الام مدرسة اذا اعددتها اعددت شعبا طيب الاعراق
لعل الكتابة في التعبير عن الام مسالة سامية عظيمة لها ما لها، وعليها ما عليها، فان الام هي الاصل الذي يبدا منه وعليه ارتكاز بناء كل كتلة المجتمع والاسرة والدولة والوطن، فهي الحاضن للرجال، وهي مربية الاجيال الصاعدة، فهي كل المجتمع اذ الاصل في وجود الرجال وتربيتهم ليكونوا رجالا، وهي نصفه الاخر من النساء بالعمل على تقديم الخير لمجتمعها واسرتها والعالم كله.
الام كلمة يحويها من الجمال ما لا يحوي غيرها معه، ولا يضاهي في وصفها امر من الحياة اخر نستطيع الارتكاز عليه غيرها، فالجنة تحت اقدامها، وجنة الدنيا بين ضلوعها واطرافها، انها سر الوجود الذي حملنا في جسده ورعانا باللطف وتحمل المنا والم ولادتنا، وكانت الحنونة على بقاءنا وادامة حياتنا حتى اصبحنا بهذه القوة التي نحن عليها، فسهرها الطويل طول تلك الليالي لاجلنا، وكل ذلك الذي قدمته من اجل ان نحييا حياة سعيدة امنة لا نخاف من البرد ولا الجوع ولا الضياع، فساعدتنا للوصول الى بر الامان في الدنيا والاخرة، كيف لا وهي سر الوجود الاعظم الذي رافق قلوبنا منذ تلك النعومة التي كانت باجسادنا، حتى قوي ذلك الجسد واصبح قادرا على العطاء والانتاج، فهي المنشا لهذا الجسم الذي تكونت خلاياه من طعامها ومن دمها، وتلك العظام التي المتها وهو ينمو ويكبر يوما بعد يوم في بطنها، ولتلك اللحظة التي شعرت بالم يفوق تكسر عظام الانسان عظمة عظمة لتخرجه الى نور الحياة، ابنها وفلذة كبدها ودنيتها، لترعاه فتطعمه حليبا سائغا مما تاكل وتطعم نفسها لتدعه يشعر بالامتلاء والشبع، وتسهر الليل على راحته لتجعله الاسعد والاكثر راحة في الدنيا، فتطعمه وتحضنه وتدلله في نومه، وتدفئه من البرد وتنفخ عليه من ريحها البارد؛ ليذهب عنه شر الحر وحماوة اليوم، حتى يصبح ما يصبح في سن رشده وقوته.
انها الام التي تغفر ما بدر من ابنها وتسامحه وتعفو عنه، انها الام التي لا تطلب من ابنها غير ان يكون سعيدا حتى لو كان على حساب سعادتها ويومها وليلها، انها الام التي تستعد ان تفدي روحها بدلا عنه وتدفع دمها لتحميه وتحافظ عليه، انه القلب الذي لا يخذل ابدا في حبه، انه الحب الاسمى والقلب الاعذب والرحيق الاطيب، انها الام التي تسهر وتربي وترعى وتكبر، انها الام التي ترحم وتدلل وتعطف، في قلبها كل الحب ومنها انبثق جمال العالم في الدنيا، وفي الجنة هي السحر والممر الاوحد للعبور الى الجنة، فمن كانت له ام فليحفظ عهدها ولا يحزنها ابدا، فانها سر الجنة وبوابتها الاولى والاقوى والامتن، انها الجنة في الاخرة وجنة الحب والرحمة والطيبة في الدنيا، لا ينسى فضلها ولا يستطيع احد مكافئتها عليه، فقط تذكر بانها الام لتشعر بحجم عطائها عليك.