تردد تعهد تهدج

تهدج تعهد تردد 20160907 1444

——————————————————————————–

” حوش فتيات و د العمدة ” روايه عن الحب و الكراهيه .
.الخوف و الفشل و العنصريه .
.
وبعض المسكوت عنه .
.

للكاتبة سناء جعفر

الفصل الاول

انطلقت الزغروده عاليه مجلجله بجرس موسيقى صاف و شقت عنان سماء اختلطت بها الوان السحب ما بين الابيض الناصع و الرمادى المتدرج و طغي عليها لون احتضار الشمس بزفيرها النارى و هي تغيب ببطء خلف الافق المتاهب لغزو الظلام … تتالت الزغاريد التي كانت تبدا بعنفوان متحمس منساب بعدها تنخفض برنات متفاوته فالطول و النعومه …


و ضجت سماء (حى ابوروف ) بالاصوات التي اعتادتها طيله الشهرين الماضيين .
.


فالفضاء ارتفعت اعمدة دخان باهت ترافقها رائحه ” الشاف ” المحترق و ابخره الشحم المخلوط بالقرنفل و اعواد الصندل … قطع مزيج الروائح النفاذه الشارع الاسفلتى الضيق الذي يفصل بيت =حامد الامين عن النيل و توغل حتي وصل الى القوارب الصغيرة التي كانت تتهادي فرحله عودتها من صيد موفق … تبادل المراكبية ابتسامات متواطئه عندما سمعوا رنات الفرح الصادحه المصحوبه بمزيج الروائح المغريه و هي تستفز خياشيمهم التي ادمنت رائحه البحر و السمك … ظهرت علامات الانتشاء فالوجوة الكالحه … و صرخ احدهم مناديا الاخر …

– بختك يا و راق … ما شي حوش و د العمدة محل الريحه السمحه و الوشوش السمحة…


ارتفعت الضحكات و تبادل الجميع الهمهمات المازحه و هم ينظرون الى مركب و راق الصغير بحسد … و نادي صوت احدث …

– و الله سمح العرس عند فتيات و د العمدة … الا هي الحفله متين ؟
؟؟

رد و راق بفتور و هو يوجة قاربة الصغير نحو الشاطئ .
.
وارتج جسدة النحيل قليلا عندما اصطدمت المقدمه بالضفه الرمليه :

– العرس الاسبوع الجاي


حمل كيس الخيش الممتلئ بالاسماك .
.
وبخطوات خفيفه حافيه قطع الشارع الضيق و وقف قليلا يتامل البيت المهيب بابوابة ال كبار و مساحتة الشاسعه التي تمتد حتي نهاية الشارع … كانت الوان الغروب الدافئه تنعكس على الجدران الحجريه العاليه و تضفى عليها ظلالا ناعمه بددت جمودها حتي خيل لوراق كانها تتحرك … هز راسة كى ينفض عنه اوهامة بعدها دخل بالفه من الباب الحديدى العملاق و اتجة مباشره الى خلف المبانى و هو يتبع خليط الروائح المغريه … عندما وصل الى الزاويه التي يبدا بعدين الحوش الفسيح … راودتة نفسة ان يتجاهل اسلوبة المعتاد فاعلان حضورة و ادعاء الغفله حتي يري ما تتوق نفسة الى رؤياة … هم بالتحرك بعدها توقفت خطواتة بغته عندما تناهي الى سمعة صوت حجه ” السره ” الجهورى و هي تامر و تنهى كعادتها …

– يا بت يا بلقيس زيدى النار دى سريع … الحفره بقت باردة و الحطب قرب يموت…

تسمر خوفا .
.
ورفع صوتة باعلي ما يستطيع :

– حجه السره … يا ناس هوى .
.
جبت ليكم السمك .
.
تعالوا شيلوهو منى .

تمتم بالحمد على عدم مطاوعه نفسة الاماره بالسوء عندما اتاة صوت السره محذرا …

– و راق ؟
؟
اقيف قبلك اوعاك تدخل … اجرى يا بت يا فاطنه شيلى منو السمك و وديهو لحبوبتك بهنالك تنضفو .
.وكلمى جدك حامد يديهو القروش … اتحركى يا بت و بطلى المحركة بتاعت امك دى …

تراجع و راق بجسدة الى الخلف و مد راسة مختلسا النظر داخل الحوش العريض … كانت فاطمه تتقدم نحوة بخطواتها الراقصة و جسدها الرشيق … تفوح منها ذات الروائح المستفزه … بدا جلدها المتراوح بين لون البن المحمص و نعومه ثمره الطماطم الناضجه و لمعه الدهن السائح يقترب منه و يثير به احاسيس لا يستطيع احتمالها … ابتلع ريقة بصعوبه عندما و قفت امامة كاحدي تماثيل الابنوس المصقوله التي يراها فسوق امدرمان .
.
خاطبتة باستعلاء .
.

– اف منك و من ريحتك يا و راق… انت القال ليك منو احنا عاوزين سمك الليلة ؟
؟
شايفنا فاضيين ليهو و لزفارتو ؟
؟
..
يلا هاتة و طير عند ابوى حامد شيل قروشك … و تانى حسك عينك تجيب سمك لغايه ما العرس ينتهى …

انتزعت كيس الخيش من يدة بعنف و اتجهت الى احدث الحوش … ظل يراقب خطواتها حتي اختفت عن ناظرية خلف سور كثيف من الاشجار المتلاصقه التي كونت ما يشبة دغل صغير بدا و اضحا لمن يراة انه وضع بفعل فاعل كى يفصل و يغطى ما خلفة اكثر من كونة زينه .
.
وقبل ان يستدير عائدا اختلس نظره ثانية الى طرف الحوش الاخر المسكون بمنبع الروائح …


ارتعشت مفاصلة و تسارعت دقات قلبة عندما لمح شبح بنت جميلة الجمال و قفت بتململ و صبر نافذ … بدت حبات عرق لامعه تغطى و جهها و تسيل فخطوط متنافسه حتي عنقها … كانت خصلات شعرها الناعم المتمرده مبعثره و ملتصقه بجبينها الضيق و تدلي بعضها متلويا على خدودها اللامعه … حركاتها القلقه جعلت ” الشمله ” تنحسر عن كتف ذهبى مستدير .
.
بينما خرجت من اسفلها ساق تشبعت بالدخان حتي صار لونها ما ئلا للسواد …


كانت ” بلقيس ” كبري فتيات حجه السره منحنيه و هي تلتقط جمرات من “الكانون ” امامها و تضعها بحرص داخل الحفره العميقه حسب توجيهات امها …

– رصى الحطب كويس يا بلقيس … زيدى الجمر ده و وزعيهو عشان يقبض سريع … و انتي يا بت يا رحمه غتى صدرك ما يلفحك الهوا … ارفعى الشمله دى لفوق و بطلى الدلع الفارغ البتسوي فيهو دة و اقعدى زي الناس فالحفره … فتيات احدث زمن !
!
… الواحده تقعد عشره دقايق و تبدا تتململ و تنقنق .
.
احى الحفره حارة … و اي الدخان خنقنى … ما شفتونا احنا فزمنا نقعد بالساعات الطوال فعز الحر و عز البرد … و نتمسح بالودك لمن يسيل و يملا الواطة … و نتغطي من راسنا لرجلينا ما فمخلوق يشوفنا حتي اقرب الاقربين لغايه ما الدخان يبقي طبقه تخينه لمن يجوا يطلعوها الا يدخلوا القشه .
.
يلا تعالى اقعدى خلينا نخلص مواعيد الغنايه قربت …

ادرك و راق بانه ربما اطال الوقوف فخاف من افتضاح امرة و اجبر قدمية المسمرتين على الحركة رجوعا الى مقدمه البيت و هو يدور بعينية املا فرؤية المزيد من بنات الحوش الحسان … احس بخيبه امل عندما وصل الى ” الديوان ” دون ان يصادف احدا …


ف” المصطبه ” العاليه جلس حامد الامين الشهير ” بود العمدة ” فكرسى منخفض و امامة ” ابريق ” ملئ بالماء و ربما شرع فالوضوء بينما تعالى صوت الاذان الشجى من المئذنه العاليه التي تطل على الحوش …


كان و د العمدة رجلا نحيلا منتصب القامه بصورة مهيبه و تثير الحيره فامكانيه تحديد عمرة الحقيقي .
.
بدا التناقض و اضحا بين ملامحة الطفوليه الوسيمه و الشيب الذي غزا فودية و توزع بفوضي محببه فالشارب الغزير و الذقن المستديره الخفيفه التي لم تستطع اخفاء نغزه عميقه توسطت الحنك الدقيق … كانت نظراتة الحاده تنطلق كالشرر من عيون و اسعه يتمازج بها اللونين البنى و العسلى بانسجام غريب .
.
وعندما يبتسم احدي ابتساماتة النادره تنفرج شفتية عن اسنان بيضاء لامعه تتوسطها ” فلجة” صغار و تخرج غمازتان عميقتان على خدودة المشدوده …

بعد ان فرغ حامد من و ضوؤة رفع راسة و نظر الى و راق الواقف بصبر و خاطبة بصوت هادئ

– اهلا يا و راق .
.
جبت السمك ؟
؟
حسابك كم ؟
؟

خفض الشاب نظراتة احتراما و اتت كلماتة متلعثمه كما هو حالة عندما يخاطب صاحب البيت …

– خليها على المره دى يا و د العمدة .
.
دى هديه بسيطة ما قدر المقام عشان العروس المره الجايه بشيل منك …

فتح حامد محفظتة المنتفخه و اخرج منها رزمه اوراق ما ليه و مدها للسماك الخجول …

– هديه مقبوله يا و راق .
.
وهاك المبلغ ده هديه منى ليك …

هم و راق بالاحتجاج فاسكتة و د العمدة باشاره من يدة …

– شيل القروش يا و راق .
.
مش انا قبلت هديتك ؟
؟
انت كمان لازم تقبل هديتى … يلا بطل نقه عشان ما تفوت علينا الصلاة .
.
المغرب غريب و ما بتحمل التاخير …

تناول و راق النقود الممدوده و التي قدر قيمتها باربعه اضعاف قيمه السمك الذي احضرة .
.
جاهد ليبدو حاسما و هو يخاطب و د العمدة …

– انا حشيلهم المره دى … لكن المره الجايه لو اديتنى قروش تانى ما بجيب ليكم سمك..

اكتمل مشروع الابتسامه فالوجة الوسيم … استدار و د العمدة دون ان يرد .
.
اتجة الى سجاده الصلاة و شرع فالتكبير بخشوع …

داخل البيت الفسيح كانت هنالك حركة دائبه لبنات يجمع بينهن الجمال و يفرقهن اختلاف الاعمار و تباين الالوان التي تدرجت ما بين الذهبى البراق الى الخمري الناعم و القمحي الفتان و الاسمر اللامع …


فاحدي الغرف المغلقه جلست فتاتان فمنتصف السرير تتهامسان بخفوت متامر و هما لاهيتان بحديثهما عما يدور خارج الغرفه … فجاه فتح الباب بعنف شتت شمل الهمس و وقفت على عتبتة بنت تتارجح بين الطفوله و النضج و ربما و ضعت يديها فو سطها بتحد مما اظهر صدرها العارم الذي لا يتناسب مع قوامها النحيل … كانت لهجتها المتسلطة و نبرتها الحاده ارثها الواضح من السره … تراقصت علامات الغيظ فعينيها الكحيلتين و هي تتكلم بصوتها الجهورى …

– منال و جاكلين ؟
؟
انتو قاعدين هنا تتوسوسوا و الدنيا بره جايطه ؟
؟
..
انتو يا فتيات ما بتفتروا من الكلام … الوقت كلو مقابلين بعض و تنقوا .
.
اصلكم بتقولوا شنو ؟
؟
بتحلوا مشكلة فلسطين ؟
؟!!
ما مكفيكم الوقت البتقضوهوا مع بعض فالجامعة ؟
؟…

تهدج تعهد تردد 20160907 307

تهدج تعهد تردد 20160907 308

  • حوش بنات ود العمدة


تردد تعهد تهدج