السؤال: عندما يتوفي الله احد الاشخاص – سواء مسلم او غير مسلم – من الذين يجاهرون بمعاداه الاسلام و يحرصون على الكيد له و للمسلمين سواء بكتاباتهم او حواراتهم او بالافكار التي يطرحونها و التي تشكك فثوابت الاسلام ،
دائما ما يثار تساؤل حول صحة ذكر ما فعلوا و اجرموا و بين حديث ( اذكروا محاسن موتاكم ) الذي قرات انه حديث ضعيف .
فارجو توضيح الراى الشرعى فهذه المساله و ما اذا كان شعور بالفرح لموت امثال هؤلاء حلال على اعتبار انهم يحاربون الله و رسولة صلى الله عليه و سلم .
وجزاكم الله خيرا .
الجواب :
الحمد لله
اولا:
الحديث الذي ذكرة الاخ السائل ضعيف لا يصح .
عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( اذكروا محاسن موتاكم و كفوا عن مساويهم ) .
رواة ابو داود ( 4900 ) الترمذى ( 1019 ) و ضعفة فقال : ذلك حديث غريب سمعت محمدا – اي : الامام البخارى – يقول : عمران بن انس المكى منكر الحديث .
و ربما صح فالباب عن عائشه رضى الله عنها قالت : قال النبى صلى الله عليه و سلم ( لا تسبوا الاموات فانهم ربما افضوا الى ما قدموا ) رواة البخارى ( 1329 ) .
ثانيا:
الفرح بمهلك اعداء الاسلام و اهل البدع المغلظه و اهل المجاهره بالفجور امر مشروع ،
وهو من نعم الله على عبادة و على الشجر و الدواب ،
بل ان اهل السنه ليفرحون بمرض اولئك و سجنهم و ما يحل بهم من مصائب .
و مما يدل على ما قلناة نصوص و اثار و وقائع ،
ومنها :
1.
قوله تعالى ( يا ايها الذين امنوا اذكروا نعمه الله عليكم اذ جاءتكم جنود فارسلنا عليهم ريحا و جنودا لم تروها و كان الله بما تعملون بصيرا ) الاحزاب/ 9 .
و فالايه بيان ان اهلاك اعداء الله تعالى من نعم الله على المسلمين التي تستوجب ذكرا و شكرا .
2.
عن انس بن ما لك رضى الله عنه قال : مروا بجنازه فاثنوا عليها خيرا فقال النبى صلى الله عليه و سلم ( و جبت ) بعدها مروا بثانية فاثنوا عليها شرا فقال ( و جبت ) فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : ما و جبت ؟
قال : ( ذلك اثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنه و ذلك اثنيتم عليه شرا فوجبت له النار انتم شهداء الله فالارض ) .
رواة البخارى ( 1301 ) و مسلم ( 949 ) .
قال بدر الدين العيني – رحمة الله – :
فان قيل : كيف يجوز ذكر شر الموتي مع ورود الحديث الصحيح عن زيد بن ارقم فالنهى عن سب الموتي و ذكرهم الا بخير ؟
واجيب : بان النهى عن سب الاموات غير المنافق و الكافر و المجاهر بالفسق او بالبدعه ،
فان هؤلاء لا يحرم ذكرهم بالشر للحذر من طريقهم و من الاقتداء بهم .
” عمدة القارى شرح صحيح البخارى ” ( 8 / 195 ) .
3.
عن ابي قتاده بن ربعى انه كان يحدث ان رسول الله صلى الله عليه و سلم مر عليه بجنازه فقال: ( مستريح و مستراح منه ) ،
قالوا : يا رسول الله ما المستريح و المستراح منه ؟
فقال : ( العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا ،
والعبد الفاجر يستريح منه العباد ،
والبلاد ،
والشجر ،
والدواب ) .
رواة البخارى ( 6147 ) و مسلم ( 950 ) ،
وبوب عليه النسائي فسننة ( 1931 ) : ” باب الاستراحه من الكفار ” .
قال النووى – رحمة الله – :
معني الحديث : ان الموتي قسمان : مستريح و مستراح منه ،
ونصب الدنيا : تعبها ،
واما استراحه العباد من الفاجر معناة : اندفاع اذاة عنهم ،
واذاة يصبح من و جوة ،
منها : ظلمة لهم ،
ومنها : ارتكابة للمنكرات فان انكروها قاسوا مشقه من هذا ،
وربما نالهم ضررة ،
وان سكتوا عنه اثموا .
و استراحه الدواب منه ايضا لانة كان يؤذيها و يضربها و يحملها ما لا تطيقة و يجيعها فبعض الاوقات و غير هذا .
و استراحه البلاد و الشجر : فقيل : لانها تمنع القطر بمصيبتة قالة الداودى و قال الباجى لانة يغصبها و يمنعها حقها من الشرب و غيرة .
” شرح مسلم ” ( 7 / 20 ،
21 ) .
4.
وقد سجد على رضى الله عنه لله شكرا لمقتل ” المخدج ” الخارجى لما راة فالقتلي فمحاربتة له .
قال شيخ الاسلام ابن تيميه – رحمة الله – :
و قاتل امير المؤمنين على بن ابي طالب رضى الله عنه الخوارج ،
وذكر فيهم سنه رسول الله المتضمنه لقتالهم ،
وفرح بقتلهم ،
وسجد لله شكرا لما راي اباهم مقتولا و هو ذو الثديه .
بخلاف ما جري يوم ” الجمل ” و ” صفين ” ؛
فان عليا لم يفرح بذلك ،
بل ظهر منه من التالم و الندم ما ظهر ،
ولم يذكر عن النبى صلى الله عليه و سلم فذلك سنه بل ذكر انه قاتل باجتهادة .
” مجموع الفتاوي ” ( 20 / 395 ) .
5.
ولما اصيب المبتدع الضال ” ابن ابي دؤاد ” بالفالج – و هو ” الشلل النصفى ” – : فرح اهل السنه بذلك ،
حتي قال ابن شراعه البصرى :
افلت نجوم سعودك ابن دواد … و بدت نحوسك فجميع اياد
فرحت بمصرعك البريه كلها … من كان منها موقنا بمعاد
لم يبق منك سوي خيال لامع … فوق الفراش ممهدا بوساد
و خبت لدي الخلفاء نار بعدما … ربما كنت تقدحها بكل زناد
… .
” تاريخ بغداد ” للخطيب البغدادى ( 4 / 155 ) .
6.
قال الاثناء – رحمة الله – :
قيل لابي عبدالله – اي : الامام احمد بن حنبل – : الرجل يفرح بما ينزل باصحاب ابن ابي دؤاد ،
عليه فذلك اثم ؟
قال : و من لا يفرح بهذا ؟
.
” السنه ” ( 5 / 121 ) .
7.
قال ابن كثير – رحمة الله – فيمن توفى سنه 568 ة – :
الحسن بن صافي بن بزدن التركي ،
كان من اكابر امراء بغداد المتحكمين فالدوله ،
ولكنة كان رافضيا خبيثا متعصبا للروافض ،
وكانوا فخفارتة و جاهة ،
حتي اراح الله المسلمين منه فهذه السنه فذى الحجه منها ،
ودفن بدارة ،
ثم نقل الى مقابر قريش ،
فلله الحمد و المنه .
و حين ما ت فرح اهل السنه بموتة فرحا شديدا ،
واظهروا الشكر لله ،
فلا تجد احدا منهم الا يحمد الله .
” البداية و النهاية ” ( 12 / 338 ) .
8.
وقال الخطيب البغدادى – رحمة الله – فترجمة عبيد الله بن عبدالله بن الحسين ابو القاسم الحفاف المعروف بابن النقيب – :
كتبت عنه ،
وكان سماعة صحيحا ،
وكان شديدا فالسنه ،
وبلغنى انه جلس للتهنئه لما ما ت ابن المعلم شيخ الرافضه و قال : ما ابالى اي وقت مت بعد ان شاهدت موت ابن المعلم .
” تاريخ بغداد ” ( 10 / 382 ) .
وكل ما سبق – و غيرة كثير – يدل على جواز الفرح بهلاك اعداء الاسلام ،
والكائدين له ،
وهلاك اهل الزندقه و البدع المغلظه ،
وهلاك اهل الفجور و الفساد ،
بل يفرح اهل السنه بالمصائب التي تحل بهم كمرض احدهم او سجنة او نفية او اهانتة .
والله اعلم
- الفرح بهلاك الظلمة