افضل مواضيع جميلة بالصور

موافقة الاسلام للفطرة

 

 

 

 

السؤال :
اريد ان اكون مسلما حقيقا لذا اضع هذا السؤال: ما الداعي للالتزام بالاسلام ؟ بعبارة اخرى ، هب اني كنت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يدعو الى هذا الدين ، فما الذي يدفعني الى تصديق رسالته وما جاء به من كتاب وسنة؟ كما اني لا افهم التحدي القراني ” فلياتوا بحديث مثله ان كانوا صادقين..” ، فالذي افهمه ان من اتى بكتاب ما في فن ما فانه يشبه كتابا اخر في نفس الفن ، وان خالفه في بعض الجزئيات ، فما وجه الاعجاز في القران ؟ قد يبدوا غريبا ان يصدر هذا السؤال من شخص مسلم ، ولكن الله اعلم بنيتي .

الجواب :
الحمد لله
ان الادلة على صحة دين الاسلام ، وصدق نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كثيرة لا تكاد تنحصر ؛ وهذه الادلة كافية لاقناع كل منصف عاقل باحث عن الحق بتجرد واخلاص ، ويمكن اجمال بعض من هذه البراهين فيما يلي :
اولا : دلالة الفطرة : فان دعوة الاسلام هي الموافقة للفطرة السوية ، والى ذلك اشار قول الله عز وجل : ( فاقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون ) الروم/30 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما من مولود الا يولد على الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ) .
اخرجه البخاري (1358) ، ومسلم (2658) .
وقوله ( تنتج البهيمة بهيمة جمعاء ) اي كما تولد البهيمة مجتمعة الاعضاء وسليمة من النقص ، وما يحدث لها من قطع الاذن او غيرها فيكون بعد ولادتها .
وهكذا كل انسان يولد مفطور على الاسلام ، واي انحراف عن الاسلام فهو خروج عن الفطرة ولا شك ، ولذلك فاننا لا نجد شيئا من تعاليم الاسلام يخالف الفطرة قط ، بل كل الاحكام العقدية والعملية موافقة للفطرة السليمة السوية ، اما ما سوى الاسلام من اديان واعتقادات فتشتمل على ما يخالف الفطرة ، وهذا امر ظاهر بين عند التامل والتدبر .
ثانيا : البراهين العقلية :
اكثرت نصوص الشرع من مخاطبة العقل ، وتوجيهه الى النظر في الحجج والبراهين العقلية ، ومن دعوة اصحاب العقول واولي الالباب الى تدبر الدلائل القطعية على صحة الاسلام .
قال الله تعالى : ( كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولو الالباب ) ص/29 .
قال القاضي عياض في وجوه اعجاز القران : ” جمع فيه من بيان علم الشرائع والتنبيه على طرق الحجاج العقليات ، والرد على فرق الامم ببراهين قوية وادلة بينة ، سهلة الالفاظ موجزة المقاصد ، رام المتحذلقون بعد ان ينصبوا ادلة مثلها ، فلم يقدروا عليها ” انتهى من ” الشفا ” (1/390) .
فلم تشتمل نصوص الوحي على شيء تحيله العقول او ترفضه ، ولم تات بمسالة تخالف بداهة عقلية او تناقض قياسا عقليا ؛ بل ما جاء اهل الباطل بقياس لباطلهم الا رده بالحق والبيان العقلي الواضح .
قال الله تعالى: ( ولا ياتونك بمثل الا جئناك بالحق واحسن تفسيرا ) الفرقان /33.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله : ” اخبر سبحانه ان الكفار لا ياتونه بقياس عقلي لباطلهم الا جاءه الله بالحق ، وجاءه من البيان والدليل وضرب المثل بما هو احسن تفسيرا ، وكشفا وايضاحا للحق من قياسهم ” انتهى من مجموع الفتاوى (4/106) .
ومن الامثلة على الادلة العقلية في القران قوله تعالى : ( افلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) النساء /82 .
جاء في تفسير القرطبي : ” انه ليس من متكلم يتكلم كلاما كثيرا الا وجد في كلامه اختلاف كثير ، اما في الوصف واللفظ ؛ واما في جودة المعنى ، واما في التناقض ، واما في الكذب ، فانزل الله عز وجل القران وامرهم بتدبره ؛ لانهم لا يجدون فيه اختلافا في وصف ولا ردا له في معنى ، ولا تناقضا ولا كذبا فيما يخبرون به من الغيوب وما يسرون ” انتهى من “الجامع لاحكام القران ” (5/290) .
وقال ابن كثير : ” اي: لو كان مفتعلا مختلقا ، كما يقوله من يقوله من جهلة المشركين والمنافقين في بواطنهم ( لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) اي : اضطرابا وتضادا كثيرا ؛ اي : وهذا سالم من الاختلاف ، فهو من عند الله ” انتهى من ” تفسير القران العظيم ” (1/802) .
ثالثا : المعجزات ودلائل النبوة :
ان الله تعالى قد ايد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بالعديد من المعجزات والخوارق والايات الحسية التي تدل على صدق نبوته وصحة رسالته كانشقاق القمر له ، وتسبيح الطعام والحصى بين يديه ، ونبوع الماء من بين اصابعه ، وتكثيره للطعام ونحو ذلك من معجزات وايات راها وعاينها جمع غفير ، ونقلت الينا بالاسانيد الصحيحة التي وصلت الى حد التواتر المعنوي الذي يفيد اليقين .
ومن ذلك ما صح عن عبد الله بن مسعود انه قال : ” كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقل الماء ، فقال : ( اطلبوا فضلة من ماء ) فجاءوا باناء فيه ماء قليل فادخل يده في الاناء ثم قال : ( حي على الطهور المبارك والبركة من الله ) ، فلقد رايت الماء ينبع من بين اصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل ) .
اخرجه البخاري (3579) .
رابعا : النبوءات :
ويقصد بالنبوءات هنا : ما اخبر به الوحي من امور واحداث تقع في المستقبل سواء في حياته النبي محمد صلى الله عليه وسلم او بعد مماته .
وما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من الامور المستقبلية الا وقع كما اخبر تماما ، وهذا دليل على ان الله عز وجل قد اوحى اليه واطلعه على اشياء من علم الغيب الذي لا يمكن الوصول اليه الا بالوحي، ومن ذلك:
ما رواه ابو هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من ارض الحجاز تضيء اعناق الابل ببصرى ) .
اخرجه البخاري (7118) ، ومسلم (2902) .
وقد وقع ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم كما اخبر تماما في سنة 654ه ، اي بعد وفاته بما يقرب من 644 سنة ، وقد ذكر ذلك المؤرخون ومنهم العلامة ابو شامة المقدسي في كتابه ” ذيل الروضتين “، وهو من العلماء الذين عاصروا هذه الواقعة التاريخية ، وكذلك الحافظ ابن كثير في “البداية والنهاية” (13/219) حيث قال: ” ثم دخلت سنة اربع وخمسين وستمائة فيها كان ظهور النار من ارض الحجاز التي اضاءت لها اعناق الابل ببصرى ، كما نطق بذلك الحديث المتفق عليه ، وقد بسط القول في ذلك الشيخ الامام العلامة الحافظ شهاب الدين ابو شامة المقدسي في كتابه الذيل وشرحه ، واستحضره من كتب كثيرة وردت متواترة الى دمشق من الحجاز بصفة امر هذه النار التي شوهدت معاينة، وكيفية خروجها وامرها .
وملخص ما اورده ابو شامة انه قال : وجاء الى دمشق كتب من المدينة النبوية على ساكنها افضل الصلاة والسلام ، بخروج نار عندهم في خامس جمادى الاخرة من هذه السنة ، وكتبت الكتب في خامس رجب ، والنار بحالها ، ووصلت الكتب الينا في عاشر شعبان ثم قال : ، ورد الى مدينة دمشق في اوائل شعبان من سنة اربع وخمسين وستمائة كتب من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيها شرح امر عظيم حدث بها فيه تصديق لما في الصحيحين من حديث ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من ارض الحجاز تضيء لها اعناق الابل ببصرى ) فاخبرني من اثق به ممن شاهدها انه بلغه انه كتب بتيماء على ضوئها الكتب .
قال : وكنا في بيوتنا تلك الليالي ، وكان في دار كل واحد منا سراج ، ولم يكن لها حر ولفح على عظمها ، انما كانت اية من ايات الله عز وجل ” انتهى .
خامسا : الشمائل والصفات : من اكبر الادلة على صدق نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو شخصيته نفسها ، وما تحلى به من مكارم الاخلاق وحسن الخصال وجميل الخلال وعظيم الصفات ، حيث بلغ النبي صلى الله عليه وسلم درجة من الكمال البشري في حسن الصفات والاخلاق لا يمكن ان تكون الا لنبي مرسل من عند الله ، فما وجد خلق حميد الا دعا له وامر به وحث عليه وعمل به ، وما من خلق ذميم الا نهى عنه وحذر منه ، وكان ابعد الناس عنه ؛ حتى بلغ اعتناؤه بالخلق درجة تعليل رسالته وبعثته بتقويم الاخلاق واشاعة مكارمها ، والعمل على اصلاح ما افسدته الجاهلية منها ، فقد جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : ( انما بعثت لاتمم صالح الاخلاق ) .
اخرجه احمد (8739) وقال الهيثمي في ” المجمع “: ” رواه احمد ورجاله رجال الصحيح “.
وصحح العجلوني سنده في ” كشف الخفا “، وصححه الالباني في ” صحيح الجامع ” (2349) .

والمعجزة دليل على صدق الرسول ، فانه يقول للناس انه مرسل من الله تعالى ، فيتحداه بعضهم ان يبرهن على ذلك ، فيؤيده الله عز وجل بالمعجزة ، وهي الامر الخارق للعادة ، وقد تحصل له المعجزة من غير ان يتحداه احد او يكذبه ، فتكون تثبيتا لاتباعه.
سادسا : جوهر الدعوة :
فاصل دعوة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تتلخص في بناء معتقدات صحيحة على اسس شرعية وعقلية سليمة ، فهي دعوة الى الايمان بالله وتوحيده في الهيته وربوبيته ، فلا يستحق العبادة الا اله واحد وهو الله سبحانه ؛ لانه رب هذا الكون وخالقه ومالكه ومدبر شؤونه ومصرف اموره والحاكم فيه بامره ، والذي يملك الضر والنفع ، والذي يملك رزق كل المخلوقات ، ولا يشاركه في ذلك احد ، ولا يكافئه او يماثله احد ، فهو منزه سبحانه عن الشركاء والانداد والاقران والاكفاء .
قال الله تعالى: ( قل هو الله احد.الله الصمد. لم يلد ولم يولد.ولم يكن له كفوا احد ) الاخلاص/ 1-4 .
وقال سبحانه : ( قل انما انا بشر مثلكم يوحى الي انما الهكم اله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا ) الكهف/110.
فدعوة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم دعوة تهدم الشرك بكل اشكاله ، وتخلص الثقلين من كل ما عبد بالباطل ؛ فلا عبادة للاحجار والكواكب والقبور ، ولا للمال والشهوات والاهواء والسلاطين وطواغيت الارض .
انها دعوة جاءت لتحرر البشرية من عبادة العباد ، وتخرجها من ذل الوثنيات وظلم الطواغيت ، وتخلصها من اسر الشهوات والاهواء الجائرة .
ان هذه الدعوة المباركة تعد امتدادا وتقريرا لكل الرسالات الربانية السابقة الداعية للتوحيد ؛ ولذلك دعا الاسلام الى الايمان بالانبياء والرسل جميعا ، مع توقيرهم وتعظيمهم ، والايمان بما انزل عليهم من الكتب ، ودعوة كهذه لا ريب انها الحق .
سابعا : البشارات :
فقد جاءت كتب الانبياء مبشرة بدين الاسلام وبالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، والقران الكريم اخبرنا بوجود بشارات واضحة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والانجيل ، منها ما يصرح باسمه ورسمه .
فقد قال الله تعالى: ( الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يامرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم ) الاعراف/ 157 .
وقال سبحانه: ( واذ قال عيسى ابن مريم يا بني اسرائيل اني رسول الله اليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول ياتي من بعدي اسمه احمد ) الصف/6 .
ولا يزال في كتب اليهود والنصارى التوراة والانجيل بشارات تنبئ بقدومه وتبشر برسالته وتعطي بعض اوصافه ، على الرغم من محاولات الطمس والتحريف المستمرة لهذه البشارات ، ومن ذلك ما جاء في جاء في سفر التثنية الاصحاح (33) العدد (2) :
” جاء الرب من سيناء واشرق لهم من سعير، وتلالا من جبال فاران..” .
جاء في “معجم البلدان” (3/301) : ” فاران: بعد الالف راء واخره نون كلمة عبرانية معربة ، وهي من اسماء مكة ذكرها في التوراة ، قيل : هو اسم لجبال مكة .
قال ابن ماكولا ابو بكر نصر بن القاسم بن قضاعة القضاعي الفاراني الاسكندراني : سمعت ان ذلك نسبته الى جبال فاران وهي جبال الحجاز .
وفي التوراة : ” جاء الله من سيناء واشرق من ساعير واستعلن من فاران “.
مجيئه من سيناء تكليمه لموسى عليه السلام ، واشراقه من ساعير وهي جبال فلسطين هو انزاله الانجيل على عيسى عليه السلام ، واستعلانه من جبال فاران : انزاله القران على محمد صلى الله عليه وسلم ” انتهى .
ثامنا : القران الكريم :
وهو اعظم المعجزات واجل الايات واظهر البينات ، وهو حجة الله البالغة على خلقه الى يوم القيامة ، وقد اشتمل على وجوه متعددة من الاعجاز مثل : الاعجاز البياني ، والاعجاز العلمي ، والاعجاز التشريعي ، والاخبار بالامور المستقبلية والغيبية .
اما عن المقصود بقوله تعالى : ( فلياتوا بحديث مثله ان كانوا صادقين ) الطور /34 ، فهو رد على من زعموا ان النبي صلى الله عليه وسلم تقول القران من نفسه ، فتحداهم القران ان ياتوا بمثله ان كانوا صادقين في زعمهم ؛ لان لازم هذا الادعاء ان هذا في مقدور البشر ، فلو كان ذلك صحيحا ، فما الذي يمنعهم من الاتيان بمثله وهم ارباب الفصاحة واساطين البلاغة ؟
وقد تحدى الله الكفار ان ياتوا بمثله فعجزوا، كما اخبر القران : ( قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان ياتوا بمثل هذا القران لا ياتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) الاسراء/88.
وتحداهم ان ياتوا بعشر سور من مثله فعجزوا : ( ام يقولون افتراه قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين ) هود/13.
وتحداهم ان ياتوا بسورة واحدة من مثله فعجزوا : ( وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين ) البقرة/23 .
اما وجه الاعجاز الذي وقع به التحدي فقد اختلف فيه العلماء على اقوال اظهرها كما قال الالوسي : ” ان القران بجملته وابعاضه حتى اقصر سورة منه معجز بالنظر الى نظمه وبلاغته ، واخباره عن الغيب ، وموافقته لقضية العقل ودقيق المعنى ، وقد تظهر كلها في اية ، وقد يستتر البعض كالاخبار عن الغيب ، ولا ضير ولا عيب ، فما يبقى كاف وفي الغرض واف” .
انتهى من “روح المعاني ” ( 1/29) .
ويندرج تحت كل من البراهين الاجمالية السابقة العديد من الادلة التفصيلية ما لا يتسع المقام لسردها ، ويحسن ان تراجع في مظانها ، وينصح كل مسلم ان يطلب علم الكتاب والسنة ، وان يدرس كتب العقيدة الصحيحة ، وان يتعلم امور دينه ليحسن اسلامه ويعبد ربه على بصيرة .
والله اعلم .

  • شرح حديث موافقة الدين للفطرة
السابق
زيت جوز الهند لجمال البشرة والشعر
التالي
قصص جن قصيرة جدا