في مجلس الشعب (الفصل الثاني) نبيل فاروق

 

نبيل مجلس في فاروق الفصل الشعب الثاني 20160910 2280

 

ارتسمت علامات الجديه و الصرامة،
علي و جة رئيس المجلس،
وهو يراجع بعض الاوراق فوق المنصه فصمت،
شاركة اياة الجميع،
دون ام يطلب منهم هذا،
عندما ارتفع صوت النائب النحيل،
يشق استار الصمت بغتة،
في حدة:

– ذلك تجاوز لنظم المجلس..
ليس من المفترض ان نجلس نحن النواب هنا،
في انتظار تحقيقات عبثية،
تسعي اليها امرأة ما فونة،
لا تتمتع حتي بالحصانة.

رفع رئيس المجلس عينية الية فبطء،
واجابة فصرامة،
بلهجه استاذ يتحدث الى تلميذ مشاغب:

–                           هذي المرأة مؤهله تماما لما تجرية من ابحاث،
يا سياده النائب،
وتحمل من المؤهلات ما لايمكن التشكيك فيه،
ولقد تحري السيد و زير الداخلية شخصيا امرها،
وليست عليها ايه مؤاخذات امنية،
وانتظارنا لما ممكن ان تجلبة من نتائج هنا،
اروع من فض الجلسه دون حسم الامر،
والكل يحمل التساؤل فاعماقه،
وبذره الشك فكيانه.

قال النحيل فعصبية:

– و هل يبدو لك ذلك اجراءا قانونيا؟!..

اجابة صارما:

– يبدو لي اجراءا مناسبا؛
لحفظ كرامه المجلس و هيبته.

ثم ادار عينية فالحاضرين،
بنظره يحفظونها جميعا،
قبل ان يضيف:

_ و لدي اوامر باستخدمه،
والمضي به حتي النهاية ….
ايا كانت النتائج.

حسمت عبارتة الاخيرة الموقف تماما،
والجمت جميع الالسنة،
واخرستها فالحلوق،
حتي نهض النائب،
الذي همس فاذن (مازن)،
وقال فعبنوته حذرة:

– لا توجد لدينا ايه تساؤلات..
اننا حتي نرفض مجرد توجية الاتهام،
الي احد منا .
.كلنا هنا رجال شرفاء،
ولا ممكن انيقدم احدنا على ارتكاب جريمة قتل.

اندفع هذا الذي تشاجر مع القتيل،
يقول بدوره:

– بعدها ان المرحوم (مازن) سقط امامنا جميعا،
دون ان يقترب منه احد،
فكيف تكون هذي جريمة قتل؟!

اجابهم رئيس المجلس،
في صرامه اكثر:

– الدكتوره (نهير) طلبت ساعة واحده لاثبات الامر،
لم تتبق منها سوي بضع دقائق،
وان غدا لناظرة قريب.

قال النائب النحيل فحدة:

–                           فليكن..
سننتظر تلك الساعة فقط،
ثم سننصرف بعدها،
سواء حسمت الامر ام لا.

رمقة الرئيس بنظره نارية،
وهو يقول:

–  سيبقي الجميع حتي النهاية،
مهما طال الامر.

مره اخرى،
الجمت عبارتة شديده الصرامه الالسنه،
وايتلع جميع منهم لسانة مجبرا،
ولكنة لم يكد ينهي عبارته،
حتي اندفع احد رجال الامن داخل القاعة،
بصحبه الدكتوره (نهير)،
التي عاودها توترها الشديد،
فور دخولها،
وراحت تتلفت فعبنوته بالغة،
وهي تهرول خلفة فارتباك،
والعيون كلها ترمقها بنظرات نارية ملتهبة،
تحمل العديد من المقت،
والغضب،
والاستياء،
مع لمحه من الفضول المترقب،
فاشار اليها رئيس المجلس؛
ليحسم الامر،
قائلا:

– تفضلي يا دكتورة.

تلفتت حولها مره اخرى،
وتضاعفت عصبيتها،
وهي تسير و سط القاعة،
نحو المنصة،
وتعتليها فصمت،
فسالها رئيس المجلس،
من المستوي الاعلى:

– هل توصلت الى شئ؟!

شاهد الجميع شفتاها تتحركان،
دون ان يصدر عنهما ادني صوت،
فارهف النواب سمعهم فانتباه،
قبل ان تتنحنح هى،
وتقول،
وعصبيتها تتضاعف:

– نعم.

ثم ادارت عينين عصبيتين فالحاضرين،
واضافت:

– لقد عرفت كيف قتل النائب (مازن).

سرت همهمه غاضبه فالقاعة،
فور نطقها العبارة،
فارتبكت هى،
ورفعت صوتها،
في محاوله للسيطره على الموقف،
وهي تكمل:

– من الواضح ان القتيل اعتاد الانفعال،
في جميع مره يقدم بها استجوابا،
ومع انفعاله،
ولانة مصاب بمرض الذبحه الصدرية،
كان يصاب دوما بالام الصدر مما يدفعة الى تناول احد اقراص النترات،
التي تعمل على توسيع الاوعيه الدموية،
وتضخ المزيد من الم لقلبه،
فخفف الامه.

اندفع النائب النحيل،
يقول محتدا:

– حتي قتلته..
هذا ما اردت قوله..
اليس كذلك؟!
… هل ترين ان زميلنا النائب المحترم قتل نفسه،
بجرعه دواء خاطئة؟!

قالت فحدة:

– لو ان ذلك اسباب الوفاة،
لما اشرت مجرد اشارة،
غلي القتل،
من قريب او بعيد،
بل و لما استعملت المصطلح من اساسه.

ثم صمتت لحظة،
واستدركت،
في حذر شديد:

– و لكن ذلك لا ينفي ان الاقراص قتلته.

هتف النائب المتشاجر فثورة:

– هذي المرأة تعبث بنا.

ارتبكت الدكتوره (نهير) اكثر،
مع نظرات الاتهام العنيفة،
التي يرميها فيها الكل،
وهي تقف على المنصه السفلى،
فقال رئيس المجلس،
مستوضحا فاهتمام:

– هل قتلتة اقراص الدواء؟!

ترددت الدكتوره (نهير) لحظة،
قبل ان تقول فخفوت:

– ليس على نحو مباشر.

نهض النائب،
الذي همس،
قائلا فعصبية:

– هل ستظل ترميننا بكلمات غامضه مطاطة،
ام هنالك امل فان نحصل على جواب صريح و مباشر.

احتقن و جهها،
وارتباكها يتضاعف اكثر و اكثر،
والنظرات النارية تكاد تحرقها فوق المنصة،فمال رئيس المجلس الى الامام،
وكانما يطل عليها،
وهو يقول،
محاولا دفعها الى القاء ما لديها على مسامعهم:

– هل استبدل احدهم اقراص الدواء،
بنوع من السموم مثلا؟!

اجابتة فسرعه متوترة:

– مطلقا..
لقد قمت بتحليل اقراص الدواء فالعلبة،
ووجدتها كلها سليمة،
ومن غير المنطقي ان يدس احدهم قرصا ساما،
في علبه دواء،
يحملها النائب فجيبة طوال الوقت،
ثم كيف له ان يتوقع اي قرص سيتناولة منها بالتحدبد؟!…

هتف المتشاجر فغضب:

– اظننا ربما بلغنا مرحلة سخيفة،
لا يصح بعدين ان نواصل الاستماع الى…

قاطعتة (نهير) مندفعة،
دون ان تراعي قواعد اللياقة:

– لقد قتلتة سترات السيلدينافيل.

ظهرت الدهشه على و جوههم جميعا،
وقال رئيس المجلس فحدة:

– لقد فسرت اللغز بمعضلة.

تابعت،
وكانها لم تسمع التعليق:

– احدهم سحق عده اقراص،
من سترات السيلدينافيل،
واضافها خفية،
الي علبه المياة الغازية،
التي كان يشربها النائب،
وعندما تناول قرص النترات،
تفاعل مع السترات،
فتمددت اوعيتة الدمويه على نحو فائق،
ولقي مصرعة بهبوط حاد فالدوره الدمويه فورا.

تبادل الكل نظرات متوتره مندهشة،
ونهض احد النواب،
يقول فاعتراض:

– و من منا عبقري كيميائي او دوائى،
بحيث يمكنة الحصول على تلك السترات المزعومة؟!
… ام انك توجهين الاتهام الى اصحاب المهن الطبيه منا ؟
!..

اجابتة الدكتوره (نهير) فحسم:

– الحصول على عده اقراص،
من سترات السيلدينافيل،لا يمثل معضله على الاطلاق؛
لانها متوافرةه فكل الصيدليات تقريبا،
بعد اباحه تداولها،ومعروفة باسم..

بترت عبارتها دفعه واحدة،
وحملت ملامحها توترا اكثر،
وعيناها تدوران فكل الوجوة فعصبية،
قبل ان تكمل،
مشيحه بوجهها:

– الفياجرا.

دوت الكلمه فالقاعه كقنبلة،
تردد صداها فذهول مستنكر،
ارتسم على جميع الوجوه،
وشعرت معها (نهير) بخجل شديد،
وكان الحاضرين كلهم يربطون بين تلك الاقراص،
ذات المفعول الجنسى،
وانوثتها الواضحه المشرقة،
وخاصة عندما ساد عقبها صمت رهيب،
والعيون كلها تحدق بها .
.

وبكل ارتباكها و توترها،
تابعت فعصبية:

– اي شخص،
يقرا نشره الاستخدام،
داخل علبه من علب الفياجرا،
سيجد تحذيرا و اضحا من عدم تناولها مع ادويه القلب،
وبالذات تلك التي تعتمد على النترات،
والشخص الذي قتل النائب(مازن)،
كان يعلم انه سينفعل حتما خلال الاستجواب،
وان البعض سيسعي لاستفزازه،
واثاره المزيد من توترة و انفعاله،
وسيتناول حتما احد اقراص النترات كالمعتاد،
لذا،
فقد دس له اقراص الفياجرا المسحوقة،
في علبه المياه الغازية،
وساعدت المادة السكرية،
في المياة الغازية،
علي سرعه امتصاص المادة الفعالة،
حيث تفاعلت مع قرص النترات،
بعد قليل من تناوله،
واشتركت معه فمضاعفه توسيع الشرايين،
لتنهار الدوره الدمويه كلها دفعه واحدة.

ساد و جوم شديد فالقاعة،
وتطلع الكل الى بعضهم البعض،
غير مصدقين ما سمعوه،
او غير مستوعبين للامر،
قبل ان ينهض احد النواب،
قائلا:

– و لماذا لا تفترضين ان المرحوم (مازن) ربما تناول الفياجرا بارادته،
دون ان يدرك تاثيرها على قلبه،
او تفاعلها مع ما يتناولة من ادوية؟!

اجابتة فسرعة:

– لو انه فعلها،
لتناول قرصا واحدة،
او حتي قرصين؛
ففي كعمره،
لا ممكن ان يجازف باكثر من هذا،
ولكن الكميه التي بقيت فعلبه المياة الغازية و حدها،
تساوي ثلاثه اقراص على الاقل،
ومع اتصالي بالطبيب الشرعى،
الذي فحص الجثة،
علمت ان دمة يحوي ما يقرب من سته اقراص اخرى،
ولا يمكنة ان يتناول جميع هذي الكميه بارادته،
الا اذا…

بترت عبارتها دفعه واحدة،
فاندفع النائب النحيل،
يقول فعصبية:

– هل تحاولين الاشارة،
الي ان زميلنا المحترم ربما انتحر بارادته؟!..

قالت فسرعة:

– لقد درست ذلك الحتمال،
ووجدت انه،
لو اراد النتحار،
لما احتاج الى سحق الاقراص،
واحضارها الى المجلس،
في و رقه خاصة،
ولما حاول التخلص من تلك الورقة،
ودفعها بقدمة بعيدا،
كما اتضح لي من فحصها… كان سيفعل ذلك فمنزلة و حده،
ويترك خلفة رساله النتحار..
او لم يكن ليهتم او ينفعل بشان استجواب،
لن يحيا حتي لمتابعته.

هتف احدهم:

– قد كان…

ادرك،
قبل ان ينطق عبارته،
انها تتنافي مع المنطق السليم،
فتراجع على نحو ملحوظ،
وهو يتمتم:

– و من يرغب فقتله؟!..
ولماذا؟!

بدت عصبيتها و اضحه فصوتها،
وهي تقول:

– لست ادري لماذا،
ولكنني اعرف من كانت لدية الفرصه لدس اقراص الفياجرا المسحوقه فعلبته.

اشرابت الاعناق كلها نحوها فتساؤل،
حولة رئيس المجلس الى سؤال مباشر:

– من يا دكتورة؟!

ترددت طويلا هذي المرة،
وهي تستعيد عبارات مساعدها (عزت)،
وجديدة عن السياسة و تعقيداتها،
ثم لم تلبث ان اشارت بسبابتها الى المتشاجر،
والهامس و النحيل،
قائلة:

– هذا،
وهذا،
وذاك.

انتفض النواب الثلاثه فغضب،
وصاح المتشاجر فثورة:

– هذي المرأة تجاوزت حدودها..
نحن نواب تتمتع بالحصانة،
وليس من حق احد اتهامنا،
علي ذلك النحو.

وهتف النحيل فحدة:

– ذلك لم يحدث قط،
في تاريخ المجلس كله.

اجابة رئيس المجلس فصرامة:

– و موقفنا الحالي لم يحدث ايضا،
في تاريخ المجلس،
منذ انشائه.

صاح الهامس فغضب شديد،
وهو يشير الى (نهير) بسبابتة متوعدا:

– حاكموا هذي المراة،
التي تلقي اتهاماتها جزافا،
قبل ان نصبح جميعنا متهمين.

هتفت (نهير)،
مدافعه عن نفسها،
وقد بدا لها ان النواب يوشكون على الفتك بها،
من شده غضبهم:

– اقراص الفياجرا المسحوقه لم تكن فالعلبه فقط،
وانما كانت بقاياها فو رقة،
ملقاه اسفل النائب القتيل ايضا،
مما يشير الى ان احدهم دسها بعلبه النائب،
خلال الجلسه نفسها،
ولقد تابعت الموقف طوال الوقت،
من الشرفة،
ولم ار احدا يقترب من النائب سوي ثلاثتكم.

تعالت اصوات الغضب و الاحتجاج فالقاعة،
فنهض رئيس المجلس،
وقال فحزم:

– اصطحبيني الى مكتبى،
يا دكتوره (نهير).

اسرعت تلحق به؛
للفرار من ذلك الموقف كله،
في حين استدار هو الى النواب،
قائلا:

– و لن يغادر احدكم القاعة،
قبل ان ننتهى.

تركهم يتجادلون حول الموقف فغضب و استنكار،
واحدهم يحاول جمع بعض التوقيعات على عريضه كبيرة؛
لطلب الغاء ما يحدث،
ونقل الامر كله الى سلطات التحقيق الرسمية،
واصطحب هو (نهير) الى مكتبه،
وهنالك و اجهها فصرامة:

– دكتوره (نهير)..
لقد اثرت عاصفه من الغضب و التوتر فالقاعة،
باتهام هؤلاء النواب الثلاثة،
وهذا امر لم يحدث،
في تاريخ المجلس… و لا حتي فتاريخ المجالس النيابيه كلها.

غمغمت مرتبكة:

– تصورة اني اقوم بواجبى.

هز راسه،
قائلا:

– الامور لا تعالج هنا بهذا الاسلوب..
هنالك قواعد و نظم،
يتم تطبيقها فالحياة العامة،
وتتضاعف اكثر و اكثر،
عندما يتعلق الامر بالمجلس.

سالتة منكمشة:

– اكان ينبغي ان اكتم ما لدي اذن؟!

صمت بضع لحظات،
وهو يتطلع اليها بنظره صارمة،
ثم قال:

– كلا.

نطقها،
وعاد خلف مكتبه،
واستقر هنالك صامتا بضع لحظات،
ليضيف:

– و لكن ينبغي ان تتعلمى،
كيف تواجهين الامر هنا،
باسلوب ديبلوماسى.

اومات براسها علامه الفهم،
او محاوله التظاهر بذلك،
فتراجع فمقعده،
وشبك اصابع كفية امام و جهه،
قبل ان يسالها فاهتمام:

– انت و اثقه مما لديك..
اليس كذلك؟!

اومات براسها مره اخرى،
وغمغمت:

– لقد قمت بتحليل المادة بنفسى،
و…

قاطعها فحزم:

– اقصد فيما يتعلق بفرصه القتل.

ارتبكت مع سؤاله،
وقالت فحذر:

– لم اقصد اتهام شخص بعينه،
ولكن…

لم تستطع اتمام عبارتها،
فاوما هو براسة هذي المرة،
وتنهد فعمق،
وقال:

– المشكلة ان ثلاثتهم من اعدي اعداء النائب (مازن) بالفعل،
وكل منهم لدية اسباب منطقى،
للقضاء عليه،
وان لم اتخيل ان يصل الامر بهم الى القتل.

قالت فحذر اكثر:

– من قتله،
لم يكن يتوقع انكشاف امرة قط،
بل قد تصور ان الامور ستسير بسرعه اكثر،
عندما تحدث الوفاه فالمكتب،
وان الفقيد سيواري التراب فسرعة،
ودون الدخول فتعقيدات،
او خوض اجراءات،
قد تكشف امره..

قلب كفه،
قائلا بصوتة الفخم:

– ما من قاتل يتوقع ان ينكشف امرة ابدا،
لقد عملت بالمحاماه فتره كافية،
لاستيعاب ذلك الامر تماما،
ولكن الموقف هنا له حساسيه خاصة.

تمتمت:

– اعلم هذا.

تنهد مره اخرى،
وقال:

– قد لو فحصنا البصمات على العلبة،
فقد..

قاطعته،
دون ان تنتبة الى تعارض هذا،
مع ابسط قواعد الذوق و اللياقة:

– لقد فعلت.

اعتدل فانتباه،
وانتبهت الى تجاوزها،
فاحتقن و جهها خجلا،
وتابعت:

– لم تكن هنالك ايه بصمات،
مما يوحي بان احدهم مسحها فعناية،
خلال انشغال الكل بمصرع النائب.

سالها رئيس المجلس فدهشة:

– و لا حتي بصمات (مازن) نفسه؟!

هزت راسها نفيا،
واجابت:

– لم تكن هنالك بصمه واحدة.

ثم اضافت فحسم:

– و ذلك دليل اخر،
علي انها جريمة قتل متعمدة؛
فلو انه امر طبيعى،
لبقيت بصمات النائب نفسة على الاقل.

اجابها فصرامة:

– فحكم القانون،
يعتبر ذلك قرينة،
وليس دليلا.

هزت كتفيها،
متمتمه فعصبية:

– فليكن.

تاملها رئيس المجلس بضع لحظات اخرى،
ثم نهض من خلف مكتبه،
واتجة اليها،
قائلا:

– تدركين بالطبع مدي حساسيه ذلك الامر و خطورته،
وتاثيرة المباشر على هيبه و كرامه الدولة.

قالت فدهشه مستنكرة:

– هيبه و كرامه الدولة؟!..
وما صله ذلك بهيبه و كرامه الدولة؟!..
انها جريمة قتل،
ايا كانت هويه القاتل او الضحية.

هز راسة نفيا فحزم،
وقال:

– قولك ذلك يعني انك لا تفقهين شيئا،
بشان هيبه الدوله و كرامتها..
اننا نتحدث عن مجلس نيابي تشريعى،
لة مكانتة و احترامه،
وهو اعلي سلطة،
في البلاد كلها،
بحكم القانون و الدستور،
فماذا لو اشيع ان احد اعضائة ارتكب جريمة قتل..
الا ينتقص ذلك من هيبه المجلس،
ومن هيبه الدوله بالتالى؟!

اجابته،
وهي تعقد حاجبيها فتوتر:

– ما اعرفة عن هيبه الدولة،
هو انه لو سرقت فاطمه فتاة محمد،
صلي الله عليه و سلم،
لقطعت يدها..
الهيبه هي ان يتساوي الكل امام القانون،
ايا كانت مناصبهم او هوياتهم.

اشاح بوجهه،
قائلا فحدة:

– قد بالنسبة للعامة من امثالك،
وليس بالنسبة لرجال السياسة.

قالت معترضة:

– و لكن فالدول الديمقراطية…

قاطعها بمنتهي الصرامة:

– لا شان لنا بغيرنا.

ثم اعتدل يواجهها،
وشبك كفية خلف ظهرة فقوة،
متابعا،
بلهجه بدت اقرب الى الوعيد:

– المهم اننا فموقف خاص جدا،
ولدي اوامر عليا،
بحلة داخل جدران المجلس فقط،
وما اطلبة منك الان هو الا يتجاوز الامر هذي القبة..
هل تقسمين على هذا؟!

ترددت (نهير)،
فاستدرك فقسوة:

– فورا.

صمتت (نهير) بضع لحظات،
ثم تنهدت فاستسلام،
قائلة:

– لن تكون هنالك سلطة تفوق مجلسكم.

قال فغضب:

– لست اتحدث عن ايه سلطة،
بل عن الصحافه و الاعلام بالتحديد.

هزت راسها،
قائلة:

– لا شان لي بهما فالمعتاد.

وصمتت لحظة،
ثم اضافت فخفوت:

– بعدها انهما لم تعد لهما سلطة فعليا.

التقي حاجباه،
وهو يسالها فصرامة:

– ماذا تعنين؟!..

اجابتة فسرعة:

– اقول اني لن ابغهما.

قال بمنتهي الحزم:

– عظيم.

ثم عاد الى مكتبه،
وهو يتابع:

– فهذه الحالة،
سيظل ما تعرفينة هنا طي الكتمان،
مهما بلغت خطورته،
وتسرب الانباء الى الصحافة،
يسعني تورطك.

تمتمت فضيق:

– مفهوم.

جلس خلف مكتبه،
والتقط سماعه هاتف داخلى،
وقال:

– اريد ملفات ثلاثه من النواب.

القي اسم النحيل،
والهامس،
والمتشاجر بعدها اعاد سماعه الهاتف،
قائلا:

– ستجدين فتلك الملفات،
كل ما يتعلق بصراعات النواب الثلاثة،
مع (مازن) رحمة الله،
ربما ساعدك على تقليص الاتهام بدليل مباشر.

غمغمت:

– انها قرائن فحسب.

لم يحاول التعليق على عبارتها،
وانما نهض مره اخرى،
وقال:

– و امامك ساعة اضافية،
وبعدها..

سالتة فقلق:

– و بعدين ما ذا؟!

رمقها بنظره نارية،
وهو يجيب:

– بعدين ساغلق باب المناقشة،
في ذلك الامر كله.

تمتمت فخفوت هامس:

– اعلم هذا..
موافقون..
موافقة.

مال رئيس المجلس نحوها؛
لانة لم يسمعها جيدا،
فاعتدلت،
قائله فعصبية:

– سابذل قصاري جهدى.

اشار بسبابته،
قائلا فصرامة:

– و اثناء ساعة واحدة.

قالها،
وغادر المكان،
ليتركها و حدها فمكتبه،
وقبل حتي ان تتخذ مقعدا،
دخل احد رجال الامن،
حاملا ملفات النواب الثلاثة،
ووضعها امامه،
ثم جذب مقعدا،
وجلس عند الباب،
يراقبها فصمت..

وبكل عصبيتها،
راحت هي تتصفح الملفات،
بحثا عن ايه قرينة،
تشير الى القاتل..

ويالهول ما قراته..

الثلاثه كانوا غارقين فالفساد حتي النخاع،
ومصالحهم كلها تتعارض بشدة،
مع مصالح النائب الصريع..

واكثر ما ادهشها فالامر،
هو ان ملفاتهم،
التي و ضعها المجلس امامها،
تفوح برائحه فساد تزكم الانوف،
وعلي الرغم من هذا،
فالملفات نفسها تؤكد ان احدا لم يوجة اليهم اتهاما واحدا،
فيما عدا (مازن)،
الذي قدم اكثر من شكوي بشان ثلاثتهم،
للجهاز المركزي للمحاسبات..

كل منهم كان لدية الدفاع القوى،
والفرصه لدس اقراص الفياجرا المسحوقة،
في علبه المياة الغازية..

ولكن من منهم فعلها؟!..
من؟!…

ازاحت الملفات جانبا،
وراحت تستعيد جميع ما حدث،
منذ اللحظه الاولى،
وهي توقن من انها ستجد الدليل،
في مسرح الجريمة نفسه،
و…

وفجاة،
توقفت لقطه بعينها فذاكرتها،
وتالقت معها عيناها على نحو و اضح،
حتي ان رجل الامن نهض من مقعده،
وبدا عليه التوتر و التساؤل و الحذر..

ولكنها لم تشعر حتي بوجوده..

فقد انتبهت الى نقطه غابت عن اذهان الجميع..

نقطه هامة..
للغاية.

 

 


في مجلس الشعب (الفصل الثاني) نبيل فاروق