بعد مرور 32 عاما على ميلاد ابن زنا من اجنبية كتابية ، وهو شاب ذو اخلاق عالية وقلب طيب ، عندما بلغ 25 عاما اصبح يبحث عن والديه ، فوجد امه ، ووجدني انا الاب قبل اسبوع ، حيث ثبت بواسطة الحامض النووي dna على انني الاب ، وقد تزوجت قبل 31 سنة من مسلمة ، وعندي منها بنت وولدان ، وعندي 4 احفاد ، الحمد لله الذي هداني وعدت الى مخافة الله ، وانني ملتزم حيث انني اصلي وازكي واعتمرت وحجيت قبل 3 اعوام انا وزوجتي ، نسال الله الهداية والتوبة على الدوام .
ارجو افادتي : هل هو محرم على زوجتي وابنتي ، هل هو اخ لاولادي ؟ هل اعتبره احد افراد العائلة ؟ ارجو شرح كل ما يتعلق بالموضوع .
الحمد لله
اولا :
نسال الله تعالى ان يعفو عنا وعنك ، وان يوفقنا لحسن التوبة والانابة اليه سبحانه ، وان يرزقنا الذرية الصالحة الطيبة بمنه وفضله وكرمه .
واعلم ان التوبة والهداية خير ما يوفق له العبد في الدنيا ، وهي اعظم نعمة يمن الله تعالى بها علينا ، فالواجب شكر الله تعالى عليها ، والحرص على تجديدها ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر الله ويتوب اليه في اليوم الواحد مائة مرة ، كما رواه مسلم ( 2702 ) .
ثانيا :
اما نسب الابناء غير الشرعيين فقد فصل فيه الفقهاء تفصيلا واسعا فقالوا :
لا يخلو حال المزني بها من احد امرين :
1. ان تكون فراشا : يعني ان تكون متزوجة : فكل ولد تاتي به حينئذ انما ينسب للزوج وليس لاحد غيره ، ولو جزمت انه من غيره ممن زنا بها ، الا اذا تبرا الزوج من هذا الولد بملاعنة الزوجة ، فحينئذ ينتفي نسب الولد عن الزوج ويلتحق بامه وليس بالزاني .
2. ان تكون غير متزوجة : فاذا جاءت بولد من الزنا ، فقد اختلف العلماء في نسب هذا الولد ، هل ينسب الى ابيه الزاني او الى امه ، على قولين ، سبق ذكرهما وبيان ادلتهما في جواب السؤال رقم (33591) وانظر ايضا اجوبة الاسئلة : ( 117 ) و ( 2103 ) و ( 3625 ) .
وفيها : ان الراجح هو عدم صحة النسب من السفاح ، فلا يجوز نسبة ولد الزنا الى الزاني ، انما ينسب الى امه ، ولو بلغ القطع بان هذا الولد لذلك الزاني المعين درجة اليقين .
جاء في ” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 20 / 387 ) :
” الصحيح من اقوال العلماء ان الولد لا يثبت نسبه للواطئ الا اذا كان الوطء مستندا الى نكاح صحيح او فاسد او نكاح شبهة او ملك يمين او شبهة ملك يمين ، فيثبت نسبه الى الواطئ ويتوارثان ، اما ان كان الوطء زنا فلا يلحق الولد الزاني ، ولا يثبت نسبه اليه ، وعلى ذلك لا يرثه ” . انتهى .
وجاء – ايضا – في ” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 22 / 34 ) :
” اما ولد الزنا فيلحق نسبا بامه ، وحكمه حكم سائر المسلمين اذا كانت امه مسلمة ، ولا يؤاخذ ولا يعاب بجرم امه ، ولا بجرم من زنا بها ، لقوله سبحانه : ( ولا تزر وازرة وزر اخرى ) ” انتهى .
ثالثا :
معلوم ان اثبات النسب يتبعه الحديث عن الكثير من الاحكام : احكام الرضاع ، والحضانة ، والولاية ، والنفقة ، والميراث ، والقصاص ، وحد السرقة ، والقذف ، والشهادة ، وغيرها .
ولما كان الراجح هو عدم ثبوت نسب ابن الزنا من الزاني ، فلا يثبت شيء من الاحكام السابقة على الاب غير الشرعي ، وانما تتحمل الام كثيرا منها .
ولكن يبقى للاب غير الشرعي ( الزاني ) قضية تحريم النكاح ، فان الولد الناتج عن زناه يثبت بينه وبين ابيه وارحام ابيه احكام التحريم في النكاح في قول عامة اهل العلم .
قال ابن قدامة – رحمه الله – :
” ويحرم على الرجل نكاح بنته من الزنا ، واخته ، وبنت ابنه ، وبنت بنته ، وبنت اخيه ، واخته من الزنا ، وهو قول عامة الفقهاء ” انتهى .
” المغني ” ( 7 / 485 ) .
وسئل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله : عن بنت الزنا هل تزوج بابيها ؟
فاجاب :
” الحمد لله ، مذهب الجمهور من العلماء انه لا يجوز التزويج بها ، وهو الصواب المقطوع به ” انتهى .
” مجموع الفتاوى ” ( 32 / 134 ) .
وجاء في ” الموسوعة الفقهية ” ( 36 / 210 ) :
” ويحرم على الانسان ان يتزوج بنته من الزنا بصريح الاية : ( حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم ) لانها بنته حقيقة ولغة , ومخلوقة من مائه , ولهذا حرم ابن الزنا على امه .
وهذا هو راي الحنفية وهو المذهب عند المالكية , والحنابلة ” انتهى .
رابعا :
وبناء على ما سبق فان ابنك هذا من الزنا لا يجوز له ان ينكح بناتك ، فانهن بمنزلة اخواته ، وكذلك زوجتك .
ولكن ذلك لا يعني انه محرم لهن فنجوز له الخلوة بهن او وضعهن الحجاب في حضرته ، فان التحريم في النكاح لا يلزم منه دائما المحرمية المبيحة للخلوة ونحوها ، فهي حكم زائد لا يثبت الا للمحارم الشرعيين ؛ فيجب التنبه لهذا .
قال ابن قدامة – رحمه الله – :
” الحرام المحض : وهو الزنا : يثبت به التحريم ، ولا تثبت به المحرمية ولا اباحة النظر ” انتهى بتصرف .
” المغني ” ( 7 / 482 ) .
ولا يمنع ذلك كله الاحسان الى هذا الشاب ، ومعاملته بالحسنى ، والسعي في اسلامه وربطه بالعائلة ، على الا ينسب الى ابيه من الزنا ، ولا يتساهل في حجاب البنات في الاسرة عنه .
ونسال الله لك الخير والتوفيق والرشاد .
والله اعلم .