلهما مر , هل اوافق لاعرض انفسنا للخطر ام ارفض لاعرض انفسنا ايضا للخطر ؟ لكنني اجبت:” نعم بالتاكيد ” وقفت من مقعدي لكن الرجل منعني بقوله:” كلا ايها الشاب ان امراتي تخاف من الرجال الاجانب عنها , و اني لا اسمح لاحد بمرافقتها دوني ” تبدو معانيه مقبولة و لكن طريقة نطقه لتلك الجملة ارعبني لكنني سالت:” اتريد مرافقتها ؟ ” اجاب:” الا يمكن لاختك ان ترافقها ؟ ” وقفت مندهشا:” ريم ! ” نظرت نحوها و هي تجلس بهدوء على المقعد و تنظر نحوي و قد بدا عليها الخوف , كلا لن اسمح لريم بان ترافق تلك الغريبة وحدها , كما انها خائفة و لا يمكن ان يكون هلعي منهما اكبر من خوفها , بالكاد تستطيع ان تصمد , لن اوافق , قال الرجل:” اتسمح ام لا ؟ ” رددت قائلا:” دورة المياه على يسار الغرفة في اخر الممر ” ادارت المراة براسها نحو الرجل فحدثها بكلمات لم افهمها و كانه يتكلم بلغة اخرى , قامت المراة و سارت نحو الباب , لكن مشيتها كانت غريبة , و كانها تقف على ارض صابونية تمكنها من الانتقال دون المشي , او لكان الرياح تدفعها نحو الباب مما اثار الرعب في قلبي و ليصبب العرق على جبيني لرؤية ذلك الشيء الاسود يطير في الهواء بجانبي , قال الرجل بصوت اخشن:” يا وليد ! لا تحدق في امراتي ” ذهلت لما يقول و انا التفت اليه بسرعة و كانني ارتكبت جريمة لكنني اتفهم موقفه بانه يغار على زوجته فهاهم حال الاعراب البدو , ثوان قليلة فاذا بالمراة تقبل نحونا , كيف انتهت بهذه السرعة ؟؟ هل استعملت دور المياه بهذه السرعة ؟؟ , همست للرجل حيث لم اسمع صوتها ثم قال:” يا وليد ! ان امراتي لا تعرف كيف تفتح الباب , و اني لارجو منك ان تسمح لاختك بالذهاب معها لتفتحه ” ما الذي يقوله هذا الرجل ؟ و اي امراة غبية تلك ؟؟ فالباب عادي , نظرت نحو ريم ففهمت مقصدي خطا و نهضت من فورها لكنني همست لها:” عودي بسرعة ” اذ لم ارد ان يلحظ اي من الغريبان مقدار خوفي منهما فاومات لي بالموافقة و اتجهت صوب الباب ثم تحدث الرجل الى المراة بكلمات اخرى غير مفهومة و تبعت تلك المراة ريم ليخرجا من الغرفة , ثم اردف الرجل:” انها اجنبية و لا تفهم اللغة العربية ” شعرت بنفسي و انا احرك بساقي متوترا الا ان الرجل كان اسبق مني بالملاحظة:” يا وليد ما خطبك ؟ ” كان كل ما افكر به هو عودة ريم و قد شعرت بالساعات تمر و ما كانت سوى بضع ثوان لكنني نهضت من فوري لالحق بهما لكن الرجل قال:” يا وليد ما بك ؟ , ويحك اين ستذهب ؟ ” نظرت اليه مستنكرا ما يقول اذ ان هذا المنزل اعيش فيه و لي حرية التصرف , فتجاهلته و لحقت بريم و المراة الغريبة و لكن كلمات الرجل جمدتني في مكاني قبل ان اخطو عتبات باب الحجرة:” يا وليد ! هل تخاف من الظلام ام من الموت اكثر ؟ ” حدقت في ذات الرجل و كلي رجفة و رهبة اذ نهض ووقف على ساقيه و هو ينظر الي و انا لا املك من القوة ما يمكنني من الهرب خوفا منه و فجاة اظلمت الدنيا علي و اسودت و لا ارى شيئا بعيني
ظننت انني سقطت ارضا واغشي علي ولكنني ادركت انني لازلت واقفا , مشيت بخطوات مبعثرة فاصطدمت بشيء ما , تحسسته فكان باب الحجرة الذي اعرفه جيدا , ادركت ان الكهرباء قد انقطعت و الظلمة قد جعلت من ارجاء المنزل حالك الظلام , عقيم الصوت اخرس , اتجهت مسرعا نحو دورة مياه الضيوف قبل ان يسبقني الرجل الى هناك:” ريم ! ريم ! ” ناديتها بصوت عال , فتحت باب دورة المياه بعنف و ناديت ريم , صوت هدير المياه هو ما اسمعه فقط في تلك الاثناء فادركت انه قادم من المغسلة التي احفظ مكانها جيدا في العتمة السوداء , اتجهت الى الصنبور و اغلقت المياه علني استطيع سماع صوت ريم الضعيف:” ريم ! ريم ! ” جلت في انحاء المنزل بحثا عنها لكن لم تحدث استجابة , و لكن اين ذهب ذلك الرجل و امراته الغريبة ؟؟ هل يمكن انهما قد اختطفا ريم و خرجا من المنزل ؟ و اي احمق انا ؟ هل ذهبت المراة لتقطع التيار و تخطف ريم ليلحق بها زوجها و اقف انا كالابله هنا , ريم ريم اين انت يا اختي ؟ , اتجهت نحو باب المنزل مسرعا املا باللحاق بها ان كانت نظريتي صحيحة لكنني فوجئت بان الباب مغلقا باحكام حاولت فتحه بقوة و مرة اخرى بتان و لكن كل ذلك لم ينجح , لفت انتباهي ما يحدث في غرفة الضيوف بالمقربة مني حينما سمعت صوتا ينبعث من هناك , اهتز كياني و استدارت الاسئلة في عقلي عما يكون ذلك الشيء , كان فحيحا ان لم اخطئ و اصوات خطوات تسير هناك , في ذلك الوقت انقشعت الغيوم عن القمر و استطاعت خيوطه اختراق نوافذ المنزل ,اقتربت من الحجرة شيئا فشيئا حتى تمكنت من خطف ما يجري بالداخل و قد هالني منظرها ,جسد اسود يقفز و يرتمي على الارض و يتحرك بعشوائية و دون ارادة و كانه يرقص طربا , في تلك اللحظة شعرت بانني في اسوء موقف يمكن ان يمر به اي انسان , انها امراة الرجل الغريبة اراها و هي تضرب على الارض و تجثو على ركبتيها و تقفز و لا شيء من جسدها يمكن ان يظهر سوى ذلك السواد الذي رايته عليها منذ البداية , انطلقت بكل قوتي اركض الى ما لا اعرفه اتخبط في الظلام فحسب فلابد ان خوفي مما يحدث في ذلك الوقت كفيل بمسح ذاكرتي مؤقتا لانسى تفاصيل هندسة المنزل الذي اعيش فيه ,صعدت الدرجات العلوية حينما شعرت بانني ابطا مخلوق على وجه الكرة الارضية , تبعثرت على الدرج لكنني اسرعت بالصعود لاعلى دون ان اشعر باصابات المت بي جراء سقوطي , فتحت باب السطح و اغلقته فور دخولي هناك و جلست الهث كما لم يكون لي اي غدد عرقية , ماذا سافعل الان ؟ اين ساجد ريم ؟ و اين ساخرج نفسي من هذا المازق ؟ فتلك المراة مجنونة او كما يبدو لي انها ليست سوى مخلوقا من الجن قد اثارت كل خلية ساكنة في جسدي,” ريم ! اين انت ؟” جلست اناديها و انا اجول غرف الملحق الموجود على السطح , ومض في ذاكرتي اخر مرة كنت افعل بها ما افعله الان [ لعبة الاختباء ] و ليت الدور كان علي الان , فريم تحب الاختباء في حجرة التنظيف و في الغسالة بالذات , توجهت الى هناك بسرعة و كلي املا بالعثور عليها هناك , كانت الرؤية في السطح اسهل مما كانت عليه في الاسفل ,فتحت باب الحجرة و تقدمت نحو الغسالة:” ريم ! اانت هنا يا ريم ؟ انا وليد ؟ ” و ما ان لفظت تلك الكلمات حتى سمعت صوتها يصدر من الغسالة كما توقعت , ” وليد ! ” خرجت ريم من الغسالة و انطلقت نحوي تحتضنني و هي خائفة حتى كاد اهتزاز جسمها ان يوقع زلزالا في المنزل , شيء من الاريحية بدا يسكن قلبي و لكن الخوف سرعان ما سكنه اذ نحن لازلنا في المنزل الان .
خرجنا من الباب الخلفي عبر السلم الذي يوصلنا الى الشارع مباشرة دون المرور بالمنزل و انا امسك بيد ريم التي كانت تمشي خلفي لكنها همست:” وليد ! ماذا عن فاريون ؟ ” , تذكرت خادمتنا فاريون التي تنام في الملحق لكنني اجبت ريم:” لا تقلقي عليها سنخرج ثم نعود “, ردت بحروف متقطعة:” و لكنهم سيصلون اليها قبل ان نعود “, فقلت لها:” لا تخافي يا اختاه لقد اقفلت باب السطح ” فكما اذكر ان المراة لا تعرف كيف تفتح الابواب و رجوت لو يكون زوجها كذلك , فبالكاد استطعنا تجاوز منتصف السلم و لن اعود لاعرض نفسي و لاختي الخطر , ساتصل بالنجدة بعد ان نتمكن من الخروج .
و اخيرا و صلنا الى باب المبنى , حمدا لله انهم لم يقفلوه , خرجنا و نحن نجري بسرعة عبر الحديقة الخارجية الصغيرة و باب المنزل الاساسي يبعد عنا بضعة امتار و لانني كنت اسرع من ريم فقد سقطت ارضا و انفصلت يدي عن يدها نظرت نحوها فاذا بها تتاوه و تمسك بقدمها اليمنى فعرفت انها قد اصيبت جراء سقوطها لكنني صرخت:” هيا يا ريم ” وقفت ريم لكنها سرعان ما عاودت السقوط فقالت:” لا استطيع السير فقدمي تؤلمني ” و بينما انا و ريم في ذلك الموقف اذ ومضت نوافذ المنزل كلها كدليل بان جميع انوار المنزل قد فتحت حتى تلك التي لم تكن مفتوحة قبل انقطاع الكهرباء و انا و ريم بين هول و خوف و ارتعاب فما استطاع شيء من جسدي ان يحرك شيئا حتى اغلقت جميع الانوار دفعة واحدة مرة اخرى و عاودت تشغيل نفسها للمرة الثانية و هي تصدر صوتا غريبا كمن ينفخ في بوق , امسكت بيد ريم وحملتها على ظهري على عجل و لكن قبل ان اخطو خطوة واحدة للوصول الى نهاية الطريق فاجاني ذلك الشيء الضخم الذي يسد باب المنزل كالجدار في طريقي فادركت من ثباته انه الرجل الضيف الذي حل على المنزل بعد منتصف الليل فقال:” يا وليد ! هل تخاف من الظلام ام من الموت اكثر ؟ ” مع كل تلك المشاعر و الافكار و الهواجس جعل من قلبي يسقط بين احضاني و انا اشعر بان الموت سيخطفني لا محالة و ساخذل ريم التي ترتعب على ظهري فنظر الرجل الي و نطق بكلمات غريبة تشبه تلك الكلمات التي كان يتواصل بها مع زوجته و صوته يزداد ارتفاعا و خشونة و سرعة اكثر فاكثر ثم رفع الرجل بذراعه ليشير الى سطح المنزل , نظرت هناك فاذا بشيء معلق من اعلى السقف مربوط بحبل و بعد بضع ثوان ادركت بان ذلك الشيء ما هو الا انسانا قد احيط الحبل برقبته فعلمت انها فاريون الشخص الوحيد في المنزل و قد فارقت الحياة فشهقت شهقة قوية جعلت من الرجل ان يضحك بل انه قد قهقه بطريقة هستيرية , و قبل ان التفت اليه لمحت احدهم يخرج من باب البناء الاساسي , امراة ترتدي عباءة سوداء و يغطي شعرها الاسود الطويل معظم وجهها و هي تسير و لكنها لا تمشي بل و كان هناك من يدفعها من الخلف حيث لا استطيع رؤيته , هاهو صوتها قد اظهرته و هي تنطق بتلك الكلمات الغير مفهومة و تنظر الينا بنظرات قاسية مرعبة و زوجها من خلفي يبادلها تلك الكلمات مصحوبة بالضحك و هما يقتربان منا اكثر فاكثر , و منزلنا يبعث بعض الموسيقى باصوات الرياح , لم اشعر باقدامي في ذلك الوقت بل ان قلبي يتراقص خوفا و تهتز عيناي ارتعابا و اظافر ريم تخترق جلدي من شدة خوفها , فجاة صوت ما يتعالى بكل عزة و ايمان:” الله اكبر الله اكبر ” هاهو موعد اذان الفجر ينطلق من مسجد قريب لمنزلنا و ذلك الرجل و امراته يتوقفان في مكانيهما صامتان , ثانيتان و انطلقت المساجد الاخرى شيئا فشيئا تؤذن , لاحظت تلون ملامحهما الى التفاجئ فالغيظ فالعبوس ثم الغضب فقال الرجل حانقا ” يا وليد ! ستدفع الثمن ” ثم اختفى امام ناظري و اختفت تلك الاخرى دون ان يتركا اثرا حسيا سوى فاريون التي تتارجح في الاعلى , اما ريم فقد اغشي عليها و انا بدوري مازلت ارتجف .
اشرقت الشمس و اسدلت بخيوطها الذهبية في ارجاء الحي , وصلت الشرطة , وصل الاهل , و تم تبليغ مكتب السفارة بوفاة فاريون كحادثة انتحار فلا احد يصدق ما اقول عن ذلك الجني و زوجته اذ كيف لتلك الليلة ان تكون حقيقية , و لهذا السبب صرح الجميع سبب الجنون الذي اصاب ريم كحادثة اثرت على عقلها لمشهد لم ترى مثله سابقا اما انا فقد حاولت متابعة حياتي و كان شيئا لم يكن غير بعض الخوف الذي ينتابني احيانا من الظلام , [ يا وليد ! هل تخاف من الظلام ام من الموت اكثر ؟ ] مقولة الرجل التي لا استطيع ازاحتها عن ذاكرتي و لم اجد لها اجابة حتى الان , لكننا في كل الاحوال انتقلنا من ذلك المنزل لعل حال ريم تتحسن , و من ناحيتي انا فلدي شكوك ان كان الرجل و زوجته قد سكنا هذا المنزل بعد ان لاحظت سقوط الكاس من يدي بعنف دون تزحلق , لقد سمحت لهما بالدخول و لن يخرجا , تبا لقد فعلت .
- قصص خيالية طويلة
- اجمل قصص خيالية طويلة
- قراات قصص
- قراات قصص طويلة
- قصص مروية طويلة