رواية اتغنى بها حبيبتي

 

رواية حبيبتي بها اتغنى 20160920 243

ما زلت اذكر قولك ذات يوم :

“الحب هو ما حدث بيننا.
والادب هو جميع ما لم يحدث”.

يمكننى اليوم,
بعد ما انتهي جميع شيء ان اقول :

هنيئا للادب على فجيعتنا اذن فما اكبر مساحه ما لم يحدث .

انها تصلح اليوم لاكثر من كتاب .

وهنيئا للحب كذلك …

فما احلى الذي حدث بيننا … ما احلى الذي لم يحدث… ما احلى الذي لن يحدث .

قبل اليوم,
كنت اعتقد اننا لا ممكن ان نكتب عن حياتنا الا عندما نشفي منها .

عندما ممكن ان نلمس جراحنا القديمة بقلم ,

دون ان نتالم مره ثانية .

عندما نقدر على النظر خلفنا دون حنين,
دون جنون,
ودون حقد كذلك .

ايمكن ذلك حقا ؟

نحن لا نشفي من ذاكرتنا .

ولهذا نحن نكتب,
ولهذا نحن نرسم,
ولهذا يموت بعضنا كذلك .

– اتريد قهوة ؟

ياتى صوت عتيقه غائبا,
وكانة يطرح السؤال على شخص غيرى .

معتذرا دون اعتذار,
علي و جة للحزن لم اخلعة منذ ايام .

يخذلنى صوتى فجاه …

اجيب باشاره من راسي فقط .

فتنسحب لتعود بعد لحظات,
بصينية قهوه نحاسية كبار عليها ابريق،
وفناجين,
وسكريه,
ومرش لماء الزهر,
وصحن للحلويات .

فى مدن ثانية تقدم القهوه جاهزة ففنجان,
وضعت جوارة مسبقا ملعقة و قطعة سكر .

ولكن قسنطينه مدينة تكرة الايجاز فكل شيء .

انها تفرد ما عندها دائما .
تماما كما تلبس جميع ما تملك.
وتقول جميع ما تعرف .

ولهذا كان حتي الحزن و ليمة فهذه المدينه .

اجمع الاوراق المبعثره امامي ,

لاترك مكانا لفنجان القهوه و كاننى افسح مكانا لك .
.

بعضها مسودات قديمة,
وثانية اوراق بيضاء تنتظر منذ ايام بعض العبارات فقط… كى تدب بها الحياة,
وتتحول من ورق الى ايام .

عبارات فقط,
اجتاز فيها الصمت الى الكلام,
والذاكره الى النسيان,
ولكن .
.

تركت السكر جانبا,
وارتشفت قهوتى مرة كما عودنى حبك .

فكرت فغرابة ذلك الطعم العذب للقهوه المره .

ولحظتها فقط,
شعرت اننى قادر على الكتابة عنك فاشعلت سيجاره عصبية,
ورحت اطارد دخان العبارات التي احرقتنى منذ سنوات,
دون ان اطفئ حرائقها مره فوق صفحة .

هل الورق مطفاه للذاكرة؟

نترك فوقة جميع مره رماد سيجاره الحنين الاخيرة ,

وبقايا الخيبه الاخيرة.
.

من منا يطفئ او يشعل الاخر ؟

لا ادرى … فقبلك لم اكتب شيئا يستحق الذكر… معك فقط سابدا الكتابة.

ولا بد ان اعثر اخيرا على العبارات التي سانكتب بها,
فمن حقى ان اختار اليوم كيف انكتب.
انا الذي اخترت تلك القصة .

قصة كان ممكن ان لا تكون قصتي,
لو لم يضعك القدر جميع مرة مصادفه,
عند منعطفات فصولها .

من اين جاء ذلك الارتباك؟

وكيف تطابقت مساحه الاوراق البيضاء المستطيلة,
بتلك المساحه الشاسعه البياض للوحات لم ترسم بعد..
وما زالت مسندة جدار مرسم كان مرسمي ؟

وكيف غادرتنى الحروف كما غادرتنى قبلها الالوان.
وتحول العالم الى جهاز تلفزيون عتيق,
يبث الصور بالاسود و الابيض فقط ؟

ويعرض شريطا قديما للذاكرة,
كما تعرض افلام السينما الصامته .

كنت احسدهم دائما,
اولئك الرسامين الذين كانوا ينتقلون بين الرسم و الكتابة دون جهد,
وكانهم ينتقلون من غرفة الى ثانية داخلهم.
كانهم ينتقلون بين امراتين دون كلفه .
.

كان لا بد الا اكون رجلا لامرأة واحده !

ها هوذا القلم اذن..
الاكثر بوحا و الاكثر جرحا .

ها هو ذا الذي لا يتقن المراوغه ,

ولا يعرف كيف توضع الظلال على الحاجات .

ولا كيف ترش الالوان على الجرح المعروض للفرحه .

وها هي العبارات التي حرمت منها ,

عاريه كما اردتها ,

موجعة كما اردتها ,

فلم رعشه الخوف تشل يدى ,

وتمنعنى من الكتابة؟

ترانى اعى فهذه اللحظه فقط ،

اننى استبدلت بفرشاتى سكينا.
وان الكتابة اليك قاتله..
كحبك .

ارتشفت قهوتك المرة,
بمتعة مشبوهه هذي المرة.
شعرت اننى على و شك ان اعثر على جملة اولى,
ابدا فيها ذلك الكتاب .

جملة ربما تكون فتلقائيه عبارات رساله .

كان اقول مثلا :

“اكتب اليك من مدينة ما زالت تشبهك,
واصبحت اشبهها.
ما زالت الطيور تعبر هذي الجسور على عجل,
وانا اصبحت جسرا احدث ملعقا هنا.

لا تحبى الجسور بعد اليوم..”.

او شيئا احدث ك:

” امام فنجان قهوه ذكرتك .
.

كان لا بد ان تضعى و لو مره قطعة سكر فقهوتى .

لماذا جميع هذي الصينية..
من اجل قهوه مرة..؟”.

كان ممكن ان اقول اي شيء …

ففى النهاية,
ليست الروايات سوي رسائل و بطاقات,
نكتبها خارج المناسبات المعلنة..
لنعلن نشرتنا النفسية,
لمن يهمهم امرنا .

ولذا اجملها,
تلك التي تبدا بجملة لم يتوقعها من عايش طقسنا و طقوسنا.
وربما كان يوما سببا فكل تقلباتنا الجويه .

تتزاحم الجمل فذهنى .

كل تلك التي لم تتوقعيها .

وتمطر الذاكره فجاه .
.

فابتلع قهوتى على عجل.
واشرع نافذتى لاهرب منك الى السماء الخريفية..
الي الشجر و الجسور و المارة.

الي مدينه اصبحت مدينتى مره ثانية .

بعدما اخذت لى موعدا معها لسبب احدث هذي المره .

ها هي ذى قسنطينة..
وها هو جميع شيء انت .

وها انت تدخلين الي,
من النافذه نفسها التي سبق ان دخلت منها منذ سنوات.
مع صوت الماذن نفسه,
وصوت الباعة,
وخطي النساء الملتحفات بالسواد,
والاغاني القادمه من مذياع لا يتعب …

“يا التفاحه .
.
يا التفاحه … خبرينى و علاش الناس و العه بيك .
.”.

تستوقفنى هذي الاغنية بسذاجتها .

تضعنى و جها لوجة مع الوطن .

تذكرنى دون مجال للشك باننى فمدينة عربية فتبدو السنوات التي قضيتها فباريس حلما خرافيا .

هل التغزل بالفواكة ظاهرة عربية؟
ام و حدة التفاح الذي ما زال يحمل نكهه خطيئتنا الاولى,
شهى لحد التغنى به،
فى اكثر من بلد عربي .

وماذا لو كنت تفاحه؟

لا لم تكوني تفاحة .

كنت المرأة التي اغرتنى باكل التفاح لا اكثر.
كنت تمارسين معى فطريا لعبه حواء .

ولم يكن بامكانى ان اتنكر لاكثر من رجل يسكنني,
لاكون معك انت بالذات فحماقه ادم !

-اهلا سى خالد..واش راك اليوم .

يسلم على الجار,
تسلقت نظراتة طوابق حزني.
وفاجاة و قوفى الصباحي,
خلف شرفه للذهول .

اتابع فنظره غائبة,
خطواتة المتجهه نحو المسجد المجاور .

وما يليها من خطوات,
لماره اخرين,
بعضها كسلى,
وثانية عجلى,
متجهه جميعها نحو المكان نفسة .

الوطن كله ذاهب للصلاه .

والمذياع يمجد طعام التفاحه .

واكثر من جهاز هوائى على السطوح,
يقف مقابلا الماذن يرصد القنوات الاجنبية،
التى تقدم لك جميع ليلة على شاشه تلفزيونك,
اكثر من كيفية _عصريه_ لاكل التفاح !

اكتفى بابتلاع ريقى فقط .

فى الواقع لم اكن احب الفواكه.
ولا كان امر التفاح يعنينى بالتحديد .

كنت احبك انت.
وما ذنبى ان جاءنى حبك فشكل خطيئة؟

كيف انت..
يسالنى جار و يمضى للصلاه .

فيجيب لسانى بعبارات مقتضبة،
ويمضى فالسؤال عنك .

كيف انا؟

انا ما فعلتة بى سيدتي..
فكيف انت ؟

يا امرأة كساها حنينى جنونا،
واذا فيها تاخذ تدريجيا ,

ملامح مدينة و تضاريس وطن .

واذا بى اسكنها فغفله من الزمن,
وكاننى اسكن غرف ذاكرتى المغلقه من سنين .

كيف حالك؟

يا شجره توت تلبس الحداد و راثيا جميع موسم .

يا قسنطينيه الاثواب ….

يا قسنطينيه الحب … و الافراح و الاحزان و الاحباب .
.
اجيبى اين تكونين الان؟
.

ها هي ذى قسنطينة …

باردة الاطراف و الاقدام.
محمومه الشفاه,
مجنونه الاطوار .

ها هي ذى .
.
كم تشبهينها اليوم كذلك … لو تدرين !

دعيني اغلق النافذة!.

كان ما رسيل بانيول يقول:

“تعود على اعتبار الحاجات العاديه .
.
حاجات ممكن ان تحدث كذلك ” .

اليس الموت فالنهاية شيئا عاديا.
تماما كالميلاد,
والحب,
والزاج,
والمرض,
والشيخوخة,
والغربه و الجنون,
وحاجات ثانية ؟

فما اطول قائمة الحاجات العاديه التي نتوقعها فوق العادة,
حتي تحدث.
والتى نعتقد انها لا تحدث سوي للاخرين,
وان الحياة لسبب او لاخر ستوفر علينا كثيرا منها,
حتي نجد انفسنا يوما امامها .

عندما ابحث فحياتي اليوم,
اجد ان لقائى بك هو الشيء الوحيد الخارق للعاده حقا.
الشيء الوحيد الذي لم اكن لاتنبا به،
او اتوقع عواقبة علي.
لاننى كنت اجهل و قتها ان الحاجات غير العادية,
قد تجر معها كذلك كثيرا من الحاجات العاديه .

ورغم هذا ….

ما زلت اتساءل بعد جميع هذي السنوات,
اين اضع حبك اليوم ؟

افى خانه الحاجات العاديه التي ربما تحدث لنا يوما كايه و عكة صحية او زله قدم..
او نوبه جنون؟

ام .
.
اضعة حيث بدا يوما؟

كشيء خارق للعادة,
كهديه من كوكب,
لم يتوقع و جودة الفلكيون.
او زلزال لم تتنبا فيه ايه اجهزة للهزات الارضيه .

اكنت زله قدم .
.
ام زله قدر ؟
.

اقلب جريده الصباح بحثا عن اجوبه مقنعة لحدث “عادي” غير مسار حياتي و جاء بى الى هنا .

اتصفح تعاستنا بعد جميع هذي الاعوام ,

فيعلق الوطن حبرا اسود بيدى .

هنالك صحف يجب ان تغسل يديك ان تصفحتها و ان كان ليس للسبب نفسة فكل مرة.
فهناك واحدة تترك حبرها عليك .
.
وثانية اكثر تالقا تنقل عفونتها اليك .

الان الجرائد تشبة دائما اصحابها,
تبدو لى جرائدنا و كانها تستيقظ جميع يوم مثلنا,
بملامح متعبة و بوجة غير صباحي غسلتة على عجل،
ونزلت فيه الى الشارع.
هكذا دون ان تكلف نفسها مشقه تصفيف شعرها,
او وضع ربطه عنق مناسبة..
او اغرائنا بابتسامه .

25 اكتوبر 1988 .

عناوين كبرى..
عديد من الحبر الاسود.
عديد من الدم.
وقليل من الحياء .

هنالك جرائد تبيعك نفس صور الصفحة الاولى..
ببدله حديثة جميع مرة .

هناك جرائد..
تبيعك نفس الاكاذيب بكيفية اقل ذكاء جميع مره ….

وهناك اخرى،
تبيعك تذكره للهروب من الوطن..
لا غير .

وما دام هذا لم يعد ممكنا,
فلاغلق الجريده اذن..
ولاذهب لغسل يدى .

اخر مرة استوقفتنى بها صحيفة جزائرية,
كان هذا منذ شهرين تقريبا.
عندما كنت اتصفح عن طريق المصادفة,
واذا بصورتك تفاجئنى على نص صفحة باكملها,
مرفقة بحوار صحافى بمناسبه صدور كتاب جديد لك .

يومها تسمر نظرى امام هذا الاطار الذي كان يحتويك.
وعبثا رحت افك رموز كلامك .

كنت اقراك مرتبكا،
متلعثما,
علي عجل.
وكاننى انا الذي كنت اتحدث اليك عني,
ولست انت التي كنت تتحدثين للاخرين,
عن قصة قد لم تكن قصتنا .

اى موعد عجيب كان موعدنا هذا اليوم!
كيف لم اتوقع بعد تلك السنوات ان تحجزى لى موعدا على ورق بين صفحتين,
فى مجلة لا اقراها عاده .

انة قانون الحماقات،
اليس كذلك؟
ان اشترى مصادفه مجلة لم اتعود شراءها،
فقط لاقلب حياتي راسا على عقب

واين العجب؟

الم تكوني امرأة من و رق.
تحب و تكرة على و رق.
وتهجر و تعود على و رق.
وتقتل و تحيى بجره قلم.

فكيف لا ارتبك و انا اقراك.
وكيف لا تعود تلك الرعشه المكهربه لتسرى فجسدي،
وتزيد من خفقان قلبي،
وكاننى كنت امامك،
ولست امام صورة لك.

تساءلت كثيرا بعدها،
وانا اعود بين الحين و الاخر لتلك الصورة،
كيف عدت كذا لتتربصى بي،
انا الذي تحاشيت جميع الطرق المؤديه اليك؟

كيف عدت..
بعدما كاد الجرح ان يلتئم.
وكاد القلب المؤثث بذكراك ان يفرغ منك شيئا فشيئا و انت تجمعين حقائب الحب،
وتمضين فجاه لتسكنى قلبا اخر.

غادرت قلبي اذن..

كما يغادر سائح مدينه جاءها فزياره سياحيه منظمة.
كل شيء موقوت بها مسبقا،
حتي ساعة الرحيل،
ومحجوز بها مسبقا،
حتي المعالم السياحيه التي سيزورها،
واسم المسرحيه التي سيشاهدها،
وعنوان المحلات التي سيشترى منها هدايا للذكرى.

فهل كانت رحلتك مضجره الى ذلك الحد؟

ها انا امام نسخه منك،
مدهوش مرتبك،
وكاننى امامك.

تفاجئنى تسريحتك الجديدة.
شعرك القصير الذي كان شالا يلف و حشه ليلي..
ماذا تراك فعلت به؟

اتوقف طويلا عند عينيك.
ابحث فيهما عن ذكري هزيمتى الاولي امامك.

ذات يوم..
لم يكن احلى من عينيك سوي عينيك.
فما اشقانى و ما اسعدنى بهما!

هل تغيرت عيناك ايضا..
ام ان نظرتى هي التي تغيرت؟
اواصل البحث فو جهك عن بصمات جنونى السابق.
اكاد لا اعرف شفاهك و لا ابتسامتك و حمرتك الجديدة.

كيف حدث يوما..
ان و جدت فيك شبها بامي.
كيف تصورتك تلبسين ثوبها العنابي،
وتعجنين بهذه الايدى ذات الاظافر المطليه الطويلة،
تلك الكسره التي افتقدت مذاقها منذ سنين؟

اى جنون كان لك..
وايه حماقة!

هل غير الزواج حقا ملامحك و ضحكتك الطفولية،
هل غير ذاكرتك ايضا،
ومذاق شفاهك و سمرتك الغجرية؟

وهل انساك هذا “النبى المفلس” الذي سرقوا منه الوصايا العشر و هو فكيفية اليك..
فجاءك بالوصيه الحاديه عشره فقط.

ها انت ذى امامي،
تلبسين ثوب الردة.
لقد اخترت طريقا اخر.
ولبست و جها احدث لم اعد اعرفه.
وجها ايضا الذي نصادفة فالمجلات و الاعلانات،
لتلك النساء الواجهة،
المعدات مسبقا لبيع شيء ما ،
قد يصبح معجون اسنان،
او مرهما ضد التجاعيد.

ام تراك لبست ذلك القناع،
فقط لتروجى لبضاعه فشكل كتاب،
اسميتها “منعطف النسيان” بضاعه ربما تكون قصتى معك..
وذاكره جرحي؟

وقد تكون احدث كيفية و جدتها لقتلى اليوم من جديد,
دون ان تتركي بصماتك على عنقى .

يومها تذكرت حديثا قديما لنا .

عندما سالتك مره لماذا اخترت الروايه بالذات.
واذا بجوابك يدهشنى .

قلت يومها بابتسامه لم ادرك نسبة الصدق بها من نسبة التحايل:

” كان لا بد ان اضع شيئا من الترتيب داخلي..
واتخلص من بعض الاثاث القديم .

ان اعماقنا كذلك فحاجة الى نفض كاى بيت =نسكنة و لا ممكن ان ابقى نوافذى مغلقة كذا على اكثر من جثه .
.

اننا نكتب الروايات لنقتل الابطال لا غير,
وننتهى من الاشخاص الذين اصبح و جودهم عبئا على حياتنا.
فكلما كتبنا عنهم فرغنا منهم… و امتلانا بهواء نظيف …” .

واضفت بعد شيء من الصمت:

” فالحقيقة جميع روايه ناجحة,
هى جريمة ما نرتكبها تجاة ذاكره ما .
وربما تجاة شخص ما ,
علي مراي من الجميع بكاتم صوت.
ووحدة يدرى ان تلك الكلمه الرصاصه كانت موجهه اليه

والروايات الفاشلة,
ليست سوي جرائم فاشلة,
لا بد ان تسحب من اصحابها رخصه حمل القلم,
بحجه انهم لا يحسنون استخدام الكلمات,
وقد يقتلون خطا فيها اي احد .
.
بمن فذلك انفسهم ,

بعدما يكونون ربما قتلوا القراء … ضجرا !
”.

كيف لم تثر نزعتك الساديه شكوكى يومها .
.
وكيف لم اتوقع جميع جرائمك التي تلت هذا اليوم,
والتى جربت بها اسلحتك الاخرى؟

لم اكن اتوقع يومها انك ربما توجهين يوما رصاصك نحوى .

ولذا ضحكت لكلامك,
وربما بدا يومها انبهارى الاخر بك.
فنحن لا نقاوم,
فى هذي الحالات ,

جنون الاعجاب بقاتلنا !

ورغم هذا ابديت لك دهشتى .

قلت :

_ كنت اعتقد ان الروايه كيفية الكاتب فان يعيش مره اخرى قصة احبها..
وطريقتة فمنح الخلود لمن احب .

وكان كلامي فاجاك فقلت و كانك تكتشفين شيئا لم تحسبى له حسابا:


– و قد كان صحيحا ايضا,
فنحن فالنهاية لا نقتل سوي من احببنا.
ونمنحهم تعويضا عن هذا خلودا ادبيا .

انها صفقة عادله .

اليس كذلك؟!


عادلة ؟

من يناقش الطغاه فعدلهم او ظلمهم؟
ومن يناقش نيرون يوم احرق روما حبا لها,
وعشقا لشهوة اللهب .

وانت,
اما كنت مثلة امرأة تحترف العشق و الحرائق بالتساوي؟

اكنت لحظتها تتنباين بنهايتى القريبة،
وتواسيننى مسبقا على فجيعتي…

ام كنت تتلاعبين بالعبارات كعادتك,
و و تتفرجين على و قعها علي,
وتسعدين سرا باندهاشى الدائم امامك,
وانبهارى بقدرتك المذهلة,
فى خلق لغه على قياس تناقضك .

كل الاحتمالات كانت ممكنة …

فربما كنت انا ضحيه روايتك هذه,
والجثه التي حكمت عليها بالخلود,
وقررت ان تحنطيها بالكلمات… كالعادة.

و قد كنت ضحيه و همى فقط,
ومراوغتك التي تشبة الصدق.
فوحدك تعرفين فالنهاية الجواب على جميع تلك الاسئله التي ظلت تطاردني,
بعناد الذي يبحث عن الحقيقة دون جدوى .

متي كتبت هذا الكتاب؟

اقبل زواجك ام بعده؟
اقبل رحيل زياد .
.
ام بعده؟
اكتبتة عنى .
.
ام كتبتة عنه؟
اكتبتة لتقتلينى به..
ام لتحيية هو ؟

لم لتنتهى منا معا،
وتقتلينا معا بكتاب واحد… كما تركتنا معا من اجل رجل واحد ؟

عندما قرات هذا الخبر منذ شهرين,.
لم اتوقع اطلاقا ان تعودى فجاه بذلك الحضور الملح,
ليكون كتابك محور تفكيري,
ودائره مغلقة ادور بها و حدى .

فلا كان ممكنا يومها بعد جميع الذي حدث,
ان اذهب للبحث عنه فالمكتبات ,

لاشترى قصتى من بائع مقابل و رقة نقدية.
ولا كان ممكنا كذلك ان اتجاهلة و اواصل حياتي و كاننى لم اسمع فيه ,

وكان امرة لا يعنينى تماما .

الم اكن متحرقا الى قراءه بقيه القصة؟

قصتك التي انتهت فغفله منى ,

دون ان اعرف فصولها الاخيرة.
تلك التي كنت شاهدها الغائب,
بعدما كنت شاهدها الاول.
انا الذي كنت,.
حسب قانون الحماقات نفسه.
الشاهد و الشهيد دائما فقصة لم يكن بها من مكان سوي لبطل واحد .

ها هوذا كتابك امامي..
لم يعد بامكانى اليوم ان اقراه.
فتركتة هنا على طاولتى مغلقا كلغز,
يتربص بى كقنبله موقوتة,
استعين بحضورة الصامت لتفجير منجم العبارات داخلى … و استفزاز الذاكره .

كل شيء به يستفزنى اليوم .
.
عنوانة الذي اخترتة بمراوغة و اضحة..
وابتسامتك التي تتجاهل حزنى .

ونظرتك المحايده التي تعاملنى و كاننى قارىء,
لا يعرف العديد عنك .

كل شيء..
حتي اسمك .

وربما كان اسمك الاكثر استفزازا لي,
فهو ما زال يقفز الى الذاكره قبل ان تقفز حروفة المميزه الى العين .

اسمك الذي .
.
لا يقرا و انما يسمع كموسيقي تعزف على اله واحده من اجل مستمع واحد.

كيف لى ان اقراة بحياد,
وهو فصل من قصة مدهشة كتبتها الصدفة,
وكتبها قدرنا الذي تقاطع يوما؟

يقول تعليق على ظهر كتابك انه حدث ادبى .

واقول و انا اضع عليه حزمه من الاوراق التي سودتها فلحظه هذيان..

” حان لك ان تكتب..
او تصمت الى الابد ايها الرجل .

فما اعجب ما يحدث هذي الايام !

وفجاة..
يحسم البرد الموقف,
ويزحف ليل قسنطينه نحوى من نافذه للوحشة.
فاعيد للقلم غطاءه,
وانزلق بدورى تحت غطاء الوحده .

مذ ادركت ان لكل مدينه الليل الذي تستحق,
الليل الذي يشبهها و الذي و حدة يفضحها,
ويعرى فالعتمه ما تخفية فالنهار,
قررت ان اتحاشي النظر ليلا من هذي النافذه .

كل المدن تمارس التعرى ليلا دون علمها,
وتفضح للغرباء اسرارها ,

حتي عندما لا تقول شيئا .

وحتي عندما توصد ابوابها.

ولان المدن كالنساء,
يحدث لبعضهن ان يجعلننا نستعجل قدوم الصباح.
ولكن …

“soirs,
soirs.que de soirs pour un seul matin .
.”

كيف تذكرت ذلك المنزل للشاعر “هنرى ميشو” و رحت ارددة على نفسي باكثر من لغه .
.

“امسيات .
.
امسيات كم من مساء لصباح واحد ”

كيف تذكرته,
ومتي ترانى حفظته؟
..
ترانى كنت اتوقع منذ سنين امسيات بائسه كهذه,
لن يصبح لها سوي صباح واحد ؟

انقب بعض الشيء فذاكرتى عن القصيده التي اخذ منها ذلك المنزل,
واذا بعنوانها “الشيخوخة” .
.

فيخيفنى اكتشافى فجاه و كاننى اكتشف معه ملامح و جهى الجديدة.
فهل تزحف الشيخوخه كذا نحونا حقا بليل طويل واحد.
وبعتمه داخلية تجعلنا نتمهل فكل شيء,
ونسير ببطء,
دون اتجاة محدد؟

ايصبح الملل و الضياع و الرتابه جزءا من مواصفات الشيخوخه ام من مواصفات هذي المدينه ؟

ترانى انا الذي ادخل الشخوخة..
ام تري الوطن باكملة هو الذي يدخل اليوم سن الياس الجماعي؟

اليس هو الذي يملك هذي القدره الخارقة,
علي جعلنا نكبر و نهرم فبضعه اشهر,
واحيانا فبضعه اسابيع فقط ؟

قبل اليوم لم اكن اشعر بثقل السنين,
كان حبك شبابي,
وكان مرسمي طاقتى الشمسيه التي لا تنضب,
وكانت باريس مدينة انيقة,
يخجل الواحد ان يهمل مظهرة فحضرتها .

ولكنهم طاردونى حتي مربع غربتي,
واطفاوا شعله جنونى … و جاؤوا بى حتي هنا .

الان نحن نقف جميعا على بركان الوطن الذي ينفجر ,

ولم يعد فو سعنا ,

الا ان نتوحد مع الجمر المتطاير من فوهته,
وننسي نارنا الصغيرة… اليوم لا شيء يستحق جميع تلك الاناقه و اللياقة.
الوطن نفسة اصبح لا يخجل ان يبدو امامنا فو ضع غير لائق !


رواية اتغنى بها حبيبتي