افضل مواضيع جميلة بالصور

موضوع النظام

ان لكل شيء بالكون نظام ،هكذا شرعها لنا الله تعالى ، حتى في السماء العالية ، نظام تطبق نظام الله عزوجل ، وفي الدنيا نظام تطبقه علينا الدولة للمحافظة على الدولة والاشخاص وذلك لكي لا يظلم احد ويجب علينا نحن ان نحافظ عليه ونقوم بتطبيقه .

ان كل مصلحة فيها نفع وخير للمسلم نظام يوحي به الاسلام، واذا كان القيام بالعمل الوظيفي نظاما مطلوب التطبيق والتحقيق، واذا كان نظام الحسبة في الاسلام نظاما يتطلب التطبيق والامانة، واذا كان نظام التعليم ونظام القضاء، ونظام الجندية كل ذلك مما يحث على تطبيقه والمحافظة عليه ديننا الحنيف، دين الاخلاق والرعاية والنظام، دين العطاء الثر لصالح الفرد والمجتمع، اذ كان هذا مما يحققه الاسلام عبر نظامه الفريد في حضارته الانسانية التي سادت جميع الحضارات بعطائها وصلاحها وفلاحها، ذلك النظام هو نظام السير في الطرقات سواء كان السائر راجلا او على دابة او على سيارة. وللسير في الطريق نظام خاص معين مبين من هدي الاسلام الحنيف. فما احوجنا الى تطبيقه والمحافظة عليه، فقد ثبت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- نهيه عن الجلوس في الطرقات لغير حاجة، فلما قال الصحابة رضوان الله عليهم: لكنها مجالسنا ما لنا عنها من بد. فقال – صلى الله عليه وسلم- – ما معناه- “اعطوا الطريق حقها، قالوا وما حق الطريق يا رسول الله؟ فقال – صلى الله عليه وسلم-: كف الاذى وغض البصر…”. فاين نحن من هذه الفريدة النبوية التي اسست نظام السير بكف الاذى وغض البصر. فها هم بعض شبابنا وناشئتنا يزيدون من اذى الطريق بالسير فيه بسياراتهم على غير بصيرة. ايها الاخوة ان كف الاذى عن الطريق لا يعني رفع ما تقع عليه عين الماشي من حجر او شجر او قرطاس او ما شابه ذلك من اي جسم يؤذي السائرين. بل كف الاذى بالانظار والتعرض لهن في منعطفات السكك، مما يؤدي الطريق كاللعب بالكرة في قارعته، وعلى جوانبه، مما يؤذي الطريق وضع النفايات عند ابواب الجيران وعدم تطبيق النظام لنظافته، مما يؤذي الطريق المشي بالسيارة مسرعة، وعلى الاخص داخل شوارع الاحياء العامرة بالسكان.

ومن هنا يجب ان ننبه على وجوب تطبيق نظام المرور. ذلك النظام الذي رصدت له الدولة الملايين لتحقيق السلامة للمسافرين وغيرهم من وعثاء السفر والاخطار التي يجلبها بعض من يقودون السيارة مخالفين هذا النظام المروري السليم الذي يوليه قطاع المرور عناية كبيرة. ولكنها النفوس الرعناء التي لا ترعوي عن جهلها وغوغائيتها. وهم قليل ان شاء الله تعالى. ايها الاخوة ان عناية الدولة الرشيدة بنظام السير حققت الكثير مما يجلب الخير والسلامة للسائرين، فقد شقت الانفاق ورفعت الطرقات ووصل البر بالبحر، وزيد في سعة الكثير من الشوارع العامة والخاصة كل ذلك طلبا لتحقيق السلامة وحماية لحياة السائرين. هذا بالاضافة الى انارة الشوارع ورصفها وتزيينها وحفظها بالاشارات المرورية الدالة على السير والوقوف والهدوء وضبط النفس في الحركة القيادية، وتقديم النصائح النافعة لقائدي السيارات من وجوب حمل رخصة القيادة او الترخيص بالسير وكذا حمل بطاقة السيارة والعناية بمحركاتها قبل السير طويلا كان او قصيرا. والتزام الجانب الايمن من الطريق، وعدم التجاوز في حالات الازدحام، والحد من السرعة التي قد تودي بحياة السائق ومن معه، وعدم السير بعد سهر او نوم او اجهاد جسمي، فكل ذلك مؤذن بالخطر الذي تخشى مغبته. والى هذه النصائح يشير الحديث النبوي الشريف الى الكيفية والزمن الذي يحسن ان يسير فيه المسافر او المحتطب او راعي الكلا. يقول – صلى الله عليه وسلم-: “واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة”، اي ان السير اول النهار مما يعين على قطع الطريق، حيث النشاط والابصار التام في رائعة النهار، وان السير وقت الرواح يحسن ان يقل ما امكن لتاخذ الدابة او سيارة راحتها من العناء، وان السير في الليل وهو ما عبر عنه الحديث بلفظه (الدلجة) يحسن ان يكون شيئا يسيرا، لان الاجساد تكل وتمل.

فالله الله في المحافظة على النظام المروري الذي ابتكر من هدي الاسلام ونظامه السمح الكريم النافع. الم تسمع اخي المسلم قول الله تبارك وتعالى: ﴿ وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ﴾ [الفرقان: 63].

فالحظ -اخي المسلم- التعبير في سياق الاية الكريمة بقول الله تعالى: ﴿ يمشون على الارض هونا ﴾ [الفرقان: 63]، ما اجمله واخصره واغناه بمعاني الفضيلة والسكينة والطمانينة. فاولئك الناس من عباد الله المؤمنين قد وصفوا بسيرهم راجلين او راكبين حيث لم تخصص الاية الكريمة وصف السير على الاقدام، وانما اطلقت التعبير بيمشون فيدخل في ذلك سير المسلم راجلا او راكبا. فمن صفات هؤلاء المؤمنين المهتدين المشي في طمانينة ورفق وسكينة وحشمة ووقار.

ففي ذلك حفاظ على انفسهم وارواحهم واخلاقهم وصدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في قولة الكويم: “يا عائشة ان الرفق لا يكون قي شيء الا زانه ولا ينزع من شيء الا شانه”. فهذا حديث من اوتي جوامع الكلم. يحثنا على الرفق والاناة والروية في كل ما ناتي ونذر من قول او فعل او حركة او سكون في سير او قعود او قيام في كل شيء ينزع عنه المسلم في جميع التصرفات. والدليل على ان الرفق مطلوب من المسلم في كل شيء مجيؤه نكرة في سياق النفي، والنكرة في سياق النفي تدل على العموم. فقد قال – صلى الله عليه وسلم- “لا يكون في شيء- ولا ينزع من شيء”، فشيء هنا نكرة مسبوقة بنفي، فدلت على العموم، اي ان الرفق مطلوب من المسلم في حركته وسكونه وقوله وفعله وسيره راجلا او راكبا.

ومعلوم ان السرعة بسير السيارة مخالفة لما يدعو اليه النظلم المروري، بل القاء بالنفس الى المخاطر والتهلكة. وقد نهي المسلم عن ذلك. يقول تبارك وتعالى: ﴿ ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة ﴾ [البقرة: 195]، وهذا النهي وان كان في الحرب والانفاق في سبيل الله فهو نهي عام لكل ما يجلب الاخطار والمهالك الى النفس المسلمة المؤمنة.

بارك الله لي ولكم في القران العظيم، ونفعني واياكم بما فيه من الايات والعظات والذكر الحكيم. اقول هذا القول واستغفر الله العلي العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبعدله توزن الامور ويستقر كل شيء ما موضعه، وبشرعه تعرف الاحكام، وتؤدي الحقوق، وينصف المظلوم، وبهدي كتابه وسنة رسوله تحد الحدود، وتفصل الامور، ويدبر كل شيء فهو وحده الدبر المفصل للاشياء كبيرها وصغيرها.

﴿ يدبر الامر يفصل الايات لعلكم بلقاء ربكم توقنون ﴾ [الرعد: 2]، فنشهد ان لا اله الا الله الحي القادر القيوم. ونشهد ان محمدا عبده ورسوله البشير النذير الداعي الى الاسلام ونظامه لاحياء البشرية ونفعها وصالحها في الدارين الدنيا والاخرة صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اصحابه ومن اقتفى اثره الى يوم الدين.

اما بعد، فيا ايها الاخوة المسلمون: لقد عرفنا شيئا يسيرا، عن نظام الاسلام في حقوق الطريق والسير عليه. فماذا عن السلبيات والاضرار والاخطار التي تنتج عن مخالفة الانظمة المرورية التي هي من واجب رجال المرور، وعلى المسلم ان يلتزم بها في سيره راجلا او راكبا.

اخي المسلم: اعلم ان رجل المرور واحد من ولاة الامور، وولاة الامور مقرونة طاعتهم بطاعة الله ورسوله. يقول الحق تبارك وتعالى ﴿ يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم ﴾ [النساء: 59]. فرجل المرور او ضابط المرور من اولي الامر تجب طاعته فيما يامر به وينهى عنه ما لم يكن ذلك الامر والنهي في معصية الله ومعصية رسوله – صلى الله عليه وسلم-.

ايها المسلمون: اذا اردنا ان نعمل احصائية للسلبيات والمخاطر والمهلكات التي تنتج عن مخالفة الانظمة المرورية في السير على الطريق كالسرعة المفرطة والوقوف غير الصحيح والتجاوز في الازدحام وعدم تفقد السيارة قبل سيرها، اذا اردنا ان نحصي هذه الاخطاء فما اكثرها وما اتعس اصحابها. وما اصبرهم على تحمل المشاق والتبعات الصحية والمالية.

فاولا فكر ايها الانسان قبل ان تقود السيارة. فكر انك انسان ضعيف لا حول ولا طول ولا قوة لك مع هذا الحديد المسير بك باذن الله. فان اثرت العجلة والسرعة لقضاء حوائجك فاعلم فن قدر الله اعجل من لمح البصر ﴿ وما امرنا الا واحدة كلمح بالبصر ﴾ [القمر: 50]. فاتق الله في نفسد ايها الضعيف، التزم بالنظام، لا تعرض حياتك وحياة الاخرين للخطر والمهالك. ان كثيرا من الناس اذا وقع القدر به وهو مفرط مهمل غير متبع قال: هذا قضاء مدته وقدره. نعم هذا قضاء الله وقدره، ولكنك انت المهمل المفرط، عليك ان تتقي قدر الله بقدر ما تملك وتستطيع. وليس عليك بعد ذلك رد قضاء الله، والاصل في ذلك قول رسول الله كما: “اعقلها وتوكل”، وقوله – صلى الله عليه وسلم-: “اللهم اني لا املك رد القضاء، ولكني اسالك اللطف فيه”. فلو قام احدنا- ايها الاخوة- بزيارة لاحدى المستشفيات والمصحات لراى اعدادا كثيرة من الرجال والنساء شيوخا ويافعين وشبابا واطفالا، تراهم وقد لازموا الاسرة فترات طويلة، وكل ذلك باسباب حوادث السيارات وما تجره من ويلات وهلاك للمفرطين وغير الملتزمين بالنظام المروري.

بل تجد اكثر من ذلك؛ تجد كثيرين ممن فقدوا وعيهم وذاكرتهم او فقدوا احد اعضائهم ان لم تكن كلها، فاصبحوا عبا على غيرهم. وكل ذلك باسباب العجلة والسرعة المفرطة والاهمال.

نقول هذا الكلام – ايها الاخوة – ونحن جميعا نؤمن بقضاء الله وقدره. ولكن لا ينسينا ايماننا ما طلب منا فنحن بشر.

ايها الاخوة المؤمنون: هناك فريق من الاباء افرطوا في تدليل ابنائهم، فتجد بعضهم يشتري لابنه القاصر السيارة ويهديها اليه جائزة على نجاحه او تدليلا له او تلبية لطلبه، ولا يفكر في العواقب الا بعد وقوع المحذور. وفي ذلك من المهالك الشيء الكثير، ادناها ان الولد لا يفكر طوال يومه الا في قيادة هذه السيارة، والعبث بها والتنقل بها في عرض المدينة وطولها متناسيا واجباته المدرسية، مضيعا لاوقات صلاته، فاقدا الجلوس مع والديه واخوته واقاربه، بل يتعدى ذلك الضرر الى توقيع حادث- لا سمح الله- ربما يروح ضحيته، وان سلم بعض السلامة، او ربما تذهب السيارة سدى حتى لا يعود بها منفعة. ولو اقتصر الضرر على السيارة او قائدها لهان الامر قليلا، لكن ربما يحمل معه من اولاد الجيران او اولاد الاقارب منهم على شاكلته فيعمهم الضرر جميعا.

فاتقوا الله- يا عباد الله- في انفسكم وفي اولادكم والتزموا بحفظ نظام السير وتعاونوا مع كل مسئول عق مصالح المسلمين، وتعاونوا على البر والتقوى.

اللهم يا رب الارباب انت ملاذنا ومعاذنا هيئ لنا من امرنا رشدا، وخذ بايدينا الى ما فيه صلاحنا وفلاحنا في كل شيء. اللهم اعز الاسلام والمسلمين، ودمر الشرك والمشركين، واحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمة من كل سوء. اللهم من اراد الاسلام بسوء فاجعل كيده غصة في نحره، واجعل تدبيره في تدميره، واحفظ اللهم قادتنا وولاة امورنا ومكن لهم في الارض ما مكنت لعبادك الصالحين.

ايها العباد صلوا وسلموا على اعظم نبي واشرف هاد، واذكروا الله العلي العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون.

 

  • تطبيق النظام و المحافظة عليه موضوع
السابق
الاشهر الهجرية 2024
التالي
بطاقة مواليد