الاصل مع اهل الاهواء والبدع عدم الجلوس معهم وجدالهم لان الغالب ان القلوب تتاثر بهم الا من رحم الله لزخرفتهم القول ولجاجهم.
قال الحسن، وابن سيرين – رحمهما الله -: “لا تجالسوا اصحاب الاهواء، ولا تجادلوهم، ولا تسمعوا منهم “.
قال عطاء – رحمه الله -: اوحى الله – عز وجل – الى موسى – عليه السلام – : ” لا تجالس اهل الاهواء، فانهم يحدثون في قلبك ما لم يكن فيه “.
قال مجاهد – رحمه الله -: “لا تجالسوا اهل الاهواء، فان لهم عرة؛ كعرة الجرب”.
وقال ابو قلابة – رحمه الله -: “لا تجالسوا اهل الاهواء، ولا تجادلوهم، فاني لا امن ان يغمسوكم في ضلالتهم، او يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون”.
وجدالهم ونقاشهم يدمي القلب ويمرضه ولا فائدة فيه وحذر السلف من ذلك وهم اعلم منا.
قال وهب بن منبه – رحمه الله –: “دع المراء والجدال عن امرك فانك لا تعجز احد رجلين: رجل هو اعلم منك، فكيف تماري وتجادل من هو اعلم منك؟ . ورجل انت اعلم منه، فكيف تماري وتجادل من انت اعلم منه؟ ولا يطيعك؛ فاقطع ذلك عليك”.
وما اجمل ما سطره الامام احمد من نصيحة لمن استنصحه في هذا الشان وكانه نفس السؤال الوارد هنا، انقل السؤال والجواب كما هو:
قال حنبل بن اسحاق بن حنبل – رحمه الله -: “كتب رجل الى ابي عبدالله كتابا يستاذنه فيه ان يضع كتابا يشرح فيه الرد على اهل البدع، وان يحضر مع اهل الكلام فيناظرهم ويحتج عليهم، فكتب اليه ابو عبدالله:
بسم الرحمن الرحيم، احسن الله عاقبتك، ودفع عنك كل مكروه ومحذور، الذي كنا نسمع وادركنا عليه من اهل العلم انهم كانوا يكرهون الكلام والجلوس مع اهل الزيغ وانما الامور في التسليم والانتهاء الى ما كان في كتاب الله او سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا في الجلوس مع اهل البدع والزيغ لترد عليهم فانهم يلبسون عليك، وهم لا يرجعون، فالسلامة- ان شاء الله – في ترك مجالستهم والخوض معهم في بدعتهم وضلالتهم، فليتق الله امرؤ، وليصر الى ما يعود عليه نفعه غدا من عمل صالح يقدمه لنفسه ولا يكن ممن يحدث امرا فاذا هو خرج منه اراد الحجة فيحمل نفسه على المحال فيه، وطلب الحجة لما خرج منه بحق او بباطل ليزين به بدعته وما احدث، واشد من ذلك ان يكون قد وضعه في كتاب قد حمل عنه، فهو يريد ان يزين ذلك الحق والباطل، وان وضح له الحق في غيره. ونسال الله التوفيق لنا ولك. والسلام عليك”.
والادلة الاثار في هذا الباب كثيرة وكثيرة جدا.
فننصح بعدم دخول تلك المنتديات، الا اذا لزم الامر لمن كان ذا علم وقادر على رد الشبه بالدليل والبرهان؛ اذا لم يوجد احد يكفيه مؤونة ذلك الرد، وقد افاد اهل العلم بذلك واشترطوا له شروطا فها نحن نستانس بكلامهم:
قال ابن بطة – رحمه الله -: “فان قال قائل: قد حذرتنا الخصومة والمراء والجدال والمناظرة، وقد علمنا ان هذا هو الحق وان هذه سبيل العلماء، وطريق الصحابة والعقلاء من المؤمنين والعلماء المستبصرين، فان جاءني رجل يسال عن شئ من هذه الاهواء التي قد ظهرت والمذاهب القبيحة التي انتشرت ويخاطبني منها باشياء يلتمس مني الجواب عليها؛ وانا ممن قد وهب الله الكريم لي علما بها وبصرا نافذا في كشفها، افاتركه يتكلم بما يريد ولا اجيبه واخليه وهواه وبدعته ولا اراد عليه قبيح فقالته.
فاني اقول له: اعلم يا اخي – رحمك الله – ان الذي تبلى به من اهل هذا الشان لن يخلو ان يكون واحدا من ثلاثة: اما رجلا قد عرفت حسن طريقته وجميل مذهبه ومحبته للسلامة وقصده طريق الاستقامة وانما قد طرق سمعه من كلام هؤلاء الذين قد سكنت الشياطين قلوبهم فهي تنطق بانواع الكفر على السنتهم وليس يعرف
وجه المخرج مما قد بلي به؛ فسؤاله سؤال مسترشد يلتمس المخرج مما بلي به والشفا مما اوذي، وقد استشعرت طاعته وامنت مخالفته فهذا الذي قد افترض عليك توفيقه وارشاده من حبائل كيد الشياطين.
وليكن ما ترشده به وتوقفه عليه من الكتاب والسنة والاثار الصحيحة من علماء الامة من الصحابة والتابعين، وكل ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، واياك والتكلف لما لا تعرفه وتمحل الراي والغوص على دقيق الكلام، فان ذلك من فعلك بدعة، وان كنت تريد به السنة، فان ارادتك للحق من غير طريق الحق باطل، وكلامك على السنة من غير السنة بدعة، ولا تلتمس لصاحبك الشفاء بسقم نفسك، ولا تطلب صلاحه بفسادك، فانه لا ينصح الناس من غش نفسه، ومن لا خير فيه لنفسه لا خير فيه لغيره، فمن اراد الله وفقه وسدده، ومن اتقى الله اعانه ونصره “.
فاني اقول له: اعلم يا اخي – رحمك الله – ان الذي تبلى به من اهل هذا الشان لن يخلو ان يكون واحدا من ثلاثة: اما رجلا قد عرفت حسن طريقته وجميل مذهبه ومحبته للسلامة وقصده طريق الاستقامة وانما قد طرق سمعه من كلام هؤلاء الذين قد سكنت الشياطين قلوبهم فهي تنطق بانواع الكفر على السنتهم وليس يعرف
وجه المخرج مما قد بلي به؛ فسؤاله سؤال مسترشد يلتمس المخرج مما بلي به والشفا مما اوذي، وقد استشعرت طاعته وامنت مخالفته فهذا الذي قد افترض عليك توفيقه وارشاده من حبائل كيد الشياطين.
وليكن ما ترشده به وتوقفه عليه من الكتاب والسنة والاثار الصحيحة من علماء الامة من الصحابة والتابعين، وكل ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، واياك والتكلف لما لا تعرفه وتمحل الراي والغوص على دقيق الكلام، فان ذلك من فعلك بدعة، وان كنت تريد به السنة، فان ارادتك للحق من غير طريق الحق باطل، وكلامك على السنة من غير السنة بدعة، ولا تلتمس لصاحبك الشفاء بسقم نفسك، ولا تطلب صلاحه بفسادك، فانه لا ينصح الناس من غش نفسه، ومن لا خير فيه لنفسه لا خير فيه لغيره، فمن اراد الله وفقه وسدده، ومن اتقى الله اعانه ونصره “.
وقال ابو بكر الاجري – رحمه الله -: “ان قال قائل: ان كان رجل قد علمه الله – عز وجل – علما، فجاءه رجل يساله عن مسالة في الدين، ينازعه ويخاصمه، ترى له ان يناظره حتى تثبت عليه الحجة، ويرد عليه قوله؟. قيل له: هذا الذي نهينا عنه، وهو الذي حذرناه من تقدم من ائمة المسلمين.
فان قال قائل: فماذا نصنع ؟.
قيل له: ان كان الذي يسالك مسالته؛ مسالة مسترشد الى طريق الحق لا مناظرة، فارشده بارشد ما يكون من البيان، بالعلم من الكتاب والسنة، وقول الصحابة، وقول ائمة المسلمين. وان كان يريد مناظرتك، ومجادلتك، فهذا الذي كره لك العلماء، واحذره على دينك.
فان قال: ندعهم يتكلمون بالباطل، ونسكت عنهم ؟.
قيل له: سكوتك عنهم وهجرتك لما تكلموا به اشد عليهم من مناظرتك لهم، كذا قال من تقدم من السلف الصالح من علماء المسلمين”.
فان قال قائل: فماذا نصنع ؟.
قيل له: ان كان الذي يسالك مسالته؛ مسالة مسترشد الى طريق الحق لا مناظرة، فارشده بارشد ما يكون من البيان، بالعلم من الكتاب والسنة، وقول الصحابة، وقول ائمة المسلمين. وان كان يريد مناظرتك، ومجادلتك، فهذا الذي كره لك العلماء، واحذره على دينك.
فان قال: ندعهم يتكلمون بالباطل، ونسكت عنهم ؟.
قيل له: سكوتك عنهم وهجرتك لما تكلموا به اشد عليهم من مناظرتك لهم، كذا قال من تقدم من السلف الصالح من علماء المسلمين”.
وقال العباس بن غالب الوراق – رحمه الله -: ” قلت لاحمد بن حنبل: يا ابا عبد الله: اكون في المجلس ليس فيه من يعرف السنة غيري فيتكلم متكلم مبتدع ارد عليه؟. قال: لا تنصب نفسك لهذا، اخبر بالسنة ولا تخاصم “.
هذا وبالله التوفيق والله اعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين،،،