افضل مواضيع جميلة بالصور

فالعشر عليه دون مالك الارض

المالك والشريك في المزارعة يشتركان في الزكاة

3- واما ان يزارع عليها مزارعة صحيحة بربع ما يخرج منها او ثلثه او نصفه -حسب اتفاقهما- فالزكاةعلى كل واحد من الطرفين في حصته اذا بلغت النصاب، او كان له زرع اخر اذا ضم اليها بلغت نصابا.

وان بلغت حصة احدهما النصاب دون صاحبه، فعلى من بلغت حصته النصاب زكاتها ولا شيء على الاخر؛ لانه مالك لما دون النصاب فلا يعد غنيا شرعا، والزكاة انما تؤخذ من الاغنياء، وقد جاء عن الشافعي -كما نقلت رواية عن احمد- انهما يعاملان معاملة شخص واحد فيلزمهما العشر، اذا بلغ الزرع جميعه خمسة اوسق، ويخرج كل واحد منهما عشر نصيبه .(المغنى: 2/728).

الزكاة على المالك ام المستاجر؟

4- واما ان يؤجرها بالنقود او بشيء معلوم -كما اجاز ذلك جمهور الفقهاء فمن الذي يدفع العشر او نصفه؟ مالك الارض الذي يملك رقبتها، وينتفع بما يتقاضاه من ايجارها؟ ام المستاجر الذي ينتفع بزراعتها فعلا، وتخرج له الحب والثمر؟

مذهب ابى حنيفة

قال ابو حنيفة: العشر على المالك بناء على اصل عنده: ان العشر حق الارض النامية لا حق الزرع، والارض هنا ارض المالك، ولان العشر من مؤونة الارض فاشبه الخراج .(المغنى: 2/728)، ولان الارض كما تستنمي بالزراعة، تستنمي بالاجارة فكانت الاجرة مقصودة كالثمر، فكان النماء له معنى، مع تمتعه بنعمة الملك، فكان اولى بالايجاب عليه(فتح القدير: 2/8).

وروى ذلك عن ابراهيم النخعي (الخراج ليحيى بن ادم ص172 – طبع السلفية رواه من طريق الحسن بن عمارة -معروف وهو متروك، كما هو معروف).

مذهب الجمهور

وذهب جمهور الفقهاء الى ان العشر على المستاجر: لان العشر حق الزرع لا حق الارض، والمالك لم يخرج له حب ولا ثمر، فكيف يزكى زرعا لا يملكه بل هو لغيره؟

سبب الاختلاف

قال ابن رشد: والسبب في اختلافهم: هل العشر حق الارض او حق الزرع؟ او حق مجموعهما؟ الا انه لم يقل احد: انه حق لمجموعهما، وهو في الحقيقة حق مجموعهما.

فلما كان عندهم انه حق الامرين اختلفوا في ايهما اولى ان ينسب الى الموضع الذي فيه الاتفاق -وهو كون الزرع والارض لمالك واحد.

فذهب الجمهور الى انه للشيء الذي تجب فيه الزكاة، وهو الحب.

وذهب ابو حنيفة الى انه للشيء الذي هو اصل الوجوب وهو الارض .(بداية المجتهد: 1/239).

الترجيح في هذه المسالة

رجح صاحب “المغنى” راي الجمهور بان العشر واجب فى الزرع فكان على مالكه، قال: ولا يصح قولهم: انه من مؤونة الارض؛ لانه لو كان من مؤونتها لوجب فيها وان لم تزرع كالخراج، ولوجب على الذمي كالخراج ولتقدر بقدر الارض لا بقدر الزرع ولوجب صرفه الى مصارف الفيء دون مصرف الزكاة .(المغنى: 2/728).

وقال الرافعي في الشرح الكبير: لا فرق بين ما تنبته الارض المملوكة والارض المكتراة (المستاجرة) في وجوب العشر، ويجتمع على المكترى العشر والاجرة، كما لو اكترى حانوتا للتجارة تجب عليه الاجرة وزكاة التجارة جميعا .(شرح الرافعي الكبير مع المجموع: 5/566).

وهذا التشبيه غير مسلم؛ فان زكاة التجارة تجب في كل حول فيما بقى لدى التاجر من راس مال نام – بعد ان يكون قد دفع في اثناء الحول اجرة حانوته وغيرها من الاجور والنفقات، ولو كان عليه اجرة سنة او اشهر لكانت دينا عليه يطرحه مما في يديه ثم يزكى ما بقى، اما زكاة الزرع فلا يعتبر لها حول، بل تجب عند الحصاد، فليس بممكن دفع الاجرة من الزرع قبل الزكاة كما هو الشان في اجرة الحانوت.

لهذا قد يبدو من الاجحاف بالمستاجر ان يبذل في الارض جهده وعرقه، ثم يدفع اجرتها ثم يطالب بعد ذلك بالعشر على حين يتسلم مالك الارض اجرته خالصة سائغة ولا يطالب بشيء الا ان يحول الحول على الاجرة او بعضها.

ان العدل ان يشترك الطرفان في الزكاة: كل فيما استفاده، فلا يعفى المستاجر اعفاء كليا من وجوب الزكاة -كما ذهب ابو حنيفة-، ولا يعفى المالك اعفاء كليا ويجعل عبء الزكاة كلها على المستاجر – كما ذهب الجمهور.

ولقد انتبه ابن رشد -بعقله الفلسفي- الى ان الواجب في الارض المزروعة ليس حق الارض وحدها، ولا حق الزرع فقط، ولكنه حق مجموعهما.

ومعنى هذا: ان يشترك صاحب الارض وصاحب الزرع فيما يجب من العشر او نصفه، وهذا -فيما ارى- هو الراجح.

ولكن كيف يشتركان في اداء الواجب وعلى اي اساس يقوم ذلك؟.

لقد اخترنا مذهب القائلين بان الزكاة في صافى الربع من الزرع، وان الديون والخراج ونفقات الزراعة والبذر يرفع ما يوازيها من المحصول ثم يزكى ما بقى ان بلغ نصابا.

واجرة الارض بلا شك من نفقات الزرع، وهى كالخراج فيجب ان تعد دينا على المستاجر، فيقتطع من الخارج ما يقابل الاجرة -مع باقي الديون والنفقات- ثم يخرج العشر او نصفه من الباقي اذا بلغ النصاب.

فاذا كان ايجار الارض 20 (عشرين جنيها) مثلا، واخرجت من القمح 10 (عشرة) ارادب، وكان الاردب يساوى خمسة جنيهات (فيكون مقدار الخارج 10 × 5 = 50 جنيها) فانه يخرج عن 6 ارادب فقط، والاربعة الاخرى تطرح مقابل الايجار.

ولو كان الايجار 30 جنيها (اي ما يوازي ثمن 6 ارادب، لكان الباقي 4 (اربعة) ارادب -48 كيلة- وهو دون النصاب فلا زكاة فيه).

اما مالك الارض فليس عليه ان يخرج العشر او نصف العشر من الزرع والثمر، فانه ملك لغيره وانما عليه -فيما نرى- ان يزكى ما دفع اليه بدلا من الزرع وهو الاجرة التي يقبضها.

وذلك: انه لو زارع عليها بنصف ما يخرج منها مثلا لكان عليه ان يخرج زكاة حصته من المحصول اذا بلغ نصابا، فيخرج العشر او نصف العشر حسب سقى الارض ايضا.

وهناك كذلك يخرج المالك زكاة الاجرة – التي هي مقابل نصف الخارج مثلا في الزراعة- عشرا او نصف عشر حسب سقي الارض المستاجرة وهذا بشرط ان تبلغ قيمة نصاب من الزرع القائم بالارض لانها بدل عنه، فان كان عليه دين او خراج (ضريبة على الارض) اخرجه من الاجرة وزكى ما بقى، ومثل الدين والخراج ما يفتقر اليه في حوائجه الاصلية، كالقوت له ولعائلته والملبس والمسكن والعلاج.

فان المحتاج اليه في هذا كالمعدوم، ولهذا شبهه الفقهاء بالماء المحتاج اليه للشرب في جواز التيمم مع وجوده، لانه اعتبر كان لم يكن.

وبما قلناه يكون كل من مالك الارض وزارعها المستاجر قد اشتركا في زكاتها بما يوافق العدل المنشود، ويناسب ما انتفع به منها.

فالمستاجر يؤدى زكاة ما اخرج الله له منها -من زرع حصده وثمر اجتناه- سالما من الدين والاجرة ونفقات الزرع.

والمالك يؤدى زكاة ما يسر الله له من اجرة عادت عليه من الارض خالصة سائغة سالمة من الدين وضريبة الارض ونحوها.

فالجزء الذي طرح من نصيب المستاجر الزارع -وهو ما يقابل الاجرة من المحصول والذي اعفى من زكاته- دخل في نصيب المالك وادى عنه الزكاة الواجبة وهو احق بها واولى بادائها من المستاجر في هذا القدر.

وبهذه المساهمة العادلة من المالك والمستاجر نكون قد اخذنا باحسن ما قال ابو حنيفة واحسن ما قال الجمهور، واوجبنا على كل من الطرفين -المالك والزارع- ما هو احق به وما هو مالك له، مع تفادى ازدواج الزكاة الواجبة، وتكررها في مال واحد، فان القدر الذي زكى عنه المالك قد طرح ما يعادله من نصيب المستاجر.

ونوضح ذلك بمثال: رجل يملك عشرة افدنة اجرها ليزرعها ارزا مثلا، وكانت اجرة الفدان 20 جنيها، فاخرجت الارض 100 (مائة اردب) من الارز، الذي يقدر ثمن الاردب منه ب 4 (اربعة) جنيهات، فكيف يخرجان الزكاة؟

اما المستاجر فيطرح من الخارج ما يساوى الايجار وهو 50 (خمسون) اردبا (50 × 4 = 200 جنيه وهو ايجار 10 × 20 = 200 جنيه)، واذا كان قد انفق على زرعه في البذر والسماد 40 (اربعين) جنبها اخرى (اي ما يعادل 10 ارادب) يكون الصافي المتبقي له 40 اردبا، فاذا كان الواجب عليه نصف العشر مثلا فهو يخرج عنها 2 (اردبين) واما المالك فيخرج زكاة الجنيهات المائتين التي قبضها، فان كان عليه خراج او ضريبة تساوى 40 (اربعين) جنيها، ويكون الباقي له = 160 جنيها، فعليه اذن نصف عشرها اي 8 (ثمانية) جنيهات.

كتبت هذا الراي منذ سنة 1383 ه (1963م) ولم يقبله كثير من علماء الازهر انذاك، وقد قرات اخيرا في كتاب ” تنظيم الاسلام للمجتمع ” لاستاذنا الشيخ ابو زهرة (ص 159) قوله: “لقد اقترح بعض علماء هذا العصر في مشروع قانون للزكاة: ان تؤخذ من المالك والمستاجر، فيؤخذ من كل واحد منهما زكاة عما يصل اليه صافيا، بعد اخذ الضرائب بالنسبة للمالك، وبعد تكليفات الزرع بالنسبة للمستاجر”، وهذا بحمد الله نفس ما رجحته وانتهيت اليه.

  • زكاة الأرض على صاحب الزرع أم على الشريك
السابق
ما هي غدد الوذي
التالي
تصاميم رائعة