التفريق بين الناس

بين الناس التفريق 20160916 5269

المبحث الحادى عشر: التفريق بين المسلمين من غايات و اهداف المنافقين و الكافرين و اعداء الدين: ما زال اعداء الدين منذ ان بزغت فجر الرساله المحمديه يكيدون المكائد للاسلام و اهله,
ويحملون الغل و الحقد على ذلك الدين و يحاولون جاهدين صد الناس عن الحق المبين و اضعاف المسلمين لانهم يعلمون ان قوه المسلمين تعني اضعافهم و تنحيتهم عن القياده و السياده للبشريه … فعبثا يحاول المسلمون استرضاءهم لانهم لن يرضوا ابدا مهما قدم المسلمون من تنازلات دنيويه و لن يرضوا الا بالتنازل عن ذلك الدين العظيم يقول الله تعالى: و لن ترضي عنك اليهود و لا النصاري حتي تتبع ملتهم قل ان هدي الله هو الهدي و لئن اتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من و لى و لا نصير [ البقرة: 120] <br/> انظر ((تفسير ابن كثير)) (1/155).
.

ويقول الله عز و جل ثناؤه: و د كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند انفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا و اصفحوا حتي ياتى الله بامرة ان الله على جميع شيء قدير [ البقرة: 109].
ففى هذي الايه يحذر الله عبادة المؤمنين من سلوك طريق الكفار من اهل الكتاب و يعلمهم بعداوتهم لهم فالباطن و الظاهر و ما هم مشتملون عليه من الحسد للمؤمنين مع علمهم بفضلهم و فضل نبيهم <br/> انظر ((تفسير ابن كثير)) (1/ 146).
.


و من اساليب الكفار فالصد عن ذلك الدين العظيم و محاولاتهم لاضعاف المسلمين ما يسعون لتحقيقة جاهدين ببث الفرقه و الاختلاف فالمجتمع المسلم و افساد ذات البين اذ من اكثر ما يؤزهم الجسد الواحد المسلم البناء المتراص المتحاب و لقد كانت محاولاتهم للتفريق منذ العهد النبوى و يسجل القران هذا لينتبة المسلمون فحاضرهم و يعتبرون بما حصل من اعدائهم فالسابق اذ ما زالوا يسعون لتحقيق الهدف نفسه: التفريق بين المسلمين يقول الله تعالى: قل يا اهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من امن تبغونها عوجا و انتم شهداء و ما الله بغافل عما تعملون [ ال عمران: 99].


ففى هذي الايه توبيخ و وعيد من الله تعالى للكفره من اهل الكتاب على عنادهم للحق و كفرهم بايات الله و صدهم عن سبيل الله من ارادة من اهل الايمان بجهدهم و طاقتهم <br/> انظر ((تفسير ابن كثير)) ( 1/ 365) .

.


و هم فذلك يلتمسون لسبيل الله الزيغ و التحريف و يريدون رد الايمان و الاستقامه الى الكفر و الاعوجاج و يطلبون العدول عن القصد <br/> انظر ((زاد المسير)) لابن الجوزى (1/ 430).
ويريدون لاهل دين الله الضلال <br/> انظر ((تفسير الطبري)) ( 4/ 16).
.


و يروى محمد بن جرير الطبرى رحمة الله اسباب نزول هذي الاية: و هو انه مر شاس بن قيس و كان شيخا ربما عسا فالجاهليه عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين شديد الحسد لهم على نفر من اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم من الاوس و الخزرج فمجلس ربما جمعهم يتحدثون به فغاضة ما راي من جماعتهم و الفتهم و صلاح ذات بينهم على الاسلام بعد الذي كان بينهم من العداوه فالجاهليه فقال: ربما اجتمع ملا بنى قيله بهذه البلاد و الله ما لنا معهم اذا اجتمع ملؤهم فيها من قرار فامر فتي شابا من اليهود و كان معه فقال : اعمد اليهم فاجلس معهم و ذكرهم يوم بعاث،
وما كان قبلة و انشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فهي من الاشعار و كان يوم بعاث يوما اقتتلت به الاوس و الخزرج و كان الظفر به للاوس على الخزرج ففعل فتكلم القوم عند هذا فتنازعوا و تفاخروا حتي تواثب رجلان من الحيين على الركب فتقاولا,
ثم قال احدهما لصحابه: ان شئتم و الله رددناها الان جذعة,
وغضب الفريقان و قالوا: ربما فعلنا السلاح السلاح موعدكم الظاهره و الظاهره الحره فخرجوا اليها و تحاور الناس فانضمت الاوس بعضها الى بعض و الخزرج بعضها الى بعض على دعواهم التي كانوا عليها فالجاهليه فبلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرج اليهم فيمن معه من المهاجرين من اصحابة حتي جاءهم فقال: ((يا معشر المسلمين الله الله،
ابدعوي الجاهليه و انا بين اظهركم بعد اذ هداكم الله الى الاسلام و اكرمكم فيه و قطع فيه عنكم امر الجاهليه و استنقذكم فيه من الكفر بعد اذ هداكم الله الى الاسلام و الف فيه بينكم ترجعون الى ما كنتم عليه كفارا)) فعرف القوم انها نزغه من الشيطان و كيد من عدوهم فالقوا السلاح من ايديهم و بكوا و عانق الرجال من الاوس و الخزرج بعضهم بعضا بعدها انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم سامعين مطيعين ربما اطفا الله عنهم كيد عدو الله شاس بن قيس و ما صنع.


و هذي المحاولات لاضعاف المسلمين و تفريقهم على مبدا “فرق تسد” ليست قاصره على الاعداء من الخارج بل هنالك اعداء اخطر منهم اعداء ينخرون فالمجتمع من الداخل: انهم المنافقون الذين ذكرهم الله فكتابة و حذر منهم و بين شنيع افعالهم و فضح مخططاتهم التي يستهدفون فيها الاسلام و اهلة فكان منهم الارجاف و التخذيل للمسلمين و بث الخوف من الاعداء بين المجتمع المسلم ليتنازل عن حقة و دينة يقول الله تعالى: ربما يعلم الله المعوقين منكم و القائلين لاخوانهم هلم الينا و لا ياتون الباس الا قليلا [ الاحزاب: 18].
ويقول ايضا: يا ايها الذين امنوا لا تكونوا كالذين كفروا و قالوا لاخوانهم اذا ضربوا فالارض او كانوا غزي لو كانوا عندنا ما ما توا و ما قتلوا ليجعل الله هذا حسره فقلوبهم و الله يحيى و يميت و الله بما تعملون بصير [ال عمران: 156] .



و ذلك الارجاف و التخذيل و بث الانهزاميه فنفوس المسلمين يفعلة المنافقون بدافع الحسد و الحقد لابناء المجتمع المسلم و اشد ما يكدرهم و ينغص عليهم فرحتهم ان يصيب المسلمين خير يقول الله تعالى: هاانتم اولاء تحبونهم و لا يحبونكم و تؤمنون بالكتاب كله و اذا لقوكم قالوا امنا و اذا خلوا عضوا عليكم الانامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم ان الله عليم بذات الصدور ان تمسسكم حسنه تسؤهم و ان تصبكم سيئه يفرحوا فيها و ان تصبروا و تتقوا لا يضركم كيدهم شيئا ان الله بما يعملون محيط [ال عمران:119 120 ].


و اقصي ما يتمنونه: اخراج المسلمين من الاسلام الى الكفر حالهم حال اعداء الدين من اليهود و النصاري يقول الله تعالى عنهم: و دوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم اولياء حتي يهاجروا فسبيل الله فان تولوا فخذوهم و اقتلوهم حيث و جدتموهم و لا تتخذوا منهم و ليا و لا نصيرا [ النساء: 89].


و لقد سعي المنافقون جاهدين لافساد ذات البين و العمل على تفريق جماعة المسلمين و بث الخلاف فكلمتهم و تفكيك و حدتهم شانهم شان جميع عدو حاقد لهذا الدين.


يقول الله تبارك و تعالى: و الذين اتخذوا مسجدا ضرارا و كفرا و تفريقا بين المؤمنين و ارصادا لمن حارب الله و رسولة من قبل و ليحلفن ان اردنا الا الحسني و الله يشهد انهم لكاذبون لا تقم به ابدا لمسجد اسس على التقوي من اول يوم احق ان تقوم به فية رجال يحبون ان يتطهروا و الله يحب المطهرين [التوبة:107-108] و اسباب نزول هذي الايات الكريمات انه كان بالمدينه قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه و سلم اليها رجل من الخزرج يقال له ابو عامر الراهب و كان ربما تنصر فالجاهليه و قرا علم اهل الكتاب و كان به عباده فالجاهليه و له شرف فالخزرج كبير فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم مهاجرا الى المدينه و اجتمع الى المدينه المسلمون عليه و صارت للاسلام كلمه عاليه و اظهرهم الله يوم بدر شرق اللعين بريقة و بارز بالعداوه و ظاهر فيها و خرج فارا الى كفار مكه من مشركى قريش يمالئهم على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم فاجتمعوا بمن و افقهم من احياء العرب و قدموا عام احد فكان من امر المسلمين ما كان و لما فرغ الناس من احد و راي امر الرسول صلى الله عليه و سلم فارتفاع و ظهور ذهب الى هرقل ملك الروم يستنصرة على النبى صلى الله عليه و سلم فوعدة و مناة و اقام عندة و كتب الى جماعة من قومة من الانصار من اهل النفاق و الريب يعدهم و يمنيهم انه سيقدم بجيش يقاتل فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم و يغلبة و يردة عما هو فيه,
وامرهم ان يتخذوا له معقلا يقدم عليهم به من يقدم من عندة لاداء كتبة و يصبح مرصدا له اذا قدم عليهم بعد هذا فشرعوا فبناء مسجد مجاور لمسجد قباء فبنوة و احكموة و فرغوا منه قبل خروج رسول الله صلى الله عليه و سلم الى تبوك و جاءوا فسالوا رسول الله صلى الله عليه و سلم ان ياتى اليهم فيصلى فمسجدهم ليحتجوا بصلاتة به على تقريرة و اثباتة و ذكروا انما بنوة للضعفاء منهم و اهل العله فالليلة الشاتيه فعصمة الله من الصلاة فيه,
فقال: ((انا على سفر و لكن اذا رجعنا ان شاء الله)) فلما قفل عليه السلام راجعا الى المدينه من تبوك و لم يبق بينة و بينها الا يوم او بعض يوم نزل عليه جبريل بخبر مسجد الضرار و ما اعتمدة بانوة من الكفر و التفريق بين جماعة المؤمنين فمسجدهم مسجد قباء الذي اسس من اول يوم على التقوي فبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم الى هذا المسجد من هدمة قبل مقدمة المدينه <br/> ((تفسير ابن كثير)) ( 2/ 371) و انظر ((اسباب النزول)) للواحدى ( 219) ((تفسير القرطبي)) (8/ 161) ((السيره النبوية)) لابن هشام ( 4/ 128) ط / مكتبه الكليات الازهريه .

.


فانظر رعاك الله و تامل اسباب نزول هذي الايات و كيف حرص المنافقون على تفريق المسلمين باتخاذ مسجدا ضرارا لمسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم كفرا بالله و محاده لرسول صلى الله عليه و سلم فيصلى به بعض المؤمنين دون مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم و بعضهم فمسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم فيختلفوا بسبب هذا و يفترقوا <br/> انظر ((تفسير الطبري)) (11/ 18).
يقول عبد الله بن عباس رضى الله عنهما : ” لما بني رسول الله صلى الله عليه و سلم مسجد قباء خرج رجال من الانصار فبنوا مسجد النفاق <br/> ((تفسير الطبري)) (11/19) .

ويقصد بمسجد النفاق: مسجد الضرار المذكور فالاية.


و هؤلاء المنافقون رغم اعمالهم الشنيعة و افعالهم المفضوحه ما زالوا يحاولون الاستتار و اظهار خلاف ما يبطنون لذا دائما يزعمون الاحسان و يرفعون شعار الاصلاح لتروج اكاذيبهم و تنطوى حيلهم و خدعهم على ضعاف الايمان و على قليلى العلم لذا زعموا ان قصدهم من بناء ذلك المسجد جميع خير و احسان فقالوا: و ليحلفن ان اردنا الا الحسني <br/> انظر: ((تفسير الطبري) (11/18) .



و لكن هيهات ان تنطلى حيل المنافقين و اكاذيبهم على رب العالمين و لا على عبادة العالمين بقول الله و قول رسولة صلى الله عليه و سلم.


لذا نهي الله عز و جل رسولة صلى الله عليه و سلم و الامه تبع له فذلك عن ان يقام فهذا المسجد الضرار اي : يصلى به ابدا فقال: لا تقم به ابدا.


بعدها حثة على الصلاة بمسجد قباء الذي اسس من اول يوم بنائة على التقوى: و هي طاعه الله و طاعه رسولة و جمعا لكلمه المؤمنين و معقلا و موئلا للاسلام و اهلة فقال سبحانه: لمسجد اسس على التقوي من اول يوم احق ان تقوم به [التوبه : 108 ] <br/> انظر: ((تفسير ابن كثير)) (2/372) بتصرف.


فها هي ذا الحوادث و الوقائع منذ القرن الاول للاسلام و محاولات اعداء الدين فتفريق المسلمين التي سجلها القران الكريم جميع هذا نهيا للامه عن الفرقه و تحذيرا منها فهل يدفع هذا المسلمين الى الاتحاد و جمع الكلمه و راب الصدع؟
وهل تستفيق الامه من غفلتها؟
وتعمل على توحيد صفوفها اذ فذلك قوتها و اعلاء لدينها و غيظ و دحر لعدوها اسال الله هذا فالمستقبل للامه مشرق و الوعد الربانى محقق كما فالحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((لا تزال طائفه من امتى ظاهرين حتي ياتيهم امر الله و هم ظاهرون)) <br/> رواة البخارى (7311)،
ومسلم (1921).
من حديث المغيره بن شعبه رضى الله عنه.


التفريق بين الناس