رحمة الله سبقت غضبه

غضبه سبقت رحمة الله 20160913 2877

المسلك الثالث : مسلك الرحمه فانها هي المسئوليه الشامله العامة للموجودات كلها و فيها قامت الموجودات ،

فهي التي و سعت جميع شيء ،

والرب و سع جميع شيء رحمه و علما ،

فوصلت رحمتة الى حيث وصل علمة ،

فليس موجود سوي الله تعالى الا و ربما و سعتة رحمتة و شملتة و نالة منها حظ و نصيب ،

ولكن المؤمنون اكتسبوا اسبابا استوجبوا فيها تكميل الرحمه و دوامها ،

والكفار اكتسبوا اسبابا استوجبوا فيها صرف الرحمه الى غيرهم .
فاسباب الرحمه متصلة دائمه لا انقطاع لها لانها من صفه الرحمه ،

والاسباب التي عارضتها مضمحله زائله لانها عارضه على سبب الرحمه طارئه عليها ،

واذا كان جميع مخلوق ربما انتهت الية الرحمه و وسعتة فلا بد ان يخرج اثرها به اخرا كما ظهر اثرها به اولا ،

فان اثر الرحمه ظهر به اول النشاه بعدها اكتسب ما يقتضى اثار الغضب ،

فاذا ترتب على الغضب اثرة عادت الرحمه فاقتضت اثرها اخرها كما اقتضتة اولا لزوال المانع و حصول المقتضي فالموضعين .

ومما يوضح ذلك المعني ان الجنه مقتضي رحمتة و مغفرتة ،

والنار من عذابة ،

وهو مخلوق منفصل عنه ،

ولهذا قال تعالى : ( نبئ عبادى انني انا الغفور الرحيم و ان عذابي هو العذاب الاليم ) و قال : ( اعلموا ان الله شديد العقاب و ان الله غفور رحيم ) و قال تعالى : ( ان ربك لسريع العقاب و انه لغفور رحيم ) فالنعم موجب اسمائة و صفاتة ،

واما العذاب فانه من مخلوقاتة المقصوده لغيرها بالقصد الثاني ،

فهو سبحانة اذا ذكر الرحمه و الاحسان و العفو نسبة الى ذاتة ،

واخبر انه من صفاتة ،

واذا ذكر العقاب نسبة الى افعالة و لم يتصف فيه ،

فرحمتة من لوازم ذاتة ،

وليس غضبة و عقابة من لوازم ذاتة ،

فهو سبحانة لا يصبح الا رحيما ،

كما انه لا يصبح الا حيا عليما قديرا سميعا ،

واما كونة لا يصبح الا غضبانا معذبا فليس هذا من كمالة المقدس ،

ولا هو مما اثني فيه على نفسة و تمدح فيه .

يوضح ذلك المعني انه كتب على نفسة الرحمه ،

ولم يكتب عليها الغضب ،

وسبقت رحمتة غضبة و غلبتة ،

ولم يسبقها الغضب و لا غلبها ،

ووسعت رحمتة جميع شيء ،

ولم يسع غضبة و عقابة جميع شيء ،

وخلق الخلق ليرحمهم لا ليعاقبهم ،

والعفو [ ص: 261 ] احب الية من الانتقام ،

والفضل احب الية من العدل ،

والرحمه اثر عندة من العقوبه ،

لهذا لا يخلد فالنار من فقلبة مثقال ذره من خير ،

وجعل جانب الفضل الحسنه بعشر امثالها الى سبعمائه ضعف الى اضعاف كثيرة ،

وجانب العدل السيئه به بمثلها و هي معرضه للزوال بايسر شيء ،

وكل ذلك ينفى ان يخلق خلقا لمجرد عذابة السرمدى الذي لا انتهاء له و لا انقضاء ،

لا لحكمه مطلوبه الا لمجرد التعذيب و الالم الزائد على الحد ،

فما قدر الله حق قدرة من نسب الية هذا ،

بخلاف ما اذا خلقهم ليرحمهم و يحسن اليهم و ينعم عليهم ،

فاكتسبوا ما اغضبة و اسخطة فاصابهم من عذابة و عقوبتة بحسب هذا العارض الذي اكتسبوا بعدها اضمحل اسباب العقوبه و زال و عاد مقتضي الرحمه ،

فهذا هو الذي يليق برحمه ارحم الراحمين و حكمه احكم الحاكمين .

ومما يبين ذلك ان الجنه لا يدخلها من لم يعمل خيرا قط ،

ويدخلها من ينشئة الله تعالى بها ،

ويدخلها من دخل النار اولا ،

ويدخلها الابناء بعمل الاباء ،

واما النار فذلك كله منتف بها ،

ولا يدخلها من لم يعمل شرا قط ،

ولا ينشئ الله تعالى بها خلقا يعذبهم من غير جرم ،

ولا يدخلها من يدخل الجنه اولا ،

ولا يدخلها الذريه بكفر الاباء و عملهم ،

وهذا يدل على انها خلقت لمصلحه من دخلها الذيب .

.
.
فضلاتة و اوساخة و ادرانة ،

وتطهرة من خبثة و نجاستة ،

كالكير الذي يظهر خبث الجواهر المنتفع فيها ،

ولمصلحه من يدخلها ليردعة ذكرها ،

والخبر عنها عن ظلمة و غية ،

فليست الداران عند الله سواء فالاسباب و الغايات و الحكم و المصالح .

يوضح هذا ان الله تعالى لا يعذب احدا الا لحكمه ،

ولا يضع عذابة الا فالمحل الذي يليق فيه ،

كما اقتضي شرعة العقوبات الدنيويه بالحدود التي امر باقامتها لما بها من المصالح و الحكم فحق صاحبها و غيرة ،

وايضا ما يقدرة من المصائب و الالام بها من الحكم ما لا يحصية الا الله ،

من تزكيه النفوس و تطهيرها ،

والردع و الزجر ،

وتعريف قدر العاقبه ،

وامتحان الخلق ،

ليظهر من يعبدة على السراء و الضراء ممن يعبدة على حرف الى اضعاف هذا من الحكم .

وكيف يخلو اعظم العقوبات عن حكمه و مصلحه و رحمه ،

ان مصدرها عن تقدير احكم الحاكمين و ارحم الراحمين ،

والجنه طيبه لا يدخلها الا طيب ،

ولهذا يدخل النار من اهل التوحيد من به خبث و شر حتي يتطهر بها و يطيب ،

ومن كان به دون هذا حبس على قنطره بين الجنه و النار ،

[ ص: 262 ] حتي اذا هذب و نقى اذن له بالدخول ،

ومعلوم ان النفوس الشريره الظالمه المظلمه الاثيمه لا تصلح لتلك الدار التي هي دار الطيبين ،

ولو ردت الى الدنيا قبل العذاب لعادت لما نهيت عنه ،

فلا تصلح لدار السلام التي سلمت من جميع عيب و افه ،

فاقتضت الحكمه تعذيب هذي النفوس عذابا يطهر نفوسهم من هذا الشر و الخبث ،

ويصبح مصلحه لهم ،

ورحمه بهم هذا العذاب ،

وهذا معقول فالحكمه ،

اما خلق النفوس لمجرد العذاب السرمدى لا لحكمه و لا لمصلحه فتاباة حكمه احكم الحاكمين و ارحم الراحمين .

يوضحة : ان الله تعالى قيد دار العذاب و وقتها بما لم يقيد فيه دار النعيم و بوقتها ،

فقال تعالى فدار العذاب : ( لابثين بها احقابا ) و قال : ( النار مثواكم خالدين بها الا ما شاء الله ان ربك حكيم عليم ) فقيدها بالمشيئه ،

واخبر ان هذا صادر عن حكمتة و علمة ،

وقال تعالى : ( فاما الذين شقوا ففى النار لهم بها زفير و شهيق خالدين بها ما دامت السماوات و الارض الا ما شاء ربك ان ربك فعال لما يريد ) و اما الجنه فانه اخبر ببقاء نعيمها و دوامة و انه لا نفاد له و لا انقطاع ،

فقال : ( اكلها دائم و ظلها ) و قال ( ان ذلك لرزقنا ما له من نفاد ) و اما النار فغايه ما اخبر فيه عنها ان اهلها لا يظهرون منها ،

وانهم خالدين بها و ما هم منها بمخرجين ،

وهذا مجمع عليه بين ائمه الاسلام ،

وهو معلوم بالضروره ان الرسول جاء فيه ،

ولكن الكلام فمقام احدث ان النار ابديه لا تفني اصلا ،

كما ان الجنه ايضا ،

فهذا الذي تكلم به الصحابه و التابعون و من بعدهم .

قال حرب فمساله : سالت اسحاق عن قول الله تعالى : ( خالدين بها ما دامت السماوات و الارض الا ما شاء ربك ) قال : اتت هذي الايه على جميع و عيد فالقران ،

قال اسحاق : حدثنا عبدالله بن معاذ حدثنا معتمر بن سليمان قال : قال ابي : حدثنى ابو نضره عن جابر و ابي سعيد ،

او بعض اصحاب النبى صلى الله عليه و سلم قال : هذي الايه تاتى على القران كله ( الا ما شاء ربك ان ربك فعال لما يريد ) قال المعتمر قال [ ص: 263 ] ابي : جميع و عيد فالقران ،

وقال ابن جرير فتفسيرة : حدثنا الحسن بن يحيي حدثنا عبدالرزاق حدثنا ابن التميمى عن ابية عن ابي نضره عن جابر و ابي سعيد ،

وعن رجل من اصحاب النبى صلى الله عليه و سلم فقوله تعالى : ( الا ما شاء ربك ان ربك فعال لما يريد ) قال : ” هذي الايه تاتى على القران كله حيث يقول فالقران : ( خالدين بها ) تاتى عليه ” .

قال ابن جرير : حدثت عن ابن المسيب عمن ذكرة عن ابن عباس قال : ( خالدين بها ما دامت السماوات و الارض الا ما شاء ربك ان ربك فعال لما يريد ) قال ( امر النار تاكلهم ) قال : و قال ابن مسعود : لياتين على جهنم زمان تخفق ابوابها ،

ليس بها احد ،

وذلك بعدما يلبثون بها احقابا .

وقال احمد : حدثنا ابن حميد حدثنا جرير عن ساق عن الشعبى قال : جهنم اسرع الدارين عمرانا و اسرعها خرابا .

وقال حرب عن اسحاق بن راهوية : حدثنا عبدالله بن معاذ حدثنا ابي ،

حدثنا شعبه عن ابي بلج ،

سمع عمرو بن ميمون يحدث عن عبدالله بن عمرو قال : ” لياتين على جهنم يوم تصفق به ابوابها ليس بها احد ،

وذلك بعدما يلبثون بها احقابا ” .

وقال اسحاق : حدثنا عبيد بن معاذ حدثنا ابي ،

حدثنا شعبه عن يحيي بن ايوب عن ابي زرعه عن ابي هريره قال ” ما انا بالذى اقول انه سياتى على جهنم يوم لا يبقي بها احد ،

وقرا : ( فاما الذين شقوا ففى النار لهم بها زفير و شهيق خالدين بها ما دامت السماوات و الارض الا ما شاء ربك ان ربك فعال لما يريد )

  • صور رحمة الله
  • ا0مل صور الرحمة
  • رحمة الله سبقت
  • رحمة الله سبقت غضبه
  • سبقت الله


رحمة الله سبقت غضبه