اتق الله ولو بشق تمرة

اتق الله و لو بشق تمرة

 

عن عدى بن حاتم رضى الله عنه ان النبى صلى الله عليه و سلم ذكر النار فاشاح بوجهة فتعوذ منها،
ثم ذكر النار فاشاح بوجهة فتعوذ منها،
ثم قال: (اتقوا النار و لو بشق تمرة،
فمن لم يجد فبكلمه طيبة) رواة البخارى و مسلم.

وفى روايه لهما عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (ما منكم من احد الا سيكلمة ربة ليس بينة و بينة ترجمان فينظر ايمن منه فلا يري الا ما قدم،
وينظر اشام منه فلا يري الا ما قدم،
وينظر بين يدية فلا يري الا النار تلقاء و جهه،
فاتقوا النار و لو بشق تمرة،
فمن لم يجد فبكلمه طيبة).

شرح الحديث

لم يترك نبينا محمد صلى الله عليه و سلم فرصه او مناسبه لتحذير امتة من النار الا حذرها و انذرها،
رحمه منه و شفقه و حرصا عليها،
وفى ذلك الحديث الشريف ينقل لنا الصحابي الجليل عدى بن حاتم رضى الله عنه تحذيرا نبويا يعقبة توجية الى فعل يقى امتة و يسترها من النار.

يقول عدى بن حاتم: ذكر النبى صلى الله عليه و سلم النار فاشاح بوجهة – اي صرف و جهة – فتعوذ منها،
كرر هذا مرتين او ثلاثا،
ثم حض على اتقائها،
فقال: (اتقوا النار و لو بشق تمرة،
فمن لم يجد فبكلمه طيبة)،
اي: اتخذوا ما يقيكم من النار و لو كان يسيرا من ما ل،
او خلق حسن.

ومعني شق التمرة: نصفها،
وهو مبالغه فالقلة،
كما قال الله تعالى: {فمن يعمل مثقال ذره خيرا يره} (الزلزلة: 7)،
وفى ذلك حث على عمل الخير كله،
قليلة و كثيره،
ولو بالكلمه الطيبة،
وان هذا يقى صاحبة و يسترة من النار،
قال الحافظ ابن حجر فالفتح: “وفى الحديث الحث على الصدقة بما قل و بما جل،
وان لا يحتقر ما يتصدق به،
وان اليسير من الصدقة يستر المتصدق من النار”.

ومن اعتاد الصدقة تصدق مره بالعديد و مره باليسير،
حسب ما يتيسر له،
الا تري ان عائشه رضى الله عنها اثرت سائلا طرق بابها بطعام افطارها كله،
ومره ثانية اعطتة حبه عنب.

الكلمه الطيبه صدقة

الكلام الطيب مندوب الية و هو من جليل افعال البر؛
لان النبي صلى الله عليه و سلم جعلة كالصدقة بالمال،
ووجة تشبيهة صلى الله عليه و سلم الكلمه الطيبه بالصدقة بالمال: هو ان الصدقة بالمال تحيا فيها نفس المتصدق عليه و يفرح بها،
والكلمه الطيبه يفرح فيها المؤمن و يحسن موقعها من قلبه،
فاشتبها من هذي الجهة،
الا تري انها تذهب الشحناء و تجلى السخيمه كما قال تعالى: {ادفع بالتى هي اقوى فاذا الذي بينك و بينة عداوه كانة و لى حميم} (فصلت: 34)،
والدفع بالتى هي اقوى ربما يصبح بالقول كما يصبح بالفعل.

ما يستفاد من الحديث

– الحض على الزياده من صالح العمل،
والابتعاد عن سيئه،
وان الصدقة حجاب عن النار – و لو قلت – و منها الكمله الطيبة.

– كثرة طرق الخيرات التي شرعها الله لعبادة ليصلوا فيها الى غايه المقاصد،
ومن هذا الصدقة،
فان الصدقة (تطفئ الخطيئه كما يطفئ الماء النار) كما صح عن النبى صلى الله عليه و سلم عند الترمذى و النسائي.

– فالحديث دليل على ان الله سبحانة و تعالى سيكلم جميع انسان يوم القيامة،
كما فالروايه الثانية للحديث: (ما منكم من احد الا سيكلمة ربة ليس بينة و بينة ترجمان) حتي يقررة بذنوبه،
يقول له: عملت هكذا و هكذا فيوم هكذا و كذا،
فاذا اقر فيها و ظن انه ربما هلك،
يقول: (سترتها عليك فالدنيا،
وانا اغفرها لك اليوم).

ثم قال: (فينظر ايمن منه) يعني عن يمينة (فلا يري الا ما قدم)،
يقول الله تعالى: {يا ايها الانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه} (الانشقاق: 6)،
اى سوف تلاقى ربك و يحاسبك على ما عملت،
(وينظر اشام منه) اي عن يسارة (فلا يري الا ما قدم،
وينظر بين يدية فلا يري الا النار تلقاء و جهه،
فاتقوا النار و لو بشق تمرة) يعني و لو بنصف تمرة،
(فمن لم يجد فبكلمه طيبة) اي فمن لم يجد شق تمره فليتق النار بكلمه طيبة.

– و الكلمه الطيبه تشمل جميع ما يتقرب فيه الانسان الى ربة عز و جل من القول،
وهي على نوعين كما ذكر الشيخ العثيمين: “طيبه بذاتها،
وطيبه بغايتها،
اما الطيبه بذاتها فهي كالذكر: لا الة الا الله،
الله اكبر،
الحمد لله،
لا حول و لا قوه الا بالله،
واروع الذكر قراءه القران،
واما الكلمه الطيبه فغايتها فهي الكلمه المباحة؛
كالتحدث مع الناس اذا قصدت بهذا ايناسهم و ادخال السرور عليهم،
فان ذلك الكلام و ان لم يكن طيبا بذاتة لكنة طيب فغاياتة فادخال السرور على اخوانك،
وادخال السرور على اخوانك مما يقربك الى الله عز و جل”.

وعكسها الكلمه السيئة،
فانها تنفر القلوب،
يقول تعالى: {فبما رحمه من الله لنت لهم و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}،
نسال الله جل و علا ان يوفقنا للكلم الطيب،
وان يجنبنا و اياكم النار.

  • اتق الله بشق تمرة
  • فمن لم يجد فبكلمة طيبة


اتق الله ولو بشق تمرة