من يظلم الناس

يظلم من الناس 20160908 633

الظلم هو وضع الشيء فغير موضعه،
وهو كذلك عبارة عن التعدى عن الحق الى الباطل و به نوع من الجور؛
اذ هو انحراف عن العدل.

انواع الظلم:

قال البعض: الظلم ثلاثة:

الاول ان يظلم الناس فيما بينهم و بين الله تعالى:

واعظمة الكفر و الشرك و النفاق،
و لذا قال تعالى: {ان الشرك لظلم عظيم} (سورة لقمان:13)،
واياة قصد بقوله: {الا لعنه الله على الظالمين} (سورة هود:18).

الثاني ظلم بينة و بين الناس:

واياة قصد بقوله: {وجزاء سيئه سيئه مثلها فمن عفا و اصلح فاجرة على الله انه لا يحب الظالمين} (سورة الشورى:40) ،

وبقوله: {انما السبيل على الذين يظلمون الناس و يبغون فالارض بغير الحق اولئك لهم عذاب اليم} (سورة الشوري 42) .

الثالث ظلم بين العبد و بين نفسه:

واياة قصد بقوله: {فمنهم ظالم لنفسه} (سورة فاطر:32)،
وقوله على لسان نبية موسى: {رب انني ظلمت نفسي} (سورة القصص:16)،
وكل هذي الثلاثه فالحقيقة ظلم للنفس،
فان الانسان فاول ما يهم بالظلم فقد ظلم نفسه.

قال الذهبي: «الظلم يصبح باكل اموال الناس و اخذها ظلما،
وظلم الناس بالضرب و الشتم و التعدى و الاستطاله على الضعفاء»،
وقد عدة من الكبائر،
وبعد ان ذكر الايات و الاحاديث التي تتوعد الظالمين،
نقل عن بعض السلف قوله: «لا تظلم الضعفاء فتكون من شرار الاقوياء»،
ثم عدد صورا من الظلم منها: اخذ ما ل اليتيم المماطله بحق الانسان مع القدره على الوفاء ظلم المرأة حقها من صداق و نفقه و كسوه ظلم الاجير بعدم اعطائة الاجر.
ومن الظلم البين الجور فالقسمه او تقويم الاشياء،
وقد عدها ابن حجر ضمن الكبائر.

وقد و ردت النصوص تذم الظلم:

قال تعالى: {وتلك القري اهلكناهم لما ظلموا و جعلنا لمهلكهم موعدا} (سورة الكهف:59)،
وقال سبحانه: {وما ظلمناهم و لكن كانوا هم الظالمين} (سورة الزخرف:76)،
وقال: {والله لا يحب الظالمين} (سورة ال عمران:57)،
وقال: {ولا يظلم ربك احدا} (سورة الكهف:49)،
وقال: {وما ربك بظلام للعبيد} (سورة فصلت:46)،
وقال: {الا ان الظالمين فعذاب مقيم} (سورة الشورى:45)،
والايات كثيرة فالقران الكريم تبين ظلم العبد لنفسه،
وان ذلك الظلم على نوعين: الشرك،
وهو اعظم الظلم كما بينا،
والمعاصي،
قال تعالى: {ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسة و منهم مقتصد و منهم سابق بالخيرات باذن الله هذا هو الفضل الكبير} (سورة فاطر:32)،
اما ظلم العبد لغيرة بالعدوان على المال و النفس و غيرها،
فهو المذكور فمثل قوله تعالى: {انما السبيل على الذين يظلمون الناس و يبغون فالارض بغير الحق اولئك لهم عذاب اليم} (سورة الشورى:42).

وعن ابي موسي الاشعري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «ان الله ليملى للظالم،
حتي اذا اخذة لم يفلته،
ثم قرا: {وايضا اخذ ربك اذا اخذ القري و هي ظالمه ان اخذة اليم شديد} » (رواة البخارى و مسلم).

وفى الحديث: «اتقوا الظلم؛
فان الظلم ظلمات يوم القيامة» (رواة مسلم).

وعن عائشه رضى الله عنها انها قالت لابي سلمه بن عبدالرحمن،
وكان بينة و بين الناس خصومة: يا ابا سلمه اجتنب الارض ،

فان النبى صلى الله عليه و سلم قال: «من ظلم قيد شبر من الارض طوقة من سبع ارضين» (رواة البخارى و مسلم).

وعن حذيفه رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «لا تكونوا امعة،
تقولون: ان اقوى الناس احسنا،
وان ظلموا ظلمنا،
ولكن و طنوا انفسكم،
ان اقوى الناس ان تحسنوا،
وان اساءوا فلا تظلموا» (رواة الترمذي).

وعن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «لا تقتل نفس ظلما الا كان على ابن ادم كفل نصيب من دمها،
لانة كان اول من سن القتل» (رواة البخارى و مسلم).

وعن ابي هريره رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «لا تحاسدوا و لا تناجشوا و لا تباغضوا،
وكونوا عباد الله اخوانا،
المسلم اخو المسلم،
لا يظلمه،
ولا يخذله،
ولا يحقره،
التقوي ها هنا و يشير الى صدرة ثلاث مرات ،

بحسب امرئ من الشر ان يحقر اخاة المسلم،
كل المسلم على المسلم حرام،
دمة و ما له و عرضه» (رواة مسلم).

وقال على بن ابي طالب رضى الله عنه: «يوم المظلوم على الظالم اشد من يوم الظالم على المظلوم»،
وكان معاويه رضى الله عنه يقول: «انى لاستحى ان اظلم من لا يجد على ناصرا الا الله»،
وقال ابو العيناء: «كان لى خصوم ظلمة،
فشكوتهم الى احمد بن ابي داود،
وقلت: ربما تضافروا على و صاروا يدا واحدة،
فقال: يد الله فوق ايديهم،
فقلت له: ان لهم مكرا،
فقال: و لا يحيق المكر السيء الا باهله،
قلت: هم من فئه كثيرة،
فقال: كم من فئه قليلة غلبت فئه كثيرة باذن الله».

وقال يوسف بن اسباط: «من دعا لظالم بالبقاء،
فقد احب ان يعصي الله فارضه».

وقال ابن مسعود رضى الله عنه: «لما كشف العذاب عن قوم يونس عليه السلام ترادوا المظالم بينهم،
حتي كان الرجل ليقلع الحجر من اساسة فيردة الى صاحبه».

وقال ابو ثور بن يزيد: «الحجر فالبنيان من غير حلة عربون على خرابه».

وقال غيره: لو ان الجنه و هي دار البقاء اسست على حجر من الظلم،
لاوشك ان تخرب».

وقال بعض الحكماء: «اذكر عند الظلم عدل الله فيك،
وعند القدره قدره الله عليك،
لا يعجبك رحب الذراعين سفاك الدماء،
فان له قاتلا لا يموت».

وكان يزيد بن حاتم يقول: «ما هبت شيئا قط هيبتى من رجل ظلمته،
وانا اعلم ان لا ناصر له الا الله،
فيقول: حسبى الله،
الله بينى و بينك».

وبكي على بن الفضيل يوما،
فقيل له: ما يبكيك؟
قال: ابكى على من ظلمنى اذا و قف غدا بين يدى الله تعالى و لم تكن له حجة.

ونادي رجل سليمان بن عبدالملك و هو على المنبر : يا سليمان اذكر يوم الاذان،
فنزل سليمان من على المنبر،
ودعا بالرجل،
فقال له: ما يوم الاذان؟
فقال: قال الله تعالى: {فاذن مؤذن بينهم ان لعنه الله على الظالمين} (سورة الاعراف:44).

وقال ابو الدرداء رضى الله عنه: «اياك و دمعه اليتيم،
ودعوه المظلوم،
فانها تسرى بالليل و الناس نيام».

وقيل: ان الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفر،
وظلم لا يترك،
وظلم مغفور لا يطلب،
فاما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله،
نعوذ بالله تعالى من الشرك،
قال تعالى: {ان الله لا يغفر ان يشرك فيه و يغفر ما دون هذا لمن يشاء} (سورة النساء:48)،
واما الظلم الذي لا يترك،
فظلم العباد بعضهم بعضا،
واما الظلم المغفور الذي لا يطلب،
فظلم العبد نفسه.

ومر رجل برجل ربما صلبة الحجاج،
فقال: يا رب ان حلمك على الظالمين ربما اضر بالمظلومين،
فنام تلك الليلة،
فراي فمنامة ان القيامه ربما قامت،
وكانة ربما دخل الجنة،
فراي هذا المصلوب فاعلي عليين،
واذا مناد ينادي،
حلمى على الظالمين احل المظلومين فاعلي عليين.

وقيل: «من سلب نعمه غيرة سلب نعمتة غيره»،
ويقال: «من طال عدوانة زال سلطانه».

قال عمر رضى الله عنه: «واتق دعوه المظلوم،
فان دعوه المظلوم مستجابة».

وقال على رضى الله عنه: «انما اهلك من كان قبلكم انهم منعوا الحق حتي استشرى،
وبسطوا الجور حتي افتدى»،
وقيل: «اظلم الناس من ظلم لغيره»؛
اى لمصلحه غيره.

وقال ابن الجوزي: «الظلم يشتمل على معصيتين: اخذ ما ل الغير،
ومبارزه الرب بالمخالفة،
والمعصيه به اشد من غيرها،
لانة لا يقع غالبا الا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار،
وانما ينشا الظلم عن ظلمه القلب،
ولو استنار بنور الهدي لاعتبر».

وقال ابن تيمية: «ان الناس لم يتنازعوا فان عاقبه الظلم و خيمة،
وعاقبه العدل كريمة»،
ويروى: «ان الله ينصر الدوله العادله و ان كانت كافرة،
ولا ينصر الدوله الظالمه و ان كانت مؤمنة».

من سبب الظلم:

( ا ) الشيطان: قال تعالى: {يا ايها الذين امنوا ادخلوا فالسلم كافه و لا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين} (سورة البقرة:208)،
وقال: {استحوذ عليهم الشيطان فانساهم ذكر الله اولئك حزب الشيطان الا ان حزب الشيطان هم الخاسرون} (سورة المجادلة:19).

(ب) النفس الاماره بالسوء: قال تعالى: { ان النفس لاماره بالسوء} (سورة يوسف:53).

(ج) الهوى: قال تعالى: {فلا تتبعوا الهوي ان تعدلوا} (سورة النساء:135)،
وقال سبحانه: {واما من خاف مقام ربة و نهي النفس عن الهوي فان الجنه هي الماوى}  (سورة النازعات:40-41)،
وقال جل و علا: {ولا تطع من اغفلنا قلبة عن ذكرنا و اتبع هواه} (سورة الكهف:28)،
والايات كثيرة فهذا الباب.

اسباب تعين على ترك الظلم و تعالجه:

1 تذكر تنزهة عز و جل عن الظلم: قال تعالى: {من عمل صالحا فلنفسة و من اساء فعليها و ما ربك بظلام للعبيد} (سورة فصلت:46)،
وقال سبحانه: {ان الله لا يظلم مثقال ذرة} (سورة النساء:40)،
وقال: {وما الله يريد ظلما للعالمين} (سورة ال عمران:108).

2 النظر فسوء عاقبه الظالمين: قال تعالى: {وان منكم الا و اردها كان على ربك حتما مقضيا بعدها ننجى الذين اتقوا و نذر الظالمين بها جثيا} (سورة مريم:71-72)،
وقال سبحانه: {وما كان ربك ليهلك القري بظلم و اهلها مصلحون} (سورة هود:117)،
وقال: {قل ارايتكم ان اتاكم عذاب الله بغته او جهره هل يهلك الا القوم الظالمون} (سورة الانعام:47).

3 عدم الياس من رحمه الله: قال تعالى: {انة لا يياس من روح الله الا القوم الكافرون} (سورة يوسف:87،
وعن صفوان بن محرز قال: قال رجل لابن عمر رضى الله عنهما: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم فالنجوى؟
قال: سمعتة يقول: «يدنو المؤمن يوم القيامه من ربة حتي يضع عليه كنفه،
فيقررة بذنوبه،
فيقول: هل تعرف؟
فيقول: اي رب اعرف،
قال: فانى ربما سترتها عليك فالدنيا،
وانى اغفرها لك اليوم،
فيعطي صحيفة حسناته،
واما الكافر و المنافق فينادي بهم على رؤوس الخلائق: هؤلاء الذين كذبوا على الله» (رواة مسلم).

وحديث الذي قتل تسعه و تسعين نفسا،
والذى قال: «لئن قدر الله على ليعذبنى عذابا لا يعذبة احدا من العالمين» (رواة البخارى و مسلم)،
وغيرة شاهد على ذلك المعنى.

4 استحضار مشهد فصل القضاء يوم القيامة،
قال تعالى: {واشرقت الارض بنور ربها و وضع الكتاب و جيء بالنبيين و الشهداء و قضى بينهم بالحق و هم لا يظلمون  و وفيت جميع نفس ما عملت و هو اعلم بما يفعلون} (سورة الزمر:68-70).

5 الذكر و الاستغفار: قال تعالى: {والذين اذا فعلوا فاحشه او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم و من يغفر الذنوب الا الله و لم يصروا على ما فعلوا و هم يعلمون} (سورة ال عمران:135).

6 كف النفس عن الظلم و رد الحقوق لاصحابها: فالتوبه النصوح ان يندم الانسان بالقلب و يقلع بالجوارح،
وان يستغفر باللسان،
ويسعي فاعطاء جميع ذى حق حقه،
فمن كانت لاخية عندة مظلمة،
من ما ل او عرض،
فليتحلل منه اليوم،
قبل ان لا يصبح دينار و لا درهم الا الحسنات و السيئات،
كما صح بذلك الخبر.

بعض اثار الظلم و مضاره:

الظلم يجلب غضب الرب سبحانه،
ويتسلط على الظالم بشتي نوعيات العذاب،
وهو يخرب الديار،
وبسببة تنهار الدول،
والظالم يحرم شفاعه رسول الله صلى الله عليه و سلم بجميع نوعياتها،
وعدم الاخذ على يدة يفسد الامة،
والظلم دليل على ظلمه القلب و قسوته،
ويؤدى الى صغيرة الظالم عند الله و ذلته،
وما ضاعت نعمه صاحب الجنتين الا بظلمه،
{ودخل جنتة و هو ظالم لنفسة قال ما اظن ان تبيد هذي ابدا و ما اظن الساعة قائمة و لئن رددت الى ربى لاجدن خيرا منها منقلبا} (سورة الكهف:35-36)،
وما دمرت الممالك الا بسبب الظلم،
قال تعالى: {فقطع دابر القوم الذين ظلموا و الحمد لله رب العالمين} (سورة الانعام:45)،
وقال تعالى عن فرعون: {فاخذناة و جنودة فنبذناهم فاليم فانظر كيف كان عاقبه الظالمين} (سورة القصص:40)،
وقال عن قوم لوط: {فلما جاء امرنا جعلنا عاليها سافلها و امطرنا عليها حجاره من سجيل منضود  مسومه عند ربك و ما هي من الظالمين ببعيد} (سورة هود:82-83).

واهلك سبحانة قوم نوح و عاد و ثمود و اصحاب الايكة،
وقال: {فكلا اخذنا بذنبة فمنهم من ارسلنا عليه حاصبا و منهم من اخذتة الصيحه و منهم من خسفنا فيه الارض و منهم من اغرقنا و ما كان الله ليظلمهم و لكن كانوا انفسهم يظلمون} (سورة العنكبوت:40)،
وندم الظالم و تحسرة بعد فوات الاوان لا ينفع،
قال تعالى: {ويوم يعض الظالم على يدية يقول يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا} (سورة الفرقان:27).

والظلم من المعاصى التي تعجل عقوبتها فالدنيا،
فهو متعد للغير و كيف تقوم للظالم قائمة اذا ارتفعت اكف الضراعه من المظلوم،
فقال الله عز و جل: «وعزتى و جلالى لانصرنك و لو بعد حين».

فاتق الله و انصف من نفسك،
وسارع برد المظالم لاصحابها،
من قبل ان ياتى يوم لا مرد له من الله.

قال ابو العتاهية:

اما و الله ان الظلم لؤم     و ما زال المسيئ هو الظلوم

الي ديان يوم الدين نمضي    و عند الله تجتمع الخصوم

ستعلم فالحساب اذا التقينا     غدا عند الالة من الملوم

واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

  • اقوى صور للمظلوم
  • فى صوره قول النبى عليه الصلاه والسلام ايات المنافق ثلاث


من يظلم الناس