في التاسع و العشرين من ايار سنه 2002 و قبل ساعات قليلة من الفراغ من ذلك الكتاب ,
ذهبت الى مدينه لورد ففرنسا لاجلب القليل من مياة الينبوع العجائبيه .
كنت اقف فساحه الكنيسه عندما اتجة نحوي رجل يناهز السبعين و خاطبني قائلا ” هل تعرف انك تشبة باولو كويليو ؟
”
اجبتة بانني انا هو ,
عانقني الرجل و قدم لي زوجتة و حفيدتة قال لي ان كتبي تحتل مكانه كبار فحياتة ,
ثم ختم كلامة بالقول ” انها تجعلني احلم ” .
غالبا ما سمعت هذي الجمله و ادخلت المسره الى قلبي لدي سماعها .
لكني ,
مع هذا شعرت فتلك اللحظه بقلق عميق .
كنت اعرف ان روايتي ” 11 دقيقه ” تتناول موضوعا حساسا يحدث لدي القارئ صدمه عنيفه و مزعجه .
مشيت الى الينبوع لاحصل على القليل من المياة العجائبيه .
ثم سالت الرجل عن مكان اقامتة ( شمال فرنسا قريبا من الحدود مع بلجيكا ) و سجلت اسمه فمفكرتي .
موريس غرافلين ذلك الكتاب مهدي اليك .
لدي و اجب تجاهك و تجاة زوجتك و حفيدتك و تجاة نفسي ,
التحدث عما يشغلني و ليس عفا يود الناس سماعة .
ان بعض الكتب تجعلنا نحلم و بعضها الاخر يذكرنا بالواقع ,
لكن لا ممكن لاي كاتب ان يتنصل مما هو جوهري لكتابتة ,
الا و هو النزاهه التي يكتب فيها .
* * * * *
لانني الاولي و الاخيرة
لانني المبجله و المحتقرة
الزوجه و العذراء
اام و الابنة
لانني ذراعا امى
لانني العاقر و لان اولادي لا يحصون
لانني الزوجه الزوجه و العزباء
لانني العزاء فالام الولادة
لانني الزوجه و الزوج
و لاني رجلي هو الذي خلقنى
لانني ام ابى
لانني اخت زوجى
و لان زوجي هو ابني الذي تخليت عنه
لانني جميع ذلك
قدموا لي الاحترام على الدوام
فانا الفاجره و انا المراةالنبيله …
نشيد من ايزيس ,
القرن الثالث الميلادي او الرابع ,
اكتشف فنجع حمادى
كان يا مكان ,
كانت هنالك عاهره تدعي ما ريا .
لحظه لو سمحتم ” كان يا مكان ” هذي هي العبارة المثلي للبدء بقصة خرافيه لاطفال ” فيما كلمه ” عاهره ” كلمه تستخدم للبالغين .
كيف بالامكان اذا البدء بقصة على ذلك التناقض المبين ؟
لكن بما اننا فكل لحظه من حياتنا لدينا قدم فقصص الجنيات الخرافيه و قدم ثانية فالهاويه ,
فلنحتفظ اذا بهذه البداية .
كان يا مكان ,
كانت هنالك عاهره تدعي ما ريا .
ولدت عذراء بريئه ككل العاهرات و حلمت ابان مراهقتها ,
بان تلتقي فتي احلامها ( ارادتة ان يصبح ثريا و ذكيا و جميلا ) و ان تتزوجة ( مرتدية ثوب الزفاف ) و ان تنجب منه طفلين ( لا يلبثان ان يصبحا مشهورين فالمستقبل ) ,
وان تقيم فبيت رائع ( يشرف على البحر ) .
كان و الدها و كيلا لاحدي الشركات التجاريه و والدتها خياطه .
لم يكن هنالك فمدينتها نوردستا فالبرازيل الا صاله سينما واحده و ملهي ليلي و وكاله مصرفيه .
لذا كانت ما ريا تنتظر اليوم الذي سيظهر به فارس اخلامها بغته و دون سابق انذار فيمتلك قلبها و تنطلق لغزو العالم .
بما ان فارس الاحلام لم يخرج ,
فلم يتبق لها و الحالة هذي سوي الحلم .
عرفت طعم الحب لاول مره فالحاديه عشره من عمرها ,
عندما كانت تذهب الى المدرسة الابتدائية سيرا على القدمين .
في اليوم الاول من السنه الدراسية ,
ادركت انها لم تكن و حيده على الطريق و ان صبيا يسكن فالجوار يمشي على مسافه قريبه منها ,
ويذهب الى المدرسة فالاوقات نفسها ,
ولم يكونا ليتبادلا كلمه واحده .
لكن ما ريا لاحظت ان اللحظات ,
التي كانت تدخل السرور الى قلبها و تشعرها بالبهجه اكثر من اي شئ احدث ,
هي تلك التي تقضيها على الطريق المغبزه بالرغم من العطش و التعب فالشمس المحرقه ,
والصبي الذي يسرع فمشيتة ,
فيما هي تبذل جهودا مضنيه لتبقي فمحاذاتة .
تكرز المشهد لاشهر عده ,
لم يكن لدي ما ريا ,
التي تكرة الدرس ,
من تسليه ثانية سوي مشاهدي التلفاز .
لذا اخذت تتمني ان يمضي الوقت بسرعه ,
وتنتظر بلهفه اوقات الذهاب الى المدرسة ,
وتشعر بالضجر فعطله نهاية الاسبوع بخلاف الفتيا اترابها .
كانت ما ريا تتعذب ,
لان الساعات تمر بطئيه بالاولاد ,
ابطا منها بالكبار ,
وتحس بان ايامها متناهيه الطول لانها لا تمنحها الا عشر دقيقة تقضيها على الطريق بمحاذاه فتي احلامها ,
فيما تقضي الاف الدقيقة و الساعات فعالم الخيال تحلم بلقائة و التحدث الية و لو لبرهه قصره من الوقت .
وذات صباح اقترب منها الصبي و سالها ان تعيرة قلما .
فلما تجب و تظاهرت بان ذلك التقرب المتطفل يزعجها فحثت الخطي .
ثم ما لبثت ان تجمدت من شده الذعر عندما راتة يتجة ناحيتها .
خشيت ان يكتشف انها تحبة و تنتظرة ,
وانها تحلم بان ياخذ بيدها متجاوزا باب المدريه فتعبر الطريق برفقتة حتي النهاية ,
الي ان تبلغ ,
كما يقال ,
مدينه كبار و اشخاصا يبدون و كانهم طالعون من الورايات و فنانين و سيارات و قاعات سينما كثيرة و جميع نوعيات الفرائد .
طوال النهار ,
كان يشق عليها ان تستجمع افكارها فالصف ,
كان تصرفها العبثي يعذبها فان التفكير بان الصبي استانس بوجودها هو كذلك ,
وبانة استعمل القلم ذريعه للدخول فحديث معها ,
لانها لاحظت فلما فجيبة لدي اقترابة منها .
كانت تتحرق شوقا و حزنا لرؤيتة .
في تلك الليلة و فالليالي التي اعقبتها ,
اخذت كافه الاجوبه التي ممكن ان تواجهة فيها ,
الي ان عثرت على الكيفية المثلي التي تؤهلها البدء بقصة لن تنتهي ابدا .
لكن الصبي لم يعد يتوجة اليها بالكلام .
استمر لقاؤهما على طريق المدرسة ,
احيانا تقدمه ما ريا يضع خطوات و تمسك قلما بيدها اليمني ,
واحيانا تتخلف عنه قليلا ليتاح لها ان تراقبة مليا .
وقد و جدت لزاما عليها ان تكتفي بحبة ,
وتتعذب بصمت حتي نهاية السنه الدراسية .
بدت لها العطله لا متناهيه و استفاقت ذات صباح و ساقاها ملطختان بالدم .
ظنت انها ما ئته لا محالة .
فقررت ان تكتب رساله للصبي تعترف له بها انه كان الحب الاول الكبير فحياتها .
ثم خطرت لها فكرة ان تغرق ف” السرتا ” و تفترسها احدي البهائم المتوحشه التي تلقي الذعر فنقوس مزارعي تلك المنطقة كالغول الذئبي او البغله التي لا راس لها .
( * )
وهكذا ,
اخذت تفكر بان و الديها لن يبكيا لموتها لان الفقراء يتعللون بالامل ,
رغم الماسي التي ترهق كواهلهم .
لا بل سيعتقدان ان عائلة ثريه دون اولاد ربما اختطفتها و انها سترجع يوما مكلله بالمجد و الثروه .
اما الحبيب الحالي ( و الابدي ) فحياتها ,
فلن يتمكن من نسيانها و سيتعذب جميع صباح لانة لم يتوجة اليها بالكلام .
لم تتمكن ما ريا من كتابة الرساله لانها امها دخلت غرفتها و رات الئرائف الملظخه ببقع الدم و قالت ” ها ربما كبرت و صرت بنوته يا صغيرتي ” .
ارادت ما ريا ان تعرف ما هي العلاقه بين كونها صارت بنوته ,
والدم الذي انساب بين ساقيها .
لكن امها عجزت عن شرح هذا لها .
اكدت لها فقط ان ما حدث لها طبيعي و انها من الان فصاعدا يتوخي عليها ان تضع منشفه صغار بسماكه و ساده دميه ,
مدة اربعه او خمسه ايام فالشهر .
سالتها ما ريا عما اذا الرجال يستخدمون انبوبا لكي يمنعوا الدم من تلطيخ سراويلهم ,
وعلمت ان هذا لا يحدث الا للنساء فقط .
شكت امرها لله ,
بيد انها الفت احدث الامر ,
العاده الشهرية ,
لكن صعب عليها ان تالف غياب الصبي .
تلوم نفسها على موقفها السخيف الذي يدفعها الى التهرب مما كانت تتمناة اكثر من اي شئ احدث .
عشيه العوده الى المدرسة ,
دخلت الكنيسه الوحيده فالمدينه و اقسمت امام القديس انطونيوس بانها ستتخذ المبادره و تتحدث الى الصبي .
في اليوم الاتي ,
رتبت هندامها على اكمل و جة و ارتدت الفستان الذي خاطتة امها خصيصا للمناسبه .
ثم خرجت و هي تشكر الله على ان العطله انتهت اخيرا .
لكن الصبي لم يخرج .
وهكذا مر اسبوع جديد من الحيره و القلق ,
ثم ما لبثت ان علمت من بعض الاصدقاء ان الصبي غادر المدينه .
قال لها احدهم ,
غادر بعيدا ….
عندئذ ادركت ما ريا ان ليس هنالك ما يمنع من ان نفقد بعض الحاجات الى الابد ,
وعلمت كذلك ان هنالك مكانا يدعي ” بعيدا ” و ان العالم و اسع و مدينتها صغار .
وان الكائنات الاهم يؤؤل فيها الامر الى الرحيل دوما .
ودت لو انها تستطيع ان تغادر هي كذلك ,
لكنها لا تزال فتيه جدا جدا .
ومع هذا ,
حسن شاهدت الطرقات المغبره ,
اتخذت القرار بانها ستمشي ذات يوم على خطي الصبي ,
في ايام الجمعة اللاحقه ,
وعلي مدي السنوات الاتيه ,
تناولت ما ريا القربان المقدس و فق عاده اسلاميه درجت عليها ,
وصلت للعذراء طالبه منها ان تنقذها يوما من ذلك المازق .
تعذبت ما ريا لبعض الوقت ,
وعبثا حاولت ان تجد اثرا للصبي .
لكن احدا لا يعرف الى اين انتقل اهلة .
عندئذ بدات ما ريا تشعر ان العالم و اسع جدا جدا و ان الحب العظيم .
ايقنت كذلك ان العذراء تقطن فالسموات البعيده التي لا تصلها صلوات الاولاد و تضرعاتهم .
مرت ثلاث سنوات تعلمت خلالها ما ريا الجغرافيا و الرياضيات ,
وتابعت مشاهدة المسلسلات التلفزيونيه .
كما تفصحت سرا فالمدرسة اولي المجلات الاباحيه .
وشرعت تكتب بانتظام يوميات تتحدث بها عن حياتها الرتيبه و رغبتها الكاملة فالتعزف عن كتب الى ما تعلمتة ,
المحيط ,
الثلج ,
الرجال الذين يرتدون العمامات ,
النساء الانيقات المزدانات بالجواهر .
.
لكن ,
لما لم يكن احد يستطيع التعايش مع الرغبات المستحيله ,
وبخاصة حين تكون الام خياطه و الاب غائبا دوما ,
فسرعان ما ادركت ما ريا انه يجدر فيها ان تولي ما يحدث من حولها اهتماما اكبر .
كانت تتابع الدراسه لكي تتدبر امرها فالحياة ,
وتفتش فالوقت نفسة عن رفيق ممكن ان يشاركها فالحياة ,
وتفتش فالوقت نفسة عن رفيق ممكن ان يشاركها احلامها فالغامره .
عندما بلغت سن الخامسة عشر و قعت فغرام صبي التقتة اثناء احد الزياحات التي تجزي فاسبوع الالام .
لم تكرر الخطا الذي ارتكبتة فطفولتها ,
تحدثا و صارا صديقين بعدها ذهبا الى السينما و الى الاعياد معا .
وخلصت ما ريا الى النتيجة نفسها التي تقول ان الحب يتجلي فغياب الحبيب اكثر من هفي حضورة .
كانت تفتقد حضور الفتي باستمرار ,
وتقشي الساعات متخيله ما ممكن ان تقوله له فاللقاء المقبل ,
مستعبده جميع اخرى تقاسمتها معه ,
مستحضره ما فعلتة من تصرفات جيده او سيئه .
كانت تحب ان تخرج بمظهر الفتاة الشابه التي تملك تجربه فالحياة و التي سبق لها ان كابدت هياما كبرا ,
وعرفت مقدار الالم الذي يسببة ذلك الشغف .
كانت عازمه على الصراع بكل ما اوتيت من قوه ,
لتملك قلب ذلك الرجل ,
او ليس هو من سيتزوج فيها ,
ويمنحها اولادا و يهيبها بيتا يشرف على البحر .
حدثت امها فالامر فقالت متوسله :
– لا يزال الوقت مبكرا جدي يا بنتي .
– لكنك كنت فالسادسة عشره عندما اقترنت بابي .
امتنعت الام عن شرح اسباب ذلك الزواج المبكر الذي يعود الى ظهور بودار حمل غى متوقع .
ارادت ان تضع حدا للنقاش ,
فلجات الى الحجه القائله بانه ” فذلك الزمان ,
كان الامر مختلفا ” .
في اليوم الاتي ذهبت ما ريا برفقه الصبي للتنزة فالريف المحيط بالمدينه .
اخذا يتبادلان اطراف الحديث ,
حدثتة ما ريا عن رغبتها فالسفر ,
فاخذها بين ذراعية على سبيل الاجابه و قبلها .
اول قبله فحياتها !
حلمت بهذه اللحظه .
كان المنظر بديعا ,
طيور ما لك الحزين المحلقه فالجو و الشمس الغاربه ,
والمنطقة شبة القاحله بجمالها الوحشي ,
وصوت الموسيقي الصادحه فالبعيد .
.
تظاهرت ما ريا بالتمنع بعدها عانقتة مكرره الحركة التي راتها مرات عده فالسينما و المجلات و التلفاز .
مزغا شفتيها بعنف فوق شفتية ,
محركة راسها من جهه ثانية بشكل شبة منتظم و شبة خارج عن سيطرتها .
شعرت بين الفينه و الثانية ان لسان الرجل يلامس اسنانها و وجدت الامر لذيذا .
و فجاه توقفت عن التقبيل .
سالها الصبي : الا ترغبين فذلك ؟
..
ماذا عليها ان تجيبة ؟
اتجيبة بانها ترغب فذلك ؟
بالطبع !
لكن لا يجدر بالمرأة ان تستلم على ذلك النحو ,
وبخاصة لزوجها المقبل ,
والا لاشتبة بامرها طوال حياتة ,
ولا اعتقد بانها تقبل جميع شئ بسهوله كبار .
لذا فضلت الا تقول شيئا .
اخذها من جديد بين ذراعية ,
بحماس اقل هذي المره .
ثم توقف و ربما اشتد احمرار و جهة .
ادركت ان هنالك خللا ما طرا ,
لكنها خافت ان تسالة عن المقال .
امسكت بيدة و عاد الى المدينه ,
وهما يتحدثان عن امر احدث و كان شيئا لم يكن .
في تلك الليلة ,
وايقنت ما ريا ان حدثا جللا ربما حصل ,
فدونت فيومياتها هذي الكلمات التي انتقتها بعنايه .
” عندما نلتقي احدهم و نقع فغرامة ,
نشعر ان الكون كله يطاوعنا فهذا الاتجاة .
هذا ما حدث لي اليوم عند مغيب الشمس .
لكن اذا حدث خلل منا ,
فان جميع شئ عندئذ يتلاشئ و يختفي !
طيور ما لك الحزين و الموسيقي الصادحه فالبعيد و طعم شفتية .
تري ,
كيف ممكن للجمال الذي كان حاضرا بقوه ان يختفي بهذه السرعه و يتلاشئ ؟
الحياة تمر مسرعه و تنقلنا من الجنه الى الجحيم ,
ولا يحتاج الامر الا الى ثوان معدودات .
في اليوم الاتي ,
ذهبت لموافاه ضديقتها شاهدنها جمعهم تتنزة برفقه ” حبيبها ” .
يبدو انه ليس مهما فنهاية المطاف ان يعيش الانسان حبا كبيرا ,
المهم ان يعرف الجميع انك شخص يثير الرغبه لدي الاخر .
كانت صديقتها متشوقات جدا جدا ليعرفن كيف جرت الامور ,
فاعلنت ما ريا لهن بفخر شديد ان اروع ما حصل لها هو عندما لامس لسانها اسنانها .
اخذت احدي الفتيات بالضحك .
– الم تفتحي فمك ؟
و بغتي ,
اصبح جميع شئ و اضحا لها ,
السؤال و الخيبه .
– و لم على فعل هذا ؟
– لكي تدعي لسانة يمر .
– و ما الذي سيتغير ؟
– كذا يقبل الرجل المرأة .
اطلقت الضحكات المكبوته ,
واظهرت بعض الفتيات تعاطفا مخادعا فيما كتمت الاخريات غيظهن ,
ولاحت فاذهانهن مشاريع الانتقام ,
لانهم لم يعرفن حبيبا من قبل .
تظاهرت ما ريا بعد الاكتراث ,
وضحكت بدورها ,
حتي لو كانت روحها تبكي .
اخذت تلعن فسرها جميع الافلام التي علمتها ان تغمض عينيها و تمسك بيدها راس صديقها ,
ثد تدير راسها تاره الى اليسار و طورا الى اليمين دون ان تعلمها ما هو جوهري .
ثم ما لبثت ان صاغت تفسيرا ملائما لما جري ( لم اشا الاستسلام فالحال ,
لانني لم اكن متاكده بعد من مشاعري .
لكني متيقنه الان انه رجل حياتي ) و انتظرت الفرصه المقبله .
بعد ثلاثه ايام ,
رات الفتي اثناء احتفال اقمتة البلديه ,
وكان يمسك بيد احدي صديقاتها ,
تلك التي سالتها بالذات عن طعم القبله الاولي .
تظاهرت ما ريا عندئذ بعدم الاكتراث .
احتملت المشهد حتي نهاية السهرة ,
والهت نفسها بالتحدث الى صديقاتها الفنانات ,
والشبان الذين يسكنون فالجوار .
كما تظاهرت بتجاهل نظرات الاشفاق التي رمقتها فيها احدي صديقاتها .
لكن ,
ما ان رجعت الى المنزل حتي شعرت انها عاجزه عن الامساك بزمام الامور و ان عالمها ربما انهار ,
فبكت طوال الليل .
تعذبت ثمانيه اشهر متواصله و خلصت الى ان الحب لم يخلق لها و لم تخلق هي من اجلة .
قررت عندئذ ان تسلك طرق الرهبنه و تكرس بقيه حياتها لمحبه يسوع ,
لان ذلك الحب لا يترك جراحا اليمه فالقلب .
سمعت الناس فالمدارس يتحدثون عن مرسلين الى افريقيا للتبشير ,
فرات فذلك منفذا للخلاص من حياتها الرتيبه الخاليه من الانفعالات .
قررت الدخول الدير ,
وتعلمت الاسعافات الاوليه ( لان هنالك ناسا كثيرين يقضون حتفهم فافريقيا بحسب ما يقول بعض الاساتذه ) ,
وشاركت بجد و مثابره فدروس التعليم الديني .
بدات تتخيل نفسها قديسه الازمنه الجديدة تخلص النفوس الخاطئة ,
وتستكشف الغابات المزدحمه بالنمور و الاسود .
لكن تلك السنه ,
سنه بلوغها الخامسة عشر ,
خبات لها اكتشافها .
ثالثا ” الاستمناء ” اكتشفتة بالمصادفه ,
عندما كانت تلعب بعضوها فيما تنتظر رجوع امها الى البيت .
كانت ربما اكتشبت تلك العاده فطفولتها ,
ووجدت بها لذه غامره .
الي ان فاجاها و الدها ذات يوم و هي فو ضعيه الاستمناء ,
فانهال عليها بالضرب دون ان يشرح لها الاسباب =.
لم تنس ما ريا الضربات ,
وتعلمت انها يجب ان تمتنع عن ملامسه عضوها فحضور الاخريين .
وبما انها لم تكن لديها غرفتها الخاصة ,
فقد نسيت اللذه التي منحتها اياها هذي العاده .
ولبثت ايضا الى ان اكتشفتها مجددا فذلك اليوم بعد الظهيره ,
بعد مرور سته اشهر تقريبا على القبله الشهيره .
تاخرت امها فالعوده ,
كان ابوها ربما خرج مع صديقة .
لم يكن لديها ما تفعلة و لم يكن هنالك برنامج مهم على التلفزيون .
لذا ,
اخذت تتلهي بتفحص جسدها على امل ان تجد به بعض الشعيرات المزعجه التي تستوجب الازاله .
دهشت عندما لاحظت وجود برعم صغير فاعلي فرجها .
اخذت تلامسه دون ان تتمكن من ردع نفسها ,
وراحت و تيره لذتها تتصاعد لتصير اكثر حده ,
والتوي جسدها كله لذه ,
وبخاصة القسم الذي لامستة .
شعرت بانها تدخل شيئا فشيئا يشبة الجنه ,
وتزايد الشعور .
دونت فيومياتها انها لم تعد تري و لا تسمع شيئا بوضوح .
بدا جميع شئ و كانة اصطبغ بالذهب ,
قم انت تحت طاه اللذه ,
وكانت تلك رعشتها الجنسية الاولي .
الرعشه الجنسية !
المتعه !
لكن بدا لها ان الامير يشبة سقوطا بطيئا بمظله من اقاصي السماء الى الارض .
كان جسدها ينضح عرقا ,
لكنها احشت انها تشعر بارتياح كلي يغمرها و انها مفعمه بالحيوية .
هذا هو اذا الجنس !
يا للحلوه !
لم تعد محتاجه الى مجلات بورتو غرافيه يتحدث بها الجميع عن اللذه يتكشيره تنم عن الم .
لم تعد بحاجة الى رجل يحب جسد المرأة و بكره قلبها .
بامكانها ان تفعل جميع هذا بمفردها !
اعادت الكره متخيله ممثلا شهيرا يقوم بمداعبتها و بلغت من جديد اعالي السماء قبل ان تهبط مجددا على الارض و هي تفيض بالحيوية .
كانت تهم بالاستمناء للمره الثالثة عندما و صلت امها .
ذهبت ما ريا لتتحدث مع صديقاتها عن اكتشافها ذلك ,
وحاذرت هذي المره ان تبوح لهن انها قامت بالتجربه الاولي منذ ساعات قليلة .
كن جميعهن ,
ماعدا اثنتين ,
يعرفن العديد عن المقال .
لكن ايا منهن لم تتجرا على قول هذا علانيه .
شعرت ما ريا انها على و شك ان تصير ثوريه و قائده للجماعة ,
فاخترعت ” لعبه الاسرار الحميمه ” و طلبت الى جميع واحده ان تتحدث عن طريقتها الاثيره فالاستمناء .
تعلمت ما ريا عده تقنيات لاستمناء ,
البقاء مثلا تحت الغطاء فعز الصيف ( لان التعرق ,
كما قالت احدي الفتيات يسهل العملية ) او استعمل ريشه و رزه لملامسه المكان ( لم تكن ما ريا تعرف اسم المكان ) او تدع صبيا يقوم بذلك مكانها ( ذلك لم يكن ضروريا لماريا ) او استخدام حنفيه الاستبراء ,
( لم يكن لديها حوض لاستبراء ,
لكنها ستجرب هذا لدي زيارتها لاحدي صديقاتها الثريات ).
عندما اكتشفت ما ريا الاستمناء و استعملت بعض التقنيات التي اقترحها عليها صديقاتها ,
تخلت نهائيا عن فكرة الرهبنه .
لقد منحها الاستمناء لذه كبار ,
لكن الجنس فنظر الدين هو اعظم الخطايا .
وعرفت عبر صديقاتها انفسهن الشائعات المتصلة بالاستمناء ,
فهو يجعل الوجي يتملئ بالبثور ,
وقد يؤدي الى الجنون او الحمل .
لكن ما ريا استمرت ,
بالرغم من جميع هذي المخاطر ,
في منح نفسها اللذه مره فالاسبوع على الاقل ,
يوم الاربعاء عموما ,
حين يذهب ابوها لكي يلعب الورق مع اصدقائة .
وفي الوقت نفسة ,
بدات ما ريا تشعر ان ثقتها بنفسها تضعف فحضور الرجال ,
وتملكتها رغبه عارمه فمغادره المكان الذي تعيش به .
وقعت فالحب مره ثالثة و رابعة و تعلمت التقبيل و المداعبه و الاستسلام لداعبه احبائها ,
الا ان هنالك دوما شيئا لا يسير على ما يرام ,
ويحدث ان تنتهي العلاقه فالوقت الذي تقتنع ما ريا به بان شريكها مناسب لتقضي معه بقيه ايام حياتها .
وفي النهاية ,
توصلت ما ريا الى الاستنتاج ان الرجال لا يجلبون الا الالم و الحرمان و العذاب و الضجر .
ذات يوم ,
بعد الظهيره ,
حين صادف و جودها فاحدي الحدائق ,
اتخذت قرارا ,
وهي تراقب اما تلاعب ابنها ذا السنتين ,
ان بامكانها ان يصبح لها هي كذلك زوج و اولاد و بيت =يشرف على البحر ,
لكنها لن تقع فالغرام اطلاقا ,
لان الغرام يفسد جميع شئ .
* * * * *
وهكذا ,
مرت سنوات مراهقه ما ريا .
ازدادت جمالا و جذب مظهرها الغامض و الحزين العديد من الرجال ,
فخرجت بصحبتهم ,
حلمت و تعذبت ,
بالرغم من الوعد الذي قطعتة على لنفسها بالا تقع فالغرام من جديد .
فقدت عذريتها اثناء احد هذي اللقاءات على مقعد سيارة خلفي ,
كانت هي و صاحبها يتلامسان باضطرام اكبر من المعتاد فتحمس الفتي .
واذ سئمت ما ريا من كونها احدث عذراء بين صديقاتها ,
سمحت له بولوجها .
كان الامر مؤلما بخلاف الاستمناء الذي كان يقودها الى الجنه ,
ولطخ خيط رفيع من الدم ثوبها .
لم يمنحها هذا الشعور السحري الذي منحتها اياة القبله الاولي .
ليس هنالك طيور ما لك الحزين المحلقه فالفضاء و لا الشمس الغاربه و لا الموسيقي … ارادت ان تنسي ما حصل لها .
ضاجعت الصبي عده مرات ,
بعد ان حذرتة بانه يعرض نفسة للقتل على يد ابيها فيما لو عرف انه فض بكاره ابنتة .
جعلت منه اداه لتتعلم ممارسه الجنس ,
وحاولت بجميع الوسائل ان تعرف اين مكامن اللذه فالعلاقه الجنسية مع الشريك .
كل هذا غير مجد .
الاستمناء يتطلب اقل ,
ويمنح نعما اكبر .
لكن كل المجلات و المسلسلات التلفزيونيه و الكتب و الصديقات … جميع شئ من هذي الحاجات ,
كل الحاجات على الاطلاق تعلن و تؤكد اهمية الرجل فحياة المرأة .
فكرت ما ريا انها تعاني مشكلة جنسية لا ممكن البوح فيها ,
واخذت تحصر همها بدروسها ,
ونسيت لبعض الوقت ذلك الشئ الرائع و الفتاك الذي يدعي الحب .
* * * * *
ذلك مقطع من يوميات ( ما ريا ) و هي فسن السابعة عشره :
اتوق الى فهم الحب .
ادرك شعوري با،ني كنت مفعمه بالحياة حين احببت ,
واعرف ان جميع ما املكة الان ,
مهما يبد مهما ,
لا يلهب فقلبي الحماسه .
لكن الحب الرهيب : رايت صديقاتي يتعذبن و لا اريد ان يحصل لي هذا .
كن يسخرن مني من قبل و من براءتي .
وها هن الا،
يسالنني ماذا افعل لكي اتمكن من الهيمنه على الرجال بهذا الشكل .
ابتسم و اسكت ,
لا،ني اعرف ان الدواء اسوا من الالم نفسة .
الجواب بسيط و هي اني لا اقع فالحب .
بت ادرك مع مرور الايام هشاشةالرجال و عدم استقرارهم و قله ثقتهم بانفسهم و تصرفاتهم التي لا ممكن التنبؤ فيها … حاول بعض اباء صديقاتي استدراجي الى علاقه حميمه معهم لكنني قابلتهم بالصد .
في اول الامر ضدمت بتصرفاتهم .
اما الان فادرك ان هذا يشكل جزءا من الطبيعه الذكورية .
رغم ان هدفي يتمثل ففهم الحب ,
ورغم العذاب الذي عانيتة على ادي هؤلاء الذي سلمتهم قلبي ان بامكاني القول ان هؤلاء الذين لامسوا روحي لم ينجحوا فايقاظ جسدي من كبوتة ,
وان هؤلاء الذين لامسوا سطح جسدي لم ينجحوا فبلوغ اعماق روحي .
* * * * *
انهت ما ريا دروسها الثانوية فسن التاسعة عشره بعدها و جدت عملا فمحل للنسيج اوقعت صاحبة غرامها .
وباتت ما ريا فتلك المرحلة تعرف كيف تستغل رجلا دون ان يستغلها .
لم تسمح له قط بملامستها ,
رغم انها كانت تخرج دائما دلعا ,
وتدرك سطوه جمالها .
سطوه الجمال : تري كيف تري النساء البشعات العالم ؟
كان لديها صديقات لا يلفتن انتباة احد فالاعياد ,
ولا يسالهناحد عن احوالهن .
الا ان هؤلاء الفتيات ,
ولو بدا الامر صعب التصديق ,
يولين اهمية كبار للحب القليل الذي يمنح لهن ,
ويتعذبن بصمت عندما يرفضن ,
ويجهدن الا يبنين مستقبلهن على الامل الاحتمالي باثاره الاعجاب لدي احد الرجال .
كانت ما ريا تعتقد ان العالم يحب ان يبد لهن غير محتمل ,
لكنها تجهل انهن كن اكثر استقلاليه من الجميلات ,
ويكرسن حياتهن فاجواء هادئه لتحقيق انفسهن باطراد .
بيد ان ما ريا كانت مدركه تماما لجمالها .
ومع هذا ,
فانها احتفظت بنصيحه واحده من نصائح امها التي كانت تنساها دوما ( يا بنيتي ,
الجمال لا يدوم .
) لذلك استمرت ما ريا فعلاقه ليست بالحازه و لا بالباردة مع صاحب العمل .
وموقفها ذلك تجشد عمليا بزياده هامه لمرتبها ( لم تكن تعرف المدي الذي تستطيع به السيطره عليه و ايهامة بامكانيه و قوعها فحبائلة ,
لكن ما دام الوضع على ذلك النحو فبامكانها توفير مصدر ( رزقها ) ,
فضلا عن العلاوه المستحقه عن الساعات الاضافيه ( كان الرجل يرغب فالحقيقة ان يبقيها قريبه منه و قد كان يخشي ,
فيما لو خرجت مساء ان تلتقي حبها الكبير ) .
عملت ما ريا اربعه و عشرين شهرا دون انقطاع ,
واستطاعت توفير المعيشه لاهلها و ادخار المال الضروري .
واخيرا يا للنجاح الذي يمنحها فرصه قضاء اجازة فمدينه احلامها ,
مدينه الفنانين ,
وقبله انظار السياح ” ريو دي جانيرو ” .
اقترح عليها رب العمل ان يرافقها و يسدد عنها جميع النفقات .
تذرعت ما ريا كاذبه ان الشرط الوحيد الذي اشترطتة و الدتها للموافقه على السفر هي ان تنام عند قريب لها يمارس المصارعه اليابانية ,
لانها ذاهبه الى احدي المدن الاكثر خطوره فالعالم .
و اضافت : كما انك يا سيدي ,
لا ممكن ان تترك المحل كذا دون شخص يهتم فيه و يصبح مقال ثقه …
قال لها :
– لا تناديني ” سيدي ” .
ورات ما ريا فعينية شيئا لم تالفة من قبل ,
نار الشغف .
شكل ذلك الامر مفاجاه حقيقة لها ,
اذا كانت تعتقد ان ذلك الرجل لا يهتم الا بالجنس .
اما الان فنظرتة توحي بالعكس ,
” استطيع ان امنحك عائلة و بيتا و قليلا من المال لاهلك ” .
فكرت ما ريا بالمستقبل و قررت ان تزيد نارة اضطرارا .
قالت له : انها تحب عملها كثيرا ,
وانها ستفتقد الناس الذين تهيم بمعاشرتهم ( حرصت على الا تذكر شخصا بالتحديد لكي يبقي تصريحها محاطا بالكتمان ) ,
فهل ممكن ان يصبح ” الناس ” الذين اشارت اليهم ,
هو تحديدا ؟
ووعدتة بان تهتم بمحفظه نقودها اهتماما كبار ,
وتحافظ على نزاهه اخلاقها .
اما الحقيقة فكانت مختلفة تماما ,
لا ترغب فان يفسداحد ,
ولا اي شخص ,
اسبوعها الاول من الحريه الكاملة ,
كانت ترغب فالاستجمام و التحدث الى اشخاص مجهولين و التسكع امام الواجهات و التمتع بالنظر اليها ,
وتهيئه نفسها للالتقاء بفارس الاحلام الذي سياتي و يختطفها الى الابد .
قالت بابتسامه مغريه و بدلع مضلل ,
اي اهمية لاسبوع فحياة الانسان ؟
سرعان ما ينقضي الاسبوع ,
واعود قريبا لافي بالتزاماتي .
حاول صاحب المحل اقناعها دون جدوى ,
ثم ما لبث ان رضخ و الاسي يمزقة لانة كان عازما على القيام بخطة سريه ,
وهي طلب يدها للزواج عند رجوعها من السفر ,
فقرر ان يبقي مشاعرة طي الكتمان ,
فلا يعمد الى اسماعها كلمه غزل واحده .
اشتغرقت الرحله ثماني و اربعين ساعة فالباص .
ونزلت ما ريا من بعدها ففندق من الدرجه الخامسة فكوباكابانا ( اة ,
كوباكابانا !
الشاطئ ,
السماء … ) و قبل ان تفرغ امتعتها ,
انتشلت ” المايوة البيكيني ,
الذي اشترتة مؤخرا,
وارتدتة رغم الطقس الغائم و ذهبت الى الشاطئ .
نظرت الى البحر بحذر و خشيه ,
ثم ما لبثت ان خاضت فالماء بخفر .
ان احدا على الشاطئ لم ينتبة الى ان هذي الفتاة كانت تعيش اول اتصال لها مع المحيط و الالهه ايمنجا و التيارات البحريه و زبد الامواج ,
ومع شاطئ افريقيا المزدحم بااسود فالجهه المقابله لاطلسي .
عندما خرجت من الماء ,
اقتربت منها امرأة تبيع سندويشات خاليه من المواد الكيميائيه ,
وسالها رجل اسود رائع عما اذا كانت متفرغه ذلك المساء ,
ودعاها رجل لا يعرف كلمه برتغاليه واحده ,
بالاشارات الى مشاركتة فتناول شراب جوز الهند …
اشترت ما ريا السندويش لنها خجلت من الرفض .
الا انها تجنبت الكلام مع الرجلين .
احست بالحزن يجتاح قلبها ,
الان و ربما بات بامكانها ان تفعل ما تريد ,
لماذا كانت تتصرف بهذه الكيفية المخزيه ؟
بما انها لا تملك تفسيرا لذا ,
فقد جلست تنتظر ان تخرج الشمس المحتجبه خلف الغيوم من جديد .
الا ان الاجنبي ظهر حاملا جوزه الهند و قدمها اليها .
سرت لانها لم تكن مضطره للتحدث الية .
شربت ماء جوز الهند و ابتسمت ,
فابتسم له بدورها .
التزما لبعض الوقت بهذا الشكل من التواصل المريح الذي لا يلزم الطرف الاخر بشئ ,
ابتسماه من هنا .
ابتسامه من هنالك ,
الي ان انتشل الرجل من جيبة قاموسا صغيرا ذا غلاف احمر و قال بلكنه ” رائعة ” .
ابتسمت من جديد كانت توذ بالتاكيد ان تلتقي فارس احلامها لكنها تريدة ان يتكلم لغتها و يصبح اكثر فتوه .
اصر الرجل و هو يتفصح الكتاب قائلا ” العشاء ذلك المساء ؟
” .
و اضاف على الفور ” سويسرا ” .
ثم تلفظ بهذه العبارات التي تصدح كاجراس الجنه ايا تكن اللغه التي تقال بها ” و ظيفه !
دولارات ” !
.
لم تكن ما ريا تعرف مطعم ” سويسرا ” بعدها هل يعقل ان تكون الحاجات بهذه السهوله و ان تتحقق الاحلام بهذه السرعه !
من الاروع تحاشي المقال .
شكرا للدعوه ,
انا مشغوله ,
ولا ابحث عن شراء دولارات .
لم يفهم الرجل لكمه لعينه واحده من جوابها .
بدا يشعر بالياس .
تركها لبضع دقيقة بعد ان و جة اليها بعض الابتسامات قم عاد برفقه مترجم .
قال لها عبر و سيطة ,
انة ات من سويسرا ( ذلك ليس اسم مطعم ,
اذا بل اسم بلادة ) ,
وانة يوذ فعلا تناول العشاء معها لانة يريد ان يعرض عليها و ظيفه .
كان المترجم احد الفندق حين ينزل الرجل ,
وكان يعاونة فمساعية .
قال لها على انفراد ” لو كنت مكانك لقبلت العرض .
هذا الرجل مدير فني معم و ربما اتي الى البرازيل للبحث عن مواهب حديثة للعمل فاوروبا .
اذا شئت ,
استطيع ان اعرفك الى بعض الفتيات اللواتي و افقن على اقتراحاتة ,
وصرت ثريات و تزوجن و انجبن ,
وهن الان بمناي عن البطاله ,
وليس لديهن ما يخشينة من صروف الدهر ) .
ثم اضاف و هو ينوي التاثير بها بثقافتة الواسعه ” بالاضافه الى هذا فالسويسريون يصنعون اصنافا ممتازه من الشوكولاتة و الساعات ” .
كانت التجربه الفنيه لماريا لا تكاد تذكر ,
مثلث ذات مره دور بائعه ماء ,
واكن دور صامتا فمسرحيه تقام دوما اثناء اسبوع الالام .
ومع انها نامت بشكل شيئ فالباص ,
فان منظر البحر كان يستثريها ,
ويتعبها التهام السندويشات ,
ويحرجها انها لا تعرف احد فالريو ,
وان عليها التعرف سريعا الى احد الاصدقاء .
سبق لها ان مزت بمثل هذي الحالة و التقت رجلا يكرز اطلاق الوعود دون ان يحقق واحدا منها .
لذا ,
كانت تعرف ان قصة ذلك المدير الفني ليست الا و سيله يبحث من خلالها عن اثاره اهتمامها و التقرب منها ,
فيما هي تتظاهر بصدة .
لكنها كانت على يقين من ان العذراء منحتها هذي الفرصه ,
وعلي اقتناع بصورة ان تستفيد من جميع اخرى فاسبوع العطله ذلك .
لذا شعرت ان الامر برمتة يشكل ما ده نفسيه ممكن ان ترويها لصديقاتها عن رجوعها .
قررت عندئذ قبول الدعوه شرط ان يرافقها المترجم ,
لانها سئمت الابتسام و التظاهر بانها تفهم كلام الاجنبي .
لكن المشكلة التي تتسم بالخطوره البالغه هي انها لا تملك ثوبا للمناسبه ,
والمرأة لا تعترف ابدا بهذه الاسرار الحميمه ( يسهل على المرأة ان تتقبل خيانة زوجها من ان تعترف بالحالة المريعه لخزانه ملابسها ) .
لكن ,
بما ان ما ريا لا تعرف هذين الرجلين ,
ولن تراهما مجددا فحياتها ,
فقد رات ان ليس لديها ما تخسرة و قاتل ” ما زلت قادمه للتو من نوردستا ,
وليس لدي ما ارتدية للذهاب الى المطعم ” .
توسل اليها الرجل عبر المترجم قائلا ” انه لا يجدر فيها ان تقلق بهذا الشان ,
قم طلب اليها عنوان الفندق الذي تنزل به .
بعد الظهيره ,
ارسل اليها فستانا لم تر مثلة فحياتها و حذاء يبلغ ثمنة اجر عام كامل .
شعرت ان المغامره ربما بدات ,
المغامره التي طالما حلمت فيها اثناء طفولتها و مراهقتها ف” السرتا ” البرازيلية .
و ” السرتا ” بلاد قاحله و شباب لا مستقبل لهم ,
مدينه نزيهه لكن فقيره ,
والحياة فيهعا رتيبه و فارغه من اي اهتمام .
ها هي تتحضر الان لتصبح اميره العالم !
ها ان رجلا يعرض عليها و ظيفه و دولارت ,
ويقدم لها حذاء مترفا و فستانا يشبة الفساتين فقصص الساحرات !
لا ينقصها الا الماكياج ,
لكن موظفه الاستعلامات تعاطفت معها و اتت لنجدتها و لم تنس ان تحذرها بقوه و تنبهها الى ان الاجانب ليسوا كلهم جديرين بالاحترام ,
كما ان ليس جميع سكان ريوم دي جانيرو صعاليك .
تجاهلت ما ريا التنبية .
ارتدت هديه السموات و قضت ساعات امام المرأة ,
وهي تتحشر لكونها لم تجلب معها الكاميرات فتصور هذي اللحظات .
واستمرت ايضا الى ان انتبهت انها تاخرت عن موعدها .
خرجت و هي تركض كسندريلا ,
ووصلت الى الفندق حيث بنزل السويسري .
دهشت حين اخبرها المترجم انه لن يرافقهما .
– لا تكترثي لامر اللغه .
المهم ان يشعر انه مرتاح برفقتك .
– لكن ما العمل اذا لم يفهم ما اقول ؟
– لن تحتاجي الى الكلام ,
لان المساله متصلة ” بالطاقات الكامنه فينا ” .
لم تفهم ما ريا معني قوله .
في بلادها ,
عندما يلتقي الناس ,
يحتاجون الى تبادل الكلام و الاسئله و الاجوبه .
لكن ما يلسون اسم المترجم الحارس ,
اكد لها ان الامر مختلف فريو دي جانيرو كما فسائر انحاء العالم .
– لا تحاولي ان تفهمي .
تدبري امرك بمفردك و ادعليه يشعربالراحه .
الرجل ارمل و لا اولاد له ,
وهو صاحب ملهي ليلي يبحث عن برازيليات يرغبن فالعمل فالخارج .
قلت انه انك لست مؤهله لهذا العمل ,
لكنة اصر على المقال .
يدعي انه و قع فالغرام ما ان راك تظهرين من الماء و انه و جد ” المايوة البيكيني ” جميلا .
توقف المترجم عن الكلام ,
ثم اضاف ” لكني بصراحه اقول لك ان كنت تريدى ان تجدي عشيقي هنا ,
فعليك ان تغيري موديل ” البيكيني ” لانة باستثناء ذلك السويسري ,
لن يعجب احد فالعالم ,
لانة قديم الطراز للغايه .
تظاهرت ما ريا بعدم سماعة ,
ثم تابع ما يلسون قائلا ” اىر انه لا يرغب فقط بمغامره معك ,
بل يعتبر ان لديك ما يكفي من الموهبه لتصبحي نجمه ملهاة الليالي .
بالطبع ,
لم يستمع الى غنائك و لم يررقصك ,
لكن هذت ممكن اكتسابة .
اما الجمال ,
فياتي بالفكرة .
اة !
هؤلاء الاوروبيون !
يلقون رحالهم هنا معتقدين ان جميع البرازيليات شهوانيات و يعرفن رقصة السامبا ,
اذا كانت نياتة جديه ,
اقترح عليك ان تبرمي عقدا معه ,
مقترنا بتوقيع رسمي من القنصليه السويسريه ,
قبل مغادره البلاد .
غدا ساكون على الشاطئ امام الفندق .
تعالى لرؤيتك اذا ساورتك بعض الشكوك .
ابتسم السويسري و امسك بذراعها مشيرا الى سيارة التاكسي التي تنتظرهما .
” اما اذا كانت نياتة مختلفة و نياتك ايضا ,
فان التعرفه لليلة الواحده هي ثلاثمائه دولار .
فلا تقبلي بما هو اقل ”
قبل ان تتمكن من الاجابه ,
كانت سيارة التاكسي ربما اقلعت باتجاة المطعم .
اقتصر الحوار على الحد الادني ,
العمل ؟
الدولارت ؟
نجمه برازيليلة ؟
.
الا ان ما ريا كانت تفكر فاقوال المترجم ” ثلاثمائه دولار لليلة واحد !
يا لثروه !
ليست مضطره لان تموت من العشق !
بامكانها ان تغري ذلك الرجل كما فعلت مع رب عملها ,
وان تتزوج و تنجب اولادا و تؤمن حياة مريحه لوالديها .
ما الذي لديها لكي تخسرة ؟
فهو عجوز و لن يلبث ان يموت فترث ثروتة .
عبثا يلهث السويسريون و راء الثروات ,
لكان النساء عمله نادره فبلادهم .
كان قليلي الكلام اثناء العشاء ,
ابتسامه من هنا و ابتسامه من هنالك .
فهمت ما ريا تدريجيا قصة الطاقات الكامنه هذي .
اظهر الرجل البوما يحتوي على و ثائق عده مكتوبة فلغه لا تعرفها و قصاصات جرائد و صور لنساء يرتدين البيكيني ( ما يوهات لا شك انها اكثر اناقه و جراه من هذا الذي كانت ترتدية حين راها السويسري لاول مره ) .
احتست ما ريا العديد من الكحول لمواجهه ما ممكن ان يقترحة عليها السويسري من امور منكره ( لا احد يستطيع ان يهزا بثلاثمائمه دولاور !
ثم ان القليل من الكحول يجعل الامور تصرف بلياقه و تهذيب ,
كان يقدم الكرسي لها لدي جلوسها و يزيحة لدي نهوضها .
تذرعت ما ريا عند انتهاء السهر تعبت و اقترحت عليه موعدا على الشاطئ صباح الغد ( اشارت الى الموعد على ساعتها مقلده حركة الامواج بيدها و رددت كلمه غ – د – ا ببطء شديد ) بدا راضيا ,
ونظر هو كذلك الى ساعتة ( قد كانت سويسريه ) و افهمها ان الوقت يناسبة .
لم يكن نومها مريحا .
فكرت ان جميع هذا كان حلما .
لكنة حين استيقظت ,
استنتجت ان هذا حصل فعلا ,
وان هنالك لا شك ثوبا فوق الكرسي فغرفتها المتواضعه و حذاء جميلا ,
وموعدا على الشاطئء فالمدي القريب .
* * * * *
دونت ما ريا فيومياتها ,
يوم التقت السويسري ,
العبارات الاتيه :
تحدثني نفسي اني على و شك اتخاذ قرار سيئ .
لكن الاخطاء شكل من اشكال التقدم فالحياة .
ماذا يريد العالم مني ؟
هل اجازف ام اعود من حيث اتيت دون ان امتلك الشجاعه لاقول ” نعم ,
للحياة ؟
.
سبق لي ان ارتكتب خطا حين كان لي من العمر احدي عشره سنه ,
يوم جاء صبي و طلب الى ان اعيرة قلما .
منذ هذا الحين ادركت ان الحياة لا تمنح احيانا فرصه اخرى ,
وان من الاروع تقبل الهبات التي يقدمها العالم لنا .
بالطبع فالامر مجازفه ,
لكن هل تقبل هذي المجازفه اقل خطوره مثلا من حادث كان بمكانة ان يحصل لي فالباص الذي استغرق ثماني و اربعين ساعة لايصالي الى هنا ؟
اذا كان يجدر بي ان اكون و به لاحد ما او لشئ ما ,
فيجب اكون و به لنفسي .
واذا كنت ابحث عن الحب الحقيقي ,
فعلي اولا ان احسم امري مع العلاقات التافهه التي اقمتها .
علمتني الخبره القليلة التي اكتسبتها ان لا احد يستطيع التحكم بمجريات الامور ,
وان جميع شئ ليس الا و هما .
وهذا الامر ينطبق على الامور الماديه كما على الخيرات الروحيه .
من فقد شيئا كان يعتبر الحصول عليه امرا ثابتا و مضمونا ( و ذلك ما حصل لي ) ,
يعرف فالنهاية انه لا يمكنة الحصول على شئ .
واذا كنت لا املك شيئا ,
فلا حاجة لي اذا لان اهتم بالحاجات التي ليست لي .
الاروع ان احيا كما لو ان ذلك اليوم اول يوم او احدث يوم فحياتي .
* * * * *
فاليوم الاتي ,
اعلنت ما ريا ,
وكان يرافقها ما يلسون بصفتة مدير اعمالها ,
انها توافق على الدعوه ,
شرط ان يحصل على و ثيقه مصدقة من القنصليه السويسريه .
لم يستغرب الاجنبي طلبها قط ,
لا بل اكد لها ان هذي كذلك رغبتة ,
لان العمل فبلادة يستوجب الحصول على و رقه تثبت ان لا احد غيرها مرشح للقيام بالمهنه التي تهيئ نفسها للمارستها .
وهذا ليس امرا صعب المنال لان السويسرات لسن موهابات فرقصة السامبا .
ذهبوا معا الى و سط المدينه ,
واشترط الحارس المترجم ,
ومدير الاعمال الاسبق ,
ان يصبح المال المدفوع اوراقا نقديه .
ما ان و قعت ما ريا و السويسري العقد حتي احتفظ لنفسة ب 30 % من ال 500 دولار التي تسلمتها ما ريا .
قال ما يلسون ” ذلك اجر اسبوع سلفا .
اسبوع ,
هل فهمت ؟
ستتقاضين 500 دولار ,
بلا سمسره ,
لانني لا استوفي حصتي كاملة الا من الدفعه الاولي .
حتي هذي اللحظه ,
لم تكن فكرة السفر او فكرة الذهاب الى الطرف الاخرمن العالم تخطر على بال ما ريا .
كل هذا لم تكن تري به الا حلما .
والحلم يبقي امرا مريحا ما دمنا لسنا ملتزمين بتحقيق ما نصبو الية .
وهكذا ,
فانة لابد لنا من اجتياز الظروف الصعبة و مواجهه الاخطار و التعرض للحرمان عندما تتقدم بنا السن و تداهمنا الشيخوخه .
وفي نهاية المطاف نحفل الاخرين ,
ولا سيما اهلنا و ازواجنا و الاولاد ,
الذنب ,
لانهم لم يحققوا لنا رغباتنا .
ها ربما سنحت الفرصه لماريا فجاه التي طالما حلمت فيها من دون ان تسعي اليها ,
جاهده ؟
!
كيف سيصبح بامكانها مواجهه الاخطار و التحديات التي ستعترضها على عتبه حياة حديثة مجهوله ؟
كيف سيصبح بامكانها التخلي عن جميع عاداتها ؟
لماذا شاءت العذراء مريم ان يصبح قدرها الذهاب بعيدا الى ذلك الحد ؟
واست ما ريا نفسها قائله ان بامكانها تغيير رايها و العدول عن اذهاب فاي لحظه ,
وان جميع هذا مجرد دعابه بلا عواقب ,
او حكايه عجيبة ترويها لدي رجعوها الى مدينتها .
علي جميع حال ,
كانت ما ريا تقيم على مسافه اكثر من الف كيلومتر من ريودي جانيرو ,
وتملك 300 دولار .
واذا خطر لها ان تحزم امتعتها غدا و تعود الى ديارها سرا ,
فلا احد يستطيع ان يعرف و جهتها .
بعد الظهيره التي اعقبت الزياره الى القنصليه ,
قررت الذهاب لتننزة بمفردها على الشاطئ ,
وتراقب الاولاد و امهاتهم و لاعبي الكره الطائره و المتسولين و السكاري و بائعي المبتكرات الحرفيه النموذجيه ( المصنوعه فالصين ) و الرياضيين المنصرفين الى ممارسه التمارين لمواجهه الشيخيوخه قدر المستطاع ,
والسياح و المتقاعدين الذين يلعبون الورق فنهاية الجاده فنهاية المحاذيه للبحر … ها هي الان فقلب ريو دي جانيرو ,
نزيله فندق من الدرجه الاولي ,
تعرف قنصليه و اجنبيا و مدير اعمال ,
وقد اهديت فستانا و حذاء لا يستطيع احد فنوردستا شراءهما .
نظرت الى الافق ,
لا شك فان افريقيا ,
باشودها و غاباتها المزدحمه بالغوريلا ,
تقع قبالتها ,
كما تعلمت فدروس الجغرافيا .
وان اتجهت قليلا صوب الشمال يمكنها ان تضع رحالها فقاره ساحره تدعي اوربا حيث يوجد برج لايفل و اورو ديزني و برج بيزا .
ماذا ستخسر بذهابها ؟
ثم انها ,
كجميع البرازيليات ,
تعلمت رقصة السامبا قبل ان تلفظ كلمه ” ما ما ” .
واذا ترق لها المهنه غدا يمكنها العوده الى بلادها ,
فالفرص متاحه ,
وينبغي انتهاظها على و جة السرعه .
قررت ان تواجة فقط التجارب التي بمقدرها السيطره عليها ,
كبعض المغامرات مع الذكور لقد ازجت الوقت ,
وهي ترفض الانصياع ,
وتود الان لو انها اثرت الاستجابه ها هي تقف امام المجهول ذاك المجهول الذي كانة ذات يوم البحر للبحار الذين عبروة ,
كما تعلمت فدروس التاريخ ستكون الظروف دوما مؤاتيه لقول ” لا ,
لكن هل عليها ان تقضي بقيه حياتها فالتحشر ؟
لا تزال الحسره تعتصر قلبها عندما تفكر فالصبي الذي سالها قلما ,
ثم افتقدت و تلاشي حبها الاول !
… لماذا لا تسعي هذي المره لان تقول ” نعم ” ؟
الاسباب =بسيط ما ريا بنت عاشت فالريف و ليس لديها تجربه فالحياة .
كل ما حصلتة طوال سنوات من الدراسه فمدرسة محترمه ,
ومن ثقافه و اسعه فميدان و اسعه فميدان المسلسلات التلفزيونيه و اليقين انها رائعة ؟
لكن ذلك لا يكفي لمواجهه العالم .
رات جماعة من الناس يتهيبون لدي رؤيتهم البحر ,
وكانهم يخشون الاقتراب منه .
هي كذلك احست بالخشيه منه نفسها منذ يومين ,
لكن الخوف و لي الان .
تستطيع خوض الماء ما ان ترغب فذلك و كانها و لدت هنا على البحر .
الن يصبح الامر مماثلا فاوروبا ؟
توجهت بصلاه صامته الى العذراء مريم .
وبعد ثوان معدوات بدت راضيه عن قرارها بالسفر ,
بعيدا لانها احست ان العذراء تحميها العوده ممكنه دوما لكن الفرصه التي سنحت لها بالذهاب بعيدا جدا جدا ليست متوفره دوما .
والامر يستحق المجازفه ,
ما دام حلمها الواعد قادرا على الصمود فو جة الساعات الثماني و الاربعين التي يستغرقها الرجوع فالباص دون مكيف ,
وما دام السويسري لن يغير سلوكة تجاها بين لحظه و ثانية .
شعرت انها مستثاره لدرجه كبار ,
عندما دعاها السويسري للعشاء من جديد ,
نظرت الية نظره اصطنعت بها العديد من الدلال و امسكت بيدة .
انتزع الرجل يدة على الفور فادركت ما ريا ,
بشئ من الخوف و الارتياح فان ,
انة كان جادا فمشحلوة .
” نجمه سامبا !
نجمه سامبا برازيلية رائعة !
السفر الاسبوع القادم !
” .
كل هذا جميل .
لكن عبارة ” السفر الاسبوع القدام ” تمثل امرا لا يعقل .
اوضحت له ما ريا انها لا تستطيع ان تتخذ كهذا القرار دون ان تستشير عائلتها .
فما كان من السويسري الا ان اظهر بغضب نسخه عن الوثيقه الموقعه ,
وشعرت ما ريا بالخوف للمره الاولي .
كرر قائلا ” و العقد ؟
” …
وذا عزمت ما ريا على السفر ,
ارادت ان تستشير ما يلسون مدير اعمالها ,
افلم تؤد له اجرة مقابل مساعدتها ؟
لكن ما يلسون كان مشغولا باغواء سائحه من سياح المدينه نزلت مؤخرا فالفندق ,
وكانت تتمدد عاريه الصدر فوق الرمل ,
معتقده ان البرازيل هي البلد الاكثر تحررا فالعالم ( و لم تكن تدرك انها المرأة الوحيده شبة العاره هنالك ,
وان الجميع ينظرون اليها باستياء ) .
وجدت ما ريا مشقه بالغه فان تلفت نظرة الى ندائها .
قالت له باصرار : ماذا لو غيرت رايي ؟
– لا اعرف ماذا كتب فالبنود ,
التي تضمنها العقد بالتحديد ,
لكن قد كان يستطيع سجنك مثلا .
– لن اسمح له بالاهتداء الى مكاني .
– انت محقه ,
لا تهتي اذا .
بدا السويسري يشعر بالقلق ازاء اصرار ما ريا على الذهاب لرؤية عائلتها ,
لا سيما و انه انفق مبلغ 500 دولار سلفا و ثمن حذاء و ثوب و عشاءين و نفقات التسجيل فالقنصليه .
لذا ,
قرر ان يشتري بطاقتي طائره و ان يرافقها لغايه بيتها ,
شرط ان ينتهي جميع شئ فظرف ثمانيه و اربعين ساعة ,
وان يتمكنا من الذهاب الى اوروبا فالاسبوع المقبل و فقا لشروط العقد الموقع بينهما .
وبعد الابتسامه التي و زعت من هنا و من هنالك ,
فهمت ما ريا اخيرا ان جميع هذا مرتبط بالوثيقه التي و قعت عليها ,
وانة لا يفترض بنا ان نلجا الى الاغواء و المشاعر و لا ان نعبث بالعقود و المواثيق .
دهشت المدينه لا بل افتخرت لدي رؤية ابنتها الرائعة ما ريا تصل و برفقتها اجنبي يرغب فمساعدتها على ان تصبح نجمه كبار فاوروبا .
سالتها صديقات المدرسة :
– كيف حصل هذا ؟
– بفعل الحظ .
كن يرغبن فمعرفه ما اذا كانت الامور تجري دائما على ذلك النحو فريو دي جانيرو ,
لانهن شاهدن فالمسلسلات التلفزيونيه مغامرات مشابهه .
لم تق ما ريا ” نعم ,
ولم تقل لا ” ظل جوابها غامضا لانها تبغي ان تعلي من قدر مواهبها الشخصيه ,
وان تقنعهن بانها كائن استثنائي .
ذهبت ما ريا و السويسري الى المنزل .
وهنالك اظهر السويسري من جديد الصور و الكراسات عن البرازيل و العقد .
واوضحت ما ريا انه بات لديها الان مدير اعمال فني و انها تنوي الانصراف الى و لوج عالم الفن .
رات امها مقاس ” البيكيني ” التي ترتدية الفتيات فالصور ,
وارجعت الصور فورا ,
ممتنعه عن طرح الاسئله .
كل ما يهمها ان تكون ابنتها سعيدة و ثريه ,
او حتي تعيسه و لكن ثريه .
– ما اسمه ؟
– روجية .
– روجيريوا !
كان لدي قريب يحمل الاسم نفسة !
ابتسم الرجل مصفقا و ادرك الجميع انه لم يفهم الجواب .
قال الاب لماريا ” لكنة فمثل سني !
” .
فتوسلت الية زوجتة الا يتدخل فسعادة ابنتة .
كانت ام ما ريا ربما اكتسبت ,
كما جميع الخياطات ,
تجربه كبار من اثناء التحدث الى زبونها ,
وباتت خبيره فموضوعات الزواج و الحب .
نصحت ما ريا قائله ” يا معبودتي ,
الاروع ان تكوني تعيسه مع رجل ثري من ان تكون سعيدة مع رجل فقر .
وهنالك لديك حظوظ اكبر فان تكوني ثريه تعيسه .
ثم افرضي ان الامور لم تجر كما يجب ,
يمكنك عندئذ ان تمتطي حافله و ترجعي الى المنزل .
اجابت ما ريا ,
وهي بنت اوسع ذكاء مما تتصور امها و زوجها المقبل ,
علي سبيل الاستفزاز .
– امي ,
ليست هنالك حافله بين اوروبا و البرازيل ,
ثم اني اريد الانخراط فمهنه فنيه ,
لاان ابحث عن زوج .
نظرت اليها امها نظره شبة يائسه !
– حتي لو ذهبت الى هنالك ,
يمكنك العوده ساعة ما تشائين ,
صحيح ان المهن الفنيه ممتازه للبنات الشابات ,
لكنها تدوم ما دمت رائعة و تنتهي تقريبا فسن الثلاثين .
استفيدي اذا من و جودك هنالك ,
وحاولي ان تعثري على شاب ثري و مغرم بك .
تزوجي ,
اتوسل اليك .
لا تفكري فالحب .
في البداية ,
لم اكن احب ابالك ,
لكن المال مفتاح جميع شئ ,
حتي الحب الحقيقي .
ومع هذا ,
فان اباك ليس ثريا .
لو كانت النصحية صادره عن احدي الصديقات لكانت سيئه .
لكن ,
بما انها صادره عن ام فهي ممتازه .
قبل ان ترجع ما ريا الى الربو ,
وتحديدا قبل ثماني و اربعين ساعة ,
ذهبت بمفردها الى مكان عملها القديم ,
وقدمت باستقالتها .
قال لها رب عملها :
– علمت ان مدير اعمال فرنسيا كبيرا قرر اصطحابك الى باريس .
لا استطيع ال اقف و جة سعادتك ,
لكن اريد ,
قبل ان ترحلي ,
ان اقول لك شيئا .
فاخرج من جيبة سلسله بها قلاده .
– هذي القلاده العجائبيه لسيده النعم ,
كنيستها موجوده فباريس .
اذهبي الى هنالك ,
واطلبي حمايتها ,
وانظري الى ما هو مكتوب هنا .
قرات ما ريا العبارات المحفوره على القلاده :
” يا مريم التي حبل فيها بلا دنس ,
صلي لاجلنا نحن الذين نتضرع اليك ,
امين ” .
– لا تنسي ان تتلفظي بهذه الجمله مره على الاقل فاليوم و …
تردد قليلا ,
ثم تابع قائلا ” اذا رجعت يوما فاعلمني اني سانتظرك .
فاتتني الفرصه لاقول لك شيئا بسيطا جدا جدا .
احبك ,
ربما فات الاوان ,
لكني اردت ان تعرفي ” .
” فاتتني الفرصه ” … لكنها عرفت منذ وقت طول نياتة .
اما كلمه ” احبك ” فقد سمعتها كثيرا على مدي سنواتها الاثنين و العشرين .
وشعرت انها لا تعني لها شيئا ,
لانها لم تكن قط نابعه من شعور جدي ممكن تجسيدة فعلاقه مستديمه .
شكرتة ما را على هذي العبارات ,
ودونتها فذاكرتها .
لا احد يعرف ماذا تخبئ له الحياة ,
ومن المستحسن دائما ايجاد المخارج الملائمه لبلوغ النجاه .
طبعت على و جنتية قبله بريئه و خرجت دون ان تنظر و راءها .
عندما رجعت الى الريو ,
حصلت على جواز سفرها فاقل من يوم .
تغيرت البرازيل فعلا .
هكذا قال روجية ملعقا بعبارات برتغاليه و بعديد من الاشارات .
فهمت ما ريا ما كان يرمي الية ” قديما كان الامر يستغرق و قتا اطول بعديد ” قامت ما ريا بمساعدة ما يلون ,
في التحضيرات النهائيه ( الثياب و الاحذيه و الماكياج ,
وكل ما ممكن ان تحلم فيه امرأة مثلها ) .
راها روجية ترقص فالملهي الذي ذهبا الية عشيه رحيلهما الى اوروبا ,
وهنا امتلائت نفسة بحماس على اخيتارة .
وجد نفسة فعلا امام نجمه كبار لمهلي ” جيلبير ” نجمه سوداء رائعة ذات عينين فاتحتين و شعر اسود كجناح ” الغرونا ” * و هو طائر درج الادباء البرازيليون على تشبية سواد الشعر بجناحيه .
جهزت شهاده العمل فالقنصله السويسريه .
حزما امتعتهما ,
وفي اليوم الاتي ,
طارا الى بلاد الشوكولاته و الساعات و الجبنة .
كانت ما ريا تخطط سرا لايقاع الرجل فغرامها ,
فهو فاخر الامر ليس بشعا و لا عجوزا و لا فقيرا .
ماذا تريد اكثر من هذا ؟
وصلت مرهقه ,
ومنذ هبوطها فالمطار ,
شعرت بالخوف يعتصر قلبها .
ادركت انها كانت تابعي تماما للرجل الموجود الى جانبهعا هذا انها لم تكن تعرف البلاد و لا اللغه و لا البرد .
كان تصرف روجية يتغير مع مرور الساعات .
لم يعد يسعي لان يصبح لطيفا حتي انه لم يحاول قط ان يقبلها او يداعب نهديها .
اصبحت نظراتة باردة .
انزلها ففندق صغير و عرفها الى برازيلية ثانية ,
وهي امرأة شابه حزينه تدعي فيفيان ,
واوكل اليها مهمه تعليمها اصول عملها المقبل .
تفصحتها فيفيان من الراس حتي القدمين ,
دون ان تخرج اي كياسه حيال اجنبية اتيه لتوها الى بلاد غريبة .
وبدل ان تسالها عن احوالها ,
ذهبت قدما الى الهدف قائله :
– لاتغذي اوهاما فراسك .
انة يذهب الى البرازيل كلما تزوجت احدي راقصاتة ,
وهذا ما يحدث غالبا .
يعرف ماذا يريد ,
واظن انك انت كذلك تعرفين .
جئت و لاشك لتبحثي عن احد هذي الحاجات الثلاثه المغامره او المال او الزوج .
كيف امكنها ان تحدس هذا ؟
هل يبحث الجميع عن الشئ نفسة ؟
ام انها تستطيع ان تقرا افكارالاخرين ؟
كرزت فيفيان قولها : كل الفتيات يبحثن هنا عن احد هذي الحاجات الثلاثه .
واقتنعت ما ريا انها كانت تقرا فعلا افكارها .
و تابعت فيفيان ,
فبشان المغامره ,
الطقس هنا ابرد من ان يسمح لك بالتنقل سعيا و راءها ,
هذا اذا بقي معك فلس للسفر .
اما المال ,
فيجب ان تعملي تقريبا لمدة عام كامل لكي تتمكني من تامين ثمن بطاقة العوده ,
ما لم تحتسب المبلغ العائد لنفقات الاقامه و الاكل .
– لكن …
– اعرف ,
هذا لم يجر الاتفاق عليه .
في اي حال ,
نسيت ان تسالي بهذا الخصوص ,
كما يفعل الجميع فالواقع .
لو كنت اثار انتباها ,
لو انك قرات مليا العقد الذي و قعتة ,
لتعرفت تماما الورطه التي اوقعت نفسك بها .
صحيح ان السويسريين لا يكذبون ,
لكنهم يعرفون كذلك كيف يستغلون الصمت لصالحهم .
اخذت الارض تدور تحت قدمي ما ريا .
– بعدها ان جميع بنت تتزوج تلحق بروجية خساره ما ليه كبار .
لذا ,
يحظر على الفتيات ان يتحدثن الى الزبائن .
واذا فعلت اي شئ فهذاالاتجاة ,
فانك تجازفين بعملك .
هنا ليس مكانا يستطيع الناس ان يتلقوا به ,
بخلاف شارع برن ؟
– شارع برن ؟
– الرجال ياتون الى هنا برفقه زوجاتهم ,
والسياح القليلون يجدون الجو عائليا جدا جدا و يفضلون الذهاب الى امكنه ثانية بحثا عن النساء .
اتقني الرقص ,
واذا كنت تعرفين الغناء فان اجرك سوف يزداد ,
وتزداد معه ايضي غيره الفتيات الاخريات .
فلو كنت تملكين احلى صوت فالبرازيل ,
انصحك ,
في جميع حال ,
ان تنسي الامر و لا تحاولي الغناء .
وانصحك بشكل خاص الا تستخدمي الهاتف و الا انفقت جميع ما تجنينة من ما ل ,
وهو قليل فالنهاية .
– لكنة و عدني ب 500 دولار فالاسبوع !
– سترين .
ومما كتبتة ما ريا فيوميات الاسبوع الثاني لاقامتها فسويسرا ,
الكلمات الاتيه :
” ذهبت الى الحانه .
التقيت ” استاذ رقص ” جاء من بلاد تدعي المغرب .
كان على ان اتعلم جميع خطوه مما يعتبرة هو الذي لم تدس قدماة ارض البرازيل ,
رقصة السامبا .
لم يتح لي الوقت كي ارتاح من عناء السفر الطويل على متن الطائره .
توجب على ان ابتسم و ارقص منذ المساء الاول لوصولي .
نحن ست بنات .
ولا تعرف احداهن السعادة و لا ماذا تفعل هنا .
الزبائن يشربون و يصفقون و يرسلون القبلات ,
ويقومون سرا بحركات داعره ,
وهذا جميع شئ .
دفع اجري البارحه ,
وهو عشر ما تم الاتفاق عليه .
والباقي هو بحسب العقد ,
لتامين نفقات التذكره و الاقامه .
وهذا يتطلب و فق حسابات فيفان ,
العمل لمدة عام كامل ,
اي اني لا استطيع اثناء هذي الفتره ان اهرب الى اي مكان احدث .
لكن ,
هل يستحق الامر عناء الهرب ؟
وصلت الى هذي البلاد لتوي ,
ولا اعرف شيئا بعد .
ما المشكلة فان ارقص سبع امسيات فالاسبوع ؟
في السابق ,
كنت ارقص من اجل لذه الرقص ,
ولان من اجل المال و الشهره .
ساقاي لا تشعران بالوهن ,
لكن يصعب على ان احتفظ بالابتسامه فوق شفتي .
على ان اختار ,
اما ان اكون الضحيه و اما ان اكون المرأة المغامره التي تبحث عن كنزها .
المساله كلها تكمن فمعرفه المنظار الذي يجب ان اتطلع منه الى حياتي .
* * * * *
ومما كتبتة ما ريا فيوميات الاسبوع الثاني لاقامتها فسويسرا ,
الكلمات الاتيه :
” ذهبت الى الحانه .
التقيت ” استاذ رقص ” جاء من بلاد تدعي المغرب .
كان على ان اتعلم جميع خطوه مما يعتبرة هو الذي لم تدس قدماة ارض البرازيل ,
رقصة السامبا .
لم يتح لي الوقت كي ارتاح من عناء السفر الطويل على متن الطائره .
توجب على ان ابتسم و ارقص منذ المساء الاول لوصولي .
نحن ست بنات .
ولا تعرف احداهن السعادة و لا ماذا تفعل هنا .
الزبائن يشربون و يصفقون و يرسلون القبلات ,
ويقومون سرا بحركات داعره ,
وهذا جميع شئ .
دفع اجري البارحه ,
وهو عشر ما تم الاتفاق عليه .
والباقي هو بحسب العقد ,
لتامين نفقات التذكره و الاقامه .
وهذا يتطلب و فق حسابات فيفان ,
العمل لمدة عام كامل ,
اي اني لا استطيع اثناء هذي الفتره ان اهرب الى اي مكان احدث .
لكن ,
هل يستحق الامر عناء الهرب ؟
وصلت الى هذي البلاد لتوي ,
ولا اعرف شيئا بعد .
ما المشكلة فان ارقص سبع امسيات فالاسبوع ؟
في السابق ,
كنت ارقص من اجل لذه الرقص ,
ولان من اجل المال و الشهره .
ساقاي لا تشعران بالوهن ,
لكن يصعب على ان احتفظ بالابتسامه فوق شفتي .
على ان اختار ,
اما ان اكون الضحيه و اما ان اكون المرأة المغامره التي تبحث عن كنزها .
المساله كلها تكمن فمعرفه المنظار الذي يجب ان اتطلع منه الى حياتي .
* * * * *
اختارت ما ريا ان تكون المرأة المغامره التي تبحث عن كنزها الضائع .
تنكرت لمشاعرها ,
وتوقفت عن البكاء طوال الليل ,
ونسيت من تكون .
ادركت ان لديها الاراده لتتصرف و كانها خلقت للتؤء ,
وانها لا تتحشر بالتالي على غياب من تعرفهم .
بوسع قلبها ان ينتظر .
اما الان ,
فيجدر فيها ان تكسب المال و تكتشف معالم البلاد و تعود ظافره الى ديارها .
ثم ان جميع شئ من حولها يذكرها بالبرازيل و بمدينتها تحديدا ” النساء تيكلمن البرتغاليه و لا يتوقفن عن التذمر من الرجال ,
ويتحدثن بصوت عال ,
ويعترض على المواعيد ,
ويصلن متاخرات الى عملهن ,
ويتحدين صاحب العمل ,
ويعتبرن انفسهن احلى نساء العالم ,
ويروين قصصا عن فرسان الاحلام ,
وفرسان احلامهن يقطنون فاماكن بعيده و هم اما كانوا متزوجين و اما لا يملكون المال و يعتاشون من عمل اولئك النسوه بالذات .
كان الجو مختلفا عما تصورتة ما ريا حين رات الكراسات الاعلانيه التي احضرها روجية ,
ومطابقا لوصف فيفيان ,
كان الجو عائليا .
لا تستطيع الفتيات تقبل الدعوات و لا الخروج بصحبه الزبائن ,
لانهن كن مسجلات على بطاقات عملهن بصفتهن ” راقصات سامبا ” .
واذا ضبطت احداهن و فحوزتها و رقه صغار دون عليها احدهم رقم تليفونة ,
فانها تحرم من العمل مدة خمسه عشر يوما .
كانت ما ريا تتوقع ان يصبح الجو اكثر حيوية و حركة ,
باعثا على الانفعلات القويه .
خاب املها و بدات تستسلم تدريجيا للحزن و الضجر .
اثناء الايام الخمسه عشر الاولي لوجودها فسويسرا ,
لم تترك النزل الذي كانت تقيد به الا نادرا ,
وخصوصا حين اكتشفت ان لا احد فالمدينه يعرف اللغه البرازيلية ,
حتي لو تلفظت بكل جمله ببطء شديد .
وفؤجئت كذلك بان المدينه التي تقطن بها تحمل اسمين ” جنيف ” بالنسبة الى سكانها و ” جنبرا ” بالنسبة الى البرازيليات .
واخيرا ,
استطاعت ان تقوم اثناء الساعات الطويله التي قضتها فغرفتها الصغيرة الخاليه من جهاز تلفزيون ,
بالخلاصه الاتيه :
ا – لن تستطيع ابدا بلوغ اهدافها اذا لم تعرف كيف تعبر عما تفكر به .
لذا عليها تعلم اللغه المحليه للبلاد .
ب – بما ان كل رفيقاتها كن يبحثن عن الشئ نفسة .
فيجدر فيها اذا ان تتميز عنهن .
لكنها لا تملك بعد تصورا و لا منهجا لكي تحقق ذلك التميز .
* * * * *
وهذا ما دونتة ما ريا فيومياتها بعد اربعةاسابيع من و صولها الى جنيف :
” انا هنا منذ الازل .
لا اعرف اللغه .
اقضي نهاري فالاستماع الى الموسيقي عبر جهاز الرايو ,
والنظر الى جدران غرفتي و التفكير فالبرازيل ,
منتظره بفارغ الصبر ان يحين وقت العمل .
وعندما اعمل ,
انتظر ان يحين وقت العوده الى البيت ,
اي اني اعيش فالمستقبل بدل ان اعيش فالحاضر .
ذات يوم فالمستقبل البعيد ,
ساحصل على تذكره العوده ساتمكن من العودةالي البرازيل ,
والاقتران بصاحب محل النسيج ,
والاستماع الى التعليقات الخبيثه لصديقاتي اللواتي لم يجازفن قط فحياتهن .
ولا يهمني بالتالي الا الحديث عن فشل الاخريين .
لا ,
لا يمكنني الرجوع .
اروع ان ارمي بنفسي من الطائره فالمحيط .
لكن ,
بما ان نوافذ الطائره مغلقه دوما ( و ذلك شئ لم اكن اتوقعة و لا استطيع لاسف ان اشتم الهوا النقي ) .
افضلالموت هنا ,
لكن ,
قبل ان اموت ,
اريد ان اصارع من اجل الحياة ,
وما دمت استطيع ان امشي و حدي ….فساذهب الى حيث اشاء .
* * * * *
ذهبت ما ريا فصباح اليوم الاتي لتتسجل فعداد الرغبين فتعلم اللغه الفرنسية .
هنالك تعرفت الى اشخاص ينتمون الى جميع المعتقدات و الاعمار ,
والي رجال يرتدون بزات فاقعه اللون و تثقل معاصمهم سلاسل ذهبية ,
ونساء يرتدين باستمرار احجبه فوق رؤؤسهن ,
واطفال يكتسبون اللغه بكيفية اسرع ما يكتسبها الكبار .
لكن ,
الا ينبغي ا،
يصبح الامر معكوسا ما دام لدي الكبار خبره اوسع فالحياة ؟
كانت فخوره بانهم جميعا يعرفون بلادها و الكرنفال و السامبا و كره القدم و اللاعب الاشهر فالعالم ” بيلية ” .
ارادت فالبداية ان تكون و دوده و حاولت ان تصحح الطريق التي يلفظوت فيها اسم ” بيلية ” .
لكنها اذعنت فنهاية الامر ,
لانهم كانوا يلفظون كذلك اسمها بشكل سيئ .
وهذا عائد الى تلك العاده المتهجنه لدي الاجانب التي تقوم على تحريف كل الاسماء ,
والاعتقاد بانهم دائما على حق .
!
بعد الظهيره ,
ذهبت ما ريا تتجول لاول مره فهذه المدينه ذات الاسمين ,
وذلك بهدف اتقان اللغه الفرنسية .
تذوقت شوكولاته لذيذة و جبنة لم يسبق لها ان تذوقتها ,
ورات فؤاره هائله و سط البحيرة ,
والثلج الذي لم يدسة قط اي من سكان مدينتها ,
والبجع و المطاعم المزود بالمداخن ( لم تدخل ايا من المطاعم ,
لكنها كانت تري النار عبر النافذه .
وهذا كان يمنحها شعورا لذيذا بالارتياح ) .
عجبت كذلك حين رات الملصقات الاعلانيه التي لا تخرج فقط الساعات بل كذلك المصارف .
لكنها لم تستطع ان تفهم لماذا يوجد ذلك العدد الكبير من المصارف قياسا على سكان قيلي العدد .
ومع هذا قررت الا تطرح الاسئله مجددا .
استطاعت ما ريا ان تكبح جماع طبيعتها الشهوانيه و الدجنسية و ذلك امر معروف جدا جدا عن البرازيليات .
لكن غريزتها استفاقت ذات يوم و وقعت فغرام شاب عربي كان يتابع معها دروس الفرنسية دامت العلاقه ثلاثه اسابيع .
ثم قررت ذات مساء ان تترك جميع شئ و تذهب الى الجبل القريب من جنيف .
عندما حضرت الى عملها فاليوم الاتي ,
بعد الظهر ,
استدعاها روجية الى مكتبه .
ما ان فتحت الباب حتي تبلغت صرفها من العمل دون مقدمات و الاسباب =انها اعطت القدوه السيئه لزميلاتها الاخريات فالعمل .
كان روجية غاضبابشكل هستيري .
قال ان البرازيليات خيبن املة مره اخرى,
وانة لا ممكن الوثوق بهن ( اة ,
يا الهي ,
ما افدح ذلك الحكم الذي يجري تعميمة على جميع الحالات ) .
عبثا اكدت له ان غيابها كان ناجما فقط عن اصابتها بحمي سببها فارق الحراره .
لم يقتنع الرجل ,
واسف لانة مضطر للرجوع الى البرازيل من اجل البحث عن بديله .
ثم اضاف انه كان اقوى صنيعا لو انه نظم حفله موسيقيه بمشاركه راقصات يوغوسلافيات ,
وهن احلى من البرازيليات و اكثر استعدادا للقيام بالادوار الموكله اليهن .
لم تكن ما ريا بلهاء اطلاقا على الرغم من صغر سنها ,
لا سيما و ان عشيقها العربي اوضح لها ان العمل فسويسرا منظم بشكل صارم ,
وان بامكانها ان تثبت ان المؤسسة التي تعمل بها كانت تستغلها و تقتطع قسما كبيرا من اجرها .
رجعت لتقابل روجية فمكتبة .
تكلمت هذي المره لغه فرنسية صحيحة ,
وادخلت فمفردتها عبارة ” محام … خرجت مع بعض الشتائم و خمسه الاف دولار كتعويض .
وهذا مبلغ لم تحلم فيه .
كل هذا بفضل هذي الكلمه السحريه ” محام ” .
باستطاعتها الان ان تتفرغ لصديقها العربي ,
وتشتري بعض الهدايا ,
وتلتقط صورا للمناظر الثلجيه ,
وتعود الى البيت فخوره بهذا النصر الذي طالما حلمت فيه .
كان اول ما فعلتة اتصالها باحدي جارات امها .
قالت لها انها سعيدة ,
وان لديها مهنه جميلة ,
وانة لا ينبغي ان يقلق احد فالبيت بشانها .
كانت لا تزال امامها مهله لمغادره غرفتها فالنزل .
لذا ,
ارتات ان جميع ما عليها ان تفعلة هو ان تذهب للقاء العربي لتعرب له عن حبها الصادق ,
واستعدادها ان تعتنق دينة و تتزوجة ,
حتي لو اضطرت ان ترتدي كهذا الحجاب الغريب .
الجميع هنا يعرفون ان العرب اثرياء جدا جدا ,
وهذا اسباب و جية لكي توطد علاقتها فيه .
لكن العربي غادر .
والان ,
بما انها تتكلم الفرنسية ببراعه ,
وتملك الحصول على تذكره العوده ,
وبما ان لديها بطاقة عمل تصنفها بين راقصات السامبا و ترخصيا بالاقامه لا يزال ساري المفعول ,
وبما انها تعلم ان بامكانها ,
اذا سدت كل المنافذ فو جهها ,
ان تقترن ببائع النسيج ,
فقد قررت ما ريا ان تفعل ما هي قادره عليه ,
ان تكسب المال بفضل جمالها .
تذكرت انها فالبرازيل قرات كتابا يروي قصة راع يبحث عن الكنز ,
وكان الحصول عليه مشروطا بان يواجة مصاعب و اخطار لا تحصي .
رات ان هذي القصة تنطبق على حالتها ,
ادركت فهذا اللحظه انها طردت من العمل لكي تذهب لموادهه مصيرها الحقيقي ,
وهو يتمثل فان تصير عارضه ازياء .
استاجرت غرفه صغار ( دون تلفزيون ,
لان عليها ان تحد من الانفاق ما دامت لا تجني ما لا ) فاليوم الاتي ,
عزمت على القيام بجوله على الوكالات التي تستعمل العارضات .
ابلغوها فكل مكان ان عليها ان تحضر صورا لها ملتقطه لدي مصور محترف .
وهذا ,
في اي حال ,
عنصر من العناصر الاساسية للمهنه ,
لان جميع الاحلام باهظه الثمن .
انفقت قسما كبيرا من ما لها عند مصور يمارسة مهنتة بامتياز ,
قليل الكلام و متشدد فشروطة الى ابعد الحدود ,
وكانت لدية خزانه ملابس هائله فالاستوديو .
اخذت لماريا لقطات شتي ,
مرتديه الملابس المحتشمه او الغريبة او البيكيني ( لو راي الشخص الوحيد الذي تعرفة فريوم دي جانيرو اي ما يلسون الحارس و المترجم و مدير الاعمال السابق ,
هذا البيكيني ,
لكان فخورا فيها حتي الموت ) .
طلبت نسخا اضافيه من الصور و ارسلت بعضها الى عائلتها ضمن رساله تقول بها انها كانت سعيدة فسويسرا .
سيعتقد اهلها انها ثريه و انها تمتلك خزانه ملابس تحلم فيها جميع امرأة ثريه ,
وانها اصبحت الفتاة الاشهر فمدينتها .
واذا سارت الامور كما تشتهي ( قرات كتبا عده عن التفكير الايجابي ,
ولا يمكنها ان تشكك فانتصارها ) ,
فستكون هنالك فرقه موسيقيه فاستقبالها لدي رجوعها الى المدينه ,
وسيقوم رئيس البلديه بتدشين ساحه تحمل اسمها .
اشترت هاتفا خلويا و انتظرت طوال الايام الاتيه ان يتصل فيها احدهم ليعرض عليها عملا .
كانت تنتاول الاكل فمطاعم ضينيه ( و هي الاقل كلفه ) و تدرس كالمجنونه لتزجيه الوقت .
لكن الوقت لا يمر و الهاتف لا يرن .
تعجبت من ان لا احد يقترب منها حين تذهب للتنزة على ضفاف البحيرة ,
باستثناء تجار المخدرات الذين يظلون فالمكان نفسة ,
تحت احد الجسور التي تؤدي الى المنتزة القديم بالمدينه الحديثة .
اخذت تشكك فجمالها و جاذبيتها ,
الي ان صادفت فاحد المقاهي احدي زميلاتها السابقات فالعمل .
قالت لها ان الخطا ليس بها بل فالسويسريين الذين لا يحبون ازعاج الاخرين ,
وفي الاجانب الذي يخشون ان يتم توقيفهم بتهمه ” التحرش الجنسي ” .
وهذا مفهوم تم استنباطة لكي تشعر نساء العالم قاطبه انهن مكروهات .
و فاحدي الامسيات حين فقدت ما ريا الشجاعه على الخروج من البيت و عاشت امله بتلقي مخابره هاتفيه لا تحدث ,
كتبت فيومياتها هذي الكلمات :
” اليوم ,
مررت بالقرب من مدينه الالعاب ,
بما اني لا استطيع تجاوز الحد من انفاق المال ,
ففضلت ان اراقب .
بقيت طويلا امام الجبال الروسية ( * ) .
رايت ان معظم الناس يدخلون هذي المركبه سعيا و راء الانفعالات .
لكن ما ان تسير الالات حتي يصابوا بالهلع و يتوسلوا كي تتوقف .
فما الذي يريدونة ؟
اذا كانوا ربما اختاروا المغامره افلا يجدر بهم ان يكونوا مستعدين للذهاب حتي النهاية ؟
ام انهم يعتقدون ان من الحكمه الا يمروا بمرتفعات و منحدات ,
وان من الاروع البقاء فمركبه تدور مكانها بشكل ثابت ؟
في ذلك اللحظه بالذات ,
اشعر بوحده فظيعه ,
ولا يمكنني حيالها ان افكر فالحب .
لكن على الاقتناع بان هذي المحنه لن تستمر ,
وانني ساجد الوظيفه التي تناسبني ,
وانني هنا لانني اخترت ان اواجة قدري بنفسي .
الجبال الروسية صورة عن حياتي ,
لان الحياة لعبه عنيفه هاذيه .
الحياة هي ان ترمي بنفسك من مظله و ان تجازف ,
ان تسقط و تنهض من كبوتك الحياة .
الحياة هي هي ان تتسلق الجبال لتحاكي الرغبه فتسلق قمه النفس ,
وان لم تتوصل الى هذا ,
فعليك ان تعيش قانعا ذليلا .
ليس امري سهلا ان اكون بعيده عن عائلتي ,
ان اتخلي عن اللغه التي يمكنني ان اعبر بها عن كل انفعلاتي و مشاعري .
الا اني ابتداء من اليوم ,
ساتذكر مدينه الالعاب كلما شعرت بالاحباط لكن ,
ماذا لو نمت و افقت فوجدت نفسي فجاه ف” الجبال الروسية ” ماذا سيصبح شعوري عندئذ؟
عندئذ ساشعر اني سجينه ,
فاخاف من المنحدرات و ارغب فالتقيؤ و النزول من المركبه .
لكنك ,
اذا كنت مقتنعه بان السكك هي قدري و ان الله يدير الاله ,
عندئذ سيتحول الكابوس الى حالة من الاثاره ,
عندئذ لا تعود ” الجبال الروسية ” الا ما هي عليه ,
اي مجرد تسليه امنه و ممكن الوثوق فيها .
وما دامت الرحله مستمره ,
يجدر بي ان اشاهد المنظر المحيطبي و انا ازعق من شده الحماس .
* * * * *
كانت ما ريا قادره فعلا على تصور البدائل الممكنه و التعبير عنها بلغه الحكيم العاقل ,
لكن ذلك لا يعني انها تستطيع تطبيقها فالواقع .
اخذت لحظات الاحباط بالازدياد و بقي الهاتف صامتا .
واخذت ما ريا تقضي اوقات فراغها فقراءه المجلات الشعبية لتزيد من قدرتها على استعمال اللغه الفرنسية فساعات الفراغ .
ثم ادركت انها تنفق الكثيرمن المال ,
فقررت الذهاب الى المكتبه الاقرب .
اوضحت لها امينه المكتبه انهم لا يعيرون المجلات ,
لكن بامكانها ان تقترح عليها عناوين كتب تساعدها على التمرس باللغه الفرنسية بشكل اروع .
– ليس لدي الوقت لقراءه الكتب .
– ليس لديك الوقت ؟
ماذا تفعلين ؟
– حاجات كثيرة ,
اتعلم الفرنسية و اكتب يومياتي و …
– و ماذا ؟
كانت ستقول ” انتظر ان يرن الهاتف ,
لكنها اثرت الصمت ” .
– يا بنيتي ,
انت شابه ,
والحياة امامك .
اقراي ,
انسي جميع ما يقال لك عن الكتب و اقراي .
– قرات كثيرا .
وفجاه ,
تذكرت ما ريا ما قالة لها ما يلسون يوما عن ” الطاقات الكامنه ” و بدت لها امينه المكتبه شخصا حساسا و لطيفا و قادرا على مساعدتها فحال اخفقت مساعيها .
انباها حدسها انها تستطيع ان تتخذها صديقه لها ,
وان عليها العمل لكسب صداقتها .
اضافت ما ريا :
– لكني اريد ان اقرا بعد ,
ساعديني لو سمحت فاختيار الكتب المناسبه .
احضرت لها المرأة كتاب ” الامير الصغير ” .
تصفحتة ما ريا فالمساء ,
تاملت فالبداية الرسوم التي تمثل قبعه .
كان اكاتب يقول ان هذي القبعه يري بها الاطفال افعي التهمت فيلا .
فكرت ما ريا ” لم اكن يوما طفلة .
اري ان ذلك الرسم يشبة فعلا قبعه ” .
بما انها لا تملك جهاز تلفزيون فغرفتها ,
فقد كانت ترافق الامير الصغير فتجولة ,
لكنها تشعر بالحزن كلما تطرق الكتاب الى مقال الجب .
كانت ربما حظرت على نفسها التفكير فالحب ,
لئلا تعرض نفسها لانتحار .
ما خلا المشاهد الرومنطيقيه الاليمه بين الامير و الثعلب و الورده ,
كان الكتاب اهاذا و استطاعت ان تشغل نفسها عن مراقبه شاحن الهاتف الخوي التي كانت من خلالها شديده الحرص الا تضيع فرصه سانحه بسبب اهمالها .
اخذت ما را تتردد الى المكتبه ,
وتحددث الى امينه المكتبه التي بدت لها و حيده جدا جدا .
كانت تلتمس رايها و تتناقش معها فامور الحياة و الادب .
وجاء اليوم الذي بدا به التعويض المالي الذي كسبتة ينفذ ,
بعد اسبوعين لن يصبح لديها المال لتشتري تذكره العوده .
لكن ,
بما ان الحياة تنتظر دوما تازم الاوضاع لكي تخرج براعتها ,
فقد رن الهاتف اخيرا .
مرت ثلاثةاشهر على اكتشافها كلمه ” محام ” و شهران على انفاقها من التعويض الذي تلقتة مقابل طردها من العمل .
بعد انقضاء هذي المدة ها هي تتلقي اتصالا من الوكاله التي تستعمل العارضات .
شئلت اذا كانت لانسه ما ريا لا تزال موجوده على ذلك الرقم .
وكان جوابها ” نعم ” باردة ,
سبق ان تمرنت عليها لئلا يلمس السائل فصوتها اي لهفه .
علمت ان مسؤؤلا عربيا كبيري عن الازياء و الموضه فبلادة ,
قد احب صورها كثيرا ,
ويرغب فدعوتها للمشاركه فعرض ينوي القيام فيه .
تذكرت ما ريا حيبتها الجديدة العهد مع الفتي العربي الاخر ,
لكنها فكرت كذلك بالمال الذي كانت بامس الحاجة الية .
وجري تحديد الموعد فاحد المطاعم الفاخره .
وجدت ما ريا رجلا انيقا بانتظاهرا ,
اكثر جاذبيه و نضجا من رفيقها السابق .
سالها : : : هل تعرفين من رسم هذي اللوحه ؟
انة خوان ميرو .
هل تعرفين من هو خوان ميرو ؟
بقيت ما ريا صامته ,
وكانها تركز اهتمامها فقط على الطعاك الذي تنتاولة و كان مختلفا تماما عما تتناولة فالمطاعم الصينية .
لكنها سجلت الملاحظه فذهنها ,
في الزياره المقبله للمكتبه ,
عليها ان تستعلم عن خوان ميرو .
ثم قال العربي باصرار ” هذي الطاوله هنالك ,
هي المفضله لدي فيديريكو فيلليني …ما رايك بافلام فيلليني ؟
”
اجابت انها تعبد افلامة .
اراد العربي الدخول فالتفاصيل .
واذ ادركت ما ريا ان ثقافتها السينمائيه لن تيسر لها الفوز فالامتحان ,
فقررت الذهاب الى صلب المقال ,
وقالت ” لا اريد ان اغش .
كل ما اعرفة هو الفرق بين الكوكا كولا و البيبسي .
والان الا تريد ان تتكلم عن عرض الازياء ؟
” .
ولدت صراحه الفتاة انطباعا جيدا لدية :
– نتحدث فالمقال حين نذهب ,
بعد انتهاء العشاء ,
لتناول كوب .
توقفا عن الكلام ,
وطفقا يتبادلان النظرات ,
ويحاول جميع منهما ان يستكشف افكار الاخر .
كرر العربي قائلا ” انت رائعة جدا جدا .
اذا و افقت على احتساء كاسا معي فالفندق الذي انزل به ,
فساعطيك الف فرانك ”
فهمت على الفور ما يجري .
هل كانت هذي غلطه الوكاله التي تستعمل العارضات ؟
هل كانت غلطتها هي و كان يجدر فيها ان تستعلم اكثر عن مقال العشاء ؟
لا ,
لم تكن هذي غلطه الوكاله و لا غلطتها و لا غلطه العربي ,
هكذا تسير الامور ,
بكل بساطه .
وفجاه احست انها بحاجة الى ” السرتا ” و البرازيل و ذراعي و الدتها .
تذكرت ما يلون على الشاطئ و هو يحدد لها التسعيره التي تبلغ ثلاثمئه دولار .
حينذاك و جدت المبلغ مغريا ,
لا بل اكبر بعديد مما كانت تتوقعة مقابل قضاء ليلة مع رجل – لكنها ادركت فهذه اللحظه انها لا تملك احد فالعالم يمكنها التحدث الية .
كانت و حيده فميدنه غريبة و خلفها اثنتان و عشرون سنه عاشتها كما يحلو لها ,
لكنها مع هذا لم تكن لتعينها على اختيار الجواب الاروع .
– اسكب لي مزيدا من الخمر لو سمحت .
صب لي العربي الخمر فيما كانت افكارها تنتقل بسرعه تفوق الامير الصغير بين الكواكب .
تذكرت انها اتت الى هنا بحثا عن المغامره و المال و عن زوج .
كانت تعرف انها ستتلقىرعوضا مماثله .
لم تكن بريه ,
لا بل كانت معتاده تصرفات الرجال .
لكن الوكالات التي تستعمل العارضات و النجاح و الزوج الثري و العائلة و الاولاد و الاحفاد و الملابس و العوده الظافره الى بلادها الام … جميع هذا ,
كانت لا تزال مؤمنه فيه ,
ولا تزال تحلم بتخطي جميع المصاعب بفضل ذكائها و سحرها و قوه ارادتها .
واجهها الواقع الاليم لينهال على راسها كالطود .
اجهشت بالبكاء و دهش العربي لذا .
لم يعرف ماذا عليه ان يفعل لانة كان خائفا من الفضحيه و مدفوعا بغريزه ذكورية لحمايتها فان .
اشار الى الخادم كي يحضر الحساب بسرعه .
لكن ما ريا منعتة قائله ” لا تفعل .
اسكب لي الخمر بعد ,
ودعني ابكي قليلا ” .
فكرت ما ريا بالصبي الذي سالها قلما ,
وبالفتي الذي قبلها دون ان تفتح فمها و بفرحه اكتشافها لريو دي جانيرو ,
وبالرجال الذين استغلوها دون ان يعطوا شيئا بالمقابل ,
وبالشغف و الحب اللذين فقدتهما خلال مسيرتها .
وبالرغم من الحريه الظاهره ,
فانها رات ان ايام حياتها تتوالي الى ما لا نهاية فانتظار المعجزه و بلوغ الحب الحقيقي و المغامره التي تنتهي بشكل رومنطيقي كتلك التي شاهدت مثلها فالسينما او قرات عنها فالكتب .
تذكرت ما قالة احد الادباء عن ان الوقت لا يغير الانسان و لا الحكمه كذلك ,
بل ان الشئ الوحيد الذي ممكن ان يدفع الكائن لينغير هو الحب .
يا للبلاهه ,
يبدو ان ذلك الكاتب لا يكشف الا و جها واحدا من الميداليه .
لا شك ان الحب قادر على تغيير جميع شئ فحياة الانسان اثناء فتره زمنيه قصيرة .
لكن ,
وهذا هو الوجة الاخر للميداليه ,
هنالك شعور احدث ممكن ان يقوم الكائن البشري الى معارج مختلفة تماما عن تلك التي كان يسعي اليها ,
وهي الياس .
اجل قد كان الحبقادرا على تغيير حياة الانسان ,
لكن الياس قادر كذلك على فعل هذا و بسرعه اكبر .
هل عليها ان تغادر مهروله من المطعم و ترجع الى البرازيل لتصبح استاذه تعلم اللغه الفرنسية و تقترن برب عملها السابق ؟
ام علها الذهاب ابعد قليلا فمساعيها ,
لا شئ يذكر ,
مجرد ليلة فمدينه لا تعرف بها احدا و لا احد يعرفها .
هل ستدفعها ليلة واحده ,
ومال يسهل الحصول عليه ,
للذهاب ابعد ما تصورة ,
الي نقطه اللاعوده ؟
ما الذي كان يدور فهذه اللحظه ؟
هل امامها فرصه غير منتظره ام اختبار تخضعها له العذراء مريم ؟
جال العربي بنظرة متفحصا لوحه خوان ميرو ,
والمقعد حيث تناول فيلليني العشاء ,
والموظفه المسؤؤله عن حجره الثاب ,
والزبائن الذين يدخلون و يظهرون .
– الم تكوني على علم بالمقال ؟
– اسكب لي الخمر بعد ,
لو سمحت .
كانت هذي هي الاجابه الوحيده لماريا الدامعه .
كانت تصلي لئلا يقترب الخادم و يعرف ماذا يجري .
وكان الخادم الذي يراقب المشهد بطرف عينية ,
يود لو يسدد الرجال حسابة بسرعه ,
لان المطعم مزدحم و الزبائن ينتظرون .
و اخيرا ,
وبعد مضي وقت بدا لها دهرا تكلمت ما ريا :
– قلت انها ستدفع الف فرنك لقاء كوب ؟
تعجبت هي من نفسها عندما سمعت صوتها .
اجاب العربي :
– نعم .
كان نادما على تقديمة ذلك الاقتراح .
ثم اضاف ” لكني لا اريد باي شكل من الاشكال ان … ”
– سدد الحساب بسرعه ,
ولنذهب لتناول تلك الكاس فالفندق الذي تنزل به .
من جديد ,
شعرت ان تصرفها غريب عنها .
حتي هذي اللحظه ,
كانت بنت شابه ,
لطيفه ,
مهذبه ,
سعيدة ,
ولم يسبق لها ان استعملت هذي اللهجه .
يبدو ان هذي االفتاة الشابه ربما ما تت الى الابد ,
وان حياة حديثة تشرع امامها ,
يبلغ ثمن الكؤؤس بها الف فرنسك للكاس الواحده ,
اي ما يعادل 600 دولار ,
اذا اردنا تحويلها الى العمله الاكثر تداولا فالعالم .
حصل جميع شئ كما كان موقعا ,
ذهبت ما ريا الى الفندق برفقه العربي .
احتست الشمبانيا حتي بلغت مرحلة الشكر الكامل .
افرجت ساقيها منتظره ان يحصل على نشوتة الجنسية ( لم تفكر فان تصطنع نشوتها هي كذلك ) ,
ثم اغتسلت فغرفه رخاميه ,
تقاضت اجرها و سرت لنفسها العوده الى غرفتها بسيارة التاكسي .
ارتمت على سريرها و استرسلت فنوم لا احلم به .
* * * * *
وهذا ما دونتة ما ريا فيومياتها فاليوم الاتي :
” اذكر جميع شئ الا اللحظه التي اتخذت بها قراري .
الغريب فالمقال هو انه لم يساورني اي شعوربالذنب .
كنت ,
فيما مضي ,
انظر الى الفتيات اللواتي يضاجعن الرجل مقابل مبلغ يتقاضينة ,
وكانهم كائنات لم تترك لهم الحياة اي خيار احدث .
اما الان فادرك ان ذلك ليس صحيحا ,
كان بامكاني ان اقول ” نعم ” او ” لا ” .
ولم يجبرني احد على القيام بما كنت لا اغرب به .
اجتاز الشوارع و حيده ,
انظر الى العابرين و افكر ,
هل اختاروا حياتهم بانفسهم ام ان القدر هو الذي اختارها لهم .
اري عامله التنظيف التي كانت تحلم بان تصير عارضه ,
وموظف المصرف الذي حلم بان يكون موسيقيا ,
وطبيب الاسنان الذي و د لو يكرس حياتة للادب ,
والفتاة التي كانت تهيم بالعمل فالتلفزيون لكنها لم تستطع ان تحصل الا على ظيفه محاسبه فاحد المخازن الكبري .
لا اشفق على نفسي و لا اعتبر نفسي ضحيه .
كان بامكاني الخروج من المطعم دون ان تمس كرامتي ,
وبمحفظه نقود فارغه .
كان بمكاني ان القن ذلك الرجل درسا فالاخلاق ,
وان اسعي لابرعن له انه فحضره اميره ,
وانة يجدر فيه ان ياسر قلبها بدل ان يشتريها .
كان بامكاني ان اتصرف باشكال لا تحصي .
لكني ,
كمعظم الكائنات البشريه ,
تركت للقدر ان يختار لي الطريق التي ينبغي لي ان اسلكها .
لا شك فان قدري ممكن ان يبدو لا شرعيا و هامشيئا اكثر من اقدار الاخرين .
لكن لكنا متساوون فسعينا و راء السعادة : الموظف الموسيقي ,
طبيب الاسنان الاديب,
المحاسبه الممثله ,
عامله التنظيف العارضه ……كلنا متساوون لان ليس احد منا سعيدا .
* * * * *
هل ذلك جميع شئ ؟
هل تجري الامور بهذه السهوله ؟
كانت ما ريا فميدنه غريبة لا تعرف بها احدا .
ما بدا لها بالامس عذابا منحها اليوم شعورا عارما بالحريه ,
ليست بحاجة لان تعطي تفسيرات لاي يكن .
قررت ,
وللمره الاولي منذ سنوات ,
ان تكرس يوما كاملا للمثول امام ذاتها .
حتي هذي اللحظه ,
كانت على الدوام تهتم بالاخرين ,
بامها و رفاق المدرسة و ابيها و الموظفين فالوكاله التي تستعمل العارضات و استاذ اللغه الفرنسية و خادم المطعم و امينه المكتبه ,
وبما يفكر به المجهولون العابرون فالشارع .
والواقع ان لا احد كان يهتم فيها هي الغريبة المسكينه .
حتي اشرطة لن تلاحظ غيابها فيما لو اختفت غدا .
هذا يكفي .
خرجت فو قت مبكر .
تناولت فطورها فالمكان المعتاد ,
وتنزهت قليلا حول البحيرة ,
لتجد نفسها فمواجهه تظاهره ينظمها ناس فالمنفي القسري .
قالت لها امرأة تجركلبا ان المتظاهرين اكراد .
فسالتها ما ريا ,
ولم تكن تريد ان تدعي ذكاء و ثقافه لم تكن تملكهما ” من هم الاكراد ؟
” .
ذهشت المرأة لسؤالها و لم تعرف بماذا تجيب .
يا للعجب ,
يتكلم الناس كما لو انهم يعرفون جميع شئ .
لكن اذا تجرات و سالتهم ,
فانك تدرك انهم لا يعرفون شيئا .
دخلت ما ريا مقهي يوفر لروادة كافه الاتصالات ,
وعرفت عبر الانترنت ان الاكراد شعب لا يملك دوله ,
وان بلادهم كردستان تتقاسمها اليوم ( العراق و تركيا ) .
رجعت الى مكان التظاهره لعلها تجد المرأة صاحبه الكلب الصغير ,
لكنها غادرت المكان .
” ذلك ما انا عليه ” او بالاحري ذلك ما كنتة .
شخصا يتظاهر بانه يعرف جميع شئ ,
محتبس داخل صمتة ,
ثم اتي ذلك العربي الذي اغاظني لدرجه اني امتلكت الشجاعه للقول ان جميع ما اعرفة هو الفرق بين الكوكا كولا و البيبسي .
فهل ضدم بجوابي ؟
هل جعلة ذلك يغير راية حيالي ؟
اطلاقا .
ربما كانت عفويتي ربما اعجبتة .
كنت دائما خاسرة حين اردت ان ابدو ادهي او اذكي مما انا عليه يكفي اذا ” .
تذكرت المخابره التي اجرتها معها الوكاله التي تستعمل العارضات .
هل كانوا على علم بما يريدة العربي ؟
– اذا كان الامر صحيحا ففي هذي الحالة تكون ( ما ريا ) ربما ادت دور المرأة البرئيه المغفله – ام انهم كانوا يظنون فعلا ان العربي يستطيع ان يدعوها للمشاركه فاحد العروض التي ستقام فالجزيره العربية ؟
ايا يكن الامر ,
فقد شعرت ما ريا انها اقل و حده فهذه الصبيحه الرماديه فجنيف .
كانت الحراره قريبه من درجه الصفر ,
والاكراد يتظاهرون و حافلات الترام تصل فالوقت المحدد و المجوهرات يعاد رصفها فالواجهات ,
والمصارف تفتح ابوابها ,
والمتسئؤلون ينامون ,
والسويسريون يذهبون الى اعمالهم .
كانت تشعر انها اقل و حده ,
لان امرأة غيرمرئيه من قبل العابرين كانت تقف قربها .
لم تنتبة ما ريا قط الى و جودها لكنها كانت هنا .
ابتسمت لها ما ريا .
كانت المرأة تشبة العذراء مريم ام يسوع ,
بادلتها المرأة الابتسامه و توصلت اليها ان تظل متيقظه لان الامور ليست بالسهوله التي تظنها .
لم تزل ما ريا اهمية لهذه النصحية ,
واجابتها بانها امرأة ناضجه و تتحمل مسؤلليه خياراتها ,
وبانها لا تؤمن ان هنالك مؤامره كونيه تحاك ضدها .
تعلمت ان هنالك ناسا مستعدين لدفع الف فرنك سويسره مقابل سهرة معها او نص ساعة بين ساقيها ,
وان عليها ببساطه ان تقرر اذا كانت تريد فالايام المقبله ان تشتري فيها المبلغ تذكره طائره و تعود الى ديارها ام انها تنوي البقاء فجنيف لوقت اطول ,
يتيح لها ان تجني ما لا تستطيع ان تشتري فيه مسكنا لاهلها و ملابس رائعة و تذاكر للسفر الى الاماكن التي حلمت بزيارتها فالعالم .
قالت لها المرأة غير المرئيه باصرار ان الحاجات ليست بالسهوله التي نتصورها .
لكن ما ريا كانت مسروره بهذه الصحبه غير المتوقعه ,
ورجت المرأة الا تقطع عليها حبل افكارها لانها كانت على و شك اتخاذ قرارت مهمه .
اخذت ما ريا تتفحص المسائل من جديد ,
وهذه المره بانتباة اكبر ,
ولاسيما مساله رجوعها الى البرازيل .
فكرت ان صديقات المدرسة اللواتي لم يظهرن قط من البرازيل لن يتوانين عن القول انها طردت من سويسرا لانها لا تملك الموهبه الضرويه التي تجعل منها نجمه عالمية .
اما امها ,
فستكون حزينه لانها لم تحصل على الايراد الذي و عدت فيه ,
حتي لو اكدت لها ما ريا فالرسائل ان الموظفين فالبريد يختلسن الاموال التي ترسلها .
وسينظر اليها و الدها طوال الوقت بهذه السحنه التي تقول ” كنت عارفا ” ,
وستعود لتعمل فمحل النسيج و تقترن برب العمل ….كل هذا بعد ان سافرت فالطائره و تناولت الجبنة فسويسرا و تعلمت الفرنسية و مشت على الثلج .
هذا من جهه .
من جهه ثانية ,
هنالك الكؤؤس التي يساوي جميع منها الف فرنك .
صحيح ان ذلك لن يدوم طويلا ,
لان الجمال يتبدل بسرعه كما تذبل الورود .
ولكن ,
في ظرف سنه ,
ستكسب من المال ما يمكنها من التحكم بقوانين اللعبه .
بيد ان المشكلة الحقيقة التي تواجهها هي انها لا تعرف ماذا عليها ان تفعل ,
ولا من اين تبدا .
ثم تذكرت ,
خلال علمها كراقصة سامبا ,
ان احدي الفتيات اشارت الى مكان يدعي شارع برن .
ذهبت ما ريا لاستشاره احدي صحائف الاعلانات التي تحفل فيها جنيف ,
وتتضمن اعلانات من جهه و خرائط المدينه من جهه ثانية .
سالت احد الرجال الواقفين هنالك ان كان يعرف اين يوجد شارع برن .
نظر اليها مرتبكا ,
واراد ان يعرف اذا كانت تسال عن شارع برن ام عن الطريق التي تؤدي الى برن عاصمه سويسرا .
اجابت ما ريا ” لا ” ابحث عن شارع موجود هنالك .
تفحصها الرجل من راسها حتي اخمص قدميها ,
وابتعد دون ان يقول شيئا ,
وهو على اقتناع بان هنالك كاميرا خفيه تلتقط صورة له لحساب احد البرامج التلفزيونيه التي تتعمد اثاره المقالب المضحكة .
مثلث ما ريا امام الخريطه لمدة ربع ساعة ,
لم تكن المدينه كبار ,
وعثرت اخيرا على المكان .
احتفظت صديقتها غير المرئيه بالصمت طوال الوقت الذي استغرقتة ما ريا ,
لتحصر تركيزها و تجد الشارع على خارطه المدينه .
حاولت المرأة ان تدخل معها فجدال .
قالت لها ان المساله لا تتعلق بالاخلاق ,
وبانها تزج نفسها فطريق لا منفذ لها .
اجابت ما ريا انها اذا كانت قادره على ايجاد المال لتغادر سويسرا ,
فسيصبح بمقدورها اذن ان تتخلص من كل الورطات ,
وتجد المخرج الملائم .
ثم ان ايا من هؤلاء الذين صادفتهم فحياتها لم يحقق ما كان يصبو الية .
هذه هي الحقيقة .
ثم اضافت قائله الى الصديقه اللامرئيه ” نحن فو اد من الدموع .
يمكننا ان نحلم بحاجات عديده .
لكن الحياة قاسيه لا ترحم ,
وهي مخزيه .
هل تريدين ان تقولي لي اني سادان ؟
لا احد يعرف ,
وهذا لن يدوم الا و قتا قصيرا .
ااختفت المرأة ,
وعلي شفتيها ابتسامه عذبه لكن حزينه .
مشت ما ريا الى مدينه الالعاب ,
واشترت بطاقة لتدخل مركبه الجبال الروسية ,
وتزعق كما يفعل الجميع ,
مع انها تدرك تماما ان ليس هنالك مخاطر ,
وان الامر مجرد تسليه .
ثم تناولت الغذاء فمطعم ياباني دون ان تعرف ما كانت تتناولة .
عرفت فقط ان الفاتوره كانت مرتفعه ,
وانها مستعده من الان فصاعدا ان تتيح لنفسها جميع نوعيات الترف .
شعرت انها سعيدة و لا تحتاج الى مخابره هاتفيه ,
ولا الى اتباع اسلوب التقشف فانفاق المال .
عند انتهاء النهار ,
خابرت الوكاله ,
وقالت ان اللقاء جري بشكل جيد للغايه ,
وانهت المخابره بتوجية كلمات الشكر .
لو كانوا ناسا جديين لسالوها بخصوص العرض.
واذا كانوا يصطادون النساء ,
فسيدبرون من اجلها لقاءات حديثة .
اتخذت قرارا بالا تشتري تلفزيونا مطلقا ,
ولو كانت تملك المال الازم لذا ,
لان عليها ان تفكر و تستغل جميع و قتها فالتفكير .
* * * * *
وهذا ما دونتة ما ريا فيومياتها هذا المساء ( مع ملاحظه دونتها فالهامش ” لست مقتنعه تماما ” .
” اكتشفت الاسباب =الذي يجعل الرجل يدفع مبلغا من المال لكي يصبح برفقه امرأة ,
يريد ا يصبح سعيدا .
لا يدفع الرجل الف فرنك ليحصل فقط على النشوه الجنسية ,
بل لانة يريد ان يصبح سعيدا .
انا كذلك اريد ان اكون سعيدة ,
والجميع يريدون هذا ,
لكن لا احد يبلغ السعادة .
ماذا ساخسر اذا قررت ان اتحول لبعض الوقت الى ….
يصعب التفكير فهذه الكلمه و كتابتها كذلك ….لكن هيا …ماذا ساخسر اذا قررت يوما ان اصير عاهره لبعض الوقت ؟
ما الذي يمنعني ” الشرف ,
الكرامه ام احترام الذات ؟
لو فكرت فهذه الفضائل جيدا لوجدت اني لم امتلكها قط فحياتي .
لم اشا ان اولد ,
ولم اوفق فان اجعل نفسي محبوبه ,
واتخذت دوما القرارات السيئه .
اترك الان للاقدار ان تقرر مصيري .
* * * * *
في اليوم الاتي ,
اتصل فيها احدهم من الوكاله مجددا و سالها بخصوص الصورة بعدها تحري عن موعد العرس ,
لان هنالك مبلغا يجب اقتطاعة للوكاله مقابل جميع عرض .
اجاب ما ريا انه يفترض بالعربي ان يتصل بهم .
استنتجت فورا انهم يكونوا على علم بما جري .
ذهبت الى المكتبه و طلبت كتبا عن الجنس .
اذا كانت عازمه جديا على العمل ,
لسنه فقط كما تعهدت لنفسها ,
في ميدان تجهلة ,
فينبغي لها ا،
تعرف ان اول شئ يجب تعلمة هو طريقة التصرف ,
كيف يمكنها ان تمنح اللذه لتحصل على المال مقابل هذا .
كانت خيبتها كبار عندما قالت لها امينه المكتبه ان الكتب التنقيه التي تعالج ذلك المقال نادره ,
لا،
المكتبه مؤسسة عامة .
اخذت ما ريا احد الكتب ,
قرات ملخصا عنه ,
ثم اعادتة فورا ,
كان الكتاب يتحدث فقط عن الانتصاب و الايلاج و العجز و وسائل منع الحمل و كل الحاجات التي تنم عن ذوق سيئ .
ثم اختارت كتابا لتستعيرة ” تاملات سيكيولوجيه فبروده المرأة الحنسيه ” .
وسبب اختيارها انه لم تكن تستطيع الوصول الى النشوه الجنسية الا عبر الاستمناء ,
رغم انها كانت تجد لذه كبري فان يمتلكها رجل و يلجها .
بيد انها لم تكن تبحث عن اللذه ,
بل عن العمل .
استاذنت امينه المكتبه بالانصراف ,
ودخلت محلا لبيع الملابس الداخلية .
استثمرت اول مبلغ لها فالمهنه التي تلوح امامها فالافق ,
واشترت ملابس اعتبرتها مثيره بما به الكفايه لتوقظ كل نوعيات الرغبات .
ثم ذهبت الى المكان الذي عينتة على الخارطه .
يبدا شارع برن بالقرب من الكنيسه ( لم يكن بعيدا ,
يا للمصادفه ,
عن المطعم الياباني الذي تناولت به الغداء البارحه ) .
وهو ,
من جهه ,
ملاصق للواجهات التي تعرض ساعات باسعار متدنيه ,
ومن جهه ثانية ,
ملاصق للحانات الليلية ,
وجمعيها مغلقه فهذا الوقت من النهار .
رجعت لتتنزة حول البحيرة ,
واشترت ,
بلا اي انزعاج ,
خمسمجلات بورنو غرافيه ,
لكي تزيد معلوماتها .
وانتظرت ان يهبط الليل للتوجة من جديد الى شارع برن .
وهنالك نزلت مصادفه فحانه اختارت لنفسها اسما برازيليا موحيا ” كوباكابانا ” .
فكرت فانها لم تتخذ قرارها بعد .
كان الامر فقط امتحانا .
لكن لم يسبق لها ان شعرت بانها حره و مرتاحه كما تشعر الان ,
منذ و صولها الى سويسرا .
قال لها صاحب الحانه الذي كان يغسل الكاسات و راء طاوله الشرب دون ان يستخدم اي نبره تساؤليةفي جملتة ” تبحثين عن عمل ” كان المكان عبارة عن سلسله من الطاولات المتتابعة و حلبه رقص و بعض المقاعد المريحه المسنده الى الجدران .
” ليس الامر سهلا .
نحن نحترم القانون .
ولكي تقيمي هنا ,
يجب الحصول على بطاقة على ااقل ” .
اظهرت ما ريا بطاقة عملها .
قال صاحب الحانه و ربما تحسن مزاجة بوضوح :
– لديك خبره ؟
لم تعرف بماذا تجيب .
لو قالت ” نعم ” لسالها اين اكتسبتها ,
ولو قالت ” لا ” لرفض ان يدبر لها عملا .
– اعمل على كتاب .
خرجت الفكرة من العدم ,
وكان صوتا لا مرئيا اتي لنجدتها .
لاحظت ا،
الرجل تظاهر بتصديقها ,
مع انه كان يعلم انها تكذب .
– قبل ان تتذي اي قرار ,
استخبري عن المقال لدي الفتيات .
لدينا على الاقل ست برازيليات ,
وبامكانهن ان يوضحن لك ما ينتظرك .
ارادت ما ريا ان تقول انها لا تحتاج الى نصائح احد ,
وانها لم تتخذ اي قرار .
لكن الرجل كان ربما انتقل الى الجهه الثانية من الملهي ,
وتركها و حيده دون ا،
يقدم اليها حتي كاس ماء .
وصلت الفتيات .
نادي صاحب الحانه على البرازيليات ,
وطلب اليهن ان يتحدثن الى الوافده الحديثة .
لم تبد واحده منهن استعدادها للطاعه ,
وادركت ما ريا انهن يخشين المنافسه .
بدات الموسيقي تعزف فالحانه مردده بعض الاغاني البرازيلية ( ذلك امر طبيعي ,
لان المكان يدعي كوباكابانا ) .
ثم دخلت بنات ذوات ملامح اسيويه ,
واخريات بدون و كانهن نازلات من الجبال المثلجه المحيطه بجنيف .
واخيرا ,
وبعد ساعتين من الانتظار و العطش الشديد و تراكم اعقاب السجائر امامها ,
ادركت ما ريا انها قامت بالاختيار السيئ ,
فكان السؤال ” ماذا افعل هنا ؟
يتردد و كانة لازمه .
بعد ان اغتاظت ما ريا من عدم الاكتراث الذي اظهرة حيالها رب العمل و الفتيات ,
رات احد البرازيليات تقترب منها و تسالها ” لماذا اخترت ذلك المكان ؟
كانت تستطيع ان تتذرع من جديد بالكتاب الذي تعمل عليه ,
لكنها اثرت ان تقول الحقيقة ,
كما فعلت عندما سئلت عن الاكراد و خوان ميرو .
– بسبب اسمه ,
لااعرف اين ابدا ,
ولا اعرف ان كنت راغبه فان ابدا .
عجبت الفتاة لهذا الكلام الصريح و المباشر .
احتست جرعه و يسكي متظاهره بالاستماع الى الاغنية البرازيلية التي كانت تبث فالحانه .
ثم قامت ببعض التعليقات عن سام العيش فهذه البلاد ,
وتنبات ان الحركة ستكون خفيفه ذلك المساء ,
لانة تم الغاء مؤتمر عالمي كان سيقام فجنيف .
وعندما لاحظت اخيرا ان ما ريا لا ترغب فالرحيل قالت لها ” الامر بسيط جدا جدا و عليك ان تحترمي ثلاث قواعد : القاعده الاولي : لا تقعي فغرام احد الزبائن ,
القاعده الاخرى : لا تصدقي الوعود و اطلبي سلفا المبلغ المتوجب دفعة .
القاعده الثالثة ,
لا تشربي المخدرات .
ثم اضافت ” ابدا العمل فورا .
اذا رجعت ذلك المساء الى البيت دون ان تتدبري امرك بالحصول على رجل ,
فلن تكون لديك الشجاعه للرجوع الى هنا ” .
كان ما ريا ربما اعدت النفس لاستشاره بسيطة بخصوص عمل مؤقت و محتمل ,
ليس اكثر .
لكنها تدرك الان ان هنالك شعورا يدفعها لاتخاذ قرار فجائي و حاسم ,
وهو الياس .
– حسنا ,
اباشر اليوم العمل .
لم تعترف انها بدات البارحه .
ذهبت الفتاة لتحدث صاحب الحانه بما جري مع الزائره الحديثة .
سال صاحب العمل ما ريا :
– هل لديك ثياب داخلية رائعة ؟
لم يسبق لاحد ان و جة اليها ذلك السؤال ,
لا عشاقها و لا العربي و لا صديقاتها و لا حتي اي اجنبي .
لكن يبدو ان الامور تجري فهذا المكان على ذلك النحو ,
ويتم الدخول مباشره فصلب المقال .
اجابت على سبيل التحدي :
– لدي سروال لونة ازرق سماوي و ليس لدي صداره .
فرد عليها بلهجه يشوبها اللوم و العتاب :
– ارتدي غدا سروالا اسود و صداره و جوارب .
استغلي سحر الثياب الداخلية الى اقصي درجه .
هذا يشكل جزءا من طقوس المهنه .
لم يشا ميلان تضييع الوقت ,
واراد ان يعلم الموظفه المبتدئه باقي الطقوس كذلك .
يجب ان تكون ” كوباكابانا ” مكانا مسليا و ليس ما خورا .
يدخل الرجال الى هنا لاعتقادهم انهم سيلتقون امرأة ليست فصحبه رجل .
اذا اقترب احد من طاولتها و لم يعترضة احد ي الطريق ( لانة هنا كذلك يوجد مفهوم ” الزبون الحضري ” لبعض الفتيات ) فانه سيدعوها ,
ولا شك ,
مرددا العبارة الاتيه : هل تريدين ان تشربي معي كاسا ؟
عندئذ ممكن لماريا ان تقابلي بالرفض او بالايجاب ,
لانها حره فان تستجيب لمن تريد ,
مع انها لا تنصح بان تقول : لا ,
اكثر من مره فالسهرة .
اذا و افقت ,
فبامكانها ان تطلب كوكتيل فواكة .
يجب ان تحتسي الكحول و الا تدع ازبون يقرر بدلا منها ,
ثم يدعوها الى الرقص فتوافق .
معظم الزبائن معتادون الامر باستثناء الزبائن الحصريين ,
الذين لم يتوسع ميلان فجديدة عنهم .
ليس هنالك اي خطر .
الشرطة و وزارة الصحة تطلبان فحوصا شهرية للدم و بشكل دوري للتاكد من ان الفتيات لا يحملن امراضا جنسية معديه .
كما ان استخدام الواقي الذكري اجباري ,
رغم عدم وجود و سيله للتاكد اذا كانت هذي القاعده متبعه ام لا .
يجب على الفتيات الا يثرن الفضائح .
لقد كان ميلان متزوجا و رب عائلة و حريصا على سمعتة و سمعه ” كوباكابانا ” .
ثم تابع يشرح لها بعض الطقوس المتبعه ,
بعد الرقص ,
يذهبان للجلوس و يدعوها الزبون ,
وكان اقتراحة مفاجي ,
للذهاب معه الى احد الفنادق .
التعرفه العاديه تبلغ 250 فرنكا ,
ويحتسب منها ميلان 50 فرنكا لنفسة ثمن اجره الطاوله ( و هذي الخدعه يستعملها ميلان احتيالا على القانون ليتحاشي المسؤؤليه المباشره عن التعقيدات القانونيه و لكي لا يتهم باستغلال الجنس بهدف الربح ) .
حاولت ما ريا الاعتراض قائله : لكنني كسبت الف فرنك مقابل …!
اشار اليها ميلان بالابتعاد و انهاء الحديث عند ذلك الحد .
تدخلت البرازيلية التي كانت تتابع الحوار قائله ” انها تمزح ” .
ثم اتجهت ناحيه ما ريا و اضافت بصوت عالم و بلهجه برتغاليه طليقة,
هذا المكان هو الاغلى جنيف ( هنا المدينه تدعي جنيف و ليس جنبرا ) .
لا تكرر ذلك الكلام .
هو يعرف سعر السوق و يعرف ان احدلا لا يضاجع مقابل الف فرنك ,
الا اذا كان لديك الحظ و الجدراه و قابلت ” زبائن غير عاديين “.
لم تترك نظره ميلان اي مكان للشك ( عرفت ما ريا لاحقا انه صربى و يعيش فسويسرا منذ 20 عاما ).
– التعرفه هي 250 فرنكا .
كررت ما ريا و ربما شعرت بالاهانه .
– اجل ,
هذه هي التعرفه .
في بادئ الامر ,
سالها عن لون ملابسها الداخلية .
والان يساومها على ثمن جسدها .
لكنها لا تملك الوقت الكافي للتفكير .
تابع الرجل عندئذ اصدار تعليماتة : لا يجدر فيها الذهاب الى املاك خاصة او الى فنادق اقل من خمس نجوم .
اما اذا كان الزبون لا يعرف مكانا يصطحبها الية ,
فعليها هي ان تختار و الحالة هذي فندقا بعيدا عن الحانات المجاوره للمكان ,
وان تستقل التاكسي لكي تتجنب مخالطه نساء اخريات يعملن فمؤسسات ثانية فشارع برن .
لم تصدق ما ريا حرفي مما قالة .
ادركت ان الاسباب =الحقيقي لمحاولتة ابعادها عن مخالطه نساء الحانات الثانية هو ان يفوت عليها فرصه عمل فظروف اروع .
لكنها احتفظت لنفسها بافكارها ,
لان النقاش بخصوص التعرفه كان كافيا بالنسبة لها .
” اود و اكرر : يجب ان تتصرفي كما يفعل رجال الشرطة فالافلام ,
لا تحتسي الكحول خلال الخدمه .
اتركك الان فالمكان ,
سيضع بالرواد بعد قليل .
قالت لها البرازيلية باللغه البرتغاليه :
– اشكرية .
شكرتة ما را ,
ابتسم الرجل ,
لكنة لم يكن ربما انتهي بعد من توصياتة :
– هنالك نقطه ثانية : يجب الا تتعده المهله بين طلب الشراب و اللحظه التي ستخرجين بها الخمس و الاربعين دقيقه .
سويسرا بلد الساعات و الجميع يتعلمون احترام المواعيد ,
بمن فيهم اليوغسلافين و البرازيليون .
تذكري اني اوفر القوت لاطفالي بفضل السمسره التي احصل عليها منك .
ستتذكر هذا .
قدم لها كوبا من المياة المعدنيه الغازية المعطره بالحامض ,
ليبدو الامر و كانها تحتسي جني تونك ,
ورجاها ان تتحلي بالصبر .
بدا الرواد يتوافدون الى الحانه .
يدخل الرجال و ينظرون حولهم بعدها يجلسون منفردين .
كلما و جد رجل رفيقه له ,
تتنهد ما ريا بارتياح .
شعرت انها اروع حالا مما كانت عليه فبداية السهرة .
و ربما عزت هذا الى انها كانت فسويسرا ,
او الى انها كانت عاجلا ام اجلا ستحيا المغامره و تحظي بالثروه او الزوج كما حلمت على الدوام ,
او ,
وهذا ما تنبهت الية من فورها ,
الي ان هذي المره كانت الاولي التي تظهر بها منذ اسابيع مساء ,
وتذهب الى مكان تعزف به الموسيقي و يمكنها سماع اللغه البرتغاليه .
كانت تتمتع برفقه الفتيات اللواتي يحطن فيها و يضحكن و يشربن عصير الفواكة و يثرثرن بسعادة .
لم تات واحده منهن لتهنئتها ,
او لتتمني لها حظا سعيدا ,
لكن الامر طبيعي .
الم تكن بمثابه غريم و خصم لهن ؟
جميعهن يسعين الى الفوز بتلك الكاس .
بدل ان تشعر ما ريا بالاحباط ,
شعرت بالفخر .
وبدل ان تنتابها الحيره ,
كانت تصارع و تناضل لتثبت و جودها .
شعرت ان لديها الحريه الكاملة لتفعل ما تريد ,
تستطيع ان شاءت ان تفتح الباب و تذهب الى غير رجعه .
لكنها لم تنسي ابدا انها كانت تملك الشجاعه لتاتي الى ذلك المكان و تفاوض و تتطرق الى موضوعات لم تجرؤ على التفطير فيها .
كانت تقول فنفسها ,
كل دقيقه ,
انها ليست ضحيه القدر بل هي تجازف و تتخطي نفسها ,
وتعيش احداثا ستتذكرها غدا فصمت قلبها ,
حين تلوح ايام الشيخوخه الرماديه .
ستتذكرها بحنين جارف مهما يبد الامر منافيا للمعقول .
كانت متيقنه من ان احدا لن يقترب منها ,
وانة فنهار الغد سيسدل الستار على هذي المغامره المثيره التي تجرؤ على تكرارها لاحقا ,
ها ربما عرفت للتو ان مبلغ الف فرنك فالليلة الواحده امر لن يتكرر مره اخرى .
لذا ربما يصبح اكثر تعقلا ان تشتري تذكره العوده الى البرازيل .
طفقت تحتسب فذهنها ,
بغيه تزجيه الوقت ,
ما ممكن ان تكسبة جميع من الفتيات .
اذا استطعن ان يفزن بثلاثه زبائن فالليلة ,
فسوف يكسبن ما يعادل اجر شهرين من معاشها القديم فمحل النسيج .
تري هل يبلغ الامر ذلك الحد ؟
لقد كسبت ما ريا الف فرنك فليلة .
لكن قد كان الامر ضربه حظ لمبتدئه فالمهنه .
في اي حال فان عائدات العاهرات اكبر مما تستطيع ان تكسبة من اعطاء دروس باللغه الفرنسية فبلادها .
الجهد الوحيد الذي تبذلة فالمقابل يقوم على البقاء فالحانه لبعض الوقت و الرقص و فتح ساقيها و نقطه على السطر .
ليس ضرويا ان تدخل فحوار مباشر مع الزبون .
فكرت كذلك ان المال حافز جيد .
لكن هل هو الحافز الوحيد؟
ام ان الناس الموجودين فهذا المكان من زبائن و نساء يستعمعون بوقتهم ؟
هل العالم مختلف اذن عما يصورنة فالمدرسة ؟
المكان امن و المهنه ايضا .
اذا استخدمت و اقيا ذكريا ,
فلن تعرض نفسها لاي خطر .
ثم انها لا تعرف احد هنا .
لا احد ممن تعرفهم يزور جنيف .
لا احد – و ذلك تعلمتة خلال درس اللغه الفرنسية – الا رجال الاعمال الذين يحبون التردد الى المصارف .
اما البرازيلون ,
فيفضلون ارتياد المخازن الموجوده فميامي او فباريس .
900 فرنك سويسري فاليوم على مدي خمسه ايام فالاسبوع ,
تشكل ثروه بالفعل !
والسؤال الذي يطرح نفسة :
ماذا تفعل الفتيات هنا ما دمن فيستطعن فشهر واحد ان يجنين من المال ما يمكنهن من ان تشتري جميع منهن منزلا لامها !
لكن ,
هل يعملن منذ وقت قصيرا ؟
ام ان ذلك الامر – و هنا خافت ما ريا من السؤال نفسة – يروق لهن ؟
– هل توافقين على شرب كوب ؟
نظرت الى السائل فوجدت امامها رجلا ثلاثينيا يرتدي بزه طيار .
رات ما ريا المشهد امامها بكاميرا بطئيه و كانها خرجت من جسدها لتراقب نفسها من الخارج .
شعرت انهاة ستموت خجلا لكنها تماسكت و سيطرت على احمرار و جهها مشيره بحركة موافقه براسها .
ثم ابتسمت و ادركت ان حياتها تغيرت الى الابد ,
بدءا من هذي اللحظه .
عصير الفواكة ,
المحادثه ,
ماذا تفعلين هنا ,
الطقس بارد ,
اليس ايضا ؟
احب هذي الموسيقي لكني اروع فريق ابا ,
السويسريون اناس باردون ,
هل انت برازيلية ؟
حدثيني عن بلادك ,
عن الكرنفال .
البرازيليات جميلات ,
السن ايضا ؟
تبتسم ما ريا و هي تستمع بارتياح الى عبارات الاطراء ,
ثم تتظاهر بالخجل و تجهد نفسها لتبدو غامضه غريبة الاطوار .
ترقص من جديد لكنها تنتبة الى نظرات ميلان الذي يحك راسة احيانا مشيرا الى الساعة فمعصمة .
تشتم عطر الرجل .
تدرك حالا ان عليها اعتياد الروائح .
هذا الرجل رائحتة عطره على الاقل .
يرقصان و ربما التصق احدهما بالاخر بشكل حميم .
كذلك كاس من عصير الفواكة .
الوقت يمر .
الم يقل ميلان ان اللقاء فالحانه يجب ان يقتصر فقط على خمسه و اربعين دقيقه ؟
نظرت الى ساعتها ,
سالها عما اذا كانت تنتظر احدا فتجيبة ان اصدقاءها سيصلون بعد ساعة .
يدعوها للخروج .
يذهبان الى الفندق 250 فرنكا .
الحمام بعد الجنس ( اعلن الرجل مرتبكا انها المره الاولي التي يشاهد بها هذا ) .
لم تكن ما ريا هي نفسها .
كانت امرأة ثانية فالجسد ذاتة .
لا تشعر بشئ و تقوم اليا بطقوس محدده .
تمثل ,
علمها ميلان جميع شئ الا طريقة الاستئذان من الزبون بالانصراف .
تتوجة الى الزبون بالشكر .
كان هو كذلك اخرق و كان نعسا .
قاومت رغبتها فالعوده الى الحانه ,
وارادت الرجوع الى البيت لكن كان يتوجب عليها ان تعود و تعطي الخمسين فرنكا لميلان ,
عندئذ التقت رجلا جديدا و تناولت عصير فواكة جديد ,
ووجهت اليها اسئله عن البرازيل ,
وذهبت الى الفندق مع الزبون ,
واستحمت من جديد ( هذي المره دون تعليقات ) بعدها عادت الى الحانه .
اقتطع رب العمل قسمتة ,
وقال لها انها تستطيع الذهاب ,
لان الحركة خفيفه ذلك المساء .
لم تستقل التاكسي ,
بل اجتازت الطريق فشارع برن كلها مشيا على الاقدام .
شاهدت الحانات الثانية و واجهات الساعات و الكنيسه فالزاويه ( لا تزال مغلقه ,
دائما مغلقه ….) و لااحد ينظر اليها بالمقابل ,
كما هي الحال دائما .
تمشي فطقس بارد ,
ولا تشعر ببروده الطقس .
لا تبكي و لا تفكر فالمال الذي كسبتة .
انها فحالة ذهول .
بعض النانس و لدوا ليواجههوا الحياة بمفردهم و ذلك ليس سيئا و ليس جيدا .
انها الحياة و ما ريا هي احد هؤلاء الناس الذين تهياوا للمواجهه .
سعت لان تفكر فما حصل .
بدات للتو عملها كعاهره ,
مع هذا ,
تشعر انها محترفه ,
وانها تمارس المهنه منذ وقت طويل ,
لا بل زاولتها طوال حياتها .
شعرت بحب جارف غريب لنفسها .
سرت لانها لم تهرب .
عليها الان ان تقرر مواصله العمل او التوقف .
اذا قررت المتابعة فستكون الاروع بينهن .
وهذا ما لم تكنة فاي وقت من حياتها السابقة .
لكن الحياة تعلمها ان الاقوياء و حدهم يستمرون .
ولكي تكون قويه ,
يجب ان تكون الفضلي .
ليس هنالك من حل احدث .
* * * * *
وهذا ما دونتة ما ريا فيومياتها بعد اسبوع من عملها فالحانه :
” لست جسدا يؤؤي روحا ,
بل روح تملك جزءا مرئيا منها هو ما يسمونة ” الجسد ” .
طوال هذي الايام ,
وبخلاف ما توقعتة ,
كانت هذي الروح حاضره .
لم تقل لي شيئا و لم تتوجة الى بالانتقاد و لم تشفق على !
كانت فقط تراقبني و بكل بساطه .
اليوم فهمت الاسباب =.
الاسباب =انني لم اعد افكر فالحب منذ امد بعيد ,
ولكانة يهرب مني ,
لكاني فقدت اعتباري ,
او لكانة لم يهد يشعر انه مرحب فيه .
ومع هذا ,
اذا مل افكر فالحب ,
فلن اكون شيئا .
حين رجعت الى ” كوباكابابانا” فاليوم الاتي ,
نظر الى الاخرون باحترام اكبر .
وبحسب ما قيل لي ,
كانت هنالك العديد من الفتيات اللواتي ياتين لمساء واحد و لا يرجعن ابدا .
اما تلك التي تذهب بعيدا فمهنتها ,
فتصبح حليفه و رفيقه ,
لانها باتت تستطيع ان تتفهم المصاعب و الاسباب ,
او بالاحري انعدام الاسباب ,
التي تجعلنا تختار ذلك النوع من الحياة .
تحلم كل الفتيات برجل يستطيع ان يكتشف فيهن امرأة حقيقة و رفيقه مثيره و صديقه .
لكن جميعهن يغرفن كذلك ,
ومن الدقيقه الاولي ,
ان شيئا من ذلك لن يحدث فاي لقاء .
يجب ان اكتب عن الحب .
يجب ان افكر و افكر .
يجب ان اكتب و اكتب عن الحب ,
والا فلا طاقة لروحي على احتمال جميع هذا ….
* * * * *
بالطبع ,
كانت ما ريا مقتنعه فصميمها ان الحب امر جوهري ,
لكنها لم تنس النصحية التي ادست اليها فالمساء الاول لوصولها .
لذا ,
تحاول الا يصبح حديثها عن الحب الا على صفحات يومياتها .
في اي حال ,
كانت تفتش يائسه عن الوسيله التي تجعل منها الاروع ,
وتؤهلها للحصول على العديد من المال فالقليل من الوقت .
ايضا قررت الا توسع دائره تفكيرها ,
وان تقصر همها على ايجاد التبريرات الازمه للخط الذي انتهجتة فحياتها .
هذه هي النقطه الجوهريه فالموضوع: ماذا تكون هذي ” التبريرات اللازمه ؟
” .
فكرت انها تقوم بهذا العمل لانها بحاجة الية .
لكن ليس ذلك بسبب كاف ,
لان الجميع يسعون الى كسب المال ,
لكنهم لا يختارون مهنه بعيده عن تطلعات ابناء المجتمع .
حسنا ,
لقد اختارت هذي المهنه لانها ارادت ان تكتسب تجربه حديثة فحياتها .
حقا ؟
العالم ملئ بالتجارب الممكنه .
هنالك مثلا رياضه التزلج او التجديف فقارب و سط بحيرة جنيف .
لكن كهذه التجارب لا يستهويها .
اختارات اذا ذلك العمل لانة ليس لديها ما تخسرة ,
ولان حياتها كانت حلقات متصلة من الحرمان .
لا ,
ان ايا من هذي الاجوبه لا يرضيها.
الاروع اذن نسيان الحجه و الاكتفاء ,
بما تجدة فطريقها .
ثمه رغبات كثيرة مشتركه بينها و بين العاهرات و النساء اللواتي التقتهن حتي الان .
واعظم هذي الرغبات مجتمعه هي الزواج و العيش بامان .
اما النساء اللواتي لا تحركهن هذي الرغبه ,
فكن اما متزوجات ( ثلث رفيقاتها كن متزوجات ) و اما تطلقن حديثا .
ارادت ما ريا ان تفهم نفسها بشكل اروع .
لذا حاولت ان تفهم لماذا اختارت رفيقاتها هذي المهنه .
عندما سالتهن ,
لم يستطعن تزويدها بشئ جديد .
واكتفت ما ريا بعرض قائمة بالاجوبه الممكنه عن اسباب اختيارهن للدعاره :
ا – كن مجبرات على مساعدة ازواجهن و تامين اشياء العائلة ( لكن كيف كن يواجهن غيرة ازواجهن ؟
) و ماذا يحدث لو التقت احداهن مصادفه باحد اصدقاء زوجها ؟
) .
بيد ان ما ريا فضلت الا تتعمق فهذه المساله .
ب – كن يرغبن فشراء بيوت لامهاتهن ( تلك حجه مشابهه لحجتها ,
نبيله فالظاهر ,
وهي الاكثرشيوعا ) .
ج – يجدر بهن توفير المال لتامين ثمن تذكره العوده ( هذي كانت الحجه التي تعشقها الكولومبيات و التايلنديات و البيروويات و البرازيليات ,
حتي لو جنين اضعاف و اضعاف المبلغ المذكور ,
وانفقتة خشيه ان يتحقق حلمهن ).
د – كن يفعلن هذا من اجل اللذه ( و ذلك لا يتناسب مع الجو ,
ويولد انطباعا سيئا عنهن ,
لان هذي الحجه تتسم بالخبث و النفاق ) .
ة – لم ينجحن فايجاد عمل احدث ( و هذي حجه و اهيه لان سويسرا تفيض بالوظائف ,
ويستطعن العمل كمنظفات او سائقات او طباخات ) .
باختصار ,
لم تستطع ما ريا ان تجد التبريرات الكافيه ,
وقررت ان تقلع عن سعيها لتفسير ما يحدث فالعالم المحيط فيها .
ادركت ان ميلان ,
صاحب الحانه ,
كان على حق ,
لم يحدث ان منحها اي رجل مجددا الف فرنك سويسري مقابل تزجيه بضع ساعات معها .
ايضا ,
لم يخرج اي زبون اعترضا او استياء على مبلغ الثلاثمائمه و خمسين فرنكا ,
وكان الرجال كانوا يعرفون التعريفه اصلا .
لو حدث و سالها احد الرجال عن المبلغ ,
فهذا كان بقصد اهانتها ,
او لتجنب مفاجاه سيئه .
قالت لها احد الفتيات يوما ” الدعاره مهنه مختلفة عن المهن الثانية ,
تكسب بها المبتدئه اكثر من تلك التي تفوقها خبره .
تصرفي دوما و كانك لا تزالين مبتدئه .
حتي الان ,
لم تتعرف ما ريا الى الزبائن التي يقال انهم ” زبائن غير عاديين ” .
لم يذكر المقال الا فالمساء الاول لعملها فالحانه ,
ولم يتناولة احد لاحقا بحضورها .
اخذت ما ريا تكتشف تدريجيا بعض الاسرار المتعلقه بالمهنه ,
ومنها الا تطرح مثلا على الزبون اسئله تتعلق بحاتة الخاصة ,
وان تبتسم و تتكلم اقل قدر يمكن ,
والا تضرب موعدا خارج اطار الحانه الليلة .
اما النصيحه الاهم ,
فاسدتها اليها فيليبنينيه تدعي نيا :
– عليك ان تتظاهري بالتاوة عندما الزبون الى الرعشه الجنسية .
– لكن لماذا ؟
افلا يدفعون لاشباع رغباتهم بالذات ؟
– عودي الى رشدك .
لا يثبت الرجل ذكروتة بانتصاب عضوة فقط ,
بل بقدرتة على ان يجعل المرأة تبلغ النشوه الجنسية .
واذا اثبت انه قادر على منح اللذه لعاهره ,
فعندئذ سيعتبر نفسة افحل الذكور .
وهكذا مرت سته اشهر ف” كوباكابانا ” تعلمت خلالها ما ريا جميع ما تريد معرفتة عن سير العمل هنالك .
وبما ان هذي الحانه هي الاغلى ثمنا فشارع برن ,
فقد كان الزبائن ينتمون فمعظمهم الى الكوادر العليا ,
ولديهم التبريرات الكافيه للعوده الى بيوتهم فو قت متاخر بحجه انهم ” يتناولون العشاء فالخارج مع احد الزبائن ” شرط الا تتجاوز مواعيدهم الساعة الحاديه عشره .
كانت معظم العاهرات اللواتي يعملن فالحانه تراوح اعمارهن بين الثامنة عشره و الاخرى و العشرين ,
وكن يبقين كمعدل و سطي ,
لفتره سنتين فبيت الدعاره الى ان يتم استبدالهن بوفدات جديدات .
عندئذ يذهبن الى حانه ” نيون ” بعدها الى ” كزينيوم ” .
كلما تقدمت بهن السن ,
انخفضت التعرفه و تقلصت معها ساعات العمل ,
كما تقلص ” جلد المكروب ” فيحططن رحالهن جميعا تقريبا فحانه ” تروبيكال اكستاسي ” التي كانت تستقبل النساء اللواتي تعذبن الثلاثين من العمر .
وانتقالهن الى هنالك يعني ان همهن بات يقتصر على توفير الاكل و الماوي .
وهذا ما ممكن توفيرة مما يتقاضينة من طالب متعه او اثنين يوميا .
والمبلغ لا يكاد يكفي لشراء زجاجه خمر و اجده .
ضاجعت ما ريا الكثيرمن الرجال .
لم تكن تهتم باعمارهن و لا بالملابس التي يرتدونها ,
بل كانت موافقتها او رفضها مرهونين بالرائحه التي تبعث منهم .
لم تكن رائحه السيجاره تزعجها ,
بل رائحه العطور الرخيصه و الزبائن الذين لا يستحمون ,
واولئك الذين تفوح من ملابسهم رائحه الكحول .
كانت ” كوبا كابانا ” مكانا هادئا ,
وسويسرا من اروع البلدان التي ممكن للعارهات ان يعملن بها ,
ما ان يحصلن بالطبع على ذان بالاقامه ,
والعمل و فقا للشروط القانونيه ,
ويسددن الضرائب المتوجبه عليهن بالدقه .
كان ميلان يردد على مسامعهن انه لا يريد ان يقرا اولادة اسمه على صفحات الجرائد المثيره ,
وكان بمقدروة ان يخرج تصلبا يفوق تصلب الشرطي حين يتعلق الامربالوضع القانوني للموظفات العاملات فمؤسستة .
ما ان يتم اجتياز عقبه الليلة الاوزلي او الاخرى ,
حتي تصبح مهنه الدعاره ,
كجميع المهن الثانية ,
حيث يتوخي العمل بحميه و مواجهه المنافسه ,
والسعي الى الاحتفاظ بمعايير الجوده ,
واحترام المواعيد ,
والشعور بالتشنج و التذكر من قله العمل ,
والراحه ايام الاحاد .
كانت معظم العاهرات مؤمنات ,
ويذهبن الى القداس لتلاوه الصلوات ,
ويضربن مواعيد مع الله .
اما ما ريا ,
فكانت على موعد دائما من مفكرة يومياتها لكي لا تفقد روحها .
فؤجئت حين اكتشفت ان خمس الزبائن الذي يترددون الى الحانه .
انما يجيئون بدافع الرغبه فالكلام و لو قليلا ,
وليس فقط فممارسه الجنس .
كان هءلاء يسددون الحساب بعدها يذهبون الى الفندق .
ثم خلال خلع الملابس يعلنون ان ممارسه الجنس ليست ضرورية .
كانوا يرغبون فالتحدث عن الضغوط التي تمارس عليهم فالعمل ,
عن زوجاتهم اللواتي يخدعنهم ,
عن شعورهم بالوحده لانهم لا يجدون شخصا يتحدثون الية ( و ذلك الشعور كانت تعرفة ما ريا جيدا ) .
وفي البداية ,
وجدت الامر غريبا .
ثم ,
ذات يوم ,
كانت فالفندق برفقه فرنسي تقوم مهنتة على استخدامكبيرة الموظفين الاداريين من اجل ترقيتهم فو ظائف اسمي ,
سمعتة يعلق قائلا ” هل تعرفين من هو الشخص الاكثر و حشه ؟
انة الموظف الادراي الكبير الذي نجح فمهنتة ,
وبات يكسب اجرا مرتفعا جدا جدا ,
ويحظي بثقه رؤساتة و مرؤؤسية ,
وهو الذي يقضي العطله بين افراد عائلتة و يساعد اولادة فو اجباتهم المدرسيه .
ثم ,
ذات يوم ,
ياتي الى زيارتة شخص مثلي حاملا الية الاقتراح الاتي ” هل ترغب فتغيير و ظيفتك و جني ضعف ما تكسبة ؟
.
هذا الرجل الذي كان يبذل جميع شئ ليشعر انه مرغوب به و سعيد ,
يكون الشخص الاتعس على ذلك الكوكب .
.لماذا ؟
لانة ليس هنالك من يستطيع التحدث الية .
يغوية اقتراحي و لا يستطيع ان يكسف امرة لزملاءة ,
لان غيرتهم تدفعهم الى عرقله المساعي المبذوله لترقيتة .
ولا يمكنة ان يتحدث فالامر مع زوجتة التي ساندتة لسنوات طوال فو ظيفتة الناجحه و اختارت الامان و لا تفهم شيئا فالمجازفه .
لا يستطيع التحدث الى احد ,
ويجد نفسة امام الخيار الاصعب فحياتة .
هل تستطيعين ان تتصورىما يشعر فيه ذلك الرجل ؟
لا ,
لا تعتقد انه الكائن الاكثر و حشه فالعالم .
تعرف ما ريا جيدا من هو الكائن الاكثر و حشه على و جة الارض .
انة ما ريا نفسها .
ومع هذا و افقت على قوله امله فالحصول على اجر اضافي ,
وهذا ما حدث فالواقع .
وابتداء ,
من ذلك اليوم ,
ادركت ما ريا ان ليها ان تكتشف و سيله لتحرير زبائنها من الضغط الهائل الذي يرزحون تحت و طاتة ,
وسيله بامكانها ان تحسن نوعيه خدماتها ,
وتؤمن لها كذلك مكافاه اضافيه .
عندما ادركت ما ريا ان تحرير الزبائن من الاحتقان النفسي كان مربحا كتحررهم من الاحتقان الجسدي ,
عادت تتردد الى المكتبه .
ارادت الحصول على كتب تتطرق الى المشكلات الزوجية و علم النفس و السياسة .
شرت امينه المكتبه لان الفتاة ,
التي كانت تشعربوذ تجاهلها ,
تخلت عن اهتامها بمقال الجنس ,
وبدات تحضر تفكيرها بموضوعات اكثر جديه .
كما اخذت ما ريا تقرا الصحف بانتظام .
وتتابع ضمن امكانياتها الاخبار الاقتصاديه لان معظم زبائنها كانوا منكبيرة الموظفين الادرايين .
تحزت عن كتب تتحدث عن طريقة المساعدة فحل المشاكل النفسيه ,
لا سيما و انهم كانوا يلتمسون نصائحها .
وقرات مؤلفات شتي عن الانفعالات البشريه ,
لانهم كانوا يعانون جميعا ,
لسبب او لاخر .
كانت ما ريا عاهره محترمه و مختلفة عن باقي العاهرات .
وقد استطاعت اثناء سته اشهر من العمل ان تحظي بزبائن كثيرين و اوفيا ,
مما اثار حسد رفيقاتها و اعجابهن كذلك .
اما الجنس ,
فلم تضف المهنه شيئا الى حياتها فهذا المضمار ,
يقتصر الامر على ابعاد الساقين ,
يضع الرجال الواقي الذكره ,
تتاوة ما ريا قليلا ( استطاعت ما ريا بفضل نيا الفيليبينيه ان تتاكد من التاوهات تستطيع ان تجلب خمسين فرنكا اضافيا ) ,
تستحم ما ريا فورا بعد ممارسه الجنس لعل الماء يستطيع ان يغسل الروح قليلا .
ويتم جميع ذلك دون تبادل للقبل ,
لان القبله بالنسبة للعاهره مقدسه اكثرمن اي شئ احدث .
علمتها نيا انه يجدر فيها ان تحتفظ بالقبلات لحبيب حياتها .
وكما ايقظت القبله رائعة الغابات النائمه من سباتها الطويل و ارجعتها الى عالم قصص الجنيات ,
ايضا ستوقظ القبله ما ريا و تعيدها الى سويسرا ,
بلاد الشوكولاته و البقر و الساعات .
لم تشعر ما ريا باي نشوه جنسية .
لم تمنحها المضاجعه لا اللذه و لا الاثاره .
سعت لان تكون الاروع ,
وشاهدت عده افلام اباحيه علها تجد بها شيئا نافعا تتعلمة ,
واكتشفت مجموعة من الحاجات المهمه ,
لكن لم تكن لديها الشجاعه كي تمارسها مع زبائنها ,
لان ذلك كان يتطلب و قتا ,
وكان ميلان يفضل ان تقابل الفتيات ثلاثه زبائن فالليلة .
بعد مضي سته اشهر ,
تمكنت ما ريا من توفير مبلغ سته الاف فرنك سويسري لحسابها فاحد المصارف .
اخذت تترد الى افخم المطاعم ,
واشترت تلفزيونا ( و لم تستخدمة قط ) .
كانت تفكر بالانتقال الى شقه اوسع اكثر اتساعا .
صار بامكانها اقتناء الكتب لكنها فضلت التردد الى المكتبه ,
عبارتها الى العالم الواقعي الاكثر صلابه و ثباتا .
كانت تتولي اهتماما بالغا الدقيقة القليلة التي تقضيها فالتحدث الى امينه المكتبه التي بدت سعيدة ,
لانها ظنت ان ما ريا و جدت الحب او الوظيفه ,
مع انها لم تطرح عليها اي سؤال ,
لان السويسريين متحفظون و متكتمون ( و هذي اكذوبه ,
لانهم فكوباكابانا ,
وفي الفراش كانوا متحررين من كبتهم و مرحين او معقدين ,
كسائر البشر ) .
* * * * *
- 11 دقيقة باولو كوهيلو
- قصص تحرش في الباظ ياباني
- هل تستسلم الى الرحيل بسبب ما عانيته من تصرفات بعض البشر