الايمان بالقضاء والقدر، من العقائد التي يجب ان تعلم بالضرورة.
اشار الى هذا صاحب الجوهرة :
وواجب ايماننا بالقدر و بالقضا كما اتى في الخبر
لقوله صلى الله عليه وسلم :
(( الايمان ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الاخر، وبالقدر خيره وشره ))
(رواه مسلم وابو داود والترمذي والنسائي)
والقضاء تعلق علم الله وارادته بايجاد الاشياء على وجه مخصوص والقدر ايجادها فعلا على هذا النحو.
تعلق القضاء بالعلم، وتعلقت الارادة بالقدرة والفعل
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ان هناك علاقة بين توحيد الالوهية وبين القضاء والقدر، فقال صلى الله عليه وسلم، فيما رواه الديلمي بمسند الفردوس :
” الايمان بالقدر نظام التوحيد ”
النتائج النفسية التي يحققها الايمان بالقضاء والقدر فيما رواه الحاكم في تاريخه : ” الايمان بالقدر يذهب الهم والحزن “.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن الخوض في موضوع القضاء والقدر، والبحث في مكنون اسرارهما، لان المخلوق الحادث لا يستطيع ان يدرك علم الخالق القديم، فقال صلى الله عليه وسلم :
(( اذا ذكر اصحابي فامسكوا، وغذا ذكرت النجوم فامسكوا، واذا ذكر القدر فامسكوا ))
[رواه الطبراني وابن عدي بسند حسن]
والمؤمن يجب ان يعتقد ان جميع افعال العباد، وكل حادث في الكون انا هو بقضاء الله وقدره، ولكن مشيئة الله شاءت ان يكون للانسان مشيئة حرة، هي اساس التكليف، والابتلاء، ومناط الثواب والعقاب، وبسببها يكسب الانسان الخير، او الشر، فيثاب على الخير، ويعاقب على الشر قال تعالى :
﴿ لا يكلف الله نفسا الا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت﴾
[سورة البقرة الاية 286]
والقضاء والقدر نوعان : نوع لا كسب فيه للانسان ؛ لانه لا ارادة له فيه ولا يؤاخذ عليه، كحركة الافلاك والانواء، ونزول المطر، ونمو النبات، واختلاف احوال الناس من صحة ومرض، وقوة وضعف وغنى وفقر، وحياة وموت، وبما ان من لوازم الحكيم، ان تكون افعاله حكيمة، والقضاء والقدر من افعاله، فالقضاء والقدر الذي لا كسب للانسان فيه متعلق بالحكمة، والحكمة متعلقة بالخير المحض، قال تعالى مشيرا الى هذا النوع من القضاء والقدر :
﴿ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير (26)﴾
[سورة ال عمران الاية 26]
والنوع الثاني من القضاء والقدر متصل بافعال العباد، فالانسان منح ارادة حرة هي اساس التكليف، والابتلاء، وقد منحه الله ايضا مقومات التكليف، والابتلاء، فسخر له ما في السماوات والارض تسخير تعريف وتكريم، ليؤمن به ويشكره، ومنحه العقل قوة اداركية يتعرف به الى الله خلال الكون المسخر، قال تعالى :
﴿ والسماء رفعها ووضع الميزان (7) ﴾
[سورة الرحمن]
وبعث الانبياء والرسل، وانزل معهم الكتاب بالحق، ليكون منهجا للانسان يهتدي به.. قال تعالى :
﴿ فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ﴾
[سورة طه الاية 123]
واودع الله في الانسان الشهوات، ليرقى بها صابرا او شاكرا الى رب الارض والسماوات، قال تعالى :
﴿ واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى (40) فان الجنة هي الماوى (41)﴾
[سورة النازعات]
لقد منح الانسان ارادة حرة، لتكون اساس التكليف والابتلاء، وليكون النجاح بها ثمن العطاء، ومادام الانسان قد منح هذه الارادة الحرة ليكسب بها اعماله الاختيارية، وليكون مسؤولا في حدود ما منحه الله امكانات، فلن تسلب منه هذه الارادة الحرة ؛ لانه يستحيل ان تتناقض ارادات الله، ومتى توجهت ارادة الانسان الى فعل شيء، في الدائرة التي هي مناط اختياره، تعلقت ارادة الله فامدته بالقدرة على تحقيقها وسيرت الفعل الاختياري الكسبي للانسان الى الجهة التي تستحق الخير او الشر، وهكذا توظف مشيئة الانسان الحرة الخيرة، او الشريرة للخير المطلق. قال تعالى:
﴿ وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون (129)﴾
[سورة الانعام الاية 129]
وهنا محل الاشارة الى مقولة : ” ان الله خالق لفعل الانسان ” فهذا لا يعني انه اجبره عليه، ولا يعني ايضا انه رضيه منه، ومقولة : ” ان الله علم ما كان وما سيكون ” لا يعني ان علم الله هو الغاء لاختيار الانسان، انه علم كشف وليس جبرا، فالجبر يتناقض مع التكليف.
(ويضيف بعض العلماء على مقومات التكليف، القدرة الظاهرة على تنفيذ مشيئة الانسان، وهي في حقيقتها قدرة الله التي تتحقق بها مشيئة الانسان)
والابتلاء والمسؤولية والجزاء والثواب والعقاب.. لقول الله عز وجل :
﴿ سيقول الذين اشركوا لو شاء الله ما اشركنا ولا اباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا باسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ان تتبعون الا الظن وان انتم الا تخرصون (148) قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم اجمعين (149)﴾
[سورة الانعام الاية 148-149]
وهذه اية محكمة هي اصل في نفي الجبرية، وتحمل الايات المتشابهة كما هو راي علماء الاصول على الايات المحكمة.
ولعل في قول سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما
((الحسن بن علي رضي الله عنهما : هو سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وريحانته، واشبه خلق الله به في وجهه، ولد في سنة 3ه. كان يحبه صلى الله عليه وسلم، وكان اكثر دهره صامتا، فلا يدخل في مراء، ولا يدلي بحجة حتى يرى قاضيا، توفي بعد وفاة والده بستة اشهر. وصالح معاوية سنة 41ه وسمي ذلك العام عام الصلح، ورفع مقامه فهو واخوه سيدا شباب اهل الجنة.(سير الاعلام 3/245)(البداية والنهاية 8/42))
تلخيصا لعقيدة القضاء والقدر عند اهل السنة والجماعة : من لم يؤمن بقضاء الله فقد كفر، ومن حمل ذنبه على الله فقد فجر، وان الله تعالى لا يطاع استكراها، ولا يعصى بغلبة، لانه تعالى مالك لما ملكهم، وقادر على ما اقدرهم، فان عملوا بالطاعة لم يحل بينهم وبين ما عملوا وان عملوا بالمعصية فليس هو الذي اجبرهم على ذلك، ولو اجبر الخلق على الطاعة لاسقط الثواب، ولو اجبرهم على المعصية لاسقط العقاب، ولو اهملهم كان ذلك عجزا في القدرة، فان عملوا بالطاعة فله المنة عليهم، وان عملوا بالمعصية فله الحجة عليهم “.
انظر (المرقاة 1/52) نقلا عن تائية القضاء والقدر وشرحها
وللحسن البصري رضي الله عنه اجوبة شافية في القضاء والقدر، فعندما قيل له : ان الله اجبر عباده ؟ قال : الله اعدل من ذلك، فلما قيل له : افوض اليهم ؟ قال : هو اعز من ذلك، ثم قال : لو اجبرهم لما عذبهم، ولو فوض اليهم لما كان للامر معنى.
وهناك من يعتذر بالقضاء والقدر ليتنصل من المسؤولية، وهذا عذر واه وحجة باطلة.
فتجاهل الارادة الحرة التي منحها الله للانسان، وكذلك الفكر الذي يميز به الخير من الشر، والشرع الذي فيه تبيان لكل شيء، فان هذا التجاهل لا يعفي صاحبه من المسؤولية.
(( اتي برجل سارق الى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فقال له عمر : ما حملك على السرقة ؟ فقال : قضاء الله وقدره يا امير المؤمنين فامر عمر بقطع يده ثم حسمت، ثم جلده ثمانين جلدة، وقال له : انما قطعت يدك لسرقتك، وانما جلدتك لكذبك على الله واحتجاجك بالقضاء والقدر، فقضاء الله تعالى لم يخرجك من الاختيار الى الاضطرار ))
- كلام القدر ولحياه
- عبارات عن القدر
- فراق القدر
- عن القدر
- عبارات جميله عن القدر
- صوركلام بالقدر
- صور كلام القدر
- بوستات حزينه مكتوبه حب من طرف واحد
- انشاء عن القدر
- اقوال عن القدر