ما احل الله فكتابة فهو حلال ) و الحكم عليه
سؤالى حول حديث : ” ما احل الله فكتابة فهو حلال ،
وما حرم فهو حرام ،
وما سكت عنه فهو عافيه ،
فاقبلوا من الله العافيه ،
فان الله لم يكن نسيا ،
ثم تلا هذي الايه ( و ما كان ربك نسيا ) ” ذلك الحديث صححة الشيخ الالبانى رحمة الله فالسلسله الصحيحة 5 صفحة رقم 325 ,
وحسنة فصفحة رقم 14 فغايه المرام .
لكنة حسب موقع الدرر السنيه ربما قال عن ذلك الحديث حاجات كثيرة فمثلا : ” اسنادة ضعيف جدا جدا لكن معناة صحيح ثابت ” و ” اسنادة صالح ” و ” اسنادة صحيح ” و ” صحيح موقوفا و ممكن تحسينة بشاهدة مرفوعا ” و ” فاسنادة سيف بن هارون البرجمى ضعفة جماعة و وثقة ابو نعيم ” و ” ضعيف ”
و قال عنه الشيخ ابو اسحاق الحوينى على موقعة ” ضعيف ”
فما رايكم فهذا الحديث ؟
وهل يصح لنا ان نحتج فيه ؟
و هل نترك الاحاديث التي تضارب بها اقوال اهل العلم ؟
.
الحمد لله
اولا :
روى ذلك الحديث بالفاظ متقاربه عن جماعة من الصحابه رضى الله عنهم ،
وهم :
1- عن ابي الدرداء رضى الله عنه مرفوعا بلفظ :
( ما احل الله فكتابة فهو حلال ،
وما حرم فهو حرام ،
وما سكت عنه فهو عفو ،
فاقبلوا من الله عافيتة ( و ما كان ربك نسيا ) اخرجة الدارقطنى فسننة (2/137) و الحاكم فالمستدرك (2/406) (10/12) و الطبرانى فمسند الشاميين (3/209) من طرق عن عاصم بن رجاء بن حيوه عن ابية عن ابي الدرداء عن النبى صلى الله عليه و سلم فيه .
وهذا اسناد منقطع ،
فان الانقطاع ظاهر بين رجاء بن حيوه و ابي الدرداء ،
اذ و فاه رجاء كانت سنه 112 ة ،
ووفاه ابي الدرداء سنه 32 ة .
قال ابن حجر فترجمة رجاء بن حيوه “تهذيب التهذيب” (3/229) : ” روايتة عن ابي الدرداء مرسله ” انتهي .
وقال الذهبى رحمة الله عن ذلك الحديث : ” اسنادة منقطع ” انتهي .
“المهذب فاختصار السنن الكبري للبيهقي” (8/3975) .
وكذا قال المعلمي رحمة الله ف“الانوار الكاشفة” (301) .
2- عن سلمان الفارسى رضى الله عنه ،
بلفظ : ( سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن السمن و الجبن و الفراء فقال : الحلال ما احل الله فكتابة ،
والحرام ما حرم الله فكتابة ،
وما سكت عنه فهو مما عفا عنه ) اخرجة الترمذى (1726) و ابن ما جة (3367) و الحاكم فالمستدرك (4/129) و من كيفية البيهقى فالكبري (9/320)(10/12) ،
واخرجة الطبرانى فالكبير (6/250) من طريق سيف بن هارون البرجمى عن سليمان التيمى عن ابي عثمان عن سلمان فيه .
قال المزى ف“تهذيب الكمال” (8/255) : ” به سيف بن هارون ،
قال ابن معين : ليس بذاك و قال النسائي : ضعيف ،
وقال الدارقطنى : ضعيف متروك ” انتهي .
وقال الترمذى : ” و ذلك حديث غريب لا نعرفة مرفوعا الا من ذلك الوجة ،
وروي سفيان و غيرة عن سليمان التيمى عن ابي عثمان عن سلمان قوله ،
وكان الحديث الموقوف اصح ،
وسالت البخارى عن ذلك الحديث فقال : ما اراة محفوظا ،
روي سفيان عن سليمان التيمى عن ابي عثمان عن سلمان موقوفا ،
قال البخارى : و سيف بن هارون مقارب الحديث ” انتهي .
وقال ابن ابي حاتم ف“علل الحديث” (2/10) :
” قال ابي : ذلك خطا ،
رواة الثقات عن التيمى عن ابي عثمان عن النبى صلى الله عليه و سلم مرسل ليس به سلمان ،
وهو الصحيح ” انتهي .
وقال احمد : منكر ،
وانكرة ابن معين كذلك .
كذا نقلة ابن رجب ف“جامع العلوم و الحكم” (2/69) .
وقال الشيخ الالبانى ف“التعليقات الرضية” (3/54) :
” اسنادة ضعيف جدا جدا ،
ولكن معناة صحيح ثابت ” انتهي .
3- عن ابي ثعلبه الخشنى رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( ان الله فرض فرائض فلا تضيعوها ،
وحد حدودا فلا تعتدوها ،
وحرم حاجات فلا تنتهكوها ،
وسكت عن حاجات رحمه لكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها )
رواة جماعة من اهل العلم كلهم من طريق داود بن ابي هند عن مكحول عن ابي ثعلبه فيه .
واختلف على داود بن ابي هند :
فرواة حفص بن غياث موقوفا عليه كما عند البيهقى (10/12) و تابعة يزيد بن هارون على و قفة كما ذكرة الدارقطنى ف“العلل” (6/324) .
ورواة على بن مسهر مرفوعا عند البيهقى فالكبري (10/12) و هكذا اسحاق الازرق عند الدارقطنى (4/184) و محمد بن فضيل كما ذكر هذا الدارقطنى ف“العلل” (6/324) .
قال ابن رجب ف“جامع العلوم و الحكم” (2/68) :
” له علتان :
احداها : ان مكحولا لم يصح له السماع عن ابي ثعلبه ،
ايضا قال ابو شهر الدمشقى و ابو نعيم الحافظ و غيرهما .
الثانية: انه اختلف فرفعة و وقفة على ابي ثعلبه ،
ورواة بعضهم عن مكحول من قوله ،
لكن قال الدارقطنى “العلل” (6/324) : الاشبة بالصواب المرفوع ،
قال : و هو اشهر ” انتهي .
وقال ابن حجر : ” رجالة ثقات الا انه منقطع ” انتهي .
“المطالب العالية” (3/271) .
وقال الذهبى : ” منقطع ” انتهي .
“المهذب” (8/3976) .
وقال الالبانى : ” فاسنادة انقطاع ” انتهي .
“تحقيق رياض الصالحين” (1841) .
والحاصل : ان اسانيد ذلك الحديث لا تخلو من ضعف ،
ولكن هل ممكن ان تتقوي بمجموعها ؟
ذهب بعض اهل العلم الى هذا ،
فقد حسن النووى حديث ابي ثعلبه كما فالاذكار (505) ،
وصححة ابن القيم فاعلام الموقعين (1/221) و ابن كثير فتفسيرة (1/405) و قال الالبانى فتحقيق الايمان لابن تيميه (43) : حسن بشاهدة .
وحسن الالبانى حديث سلمان الفارسى فصحيح الترمذى (1726) و قال فالمشكاه (4156) : صحيح موقوفا ،
يمكن تحسينة بشاهدة مرفوعا .
لكن ذهب اخرون الى ان الضعف الشديد الذي فطرق ذلك الحديث يمنع تقويه الحديث بمجموع طرقة ،
فحديث ابي الدرداء انقطاعة بين ظاهر ،
وحديث سلمان الفارسى رفعة خطا منكر ،
وحديث ابي ثعلبه منقطع و مختلف فرفعة .
وقد صح ذلك الاثر عن ابن عباس رضى الله عنهما من كلامة .
اخرجة ابو داود (3800) ،
قال ابن كثير فارشاد الفقية (1/367) : اسنادة صحيح .
وصححة الالبانى فصحيح ابي داود و مشكاه المصابيح (4074) .
كما ان معني الحديث الاجمالى مقرر فقواعد الدين و اصولة ،
ومحل استشهاد و قبول عند اهل العلم .
قال ابن العربي ف“عارضه الاحوذي” (4/185) : ” معني ذلك الحديث ثابت فالصحيح ” انتهي .
وقال ابو بكر بن السمعاني : ” ذلك الحديث اصل كبير من اصول الدين و فحلوة ،
قال : و حكى عن بعضهم انه قال : ليس فاحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم حديث واحد اجمع بانفرادة لاصول الدين و فحلوة من حديث ابي ثعلبه ” انتهي .
“جامع العلوم و الحكم” (2/70) .
وللاستزاده من معني الحديث و شرحة انظر : شرح ابن رجب على ذلك الحديث ف“جامع العلوم و الحكم” شرح الحديث الثلاثون (2/68-87) .
ثانيا :
ينبغى التنبة الى ان حكم بعض العلماء بالصحة او الضعف على حديث معين ،
قد يصبح المقصود فيه طريقا معينة من طرق الحديث و ليس حكما على الحديث بكل طرقة ،
بمعني ان العالم ربما يحكم على احدي الطرق بالضعف مثلا ،
ثم يحكم فمكان احدث على طريق ثانية للحديث نفسة بالصحة ،
وليس هذا تناقضا و انما اختلفت الطريق المحكوم عليها ،
وهذا هو الذي و قع من الشيخ الالبانى فكلامة على الحديث الذي معنا ،
انة صححة من روايه ابي الدرداء ،
وضعف اسنادة من روايه سلمان الفارسى لكنة حسنة بشاهدة اي هو حسن لغيرة عندة ،
وليس هذا تناقضا بل تفصيل يقتضية علم الحديث .
والواجب على المسلم اتباع الحق فيما يخرج له بعد البحث و الاجتهاد ،
فان لم يكن له و سع فالاجتهاد اكتفي بتقليد من يثق بعلمة و امانتة من اهل العلم المشهورين ،
ولا يلتفت الى غيرة ،
وهذا يعم المسائل الحديثيه و الفقهيه .
والله اعلم .
- الحلال ما احل الله
- شرح وما سكت عنه فهو عافية
- وما سكت عنه فهو معفي عنه