السؤال : جاء في مسند ابي داود في الحديث الذي صححه الالباني في صحيح الجامع من حديث سهل بن سعد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” وقتان لا يرد فيهما الدعاء، اثناء الاذان ووقت نزول المطر..” او كما قال صلى الله عليه وسلم. وهناك ايضا احاديث اخرى ذكرت الاوقات التي يستجاب فيها الدعاء، فما المقصود تماما بقولهم ان الدعاء لا يرد في هذه الاوقات؟ هل المقصود ان المؤمن سيحصل على الشيء الذي دعا الله ان يعطيه ام انه يصرف عنه من البلاء بقدر دعاءه ام ان الدعاء يدخر له الى يوم القيامة؟
الجواب :
الحمد لله
اولا :
للدعاء مواطن فاضلة كريمة جدير ان يستجاب للعبد فيها لشرفها وفضلها ، فمن تلك المواطن : جوف الليل الاخر ، ودبر الصلوات المكتوبات ، وعند النداء بالصلاة ، وعند التحام الصفوف في الجهاد ، وعند نزول المطر ، وفي حال السجود ، الى غير ذلك من مواطن الاجابة .
راجع لبيان ذلك اجابة السؤال رقم : (22438)
والداعي لا بد ان يتحلى باداب الدعاء المستجاب حتى يستجيب الله له باذنه سبحانه ، وكي يستجاب له فلابد من تحقيق شروط الاستجابة وانتفاء موانعها .
قال ابن القيم رحمه الله :
” والادعية والتعوذات بمنزلة السلاح ، والسلاح بضاربه ، لا بحده فقط ، فمتى كان السلاح سلاحا تاما لا افة به ، والساعد ساعدا قويا ، والمانع مفقودا ، حصلت به النكاية في العدو . ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التاثير . فان كان الدعاء في نفسه غير صالح ، او الداعى لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء ، او كان ثم مانع من الاجابة لم يحصل الاثر ”
انتهى .
“الجواب الكافي” (ص 8)
وهذا شان كافة الاذكار والادعية والتعويذات الشرعية : لا بد من ثبوت الشروط وانتفاء الموانع ، والا لما رد دعاء احد ، قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
” كثير من الناس لا تنفعه الاسباب ولا الرقية بالقران ولا غيره ؛ لعدم توافر الشروط , وعدم انتفاء الموانع , ولو كان كل مريض يشفى بالرقية او بالدواء لم يمت احد ” انتهى .
“مجموع فتاوى ابن باز” (8 /61)
وينظر اجابة السؤال رقم : (5113)
فاذا تحلى الداعي باداب الدعاء ، وقصد مواطنه واوقاته الفاضلة ، وابتعد عن عصيان الله ، واحتاط لنفسه من الوقوع في الشبهات والريب ، واحسن الظن بالله : فانه جدير ان يستجاب له باذن الله .
ثانيا :
قبول الله تعالى لدعوة من دعاه ، واجابته لما طلب ، على انواع : اما تعجل له دعوته بخصوصها ، او ان يصرف عنه من السوء بمثلها ، او يدخر ذلك له اجرا وثوابا يوم القيامة .
فعن ابي سعيد رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها اثم ولا قطيعة رحم الا اعطاه الله بها احدى ثلاث : اما ان تعجل له دعوته ، واما ان يدخرها له في الاخرة ، واما ان يصرف عنه من السوء مثلها ، قالوا : اذا نكثر ؟ قال : الله اكثر ) .
رواه احمد ( 10749 ) ، وصححه الالباني في ” صحيح الترغيب والترهيب ( 1633 ) .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
” فيه دليل على انه لا بد من الاجابة على احدى هذه الاوجه الثلاثة ” انتهى .
“التمهيد” (10 /297)
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” كل داع يستجاب له ، لكن تتنوع الاجابة : فتارة تقع بعين ما دعا به ، وتارة بعوضه ، وقد ورد في ذلك حديث صحيح ” انتهى .
“فتح الباري” (11 /95)
وقال ابن حجر ايضا رحمه الله : في شرح حديث : ” ينزل ربنا . . . ” :
” لا يعترض على ذلك بتخلفه عن بعض الداعين ؛ لان سبب التخلف وقوع الخلل في شرط من شروط الدعاء كالاحتراز في المطعم والمشرب والملبس او لاستعجال الداعي او بان يكون الدعاء باثم او قطيعة رحم او تحصل الاجابة به . ويتاخر وجود المطلوب لمصلحة العبد او لامر يريده الله تعالى ” . انتهى من ” فتح الباري” (3/31) .
وما احسن ما قال الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله ، بعد ان ذكر بعض اوقات الاجابة ، قال :
” ينبغي للمؤمن والمؤمنة تحري هذه الاوقات والحرص على الدعوة الطيبة الجامعة في وسط الليل وفي اخر الليل وفي اي ساعة من الليل , لكن الثلث الاخير وجوف الليل احرى بالاجابة . مع سؤال الله باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يجيب الدعوة مع الالحاح وتكرار الدعاء , فالالحاح في ذلك وحسن الظن بالله وعدم الياس من اعظم اسباب الاجابة , فعلى المرء ان يلح في الدعاء ويحسن الظن بالله عز وجل ويعلم انه حكيم عليم ، قد يعجل الاجابة لحكمة ، وقد يؤخرها لحكمة ، وقد يعطي السائل خيرا مما سال , كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم … ، وعليه ان يرجو من ربه الاجابة ويكثر من توسله باسمائه وصفاته سبحانه وتعالى مع الحذر من الكسب الحرام , والحرص على الكسب الطيب ; لان الكسب الخبيث من اسباب حرمان الاجابة ” انتهى .
“مجموع فتاوى ابن باز” (9 /353)
وينظر لشروط استجابة الدعاء في اجابة السؤال رقم : (13506)
وللمزيد اجابة السؤال رقم : (103099)
والله اعلم .
- اسباب قبول الدعاء بالمطر
- استجابة الدعاء بالمطر
- الدعاء المستحب عند المطر
- علامات الاستجابة