عندما هاجم المتشككون نظرية داروين حول التطور , كان تركيزهم غالبا على العين . داروين نفسه اعترف بانه من المضحك ان نقول بان العين البشرية تطورت عن طريق تغير تلقائي او عفوي , او عن طريق الانتخاب الطبيعي .
استطاع العلماء في مختبر علم الاحياء الجزيئي الاوروبي (EMBL) ان يجدوا الحل لهذا التحدي , و ذلك في دراسة نشرت هذا الاسبوع في مجلة Science , وضحوا فيها تطور العين البشرية.
لقد اكتشف الباحثان , دتلف ارنت و جوتشن ويتبرودت , في المختبرات ان الخلايا الحساسة للضوء في عيوننا , العصي و المخاريط , هي من اصل تطوري غير متوقع , فقد اتت هذه الخلايا من مجموعة قديمة من خلايا حساسة للضوء كانت متوضعة في الدماغ في فترة قديمة من تاريخنا التطوري .
يقول ويتبرودت : “ليس من المفاجئ ان يكون اصل خلايا العين البشرية من الدماغ. فنحن مازلنا نمتلك خلايا حساسة للضوء في ادمغتنا و هي تقوم باستكشاف الضوء و تؤثر على سير حياتنا اليومية.”.
“احتمال قائم ان تكون العين البشرية قد نشات من الخلايا الحساسة للضوء الموجودة في الدماغ . فقط مؤخرا , خلال مسيرة التطور , و خلايا مشابهة في الدماغ ممكن ان تكون انتقلت الى موضع العين و اكتسبت القدرة على منحنا الرؤية.”.
اكتشف العلماء نوعين من الخلايا الحساسة للضوء في اسلافنا الحيوانيين المبكرين : (رابدوميريك) و (سيلياري). في معظم الحيوانات , اصبحت خلايا ال(رابدوميريك) جزء من العين , و خلايا (سيلياري) بقيت حبيسة في الدماغ . لكن تطور العين البشرية كان مختلفا حيث خلايا (سيلياري) هي التي تطوعت لمهمة الرؤية و , في النهاية , سببت ظهور العصي و المخاريط .
اذا كيف تعقب باحثو (EMBL) تطور العين؟
عن طريق دراسة احد “المتحجرات الحية” , بلاتينيريس دوموريلياي , و هو نوع من الديدان يشبه اسلافنا الذين عاشوا منذ 600 مليون سنة .
لقد شاهد ارنت صورا لدماغ هذه الدودة , ماخوذة من قبل الباحث ادريان دوريستيجن (جامعة مانز , المانيا). “عندما شاهدت هذه الصور , لاحظت ان شكل الخلايا في دماغ الدودة يشبه المخاريط و العصي في العين البشرية. فتنت مباشرة بفكرة انه قد تكون كلا مجموعتي الخلايا الحساسة للضوء , من نفس الاصل التطوري.”.
و لاختبار هذه الفكرة , استخدم ارنت و ويتبرودت اداة جديدة يستخدمها العلماء الاحيائيين التطوريين هذه الايام و هي : “البصمات الجزيئية” . مثل هذه البصمات , هي تركيبات مميزة من الجزيئات …. توجد في خلايا محددة . و التجربة ستكون بتفحص و معاينة خلايا العين عند بعض الانواع و مقارنتها مع بعضها من خلال البصمات الجزيئية . فاذا وجد تطابق بين هذه البصمات …. تكون الخلايا صاحبة البصمات مشتركة بنفس الخلية السلف .
قدم العالم (كريستن تيسمور رابل) الدليل الحاسم و الفاصل لدعم فرضية ارنت بمساعدة الباحثة هايدي سنايمن من (مختبر علم الاحياء الجزيئي الاوروبي) , التي قامت بتحديد البصمات الجزيئية في الخلايا الموجودة في دماغ الدودة السابقة الذكر.
لقد وجدت الباحثة هايدي (ابسن – و هو مزيج يشكل جزء بروتيني من صبغي ما في شبكية العين-) , جزيء حساس للضوء , في الدودة و هو يشابه بشكل مميز ال(ابسن) الخاص بالعصي و المخاريط عند الفقاريات . “عندما رايت هذا النوع من الجزيئات _نفس الجزيئات عند الفقاريات_ فعال في الخلايا الدماغية لدودة (بلاتينيريس) , كان من الواضح ان هذه الخلايا تشترك ب(بصمة جزيئية) مع العصي و المخاريط عند الفقاريات . كان هذا دليل قوي على وجود اصل تطوري مشترك.
لقد حللنا اخيرا احد اكبر الاسرار في تطور العين البشرية.”.
Rhabdomeric…. رابدوميريك
Ciliary………… سيلياري
Molecular Fingerprints….. البصمات الجزيئية