القبور المحفورة في الاصل، فقيل: هو السجن في التاويل، كما ان لون السجن القبر. فمن راى انه يريد ان يزور المقابر، فانه يزور اهل السجن، فان راى انه حفر قبرا على سطح، فانه يعيش عيشا طويلا. و القبور الكثيرة في موضع مجهول تدل على رجال منافقين، و من راى كان القبور مطرت، نال اهلها الرحمة. فان راى قبرا في موضع مجهول، فانه يخالط رجلا منافقا، و اما المقابر، المعروفة فانها تدل على امر حق و هو غافل عنه، فان راى كانه يحفر لنفسه قبرا فانه يبني لنفسه دارا. و ان راى كان قبر الميت حول الى داره او محله او بلده، فان عقبه يبنون هناك دارا. فان راى كانه دخل قبرا من غير ان كان على جنازة اشترى دارا مفروغا منها. و من راى كانه قائم على قبر، فانه يتعاطى ذنبا، لقوله تعالى: ( و لا تقم على قبره ) التوبة 84. فان راى رجلا موسرا في مقبرة يطوف حول القبور فيسلم عليها، فقيل انه يصير مفلسا يسال الناس الفساد، لان المقبرة موضع المفاليس. فان راى ميتا كانه حيا فانه يصلح امره بعد الفساد و يتعقب عسره يسره من حيث لا يحتسب، فان راى حيا كانه ميت فانه يعسر عليه امره، ذلك لان الحياة يسر و الموت عسر. فان راى الاموات مستبشرين، او راهم معرضين عنه، دل على سوء حاله عند الله، لقول النبي صلى الله عليه و سلم :” يكفي احدكم ان يوعظ في منامه ” فان راى ميتا عرفه فاخبره انه لم يمت، دل على صلاح حال الميت في الاخرة لقوله تعالى 🙁 بل احياء عند ربهم يرزقون ) ال عمران 169. و كذلك لو راى على الميت تاجا او خواتيم، او راه قاعدا على سرير، و لو راى على الميت ثيابا خضرا، دل على ان موته كان على نوع من انواع الشهادة، كما تدل مثل هذه الرؤيا على حسن حال الميت في الاخرة، فكذلك تدل على حسن عقبه في الدنيا. فان راى ميتا ضاحكا، فانه مغفور له، لقوله تعالى:(وجوه يومئذ مسفرة. ضاحكة مستبشرة ) عبس 39،38.
فان راى ميتا طلق الوجه لم يكلمه و لم يمسه، فانه راض عنه لوصول بره اليه موته، فان راه معرضا عنه او منازعا له، و كانه يضربه، دل على انه ارتكب معصية، و قيل: ان من راى ميتا ضربه فانه يقتضيه دينا فان راى الميت غنيا فوق غناه في حياته، فهو صلاح حاله في الاخرة. و ان راه فقيرا فهو فقره الى الحسنات. و ان راى كان الميت عريانا فهو خروجه من الدنيا عاريا من الخيرات، و قيل: و ان عري الميت راحته، فان راى اقواما معروفين قاموا من موضع لابسين ثيابا جددا مسرورين، فانه يحيا لهم و تعقبهم امور و يتجدد لهم اقبال و دولة، فان كانوا محزونين او ثيابهم دنسة، فانهم يفتقرون و يرتكبون الفواحش. فان راى في مقبرة معروفة قيام الاموات منها، فان اهل ذلك الموضع تنالهم شدة و يظهر فيها المنافقون، و اما الكافر الميت اذا رؤى في احسن حال و هيئة، دل ذلك على انه لم يمت مسلما. و كذلك لو راى انه وجه الميت مسود لقوله تعالى 🙁 فاما الذين اسودت وجوههم اكفرتم بعد ايمانكم ) ال عمران 106 فان راى كان على الميت ثيابا وسخة او كانه مريض، فانه مسؤول عن دينه فيما بينه، و بين الله تعالى، خاصة دون الناس، و ان رايت الميت مشغولا او متعبا، فذلك شغله بما هو فيه، فان راى كان جده و جدته حييا، فان ذلك حياة الجد، و البخت. فان راى كانه امه قد حييت، اتاه الفرج من هم هو فيه، و كذلك ان راى اباه حيي الا ان رؤية الاب اقوى فان راى ان ابنا له قد حيي، ظهر له عدوا من حيث لا يحتسب، فان راى ان ابنة له ميته قد عاشت، اتاه الفرج و من راى كان اخا له ميتا قد عاش، فانه يقوى من بعد ضعف، لقوله تعالى 🙁 اشدد بع ازري ) طه 31. و من راى اختا له ميتة قد عاشت،
فانه قدوم غائب له من سفر و سرور ياتيه، لقوله تعالى 🙁 و قالت لاخته قصيه فبصرت به عن جنب ) القصص 11. فان راى خاله او خالته قد عاشا، فانه يعود اليه شيء قد خرج من يديه و من راى كانه احيا ميتا، فانه يسلم على يديه كافر او يتوب فاسق، فان راى في محلته نسوة ميتات معروفات قد قمن من موضعه مزينات، فانه يحيا لاصحاب الرؤيا و الاعقاب اولئك النسوة امور على قدر جمالهن و ثيابهن، فان كانت ثيابهن بيضا فانه امور في الدين، و ان كانت حمرا فامور في اللهو، فان كانت سوداء ففي الغنى و التسؤدد، و ان كانت خلقانا فانها امور في فقر وهم، و ان كانت وسخة فانها تدل على كسب الذنوب. فان راى ميتا كانه نائم، فان نومه راحته في الاخرة. فمن راى كانه نام في فراش مع ميت فانه يطول عمره فان راى ميتا كانه يصلي من غير موضع صلاته الذي كان يصلي فيه ايام حياته فتاويلها، انه وصل اليه ثواب عمل كان يعمله في حياته، او ثواب وقف قد وقفه و تصدق به، فان كان الميت واليا فان عقبه ينالون مثل ولايته، فان راى كانه يصلي في موضع كان يصلي فيه ايام حياته، دل ذلك على صلاح دينه عقب الميت من بعده، لان الميت قد انقطع عن العمل لنفسه، فان راى كان ميتا يصلي بالاحياء فانه تقصر اعمار اولئك الاحياء، لانهم اتبعوا الموتى، فان راى كانه يتبع الميت راى ميتا مسجد، دل على امنه من العذاب، لان المسجد امن فان راى ميتا يشتكي راسه، فهو مسؤول عن تقصيره في امر والديه او رئيسه. فان كان يشتكي عنقه، فهو مسئول عن تضييع ماله او منعه صداق امراته. فان كان يشتكي يده فهو مسئول عن اخيه و اخته او شريكه او يمين حلف بها كاذبا. و ان كان يشتكي جنبه فهو مسؤول عن حق المراة. فان كان يشتكي بطنه فهو مسؤول عن حق الوالد و الاقرباء و عن ماله، فان راى انه يشتكي رجله، فهو مسؤول عن انفاقه ماله من غير رضا الله. فان راه يشتكي فخذه، فهو مسؤول عن عشيرته و قطع رحمه، فمن راه يشتكي ساقيه، فهو مسؤول عن افنائه حياته في الباطل.
و من راى كان ميتا ناداه من حيث لا يراه، فاجابه و خرج معه بحيث لا يقدر ان يمتنع منه، فانه يموت في مثل مرض ذلك الميت الذي ناداه. او في مثل سبب موته من هدم او غرق او فجاة. و كذلك لو راى انه تابع ميتا، فدخل معه دارا مجهولة ثم لم يخرج منها، فانه يموت. فان راى كان الميت يقول هل: انت تموت وقت كذا، فقوله حق. فان راى كانه اتبع ميتا و لم يدخل معه دارا او دخل ثم انصرف، فانه يشرف على الموت ثم ينجو، فان راى كانه يسافر مع ميت، فانه يلتبس عليه امره. فان كان الميت اعطاه شيئا من محبوب الدنيا فهو خير يناله من حيث لا يرجو. فان كان الميت اعطاه قميصا جديدا او نظيفا، فانه ينال معيشة مثل معيشته ايام حياته، فان راى كانه اعطاه طيلسانا، فانه يصيب جاها مثل جاهه فان اعطاه ثوبا خلقا، فانه يفتقر
. فان اعطاه ثوبا وسخا، فانه يرتكب الفواحش. فان اعطاه عسلا، نال غنيمة من حيث لا يرجو. و من راى كانه اعطاه بطيخا، اصابه هم لم يتوقعه فان راى الميت يعظه او يعلمه علما، فانه يصيبه صلاحا في دينه بقدر ذلك فان راى كانه اعطى الميت كسوة لم ينشرها و لم يلبسها، فانه ضرر في ماله او مرض، لكنه يشفى. فان راى كانه نزع كسوة كان يلبسها الميت، فخرجت الكسوة من ملك الحي، فانه يموت و ان لم تخرج الكسوة من ملكه و نالها ليخيطها او ليعملها لم يضره ذلك، و كل شيء يراه الحي كانه اعطى الميت بطيخا فانه يذهب همه من حيث لا يحتسب. و الثانية : اذا راى انه اعطى عمه او عمته بعد موتها في منامه، فانه يلزمه غرم و نفقة فان راى كان ميتا سلم عليه دل على حسن حاله عند الله عز وجل. فان راى كانه اخذه بيده، فانه يقع في يده مال من وجه ميئوس منه، فان راى الميت كانه عانقه معانقة مودة، طال عمره. فان راى كانه عانقه معانقة ملازمة او منازعة، فلا تحمد رؤياه. فان راى كانه يكلم الميت، عاش طويلا، و تدل هذه الرؤيا على ان صاحبها يصالح قومه بعد منازعة، فان راى كانه يقبل ميتا مجهولا، نال مالا من حيث لا يحتسب. فان قبل ميتا معروفا، فانه ينتفع من الميت بعلمه او ماله. فان راى كان ميتا معروفا قبله، نال من عقبه خيرا، فان راى ميتا مجهولا قبله فهو قبوله الخير من وضع لا يرجوه. فان راى كان اشترى طعاما، فانه يغلو او يعز ذلك الطعام. فان راى كان الاموات يبيعون طعاما او متاعا، كسد ذلك الطعام
و المتاع. فان وجد الحي بين الطعام انسانا ميتا، او فارة ميتة، او دابة ميتة، فانه ينفسد ذلك الطعام و المتاع و ان راى كانه ينكح ميتا مجهولا في قبر، فانه يزني. فان راى كانه نكحه فامنى، فانه يخالط رجلا شريرا منافقا و يغرم عليه مالا. فان راى انه ينكح ميتا معروفا، رجلا او امراة، فانه يظفر بحاجة قد ايس منها، فان راى انه نكح رجلا صديقا، اصاب عقبه من الفاعل خيرا، فان كان المنكوح عدوا، فان الفاعل يظفر بعقب ذلك الميت. فان راى انه ينكح ذا حرمة من الموتى، فان الناكح يصل المنكوح بصدقة او دعاء، او يصل الى عقبه من خير، و قيل: انه يقدم على حرام. فان راى كان ميتا معروفا نكحه، اصابه نفع من عمله او ماله، فان راى كان امراة ميتة حييت، فنكحها و اصابه من مائها، فانه يظفر بحاجته، و ينفق فيها مالا بطيبة نفس منه، و ينال ولاية مستانفة، و تجارة رابحة. فان تزوج بامراة ميته، و راى انها حية، و حولها الى منزله، فانه يعمل عملا يندم عليه، فان وطئها و تلطخ من مائها، فانه نادم من عمل في خسران و هم، تحمد عاقبته، و ينال خيرا بقدر ما اصابه، من مائها اخر الامر فان راى كانه تزوج بامراة ميته، راى انها حية، و دخل بها و لم يمسها، لكنه تحول الى دارها و استوطنها،دلت رؤياه على موته،و كذلك رؤياه المراة. جارية مجرى رؤية الرجل في كل ذلك قال الاستاذ ابو سعيد رحمه الله: الاصل في رؤيا الميت، و الله اعلم، انك اذا رايت ميتا في منامك يعمل شيئا حسنا، فانه يحثك على فعل ذلك، و اذا رايته يعمل عملا سيئا، فانه ينهاك عن فعله و يدلك على تركه،
و من راى كانه نبش عن قبر ميت، فانه يبحث عن سيرة ذلك الميت في حال حياته دينا و دنيا، ليسير بمثل سيرته، فان راى الميت حيا في قبره نال برا و حكمة و مالا حلالا. و ان وجد ميتا في قبره فلا يصفو ذلك المال. قال بعضهم: من راى كانه اتى قبرا، فنبش عنها، فوجدهم احياء او امواتا، فانه يدل على وقوع موت ذريع في تلك الناحية او البلدة
و الله اعلم