اضرار السان

تقوي الله تكون فاللسان

تقوي الله تكون فاللسان،
واعظم ما ابتليت فيه اللسان.
و لذا يقول بعض اهل العلم: تسعه اعشار الذنوب من اللسان.


و اللسان هو الذي يجر على المؤمن الذنوب و الخطايا،
و لذا يقول سبحانة و تعالى: ((ما يلفظ من قول الا لدية رقيب عتيد)).


و وصف المتقين،
عز من قائل،
فقال: ((والذين هم عن اللغو معرضون))،
يقول عقبه بن عامر احد الصحابة: يا رسول الله!
ما النجاة؟


اي: ما هو الامر الذي ينجينى من غضب الله،
ومن سخط الله،
ومن عذاب الله.


قال: (كف عليك لسانك،
وليسعك بيتك،
وابك على خطيئتك) (1) .



و قال معاذ : (يا رسول الله،
ما هو العمل الذي يقربنى من الجنه و يبعدنى عن النار؟


قال: لقد سالت عن عظيم و انه ليسير على من يسرة الله عليه).
ثم ذكر له صلى الله عليه و سلم الامور التي تقربة من الجنة،
وتنجية من النار،
ثم قال فاخر الحديث: (الا ادلك على ملاك هذا كله؟


قال: قلت: بلي يا رسول الله.


قال: كف عليك هذا،
واخذ بلسان نفسه.


قال معاذ : اانا لمؤاخذون يا رسول الله بما نتكلم به؟


قال: ثكلتك امك يا معاذ ،

وهل يكب الناس فالنار على مناخرهم او قال على رءوسهم الا حصائد السنتهم) (1) .



فنعوذ بالله من اضرار اللسان،
و لذا عرف الصالحون ضرره،
وعلموا انه لا ممكن ان تاتى تقوي الله الا باجتناب ضرر ذلك اللسان.


يقول احد التابعين: رايت ابا بكر الصديق رضى الله عنه و ارضاه،
وقد اخذ بلسان نفسه،
وهو يحاسب نفسة و يبكي،
ويقول: ذلك اوردنى الموارد،
اي: موارد الهلاك.


ذلك و هو ابو بكر الصديق ،

صاحب القدم الثابت فالاسلام،
والاول فالاستجابه من الكبار،
وصاحب الانفاق فسبيل الله،
وخليفه الاسلام بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم،
الذى يدعي يوم القيامه من ابواب الجنه الثمانية؛
لان للجنه ابوابا ثمانيه كما تعرفون.


يقول عليه الصلاة و السلام: (ان للجنه ابوابا فمن كان من اهل الصلاة دعى من باب الصلاة،
ومن كان من اهل الصيام دعى من باب الصيام،
ومن كان من اهل الصدقة دعى من باب الصدقة) ،

الي احدث تلك الابواب.


فقال ابو بكر؛
وهو بجانب الرسول عليه الصلاة و السلام:


(يا رسول الله،
ايدعي احد من تلك الابواب الثمانية؟


) انظر الى الهمه العالية،
انظر الى طلب ما عند الله عز و جل،
و لذا فالهمه ليست بالاجسام،
وليست بالمناصب،
وليست بالاموال،
ولكنها بالقلوب.
فهي همه تمر مر السحاب: ((صنع الله الذي اتقن جميع شيء)).


فيتبسم صلى الله عليه و سلم اعجابا من ذلك الرجل العظيم،
الذى يريد ان يدعي من الابواب الثمانية،
ويريد ان يصبح من المصلين،
ومن الذاكرين،
ومن المتصدقين،
ومن الزهاد،
ومن العباد،
ومن المجاهدين.


فقال له صلى الله عليه و سلم: (نعم و ارجو ان تكون منهم) (1) .



اثر عنه انه دخل فمزرعه رجل من الانصار،
وهو خليفه يتنزة مع الناس رضى الله عنه و ارضاة مع الصحابة،
فلما راي مزارع الانصار،
راي طائرا يطير من نخله الى نخلة،
ومن شجره الى شجرة،
فجلس يبكى رضى الله عنه و ارضاه،
وكان رجلا حزينا،
رقيق القلب،
نادما لما فقلبة من ايمان،
ومن مخافة.


فقال له الصحابة: [يا خليفه رسول الله!
ما لك؟


قال ابكى لهذا الطائر،
يطير من شجره الى شجرة،
ويرد الماء و يرعي الشجر،
ثم يموت،
لا حساب و لا عذاب،
ليتنى كنت طائرا].


فبكي الصحابه رضوان الله عليهم و ارضاهم.

ان لم يكن ذلك و فاء صادق فالناس فالدنيا بغير شعور

رحماك ربى هل بغير و جوهنا عرف السجود فبيتك المعمور

اى جيل ذلك الجيل؟


و اي طراز ذلك الطراز الذي رباة محمد صلى الله عليه و سلم؟


فمن اراد تقوي الله،
فليدرس حياة هؤلاء،
فان الذي لا يعرف حياتهم،
او لا يدرس ما قالوه،
وما سطروة و ما تركوه،
سوف يبقي فجهل،
وسوف يبقي فعمية؛
لانهم خلفاء رسول الله صلى الله عليه و سلم،
واعرف الناس بالاسلام.


و لذا اثر عن ابن عباس رضى الله عنه،
فى اللسان انه و قف على الصفا،
واخذ يبكي،
ويمسك بلسان نفسه،
ويقول: يا لسان،
قل خيرا تغنم،
او اسكت عن شر تسلم.


فالذى اوصى نفسي و اياكم فيه هو تقوي الله فاللسان،
وهو اعظم ما يتقى.


فلا نتكلم الا بخير.


قال احد التابعين: جلسنا مع عطاء بن رباح ثلاثين سنه فالحرم فما كان يتكلم الا بذكر الله،
او بايات الله،
او بامر بمعروف،
او بنهى عن منكر،
او بحاجة لا بد منها.


فقلنا له فذلك.


فقال: ما لكم؟


اتنسون ان عليكم من يحفظ انفاسكم و من يسجل كلماتكم و يحاسبكم فيه امام الله: ((ما يلفظ من قول الا لدية رقيب عتيد)).


فالله الله فحفظ اللسان.


تحفظ اللسان من اللعن،
ومن البذاء،
ومن الفحش،
ومن الاسراف فالمزاح الذي لا يرضى الله عز و جل،
ومن كثرة اللغو بغير ذكر الله عز و جل،
ومن الغيبة،
ومن النميمة،
ومن الاستهتار،
والاستهزاء خاصة بالاخيار،
وبالعلماء،
وبطلبه العلم،
وبالدعاة،
فان ذلك هو النفاق الظاهر الذي لا نفاق بعده.


من كتاب سياط القلوب للشيخ الداعيه عائض القرنى حفظة الله


اضرار السان