في مجلس الشعب (الفصل الثالث) نبيل فاروق

نبيل مجلس في فاروق الفصل الشعب الثالث 20160910 2282

علي عكس المتوقع،
خيم صمت عجيب على قاعه مجلس الشعب،
والكل يترقب عوده رئيس المجلس و الدكتوره (نهير)؛
لحسم هذا الامر،
الذي لم يحدث مثلة قط،
ربما فتاريخ المجالس النيابيه كلها..

كان جميع نائب – تقريبا – يفكر فتداعيات الموقف،
وتاثيرة على الحياة النيابية،
وما ممكن ان يؤدي الية من تطورات،
امنيه و سياسية،
يمكن ان تربك جميع خططة المستقبلية،
او الادهى،
الىمنح الرئيس مبررا مناسبا؛
لحل المجلس،
واجراء انتخابات جديدة،
تتفادي خلالها الحكومة،
ما اسفر فالسابقة،
من زياده نسبة التيارات المعارضة،
اكثر مما ينبغى،
اواكثر مما يحتمل الحزب الحاكم..

نائب واحد فقط،
كان يفكر فالموقف كله،
علي نحو مختلف .
.

نائب واحد،
كان يعيد دراسه الامر باكمله  منذ البداية .
.

لقد كان شديد الحرص،
في تنفيذ خطتة الدقيقه .
.

راقب النائب (مازن) طويلا،
عبر عدد من الجلسات،
ودرس نمطه،
واسلوبه،
ولاحظ الاقراص التي يتناولها،
كلما اكتنفة انفعال ما ،
خلال الاستجوابات،
بل و نجح فسرقه احد تلك الاقراص،
واختبر تاثير مزجة بقرص من الفياجرا،
علي احد كلابه،
وشاهد الكلب ينهار،
ويسقط صريعا امامه،
وايقن من نجاح الخطة..

ووسط الهرج و المرج،
لم يكن من العسير عليه ان يدس حبوب الفياجرا المسحوقة،
في علبه المياة الغازية…

وبكل الشغف،
شاهد (مازن) يتناولها..

ويسقط..

ويموت..

وكان من الممكن ان يمضي الامر،
دون ان ينتبة الية احد،
او يشك فامرة شخص واحد،
وان تعتبر الوفاه عرضية،
وتتم الاجراءات فسرعه و يسر،
ودون العديد من التدقيق؛
احتراما لمكانه النائب .
.

لولا وجود (نهير)..

احنقة كثيرا ان تذكرها،
واستعاد ما فعلته،
وكيف كشفت خطتة كلها فساعة واحدة،
وراجع جميع الاحتياطات التي اتخذها جيدا،
عندما دس المسحوق فعلبتة هو،
ثم استبدلها بعلبه (مازن)،
خلال انشغال الكل بالشجار،
وكيف استعادها بعد سقوط ذلك الاخير،
ومسح ما عليها من بصمات،
وهو يمسكها بمنديله،
الذي اخفاة فراحه يده،
واعادها فسرعة،
دون ان ينتبة الية احد..

لقد نفذ خطتة بمهاره فائقة،
وارتكب جريمتة بكل الدقة،
ولكن تلك الطبيبه كانت له بالمرصاد..

ولكن ذلك لا يعني ان امرة سينكشف،
وهو ما يثق به تماما..

في نفس الوقت،
الذي دارت به جميع هذي الافكار فراسه،
كان رئيس المجلس يواجة (نهير)في مكتبه،
قائلا فصرامة:

– ما تطلبينة يتجاوز جميع منطق يا دكتورة،
وكل الاعراف و التقاليد،
والنظم القانونيه ايضا.

قالت (نهير) فاهتمام مشوب بالانفعال:

– و لكنها الوسيله الوحيده يا سياده الرئيس..
القاتل اتخذ جميع الاحتياطات،
ولكنة لم ينتبة حتما الى هذي النقطة.

قال فحدة:

– و لكنني لا استطيع ان اطلب من النواب هذا.

قالت منفعلة:

– و لماذا يرفضون؟!..
القاتل و حدة سيجد ذلك تجاوزا؛
لانة ربما يكشف امره.

ضرب رئيس المجلس سطح مكتبة براحته،
قائلا فحسم:

– لن اناقش ذلك الامر..
قلت: اني لا استطيع مطالبه النواب المحترمين بهذا..
ابحثي عن و سيله اخرى.

هتفت معترضة:

– و لكن ذلك سيحسم ال….

قاطعها بمنتهي الصرامة،
مكررا:

– ابحثي عن و سيله اخرى.

نطقها،
واندفع مره ثانية خارج مكتبه،
تاركا اياها خلفه،
بصحبه رجل الامن الذي عاد يراقبها بنظره حذرة،
تحمل مزيجا من التحفز و الشك،
فشعرت بعديد من الياس و الاحباط،
وجلست تتصفح ذهنها،
بحثا عن و سيله اخرى،
بخلاف تلك التي رفضها رئيس المجلس فاصرار..

وبحكم مهنتها،
راحت تفكر فو سيله علمية،
بعد ان ايقنت من ان القاتل ربما محا البصمات تماما،
ومحا معها جميع اثر لحامضة النووى..

وبحكم مهنتها ايضا،
كانت تدرك ان الجريمة الكاملة امر مستحيل!..

اي قاتل،
مهما بلغت براعتة و دقته،
يرتكب حتما و لو خطا واحد..

خطا يوقعة حتما،
في قبضه العدالة..

انها حكمه الله – عز و جل – الا يفلت اي مجرم من العقاب،
مهما طال فيه الزمن،
ومهما ارتفع فيه المقام فالدنيا..

ولكن السؤال هو: اين هذا الخطا؟!..

اين الثغرة،
التي لم ينتبة اليها القاتل،
والتي ستكشف امرة حتما،
لو انتبهت هي اليها؟!..
اين؟!..
اين؟!..

في غمره توترها و ياسها،
استعاد ذهنها نفس المشهد،
الذي اثار انتباهها منذ البداية..

مشهد النواب،
وهم يتزاحمون حول جثه النائب (مازن)،
فور سقوطه..

كلهم كانوا يتحركون فتوتر و انفعال..

فيما عدا واحد..

واحد فقط،
كان يبدو عليه الترقب،
باكثر مما يبدو عليه القلق..

ووحدة كان ثابتا فمكانه،
وعيناة تنظران الى اسفل،
وليس الى الامام كما يفترض..

لم يلق نظره واحده على جثه زميلة النائب،
بقدر ما كان يتابع شيئا ما ،
علي الارض..

ولانها فحصت جيدا تلك الورقة،
التي كانت تحوي بقايا اقراص الفياجرا المسحوقة،
فهي تعلم انه كان يزيحها بقدمه،
في تلك اللحظة..

وهذا يعني انها ستعثر على ذره او ذرتين،
من سترات السيلدينافيل،
في جانب حذائة او طرفه..

ولكن رئيس المجلس يرفض تماما ان يخلع النواب احذيتهم،
ايا كان السبب.
انة يرى،
من و جهه نظره،
ان فهذا اهانه للنواب،
علي الرغم من انها تتصور،
ان الاهانه الحقيقية،
هي الا تتحقق العداله فمجلسهم،
لايه اعتبارات كانت!!..

وربما هذي و جهه نظرها؛
لانها ليست من العاملين فالسياسة،
او لان السياسة فبلدنا(الديمقراطى)،
لا تسير على النهج نفسه،
الذي تسير فيه فالبلاد الاخرى،
التي تبحث عن العدالة،
حتي لو طالت الجريمة اكبر رموزها..

السياسة لدينا لها محاذير،
ومعايير،
وتحفظات،
وانياب و مخالب شرسة،
حادة،
قاسية،
لا تعرف الشفقه او الرحمة..

جلست على اقرب مقعد اليها،
ودفنت و جهها بين كفيها،
وقاومت بشده رغبتها فالبكاء،
من شده احساسها بالقهر و الياس،
واستعادت فذهنا عبارات مساعدها (عزت)،
وهو يؤكد انها ربما و رطت نفسها فامر يفوق قدراتها..

لم تكن تدرك – عندئذ – كم هي معقده و مرهقه دهاليز السياسة..

لم تكن تعلم ان الامر يفوق قدراتها بالفعل..

الف مرة..

تراقصت دمعه فمقلتيها،
وقاومت للفرار من عينيها،
فازدردت لعابها،
عبر حلقها الجاف فصعوبة،
في محاوله لمنعها،
الا انها هزمتها،
وانسالت على و جنتيها،
فاسرعت تمسحها،
وهي تقول لرجل الامن،
الذي لم يرفع عينية عنها،
في عبنوته و اضحة:

– الديك حل ما ؟!

ظلت ملامحة جامدة قاسية،
وان اطل تساؤل حائر من عينية لحظة،
تحول بعدين الى صرامه غاضبة،
وهو يرفع يدة بحركة الية،
ليضغط سماعه الاتصال الصغيرة فاذنه،
وكانما يرهف سمعه؛
ليفهم معني ما قالته،
فلوحت بيدها،
قائلة:

– لا باس..
انها مشكلتي انا.

في نفس اللحظة،
التي نطقت بها عبارتها،
كان النائب الهامس يقدم عريضه كبيرة،
متخمه بالتوقيعات لرئيس المجلس،
وهو يقول،
في حده لم يستطع كتمانها فاعماقه:

– اغلبيه الاعضاء يطلبون انهاء هذي المهزلة،
التي تجاوزت جميع حدودها.

انعقد حاجبا رئيس المجلس فصرامة،
وقال فقوة:

– ما يحدث ليس مهزلة،
يا سياده النائب المحترم..
انها جريمة قتل،
والرئيس نفسة لن يرضي بمرورها دون تحقيق حاسم و حازم.

قال النائب،
في عبنوته و اضحة:

– حرصا على هيبه المجلس،
كان ينبغي ان تتولي التحقيق هيئه قضائية،
علي ارفع..

قاطعة رئيس المجلس،
في صرامه بالغة:

– و هل درس النواب المحترمون،
تداعيات مطلبهم هذا؟!..
هل حسبوا احتمالات تسرب الخبر،
الي الصحافه و الاعلام،
مع وجود هيئه تحقيق كاملة؟!..
هل فكروا فاثر نشر هذا،
علي نظره فخامه الرئيس للمجلس،
وثقتة فيه؟!

امتقع و جة النائب الهامس،
وهو يقول فصوت منخفض،
وكانما يخشي ان يتسرب صوتة الى الرئيس نفسه:

– هل..
هل تشير سيادتك الى حل المجلس؟!

اوما رئيس المجلس براسة ايجابا،
دون ان تختفي انعقاده حاجبية الصارمة،
فاعتدل النائب،
وتضاعف امتقاع و جهه،
وهو يتمتم:

– انت على حق..
شكرا سياده الرئيس..
شكرا.

تمتم بالكلمات،
وهو يسرع عائدا الى مقعده،
ويطوي العريضة،
ويدسها فجيبه،
مدركا ان حل المجلس ربما يؤدي الى انعدام فرصتة فدخولة مره ثانية،
او الى اضطرارة خوض انتخابات مبكرة،
قبل ان تبرد نيران ما انفقة فالسابقة،
اما رئيس المجلس فواصل متابعة الموقف بنظرتة الصارمه بضع لحظات،
قبل ان يستدير،
عائدا الى مكتبه،
واندفع داخلة بحركة حادة،
قائلا بكل صرامة:

– هل توصلت الى امر ما ؟!

انتفضت الدكتوره (نهير) فعنف مع المفاجاة،
وهتفت بصوت مرتفع،
اكثر مما ينبغى،
من فرط انفعالها:

– ليس..
ليس بعد.

رمقها رئيس المجلس بنظره اكثر صرامة،
وقال فحدة:

– فهذه الحالة،
ليس امامي سوي حسم الامر تماما،
مهما كانت النتائج.

هتفت فارتياع:

– هل تعني ما اخشاه؟!

تجاهل سؤالها تماما،
وهو يتابع بنفس الحدة:

– ساختم الجلسة،
واسمح للنواب بالانصراف.

شحب و جهها،
وهي تقول مذعورة:

– ذلك يعني ان القاتل سيفلت بجريمته.

قال رئيس المجلس فغضب:

– لا تنسي انك تتحدثين عن نواب محترمين.

تلاشي شحوبها،
وهي تهتف:

– واحدهم قاتل.

لوح بذراعة كله فحدة،
وهو يقول:

– ما زال نائبا.

تراجعت محتقنه الوجه،
ومتمتمة:

– لم اتصور ان الامور تسير على ذلك النحو.

اجابها فصرامه قاسية،
اشبة بالزمجرة:

– امور عديده لا تتصورينها.

هزت راسها،
وقلبت كفيها فياس،
وهي تقول:

– فهذه الحالة،
لا املك اي حل.

بدت نظرتة شديده الغضب و الحدة،
وهو يتجة الى مكتبه،
ويجلس خلفه،
قائلا:

– اذن فقد اضعت وقت المجلس دون طائل.

هتفت معترضة:

– كان لدي حل منطقى،
ولكنك..

قاطعها فخشونه عنيفة:

– هل ستكررين ذلك طوال الوقت؟!

تراجعت فعصبية،
وزفرت على نحو ملتهب،
قبل ان تقول،
وهي تشيح بوجهها:

– و هل ينبغي ان اعتذر مثلا؟!

مع اشاحتها بوجهها،
ارتطم بصرها بوجة حارس الامن الجاف،
وملامحة التي لا تحمل اي انفعال،
ولاحظت انه يغلق جميع ازرار سترتة فاحكام،
علي عكس المعتاد،
وتساءلت عما اذا كان ذلك بسبب بروده جو الحجرة،
مع جهاز التكييف القوى،
ام..

“ولم لا؟!..”..

قطع رئيس المجلس افكارها،
بعبارتة الصارمة،
فالتفتت الية بوجة شاحب،
ليتابع فغلظة:

– الاعتذار امر و اجب،
في كهذه الظروف؛
ما دمت ربما اهدرت وقت المجلس،
دون التوصل الى القاتل،
او…

جاء دورها لتقاطعه،
وهي تقول فانفعال:

–                           لو ان الاعتذار امر و اجب عند الخطا،
فلماذا لم نسمع مسئولا واحدا يعتذر للشعب،
مخما كانت فداحه الخطا،
الذي ارتكبة فحقة ؟
!..

اتسعت عينا رئيس مجلس الشعب،
وهو يكاد يلتهمها بنظره غاضبه مستنكرة،
مستهجنة،
فاضافت فعصيه اكثر.

–                           مشكلة الساده و العبيد مره اخرى.

راتة يعقد حاجبيه،
في غضب هادر هذي المرة،
فاستدركت فسرعة؛
لتدير حافه الحديث،
نحو و جهه اخرى:

-المشكلة اني توصلت اليه.

ارتفع حاجبا رئيس المجلس فدهشة،
علي الرغم منه،
وندت من حارس الامن حركة متوترة،
قبل ان يهتف الاول:

– توصلت اليه؟!

اجابتة (نهير)،
وهي تشعر بالاختناق،
من فرط الاحساس بالعجز،
والياس و القهر:

– نعم..
توصلت اليه،
ولكنني لا املك الدليل على ادانته.

صمتت لحظة،
ثم استدركت،
في حنق و اضح:

– الدليل العلمى.

بدا صوت رئيس المجلس خافتا،
وكانما يحمل بواطن رغبته،
في سؤالها عن هويه القاتل،
وهو يقول:

– لن تطلبي مني ان اخلع حذائة مره اخرى.

اجابتة فحنق اكثر:

– لو اني فمكانك لفعلت.

ندت حركة متوتره ثانية من رجل الامن،
فالتفتت الية بحركة حادة،
ونظرت بحركة اليه الى سترته،
التي بدا يحل ازرارها فعصبية،
وكانما يتاهب لسحب سلاحه،
و…

وفجاة،
تداعت عده امور مترابطه فذهنها..

ثم توقفت عند امر واحد..

سترته..

وبنظره حاده قوية،
حدقت فستره رجل الامن،
الذي تضاعف توتره،
وسحب مسدسة بالفعل،
ورئيس المجلس يفقد قدرتة على التماسك،
ويسالها فلهفة،
غلفها باطار صارم:

– من ارتكب هذي الجريمة؟!..
من ؟
!.

استدارت الية بحركة حادة،
مجيبه فانفعال:

– السترة.

سالها فدهشه حذرة:

– ايه سترة؟!

اجابته،
وقد بلغ انفعالها مبلغه:

– ستره القاتل..

لم تمض دقيقة خمس على عبارتها،
حتي كانت تدلف مره اخرى،
مع رئيس المجلس الى القاعة،
وتتطلع بتوترها المعهود الى جميع من بها،
وهي تؤكد فاعماق نفسها،
انها لن تعتاد ذلك المشهد قط،
مع طبيعتها المتحفظة،
المائله الى العزلة،
ولقد تضاعف توترها عده مرات،
عندما اشار اليها الرئيس باعتلاء المنصه السفلية،
واستقر هو على العليا،
وجال ببصرة فالنواب بنظره صارمة،
الجمت السنتهم جميعا،
فران على المكان صمت مهيب،
قطعة هو بقوله:

– حانت لحظه حسم الامر .
.

لاخرى او ثانيتين،
تواصل هذا الصمت المهيب فالقاعة،
والعيون كلها تتطلع اليه،
والي الدكتوره (نهير)،
التي تنحنحت فعصبية،
وحاولت عبثا ان تشيح بوجهها،
بعيدا عن العيون المتربصة،
التي بدت و كانها تملا جميع ركن من القاعة،
فيما عدا السقف،
الذي رفعت عينيها اليه،
في نفس اللحظه التي تفجرت بها موجه من الهمهمه فالقاعة،
علي نحو عنيف..

كان الكل يتحدثون فان واحد تقريبا،
فيما عدا واحد .
.

القاتل الحقيقى..

وحدة تراجع فمقعده،
في مزيج من العبنوته و التوتر و الترقب و الحذر،
وعيناة مثبتتان على و جة الدكتوره (نهير)،
وعقلة منطلق،
يستعيد مره ثانية جميع التفاصيل،
ويتساءل عما اذا كان ربما ارتكب خطا ما .
.

وفي صرامة،
اخفت لمحه انفعال،
اشار رئيس المجلس الى (نهير)،
قائلا:

– اخبريهم بالامر.

لم يعد هنالك من مفر اذن!…

انها مضطره لان تخفض بصرها،
وتواجة ذلك الجمع الكبير،
من مختلف المشارب،
والذي يمثل اغلبيه (دائمة)،
من اعضاء الحزب الحاكم،
الذين يربحون جميع جوله انتخابيه (اجباريا)،
وعدد متناثر من المستقلين،
والاسلاميين،
والمنتمين الى احزاب اخرى،
ما زالت تحلم(عبثا) بتبادل الادوار،
وما زالت تصدق (سذاجة)،
وعود الحزب الحاكم و حكومته،
بديمقراطيه نزيهه زاهيه .
.

وفي بطء،
اعتدلت تواجة الجميع،
حكومة و معارضة،
قبل ان تتنحنح فقوة،
وتقول بصوت مبحوح:

– لقد كشفنا القاتل.

تعالت الهمهمه مره اخرى،
ومعظم الموجودين يتساءل عما قالته،
فكررت عبارتها بصوت اقوى،
ارادتة و اثقا،
الا انه خرج،
علي الرغم منها،
مرتجفا متوترا،
وهي تقول:

– كشفنا النائب القاتل.

ثم غاص عنقها بين كتفيها،
واختلست نظره الى رئيس المجلس،
متمتمة:

– سياده النائب القاتل.

خفتت الهمهمات لسبب ما ،
وتعلقت فيها جميع العيون،
وغلب التساؤل و الفضول الجميع،
فران عليهم تدريجيا صمت عميق،
جعلها تتنحنح مره اخرى،
وتقول متابعة فحذر:

– كنت اعلم منذ البداية،
ان الحل كله يكمن فتلك الاقراص المسحوقة،
وكنت اتصور اني ساعثر على الدليل،
في حذاء القاتل،
عندما تخلص من الورقة،
التي وضع فيها المسحوق،
وازاحها بقدمة بعيدا عنه،
ثم نبهني شئ ما الى حقيقة اخرى.

تالقت عيناها،
وشملها حماس،
جعلها ترفع صوتها دون ان تدرى،
وهي تتابع:

– فالقاتل احضر المسحوق الى هنا فجيبة حتما،
وفي جيب سترتة بالتحديد؛
لانة لن يضعة فحقيبته،
خشيه ان يلاحظة احد،
وهو يفتحها و يلتقطه،
ولن يضعة فجيب سرواله؛
لان ذلك يستلزم منه النهوض قليلا،
او الاعتدال على نحو ملحوظ،
وهو يظهره،
وسينبة الجالس الى جوارة الى الامر على الاقل،
اما لو و ضعة فجيب سترته،
فسيتيح له ذلك التقاطه،
ودسة فعلبه المياة الغازية الخاصة فيه خفية،
ثم لن يصبح عليه بعدها،
سوي ان يستبدل علبتة بعلبه النائب (مازن)،
وينتظر حتي يشرب مسحوق سترات السيلدينافيل،
ويدفعة الى الانفعال،
حتي يتناول قرص النترات،
ويحدث التفاعل المطلوب،
و…

لم تحاول اتمام عبارتها،
ولكن النظره التي ارتسمت فكل العيون،
انباتها بما دار فالاذهان،
مما شجعها على ان تواصل،
قائلة،
في حماس اكثر:

– لهذا مسح القاتل جميع البصمات عن العلبة،
بعد سقوط القتيل؛
لانة كان يعلم ان بصماتة ستملا جميع مكان منها.

قال النائب المتشاجر فتوتر:

– ما ذلك بالضبط؟!..
اهي جلسه من جلسات المجلس،
ام واحده من حلقات شيرلوك هولمز البوليسية؟!..
لسنا هنا لنسمع استنتاجات امرأة ما …

قاطعتة (نهير) فحزم:

– ليست استنتاجات يا سياده النائب،
ولكنها  حقيقة علمية،
مع فحص جيب ستره القاتل،
الذي سيحوي حتما ذرات من مسحوق الفياجرا؛
فمع ازدحام النواب حول النائب الصريع،
قد نجد الذرات فاكثر من حذاء،
ولكنها فجيب واحد فقط.

تراجع المتشاجر فتوتر،
عندما ادارت عينيها فو جوة الجميع،
ثم بلغ حماسها و انفعالها ذروته،
وهي تهتف،
مشيره الى احدهم:

– انت يا سيدى.

اتسعت عينا النائب النحيل،
وانتفض على مقعده،
وهو يهتف:

– انا.

اجابتة فحزم،
وكانما زالت جميع توتراتها و مخاوفها من المكان دفعه واحدة:

– نعم..
انت..
وحدك كنت تجلس الى جوار النائب (مازن)،
وتملك الفرصه لتنفيذ الجريمة،
بالاسلوب الذي و صفته،
وانت من اعتاد معارضتة و استفزازة فكل استجواب،
كما سيتفق معي الكل،
ولو سلمتنا سترتك الان،
ستثبت ذرات المسحوق فجيبها ما اقول.

استدارت الوجوة كلها الى النائب النحيل،
في ذهول مستنكر،
جعلة ينكمش فمقعدة على نحو مثير للشفقة،
ثم لم يلبث ان ضم سترتة الية فشحوب شديد،
وهو يتمتم بصوت منخفض مرتجف،
وعبنوته اشبة باعتراف صريح:

– اننى..
انني امتلك حصانة.

وران بعدين صمت احدث على القاعة..

صمت ثقيل كالجبال..
او اكثر ثقلا..

ولم تنس (نهير) عبارتة هذي ابدا..

لم تنسها،
وهي تتابع الصحف يوميا فشغف،
بحثا عن خبر و لو صغير،
دون ان تجد اشاره واحده للتجربه الرهيبة،
التي عاشتها  بنفسها هنالك … فمجلس الشعب..

فقط،
حملت الصحف نبا و فاه النائب المحترم (مازن)،
بسكته قلبية،
خلال حضور واحده من الجلسات الهامة،
في قاعه المجلس،
وتعازي الكل لاسرته،
والتي احتلت صفحة و فيلت كاملة .
.

اما النائب النحيل،
فقد غادر البلاد فاليوم التالى،
لحضور مؤتمر و همى،
وتم اتهامة بفساد ما لى،
واعلنت التهمه بعد ساعين،
من و صول طائرتة الى دوله اوروبية،
لم توقع اتفاقيه تبادل مجرمين مع مصر،
وما زال طلب رفع الحصانه عنه مقدما،
من احد نواب المعارضة،
ولم يتم حسمة بعد،  داخل المجلس … او خارجه..

لم تنس (نهير) عبارتة ابدا؛
لانها جعلتها تتلقي اخيرا درسا كبيرا و خطيرا..

في السياسة.

(تمت بحمد الله)

 

 

  • درس عن مجلس النواب لصف الثالث


في مجلس الشعب (الفصل الثالث) نبيل فاروق