2- الصحة الجيدة
وتتميز هذه الصحة بجملة امور منها:
- الخصوبة العالية، فحالات العقم سواء لدى الحصان العربي الاصيل ام الفرس العربية الاصيلة نادرة جدا. والحصان العربي لا يفقد قدرته التناسلية حتى ولو تقدم في السن، فكثيرا ما نجد افراسا قد انجبت عشرين مهرا واحصنة عربية استخدمت لغرض التناسل رغم بلوغها الثلاثين من عمرها.
- الشفاء العاجل من الجروح وكسور عظامه بفعل تعرضه للحوادث المختلفة. والغريب في الامر، كما يقول زيدل، ان خيول البدو التي كسرت عظامها وجبرت بطريقة غير سليمة تقوم هي الاخرى بواجباتها احسن قيام، فتركض، وتقفز، وتقطع المسافات الطويلة.
- الاكتفاء بقليل من الطعام، والانتفاع بالعلف اكثر من السلالات الاخرى. يقول كلينسترا: “اظهرت مسابقات المسافات الطويلة الصعبة جدا التي نظمت في الولايات المتحدة في العشرينيات ان الخيول العربية الاصيلة التي شاركت في تلك المسابقات احتاجت فقط الى 60% من الوجبات اليومية لبقية الخيول المشاركة لتفوز بالسباق”.
- التمتع بجهاز تنفسي ممتاز، وذلك بفعل سعة قصبته الهوائية بالنسبة الى حجمه، وضخامة قفصه الصدري، وهذا ما يساعد على ادخال كميات كبيرة من الاكسجين الى الرئتين دفعة واحدة. ويستفاد من الفحوص المخبرية التي اجريت على دماء الخيول العربية الاصيلة وعلى دماء غيرها ان كمية اليحمور (HEMOGLOBINE) (مادة احية زلالية يتالف منها العنصر الملون في دم الفقاريات) الموجودة في لتر واحد من الدم عند الخيول العربية الاصيلة تفوق الكمية الموجودة عند باقي الخيول، ولذلك يستطيع الجواد العربي ان ينقل كميات اكبر من الاكسجين في كل لتر دم.
3- الصبر والقدرة على تحمل المشقات والفوز بالسباقات الطويلة
ان قدرة الخيول العربية الاصيلة على تحمل المتاعب والمشاق يفوق كل وصف، ولقد اثبتت التجارب ان قطع المسافات الطويلة هي من اختصاص الجواد العربي الاصيل. وقد نظم في الولايات المتحدة اول سباق للخيل بالنسبة للمسافات الطويلة في فيرمونت بتاريخ 16 و17 سبتمبر 1917، وذلك بمشاركة الخيول العربية الاصيلة. وكانت المسافة طويلة جدا حيث اعطيت الاولية في هذا السباق للوقت. امتد السباق على مسافة 154 ميلا، اي 246 كيلو مترا، وبوزن 72,5 كيلو غرام. وفاز في المسابقة الجواد العربي الاصيل “يقيس”، وهو جواد اشهب يبلغ 13 سنة من نوع كحيلة العجوز، وقد قطع مسافة 246 كيلو مترا في ظرف 30 ساعة و16 دقيقة.
كان السباق الثالث الذي نظم في اكتوبر سنة 1921 اصعب سباق على الاطلاق؛ حيث فرض على الخيل ان تحمل 111 كيلو غراما، وان تقطع هذه المرة ايضا مسافة 60 ميلا خمس مرات. وقد عمد المشرفون على السباق الى ادراج مسافات طويلة مرصوفة بالحصباء في برنامج السباق مما جعل قوائم الخيل المتسابقة تخضع لامتحان عسير جدا.
وقد ساعدت هذه المسافات الصعبة المعنيين بالامر على معرفة الخيل التي تتمتع بالقوائم الاكثر صحة وسلامة. وبذل اصحاب الخيول الانجليزية الاصيلة قصارى جهدهم للفوز بهذا السباق، وكان هذا السباق في غاية الصعوبة بحيث لم يتمكن من بلوغ الهدف سوى سبعة جياد، وذلك رغم التدريبات التحضيرية التي اجريت قبل المسافة. وكان النصر، في هذه المرة ايضا، من حظ الجواد العربي الاصيل “كرابت بارك” في انجلترا، ويرجع اصله الى الجواد مسعود.
ومما يروى عن صبر الحصان العربي ما نقله المستشرق الانجليزي “ديكسون” عن المستشار البريطاني في الكويت سنة 1930. وفي القصة انه “كان فيصل الدرويش قد ثار على الملك عبد العزيز ال سعود، وارسل ابنه عبد العزيز المعروف بعزيز على راس خمسمائة مقاتل. وكان هدف عزيز الوصول الى ابار الماء قبل ان يحتلها جيش الملك عبد العزيز. ولكن جيش الملك كان قد سبقه الى احتلال الماء؛ لان من يحتل الماء قبل خصمه يضمن النصر بسبب تامين مياه الشرب للجيش وللخيول في صحراء شح فيها الماء، وكاد ينعدم. وكان الفصل صيفا ودرجة الحرارة 77 درجة مئوية. واستشار عزيز اصحابه فيما يفعل، فاشاروا عليه بعدم خوض المعركة؛ لانهم بحاجة الى الماء الا انه خالفهم وقرر ان يخوض المعركة مهما كلف الامر. واستهلك جميع الماء الذي كان بحوزته، وسقا فرسه قبل بدء القتال. وكانت النتيجة ان قتل عزيز وهزم جيشه، ولاذ عبده بالفرار على ظهر فرس سيده الشهيرة، وتوجه بها الى الجهرة في اتجاه الكويت والتي تبعد عن مكان المعركة 290 كيلو مترا قطعها العبد في صحراء قاحلة تحت اشعة الشمس المحرقة لمدة ثلاثة ايام دون ان تتناول الفرس ماء او طعاما.
4- الشجاعة والحماسة
نتيجة الحياة القاسية التي عاشها الحصان العربي الاصيل مع العرب في صحرائهم الموحشة وبين الحيوانات المتوحشة، هذه الحياة المليئة بالغزوات، والحروب، فقد اكتسب شجاعة نادرة اصبحت عبر القرون جزءا لا يتجزا من حياته النفسية، وخصاله الحميدة. يقول دافنبورت: “يتحلى الجواد العربي الاصيل بشجاعة وحماسة لا مثيل لهما”. ويقول براون: ” يتميز الجواد العربي الاصيل عن باقي انواع الخيول بشجاعته المنقطعة النظير. فهو لا يخشى حتى الاسد والنمر، بل انه يستخدم في الهند لصيد هذه الحيوانات المتوحشة. ويقول كلنسترا في كتابه “الاصالة الصحراوية”: لقد تاكدت من شجاعة الافراس الصحراوية عن طريق فرسي نجمة. ركبت ذات مساء فرسي بدون لجام مستعينا في قيادته بالزمام فقط. وكانت الشمس مشرفة على المغيب، والظلام بدا يخيم على الطبيعة؛ حيث التقينا في طريقنا بمجموعة من الجنود كانوا يقومون في لباسهم المخفي بتداريب ليلية. ولما مررنا بهم اخذوا في الصياح والهتاف، الامر الذي ازعج فرسي. ولم ارتح انا بدوري لسلوك هؤلاء الجنود، فاردت معاتبتهم على ذلك، فكان رد فعلهم ضحكا وسخرية. فتوجهت بفرسي الى قائد الكتيبة طالبا منه بعض الاستفسارات، وكانت حركتي عنيفة شيئا ما، مما جعل فرسي يظن انني اقصد بذلك مهاجمة المشاة، فانقض على بعض الجنود راكضا، ونط فيما بينهم، ثم دار بسرعة البرق، واما الجنود فقد سقط بعضهم على الارض وتراجع بعضهم الاخر، وقد رموا بسلاحهم على الارض من شدة الخوف والارتباك. وانطلق بي فرسي راكضا حتى اذا قطعنا مسافة 50 مترا تقريبا، عدنا الى مكان الواقعة لنراقب الجنود المذعورين، وهم يجمعون سلاحهم دون ان يتلفظ احدهم بكلمة واحدة. ولحسن الحظ بجروح اثناء هذا الاصطدام الذي اثبت فيه الفرس الصحراوي شجاعته وحماسته”.
5- الذكاء والفطنة وحب التعلم
يتمتع الحصان العربي الاصيل بذاكرة حادة، خاصة بالنسبة الى الاماكن التي يمر فيها، او الاشخاص الذين يتعاملون معه. وهو في المعارك، يتذكر الجهة التي اتى منها، حتى ولو اصيب بجروح بالغة. وتجاوب الحصان العربي الاصيل مع تعليمات قائده قلما نجدها عند الجياد الاخرى التي تدرب وتروض، يقول و.ر. براون: “يعد الجواد العربي من اذكى الخيول على الاطلاق. وان صفاته الرائعة مثل الذاكرة القوية وسعة الصدر والوداعة تجعله اجدر المخلوقات وانسبها لخدمة الانسان كما ترفعه قدرته على القيام بوظائف ذهنية اخرى، الى مرتبة الصديق الذي يستحق كل اهتمام وعناية… فالعرب لا يستخدمون في قيادة خيلهم سوى سلسلة تربط حول الخطم وتثبت بالزمام. ولقيادة هذه الخيول والتحكم فيها، ما على الخيل الا ان يمسك بالزمام، ويضغط على الجواد بفخذه ضغطا خفيفا مستعملا في ذات الوقت الصوت المناسب. اما الجواد الذي لم يسبق له ان عرف خيالين اخرين غير صاحبه، فانه يفهم سيده مثلما تفهم المراة زوجها. انه يشرع بالركض بمجرد ما يعطيه صاحبه الاشارة، ويخب حالما يتراجع ثقل راكبه الى الوراء، او عندما يشعر بضغط على قفاه، ويخطو خطوات بطيئة اذا ما استرخى صاحبه على السرج، ثم يقف في مكانه اذ يرفع سيده متكئا على مسند السرج. ويكون لتحريك فخد الخيال الى الامام او الخلف رد فعل سريع لدى جواده الذي ينقلب الى هذا الاتجاه او ذاك بحسب الاحوال. واذا هم الخيال بالركوب او النزول توقف جواده في مكانه، وذلك دون حاجة للامساك بالزمام”.
والحصان العربي الاصيل يعرف وقع قدمي صاحبه دون ان يراه، فيصهل له ويحمحم. واذا فاجاه في الليل، وهو نائم لم يسمع صوته، هب مذعورا يدافع عن نفسه، فاذا عرفه تغير حاله، واخذ موقف الخجل والاستحياء بعد صولته واظهار العداء، ويبدا بالحمحمة وخفض الراس كانه يستغفره.
6- الوفاء لصاحبها والتضحية في سبيله
ان الخيول العربية الاصيلة وفية لاصحابها، وخاصة اذا كانوا هم الذين يقومون على تربيتها وتدريبها بانفسهم، فتقبل عليهم اذا نادوها، وقد قيل: “ان نداءها يغني عن ارسانها”. والجواد العربي يحمي فارسه في البرية، فاذا ربط الفارس مقود جواده بيده ونام، قام الجواد بدور الحارس الامين، فيظل يقظا متنبها لكل حركة، حتى اذا راى قادما اخذ يضر الارض بحافره ليوقظ صاحبه. وعندما تكون خيول البدو طليقة، ويصدف ان يحدث استنفار ينذر بغارة مفاجئة، وسمعت نداء اصحابها، او الانذار بالغارة، او طلقات الرصاص، فانها ترفع رءوسها، وتشيل اذنابها، ويتجه كل واحد منها الى بيت صاحبه، فتسرع النساء الى السروج لتضعها عليها، ويسرع الرجال الى اسلحتهم. وما هي الا لحظات حتى يكون كل فارس على صهوة فرسه.
وقصص وفاء الخيل لاصحابها كثيرة، ومنها ان اسامة بن منقذ (1095- 1188م) وكان احد اشراف بلاد الشام جاء في مذكراته ان حادثا وقع لابيه اثناء الصيد، فوقف جواده الى جانبه وشرع في الصهيل دون توقف الى ان جاءت النجدة.
ومن القصص ايضا، التي تشهد للحصان العربي الاصيل بالشجاعة والذكاء والوفاء لصاحبه والتضحية في سبيله ما رواه احدهم، قال: “لقد اصابتني رصاصة في كتفي، فسقطت من صهوة “غزال الارض”، وادى ذلك الى جرح في قدمي. لكن “غزالا” حملني راكضا بسرعته المعهودة، وجعلني في مامن من العدو. وبقيت لحظة ملقى على الارض غير قادر على القيام بادنى حركة. لم اشعر في بداية الامر الا بالم خفيف، وما ان مرت بعض اللحظات حتى بدات احس بالم شديد تحت عظم كتفي الايمن.
كان “غزال” واقفا الى جانبي في صبر واناة ينتظر قيامي، فامرته هاتفا: اوا، اوا، اوا، فارتجت اطرافه، ورد على هتافي بصهيله الحاد، وتملكه الخوف، ثم تشمم دم جرحي، وانحنى براسه الى الارض، فشعرت بملاطفة مناخيره ونفسه الدافئ. تحسست جبهته بلطف، ولكنه تنهنه متراجعا الى الوراء. فاخذت اتلمسه بيدي حتى مسكت بزمامه، ثم امرته بالنزول الى جانبي، فنزل سامعا مطيعا. ولم اتمكن من امتطاء صهوته الا بمشقة، فامرته بالقيام ماسكا بعرفه حتى لا اسقط من جديد. واستندت بيدي اليسرى على فخده الايسر، ثم امرته بالتحرك، فخطا خطوات بطيئة، وانطلق بعد ذلك بخطى حثيثة.
ولما قطعنا نصف المسافة في اتجاه الجانب الاعلى للهضبة، توقف غزال بغتة بجانب الطريق، وبدا يشخر في ذعر وخوف. كنت مركزا اهتمامي على الاحتفاظ بتوازني، ولم اكترث بكل ما كان يدور من حولي. وعندما اقتربنا من اعلى نقطة من المنحدر، غدونا من جديد على مراى من العدو الذي اطلق علينا وابلا من الرصاص، فكنت ارى بعض الرصاصات تثقب الارض، والبعض الاخر يتطاير في الهواء محدثا رنينا رقيقا.
امرت “غزال” بالركض، ونخسته ليندفع الى الامام، وفجاة تعثر غزال، واطلق صيحة موحية بالالم الشديد، فتبين لي انه اصيب بجروح، ومضى متعثرا، فنخسته مرة اخرى، وانطلق راكضا بسرعة لم اتمكن منها معها من المحافظة على توازني، فسقطت من صهوته على الارض اذ حاولت التخفيف من حدة السقوط بيدي. وفجاة رايت رجالا مقبلين علي، فوعدوني الامان، واخذوني الى مكان امن بالهضبة”.
- كلنسترا الاصالة الصحراوية
- أجمل صور الخيل العربي
- الخيل العربي
- سبقات الخيول فى الولايات المتحده
- صورة حصان العربي
- كيف احتفض بتوازني على الخيل بدون ماطيح