المراة التي طلقها الرسول

الحمد لله

اولا :

هذه القصة صحيحة ،

وردت فاحاديث عده و سياقات يكمل بعضها بعضا :

فروي البخارى رحمة الله فصحيحة (5254) عن الامام الاوزاعى قال : سالت الزهرى اي ازواج النبى صلى الله عليه و سلم استعاذت منه ؟

قال : اخبرنى عروه ،

عن عائشه رضى الله عنها : ( ان ابنه الجون لما ادخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم و دنا منها قالت : اعوذ بالله منك .

فقال لها : لقد عذت بعظيم ،

الحقي باهلك ) .

وروي البخارى كذلك فصحيحة (5255) عن ابي اسيد رضي الله عنه قال :

( خرجنا مع النبى صلى الله عليه و سلم حتي انطلقنا الى حائط يقال له الشوط ،

حتي انتهينا الى حائطين ،

فجلسنا بينهما ،

فقال النبى صلى الله عليه و سلم : اجلسوا ها هنا .

ودخل و ربما اتي بالجونيه ،

فانزلت فبيت فنخل فبيت اميمه فتاة النعمان بن شراحيل ،

ومعها دايتها حاضنه لها ،

فلما دخل عليها النبى صلى الله عليه و سلم قال : هبى نفسك لى .

قالت : و هل تهب الملكه نفسها للسوقه .

قال : فاهوي بيدة يضع يدة عليها لتسكن .

فقالت : اعوذ بالله منك .

فقال : ربما عذت بمعاذ .

ثم خرج علينا ،

فقال : يا ابا اسيد اكسها رازقيتين و الحقها باهلها )

وروي كذلك رحمة الله (رقم/5256) عن عباس بن سهل عن ابية و ابي اسيد قالا : ( تزوج النبى صلى الله عليه و سلم اميمه فتاة شراحيل ،

فلما ادخلت عليه بسط يدة اليها ،

فكانها كرهت هذا ،

فامر ابا اسيد ان يجهزها و يكسوها ثوبين رازقيين ) ثياب من كتان بيض طوال.

وروي كذلك رحمة الله (رقم/5637) عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال :

( ذكر للنبى صلى الله عليه و سلم امرأة من العرب ،

فامر ابا اسيد الساعدى ان يرسل اليها ،

فارسل اليها ،

فقدمت فنزلت فاجم بنى ساعده ،

فخرج النبى صلى الله عليه و سلم حتي جاءها ،

فدخل عليها ،

فاذا امرأة منكسه راسها ،

فلما كلمها النبى صلى الله عليه و سلم قالت : اعوذ بالله منك.
فقال : ربما اعذتك مني .

فقالوا لها : اتدرين من ذلك ؟

قالت : لا .

قالوا ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم جاء ليخطبك .

قالت : كنت انا اشقي من هذا .

فاقبل النبى صلى الله عليه و سلم يومئذ حتي جلس فسقيفه بنى ساعده هو و اصحابة ،

ثم قال : اسقنا يا سهل .

فخرجت لهم بهذا القدح فاسقيتهم به ،

فاخرج لنا سهل هذا القدح فشربنا منه .

قال : بعدها استوهبة عمر بن عبدالعزيز بعد هذا فوهبة له ) و رواة مسلم كذلك (2007)،
الاجم : الحصون .

ثانيا :

اختلف العلماء فاسم هذي المرأة على اقوال سبعه ،

ولكن الراجح منها عند اكثرهم هو :     ” اميمه فتاة النعمان بن شراحيل ” كما تصرح روايه حديث ابي اسيد .

وقيل اسمها اسماء .

ثالثا :

لماذا استعاذت المرأة الجونيه من رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟

يمكن توجية هذا ببعض الاجوبه التاليه :

1- ربما يقال انها لم تكن تعرف رسول الله صلى الله عليه و سلم ،

بدليل الروايه الاخيرة من الروايات المذكوره اعلاة ،

وفيها : (.
فقالوا لها : اتدرين من ذلك ؟

قالت : لا .

قالوا ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم جاء ليخطبك .

قالت : كنت انا اشقي من هذا )

يقول الحافظ ابن حجر رحمة الله :

” و قال غيرة : يحتمل انها لم تعرفة صلى الله عليه و سلم ،

فخاطبتة بذلك .

وسياق القصة من مجموع طرقها يابي ذلك الاحتمال .

نعم سياتى فاواخر الاشربه من طريق ابي حازم ،

عن سهل بن سعد – فذكر الروايه الاخيرة ،

ثم قال : –

فان كانت القصة واحده فلا يصبح قوله فحديث الباب : ( الحقها باهلها ) ،

ولا قوله فحديث عائشه : ( الحقى باهلك ) تطليقا ،

ويتعين انها لم تعرفة .

وان كانت القصة متعدده – و لا ما نع من هذا – فلعل هذي المرأة هي الكلابيه التي و قع بها الاضطراب ” انتهى.

“فتح الباري” (9/358)

2- و يذكر بعض اهل العلم ان اسباب استعاذتها من النبى صلى الله عليه و سلم ما غرها فيه بعض ازواجة صلى الله عليه و سلم ،

حيث اوهموها ان النبى صلى الله عليه و سلم يحب هذي الكلمه ،

فقالتها رغبه فالتقرب الية ،

وهي لا تدرى ان النبى صلى الله عليه و سلم سيعيذها من نفسة بالفراق ان سمعها منه .

جاء هذا من طرق ثلاثه :

الطريق الاولي :

يرويها ابن سعد ف“الطبقات” (8/143-148)،
والحاكم ف“المستدرك” (4/39)،
من طريق محمد بن عمر الواقدى و هو ضعيف فالحديث .

والطريق الاخرى :

يرويها ابن سعد فالطبقات (8/144) بسندة عن سعيد بن عبدالرحمن بن ابزي قال: (الجونيه استعاذت من رسول الله صلى الله عليه و سلم و قيل لها : هو احظي لك عندة .

ولم تستعذ منه امرأة غيرها ،

وانما خدعت لما رؤى من جمالها و هيئتها ،

ولقد ذكر لرسول الله من حملها على ما قالت لرسول الله ،

فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : انهن صواحب يوسف ).

الطريق الثالثة :

رواها ابن سعد كذلك ف“الطبقات” (8م145) قال : اخبرنا هشام بن محمد بن السائب ،

عن ابية ،

عن ابي صالح ،

عن بن عباس قال : ( تزوج رسول الله صلى الله عليه و سلم اسماء فتاة النعمان ،

وكانت من احلى اهل زمانها و اشبهم ،

قال فلما جعل رسول الله يتزوج الغرائب قالت عائشه : ربما وضع يدة فالغرائب يوشكن ان يصرفن و جهة عنا .

وكان خطبها حين و فدت كنده عليه الى ابيها ،

فلما راها نساء النبى صلى الله عليه و سلم حسدنها ،

فقلن لها : ان اردت ان تحظي عندة فتعوذى بالله منه اذا دخل عليك .

فلما دخل و القي الستر مد يدة اليها ،

فقالت : اعوذ بالله منك .

فقال: امن عائذ الله !

الحقى باهلك )

وروي كذلك قال : اخبرنا هشام بن محمد ،

حدثنى ابن الغسيل ،

عن حمزه بن ابي اسيد الساعدى ،

عن ابية – و كان بدريا – قال : ( تزوج رسول الله اسماء فتاة النعمان الجونيه ،

فارسلنى فجئت فيها ،

فقالت حفصه لعائشه او عائشه لحفصه : اخضبيها انت و انا امشطها ،

ففعلن ،

ثم قالت لها احداهما : ان النبي،
صلي الله عليه و سلم يعجبة من المرأة اذا دخلت عليه ان تقول اعوذ بالله منك .

فلما دخلت عليه و اغلق الباب و ارخي الستر مد يدة اليها فقالت : اعوذ بالله منك .

فتال بكمة على و جهة فاستتر فيه و قال : عذت معاذا ،

ثلاث مرات .

قال ابو اسيد بعدها خرج على فقال : يا ابا اسيد الحقها باهلها و متعها برازقيتين ،

يعني كرباستين ،

فكانت تقول : دعونى الشقيه ) .

وهذه الطرق ربما يعضد بعضها بعضا و يستشهد بمجموعها على ان لذا اصلا .

3- و ذكر اخرون من اهل العلم ان اسباب استعاذتها هو تكبرها ،

حيث كانت رائعة و فبيت من بيوت ملوك العرب ،

وكانت ترغب عن الزواج بمن ليس بملك ،

وهذا يؤيدة ما جاء فالروايه المذكوره اعلاة ،

وفيها : ( فلما دخل عليها النبى صلى الله عليه و سلم قال : هبى نفسك لى .

قالت : و هل تهب الملكه نفسها للسوقه .

قال : فاهوي بيدة يضع يدة عليها لتسكن .

فقالت : اعوذ بالله منك .

فقال : ربما عذت بمعاذ .

ثم خرج علينا ،

فقال : يا ابا اسيد اكسها رازقيتين و الحقها باهلها )

يقول الحافظ ابن حجر رحمة الله :

” ( السوقه ) قيل لهم هذا لان الملك يسوقهم فيساقون الية ،

ويصرفهم على مرادة ،

واما اهل السوق فالواحد منهم سوقى .

قال ابن المنير : ذلك من بقيه ما كان بها من الجاهليه ،

والسوقه عندهم من ليس بملك كائنا من كان ،

فكانها استبعدت ان يتزوج الملكه من ليس بملك ،

وكان صلى الله عليه و سلم ربما خير ان يصبح ملكا نبيا ،

فاختار ان يصبح عبدا نبيا ،

تواضعا منه صلى الله عليه و سلم لربة ،

ولم يؤاخذها النبى صلى الله عليه و سلم بكلامها ،

معذره لها لقرب عهدها بجاهليتها ” انتهى.

“فتح الباري” (9/358)

هذا ما تحصل ذكرة من سبب جاءت فيها الروايات و كلام اهل العلم ،

وكلة يدل على كريم اخلاقة صلى الله عليه و سلم ،

حيث لم يكن يرضي ان يتزوج من يشعر انها لا ترغبة ،

وكان يابي صلى الله عليه و سلم ان يصيب احدا من المسلمين باذي فنفسة او ما له .

والله اعلم .