ماهى القسامة مع وجود اللوث

باب القسامة

 

وهي ايمان مكرره فدعوي قتل معصوم.
من شرطها اللوث،….

قوله: «القسامة» : ما خوذه من القسم و هو اليمين.

واصل القسامه ان عبدالله بن سهل بن زيد الانصارى رضى الله عنه خرج هو و محيصه بن مسعود بن زيد الانصارى رضى الله عنه فجماعة الى خيبر بعد ان فتحت،
يمتارون اي: يشترون التمر،
فتفرقوا و جميع ذهب الى حائط و نخل،
فوجد محيصه عبدالله بن سهل يتشحط فدمة قتيلا،
فقال لليهود: قتلتم صاحبنا،
فقالوا: ما قتلناه،
فرفع الامر الى النبى صلى الله عليه و سلم فقال: اتحلفون خمسين يمينا و تستحقون دم صاحبكم؟

وفى رواية: تحلفون على رجل منهم انه قتله،
فقالوا: يا رسول الله كيف نحلف و نحن لم نر و لم نشهد؟!
فاخبرهم ان اليهود يحلفون خمسين يمينا،
فقالوا: لا نرضي بايمان اليهود،
فوداة النبى صلى الله عليه و سلم من عنده[(77)]،
وهذا دليل على انهم لو حلفوا لملكوا قتله.

وقد كانت القسامه معروفة فالجاهلية،
فاقرها النبى صلى الله عليه و سلم على ما كانت عليه فالجاهلية[(78)]،
وهذا دليل على ان المعاملات التي عند الكفار اذا كانت موافقه للشرع فانه يؤخذ بها،
كما ان المضاربه فالاموال كانت معروفة فالجاهليه و اقرها الاسلام.

قوله: «وهي ايمان مكرره فدعوي قتل معصوم» صفه القسامه ان يدعى قوم ان مورثهم قتلة فلان،
ويحلفون على انه هو القاتل،
ويكررون الايمان،
فاذا فعلوا هذا و تمت شروط القسامه اعطى المدعي عليه لهؤلاء يقتلونه،
فليس بها بينة،
وانما بها هذي الايمان فقط.

ويظهر تعريفها بالمثال:

ادعي و رثه زيد على شخص بانه هو الذي قتل مورثهم،
فقال الشخص: لم اقتله،
وقالوا: بل انت القاتل،
ثم تحاكموا الى القاضي،
فقال لهم: اتحلفون على ذلك انه قتل مورثكم؟
قالوا: نعم،
نحلف،
فاذا حلفوا خمسين يمينا على ذلك الرجل انه قاتل مورثهم،
اخذ و قتل.

والقسامه فالحقيقة بها مخالفه لغيرها من الدعاوى من و جوة ثلاثة:

الاول: قبول قول المدعى بها و جعل اليمين فجانبه.

الثاني: تكرار الايمان فيها.

الثالث: حلف المدعى على شيء لم يره،
ومع هذا فانها حكم شرعي.

اما الوجة الاول و هو انه اخذ به بقول المدعى و جعل اليمين فجانبه،
فانها لم تخالف الاصول عند التامل؛
لانك اذا تاملت الاصول و جدت ان اليمين انما تشرع فالجانب الاقوى،
يعني فجانب احسن المتداعيين،
فليست دائما فجانب المدعي عليه،
فاحيانا تكون فجانب المدعي عليه،
واحيانا تكون فجانب المدعي،
فينظر للاحسن من الجانبين و تشرع فحقه،
بدليل ان اهل العلم قالوا: لو تنازع الرجل و المرأة فاوانى المنزل،
فقالت المراة: هذي لي،
وقال الرجل: هذي لي،
فالذى يصلح للرجل يصبح له بيمينه،
فمثلا دله القهوه لو قال الرجل: هي لي،
وقالت المراة: هي لي،
فانة يقبل قول الرجل «المدعي» حتي لو كانت الدله فيد المراة،
فنقول للرجل: احلف انها لك و خذها؛
لان جانبة اقوى.

مثال اخر: لو ان رجلا ذا و قار و هيئة،
وعليه مشلح،
وثوب،
وغترة،
وبيدة مسحاه عامل،
والي جانبة عامل رافع ثوبة متحزم،
وعليه ثوب غير نظيف،
ويظهر من مظهرة انه عامل،
ويقول: المسحاه لي،
فقال الاخر: بل لى و هي بيدي،
فهنا المدعى هو العامل،
لكن فهذه الحال نغلب جانب العامل،
فنقول له: احلف انها لك و خذها.

مثال ثالث: لو كان رجلان ببلد من عادتهم ان يستروا رؤوسهم بالشماغ،
فوجدنا رجلا حاسر الراس ليس عليه شماغ،
ورجلا احدث عليه شماغ،
وبيدة شماغ،
والرجل الحاسر يقول لهذا الذي بيدة الشماغ: اعطنى شماغي،
هذا لي،
والرجل الثاني يقول: ذلك بيدى فهو لي،
وانت مدع،
فهنا الرجل المدعى الذي ليس عليه شيء احسن جانبا،
فنقول له: احلف و خذه.

فتبين ان القسامه ليست شاذه عن اصول الدعاوي؛
لان فالدعاوى ما يشهد لها،
والقسامه بها قرائن ترجح جانب المدعين،
وهو اللوث،
اي: العداوه الظاهرة،
كما سياتى فكلام المؤلف.

واما الوجة الثاني من المخالفة: و هو تكرار الايمان،
وغيرها من الدعاوى يمين واحد تكفي،
فالقسامه انما تكرر بها الايمان لعظم شان الدماء،
حيث اذا اقدم هؤلاء على اليمين و حلفوا خمسين يمينا اعطوا الرجل و قتلوه،
وهذا ابلغ ما يصبح من الخطر؛
فمن اجل هذا كررت بخمسين يمينا.

واما كونها خمسين يمينا،
ولم تجعل عشره مثلا،
فهذا ليس الينا،
كما ان ذلك لا يرد على ان صلاه الظهر اربع ركعات،
ولم تجعل ثمانى ركعات مثلا.

واما الوجة الثالث: و هو حلف الانسان على شيء لم يره،
فنقول: للانسان ان يحلف على شيء لم يرة اعتمادا على القرائن،
وغلبه الظن،
والدليل على ذلك ان النبى صلى الله عليه و سلم اقر الرجل الذي جامع زوجتة فنهار رمضان،
حين قال: «والله ما بين لابتيها اهل بيت =افقر مني»[(79)]،
فاقرة النبى صلى الله عليه و سلم لان عندة غلبه ظن،
ولم يقل له: لا تحلف،
فانك لا تدري.

وقوله: «فى دعوى» فهم منه ان الذي يحلف هو المدعي؛
لانة لم يقل: فرفع دعوى،
ولا قال: فقتل،
بل قال: فدعوى،
و لذا كانت فجانب المدعي.

وقوله: «فى دعوي قتل» افادنا المؤلف ان القسامه لا تكون فدعوي جرح،
ولا فدعوي ما ل،
وانما تكون فدعوي قتل فقط،
فالمال و ما دون القتل ليس به قسامه كالجروح و الاعضاء و ما اشبة ذلك.

فلو ان رجلا ادعي على عدوة انه قطع يده،
والعداوه بينهما ظاهره بينة،
فاننا لا نجرى القسامه فذلك؛
لان القسامه انما جاءت فالقتل،
واما الاعضاء،
والاطراف،
والجروح فليس بها قسامة،
ولكننا نقول لهذا المدعي: هل لك بينة؟
او يقر المدعي عليه،
او يحلف،
وينتهى الامر.

والدليل على امتناع القسامه فدعوي الاعضاء و الجروح تعليل،
وهو ان القسامه انما و ردت فدعوي القتل،
وهي خارجه عن الاصول و القياس،
وما خرج عن الاصول و القياس فلا يقاس عليه،
وانما يقتصر به على ما و رد؛
لانة لا مدخل للعقل فيه،
وهذا هو المذهب.

وقال بعض اهل العلم: بل تجري القسامه فدعوي قطع الاعضاء،
والجروح،
وعللوا هذا بانه لما جرت القسامه فالقتل،
وهو اعظم من قطع العضو او الجرح،
كان جريانها فيما دون هذا من باب اولى.

وليست القسامه خارجه عن الاصول،
بل الاصول تشهد لها؛
لاننا لو لم نعمل بالقسامه لضاعت الدماء،
وهتكت النفوس،
فالاصول تشهد لها؛
لان لدينا لوثا،
وهو القرينه الظاهره التي تؤيد دعوي المدعي،
فلا فرق اذا بين النفس و ما دونها.

وقوله: «معصوم» علم منه ان دعوي قتل غير المعصوم لا تسمع اصلا،
فلو ان احدا من الكفار الحربيين ادعي ان مورثة الحربى قتلة المسلمون فلا تسمع الدعوى؛
لانة و ان ثبت انهم قاتلوة فلا شيء عليهم؛
لانة حربى غير معصوم.

وايضا لو كان مباح الدم لردته،
او مباح الدم لزناة و هو محصن،
او لوجوب قتلة فحد قطع الطريق مثلا،
فان ذلك غير معصوم،
فلا تسمع الدعوي فقتله؛
لانة و ان ثبت القتل فهو غير مضمون،
فيصبح تشكيل الدعوي و سماعها من باب اللغو الذي لا فوائد فيه.

قوله: «من شرطها اللوث» كلمه «من شرطها» ربما تشكل على الطالب،
فهل المعني ان اللوث بعض شرط؛
لان «من» للتبعيض؟

والجواب على هذا: ان «شرط» مفرد مضاف فيفيد العموم،
فكانة قال: من شروطها.

 

وهو العداوه الظاهرة،
كالقبائل التي يطلب بعضها بعضا بالثار،
فمن ادعى عليه القتل من غير لوث حلف يمينا واحده و برئ،….

وقوله: «اللوث» مصدر لاث يلوث،
وبينة المؤلف بقوله:

«وهو العداوه الظاهرة» اي: بين القاتل و المقتول،
سواء كانت بين القبائل،
او بين الافراد،
ولكن لا بد ان تكون العداوه ظاهرة؛
بخلاف العداوه الخفيه فهذه لا تكون لوثا،
ثم ضرب لذا مثلا فقال:

«كالقبائل التي يطلب بعضها بعضا بالثار» اي: اذا و جد قتيل من قبيله عند قبيله ثانية معاديه لها،
فان ذلك يسمي لوثا.

وقال بعض العلماء: ان اللوث جميع ما يغلب على الظن القتل به،
اي: بسببه،
فكل شيء يغلب على الظن و قوع القتل فيه فانه من اللوث،
سواء ما كان بين القبائل،
او لو و جدنا قتيلا و عندة رجل بيدة سيف ملطخ بالدم،
فهذا قرينه ظاهره على انه هو القاتل،
مع احتمال انه غيره.

وايضا لو كان القتيل به رمق،
وقال: ان قاتلة فلان فانه قرينه تدل على انه هو القاتل فيؤخذ بذلك،
وتجري القسامه بهذه الصورة؛
لان لدينا ما يغلب على الظن انه قتله.

ومن الغرائب ان بعض العلماء استدل على هذي الصورة بقصة البقرة،
ولكن ليس فالقصة دليل،
والاستدلال فيها بعيد؛
لان قصة البقره لما ضربوا القتيل ببعضها،
قام و قال: الذي قتلنى فلان،
فاذا و جد ايه على ذلك النحو لا تجري بها القسامة،
ولهذا ما اجرى بها قسامة.

وعلي جميع حال الراى الذي يقول: ان اللوث جميع ما يغلب على الظن القتل بسببة هو الصحيح،
وهو اختيار شيخ الاسلام رحمة الله ؛

لان عله القسامه معلومة،
وهي غلبه الظن بوقوع القتل،
وما دام انه ربما ثبتت غلبه الظن بالقتل فانه يؤخذ بها.

واولياء المقتول هل يجوز لهم ان يحلفوا،
وهم لم يشهدوا و لم يروا؟

الجواب: اذا غلب على ظنهم هذا فلهم ان يشهدوا،
ولكن يجب عليهم التثبت حتي لا يقعوا فاليمين الغموس؛
لان اليمين الغموس هي التي يحلف الانسان و هو فاجر فيها؛
يقتطع فيها ما ل امرئ مسلم،
فكيف بمن يقتطع فيها نفس امرئ مسلم؟!
و لذا على اولياء المقتول ان يتثبتوا غايه التثبت،
حتي اذا كانت القرينه عندهم كالشمس حلفوا.

قوله: «فمن ادعى عليه القتل من غير لوث حلف يمينا واحده و برئ» كسائر الدعاوي،
مثاله: رجل ادعي ان فلانا قتل مورثه،
وليس هنالك لوث،
فقال المدعي عليه: ما قتلت،
فنقول للمدعي: هل لك بينة؟
فان قال: نعم،
قلنا: احضرها،
وعملنا بما تقتضية البينة،
وان قال: لا،
قلنا للمدعي عليه: احلف مره واحدة،
والله ما قتلت ذلك الرجل،
ثم يبرا،
فان ابي المدعي عليه ان يحلف فهل يحكم عليه،
او لا يحكم؟

الجواب: ان كان موجب الجنايه المال قضى عليه بالنكول،
وان كان موجب الجنايه قصاصا لم يقض عليه بالنكول.

فاذا قال: انه قتلة عمدا،
فالجنايه عمدا توجب القصاص،
وقال المدعي عليه: لم اقتله،
قلنا له: احلف،
قال: لا احلف فنقول: لا نقضى عليك بشيء؛
لان الجنايه توجب القصاص،
والقصاص لا يقضي به بالنكول؛
لاننا لو قضينا به بالنكول لقتلنا ذلك الناكل؛
لان معني القضاء عليه بالنكول اننا ناخذ منه المدعي به،
فهنا لو قضينا عليه بالنكول لقتلناه،
والنفس محترمه عظيمه لا ممكن ان تقتل بالنكول،
لا سيما ان بعض الناس ربما تاخذة العزه بالاثم،
فيقول: لا احلف،
اما ان ياتى ببينه و الا لن احلف،
ويصبح صادقا فنفى الدعوى،
فلو قتلناة لاقترفنا جرما عظيما،
ولكن هل نخلى سبيلة و نتركه؟
الفقهاء يقولون: يخلي سبيله،
ولكن الصحيح اننا نلزمة بالدية؛
لان الديه ما ل،
واما ان يذهب كذا فالمساله خطيرة.

واما اذا كانت الجنايه لا توجب القصاص،
وانما توجب المال فانه اذا نكل حكمنا عليه بالنكول.

مثال ذلك: رجل ادعي ان صاحب السيارة هو الذي دعس مورثه،
وهذا فالغالب خطا،
فقال صاحب السيارة: الذي دعسة شخص اخر،
وليس انا،
فنقول لصاحب السيارة: احلف؛
لان المدعى ليس عندة بينة،
فقال: لا احلف؛
فنقول له: نقضى عليك بالنكول،
فنلزمك بالدية؛
لان الدعوي هنا توجب ما لا،
فاذا كانت توجب ما لا فان المال يقضي به بالنكول.

قوله: «ويبدا بايمان الرجال من و رثه الدم فيحلفون خمسين يمينا» هل المعتبر عدد الايمان او عدد الحالفين؟
يعني هل نلزم اولياء المقتول بان يحلف منهم خمسون رجلا،
او ان المقصود خمسون يمينا و لو من رجل واحد؟

المؤلف يري و هو المذهب ان المقصود خمسون يمينا،
ولو من رجل واحد،
فاذا كان لا يرث المقتول الا ذلك الرجل،
فيحلف خمسين يمينا و يستحق.

 

ويبدا بايمان الرجال من و رثه الدم،
فيحلفون خمسين يمينا،
فان نكل الورثة،
او كانوا نساء حلف المدعي عليه خمسين يمينا و برئ.

وقوله: «ويبدا بايمان الرجال» هذي العبارة موهمه جدا؛
لان ظاهرها ان الرجال و النساء يحلفون،
لكن يبدا بايمان الرجال،
والامر ليس كذلك،
فالنساء لا مدخل لهن فالقسامة،
وينفى ذلك الوهم قوله: «فيحلفون خمسين يمينا» و الضمير ضمير ذكور.

فمثلا: اذا كان الميت المقتول يرثة ابنان و بنت،
فمسالتهم من خمسة،
عليها عشره ايمان،
وعليهما اربعون،
فهل نقول: يحلف جميع ابن خمسا و عشرين يمينا،
او يحلف جميع ابن عشرين يمينا؟

الجواب: الاول،
ولهذا قال: «فيحلفون» اي: الذكور،
واما النساء فلا مدخل لهن.

ولو كان المقتول له ابن و عشر بنات،
فيحلف الابن فقط خمسين يمينا،
لان الرسول صلى الله عليه و سلم قال: «يحلف خمسون رجلا منكم» [(80)].

واذا كان المقتول له ثلاثه ابناء فيحلف جميع منهم ست عشره يمينا و يجبر الكسر اذ لا ممكن تبعض اليمين،
وعلي ذلك فيصبح مجموع ايمانهم احدي و خمسين يمينا،
ولا حرج.

فان قال قائل: لماذا لا تحلفون اثنين منهم بالقرعة؟

فالجواب: ان الايمان لا تدخلها القرعة،
فلا مناص من جبر الكسر.

هذا ما ذهب الية المؤلف و هو المذهب،
ان الايمان الخمسين توزع على الذكور من الورثة،
وانة لو لم يكن الا واحد حلف الخمسين كلها.

والقول الثاني فالمسالة: انه لا بد من خمسين رجلا،
يحلف جميع واحد يمينا واحدة؛
لقول الرسول صلى الله عليه و سلم: «يحلف خمسون رجلا منكم» و لم يقل: تحلفون خمسين يمينا؛
ولان ذلك احوط و ابلغ،
لان هؤلاء الجماعة،
او القبيله اذا علموا انه لا بد ان يحلف خمسون منهم،
قد ينصح بعضهم بعضا،
ويقول: اتق الله و لا تؤثمنا مثلا،
وحينئذ يصبح به فوائد و مصلحة.

وهذا القول اقرب الى ظاهر الادلة،
انة لا بد من حلف خمسين رجلا.

ولكن كيف يصبح حلف هؤلاء الرجال؟
نقول: ننظر للاقرب فالاقرب،
فيبدا بالورثة،
ثم بمن يصبح و ارثا بعدهم،
ثم بمن يصبح و ارثا بعد الاخرين،
الاول فالاول.

فمثلا لو كان عندنا ابناء،
واب،
واخوة،
وبنو اخوة،
واعمام،
وكانت الخمسون يمينا تكمل بابناء الاخوة،
فهنا لا نحلف الاعمام.

قوله: «فان نكل الورثه او كانوا نساء حلف المدعي عليه خمسين يمينا و برئ» اي: قال الورثة: لا نحلف على شيء لم نره،
فتوجة اليمين الى المدعي عليه،
كما فالحديث،
ويقال: احلف خمسين يمينا.

فاذا قال الورثة: نحن لا نرضي بايمان من ادعينا عليه؛
لان الذي يتجرا على القتل يتجرا على اليمين،
ولا يبالي.

نقول: انه فهذه الحال تؤدي ديتة من بيت =المال،
كما فعل الرسول صلى الله عليه و سلم لما قال اولياء المقتول: لا نرضي بايمان اليهود،
وهم كفار،
فوداة النبى صلى الله عليه و سلم من عنده[(81)]،
فان حلف المدعي عليه و رضى المدعون فانه يبرا.

وقوله: «حلف المدعي عليه» هل المدعي عليه هنا عام يشمل الواحد،
والمتعدد؟
نعم،
هو كذلك،
لكنة عام اريد فيه الخاص؛
لان القسامه لا تصح الا على واحد،
فلا ممكن ان ندعى على اثنين،
ونقول: هذان قتلا مورثنا؛
لان لفظ الحديث: «علي رجل منهم» فالقسامه لا تجري الا اذا كان المدعي عليه واحدا.

والعجيب ان بعض اهل العلم قالوا: لا تجري القسامه الا اذا كان المدعي عليه اكثر من واحد،
عكس هذي المسالة،
قالوا: لان القسامه بين القبائل،
فاذا ادعي على واحد،
قلنا: لا قسامه كسائر الدعاوى.

ولو قال قائل: نجعلها كغيرها من الدعاوي،
بمعني ان ادعي على واحد اجرينا عليه القسامة،
وان ادعي على اثنين فاكثر اجرينا عليهم القسامة؛
لانة من الممكن ان يدعى المدعون ان شخصين قتلاة مع التواطؤ.

وقوله: «او كانوا نساء» اي: فان كان الورثه نساء،
كان يهلك هالك عن فتاة و اخت شقيقة،
وادعيا ان مورثهما قتلة فلان،
فلا تجري القسامة؛
لانة لا مدخل للنساء فالقسامة،
حتي لو ادعي العصبه الاخرون،
وقالوا: اذا كنتم لا تقبلون دعوي النساء فنحن ندعي،
كما لو ادعي عم البنت و اخو الاخت فلا يقبل؛
لانة لا يرث.

وهذه المسالة تحتاج الى تحرير؛
لان فقصة عبدالله بن سهل رضى الله عنه لما جاء اخوة و ابنا عمة حويصه و محيصة،
قال الرسول صلى الله عليه و سلم: «كبر» فبدا حويصه بالكلام،
وهذا يدل على ان العصبه لهم حق؛
لان الرسول صلى الله عليه و سلم خاطبهم،
وقال: «تحلفون» [(82)]،
والحاصل ان هذي المساله تحتاج الى تحرير؛
لانة قد تكون البنت و الاخت الشقيقه لا مدخل لهما فالقسامة،
لكن العار يلحق هؤلاء بين الناس،
فيقال: قتل صاحبكم،
ولا اخذتم بالثار.

فهذا شيء لو ترك لحصل به مفسده عظيمة،
فيمكن ان يقتلوا بهذا الواحد عشرة،
لا سيما اذا كانت هذي القبيله احسن من تلك.

——————-

 

[77]   اخرجة البخارى فالجزيه و الموادعه باب اذا قالوا: صبانا… (3173)،
ومسلم فالقسامه و المحاربين و القصاص و الديات باب القسامه (1669) عن سهل بن ابي حثمه رضى الله عنه .

[78]   اخرجة مسلم فالحدود باب القسامه (1670) عن رجل من اصحاب النبى صلى الله عليه و سلم.

[79]   اخرجة البخارى فالصوم باب اذا جامع فرمضان و لم يكن له شيء فتصدق عليه فليكفر (1936)،
ومسلم فالصيام باب تحريم الجماع فشهر رمضان… (1111) عن ابي هريره رضى الله عنه.

[80]   سبق تخريجة ص(192).

[81]   سبق تخريجة ص(192).

[82]   تقدم تخريجة ص(192).

 

  • اللوث عند الشاقعية
  • اللوث في القسامة
  • أسباب القسامة
  • ماهي اللوث ومسقطاته
  • ماهي القسامه
  • مامعنى القسامه
  • لماذا لا يقبل حلف النساء في القسامة
  • اللوث والقسامة عند المالكية
  • اجمل بنات ابنان
  • وجود اللوث بين المتخاصمين


ماهى القسامة مع وجود اللوث