ديون اسددها

 

 حرمه المماطله فسداد الدين
الحمد لله و كفى،
وسمع الله لمن دعا،
والصلاة و السلام على النبى المصطفى -صلي الله عليه و على الة و صحبة و سلم تسليما كثيرا-،
وبعد:


فقد ندبنا الله الى فعل الخير،
قال تعالى : )وافعلوا الخير لعلكم تفلحون(1 .



و الدين،اوالقرض الحسن من ذلك الخير ،

وهو مندوب الية فحق المقرض ،

مباح للمقترض ؛

ففية تفريج عن كربه من الكرب التي تمر باحد من المسلمين ،

قال النبى r ((من نفس عن مؤمن كربه من كرب الدنيا نفس الله عنه كربه من كرب يوم القيامه و من يسر على معسر يسر الله عليه فالدنيا و الاخرة))2 فكان مندوبا الية كالصدقة عليه ،

وليس بواجب ،

فلا اثم على من سئل القرض فلم يقرض .



كما ان من المعلوم عند اهل العلم : و جوب و فاء الدين بالموعد الذي حددة الانسان لنفسة فيما بينة ،

وبين من اقترض منه قبل حلول الاجل .



و لكن كثيرا من الناس يتساهلون فالدين تساهلا كبيرا ،

فتراهم يشترون البضاعه ،

ويطلبون من البائع ان يمهلهم حتي استلام رواتبهم نهاية الشهر ،

او نحو هذا ،

ثم يماطلون و يسوفون فسداد الدين ،

وقد تمضى عليهم الشهور و السنون ،

وهم ايضا مع مقدرتهم على قضاء الديون.


(ان ما يقوم فيه هؤلاء الناس من المماطله فتسديد الدين ما هو الا طعام لاموال الناس بالباطل ،

قال تعالى:) يا ايها الذين امنوا لا تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجاره عن تراض منكم (3 .



فلا ينبغى لاحد من الناس ان يتساهل فالدين ،

وخاصة ان الانسان ربما يموت ،

وعليه دين ،

ويصبح بذلك على خطر عظيم) 4؛لان نفس المؤمن تكون ملعقه بدينة كما قال النبيr (( نفس المؤمن ملعقه بدينة حتي يقضي عنه))5.


و ايضا فان المؤمن يحرم من دخول الجنه ان ما ت،
وعليه دين حتي يقضي عنه ،

فقد صلى رسول الله r يوما الصبح فنادي ((ها هنا احد من بنى فلان؟
ان صاحبكم محبوس بباب الجنه بدين عليه))6 و فروايه ((ان صاحبكم محبوس بباب الجنه بدين عليه ان شئتم فاسلموة الى عذاب الله و ان شئتم ففكوه))7


و ايضا فالدين لعظمة لن يكفرة الله الا بسدادة ،

يقول الرسول r ((يغفر الله للشهيد جميع ذنب الا الدين)8.
وفى روايه ((القتل فسبيل الله يكفر جميع شيء الا الدين)9.


و ربما حذر النبيr الذين ياخذون اموال الناس ،

ويماطلون بها فاحاديث عده ،

منها قوله r:


((من اخذ اموال الناس يريد اداءها ادي الله عنه و من اخذ يريد اتلافها اتلفة الله))10


((من ما ت و عليه دينار او درهم قضى من حسناتة ليس بعدها دينار و لا درهم ))11.


· ((ايما رجل يدين دينا و هو مجمع ان لا يوفية اياة لقى الله سارقا))12.


و الدين كان النبى r يتعوذ منه كما جاء فحديث ابي سعيد الخدرى t الذي يقول:


(دخل رسول الله r ذات يوم المسجد فاذا هو برجل من الانصار يقال له ابو امامة،
فقال : (( يا ابا امامه !

ما لى اراك جالسا فالمسجد فغير وقت صلاه ؟
)) قال : هموم لزمتنى و ديون يا رسول الله !

قال : ((افلا اعلمك كلاما اذا قلتة اذهب الله همك و قضي عنك دينك ؟

)) قلت : بلي يا رسول الله !

قال : (( قل اذا اصبحت و اذا امسيت : اللهم انني اعوذ بك من الهم و الحزن،
واعوذ بك من العجز و الكسل،
واعوذ بك من الجبن و البخل،
واعوذ بك من غلبه الدين و قهر الرجال )) .

قال : ففعلت ذلك،
فاذهب الله تعالى همى و غمى و قضي عنى اسلامي)13.


كما انه r كان يمتنع عن الصلاة على من عليه دين حتي يقضي عنه دينه.فعن جابر t قال : توفى رجل فغسلناة و حنطناة ،

ثم اتينا رسول الله r ليصلى عليه فخطا خطي ،

ثم قال : هل عليه دين ؟

،
قلنا : نعم ديناران قال : صلوا على صاحبكم فقال ابو قتاده : يا رسول الله دينة على فقال رسول الله r : هما عليك حق الغريم و برئ الميت ،

قال : نعم فصلي عليه ،

ثم لقية من الغد ،

فقال : ما فعل الديناران ؟

فقال : يا رسول الله انما ما ت امس بعدها لقية من الغد ،

فقال : ما فعل الديناران ؟

،
فقال : يا رسول الله ربما قضيتهما فقال : الان بردت عليه جلده14.
(فاخبر r فهذه الروايه انه بالقضاء برد عليه جلده)15.


حرمه المماطله فسداد الدين:


و يجب ان يعلم الذين يماطلون فسداد الدين ،

ويتلاعبون باموال الناس:ان المماطله فاداء الدين محرمه مع القدره على الاداء ،

قال رسول r مطل الغنى ظلم))16 يقول الامام النووى (رحمة الله) (والمطل منع قضاء ما استحق اداؤة فمطل الغنى ظلم و حرام )17.


لذلك فيحرم على الغنى القادر ان يماطل بالدين بعد استحقاقة بخلاف العاجز،و(الغنى المماطل يعد فاسقا عند جمهور اهل العلم ،

ويدل على هذا : بان منع الحق بعد طلبة ،

وانتفاء العذر عن ادائة كالغصب ،

والغصب كبار ،

وتسميتة ظلما يشعر بكونة كبيرة)18.


و قال بعض العلماء ان مطل الغنى بعد مطالبتة ،

وامتناعة عن الاداء لغير عذر يعتبر من كبائر الذنوب19 ،

وذهب بعض اهل العلم الى ان الغنى المماطل مردود الشهاده قال سحنون بن سعيد : ( اذا مطل الغنى بدين عليه لم تجز شهادتة لان النبى r سماة ظالما )20.


خطوات توئيق الدين :


ان الخطوات التي يجب ان يسير عليها جميع من الدائن ،

والمدين ،

فى توئيق الدين هي كالاتي:


الخطوه الاولى:كتابة الدين:


ليعلم الدائن ،

والمدين ان توثيق الدين طاعه لله فيما امر ،
فعليهم ان يعملوا بوصيته فايه الدين ،

حيث يقول تعالى:)يا ايها الذين ءامنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمي فاكتبوة ….
(الي ان قال: )ولا تساموا ان تكتبوة صغيرا او كبيرا الى اجلة ذلكم اقسط عند الله و اقوم للشهاده و ادني الا ترتابوا(21ففى هذي الايه ارشدنا الله الى توثيق الديون و العقود؛
حسما للنزاع و حفظا للحقوق و سدا لباب الخصام و الفتنة،
ولا فرق فهذا بين ما يقع من العقود بين الاخوان ،

وما يقع بين غيرهم،
بل ان الاخوان اولي بذلك سدا لذريعه قطيعه الرحم اذا ما حصل خلاف بينهم بسبب المعاملات التي لا توثيق فيها22.


الخطوه الثانية: تسميه موعد التسديد:


على المقرض كتابة الدين فسجل الديون بتسميه الاجل( اي يوم التسديد) ؛

لان كتابتة من غير تسميه لاجل التسديد يصبح دينا غير مسمي ،

وهذا لا يصح ،

ولا يجوز شرعا ،

وهو عقد فاسد ،

يقول العلامه ابن عثيمين (رحمة الله): (واما الدين الى اجل غير مسمي فلا يصح ؛

لقوله تعالى: )مسمي ( – كان اقول لك: «اشتريت منك هذي السلعه الى قدوم زيد» – و قدومة مجهول؛
لان به غررا ،

وقد قال النبى r: ((من اسلف فشيء فليسلف فكيل معلوم،
ووزن معلوم الى اجل معلوم))23 ؛

والدين الى اجل غير مسمي لا يكتب؛
لانة عقد فاسد،
والدين الى اجل مسمي جائز بنص الاية)24.


الخطوه الثالثة :


من كان عليه دين و لم يستطع سدادة فالحكم الشرعى هو انظارة حتي ييسر الله له ما يقضى فيه دينه،
واذا طلب المدين من احد ان يعينة فسداد الدين و لم يعطه،
فقد فاتة الثواب العديد و الخير الجزيل الذي و عد الله فيه من فرج كربه عن مسلم،
خصوصا اذا كان مقتدرا25 ،



؛

لذا ففى حالة عجز المقترض او المشترى عن سداد الدين بالتاريخ المثبت عليه فسجل الديون ،

عليه ان يراجع البائع ،

او المقرض قبل يوم التسديد؛
لغرض طلب تاجيل سداد القرض الذي بذمتة .



و حكم التاجيل فسداد القرض (طلب تاجيل الدين) رجح صحتهلب ين تة المقرض ؛
ة ،

حان موعد تسديدة ،

ولم يكن قادرا شيخ الاسلام ابن تيميه (رحمة الله) ،

وهو ما ذهب الية المالكيه بصحة تاجيل الدين و لزومة الى اجله،
سواء كان الدين قرضا او غيرة ،

يقول البهوتى فكشاف القناع (واختار الشيخ صحة تاجيلة و لزومة الى اجله،
سواء كان الدين قرضا او غيره،
كثمن مبيع او قيمه متلف و نحوه،
واستدلوا على هذا بقول النبى r: { المسلمون على شروطهم })26.


بخلاف جمهور العلماء من الحنفيه و الشافعيه و الحنابله الذين يعترضون على تاجيل الدين بقولهم،لكن استحب الامام احمد للمقرض الوفاء بوعدة فالتاجيل فقال: (لكن ينبغى للمقرض ان يفى بوعده)27.


و ليعلم الدائن و المدين ان : (اى زياده فالقرض،
سواء كانت فمقابل تاجيل سداد الدين،
او كانت مشترطه قدرا ،

تصبح فوائد محرمه فالاسلام )28.


و اخيرا : فانى اذكر جميع غنى مماطل ان يتوب ،

ويعطى الحقوق اهلها قبل ان يخطفة الموت فجاه ،

ويبقي الدين فذمتة الى يوم القيامه ،

وليعمل بوصيه رسولr فالتوبه ،

والتحلل من المظالم ،

حيث يقول((من كانت عندة مظلمه لاخية فليتحلله منها فانه ليس بعدها دينار و لا درهم من قبل ان يؤخذ لاخية من حسناتة فان لم يكن له حسنات اخذ من سيئات اخية فطرحت عليه)29.هذا ما اردت تنبية المسلمين الى العمل فيه ،

والحمد لله رب العالمين.
والصلاة و السلام على سيدنا محمد و على الة و صحبة و سلم تسليما كثيرا

  • ديون لزمتنى


ديون اسددها