افضل مواضيع جميلة بالصور

رواية عبير اثنان علي الطريق

عادتها دائما . اصمت بروك اذنيها عن كلام امها . لكن لويز ظلت منتصبة تنظر بعينين باردتين قاسيتين , فى حين راحت الام تواصل حديثا كان قد بدا قبل لحظات :
” … ان ايا منكما لا تعطينى اى اعتبار . فمهما كان , انا امكما التى ربتكما . ومن واجبى ان انصحكما واوجهكما … اه لو ان الامور تعود كما كانت فى الماضى . ” ثم التفتت الى لويز قائلة : ” انت الاكبر يا لويز , وانت جميلة العائلة . لذلك من واجبك ان تتزوجى باتريك فهو رجل طيب …وثري جدا ايضا . ”

انفجرت لويز منتحبة :
” كفى يا امى ”

تدخلت بروك قائلة :
” ولماذا ليس كوريللى . ففى الازمات يتجرا الانسان على التحرش بالاسد النائم ” .

ردت لويز بمرارة :
” انت مجنونة . لن استطيع التعامل معه ابدا ” .

حدقت عينا بروك الخضراوان بوجه شقيقتها الناصع البياض وقالت :
” لعله من الافضل ان تبداى التعلم فورا . قد لا يكون هو الرجل الظريف اللطيف الذى تريده امى من اجل ابنتها ’, لكن ثروته الكبيرة تشكل عامل جذب هاما . وعندها لن اضطر انا للعمل , ولن نضطر لبيع بيتنا وينترسويت اليس هذا هو الواقع كله يا امى ؟ ” .

صاحت السيدة ليليان هويل بحماس :
” افضل ان ابيع ملابسى قبل بيع البيت ” .

افتعلت بروك ضحكة ساخرة وقالت :
” يا الهى . ليس هناك اسوا من هذا الوضع ” .

قالت ليليان بانفعال :
” الامور ستكون اسوا بكثير اذا لم تتزوج احداكما الثروة الراهنة . رباه , لماذا مات بوب وتركنى فى هذه الورطة ؟ ارملة مع ابنتين عاجزتين ؟ لماذا لم انجب ابنا ذكرا يواصل رعاية امور العائلة ؟ على الاقل امنت لكما العلم والحياة الاجتماعية اللائقة ” .

ردت بروك بلا مبالاة :
” لويز هى التى قامت بذلك ” .

” هذه اخبار جديدة بالنسبة لى يا انسة . انت تغارين منى لانك لا تملكين الجمال الذى املكه ” .

” اننى لاشعر بالخجل منكما . كل جهودى وتضحياتى غير المحدودة ذهبت هباء ” .

تدخلت لويز بلطف :
” يجب الا تفقدى الامل يا امى ؟ “.

سالتها بروك بجفاء واضح :
” من الافضل ان تراقبى نفسك انت ايضا . فانا اسير نحو الثلاثين بسرعة ” .

ردت لويز باستنكار :
” انك فى الرابعة والعشرين … وانا اكبرمنك بسنتين فقط ” .

” يا لحسن حظك , اذ ان لك الفرصة الاولى للزواج من كوريللي ” .

اجابت لويز بتواضع التى تعرف انها جميلة جدا :
” لا يمكن ان يكون مهتما بى شخصيا ” .

” الجميع يقولون انه مهتم ” .

نهرت ليليان ابنتها الصغرى قائلة :
” سيكون غبيا اذا لم يهتم بها , فهو لن يجد اجمل واطيب وافضل من لويز ” .
عادت بروك للحديث وهى تدرك تماما ما جرته على نفسها :
” انا هنا ايضا يا امى ” .

حدقت الام بابنتها الصغرى مطولا ثم استدارت فى مقعدها لتواجه ابنتها المفضلة . فلقد كانت لويز الاثيرة عندها , اذ انها نسخة طبق الاصل عنها عندما كانت فى مثل عمرها . ذهبية الشعر . زرقاء العينين , وفاتنة للغاية . قالت الام :
” ليس من الطبيعى ان تبلغ فتاة ما مثل سنك . دون ان تطلب للزواج ” .

” لكن يجب ان احب اولا يا امى ” .

نهرتها ليليان بعنف :
” ما هذا الكلام السخيف . انه مجرد كلام نظرى . اننى صاحبة خبرة واعرف اكثر منك . يجب ان يكون زوج المستقبل ثريا , والحب ياتى فيما بعد ” .

” وماذا لو اضطررت للانتظار فترة طويلة ؟ ”

ردت ليليان على ابنتها الصغرى بعنف :
” على الاقل يجب ان نظل فى الاطار المعقول . ففى الايام الخوالى ., ما كان حتى لنعتبر وجود السيد كوريللى , لكن يظهر اننا مضطرات لاخذه بعين الاعتبار الان ” .

ترددت للحظات وهى تتامل الماسة التى تزين اصبعها ثم تابعت تقول :
” اننى لست ضد السيد كوريللى . صحيح انه واحد منا . لكن يجب الاعتراف بانه شخص مميز نظرا للثروة الطائلة التى جمعها وهو بعد فى الثلاثين من العمر . ومن المؤسف انك ما زلت جاهلة يا بروك , واستغرب كيف انك نضجت بدون ان تتغير فيك الطفلة المشاكسة التى اعرفها تماما ” .

اعترضت لويز قائلة :
” هذا غير صحيح يا امى . اذ ان نيجل نفسه يعترف بانها جذابة جدا ” .

ردت ليليان بحزم :
” انه جاهل جدا . فمن الذى يبحث عن الجاذبية فقط ؟ ان بروك لا تظهر ابدا اذا ما كانت معك … فانت تملكين وجها ملائكيا محببا ” .

واصلت لويز حديثها غير عابئة بكلام امها :
” انا احتاج اذن الى بعض مواصفات بروك . ولا اريدك ان تطلبى منى تشجيع بول كوريللى للتقرب الى . فقد قبلت المسالة من كافة وجوهها ,. ولا اعتقد اننى قادرة على التعامل معه . فهو رجل خطير , خاصة فى الامور العاطفية ” .

تدخلت بروك بهدوء :
” هناك العشرات من الفتيات المستعدات للحلول مكانك ” .

ابتسمت لويز بنعومة وقالت :
” لا شك عندى فى ذلك ” .

اكتفت بروك باطلاق ضحكة مجلجلة ردا على ملاحظة شقيقتها ., الامر الذى ازعج امها فقالت :
” لا اتصور انك قادرة على اخذ الاموربجدية اكثر يا بروك , مع انك تملكين مواصفات مميزة ” .

قالت بروك بلهجة تحد :
” هل استطيع ان اعرف هذه المميزات ؟ ”

اجابتها ليليان بهدوء :
” الحقيقة ان اهتمامى كله منصب حول لويز , ولن اعطيك فرصة الهائى عن ذلك ” .

ثم التفتت الى لويز قائلة :
” اخبرينى يا عزيزتى , هل دعوت السيد كوريللى الى حفلتنا ” .

وعلى حين غرة تحولت لويز من انسانة لطيفة الى انسانة متوترة وقالت :
” اتصلت به هاتفيا ,. وقد يضطر للاعتذار اذا اخذته اشغاله خارج المدينة فى ذلك الوقت “.

همهمت بروك بصوت خافت :
” هكذا اذن ؟ يا له من رجل صعب . مجرد ثرى لا يفهم شيئا .. وفى الوقت نفسه ناعم بطريقة غريبة ويتكلم كلاما هادئا محببا . اعتقد انه شاب ظريف ومميز … ومن الممكن ان تكون له علاقة بعصابات المافيا ” .

ردت لويز باستنكار شديد :
” لا ابدا ” .

شعرت الام ببعض الامل لاستنكار ابنتها وقالت :
” هل انت منجذبة اليه بهذا الشكل ؟ ”
ردت لويز بابتسامة شاحبة :
” انه رجل جذاب جدا ، وليس وسيما على ما اعتقد ،لكنه فاتن وساحر …. ”

قالت بروك وهى ترتشف اخر قطرة من فنجان القهوة :
” اعتقادك صحيح ،وهو يعرف مميزاته هذه . هل عندك فكرة عن كيفية حصوله على ثروته ؟ ” .

فتحت لويز عينيها باستغراب :
” من شركة المقاولات التى يملكها … واظن انه يملك مجموعة من الفنادق ”

غطت بروك يدها بفمها وهى تضحك بسخرية ،ثم قالت :
” هكذا اذن . لا شك ان البحث المحموم عن الدولار انتهى ليحل محله البحث المحموم عن العروس . هل تريدين سماع ما تقوله كاثى بنتون عنه ؟ ” .

” لا اريد سماع اى شئ . فلقد كان لطيفا معها بما فيه الكفاية ليصطحبها فى بعض النزهات ” .

حدقت بروك فى وجه شقيقتها قائلة :
” ليس هذا ما سمعته : لقد زارته حتى فى يخته الرائع ” .

نظرت ليليان الى ابنتها الصغرى باشمئزاز وقالت :
” لا اعتقد انك مهتمة به شخصيا يا انسة ، اليس كذلك ؟ ”

” اننى احب صراحتك يا امى ، لكننى لست من الفتيات العاجزات ”

” ما هذا الكلام غير المعقول ؟ ”

قالت بروك بجدية واضحة :
” لست ادرى . فالواحدة منا تدرك بمجرد النظر اليه انه قادر على ان يرى نجوم الظهر لاية امراة ” .

ردت لويز :
” انه لطيف دائما معى شخصيا ” .

ضحكت بروك وهى تمطط ذراعيها وقدميها :
” الامر مختل هنا .دعونا ننظر الى الايجابيات . فعلى الرغم من ماضيه الفقير فانه الان ثرى كبير ومؤثر ” .

وافقت لويز قائلة :
” انه كذلك فعلا .واعتقد فى بعض الاحيان انه يعرف اكثر مما تعرفه عائلة باتريك مجتمعة ” .

قاطعت بروك شقيقتها قائلة :
” لا جدال فى ذلك . فعائلة كوريلى من اصل عريق ….. ولها قصة طويلة ” .

تدخلت ليليان فى الحديث :
” لا يستطيع احد ان يساله عن هذه القصة ” .

وافقت بروك قائلة :
” من الغباء سؤاله .فرجل فى مثل نجاحه وثروته لن يكون غفورا وسهلا .ما يحتاج اليه فى هذه المرحلة الجو الاجتماعى الراقى الذى يعطيه وريثا . انا مجرد فتاة عاملة لا اصلح لذلك . لكن لويز تصلح . وبالاضافة الى ذلك هناك البيت والاراضى المحلقة به . هذا ما يطمح اليه ، وقد تكون المدخل الذى يعبر بواسطته الى المجتمع الراقى ”

” انه يستطيع شراء البيت اذا اراد”

ردت بروك بحزم :
” كلا . فهو يحتاج الى رمز رومنطيقى . والرمز هو انت ايتها العزيزة لويز … والبيت ايضا . انت قادرة على القيام بدور ربة البيت بامتياز ، وبقليل من المال الذى سيضعه فى يديك ، نستطيع نحن ان نتبجح الى حد بعيد . ولا شك انه سيكون كريما مع امك وشقيقتك الصغرى ،وستعود الامور الى ما كانت عليه ايام جدى …. والحقيقة اننى انتظر الساعة التى تتزوجينه فيها ”

صاحت لويز منتحبة :
” لعله لا يريدنى ”

قالت الام وهى تحاول اعادة الثقة الى ابنتها المفضلة :
” انه يريدك انت . فانت تعرفين مقدار جمالك وسحرك ”

قاطعتها بروك بحدة :
” ليس اذا استمريت فى التركيز على جمالها .انا استغرب كيف اننى لم اصب بعقدة نقص من جراء مدحك لجمالها على حسابى طيلة هذه السنوات ”

اشارت لويز الى شقيقتها بابتسامة ذات مغزى :
” كنت دائما الاذكى بيننا ”

احتجت ليليان قائلة :
” وما علاقة الذكاء بموضوعنا ؟ اياك ان تظنى ان الرجل يرغب المراة الذكية … خاصة المراة ذات الشعر الاحمر واللسان السليط ”

اثنت بروك على كلام امها ساخرة :
” طبعا …. طبعا .والان حديثنا يا لويز عما ستفعلين به عندما تحصلين عليه ؟ ”

صرخت لويز بانفعال :
” لا تسخرى منى ارجوك ” .وراحت تردد كلمة ” ارجوك ” لثوان عديدة قبل ان تنتصب واقفة وتغادر الغرفة مسرعة وهى تدارى دموعا تتدفق من عينيها . همهمت بروك قائلة بهدوء :
” يا الهى …. ما هذا ؟ ”

ارتفعت حدة صوت ليليان وهى تقول :
” لقد ازعجتها بكلامك الساخر ”

” هذا ما يبدو . لم اكن اظن انها تاخذ كلامى على محمل الجد ”

” انت لا تريدينها ان تحصل عليه . انت تغارين من لويز ، ولا يحتاج الامر الى تحليل نفسى لاكتشاف الحقيقة ”

وفوجئت بروك بانها راحت تفند اتهامات امها تفصيليا :
” هذا كلام غير معقول ويثير الضحك فى نفسى . كلا يا امى ، انا لا اغار من لويز . لم اشعر بالغيرة منها فى الماضى ، ولن اشعر بها مستقبلا . اننى احبها ولا احسدها على اى شئ اطلاقا ”

ردت ليليان بعنف اشد :
” هذا ما تقولينه . انت مثل ابيك ،تتصرفين كما يحلو لك ، وتسخرين من اختك فى مختلف الظروف ”

” اذا اردت ، يمكننى ان اغادر البيت لاعيش فى مكان اخر ”

تضرجت وجنتا ليليان بحمرة الغضب وقالت :
” الحقيقة اننا بحاجة الى المال الذى تدخلينه الى البيت . لقد ضحينا سنوات من اجلك ، وجاء دورك الان لرد الجميل الى امك وشقيقتك ”

قالت بروك بجدية :
” من المؤسف ان لويز غير متحمسة للعثور على عمل ”

قاطعتها ليليان بغضب :
” انا غير مهتمة ،وكذلك لويز . انت يجب ان تهتمى . وكما قالت شقيقك ،اليس من المفروض ان تكونى صاحبة العقل بيننا ؟ ”

هزت بروك كتفيها بلا مبالاة ، فالمناقشة مع امها – كالعادة – تصيبها بالصداع الشديد :
” لا اقصد ان اثير غضبك يا امى ، ولا احاول ان اقترح اشياء غريبة . ان لويز قادرة على العثور على عمل ، ونحن باشد الحاجة الى المردود المالى .اننى احب بيتنا ايض ، ولكن مستحيل تدبير اموره ومتطلباته اعتمادا على مرتب معلمة مدرسة فى الثانوية ”

نهرت ليليان ابنتها وكانها تبعد عن ذهنها هذا المهنة الوضيعة وقالت :
” معلمة مدرسة ثانوية ؟ لويز ستتزوج قريبا …..وسترين اننى على حق ”

قاطعتها بروك بهدوء :
” واذا لم تتزوج فقدنا البيت …. والحياة التى اعتدت عليها ”

قالت ليليان وكانها لم تسمع كلام ابنتها الاخير :
“رجل …. زواج رائع جدا . ومن المفروض ان يكون كوريللى هذا صاحب الثروة الطائلة ”

” الا تهتمين بكيفية حصوله على هذه الثروة ؟ ”

” طبعا لا اهتم ”

ثم ترددت قليلا وكانها ادركت متاخرة مغبة تصريحها هذا فاستدركت قائلة :
” اعنى انه ليس مجرما ، بل رجل اعمال ناجح . وكل اهتمامى هو ان ارى لويز الحبيبة سعيدة … وابقاء البيت ضمن العائلة ”

” مطالب لا تعد ولا تحصى . وكل الاخبار والحكايات عن السيد كوريللى يمكن ان تظل طى الكتمان ”

اخذ وجه ليليان يحتقن بالغضب والتوتر وهى تقول :
“كلام لا معنى له . فالسيد كوريللى رجل محترم ومعتبر فعلا .وحتى ولو كان من غير عالمنا ، فعلى الانسان ان يتبع تطور الازمان . ان بيتنا وميراثنا مهددين . صحيح ان البيت قائم ، لكننى اذا بعت المزيد من الاثاث فانه سينتهى الى مجموعة من المفروشات القديمة البالية .كم هى سعيدة ماجى سيمونز لسوء حظنا … لقد جمعت ثروة من جراء بيع تحفنا واغراضنا الاثرية ”

” تذكرى يا امى اننا نحن الذين بحثنا عنها،فماجى معروفة بانها امينة وصادقة فى تعاملها المهنى وتملك مواصفات نحن بامس الحاجة اليها . اننى اقدرها كصديقة حميمة .صحيح انها عاشت فى عائلة غنية ، لكن عندما نضب المال ،وظفت معلوماتها فى المكان المناسب .فدعينا من سيرة ماجى الان ، فهى قد ادت خدمات جلى لنا ”

ردت الام بغضب وهى تشعر بالغيرة من تلك المراة التى استطاعت ان تشق دربها الجديد بنجاح :
” وادت خدمات جلى لنفسها ايضا ”

” هكذا تسير الامور عادة . المهم ان ماجى لم تفتح فمها بكلمة .فقد كان من الممكن ان تنشر قصة بيعنا لاثاث البيت على كل شفة ولسان لو ان الوسيط غيرها ”

هزت ليليان راسها وقالت :
” اننى مضطرة لذلك . هل تعتقدين اننى لا اشعر برغبة فى بعض الاحيان بتحطيم المظاهر الكاذبة المحيطة بالبيت ؟ ”

ارادت بروك ان تثير امها اكثر فاجابت :
” مظاهر كاذبة ….. لكنها جيدة ”

واصلت ليليان حديثها بصوت مخنوق :
” عندما افكر بكل الاغراض التى ذهبت ؟ غرفة الصالون ، والخزائن ، وطاولة الطعام والمرايا الجدارية والمجموعة الشرقية التى جمعها بوب . انه كابوس مزعج ،كان من الممكن تلافيه لو ان اباك لم يمت ”

” ربما ”

شعرت بروك مرة اخرى بعمق الخسارة . فهى تفكر دائما بما كان سيحدث لو ان اباها لم يمت فى حادث سقوط عن الحصان وهى بعد فى الرابعة من عمرها . قبل ذلك كانوا يعيشون فى منزل جدها لامها السيد اشتون فى وينترسويت . كان البيت يتسع لكل الناس ، وكان عليهم ان يسهروا على صحة الجد المعتل . وعلى الرغم من ذلك استطاع ان يسهر على رعايتهم من خلال بيعه للعديد من التحف والاثريات التى يملكها ،ثم توفاه الله .حدث ذلك قبل اربع سنوات ، ومنذ ذلك الحين تقع عينا بروك على اماكن فارغة كانت قبل مدة ممتلئة بالتحف القديمة .صحيح ان البيت ما زال موجودا ، لكن مجموعة عائلة اشتون التى ترجع لاجيال عديدة باتت قائمة فى بيوت اخرى غريبة . انهم ليسوا فقراء … ابدا .ولا يمكن ان يعرفوا الفقر طالما انهم يملكون البيت . لكن الاملاك الثابتة لا تؤمن السيولة اللازمة . وهم يعيشون هذه المدة بعد بيعهم احدى التحف البرونزية . ولا شك ان العائد المالى منه سيصرف على حفلة نهار السبت المقبل . ان الام مقامرة ماهرة ،وهى تحاول استثمار هذه الحفلة للتعويض عن كل خسائرها دفعة واحدة .

اعادها صوت الام الى الواقع :
” وانت يا بروك ، لا تحاولين ان تبنى علاقات صداقة مفيدة . بل يظهر انك لا تهتمين حتى بمستقبلك ، ناهيك عن مستقبلنا انا واختك ”

” هل تقصدين القول اننى لست فى عجلة من امرى كى اتزوج ؟ ”

ردت الام بلا مبالاة :
” لا يهمنى اذا تزوجت او عنست ، طالما انك تساعديننى لتحقيق طموحات اختك ….. فهى خلاصنا من الازمة ”

” وانت تريدين بيعها للذى يدفع سعرا اعلى ؟ ”

صرخت ليليان بغضب وقالت بحدة :
“حاولى ان تتذكرى انك تخاطبين امك يا انسة .اننى احب لويز ، ولا تنسى اننى اريد لها مستقبلا افضل . انها تختلف عنك ،ولذلك فهى تحتاج الى رعاية دائمة ”

علقت بروك بلطف :
” تقصدين انها تخاف من العمل ؟ انت السبب فى موقفها هذا يا امى ! كل الناس يعملون الان ، بل ويحبون اعمالهم ايضا ”

كانت ليليان قد وقفت ،وراحت تحدق بابنتها باستغراب شديد :
” لم يستمر زواجى طويلا ، لكنك تجسدين بلير كل يوم امامى ”

وقفت بروك الى جانب امها التى تقصرها بعدة سنتيمترات وقالت :
” يبدو انك احببته كثيرا يا امى .لم يكن يملك ثروة طائلة مثل جدى ،لكن الجميع ما زالوا يتحدثون عن قيمته كمهندس بارع ويشيرون الى المبانى العامة والخاصة التى صممها فى حياته . اننى حزينة ان ابى لم يعش اكثر. والظاهر اننى اشبهه فى كونى احضر المزيد من المال الى البيت عن طريق الدروس الخصوصية التى اعطيها لبعض التلاميذ . واعتقد ان ابى كان سيشجع لويز على العمل ….. فالجمال وحده لا يكفى هذه الايام ”

شحب وجه ليليان وهى ترد قائلة :
” اعتقد انه يكفى . لقد نشات على تقليد يقول ان على البنت ان تظل فى البيت حتى تتزوج . ان لويز هى فرحتى وراحتى ، وانا مسرورة جدا برفقتها . وهنا اريد ان اذكرك انك لست مصدر التمويل الوحيد للبيت …. فما زال هناك اشياء فى البيت يمكن ان تعطينا ما يوازى مدخولك على سنوات ”

” اعرف ذلك … ومتى بعناها نكون قد فقدناها الى الابد . انا متاسفة لصراحتى ، لكننى لم اقصد اثارة غضبك . ارجوك ان تسامحينى ”

” ساحاول يا بروك .المشكلة ان انانيتك تغلب على عقلك . قدتكونين عاجزة عن منافسة اختك فى جمالها .لكنك قادرة على استثمار ايجابياتك الاخرى . انا لم انس انك بحاجة الى فستان جديد للحفلة ،فلو انك جئت وطلبت الفستان بلطف ، كما فعلت اختك لويز ،لكنك تعتقدين ان اخذ المال من امك كمن ياخذ المال من القراء واليتامى ”

حاولت بروك ان تاخذ يد امها بيدها ،لكن ليليان انتزعتها بعنف . قالت بروك :
” هذا غير صحيح يا امى ، انا لا ارغب فى تحميلك اكثر مما تحملين ،طالما اننى قادرة على تدبير امورى ”

” مثل ماجى سيمونز على ما اعتقد ؟ انها صاحبة الفضل فى كل تصرفاتك الواثقة … ولا يبدو انك تشعرين بالحرج فى التحدث اليها ”

وافقت بروك بهدوء :
” ان افكارنا تتفق تماما ،ان ماجى امراة رائعة .كم اتمنى ان لا تهاجميها ابدا ، ثم تستعملينها كما تفعلين فى كل مرة ”

غامت عينا ليليان خلف نظرة غاضبة وقالت :
” ليست هذه المرة الاولى التى تحدث فيها امراة ما شقاقا فى البيت .لقد حاولت ان تؤثر عليك منذ البداية . صحيح ان بوب كان معجبا بها ، لكنها من النوع الذى يثير اعجاب كل الرجال . واذا لم اتركك الان ، فسوف اتاخر انا ولويز عن دعوة الغداء …. وهى الدعوة الوحيدة التى تلقيتها هذا الاسبوع ”
عفوا لايمكن عرض الرابط الا بعد التسجيل
قالت بروك بهدوء :
” هيا اذهبا وتمتعا بنهاركما ”

ردت ليليان بجفاء :
” يجب ان ترافقينا ايضا . او انك لاترغبين فى التعرف الى الناس المهمين … باستثناء ماجى سيمونز طبعا ؟ ”

تنهدت بروك بعمق وعادت الى مقعدها قائلة :
” ماذا تريدان للعشاء ؟ ”

” ارجوك ابتعدى عن الدجاج …. حاولى التغيير الى انواع اخرى ”

قالت بروك بصوت خافت محاولة ان ترفه عن امها قليلا :
” ساتدبر امرى .لكن المسالة كلها فى التوفير …. هل ترغبين ببعض السندويشات الخفيفة ؟ ”

هزت ليليان يدها بلا مبالاة وغادرت الغرفة وهى تقول :
“يا لك من انسانة فاقدة للاحساس تماما ”

استمرت بروك فى جلستها تتامل الحدائق الممتدة حتى الميناء وهى تتساءل بينها وبين نفسها : ” هل انا اقدة الاحساس فعلا . هل كذار ابدو امام اختى وامى ؟ ” .

كان الوقت ربيعا ،والازهار على مختلف انواعها لونت المروج بالوان فاقعة هادئة رصينة . ومن موقعها المطل على الغابات المجاورة ، كانت بروك تفكر بالاوضاع التى وصلت اليها العائلة . كان وينترسويت بيتا فخما ذا ماض عريق ، على الاقل فى زمن جدها .وقد ازيلت منه فى الوقت الحالى بعض المنحوتات التى كانت تزين الحدائق ،كما توقفت النافورة عن العمل فى الباحة الرئيسية

ومع انها حاولت السخرية من خسارة اثاثه ومنحوتاته ، الا انها كانت تشعر فى اعماقها بالحزن للمصير الذى ال اليه . فهذا بيتها ومسقط راسها ، وهى تحبه وتشعر بالانتماء اليه ربما اكثر من امها ، وبالتاكيد اكثر من لويز التى تعتبره من الطراز القديم وقد عفى عليه الزمن . صحيح ان البيت قديم ، لكنه يعطى شعورا بالعظمة والجمال والاتساع … كل التضحيات تهون من اجل الحفاظ عليه . يمكنهن ان يبعن البيت غدا اذا اردن ، لكن اولا يجب اعطاء لويز فرصتها . لقد كانت الحياة بالنسبة للشقيقة الكبرى احلاما وردية دائما … وعما قريب سياتى الارس الوسيم على حصانه الابيض ليطلب يد الاميرة لويز ، وفى الوقت نفسه يعمد الى شراء القصر والحفاظ عليه .

هل يمكن ان تتحقق هذه الاحلام ؟ وفجاة عادت صورة بول كوريللى الى ذهن بروك بوضوح ، وتذكرت اول مرة راته فيها . كان ذلك قبل عدة اشهر عندما انضم الى مجموهة الاصدقاء الحميمين الذين تعرفهم … مجرد ثرى عتيق كما تصفه ليليان مقارنة مع الاثرياء الجدد الكثيرين ، لا احد يعرف من اين جاء بول الى المدينة ،لكنه استطاع خلال سنوات قليلة ان يجمع الملايين وسط شائعات متضاربة حول ماضيه واعماله . البعض قال انه من اصل ارستقراطى عرق ، واخرون يؤكدون انه كافح بصلابة وقاتل بشجاعة لينتقل من ضواحى مدينة نابولى الايطالية الفقيرة الى مصاف الاثرياء .

ومهما كان الامر ، فانه صاحب شخصية جادة واثقة من نفسها وقاسية …. الى ان يبتسم . عندها فقط يظهر سحره الاخاذ ووسامته الطاغية المتمثلة فى اسنان لؤلؤية متناقضة مع بشرة سمراء ، وعينين سوداوين لامعتين تشعران المرء بانهما تخترقان المظاهر الى الاعماق ، ولم تكن اى امراة قادرة على تجاوز نظراته الحادة . وفجاة شعرت بروك وكان نسمة باردة لفحت وجهها وعنقها . فارتجفت وهى تفكر باختها . لويز المسكينة مع كوريللى ؟ هذا غير معقو ! ان جمعهما معا اشبه بمن يريد عقد صداقة بين القطة والنمر .

ومرة اخرى تخيلت بروك كيف ستكون الاوضاع اذا تزوج ذلك الرجل القاسى من شقيقتها الجميلة الحالمة . ان كوريللى قادر على تعذيب اية امراة ،حتى وان كانت سليلة عائلة كبيرة مثل لويز .وبروك تدرك تماما طبيعة كوريللى ،خاصة وانها تبادلت واياه العديد من الكلمات والغمزات القاسية فى المرات القليلة التى التقيا فيها .ومع انهما لا يعرفان بعضهما تماما ، الا انهما يشعران وكانهما عدوان لدودان منذ زمن بعيد .كانت بروك تتصرف وتتكلم بالطريقة التى يكرهها كوريللى فى المراة … وقد اوشك ان يعلن ذلك مرارا . ومهما كان الامر ، عليه ان يعتاد على تصرفاتها وكلامها اذا كان راغبا فى مصاهرة عائلة راقية . ولا شك انه يريد ذلك بالحاح .

على الرغم من ان عائلة اشتون تعانى الان من مصاعب عديدة الا انها عريقة فى التاريخ والمجتمع ، ويعود زمانهما الى ايام استعمار الانجليز لجزر الهند الغربية . وقد بنى روبرت اشتون وينترسويت على طراز بيوت عائلته فى منطقة سافوك التى تعد من اجمل مناطق بريطانيا ،ثم استورد احدث الاثاث الفرنسى والانجليزى بالاضافة الى مئات التحف واللوحات التى كان يفخر كل نبيل باقتنائها . وخلال الحربين العالميين الاولى والثانية ، شارك شباب العائلة فى المعارك ….. كما ان خاليها جوناثان وهيو توفيا فى غينيا الجديدة وهما فى اواسط العشرينات من عمرهما . ولميتبق من العائلة الان الا الام ولويز وبروك والخالة الكبيرة ملفيل .

ومن الواضح لدى الجميع ان ايا منهن لا تستطيع انقاذ وينترسويت بمفردها . فالبيت يحتاج الى ثروة طائلة للقيام بشؤونه وصيانته . ولا شك ان لويز تتمنى الاحتفاظ به لكنها بحاجة الى حشد من الخدم لرعاية البيت فى ظل سوء ادارتها وعدم اهتمامها .

بعد حوالى الساعة تقريبا كانت بروك تفضى بمشاعرها وافكارها لصديقتها ماجى التى قالت وهى تتامل احدى اللوحات لراعية الاغنام :
” اننى افهم ما تقصدين ”

” مقارنة معها ، اشعر وكاننى المراة الخارقة ”

استدارت ماجى ببطء وهزت راسها قائلة :
” ستتضح رؤيتك للامور بمرور الوقت …. وربما كان من الضرورى وجود رجل لمساعدتك فى ذلك اذ من غير المعقول ان تكتشفى نفسك بالمقارنة مع امك وشقيقتك فقط ”

” لا بد من الاعتراف بانهما محقتان فى رؤيتهما لى ”

ترددت ماجى فى الاجابة وكانها تفكر ،خاصة وانها غير مشغولة فى يوم السبت هذا . واخيرا قالت :
” اننى معجبة بك واراك جذابة ، وكذلك يراك الاخرون .لويز جميلة جدا . وهذا هو الشئ الوحيد الذى تتمتع به . اما انت فلديك حكمة العجائز وكانك اشرفت على تربية اجيال كاملة ”

” هذا ما اعتقده شخصيا …. ”

قالت ماجى وهى ترتب بعض الاوانى الاثرية فى الخزانة :
” انت لا تختلفين عن اية فتاة اخرى فى مثل سنك . انا اسفة يا عزيزتى لكننى استغرب ان يهتم السيد كوريللى بلويز وليس بك انت ”

علت الدهشة وجه بروك التى تساءلت :
” انت تمزحين بالتاكيد ؟ ”

” لا يا عزيزتى …. ابدا ”

ردت بروك بجدية :
” هذا غريب جدا . فانا اجد نفسى فى مواجهته كلما التقينا ،واعتقد انه يشعر بالعداء نحوى ايضا ”

قالت ماجى انطلاقا من خبرتها النسائية :
” طبعا . والسبب يكمن فى الانجذاب المتبادل ”

” لا اعتقد ذلك يا ماجى . المسالة واضحة جدا ، هو لا يحبنى وانا غير مهتمة به اطلاقا . ومن الخطير جدا ان ادعه يتزوج شقيقتى ”

سالتها ماجى والشكوك تملا نفسها :
” هل انت متاكدة من انه يريد الزواج منها ؟ ”

” امى ولويز تعتقدان بانهما قادرتان على جره الى القفص الذهبى ”

” اذن فالامر يحتاج منك الى جد جهيد .لست افهم لماذا لا تقولين لهما ان يذهبا الى الجحيم …. فكون شعرك احمر لا يعنى ان تتنازلى دائما عن رايك ”

قالت بروك بحسرة :
” حسنا ، هناك الحفلة التى ستقام الاسبوع المقبل ”

علقت ماجى بجفاء :
” السعر الذى حصلنا عليه ثمنا للتحفة البرونزية كان ممتازا . وامل ان تكونى قد حصلت على حصتك . لقدبذلت جهدى من اجلك ، واستغربت حصولى على ذلك الثمن ”

” اشكرك جدا يا ماجى ”

حدقت المراة الناضجة فى وجه صديقتها الصغيرة ،فرات فيها ملامح الجمال الكامن والجاذبية الاسرة ،وليس فقط الجمال الباهت الذى تتمتع به شقيقتها لويز . لا شك ان ليليان ارتكبت خطا جسيما عندما حاولت اقناع صغيرتها بان الشقراوات هن فقط الجميلات والمرغوبات . فقد كان وجه بروك على الطراز الحديث وشعرها المجعد وعينيها الخضراوين اللامعتين وانفها الرقيق فوق شفتين ممتلئتين وكل ذلك مع بشرة بيضاء ناعمة .

قالت ماجى بعد صمت :
” لماذا لم تشترى لنفسك فستانا خاصا بالحفلة ؟ ”

ردت بروك بهدوء :
” سوف افعل ، لكن يجب ان ترافقينى لاعطاء الراى …. فانت ذات ذوق رفيع فى الملابس ”

” ساجرب ان اكون معك ”

استدارت ماجى ناحية النافذة وقد سرتها ملاحظة صديقتها . لم تكن هى نفسها جميلة الملامح ، لكنها تملك الذوق والبراعة والثقة بحيث جعلت الجميع يرون جاذبيتها فى كل ما تفعل .فخلف نجاحها الباهر ماساة محزنة تتمثل فى حادث سيارة ادى الى مقتل زوجها وابنها واصابتها هى بجروح طفيفة . ومع ان خمس عشرة سنة تفصلها عن ذلك اليوم المفجع ، الا انها ما زالت تشعر بفداحة الخسارة ، وترى فى بروك الابنة التى كان من الممكن ان ترزق بها لولا ان القدر شاء العكس .

قالت بسرعة وكانها تخرج من ذكرياتها الاليمة :
” ساقول لك شيئا .يجب ان اذهب الى ملبورن نهار الثلاثاء ، اذ ان صديقة عزيزة تريد ان ترينى بعض التحف الفضية .وهناك سامر على محلات مارتن ليندن واختار لك شيئا خاصا ، اكرر : شيئا خاصا لك انت فقط . انا اعرف قياسك واعرف ذوقك . فلماذا يجب ان تحصل لويز دائما على الملابس الجميلة طالما ان لك قواما مثاليا رشيقا ؟ ”
رفعت بروك سلة فضية صغيرة وسالت قائلة :
” من طراز عصر الملك جورج ؟”

” من منتصف ذلك العصر تقريبا .ومعها مملحة ومبهرة فضيان ايضا ، حصلت عليها من سيدة عجوز تقيم على الشاطئ الشمالى … وقد اصبحنا صديقتين حميمتين ،وكثيرا ما ازورها لتمضية بعض الوقت معها ”

هزت بروك راسها بحزن :
” كل الفضيات التى تملكها العائلات العريقة ذهبت ادراج الرياح ” . ثم ترددت وقالت :
” لا يمكن ان ادعك تشترين لى ثوبا من عند لنيدن ،فانا اعرف اسعارها الباهظة ولا استطيع تحملها ”

ردت ماجى بحزم :
” انا استطيع . وسوف اشتريه لك حتى لو اقدمت فيما بعد على اخذه وارتدائة بنفسى . وعندها ساضطر الى اضعاف نفسى حتى اصبح رشيقة مثلك … ولكننى اعتقد انك ستقبلينه ”

التقت عينا بروك بعينى ماجى الحادتين فقالت :
” ارى انك ستغضبين اذا لم اقبله منك ؟ ”

” الحقيقة يا عزيزتى ، ان بامكانك ابراز جمالك اذا حاولت . لويز جميلة جدا ، لكنها ليست الجميلة الوحيدة فى العائلة حسب رايى المتواضع . فالبعض يعجب بالرشيقات ذوات الشعر الاحمر ،خاصة اذا ارتدين من عند مارتين ليندن ومن اختيار ماجى سيمونز ايضا ”

ابتسمت بروك بخجل :
” لا باس من التغيير فى بعض الاحيان . لكن الحفلة كلها من اجل لويز ،التى يتوقف عليها خلاصنا حسب ما تعتقد امى ”

” انت تعرفين تماما ان هذا المنطق خاطئ يا بروك ”

ردت بروك قائلة :
” امى ولويز تعيشان فى الماضى الجميل ، ربما فى العصر الفائت . ولويز تشعر بالخوف من القيام باى عمل ”

استدارت ماجى بعد ان تركت مزهرية كانت فى يدها وقالت :
” يا للغرابة .قلة من الفتيات لايعملن شيئا هذه الايام ، وهى لا تشكو من شئ ابدا ”

وافقت بروك بحماس : ” انها على ما يرام . هى عاجزة فقط عن التفكير بالاعتماد على نفسها . فالزواج يبدو الحل لها ، خاصة بعد ان اقنعتها امى بان الحياة الزوجية هى العمل الطبيعى لسيدات المجتمع الراقى ”

قالت ماجى بسخرية :
” لاحظت ان امك لا تعارض عملك ”

” الحقيقة انها اصيبت بالصدمة للوهلة الاولى . انا وانت نشعر بالاتياح للعمل ، لكن امى ترى الامر سخيفا وغير مقبول اجتماعيا …. ولا شئ يمكن ان يغير رايها . فى هذا المجال لم تتغير ابدا ، فقط ضمت بول كوريللى الى عالمها الخاص ”

” انها تتعامل مع الزواج كما كانوا يفعلون فى العصور القديمة . نحن نعرف ان المال يتزوج المال ،لكن من الغريب محاولة الجمع بين لويز وكوريللى . اقصد انها فتاة هادئة بينما هو رجل ديناميكى قاس لم ار مثله فى حياتى ”

قالت بروك باستغراب :
” تتحدثين عنه وكانك معجبة به ؟ ”

علقت ماجى بابتسامة ساخرة :
” لم اصل الى السن التى تمنعنى من معرفة الرجال على حقيقتهم ”

اطلقت بروك صرخة استغراب قائلة :
” يا الهى ”

” لا ضرورة للاستغراب ، فانا اعنى ما اقوله . وقد زارنى فى المحل عدة مرات من قبل ”

” هل اشترى شيئا منك ؟ ”

” كلا ، لكنه يعرف الاشياء الثمينة والجميلة . وعندى شعور بانه سيشترى عندما ياتى المرة المقبلة . وحتى فى مثل سنى ، فانا اراه جذابا ووسيما ”

 

 

السابق
وضعت مولود منذ عام بعملية قيصرية واريد ان احمل مرة ثانية
التالي
فقرة عن اوقات الفراغ