افضل مواضيع جميلة بالصور

الهمسات المشتعلة

رواية الهمسات

الفصل الاول

دخل انطونى اليها غاضبا كالاعصار…يصرخ بعصبية شديدة….
وهو يجلس امامها على المقعد الذي تستلقي علية لامار عند بركة السباحة…
لا ادرى حقا ما الذي دهى والدك…ان الرجل قد جن….اتصدقين بانة يهددني ان ابتعد عنك..وقد رفض اعطائي المبلغ التافه من النقود الذي طلبته منة كسلفه لاكمل به مشروع المطعم الذي اقترب موعد افتتاحه!!!!
رفعت لامار نظارتها الشمسية عن عيناها تتامل الرجل الجالس امامها بعصبية وغضب…قالت لنفسها…اوة..كم يبدو رائعا وهو غاضب….ابتسمت لة بحب قائلة…
ما الامر حبيبي لماذا كل هذا الغضب…
انا متاكدة من ان والدي لم يكن يعنى ما قاله…انه فقط يخاف على كثيرا…ولا يؤمن لاي مخلوق حين يتعلق الامر بى…كما تعلم طونى..لم يتبقى له سواي…بعد وفاة والدتي وعمى…
زفر طونى بحنق ونفاذ صبر…
اعلم جيدا لامار…ولكن…انه يهددني لكي ابتعد عنك..انا لم اعد افهم…الى متى سيظل غاضبا من علاقتي بك…متى سيرضخ للامر الواقع…لقد مر اكثر من نصف عام على علاقتنا…والى الان لم يقتنع بى كشخص مناسب لك….الى متى لامار..الى متى؟؟!!
ثم انه يرفض اقراضي هذا المبلغ التافه…زفر بحزن…لا احد يثق بى…حتى عائلتي لا تريد الوقوف الى جانبي…ينظرون الى كولد صغير طائش…يحتاج دائما الى من يراقب تصرفاته …ويحميه من جنونه….لا احد يثق بقدراتي سواك حبيبتي….
قالت لامار وقد نهضت مقتربة منة تحتضنه بحب…
اوة ارجوك طونى …لا داعي لكل هذا الحزن…الا اكفيك انا…انا اؤمن بك كثيرا…واعلم انك ستنجح..وستثبت للجميع قدراتك …ولن يستهين بك احد ابدا..سواء كان شقيقك او والدي او اى مخلوق ايا كان..
نظر اليها بحب قائلا..” كم احبك لامار..انت فقط..من تشعرينني بالثقة…وتعطيني املا في ان استمر.
اقترب منها معانقا..ومشاعره عصفت بعقلها…وقال من بين انفاسه المتلاحقة…يجب ان تقنعيه لامار,,,يجب ان يعطيني والدك المال….انه املى الاخير….حاولي لامار..ارجوك!!!
اجابته لامار من بين انفاس متهدجة..نعم حبيبي…اعدك بانني ساحاول ما استطعت ان اقنع والدي…اوة..كم احبك طونى…عدني الا تتركني ابدا…
ابتعد عنها قائلا…اعدك لامار..الا يفرق بيننا سوى الموت…دست اناملها في خصلات شعرة البنية الداكنة تتامله بحب …لم يكن وسيما بالمعنى المعروف…ولكنة كان يملك الجاذبية التي تدير راس اى فتاة…
عيناه باللون الاخضر الفاتح…انف قصير صغير..وفم رفيع رقيق…لقد اسرها منذ ان راته في العام السابق حين قابلته في اليونان اثناء رحلة الكلية….اقتربا من بعضهما سريعا ولم تعي لنفسها الا وقد وقعت في حبة وتعلق هو ايضا بها…عاد معها الى ايطاليا…وعلمت منة ان شقيقة متواجد دائما في روما…ليتابع اعمال العائلة…وبالتالي كان ذلك يسهل عليهما اللقاء…
فوجئت بدخول والدها عليهما…وقد تطاير الشرر من عينية صائحا فيه.
امازلت هنا انطونى…الم احذرك من ان تبتعد عنها…!!!
نهضت لامار قائلة بحزن…ابى من فضلك انا احبة…لماذا تصر على ايذائى…!!!
قال والدها بغضب…انه ليس الشخص المناسب لك…حتى ان عائلته لا تثق بة كفاية لتقرضة ما يحتاج من اموال…فكيف اثق به انا…انه شابا طائشا…لا اامن عليك برفقته…
صاح انطونى بحنق…اوة…لا سيد باولو…ستقرضني ما احتاجه من مال…انا لست بطائش…على الاقل ليس بمقدار طيشك انت…لا تجبرني على تحطيم صورتك امامها…لا تجبرني…رفع يده نحو والدها محذرا!!
امسكت لامار بذراعه تساله متوسلة…ماذا تقصد بقولك طونى…بتحطيم صورة والدي…
قال والدها بسخرية…ها قد ظهر على حقيقته لامى…غلبت طباعة السيئة واصلة القذر علية….انه يحاول الان ان يوقع بيننا لانني لم اقبل اقراضه المال…
قالت لامار بحزن…” هل حقا ما يقوله والدي طونى…هل تحاول الايقاع بيننا…لا طونى…لن اسمح لك ابدا…الا والدي…انه كل ما تبقى لي في هذه الدنيا…ارجوكما…لا تضعاني بينكما في موقف الاختيار..انا لا احتمل ما يجرى هنا…انا لا افهم …امسكت براسها من الاعياء…
صاح انطونى …ان اصول عائلتي ليست قذرة…ليس لان اجدادي كانوا مزارعين فقراء…اكون باصول قذرة…بل انت هو القذر باولو فيرناندو…التفت اليها قائلا..والدك العزيز الذي يمثل امامك دور الرجل ذو المبادئ والقيم..والذي يهينني دون سبب ..الا لانني احتاج مساعدة في ازمة امر بها…ولا اجد من يساعدني سواه…والدك يا عزيزتي …والدك…قال من بين اسنانه..يهز راسه محاولا ان يتمالك اعصابة…اللعنة عليك يا رجل…لا تجبرني على ما سافعل…
قال والدها بسخرية…انت مجرد جبان قذر…لن تجرؤ على فعل شيء..لانك لا تملك اى شيء…كل ما تهدد به سخافات لا معنى لها…اخرج الان من بيتي لا اريد ان اراك قرب ابنتي بعد الان…نظر اليه باحتقار قائلا…حثالة!!!
ابتسم طونى بسخرية..اوة..لا..لست انا الحثالة…بل الحثالة هو من يعمل لدى المافيا..كاحدى اذرعها الممتدة لكل مكان…يبطشون به على الضعفاء…يحرقون به ويخربون…انت هو الحثالة سيد باولو..وليس انا…
اقترب والدها ممسكا بياقة كنزته مهددا…كيف تجرؤ ايها الحقير…ساقتلك الان بيدي..تحاول ان تشوه سمعتي وصورتي امام ابنتي الوحيدة…حقير كاذب …ساقتلك..اقسم انى ساقتلك…
وكان العالم يدور من حولها…تمسكت بظهر مقعدها تتجنب السقوط…انه كابوس رهيب…لا تصدق ما تسمعه..كيف يكون طونى بتلك الحقارة…يشوه سمعة والدها لرفضه ان يقرضه بعض المال…كيف خدعها طوال الوقت…
انتبهت على صراخهما الذي تحول لعراك عنيف…اندفعت لتقف فاصلا بينهما…توقفا…ارجوكما توقفا الان…لم اعد احتمل…اذهب من هنا طونى…لا اريد رؤيتك مرة اخرى..انت كاذب طونى كاذب…لا يمكن ان اصدقك ابدا…انه والدي…اتفهم..والدي…لن اسمح لك بان تهينه وتشوه سمعته امامي ابدا…ليس لي غيرة..انه كل ما املك في هذا العالم…اذهب طونى…اذهب…لا اريد ان اراك مرة اخرى…انا اكرهك طونى…هل تسمع…اكرهك..
نظر اليها طونى مصدوما…لامار..انا لم اكن اقصد…ولكن صدقيني انها الحقيقة…انا لا اكذب….ارجوك لامار اعطيني الفرصة لاشرح لك…
قالت ببرود وقد تجمعت بعيناها دموعا كالجليد القاسي الذي تشعر به داخل قلبها…لا طونى..لا يوجد ما تشرحه..ولا يهمني ان اسمع ما تريد قولة…انتهى الامر….
تنفس طونى بعمق وقد نظر لوالدها بسخرية…ربحت المعركة سيد باولو فيرناندو…مسكينة لامار..اشفق عليك حقا…ولكنى ساكون كريما معك وساخيرك للمرة الاولى والاخيرة…اما ان تاتى معي الان…او ساخرج من حياتك الى الابد…انها فرصتك الاخيرة لامي..لتتحرري كما اخترت انا حريتي…!!
اجابته ببرود..اخرج انطونى..انتهى الامر…لن اسمح لك برؤيتي مرة اخرى…صاحت بهستيرية..اخرج طونى…اخرج…
قال انطونى بحزن..الوداع لامار..اعلم جيدا انك ستندمين يوما ما…واشفق عليك من هذا اليوم…وخرج مسرعا من المكان بعد ان رمى والدها باقسى واشد النظرات احتقارا وازدراء…
رمت بنفسها بين احضان والدها دون ان تبكى…لقد غلفت البرودة قلبها..وتجمدت الدموع في عيناها الى الابد…ضاع حب عمرها الوحيد..وضاعت معه احلامها السعيدة…في ليلة تشبه الكابوس المرعب…سمعت نفسها تهمهم بكلمات خافتة…انا اسفة يا ابى….وشعرت بلمسات يد والدها الرقيقة تربت على شعرها مطمئنة…
كانت الثامنة صباحا حين تطايرت ستائر النافذة العتيقة بدخول الهواء البارد لشهر مارس معلنا قرب انتهاء فصل الشتاء..انقطع شريط تلك الذكريات البعيدة التي مرت منذ ثلاث سنوات بدت وكانها الدهر… وكعادتها وقفت لامار امام مراتها بالغرفة دون ان تهتم باغلاق النافذة رغم لسعة البرودة….
ارتعشت اصابعها الرقيقة وهى تحاول اغلاق اخر ازرار الجاكت القصير لبذلتها الرمادية والتي اختارتها للمقابلة الهامة التي ستتم اليوم في بنك كريستيانو اكسبريس……في محاولة اخيرة منها ان تحصل على قرض بمبلغ مناسب بعد ان رفضت عدة بنوك من قبل طلباتها العديدة لتحصل علية.. لسخرية القدر..ها هي تقف نفس الموقف الذي كان فيه طونى من قبل..تحتاج لمن يؤمن بها ويثق في قدراتها…في رايهم ان الضمانات التي تقدمها ليست كافية لتغطية مبلغ القرض المطلوب… رغم انها تقدم تقريبا كل ما لديها … الفيلا التي تقيم فيها…الارض المبنى عليها الشركة…وحتى الارض التي نقب فيها والدها عن الذهب… كل ذلك لم يكن كافيا…
والان لم يبقى امامها سوى امل واحد…بنك كريستيانو اكسبريس… سمعت ان لدية مرونة في التعامل وتسهيلات للسداد ……حين قرات بنفسها الجريدة التي تعلن عن تلك التسهيلات..منذ شهر مضى…وحينها واتاها الامل في ان تحصل على المال الذي تحتاجه بقرض من هذا البنك!!!!
وبالتالي بعد تاخر البنك في الرد على الطلب الذي تقدمت به لاكثر من ثلاثة اسابيع…تقدمت بطلب للحصول على مقابلة مع مدير البنك للاستفسار عن سبب تاخير الرد….
تنفست بعمق تملا رئتيها من الهواء البارد العابق بنسائم البحر ورائحة الياسمين التي تدخل لنافذتها من حديقة الفيلا…….
تطاير شعرها الاسود الرائع منسدلا بكثافة ولمعان خلف ظهرها …. لقد استعدت جيدا لهذه المقابلة برغم بعض الهالات السوداء حول عينيها من جراء ليلة طويلة مرت عليها بارق…. حاولت ان تخفى ذلك ببعض مساحيق التجميل.. ونجحت…. عيناها الواسعتان قد زادتا اتساعا بوضعها الكحل والماسكارا وظهر لونهما اكثر وضوحا ازرق قاتم مشوبا بظلال رمادية وقد ورثت عيناها وشعرها عن والدتها الراحلة فلامار خليط من الدماء التركية لوالدتها ….
والايطالية لوالدها فورثت عنة انفه المستقيم وقامته الطويلة الممشوقة ولكن شفتيها المكتنزتين المليئتين وعودا واغراء يزينها شامة صغيرة سوداء على طرفها فكانت لوالدتها التي تذكر جيدا كم كانت فاتنة ورائعة بشهادة الجميع حتى في اخر ايامها عندما هزمها المرض كم كانت فترة صعبة على والدها..
والدها الحبيب الذي حاول ان يظل متماسكا من اجلها بعد فقده والدتها حبيبة عمرة ….. كانت بجانبه دائما خاضا معارك الحياة جنبا الى جنب بحلاوتها ومرارتها….
كانت بجانبه حين قرر العودة لارض موطنة..ايطاليا وحين بدا التنقيب والبحث في الارض التي ورثها من والده واجداده عن الذهب حلم حياته الذي تخلى عنة لفترة طويلة من اجل البقاء بجانب زوجته في تركيا حين التقيا صدفة عندما سافر لتركيا في رحلة عمل ….. ليصارع معها ضد عائلتها لحرمانها من موافقتهم على الزواج به فقد كان من تقاليد العائلات عريقة النسب كعائلة والدتها جوليا سوليمان.. الا تتزوج الفتاة الا من احد اقاربها حتى يكون هناك ضمان لتبقى الاملاك داخل حدود العائلة وحتى بعد موافقتهم استمر الصراع حتى تحصل والدتها على ميراثها وبرغم محاولات والدها في جعلها تتخلى عن هذا الميراث فهو كان سليل احدى العائلات العريقة في ايطاليا …باولو ببرناردو من عائلة ببرناردو الاغنياء فاحشي الثراء..لم ترضخ والدتها حتى حصلت في النهاية وبعد عذاب على جزء من حقها…لكن وبعدها للاسف…انقطعت كل صلات الود بين والدتها وعائلتها الناقمة عليها بتركيا…عدا واحدة فقط…كانت تراسلها سرا من ان لاخر…او تتصل بها تليفونيا …لكي تطمئن عليها…وعلى
احوالها…تلك المراة كانت خالتها ليلى…..وهى تصغر والدتها بسنتين..وحتى بعد وفاة والدتها استمرت خالتها بالاتصال بها…ولم تنقطع الصلة بينهما حتى هذه اللحظة…
تعترف انها تجد فيها رغم المسافات البعيدة التي تفصل بينهما بعض العزاء عن والدتها الراحلة…ورغم انها لم ترها من قبل الا في بعض الصور التي ارتها لها امها…فهي تكن لها مشاعر الود والعرفان…وتكون سعيدة دائما حين تسمع صوتها في مكالمة تليفونية من وقت لاخر…
وقد لاحظت مؤخرا ان خالتها بدات تحاول اقناعها بزيارتها في اسطنبول…ولكنها الان مشغولة بمشاكلها في الشركة ولا تجد الوقت لكي تقرر القيام بتلك الزيارة….ربما حين تنتهي مشكلاتها !!!!
تذكر الان حكايات والدها عن تلك الفترة التي تلت عودتهم الى ايطاليا بعد حصول والدتها على جزء من حقوقها..حينها فقط عاد حلم والدها للظهور مرة اخرى؟؟ الذهب…!!!!!
ورغم محاولات جميع من حوله من الاصدقاء والمعارف..وحتى اخيه الوحيد…باثنائه عن التنقيب…لندرة الذهب في ايطاليا…وصعوبة الوصول لعرق واحد منة…فقد اصر هو على المحاولة…وبذل كل ما يملك من جهد ليصل الى هدفه…وقد ساعده على ذلك ايمان والدتها العميق به…وثقتها الكبيرة في حكمة زوجها..ورجاحة عقلة….
عادا معا لايطاليا وكانت بجانبه حين اثمرت مجهوداته في البحث والتنقيب عن اول قطعة من الذهب وشاهدا بريقها الاخاذ معا ….شاهدا..لامار وهو المعنى التركي لبريق الذهب فسميت لامار بهذا الاسم نسبة لبريق اول قطعة من الذهب.. الحلم .. حلم والدها ووالدتها…
كم كان ارتباطهما قويا وحبهما اقوي حتى انهما حينما جاءت لامار للحياة اغدقا عليها من هذا الحب..كان فراق والدتها امرا صعبا على كليهما فقد كانت لامار في العشرون من عمرها وكانت في اشد الحاجة اليها فلم يكن لديها اخوة ولم يرزق والديها بغيرها من الاطفال.. وهكذا لم يعد لهما سوى بعضهما..هي ووالدها الحبيب. ولكن الحياة بخلت عليها بوجوده قربها……….
كم شعرت بالحزن والفراغ بعد ان فارقها والدها ايضا…لم يبق معها كثيرا بعد وفاة والدتها..فقد توفى في حادثة كبيرة من جراء اصطدام قوى لسيارته باحد سيارات النقل لان سائقها كان نائما اثناء القيادة…كانت صدمة قوية… ظنت انها لن تستطيع الخروج من احزانها ووحدتها لولا ان اتت صوفيا ابنة عمها لتعيش معها بعد خروجها من مدرستها الداخلية التي قد ارسلتها اليها زوجة عمها الراحل.وقد استولت على الباقي من ميراثها بعد ان اضاع عمها الراحل قبل وفاته جزء كبير منة في احدى الصفقات الغير مدروسة….فقد كان عمها معروف باستهتاره وعدم مبالاته في الحفاظ على امواله…حتى انه كان يقامر بها وبكميات كبيرة…لذلك لم تجد صوفيا سوى لامار …الوحيدة التي بقيت لها من العائلة…..وجدت فيها تعويضا عن الحب والاهتمام الذي فقدته برحيل والديها…
والداي الحبيبان …كم اشتقت اليكما..
حدثت لامار نفسها حين افاقت من ذكرياتها …. كم يؤلمني ان اخذلك الان بعد ان اورثتني شركتك..انا في ورطة كبيرة واصبحت تحت رحمة كلمة واحدة يقررها رجل..وليس اى رجل…!! فهو نيكولا كريستيانو المشهور بقسوته وعناده..ولولا انني قرات بنفسي الاعلان في الصحف عن التسهيلات الغير عادية التي يمنحها البنك الذي يملكه…لم يكن ليتبقى لدى اى امل في الخروج من تلك الورطة….
عبست لامار بحاجبيها الجميلين لمراتها … لامار فيرناندو التي اقسمت الا تجعل رجل اخر بعد انطوني يتحكم بي ..ياتي من اكون تحت رحمته؟؟ انا..تنهدت بسخرية مريرة..المعروفة بسيدة الاعمال الجليدية؟؟..زفرت بضيق واتجهت لنافذتها تتطلع منها للبحر فقد بني والدها لوالدتها فيلتهما على مرتفع في احدى الجبال المطلة على البحر لعلمه بمدى تعلق والدتها وحبها للمرتفعات حتى انها ورثت عن والدتها هذا الشغف…وقالت متجهة بنظرها الية..
تمالكي نفسك يا فتاة وكوني قوية..ورفعت راسها بكبرياء قائلة..اعاهدك يا والدي ان احارب ليبقى الحلم الذي بنيته…ليبقى عطرك ..عطر لامار….عطر بريق الذهب حتى وان بعت نفسي لاجل بقاءه..ودمعت عيناها وكعادتها ابت ان تسيل تلك الدموع..فالدموع ضعف..
وهى ليست بضعيفة فقد اقسمت بعد صدمتها بخداع انطوني حبها الاول والاخير الا تكون ضعيفة ابدا او تخضع لسيطرة رجل.
افاقت من افكارها على صوت صوفيا تدخل حجرتها كعادتها في الصباح قائلة.
صباح الخير ….
رفت لامار بعيناها في محاولة لاخفاء اثر الدموع ورفعت يدها الرقيقة المطلية اظافرها بعناية بلون احمر قاني معيدة شعرها الكثيف الى الوراء والتفتت ناظرة لصوفيا نظرة تفيض حنانا ورقة قائلة
مرحبا عزيزتي..منحتها لامار احدى اجمل ابتساماتها الرائعة قائلة
اعتقد.؟ لا بل اقسم انني وبالتاكيد الوحيدة التي تحصل على تلك الابتسامة منك..نظرت اليها صوفيا نظرة عتاب مداعب..وفى محاولة من لامار للهروب من الاجابة قالت..
كلما نظرت اليك يا عزيزتي اتعجب ؟؟ كيف اننا ابناء عم رغم الاختلاف الشديد في ملامحنا.. كانت صوفيا بعكس لامار فهي شقراء فاتنة شعرها الذهبي المموج وقد قصته على احدث صيحات الموضة استرسل بتدريج رائع حول وجهها وعيناها الزرقاوين وبشرتها الوردية وانفها الرقيق الذي يعلوه بعض النمش منتشرا اعلى وجنتيها وممتدا الى سائر بشرتها الرقيقة وقامتها القصيرة نوعا عن لامار اعطاها هذا الاختلاف.
رفعت صوفيا يدها الرقيقة بكسل وتنهدت قائلة ..تعرفين جيدا يا عزيزتي انى كنت افضل ان اكون بتلك البشرة الرائعة مثلك التي يحسدك عليها الكثيرين على ان اكون بكل تلك الالوان الصاخبة….والنمش الذي يوحى بانني طفلة لا تكبر ابدا..كنت اتمنى ان احصل على ملامح امراة فاتنة مثلك…لا طفلة شقية!!!!
والقت بنفسها على سرير لامار متثائبة وهى مازالت مرتدية بيجاما النوم.
اوة ..لا تكوني طماعة؟؟ فانت فاتنة.. اجابتها لامار وهى متجهة نحو سريرها بخطوات رشيقة وبزتها الرمادية بتنورتها القصيرة الضيقة تظهر جمال ساقيها في الحذاء ذو الكعب العالي فوجدت صوفيا تنظر لها باهتمام من بين عينين نصف مغمضتين وهى عابسة نهضت وجلست معتدلة على السرير وقد ظهرت عليها الجدية و اومات براسها للامار قائلة..
ارى انك قد استعددت جيدا لمقابلة اليوم ؟ مشيرة بيدها نحو مظهرها الجاد والعملي في ملابسها الرمادية فانا اعرف جيدا مدى اهمية المقابلة.. وسالتها قلقة.. ما الذي تنوين فعلة مع السيد نيكولا؟؟
لا اعرف بعد ولكن ما انا متاكدة منة انني لن استسلم بسهولة بدون حرب ضارية و باقل الخسائر.. اجابتها لامار وقد وقفت باعتداد وثقة تظهر عيناها لمعان الجليد وقد اختفت منهما كل ملامح الرقة.
تعلمين جيدا ان نيكولا ليس بالخصم السهل.. معروف بعناده وصرامته و نجاحه الكبير في التفاوض هذا اذا تغاضينا عن وسامته المدمرة وشخصيته الفريدة..فهو زير نساء من الدرجة الاولى..
سالت لامار.. هل قابلتيه؟…لا ولكن قرات الكثير عنة ورايت بعض صورة في الجرائد فلا تخلو صفحات الاقتصاد والمجتمعات منة.. واعرف جيدا ان المسالة ليست سهلة..اجابتها باشفاق.
قابلت الكثيرين مثله .. لن تكون المسالة سهلة بالنسبة الية ايضا فانا لا احارب لاجل شيء هين بل لاجل حياتي ومستقبلي ولاجل ذكرى والداي..لن اسمح بانهيار الشركة وساحصل على القرض باي شكل من الاشكال ..انه واجبي تجاه ذكرى والداي… لقد اورثاني الامان حتى بعد وفاتهما ..اورثاني حلمهما ونجاحاتهما معا…
اتمنى لكي التوفيق من كل قلبي.. قالت صوفيا مقتربة وممسكة بيدها فاحتضنتها لامار واجابت..اعلم يا عزيزتي و الان.. متى ستذهبين الى الشركة؟؟
اوه اعتقد بانني سانام قليلا بعد.. هل تسمح رئيستي بان انام قليلا في غرفتها ..انت تعرفين كم احب هذه الغرفة!! اجابتها لامار وهى متجهة بخطواتها نحو الباب.. طبعا ولكن لا تتاخري …على اى حال..لا يوجد الكثير مما يمكنك فعلة للشركة الان… ثم استدارت وعلى وجهها ابتسامة هادئة تتامل غرفتها فقد كانت بالفعل من احلى اجنحة الفيلا ..كانت كبيرة واسعة نوافذها عالية وستائرها العسلية تسمح لشمس الصباح وهواء الخريف المنعش بالدخول وسريرها الذي سمح لها والديها باقتنائه من احد المزادات واعمدته الخشبية الضخمة المشغولة على الطراز الاندلسي بستائره الحريرية الرقيقة والسجادة الايرانية الكبيرة التي تتوسط الغرفة فوق الارضية التركية حتى دولاب ملابسها قد اختارت تصميمه بعناية فهو مختفي داخل الحائط تخفيه عن الانظار مراة رائعة وضخمة .. مشغولة بافريز مذهب وهى احدى تحف القرون الوسطى وقد حصلت عليها ايضا من احد المزادات.. كل شيء في غرفتها كان رائعا فلم يبخل عليها والداها باي شيء لاسعادها ..كانت غرفة رائعة بحق…..
افاقت لامار من تاملها على صوت خادمتها المخلصة هيلدا التي كانت خادمة لامها وقد حضرت معها من تركيا فساعدت جوليا والدة لامار في العناية بها كمربية وبقيت بجانبها حتى هذه اللحظة …
كان صوتها اتي من الدور السفلى للفيلا..سيدتي لامار؟؟ السيارة جاهزة لقد اخرجها اميجو من الجاراج وكان الاخير ايضا سائق والدها الخاص ..ايطالي مثله ولكن بعد ان اصبح عجوزا قررت لامار ان تريحه من مشقة القيادة وتتولى ذلك عنة فكل من في هذا المنزل بمثابة عائلتها وهى على كل حال تجيد القيادة من زمن طويل..
القت لامار نظرة اخيرة على صوفيا مبتسمة لها برقة ثم همت بالخروج وما ان خطت خارج الغرفة حتى تذكرت شيئا هام فعادت مسرعة للداخل قائلة… كيف انسي العطر؟؟؟ واتجهت ناحية دولابها و فتحت مراتها الضخمة ثم فتحت جارورا صغيرا وراء ملابسها مخرجة منة احدى زجاجات العطر الصغيرة. وهى تبتسم بغموض ووضعت بضع قطرات منة خلف اذنها وعلى معصمها ثم اغلقتها بحرص ووضعتها
مكانها في الدرج ثم اغلقت المراة ونظرت الى نفسها .. رفعت يدها لشعرها تعيده للوراء كعادتها حين تحاول استمداد الثقة وابتسمت ابتسامتها الجليدية التي لا تصل ابدا الى عيناها ثم قالت ….
الان انا مستعدة لاي شيء .. حتى وان كان هذا الشيء؟؟ …نيكولا كريستيانو.. والتقطت حقيبة العمل السوداء وحافظة يدها الانيقة من فوق كرسي الزينة امام المراة ومشت بخطوات واثقة للخروج من باب الغرفة بعد ان اخذت نفسا عميقا متجهة الى اسفل … الى مقابلتها المصيرية؟؟؟
بم استطيع ان اخدمك؟؟.. سالت السكرتيرة الحسناء لامار وهى ممعنة النظر اليها وكانها تقيمها من راسها لقدميها ..اجابتها لامار وهى تقف بكبرياء ان لديها مقابلة مع مدير البنك موعدها الساعة التاسعة
ولكن مدير البنك غير موجود .. بل مسافر في رحلة عمل ؟؟
سالتها لامار وفي صوتها شيء من العصبية “كيف يعطى السيد نيكولا موعدا لاحد العملاء في حين انه مسافرا؟؟
اجابت السكرتيرة وعلى وجهها الحيرة .. ولكن السيد كريستيانو ليس المدير بل هو المالك
اوة.. لا يهمنى الان صفته… فقط لدى موعد وانوى الحصول علية..فارجوك ان تخبريه انى في انتظاره.
رفعت الفتاة سماعة الهاتف بضيق وتحدثت بصوت هادئ.. نعم سيدي الانسة لامار فيرناندو تود مقابلتك عن موعد سابق…. نعم سيدي .. نظرت الفتاة للامار قائلة .. سوف يقابلك انستي تفضلي بالجلوس لدقيقتين فقط وسوف تدخلين لمقابلته.. جلست لامار على احدى الكراسي الجلدية الفخمة واضعة قدم فوق الاخرى ببرود…
يبدو ان السيد كريستيانو لا يبخل على اى من ممتلكاته بالنقود فقد لاحظت لامار منذ دخولها فخامة المكان وروعة الديكور بداخل البنك…..
وقد طغى على المكان اللون الاخضر والبني من كراسي وزرع طبيعي وجدران طليت باحدث الوان الدهانات.. حتى رائحة الهواء بها شيء من العطر المختلط برائحة الجلد الفاخر للمقاعد.. اعترتها رعشة في عامودها الفقري لا تدرى سببا لها ؟؟ هل من برودة التكييف المركزي في المكان ام هو قلقها الذي تابى ان يكون واضحا على محياها امام السكرتيرة ونظراتها الفضولية .. افاقت من تاملها للمكان على صوت الفتاة وهى تقول:
تستطيعين الدخول الان انستي ..السيد كريستيانو بانتظارك.
وقفت لامار واخذت نفسا عميقا ثم اومات للفتاة الجالسة براسها ببرود….
مشت باتجاه المكتب الخاص المكتوب على لافتته… غرفة مدير البنك … ودقت على باب الغرفة بقبضتها الرقيقة…سمعت صوتا عميقا يدعوها للدخول قائلا…تفضل… احست للحظة بضعف ثقتها بنفسها .. فكيف سيكون حالها اذن ان دخلت.

  • روايات بال مون اغواء وصدمة
السابق
لام مواثر
التالي
ارقام خطابات في الرياض 2024