لحمد لله الذي جعل الشمس ضياء،
والقمر نورا،
وقدرة منازل،
لنعلم عدد السنين و الحساب،
والصلاة و السلام على سيدنا و نبينا محمد،
وعلي الال و الاصحاب.
يقول الرب عز و جل: {وما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون} [الذريات:56]،
يحدد الرب عز و جل فهذه الايه الكريمه الحكمه من ايجاد الخلق،
وهو تحقيق عبادتة سبحانة و تعالى.
والعباده فالاسلام لا تعني بعض الشعائر التعبديه فقط،
بل تشمل جميع ما يحقق مرضاه الله تعالى،
ويجنب غضبه،
فعن كعب بن عجره رضى الله عنه قال: مر على النبى صلى الله عليه و سلم رجل،
فراي اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم من جلدة و نشاطه،
فقالوا: يا رسول الله،
لو كان ذلك فسبيل الله!!
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ان كان خرج يسعي على و لدة صغارا فهو فسبيل الله،
وان كان خرج يسعي على ابوين شيخين كبيرين فهو فسبيل الله،
وان كان خرج يسعي على نفسة يعفها فهو فسبيل الله،
وان كان خرج يسعي رياء و مفاخره فهو فسبيل الشيطان”(1).
ولكن اتفق العلماء على تقسيم اصطلاحى للموضوعات الشرعية،
فقسموها الى اصول و فروع،
وقسموا الفروع الى فقة و سلوك،
ثم صنفوا الفقة الى خمسه ابواب رئيسه هي:
العبادات،
والمعاملات،
والانكحة،
والقضاء،
والجنايات(2).
والعبادات تشمل: الصلاة،
الزكاة،
والصوم،
والحج،
كما تشمل: النذور،
والكفارات،
والجهاد،
والزكاة،
وغيرها من الفروع التي يجب استحضار نيه العباده فيها.
و اذا نظرنا الى هذي العبادات نجد اغلبها لها اوقات محدودة،
سواء للاداء ام للقضاء؛
لذا كان من الاهمية بمكان عظيم دراسه الاهله و المواقيت دراسه جادة؛
لارتباط اكثر هذي العبادات بها.
وساحاول فهذا البحث المتواضع تبيين ذلك الارتباط ان شاء الله تعالى،
فارجو من الله تعالى العون و السداد.
1 – مفهوم الاهله و المواقيت فاللغه و الاصطلاح
ا – الاهله فاللغة:
الاهلة: جمع هلال،
وجمع – و هو واحد فالحقيقة – من حيث كونة هلالا واحدا فشهر،
غير كونة هلالا فاخر،
فانما جمع احوالة من الاهلة،
ويريدون بالاهله شهورها،
وقد يعبر بالهلال عن الشهر لحلولة فيه،
كما قال الشاعر:
اخوان من نجد على ثقه *** و الشهر كقلامه الظفر
وقيل: سمى شهرا لان الايدى تشهر بالاشاره الى موضع الرؤية،
ويدلون عليه،
ويطلق لفظ الهلال لليلتين من احدث الشهر،
وليلتين من اوله،
وقيل: لثلاث من اوله،
وقال الاصمعي: هو هلال حتي يحجر،
ويستدير له كالخيط الرقيق،
وقيل: بل هو هلال حتي يبهر بضوئة السماء،
وذلك ليلة سبع،
قال ابو العباس: و انما قيل له: هلال،
لان الناس يرفعون اصواتهم بالاخبار عنه،
ومنه: استهل الصبي،
اذا ظهرت حياتة بصراخه،
واستهل و جهة فرحا،
وتهلل اذا ظهر به السرور.
قال ابو كبير:
واذا نظرت الى اسرة و جهة *** يرقت كبرق العارض المتهلل
ويقال: اهللنا الهلال اذا دخلنا فيه.
قال الجوهري: و اهل الهلال و استهل على ما لم يسم فاعله،
ويقال ايضا: استهل بمعني تبين،
ولا يقال: اهل،
ويقال: اهللنا عن ليلة كذا،
ولا يقال: اهللناة فهل؛
كما يقال: ادخلناه،
فدخل،
وهو قياسه.
قال ابو نصر عبدالرحيم القشيرى فتفسيره: و يقال: اهل الهلال،
واستهل،
واهللنا بالهلال،
واستهللنا.
و اسم القمر الزبرقان،
واسم دارتة الهالة،
والفخت اسم ضوئه،
او ظلمتة على خلاف فيه،
واسم ظلة السمر،
ومنة قيل: سماء،
للذين يتحدثون بالليل،
وانما اقتصر فجمعة على اهله – و هو لادني العدد،
دون الفعل الذي هو للجمع العديد – استقلالا له فالتضعيف،
كما قالوا فيما ليس بمضعف: حمار،
واحمره،
وحمر(4).
ب – الاهله فالاصطلاح:
ولا يظهر الاستخدام الاصطلاحى للكلمه عن استعمالها اللغوي،
فقد استخدمها الفقهاء فنفس المعني اللغوي(5).
ج – المواقيت فاللغة:
المواقيت: جمع ميقات،
والميقات: الوقت المضروب للفعل و الوضع.
يقال: ذلك ميقات اهل الشام،
للموضع الذي يحرمون منه.
وفى الحديث: انه وقت لاهل المدينه ذا الحليفة،
قال ابن الاثير: و ربما تكرر التوقيت و الميقات،
قال: فالتوقيت و التاقيت: ان يجعل للشيء وقت يختص به،
وهو بيان مقدار المدة.
وتقول: وقت الشيء،
يوقته،
ووقته،
يقته،
اذا بين حده،
ثم اتسع به فاطلق على المكان،
فقيل للموضع: ميقات،
وهو مفعال منه،
واصلة موقات،
فقلبت الواو ياء،
لكسره الميم.
وفى حديث ابن عباس: لم يقت رسول الله صلى الله عليه و سلم فالخمر حدا،
اى لم يقدر،
ولم يحدة بعدد مخصوص.
والميقات: مصدر الوقت.
والاخرة: ميقات الخلق.
ومواضع الاحرام: مواقيت الحاج.
والهلال: ميقات الشهر،
ونحو ذلك(6).
و فالتبيان(7)،
والميقات: هو مقدار من الزمان،
جعل علما لما يقدر من العمل،
ومنة قوله تعالى: {الي يوم الوقت المعلوم} [الحجر:38]،
[ص:81]،
والتوقيت: تقدير الوقت،
وقت توقيتا،
ومنة قولهة تعالى: {واذا الرسل اقتت} [المرسلات:11]،
وكلما قدرت غايه فهو موقت،
والميقات: منتهي الوقت،
ومنة قوله تعالى: {فتم ميقات ربه} [الاعراف: من الاية142]،
فالاخره ميقات الخلق.
د – المواقيت فالاصطلاح:
استعملت الكلمه فاصطلاح الفقهاء بنفس المعني اللغوي،
ولكنها غلبت فباب الحج على مواضع و ازمنه معينة،
لعباده مخصوصة،
وهي مواقيت الحج،
التى تنقسم الى مواقيت زمانية،
ومواقيت مكانية(8).
3 – التمييز بصورة عامة بين مفهوم العبادات و المعاملات و مظاهر هذا فالفقة الاسلامي
ا – العبادات لغة:
العبادات: جمع عبادة،
والعباده فالاصل: الخضوع و الذل و الطاعة(9).
قال الفيروز ابادي(10): و عبد بين العبديه و العبودية،
واصل العبوديه الخضوع و الذل.
وقوله تعالى: {فادخلى فعبادي} [الفجر:29]،
اى فحزبي،
والتعبيد: التذليل،
طريق معبد: مذلل.
و اعبده: اتخذة عبدا،
واعبدنى فلانى فلانا: ملكنى اياه،
والتعبيد: الاستعباد،
وهو ان تتخذة عبدا،
وايضا الاعتباد.
و العبادة: الطاعة،
وهي ابلغ من العبودية؛
لانها غايه التذلل،
لا يستحقها الا من له غايه الافضال،
وهو الله تعالى.
و العباده ضربان:
ضرب بالتسخير كما فالسجود لادم،
وضرب بالاختيار،
وهو لذى النطق،
وهو المامور فيه فقوله: {اعبدوا ربكم} [البقرة: من الاية21].
ب – و اصطلاحا:
فعل المكلف على خلاف نفسه؛
تعظيما لربه(11).
ذلك التعريف تعريف عام للعبادة،
فهو يشمل جميع عمل يقوم فيه العبد طالبا رضوان الله تعالى – كما بينا سابقا.
اما العباده – بالمعني الفقهى المحدد – فهي: الاعمال الخاصة،
التى كلف العبد بالقيام بها؛
تحقيقا للعبوديه لله.
و هي ما يعبر عنه بالشعائر التعبدية،
كالاركان الخمسة،
وما يلحق بها(12).
ج – اما المعاملات لغة:
فهي جمع معاملة،
والمعامله لغة: التصرف مع الغير فبيع و نحوه(13).
د – و فالاصطلاح: الاحكام الشرعيه المتعلقه بامر الدنيا،
كالبيع و الاجارة(14).
و فالموسوعه العربية الميسرة: المعاملات: ما عدا العبادات من احكام الفقة الاسلامي،
وتشمل: حقوق الاسرة،
والارث،
والوصية،
والهبة،
والتصرفات المالية،
والمرافعات الشرعية،
والجنايات،
وعقوباتها.
و ربما تطلق فقط على التصرفات المالية،
بما بها من: عقود،
وقواعد عامة،
وعلي المعني الاول سارت كتب الفقة القديمة،
ويلتقى المعني الثاني مع منهج الشريعه فكليات الحقوق(15).
4 – مجمل الالتزامات الشرعيه فمجال العبادات
يعتبر المسلم باعلانة الشهادتين ملتزما باحكام الاسلام و تكاليفه.
جاء فمسلم الثبوت:
الاسلام: التزام حقيقة ما جاء فيه النبى صلى الله عليه و سلم(16).
و الفقهاء عبروا فالتصرفات الناشئه عن اراده الانسان بانها التزام،
اما ما كان بغير ارادتة فالتعبير بها بالالزام او اللزوم،
ذلك ان الالتزام الحقيقي هو ما اوجبة الانسان على نفسه،
والتزم به؛
الا اذا اعتبرنا هذي الالتزامات حكما،
وبذلك ممكن رد مصادر جميع الالتزامات الى الشرع،
فالشرع هو الذي رسم حدودا لكل التصرفات ما يصح منها و ما لا يصح،
ورتب عليها احكامها(17).
ويمكننا ان نحصر العبادات فيما يلي:
الصلوات المشحلوه بانواعها – سواء كانت فريضه ام نافلة-،
وشروطها،
وسوابقها،
ولواحقها،
ويدخل فذلك ابواب الطهارات كلها،
كالوضوء،
والغسل،
والتيمم،
والمسح على الجبائر و السواتر،
وقضاء الحاجة،
والحيض و النفاس،
وما يلحقهما من الاحكام،
واحكام المياة و الاواني.
كما يدخل فذلك صلاه الجنازة،
ومقدماتها من غسل الميت و تطهيره،
وما يستتبعة من الكفن و الدفع و التعزية.
و لواحق الصلاة كالاذكار و الادعية المشحلوه عقب الصلوات.
و منها: الزكاه و توابعها من الصدقات،
والحج،
والعمرة،
والزيارات المشروعة،
والجهاد،
وما يتعلق فيه من احكام،
والعتق بانواعه،
والضحايا و الهدى،
واحكامها،
والنذور،
والايمان،
والكفارات بانواعها،
وسائر اعمال البر،
وما يتعلق بها(18).
وقد قسم بعض العلماء العبادات الى: عبادات بدنية،
وعبادات ما لية،
وعبادات جامعة.
اما العبادات البدنية: فقسمها الى عبادات قلبية،
وعبادات فكرية،
وعبادات جسدية.
فمن العبادات القلبية:
التصديق بوجود الله،
والايمان بقدرته،
وعلمه،
والاخلاص له،
والتوكل عليه،
والمحبه له،
والمحبه فيه،
والنيه الصالحة،
واجتناب الرياء و العجب و الكبر..
الي غير هذا من اعمال القلوب.
ومن العبادات الفكرية:
التفكير فصفات الله،
واسمائه،
والنظر فعظيم مخلوقاتة و عجائب صنعه،
وتدبر القران الكريم،
وهي المشار اليها فعديد من الايات القرانيه المخاطبه للعقل،
كقوله تعالى: {ويريكم اياتة لعلكم تعقلون} [البقرة: من الاية73]،
{ولة اختلاف الليل و النهار افلا تعقلون} [المؤمنون: من الاية80)].
ومن العبادات الجسدية:
العبادات التي تتعلق بجوارح الانسان و حواسة جميعها،
كاللسان،
واليدين،
والرجلين،
والسمع،
والبصر،
والذوق،
والشم،
واللمس،
وهكذا…
فمن عبادات اللسان: النطق بالشهادتين،
وتلاوه القران،
وذكر الله،
والامر بالمعروف،
والنهى عن المنكر،
والصدق،
واجتناب الكذب،
والغيبه و النميمة،
وشهاده الزور.
و من عبادات اليدين: حركاتها فالصلاة،
والاخذ باليمين،
والبطش فمرضاه الله.
و من عبادات الرجلين: الوقوف فالصلاة،
والمشي الى المساجد،
والغدو و الرواح فسبيل الله..
و من عبادات السمع: الانصات الى تلاوه القران،
وسماع الخير،
والكف عن سماع الشر،
والغيبة،
والغناء المحرم،
والمعازف..
و من عبادات البصر: النظر الى الكعبة،
وفى المصحف،
وكف النظر عن المحرمات،
والعورات.
و من عبادات الذوق و الطعام: سحور الصائم،
وافطاره،
وتناول الاكل و الشراب المباح،
واجتناب المحرم منه.
و من عبادات الشم: التمتع بالروائح الطيبه المباحة،
وكف الشم عن الحرام،
كالطيب للمحرم،
وطيب المرأة الاجنبية.
و من عبادات اللمس: استلام الحجر الاسود،
والركن اليماني،
واجتناب لمس المرأة الاجنبية،
وهكذا… الى غير هذا من عبادات لا تخفي على ناظر،
وترجع الى نوع من هذي الانواع(19).
ب – اما العبادات المالية:
فهي اعمال الانسان،
وتصرفاتة الشرعيه المتعلقه بماله،
من حيث الكسب و الانفاق،
والجمع و الادخار… و هكذا.
فمن ذلك: زكاتة الواجبة،
وصدقاتة النافلة،
وبيعة و شراؤة على الكيفية الشرعية،
واجتناب الربا و الدخل الحرام..
وانفاقة على نفسة و عيالة و رحمه،
وكل تصرف يدخل فاطار قسم المعاملات فالاصطلاح الفقهى كالاجاره و الرهن،
والسلم..
مما يعرف فمحالة من كتب الفقه.
ج – اما العبادات الجامعة:
فهي العبادات المتعلقه باكثر من جهه من جهات العبد،
كجسده،
ومالة و فكره،
وقلبه… و من ذلك: الحج،
والجهاد،
وبر الوالدين.
فالحج: عباده جامعة تتعلق بقلب الحاج من حيث النيه و القصد،
كما تعلق بجسدة و جوارحة من حيث الاعمال و المناسك،
من تلبيه و طواف و سعي،
ورمي،
ووقوف،
وتحلل،
كما تتعلق بماله،
من حيث: الانفاق،
والهدي،
والصدقات،
وايضا الجهاد بمعناة العام و هو: بذل الجهد فسبيل الله عز و جل.
فهو: عباده جامعة،
تتعلق بقلب العبد،
من حيث النية،
وتحديث النفس بالغزو..
كما تتعلق بجسدة و جوارحة فالتحرك بالدعوة،
وخوض ميادين القتال،
والامر بالمعروف و النهى عن المنكر،
كما تتعلق بمالة من حيث الانفاق فيه..
وهكذا(20).
5 – مدي تاثير الاهله و المواقيت من الالتزامات الشرعيه فمجال العبادات من حيث الاداء و القضاء و الاسباب الشرعيه لذلك
ا – يتفق الاصوليون على تقسيم العبادات الى مؤقتة،
وغير مؤقتة،
والمراد بالمؤقتة: ما جعل لها الشارع و قتا محدد الطرفين،
سواء كان موسعا ام مضيقا.
والموسع: ما يزيد على مقدار ما يسع العبادة،
كزمان الصلوات و سننها،
والضحى،
والعيدين و المضيق: ما كان بمقدار العبادة: كزمان صوم رمضان،
وايام البيض(21).
و المراد بغير المؤقتة: ما لم يجعل لها الشارع و قتا محدد الطرفين،
وذلك كالجهاد،
والامر بالمعروف،
والنهى عن المنكر،
والذكر المطلق،
واداء الكفارات،
وانقاذ الغريق،
ونحوه،
واذا كانت بعض هذي المذكورات تطلب عند وجود مقتضياتها،
فان هذا لا يجعلها من المؤقتات؛
لان طلبها فذلك الوقت لمصلحه فالمطلوب،
الذى حدث ما يقتضية فذلك الوقت،
او فغيره،
فلو لم يخرج المنكر – مثلا – فذلك الوقت،
لما تعين هذا الوقت لانكاره،
اما المؤقتات شرعا: فالحكمه فالوقت لامر تعبدي،
قد لا ندركه،
ويتفقون كذلك على ان العباده المؤقته اذا فعلت فو قتها كان فعلها اداء،
سواء كانت فرضا ام نفلا.
وعلي ان العباده المؤقته الواجبة اذا فعلت بعد خروج و قتها كان هذا قضاء(22)،
فان كانت العباده محدده بوقت له طرفان – سواء اكان الوقت موسعا،
كوقت الصلاة،
ام كان مضيقا،
كرمضان فانه يجب اداؤها فالوقت المحدد،
ولا يجوز ان تتقدم عليه،
ولا ان تتاخر،
الا لعذر؛
لانها تفوت بفوات الوقت المحدد دون اداء،
وتتعلق بالذمه الى ان تقضى،
ولا خلاف بين الفقهاء فتحديد الوقت الذي يجب به الاداء فيما كان و قتة مضيقا؛
لان الوقت كله مشغول بالعبادة،
وليس به زمن فارغ منها،
الا انهم يختلفون فتعيين النيه لصحة الاداء،
فعند الحنفيه يكفى مطلق النية؛
لان الوقت لما كان معيارا فلا يصلح لعمل احدث من جنسه،
وعند الجمهور لا بد من التعيين،
فان لم يعين لم يجزه(23).
اما ما كان و قتة موسعا فقد اختلف الفقهاء فتحديد الجزء الذي يتعلق فيه و جوب الاداء،
فعند الجمهور هو الكل،
لا جزء منه؛
لان الامر يقتضى ايقاع الفعل فاى جزء من اجزاء الوقت؛
لقول النبى صلى الله عليه و سلم: “الوقت ما بين هذين”(24).
وهو يتناول كل اجزائه؛
وليس تعيين بعض الاجزاء لوجوب الاداء باولي من تعيين البعض الاخر،
الا ان الاداء يجب فاول الوقت مع الامكان،
وقيل: يستحب؛
لقول النبى صلى الله عليه و سلم: “اول الوقت رضوان الله،
واخرة عفو الله”(25).
ويجوز التاخير الى احدث الوقت المختار؛
لان عدم جواز التاخير به ضيق على الناس،
فسمح لهم بالتاخير،
وعند الحنابله و بعض الشافعية: يجوز التاخير،
لكن مع العزم على الفعل،
فان لم يعزم اثم.
وان ظن المكلف انه لا يعيش الى احدث الوقت الموسع تضيق عليه الوقت،
وحرم عليه التاخير؛
اعتبارا بظنه،
فان اخرة و ما ت عصي اتفاقا،
فان لم يمت – بل عاش – و فعل فاخر الوقت،
فهو قضاء عند القاضى ابي بكر الباقلاني،
اداء عند الجمهور؛
لصدق تعريف الاداء عليه،
ولا عبره بالظن البين خطاه(26).
وعند المحققين من الحنفية: وقت الاداء: هو الجزء الذي يقع به الفعل،
وان الصلاة لا تجب فاول الوقت على التعيين،
وانما تجب فجزء من الوقت غير معين،
وانما التعيين الى المصلى من حيث الفعل،
حتي انه اذا شرع فاول الوقت يجب فذلك الوقت،
وكذا اذا شرع فو سطه،
او اخره،
ومتي لم يعين حتي بقى من الوقت مقدار ما يصلي به اربعا – و هو مقيم – يجب عليه تعيين هذا الوقت للاداء فعلا،
وياثم بترك التعيين.
وقال بعض الحنفيه العراقيين: ان و جوب الاداء يتعلق باخر الوقت،
فعلي ذلك ان قدمة بعدها زالت اهليتة قبل احدث الوقت فالمؤدي نفل،
وقال بعض اصحاب الشافعي: ان الوجوب يتعلق باول الوقت،
فان اخرة فهو قضاء.
و كلا الفريقين ممن ينكرون التوسع فالوجوب(27).
ب – و مما قررة الاصوليون ايضا: ان الوقت ربما يصبح سببا(28) للحكم و خصوصا فالعبادات،
فقد يصبح الوقت سببا للوجوب،
كشهر رمضان،
فانة اسباب لوجوب الصوم،
والزوال و الغروب فانهما،
سببان لوجوب الصلاة،
فالزوال اسباب لوجوب صلاه الظهر،
وغروب الشمس اسباب لوجوب صلاه المغرب(29)،
وايام الاضاحى الثلاثه او الاربعه – على الخلاف بين العلماء – فانها اسباب للامر بالاضحية(30)،
وغروب الشمس احدث ايام رمضان الى غروب الشمس يوم الفطر،
فانة اسباب لوجوب زكاه الفطر عند بعض العلماء(31).
وقد و رد فالقران الكريم جعلة سببا للصلاة،
وذلك بتعليق الصلاة به،
كما قال الله تعالى: {اقم الصلاة لدلوك الشمس} [الاسراء: من الاية78]،
واضافتها الية فمثل قولنا: صلاه الظهر،
وصلاه الفجر،
ومطلق الاضافه يدل على الاختصاص الكامل،
والاختصاص الكامل يصبح بالسببية،
واضافه الصلوات الى الاوقات من قبيل الاختصاص الكامل،
فتكون داله على السببية،
ومما يدل كذلك على كون الوقت سببا لوجوب الصلاة: تغيرها بتغيره،
صحة،
وكراهة،
وفسادا،
وتجدد و جوبها بتجدده،
وبطلان تقديمها عليه.
فانه لو كان الوقت شرطا لا سببا لصح تقديمها عليه؛
اذ التقديم على شرط و جوب الاداء صحيح،
كالزكاه قبل الحول،
ويحقق كون الوقت سببا للوجوب: “ان الوقت ان لم يكن مؤثرا فذاته،
بل يجعل الله تعالى،
بمعني انه تعالى رتب الاحكام على امور ظاهره تيسيرا،
كالملك على الشراء،
الي غير ذلك،
فتكون الاحكام بالنسبة الينا مضافه الى هذي الامور(32).
واذا كان الوقت سببا للحكم فهو يصبح ظرفا لايقاع ذلك الحكم المكلف به،
لكن ربما يصبح الوقت ازيد من فعل المكلف به،
بحيث يسع الفعل مرارا،
ويعرف ذلك الفعل بالواجب الموسع،
ويسمي الايجاب المتعلق بهذا الفعل بالوجوب الموسع؛
وذلك كالوقت بالنسبة للصلاة،
وايام الاضاحى بالنسبة لها،
وغروب الشمس احدث ايام رمضان،
الي غروب الشمس يوم الفطر،
بالنسبة لوجوب زكاه الفطر عند بعض العلماء.
وقد يصبح الوقت ليس ازيد من فعل المكلف به،
بحيث لا يسع الفعل مرارا،
ويعرف ذلك الفعل بالواجب المضيق،
ويسمي بالايجاب المتعلق بهذا الفعل بالوجوب المضيق،
وذلك ككل يوم من ايام رمضان – بالنسبة لمن استقبله-،
فان الاسباب =ليس هو جميع الوقت،
بل بعضه(33).
مما سبق يتبين اهمية معرفه الاهله و المواقيت لايقاع العباده صحيحة و فق اسبابها و شروطها الشرعية،
سواء اكانت مؤداه فو قتها ام مقضية.
و ربما و ردت نصوص كثيرة عن السلف تبين اهمية الاهله و المواقيت فالعبادة،
من ذلك: ما اوردة الطبرى و غيرة فتفسير قوله تعالى: {يسالونك عن الاهله قل هي مواقيت للناس و الحج} [البقرة: من الاية189].
عن قتاده قوله: “يسالونك عن الاهلة،
قل: هي مواقيت للناس” قال قتادة: سالوا نبى الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك: لم جعلت هذي الاهلة؟
فانزل الله بها ما تسمعون “هى مواقيت للناس” فجعلها لصوم المسلمين،
ولافطارهم،
ولمناسكهم،
وحجهم،
ولعده نسائهم،
ومحل دينهم،
فى اشياء.
والله اعلم بما يصلح خلقه،
وعن الربيع،
قال: ذكر لنا انهم قالوا للنبى صلى الله عليه و سلم: لم خلقت الاهلة؟
فانزل الله تعالى “يسالونك عن الاهلة،
قل هي مواقيت للناس و الحج” جعلها الله مواقيت لصوم المسلمين،
وافطارهم،
ولحجهم،
ومناسكهم،
وعده نسائهم،
وحل ديونهم.
وعن قتاده كذلك فقوله: “مواقيت للناس و الحج” قال: هي مواقيت للناس فحجهم،
وصومهم و فطرهم،
ونسكهم.
و عن ابن جريج قال: قال الناس: لم خلقت الاهلة؟
فنزلت “يسالونك عن الاهلة،
قل: هي مواقيت للناس” لصومهم،
وافطارهم،
وحجهم،
ومناسكهم.
قال: قال ابن عباس: و وقت حجهم،
وعده نسائهم،
وحل دينهم.
و عن السدى “يسالونك عن الاهلة؟
قل: هي مواقيت للناس” فهي مواقيت الطلاق،
والحيض،
وعده نسائهم(34).
وقال التقى السبكى رحمة الله: و المواقيت التي تحتاج الى الهلال ميقات صلاه العيد،
والزكاة،
وصدقة الفطر،
وصيام رمضان،
والفطر منه،
وصيام ايام البيض،
وعاشوراء،
وكراهيه الصوم بعد نص شعبان،
وصيام ست من شوال،
ومعرفه سن شاه الزكاة،
واسنان الابل و البقر فيها،
والاعتكاف فالنذر،
والحج،
والوقوف،
والاضحية،
والعقيقة،
والهدي،
والاجال،
والسلم،
والبلوغ،
والمساقاة،
والاجارة،
واللقطة،
واجل العنة،
والايلاء،
وكفاره الوقاع،
والظهار،
والقتل بالصوم،
والعده فالمتوفى عنها،
وفى الايسة،
والاستبراء،
والرضاع،
ولحقوق النسب،
وكسوه الزوجة،
والديات،
وغير ذلك.
فكان من المهم صرف بعض العنايه الى ذلك،
ومعرفه دخول الشهر شرعا(35).
وقال ابن بدران الحنبلى رحمة الله:
و مما يحتاج الية الفقية و المتفقه: فن الميقات؛
اذ فيه تعرف جهه القبله للصلوات،
وتعرف فيه الاوقات،
وتصحيح الساعات المخترعه لمعرفه الاوقات،
وهذا يعرف بالاصطرلاب(36)،
وللعمل فيه رسائل و كتب كثيرة،
وبالربعين: المجيب و المقنطر(37)،
ولهما كذلك رسائل،
وبالات احدث مشهورة،
وان يعرف من النجوم ما فيه يعرف القبلة،
وكان للفقهاء عناية زائد بهذا،
وهذا موفق الدين المقدسى كان من العارفين بهذا الشان،
وقد ذكر فكتابة “المغني” لمعرفه القبله عده قواعد،
تدل على تمكنة من ذلك الفن،
فاللازم على المتفقة ان لا يهمله(38).
و لاهمية ذلك الامر،
ولشده حرص المسلمين على ضبط اوقات عباداتهم،
وجدنا ان علماء المسلمين كانوا سباقين الى معرفه علوم الفلك و الزيج،
ومعرفه الات رصد الاوقات،
ومتابعة حركة القمر و منازله،
ومدارات الكواكب و مساراتها(39).
6 – امثله تفصيليه لبيان اثر الاهله و المواقيت فالالتزامات الشرعيه فنطاق العبادات
1 – اوقات الصلوات:
تنقسم الصوات الى صلوات لها اوقات معينة من قبل الشارع،
وصلوات ليس لها وقت معين،
وهي النوافل المطلقة.
اما الصلوات التي لها اوقات معينة فهي: الصلوات المفروضة،
والسنن و الرواتب،
والوتر،
وصلاه الضحى،
وصلاه العيدين،
وصلاه الكسوف.
و اصل مشروعيه هذي الاوقات عرف بالكتاب و السنة،
قال تعالى: {فسبحان الله حين تمسون و حين تصبحون * و له الحمد فالسماوات و الارض و عشيا و حين تخرجون} [الروم:17،
18].
قال ابن عباس رضى الله عنهما: “الصلوات الخمس فالقران،
قيل له: اين؟
فقال: قال الله تعالى: “فسبحان الله حين تمسون” صلاه المغرب و العشاء،
“وحين تصبحون” صلاه الفجر،
“وعشيا” العصر،
“وحين تخرجون” الظهر.
وقالة الضحاك،
وسعيد بن جبير(40).
و قال عز من قائل: {اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل و قران الفجر ان قران الفجر كان مشهودا} [الاسراء:78].
وقد بينت السنه المطهره اوقات الصلاة: كحديث امامه جبريل عليه السلام للنبى صلى الله عليه و سلم،
من ذلك: ما جاء عن ابن عباس رضى الله عنهما مرفوعا “امنى جبريل عند المنزل مرتين،
فصلي الظهر فالاولي منهما،
حين كان الفيء كالشراك(41)،
ثم صلى العصر حين كان جميع شيء كظله،
ثم صلى المغرب حين و جبت الشمس و افطر الصائم،
ثم صلى العشاء حين غاب الشفق،
ثم صلى الفجر حين برق الفجر و حرم الاكل على الصائم،
وصلي المره الاخرى الظهر حين كان ظل جميع شيء مثلة لوقت العصر بالامس،
ثم صلى العصر حين كان ظل جميع شيء مثليه،
ثم صلى المغرب و قتة الاول،
ثم صلى العشاء الاخره حين ذهب ثلث الليل،
ثم صلى الصبح حين سفرت الارض،
ثم التفت الى جبريل،
وقال: يا محمد،
هذا وقت الانبياء من قبلك،
والوقت فيما بين هذين الوقتين”(42).
وللفقهاء تفصيل دقيق فتحديد بدايات الاوقات و نهاياتها:
فبداية وقت الفجر – باتفاق الفقهاء – من طلوع الفجر الصادق،
ويسمي الفجر الثاني.
و سمى صادقا؛
لانة بين و جة الصبح و وضحه،
وعلامتة بياض ينتشر فالافق عرضا،
ويميزونة عن الفجر الكاذب،
ويسمي الفجر الاول،
ولا يدخل فيه وقت الصبح،
وعلامتة بياض يخرج طولا،
يطلع و سط السماء،
ثم ينمحى بعد ذلك،
والفرق بين الفجرين مقدر بثلاث درجات.
اما نهاية وقت الصبح فقد اختلف به العلماء،
فجمهور العلماء ذهبوا الى ان الوقت الاختيارى للصبح الى الاسفار،
وبعد الاسفار وقت ضرورة،
وذهب الحنفيه الى ان نهاية الوقت الى قبيل طلوع الشمس(43).
و لا خلاف بين العلماء فان اول وقت الظهر من بعد زوال الشمس عن كبد السماء تجاة الغروب،
ولا يصح اداؤها قبل ذلك.
و يعرف و قوع الزوال بالالات الداله عليه،
وهي كثيرة(44)،
وابسطها العيدان المركوزه فالارض،
وهي ان تغرز خشبه مستقيمه فارض مستوية،
فما دام ظل الخشبه ينقص فالشمس قبل الزوال،
فاذا لم يكن للخشبه ظل،
او تم نقصان الظل،
فالشمس تكون فكبد السماء،
وهو وقت لا تجوز به الصلاة،
فاذا انتقل الظل الى المشرق،
وبدا فالزياده دخل وقت الظهر(45).
و احدث وقت الظهر – عند جمهور الفقهاء – بلوغ ظل الشيء مثله،
سوي ظل الزوال،
وعند ابي حنيفه حين يبلغ ظل الشيء مثليه،
سوي ظل الزوال(46).
و مبدا وقت العصر – عند الجمهور – من حين زياده الظل على المثل سوي ظل الزوال،
وعند ابي حنيفه من حين الزياده على المثلين.
و احدث و قتها الاختيارى – عند الجمهور – ما لم تصفر الشمس،
ثم يبقي وقت الضروره الى غروب الشمس،
وعند ابي حنيفه فوقتها ما لم تغب الشمس،
ثم يبدا وقت المغرب بعد الغروب،
واخر و قتها – عند الجمهور – الى غياب الشفق،
والمشهور عند المالكيه انه لا امتداد له.
و اختلفوا فالشفق،
فالجمهور انه الحمره التي تعقب غروب الشمس،
وعند ابي حنيفه الشفق هو البياض الذي يخرج فالسماء بعد ذهاب الحمرة.
بعدها يبدا وقت العشاء من غياب الشفق،
واخر و قتها الاختيارى عند المالكيه و الحنابله ثلث الليل الاول،
ثم يبقي وقت الضروره الى طلوع الفجر،
وعند الحنفيه و الشافعيه يمتد و قتها الى طلوع الفجر(47).
و هنالك اوقات لا تجوز بها الصلاة،
وثانية تستحب فيها(48).
ويظهر لنا مما مر ان معرفه اوقات الصلوات يتوقف على معرفه منازل الشمس فاليوم و الليلة،
طوال ايام السنة،
لاختلاف منازلها باختلاف الفصول،
فلذا اخترع اسلافنا الالات الرصدية،
ووضعوا جداول للوقوت(49).
اما السنن الرواتب فتؤدي مع الفرائض،
واوقاتها هي اوقات فرائضها،
وسميت بالسنن الراتبة؛
لانها تبع للفرائض،
وفعلها مترتب على فعل الفرائض(50).
اما صلاه الوتر فقد ذهب الامام ابو حنيفه الى ان مبدا و قتها هو بعينة مبدا وقت العشاء،
الا انه لا يصلى الوتر قبل العشاء،
للترتيب اللازم بينهما،
وذلك الصاحبان الى ان مبدا وقت الوتر بعد صلاه العشاء،
وهو مذهب جمهور العلماء.
و يخرج اثر الخلاف بين ابي حنيفه و الجمهور فيما اذا صلى العشاء بغير و ضوء ناسيا،
ثم توضا و صلى الوتر،
ثم تذكر انه صلى العشاء بغير و ضوء،
فعند الجمهور انه يعيد العشاء؛
لانة صلاها من غير طهارة،
ويعيد الوتر؛
لانة صلاه فغير و قته.
اما عند ابي حنيفة: فانه لا يعيد الوتر؛
لانة صلاة فو قتة بطهارة(51).
و يعضد مذهب الجمهور قوله صلى الله عليه و سلم: “ان الله زادكم صلاة،
فصلوها فيما بين العشاء الى صلاه الصبح: الوتر،
الوتر”(52).
و كلمه “بين” فالحديث تدل على ان الوتر بعد العشاء – و الله اعلم-(53).
اما صلاتا التراويح و التهجد: فوقتها من بعد صلاه العشاء الى طلوع الفجر،
وقال بعض الحنفية: و قتهما ما بين العشاء و الوتر(54).
اما صلاه الضحى: فوقتها من شروق الشمس و ارتفاعها قدر رمح الى الزوال،
واروع و قتها اذا مضي ربع النهار(55)؛
لقول النبى صلى الله عليه و سلم: “صلاه الاوابين حين ترمض الفصال”(56).
اما صلاه العيدين: فوقتها وقت صلاه الضحى.
ويسن تعجيل الاضحي فاول و قتها،
بحيث يوافق الحجاج بمني فذبحهم،
وتاخير صلاه الفطر عن اول و قتها قليلا؛
لما روي الشافعى مرسلا: “ان النبى صلى الله عليه و سلم كتب الى عمرو بن حزم – و هو بنجران-: ان عجل الاضحى،
واخر الفطر،
وذكر الناس”(57)،
ولانة يتسع بذلك وقت الاضحية،
ووقت صدقة الفطر.
واذا لم يعلم قوم بالعيد الا بعد زوال الشمس من يوم العيد،
او غم الهلال على الناس،
فشهدوا عن الامام برؤية الهلال بعد الزوال،
او حصل عذر ما نع كمطر شديد،
ففى جواز العيد فاليوم الاتي رايان:
فعند جمهور العلماء تصلي فاليوم الاتي؛
لما روي ابو عمير بن انس عن عمومه له من اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: غم علينا هلال شوال،
فاصبحنا صياما،
فجاء ركب فاخر النهار،
فشهدوا انهم راوا الهلال بالامس،
فامر النبى صلى الله عليه و سلم الناس ان يفطروا من يومهم،
وان يظهروا غدا لعيدهم”(58).
اما المالكيه فقد قالوا: انها لا تصلي بعد فوات و قتها؛
لان النوافل لا تقضى.
والذى يخرج لى فهذه المساله – و الله اعلم – ان مذهب الجمهور ارجح؛
لصحة الدليل الذي استندوا اليه.
قال الخطيب البغدادي: سنه النبى صلى الله عليه و سلم اولي ان تتبع(59).
اما صلاه الكسوف،
ويقصد بالكسوف ذهاب ضوء الشمس او القمر،
والغالب ان يطلق على الاول كسوفا،
وعلي الثاني خسوفا،
فوقتها وقت حدوث الكسوف او الخسوف،
ويطيلون القراءه بها الى ان تنجلى الظاهرة.
و لم يجوز جمهور العلماء فعلها فاوقات النهي؛
لانها نافلة،
والنافله لا يجوز فعلها فهذا الوقت.
و ذهب الشافعيه الى جواز فعلها فجميع الاوقات،
لكونها صلاه ذات اسباب سابق،
وكل صلاه لها اسباب سابق يجوز فعلها فاوقات النهي،
ويؤيد راى الجمهور ما رواة قتادة.
قال: “انكسفت الشمس بعد العصر بمكة،
فقاموا يدعون قياما،
فسالت عن ذلك،
فقالوا: كذا كانوا يصنعون”(60).
و تفوت صلاه الكسوف بفوات و قتها و لا تقضى(61)؛
لقوله صلى الله عليه و سلم: “فصلوا حتي ينجلي”(62).
2 – جهه القبلة:
وسميت قبله لاقبال الناس عليها؛
قال تعالى: {فول و جهك شطر المسجد الحرام} [البقرة: من الاية149].
اتفق الفقهاء على انه لا تصح الصلاة بدون استقبال القبلة،
الا لعاجز عن استقبالها،
كمربوط،
ومصلوب لغير القبلة،
وعند اشتداد الحرب،
او متنقل فسفر مباح”(63).
و يجب على المسلم المكلف تعلم ادله القبلة،
لحاجتة اليها،
ويجوز له تعلمها حتي من كافر(64).
و ادله معرفه القبله كثيرة،
منها:
ا – النجوم،
واهمها النجم القطبي؛
لانة نجم ثابت،
وهو نجم شمالي،
حولة انجم دائره عليه كفراشه الرحى،
فى احد طرفيها الجدي،
وفى الاخر الفرقدان.
و ممكن فيه معرفه الجهات الاربع،
وبذلك ممكن معرفه القبله – و لو على سبيل التقريب-،
وتختلف قبله البلاد بالنسبة الية اختلافا كبيرا(65).
ب – الشمس و القمر و منازلهما
و ممكن التعرف من خلالهما على الجهات الاربع،
وخصوصا فايام الربيع و الخريف بالنسبة للشمس،
واستكمال البدر به بالنسبة للقمر،
وفى كتب الفقة المبسوطه تفصيل فذلك(66).
ج – اتجاة الرياح
و اصولها اربعة:
الشمال – بفتح الشين – و محل هبوبها نقطه الشمال تحت القطب،
وتقابلها الجنوب – بفتح الجيم -،
ومحل هبوبها نقطه الجنوب قباله القطب،
والصبا – بفتح الصاد -،
ويقال لها: الشرقية،
ومحل هبوبها نقطه المشرق،
وتقابلها الدبور – بفتح الدال-،
ويقال: لها الغربية،
ومحل هبوبها نقطه المغرب.
و جميع ريح انحرفت عن هذي الرياح الاصول فهي فرع،
ويقال لها نكباء – بفتح النون – و هي ثمانيه ارياح،
بين جميع اصلين فرعان منها.
و معرفه اتجاة الرياح اضعف ادله القبلة(67).
د – الحساب
و هو احسن ادله القبله عند الفلكيين،
ويستدل على اتجاة القبله بالحساب عن طريق معرفه خطوط الطول و خطوط العرض،
وموقع مكه بالنسبة لها(68).
و يعتمد – اليوم – الفلكيون كيفية الحساب باستعمال الات دقيقه لمعرفه جهه القبلة،
وبناء على هذا اخترعوا الات رصديه جديدة،
تبين جهه القبله بدقة.
ة – الابره المغناطيسية
من الاستقراء المفيد لليقين تبين انها تحدد جهه الشمال – تقريبا-،
وبذلك تعرف الجهات الاربع و تحدد القبلة(69).
كما يعتمد الفقهاء،
ادله ثانية لمعرفه القبلة،
كمحاريب المسلمين القديمة المتواترة،
وكاخبار الثقه العالم بادله القبلة.
و احسن الادله عند الفقهاء لمعرفه القبلة: خبر المخبر عن يقين – و خصوصا خبر العدد العديد البالغ حد التواتر-،
ثم رؤية المحاريب،
فانها كالخبر،
ثم رؤية القطب،
ثم الاجتهاد(70).
و يتبين لنا مما عرضنا من كلام الفقهاء: ان معرفه جهه القبله يتوقف – بشكل كبير – على معرفه منازل الشمس و القمر،
ولذا نجد ان علماءنا الافذاذ ربما و ضعوا جداول حسابيه دقيقه لذلك(71).
3 – بداية الشهور
تحديد بداية الشهور – و نعنى فيها الشهور الهلالية – له اهمية كبار بالنسبة للمسلم،
حيث يتوقف على هذا العديد من العبادات،
من هذا الصيام،
وصلاه العيد،
وزكاه الفطر،
والزكاة،
والحج،
والنذور،
والكفارات،
وغير هذا كثير.
و لذا نري ان فقهاءنا و علماءنا ربما اهتموا اهتماما كبيرا ببيان منازل القمر،
وطريقة تحديد بدايات الشهور.
و الاصل فمعرفه دخول الشهر رؤية الهلال،
واختلف الفقهاء فالحساب الفلكي.
و رؤية الهلال تكون بالعين،
وقد حث الشارع على تحرى رؤية الهلال من هذا قوله صلى الله عليه و سلم: “صوموا لرؤيته،
وافطروا لرؤيته”(72).
و عن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما “تراءي الناس الهلال،
فاخبرت فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم فصام،
وامر الناس بصيامه”(73).
قال الحنفيه و الشافعية: ان التماس رؤية الهلال و اجب كفائي،
وذهب الحنابله الى استحبابه(74)،
والقول الاول هو الموافق للقواعد الشرعيه العامة.
و يثبت دخول اي شهر برؤية هلاله،
او باكمال عده الشهر الذي قبلة ثلاثين يوما؛
لقوله صلى الله عليه و سلم: “صوموا لرؤيته،
وافطروا لرؤيته،
فان حال بينكم و بينة سحابة،
فاكملوا العدة،
ولا تستقبلوا الشهر استقبالا”(75).
قال العلماء: معني هذا لا تستقبلوا رمضان بصيام على نيه الاحتياط لرمضان(76)،
واشترط جمهور العلماء رؤية عدلين لاثبات دخول اي شهر من الشهور بالجملة،
واختلفوا فبعض التفصيلات.
اما الحنفية: فقد اشترطوا فحالة الصحو رؤية جماعة تحصل بهم الاستفاضة،
وللمالكيه قول ايضا – و لكن دون تفصيل-،
ولم يتعرض الشافعيه و الحنابله لذلك.
اما بالنسبة لهلال رمضان: فذهب جمهور العلماء الى ثبوت الشهر برؤية عدل واحد،
لما ثبت عن ابن عمر رضى الله عنهما “تراءي الناس الهلال،
فاخبرت النبى صلى الله عليه و سلم انني رايتة فصامه،
وامر الناس بصيامه”(77).
و جاء عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال “جاء اعرابي الى النبى صلى الله عليه و سلم فقال: انني رايت الهلال – يعني رمضان – قال: اتشهد ان لا الة الا الله؟
اتشهد ان محمدا رسول الله؟
قال: نعم.
قال: يا بلال،
اذن فالناس ان يصوموا غدا”(78).
و قيد الحنفيه اعتبار رؤية عدل واحد بكون السماء غير مصحية،
بان يصبح بها عله من غيم او غبار.
ومذهب المالكيه – و هو قول للشافعيه -: ان شهر رمضان لا يثبت الا برؤية عدلين – كبقيه الشهور-،
لما و رد عن الحارث بن حاطب انه قال: “عهد الينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ان ننسك للرؤية،
فان لم نرة و شهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما”(79).
و الاخبار برؤية هلال رمضان متردد بين كونة روايه او شهادة،
فمن اعتبرة روايه – و هم الجمهور – قبل به قول المراة.
ومن اعتبرة شهاده – و هم المالكية،
وهو الاصح عند الشافعيه – لم يقبل به قول المراة(80).
اما اثبات دخول الشهر بالحساب فلم يعتبرة جمهور العلماء،
لقول النبى صلى الله عليه و سلم: “لا تصوموا حتي تروا الهلال،
ولا تفطروا حتي تروه،
فان غم عليكم فاقدروا له”(81).
و لقول النبى صلى الله عليه و سلم: “انا امه امية،
لا نحسب،
ولا نكتب”(82).
و ذهب بعض العلماء الى اعتبار الحساب لاثبات دخول الشهر،
والمساله تحتاج الى بحث مفصل لعرض ادله جميع فريق(83).
7 – اهتمام السلف بعلم الفلك:
مما سبق عرضة فاثناء البحث تبين لنا مدي ارتباط العبادات بالاهله و المواقيت،
لذا اهتم المسلمون بعلم الفلك اهتماما عظيما،
وخلصوة من الخرافات التي كانت تلصقها فيه العامة،
وبعدين عن استخدامة فمعرفه المستقبل؛
لان ذلك محرم فشريعتهم،
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: “اخاف على امتى بعدى خصلتين: تكذيبا بالقدر،
وتصديقا بالنجوم”(84).
فان و جد من تكلم فهذا الشان منهم فهم قوم من الدجالين،
الذين لا تخلو الامم من امثالهم،
ولئن راجت كتب هؤلاء الدجالين فهذه الايام فهو من الانحطاط الذي اصاب المسلمين فاخلاقهم و اصولهم،
اما علماؤهم الاولون فكانوا لا يستعملون الفلك الا لمنافعة الطبيعية الحقة،
و لذا اهتموا باقامه المراصد للكواكب،
فى بغداد،
ودمشق،
ومصر،
والاندلس،
ومراغة،
وسمرقند.
وكان المشير الاول لحركة الرصد بالالات هو المامون،
فانة لما نقل له كتاب المجسطى تاليف بطليموس تاقت نفسة الى احتذاء مثالة فرصد الكواكب بالالات،
فامر باتخاذ الالات ففعلوا،
وتولي الرصد فيها فبغداد،
وجبل قاسيون بدمشق،
سنه (264).
و لما توفى المامون و قفوا عن العمل،
وسجلوا ما كانوا و صلوا اليه،
وسموة الرصد الماموني،
وكان الذين تولوا ذلك: يحيي بن ابي منصور – كبير علماء الفلك اذ ذاك – و خالد المروزي،
وسند بن علي،
والعباس الجوهري،
فالف جميع منهم زيجا منسوبا اليه.
بعدها بني بنو شاكر مرصدا فبغداد على طرف الجسر عند اتصالة بالطاق،
فرصدوا الكواكب فيه،
واستخرجوا حساب العروض الاكبر من عروض القمر.
و بني شرف الدوله بن عضد الدوله رصدا فطرف بستان دار المملكه فاواسط القرن الرابع للهجرة،
فرصد به الكواكب السبعة: ابو سهل الكوهي.
وانشئ فمصر – فعهد الفاطميين – مرصد على جبل المقطم،
عرف بالمرصد الحاكمي،
نسبة الى الحاكم بامر الله المتوفي سنه (411ه).
وفى استخرج ابن يونس الزيج الحاكمي،
ثم اعيد بناء ذلك المرصد فايام الاروع بن امير الجويشى المتوفي سنه (515ه)،
وانشا بنو الاعلم ببغداد سنه 425ة مرصدا عرف باسمهم،
ولما نبغ نصر الدين الطوسى بني مرصدا فالمراغه بالتركستان سنه 857ه،
انفق عليه الاموال الطائلة.
بعدها بني تيمور لنك مرصدا فسمقرقند،
وبني غيرة مراصد ثانية فمصر،
والاندلس،
واصبهان.
فاشتغل المسلمون فهذه المراصد،
فوضعوا الازياج المضبوطه – ما بين مختصرة و مطولة،
وكان اطولها الزيج الحاكمى الذي و ضعة ابن يونس فاربعه مجلدات،
وكان عليه التعويل لمدة مديدة.
ومن اشهر الازياج: زيج الغزارى – صاحب المقصورة-،
وازياج الخوارزمي،
وابي حنيفه الدينوري،
وابي معشر البلخي،
وابي السمح الغرناطي،
وابي حماد الاندلسي،
ونصير الدين الطوسي،
وابن الشاطر الانصاري،
وغيرهم(85).
6 – تلخيص البحث و نتائجه
(1) كان اول امر قمنا به: هو تعريف المبحوث فيه،
وهو الاهله و المواقيت؛
لان الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
(2) بعدها بينا حقيقة الالتزام،
بانة الزام الشخص نفسة ما لم يكن لازما،
ثم بينا مرادفاته: كالعهد،
والوعد،
والعقد… الخ.
(3) بعدها حاولنا التمييز بين مفهوم العبادات و المعاملات،
ومظاهر هذا فالفقة الاسلامي،
ونقلنا فذلك كلاما قيما للعز بن عبدالسلام.
(4) بعدها بينا مجمل الالتزامات الشرعيه فمجال العبادات،
وقسمناها الى عبادات: بدنية،
ومالية،
وجامعة،
وقسمنا البدنيه الى قلبيه و فكريه و جسدية.
(5) بعدها بينا مفهوم الاداء و القضاء،
وسببيه الوقت للاحكام،
واهتمام المسلمين بعلوم الفلك،
مع هذا امثله تفصيليه توضح القضايا الاجمالية.
و ربما تبين لنا من جميع هذا اهمية دراسه الاهله و المواقيت،
وضروره الاهتمام بها،
وضبط جداولها و مواعيدها،
حتي يستطيع المسلم ان يؤدى عبادتة على بصيرة،
ولا يقع فحرج،
لما يراة من اختلاف و نزاع بين المسلمين فتحديد اوائل الشهور،
او مواقيت بعض العبادات.
فنسال الله الرشاد،
وان يجمعنا على الهدى،
والحمد لله اولا و اخرا.
- الرقية الشرعية و اوقاتها
- اشتكت زوجة احد الانصار انه لايقوم لصلاة الفجر الا بعد شروق الشمس
- المواقيت الشرعية لقضاء المدينة